أصوات



توفى وهو يصلي في المسجد النبوي


من الأدب التركي
الاستاذ جنيد السعاوي
ترجمة اورخان محمد علي



قال والدي :
- لقد تقدمنا في العمر ، لذا نحن على وشك الرحيل إلى الآخرة ... على المسافر أن يتهيأ لسفره .
قالت جدتي – ام والدي – بنبرة مداعبة :
- لتصم آذان الشيطان يابني! ... انني وانا في هذا العمر لا أفكر في موضوع السفر حاليا .
قال زوج اختي وهو يشارك في الحديث :
- وهل يغير عدم التفكير شيئاً ؟ ثم ان كنا نريد الا نخاف من الموت ألا يجب أن يكون تهيؤنا تاماً
قالت جدتي من طرف الأم وهي تدلي بدلوها في الحديث :
- لم أستطع في شهر رمضان هذا سوى صوم عشرة أيام لأنني كنت مريضة ، وأنا أخشى أن أموت قبل قضاء ديني هذا في الصوم .


قلت
- ياجدتي العزيزة ... ان كنت أنت تخافين فماذا نعمل نحن ؟ ... فنحن نعرف انه لم تفتك صلاة واحدة .
كان الحديث مستمرا على هذا المنوال ... مددت يدي وسددت المسجل . كانت هذه مسامرة عائلية جرت قبل سبع أو ثمان سنوات وسجلتها خفية ودون أن يعلموا ذلك .
امتلأت عيوني بالدموع دون أرادة مني وأحسست غصة في حلقي ... ومن مكان جلوسي رفعت رأسي ببطء وألقيت نظرة طويلة على التل الموجود على مشارف المدينة ... كان أبي يرقد في مقبرة في ذلك التل تحت شجرة صنوبر ... وكانت جدتي (أم أبي) حسب وصيتها ترقد بجانب جدي في مقبرة تبعد عنا مئات الكيلومترات .




أما جدتي الأخرى وزوج اختي قيرقدان قرب بعض في مقبرة الطرف الآخر من المدينة ... رجعت إلى شريطي القديم ، واخذت الميكروفون في يديي ... ساسجل بعد قليل كلاماً لي ، من يدري أين ساكون راقدا عندما يسمع أبنائي هذا الشريط ؟