لماذا نكره اليهود؟
هل يحق لنا أن نسأل أنفسنا: لماذا نكره اليهود؟ ولماذا نكرههم بأعلى مستويات الكُرْه البشري؟
حتَّى وصل بنا الحال أنَّنا إذا غضِبنا من شخص قد أساء إلينا، وأردْنا وصْفه بأقبح الأوصاف وأشنعها،
لم نجد في قاموسنا أقذع من وصفه باليهودي، وهذا موروث ربَّما توارثْناه،
أو خلق بمرِّ الزَّمان قد جُبلنا عليه.
ولكن لِمَ هذا الغلو في الكراهية تِجاه هؤلاء البشر؟ أليْسوا بشرًا كباقي البشريَّة؟!
أليس لهم قلوب وأيدٍ وأرجل وأحاسيس ومشاعر؟! أليْسوا أولاد آدم كما نحن أولاده؟
! أليْسوا أبناء نبيٍّ كريم وهو يعقوب عليه السلام وهو ذاته إسرائيل الَّذي ينتسبون إليه؟!
أهي أرْض اغتصبوها أم أنَّ الأمر أبعد من ذلك؟
لنبحر قليلاً في تاريخ القوم ثمَّ لنحكم: أهي عداوة سببها أرض قد سُلِبت أم عداوة دين ومعتقد؟
لقد عاش اليهود قديمًا وحديثًا بقلوب يملؤُها الحقد والحسد، تجاه كلِّ عنصر بشري بِخلاف عنصرهم؛
لأنَّهم ينظرون إلى غيرهم نظرة عنصريَّة، فهم يعتقِدون بأنَّهم أفضل خلْق الله مطلقًا،
بل تعدَّى بهم الأمر أن كذَبوا على الله فقالوا: نحن أبناء الله, تعالى الله عمَّا يصفون.
ومن هنا انطلق لسانُهم المسْعور كذبًا يتناغَم مع قبح قلوبِهم؛ ليقوموا بأقْبح المخازي،
والَّتي لم تفعلْها مجتمعات الأرض مُجتمعة!
ومن ذلك نسبتُهم الابن إلى الله عزَّ وجلَّ, قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30]،
بل زادت جرْأتهم على الله فوصفوه -سبحانه وتعالى- بأقبح الأوْصاف،
والَّتي لا يرْضاها أدْناهم لنفسه، ومنها قولهم: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}[آل عمران: 181]،
وقولهم: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}[المائدة: 64]،
وافتروا على الله بأكثر من ذلك كالتَّعب والمرض والبكاء -سبحان الله عمَّا يصف الظَّالمون- وهم قتلة الأنبياء،
وتاريخهم مع الأنبِياء تاريخ ينضح بالقبائح المخْزية والَّتي يعفّ القلم عن ذكرِها كما يمسك اللسان حياءً عن النُّطق بها،
فقد وصفوا أوْلياء الله ورسُله بأوْصاف لا تليق إلاَّ بهم، أمثال الغدر والخيانة والزنا وشرب الخمر والدّياثة،
شائنات امتلأتْ بها كتُبهم على مَن؟ على خير البريَّة، رسل الله الَّذين اصطفاهم على العالمين.
وهؤلاء اليهود أمَّة "غضبية" يفعلون القبائح والشَّائنات ويرْمون بها أطْهر خلق الله.
وبعد كلِّ هذا، هل كراهِيتنا لهم ستتغيَّر إن أعادوا لنا الأرْض،
وصافحونا بأيْديهم الملطَّخة بدماء أنبِياء الله مرورًا بإخوانِنا في فلسطين، إن فعلوا، ولن يفعلوا؟!
لأنَّ العداوة عداوة إيمان وكُفر، وحقّ وباطل، لن تتغيَّر إلاَّ إذا تغيَّر الكُفر في قلوبهم إيمانًا،
ولفظت أفواههم الباطل ليستقرَّ الحقُّ مكانه؛ وبذلك ليعلم الجميع أنَّ العداوة قائمة مستمرَّة إلى قيام السَّاعة،
وبذلك أخبر الصَّادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه.
وعجبت لمقالة شيخ معمَّم، ابتعد وحزْبه عن أصول الدين ومنبعه، لتُبحر قواربهم المرقَّعة في بحر السياسة المتلاطم،
فصارت أفواهُهم وعقولُهم لا تنطق ولا تفكِّر إلاَّ بلسان السِّياسي المتجرِّد من كلِّ شيء
إلاَّ غاياته السِّياسيَّة، وأهدافه الحزبيَّة.
فأغربوا بفتاواهم عن الحقِّ وغاياته، حتَّى ظنَّ المساكين أنَّ الغاية من وراء عداوة اليهود ومنابذتهم هي الأرْض،
ولا غير الأرض، متناسِين كفر اليهود وقتلَهم الأنبياء وتسبيحهم بسبِّ الله ليلَ نهار؛
لهذا فإنَّ العداوة والبغضاء بيْننا وبين إخْوة القردة والخنازير عميقة الجذور،
أصولُها من أصول العقيدة والدين، وكلّ أخوَّة دون أخوَّة الدين تسقط وتتهاوى؛
لأنَّ رأس مال المسلم دينه، بل هو منهجه وغايته التي من أجلِها خلق الله الخلق؛
وبالتَّالي لو عادت الأرض فستبقى العداوة والمنابذة على ما يَحملون من معتقد فاسد تِجاه رسل الله ودينِنا ورسولنا؛
لذلك كلِّه يجب عليْنا أن نكرَهَهُم، وهم مَن لعنهم الله والملائكة والنبيُّون،
ونحن بلا ريب لذلك منتهجون، فأفيقوا أيِّها المسلمون،
وارجعوا إلى دينكم وإلى منهج سلفكم الصَّالح؛ لتنالوا به عزًّا يُذَلّ به أعداؤكم؛
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: ٧].
طريق الاسلام