وَجــَــدْتُ أَنَّ
أعظم الناس سعادة الذين غَمـَر قلوبهَم حبُّ الله ، والاشتياق إليه ، وسواهم والله في سراب اسمه دنيا فانية .
وأنّ العلم حقــّا هو نور يقذفه الله في القلب، ليس بكثرة المحفوظ ، كما قال الإمام مالك رحمه الله .
وأنّ بركة العلم على النفس ، والناس ، على قدر تعلــّـق صاحبه بالقرآن، وقيامه بحقه .
وأنـّه إنما يشرف العالم في الأمــّة ، على قدر اقتفائه آثار النبوّة ، إذ يُفاض عليه من شرفها .
وأنّ العالم المتعلِّق بحـبّ الدنيا إذا تصدّر ، فهــو أفسد شيءٍ للديــن .
وأنّ العالم الذي تصنع السلطة المنحرفة وعيـَه بواقع أمـّته ، لن يكون سوى بوق من أبواق السلطة ، من معاول هدم الأمـّة .
أنّ أعظم واجبات النظام السياسي في الإسلام ، وضـع تاج الكرامة على رأس الأمّة ، ولا كرامة لها إلاّ بشريعتها .
وأنّ الأمّة التي لا تجاهـد لا تستحق ولن تنال الكرامة
وأن أعظم الشرف أنْ يجندك الله في جنوده ، وحينئذ فلا تحمل همَّ الأذى في سبيله فالصبر ينزل معه ، والسكينة منطوية فيه ، ولهذا قال تعالى ( إنّ مع العسر يسرا ) ولم يقل بعده .
أنّ أغبى الناس المغرور بعقله ، وقوته ، واجتهاده ، وإنّما النّاس مستعملٌ من الله تعالى، ومتروك لحظّ الشيطان ، وإنما يستعمل الله المخلصين له المتوكّلين عليه .
أنّ الدعاء مفتاح كلّ خير والمحروم حقا من حُرمه .
أنـّه ليس للبلاء دواءٌ غير الصبـر ، وليس للحاسد علاجٌ غير التوكل على الله وتجاهله.
وأنّ الحسد يعيق كثيرا من مشاريع الدعوة الإسلامية ، وقـد أخّـر تحقيق أهدافها ، ولا دواء له غير الإخلاص .
أنّ صدق التوكـّل ســرّّ النجاح الأكبر ، ولهذا كان أعظم الناجحين الذين يسبقون غيرهم إلى الجنة ، وهم السبعون ألفا بغير حساب ، هم أصدق الناس في التوكّل .
وأنّ الصالح المُبتلــى بالحبس إمّا يزداد صلاحا وثباتا ، أو يسوء حاله نسأل الله العافية ، وقـلّ من يبقى كما كان .
وأنّ الإخلاص هـو أعـزّ شيء بين الذين ظاهرهم العمل للإسلام ، ولكن ينبغي تشجيع كلّ عامل ، وسرائرهم إلى الله .
وأنـّه ما أجهل من يغتر بأقوال المدّعين ، قبل أن يرى أفعالهم .
ومن يغتــرّ بأفعالهم في حال الرخاء ، قبل أن يراهم حال البلاء .
وأنّ كــلّ شيء له دواء إلاّ الحمق ، والنأْي بالنفس عن الحمقى راحتها ، بيـد أنّ البلاء بهم لا مفـرّ منه.
وأنّ الطيش أكبر أمارات الحمق .
وأنّ الثبات على المبدأ أكبر أمارات الحلم والحكمة .
وأنّ القضايا التي يتعاطاها العاملون للإسلام ويحصل الخلاف فيها خمسـة :
قضيـّة لا تستحق حتى أن تسمّى قضية .
وقضيـّة حقّهـا مرور سريــع يليق بهــا.
وقضيـّة حقّها وقفة ، غيـرَ أن الخلاف فيها يسير قريب.
وقضيـّة حقّها موقف صارم من المخالف.
قضيـّة حقّها مفاصلة المخالف ونبذه .
وأنّ الخلط بينها كثيـر في ساحة الدعوة ، والخلط بينها وبين حظوظ النفوس أكبر.
وأنّ الرفق والحكمة ، مع الصدق والثبات ، هـي سـرّ نجاح أي مشروع دعوي .
رجل قد لا تراه وقت الرخاء فإن جاءت الشدّة هرع إليك.
ورجل يأتيك في الرخاء ويختفي وقت الشدة.
ورجل لا يستحي أن يتخلى عنك ثم يأتيك إذا ابتغى منك حاجة نفسه.
ورجل لا يأتيك إلا متلمسـاً طريقا لمضرتك.
فالأوّل هـو الرجل.
والثاني أنيس درب عابر.
والثالث محتال .
وأما الرابع فهو العدوّ ، وقد تسخـّـر عداوته لمنفعتك وهو لايشعر.
وأنّ همّـة العامّة من السالكين إشغال العمر بالعمل الصالح .
وهمـّة الخاصة باغتنام أفضل الأعمال في أفضل الأوقات.
وهمـّة خاصة الخاصة تحقيق أعظم مقامات العبودية لله لاسيما القلبية في المنازل التي ينزلهم الله إياها، فهم يكابدون في هذا الثغر .
وأنّ من أحسن عمله بالليل كُوفىء بالنهار ، ومن أحسن بالنهار كُوفيء بالليل .
وأنّ من صفَّـى معاملته مع الله صُفِّيت له الهبات ، ومن كّـدّر كُـدّر عليه .
وأنّ أيّ فتنة مهما عظُمت تصبح حقيرة بعين من يحتقر الدنيا ويعيش لآخرته ، والعكس بالعكس.
وأن كل كيد الشيطان كذلك .
وأنّ أكثر فساد ذات البين بين الناس ، حتى داخل الأسرة ، بسبب الذنوب ، والغفلة عن ذكر الله تعالى .
وأنـّه لا يخلو عبد من نقص وعيوب ، وإنما العبرة بسلامة السريرة وحبّ الخير للمسلمين ، وأنْ يسدد العبد ويقارب ، فمن كان كذلك طوى الله عيوبه عن الخلق ، وستر نقصه ، وختم له بالعمل الصالح ، نسأل الله أن يرزقنا من فضله العافية ، وستر العيوب ، وحسن العاقبة ، وصلاح الشأن كله ، في الدنيا و الآخرة وإخواننا المسلمين ، آمين .