[frame=7 70]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
دلفت إلى محل لبيع المواد الغذائية والكماليات، تدفع عربة الحاجيات أمامها، وهي تعبر معابر ذلك المحل متنقلة من ركن إلى أخر، لم يكن هناك شيء يجذب في حركتها، لكن تلك الفتاة التي تتبعها كانت محل جذب واستدارة الرؤوس نحوها، لقد لفتت انتباه الكثير ممَّن رآها بما ترتديه من ملابس تظهر من جسدها أكثر مما تستر، أتذكرون حين قلت لكم "فتاة"؟! نعم، كانت فتاة عمرها يتجاوز اثنتي عشرة سنة، أما جسمها فأكبر من ذلك، ما كانت ترتديه عبارة عن سروال قصير يسمّونه "شورتاً" وقميصاً، لكم أن تتخيّلوا بشاعة المنظر حين تنتقي الأم بين معروضات المحل ما تشاء، وتعرض ابنتها بهذا الزي لتلتهمها كل عين جائعة ونفس عطشى..!
وتابعوا معي:
أمام كثير من مدارس البنات، حكومية أو أهلية ـ الأمر سيَّان ـ لك أن تقف حائراً لترى المأساة التي يصنعها كثيرٌ من الأهالي بأيديهم.. فهذه طفلة لا تفقه من الدنيا شيئاً سوى أناشيد تحفظها من معلّمتها في الروضة، يمسك السائق بيدها وأحياناً يحملها على صدره إلى بوابة الروضة، هل السائق الأجنبي موضع أمانة؟! رسالة إلى كل المفرِّطين.
وهذه فتاة في المرحلة المتوسطة أو الثانوية تركب وحدها مع السائق!! وتلك سيارة يقودها سائق بجوار خادمة ـ لا أدري زوجته أم لا؟! ـ مهمتها توصيل الطفلة الصغيرة إلى المدرسة، وبينما تنهمك الخادمة في حديث مع السائق، تخرج الطفلة رأسها من نافذة السيّارة لتتبع ذلك بكتفها ثمّ بنصف جسدها، والسيّارة تتهادى في الطريق.. تتهاوى الطفلة يمنةً ويسرةً.
وبجوار باب مشغل نسائي جلس السائق ينتظر "فلانة" التي دخلت، بينما أُوكل له حمل الصغيرة حتى لا تشغل أمَّها، وهذه الصغيرة ذات السنوات الأربع على أقل تقدير، ترك السائق لها حرية الحركة، فحيناً تقفز هنا، وحيناً أخرى تركض هناك، وأذكركم.. في الشارع كان لهو البريئة!! ومرَّة يمسكها بيده يرفعها تارة على كتفه وتارة يجلسها وتكون على رجله.. عفواً ـ أكاد أختنق ـ لن أكمل! أؤجل التعليق إلى النهاية..
تابعوا معي:
كنت أسمع فلم أصدِّق، قيل لي إنَّ هناك بعض الفتيات يقمن بقياس الملابس قبل شرائها في نفس المحل، حينها كنت أظنُّ ـ على أسوأ تقدير! ـ أنَّ هناك موضعاً مهيأً في المعرض لهذا الغرض، وأقول "على أسوأ تقدير"؛ لأنَّه في ظل انعدام الرقابة وقلَّة الأمانة في هذا الزمن فإنَّ هذا يُعدُّ تقديراً سيئاً وحالة سيئة ـ لا تتعجّبوا ـ.. قيل لي: ليس هناك موضع مهيأ لهذا الغرض، وإنَّما تختار موضعاً في المحل وتختفي خلف حامل ملابس أو ركن معيَّن، أو تسترها من حضرت معها، ثمَّ تقوم بلبس ما تشتريه، وغالباً يتم قياس السراويل "البنطال" والتنانير..!
بعد كلّ ما قيل لي لم أصدِّق حتى رأيت بعيني، لا بل بعيني الاثنتين، فحين هممتُ بمغادرة المعرض، لمَّا لم أجد بُغيتي فيه، إذ بإحدى المتسوِّقات منزوية خلف حامل الملابس وقد رفعت عباءتها من خلف، بحيث أظهر ذلك كلّ ما سترته العباءة..! تذكرت حال الأنصارية التي حاول أحد اليهود أن يكشف ما خُفي منها تحت جلبابها فاستغاثت بأحد المسلمين.. أقول: يظهر أنَّ صاحبتنا هذه نسيت وهي في غمرة قياس الملابس أن تنزل عباءتها بعد أن أنهت مهمّتها.. عموماً عدت إليها وأشرت إلى عباءتها مذكِّرة إيّاها.. مخجلة إيَّاها، ولكن يبدو ألا حياة لمن تنادي! ويا قلبي لا تختنق، بل احترق، ولن أعلِّق.. بل انتظروا.
وتابعوا ـ عفواً ـ أريد أن أذكر أنَّني هنا لا أحصر، بل أمثِّل، وسأواصل إن شاء الله تعالى..
فهذه نماذج قد تمرّ أمامنا أو أشباهها، فننساها، وقد تنسينا الحياة أحداثها، بينما تتفاعل آثارها لتخرج بمواقف أشدّ، وفي غياب الأمر والنهي والعيب والمسموح والممنوع؛ تكون تلك الوقائع سهلة بسيطة أمام القادم، ويكون النداء الحالم "عسى زمان مضى أن يعود" هو الرجاء، وهذا ما نخشاه.. والله يرعاكم.
[/frame]