(ما المقصود بقول الفقهاء في الصلح ويجوز عن المعلوم والمجهول بمعلوم وبمجهول ولو عن إنكار)معنى قول الفقهاء في الصلح ويجوز عن المعلوم والمجهول بمعلومسئل فضيلة الشيخ الدكتور صادق بن محمد البيضاني السؤال التالي :
فأجاب فضيلته الجواب التالي :
قول الفقهاء في الصلح ويجوز عن المعلوم والمجهول بمعلوم أي أنه يجوز للقاضي أو الحاكم أن يصلح بين طرفين متنازعين بما علم بعد السماع وأن يحكم عن ما جهل بحكم اجتهادي يتوخى فيه الصواب وعلى سبيل المثال لو جاء رجلان إلى الحاكم وادعى أحدهما على الآخر أن عليه خمسين درهمًا دينًا وليس معه بينة وقال الآخر منكرًا أنا لا أذكر أن عندي له شيئًا سوى ثلاثين درهما فحكم الحاكم على المدين أن يعطي الدائن أربعين درهمًا فوافق الطرفان على هذا الصلح فالحاكم أصلح عن معلوم وهو وجود دين على المدين وقدره ثلاثون درهمًا بمعلوم وهو تسليم هذا المبلغ للدائن وعن مجهول وهو عدم البينة على العشرة الزائدة بمعلوم مدفوع وهو عشرة دراهم مع الثلاثين لتصير أربعين درهمًا.
وقد استدل العلماء على جواز الصلح في مثل ذلك بحديث أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن([1]) بحجته من بعض وأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذ فإنما أقطع له قطعة من النار" متفق عليه([2]).
لكن ينبغي للحاكم أن يطلب من الطرفين أن يتسامحا بعد صدور الحكم .
وأما الحاكم العدل فلا يلزمه المطالبة بالتسامح لنفسه لأنه في محل قضاء وقد اجتهد وسواء أصاب أو أخطأ فإنه مأجور لحديث عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر"([3]).
وعليه فقد اجتمع عندنا معلوم ومجهول وتراض مع تنازل بين الطرفين موافقة للصلح الذي قضى به الحاكم؛ وبالله التوفيق
كتاب المنتقى من فتاوى الشيخ الدكتور صادق بن محمد البيضاني رقم السؤال (18)
([1]) أعلم وأقوم.
([2]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الحيل, باب إذا غصب جارية فزعم أنها ماتت فقضي بقيمة الجارية الميتة ثم وجدها صاحبها فهي له ويرد القيمة ولا تكون القيمة ثمنا(6/2555 رقم 6566)], ومسلم في صحيحه[كتاب الأقضية, باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة(3/1337 رقم1713)]كلاهما من حديث أم سلمة.
([3]) أخرجه البخاري في صحيحه [كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة, باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ(6/2676 رقم 6919)], ومسلم في صحيحه [كتاب الأقضية, باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ(3/1343 رقم 1716)] كلاهما من حديث عمرو بن عاص.