المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاحبه تعلمك اقسام الحديث



ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 01:45 AM
الباعث الحثيث لاختصار علوم الحديث لابن كثير
مقدمة
قال شيخنا الإمام العلامة, مفتي الإسلام, قدوة العلماء, شيخ المحدثين, الحافظ المفسر,
بقية السلف الصالحين, عماد الدين, أبو الفداء إسماعيل بن كثيرٍ القرشي الشافعي,
إمام أئمة الحديث والتفسير بالشام المحروس, -فسح الله للإسلام والمسلمين في أيامه,
وبلغه في الدارين أعلى قصده ومرامه- .
الحمد لله, وسلام على عباده الذين اصطفى .
(أما بعد)
فإن علم الحديث النبوي -على قائله أفضل الصلاة والسلام- قد اعتنى بالكلام فيه جماعة
من الحفاظ قديما وحديثا, كالحاكم والخطيب, ومن قبلهما من الأئمة ومن بعدهما من حفاظ
الأمة .
ولما كان من أهم العلوم وأنفعها أحببت أن أعلق فيه مختصرا نافعا جامعا لمقاصد الفوائد,
ومانعا من مشكلات المسائل الفرائد ولما كان الكتاب الذي اعتنى بتهذيبه الشيخ الإمام العلامة,
أبو عمرو بن الصلاح -تغمده الله برحمته - من مشاهير المصنفات في ذلك بين الطلبة لهذا
الشأن, وربما عني بحفظه بعض المهرة من الشبان سلكت وراءه, واحتذيت حذاءه, واختصرت
ما بسطه, ونظمت ما فرطه .
وقد ذكر من أنواع الحديث خمسة وستين, وتبع في ذلك الحاكم أبا عبد الله الحافظ النيسابوري,
شيخ المحدثين وأنا -بعون الله- أذكر جميع ذلك, مع ما أضيف إليه من الفوائد الملتقطة من
كتاب الحافظ الكبير أبي بكرٍ البيهقي, المسمى (بالمدخل إلى كتاب السنن) وقد اختصرته أيضا
بنحوٍ من هذا النمط, من غير وكسٍ ولا شططٍ, والله المستعان, وعليه التكلان .
ذكر تعداد أنواع الحديث: صحيح, حسن, ضعيف, مسند, متصل, مرفوع, موقوف, مقطوع,
مرسل, منقطع, معضل .
مدلس, شاذ, منكر, ما له شاهد, زيادة الثقة, الأفراد .
المعلل, المضطرب, المدرج, الموضوع, المقلوب .
معرفة من تقبل روايته, معرفة كيفية سماع الحديث وإسماعه, وأنواع التحمل من إجازةٍ
وغيرها .
معرفة كتابة الحديث وضبطه, وكيفية رواية الحديث وشرط أدائه .
آداب المحدث, آداب الطالب, معرفة العالي والنازل .
المشهور, الغريب, العزيز, غريب الحديث ولغته, المسلسل, ناسخ الحديث ومنسوخه .
المصحف إسنادا ومتنا, مختلف الحديث, المزيد في الأسانيد .
خفي المرسل, معرفة الصحابة, معرفة التابعين, معرفة أكابر الرواة عن الأصاغر .
المدبج ورواية الأقران, معرفة الإخوة والأخوات, رواية الآباء عن الأبناء, عكسه .
من روى عنه اثنان متقدم ومتأخر, من لم يرو عنه إلا واحد .
من له أسماء ونعوت متعددة, المفردات من الأسماء, معرفة الأسماء والكنى, من عرف باسمه
دون كنيته.
معرفة الألقاب, المؤتلف والمختلف, المتفق والمفترق, نوع مركب من الذين قبله, نوع آخر من
ذلك .
من نسب إلى غير أبيه, معرفة الأنساب التي يختلف ظاهرها وباطنها, معرفة المبهمات, تواريخ الوفيات .
معرفة الثقات والضعفاء, من خلط في آخر عمره, معرفة الطبقات .
معرفة الموالي من العلماء والرواة, معرفة بلدانهم وأوطانهم .
فهذا تنويع الشيخ أبي عمرٍو وترتيبه -رحمه الله-, قال وليس
بآخر الممكن في ذلك, فإنه قابل للتنويع إلى ما لا يحصى, إذ
لا تنحصر أحوال الرواة وصفاتهم, وأحوال متون الحديث وصفاتها .
(قلت) وفي هذا كله نظر, بل في بسطه هذه الأنواع إلى هذا العدد نظر
إذ يمكن إدماج بعضها في بعضٍ, وكان أليق مما ذكره ثم إنه فرق
بين متماثلاتٍ منها بعضها عن بعضٍ, وكان اللائق ذكر كل نوعٍ إلى
جانب ما يناسبه .
ونحن نرتب ما نذكره على ما هو الأنسب, وربما أدمجنا بعضها في
بعضٍ, طلبا للاختصار والمناسبة وننبه على مناقشاتٍ لا بد منها, إن شاء الله -تعالى- .

نرجوا من مشرفي القسم تثبيت الموضوع لان الاقسام كثيرة لاحرمكم الله الاجر

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 01:49 AM
النوع الأول : الصحيح

تقسيم الحديث إلى أنواعه صحة وضعفا
قال اعلم -علمك الله وإياي- أن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيحٍ وحسنٍ وضعيفٍ
(قلت) هذا التقسيم إن كان بالنسبة إلى ما في نفس الأمر, فليس إلا صحيح أو ضعيف,
وإن كان بالنسبة إلى اصطلاح المحدثين, فالحديث ينقسم عندهم إلى أكثر من ذلك,
كما قد ذكره آنفا هو وغيره أيضا .
تعريف الحديث الصحيح
قال أما الحديث الصحيح فهو الحديث المسند الذي يتصل إسناده بنقل العدل الضابط
عن العدل الضابط إلى منتهاه, ولا يكون شاذا ولا معللا .
ثم أخذ يبين فوائد قيوده , وما احترز بها عن المرسل والمنقطع والمعضل والشاذ,
وما فيه علة قادحة وما في راويه من نوع جرحٍ .
قال فهذا هو الحديث الذي يحكم له بالصحة, بلا خلافٍ بين أهل الحديث وقد يختلفون
في بعض الأحاديث, لاختلافهم في وجود هذه الأوصاف, أو في اشتراط بعضها, كما
في المرسل .
(قلت) فحاصل حد الصحيح أنه المتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله, حتى ينتهي
إلى رسول الله r أو إلى منتهاه, من صحابي أو من دونه, ولا يكون شاذا, ولا مردودا,
ولا معللا بعلةٍ قادحةٍ, وقد يكون مشهورا أو غريبا .
وهو متفاوت في نظر الحفاظ في محاله, ولهذا أطلق بعضهم أصح الأسانيد على بعضها
فعن أحمد وإسحاق أصحها الزهري عن سالمٍ عن أبيه وقال علي بن المديني والفلاس
أصحها محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي وعن يحيى بن معينٍ أصحها الأعمش
عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعودٍ وعن البخاري مالك عن نافعٍ عن ابن عمر
وزاد بعضهم الشافعي عن مالكٍ, إذ هو أجل من روى عنه .

أول من جمع صحاح الحديث

(فائدة) أول من اعتنى بجمع الصحيح أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري,
وتلاه صاحبه وتلميذه أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري فهما أصح كتب
الحديث والبخاري أرجح; لأنه اشترط في إخراجه الحديث في كتابه هذا أن يكون
الراوي قد عاصر شيخه وثبت عنده سماعه منه, ولم يشترط مسلم الثاني,
بل اكتفى بمجرد المعاصرة ومن هاهنا ينفصل لك النزاع في ترجيح تصحيح
البخاري على مسلمٍ, كما هو قول الجمهور, خلافا لأبي علي النيسابوري شيخ
الحاكم, وطائفةٍ من علماء المغرب .
ثم إن البخاري ومسلما لم يلتزما بإخراج جميع ما يحكم بصحته من الأحاديث
, فإنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما, كما ينقل الترمذي وغيره عن
البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده, بل في السنن وغيرها .

عدد ما في الصحيحين من الحديث

قال ابن الصلاح فجميع ما في البخاري, بالمكرر سبعة آلاف حديثٍ ومائتان
وخمسة وسبعون حديثا وبغير تكرار أربعة آلافٍ وجميع ما في صحيحٍ مسلمٍ
بلا تكرارٍ نحو أربعة آلافٍ .

الزيادات على الصحيحين

وقد قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم قل ما يفوت البخاري
ومسلما من الأحاديث الصحيحة .
وقد ناقشه ابن الصلاح في ذلك, فإن الحاكم قد استدرك عليهما أحاديث كثيرة,
وإن كان في بعضها مقال, إلا أنه يصفو له شيء كثير .
(قلت) في هذا نظر, فإنه يلزمهما بإخراج أحاديث لا تلزمهما, لضعف رواتها
عندهما, أو لتعليلهما ذلك والله أعلم .
وقد خرجت كتب كثيرة على الصحيحين, قد يوجد فيها زيادات مفيدة, وأسانيد
جيدة, كصحيح أبي عوانة, وأبوي بكرٍ الإسماعيلي والبرقاني, وأبي نعيمٍ
الأصبهاني وغيرهم وكتب أخر التزم أصحابها صحتها, كابن خزيمة, وابن حبان
البستي, وهما خير من المستدرك بكثيرٍ, وأنظف أسانيد ومتونا .
وكذلك يوجد في مسند الإمام أحمد من الأسانيد والمتون شيء كثير مما يوازي
كثيرا من أحاديث مسلمٍ, بل والبخاري أيضا, وليست عندهما, ولا عند أحدهما
, بل ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الأربعة, وهم أبو داود, والترمذي,
والنسائي, وابن ماجه .
وكذلك يوجد في معجم الطبراني الكبير والأوسط, ومسند أبي يعلى والبزار,
وغير ذلك من المسانيد والمعاجم والفوائد والأجزاء ما يتمكن المتبحر في
هذا الشأن من الحكم بصحة كثيرٍ منه, بعد النظر في حال رجاله, وسلامته
من التعليل المفسد ويجوز له الإقدام على ذلك, وإن لم ينص على صحته
حافظ قبله, موافقة للشيخ أبي زكريا يحيى النووي, وخلافا للشيخ أبي عمرٍو .
وقد جمع الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي في ذلك كتابا
سماه (المختارة) ولم يتم, كان بعض الحفاظ من مشايخنا يرجحه على
مستدرك الحاكم والله أعلم .
وقد تكلم الشيخ أبو عمرٍو ابن الصلاح على الحاكم في مستدركه فقال
وهو واسع الخطو في شرط الصحيح, متساهل بالقضاء به, فالأولى أن
يتوسط في أمره, فما لم نجد فيه تصحيحا لغيره من الأئمة, ، فإن لم
يكن صحيحا, فهو حسن يحتج به, إلا أن تظهر فيه علة توجب ضعفه .
(قلت) في هذا الكتاب أنواع من الحديث كثيرة, فيه الصحيح المستدرك
, وهو قليل, وفيه صحيح قد خرجه البخاري ومسلم أو أحدهما, لم يعلم
به الحاكم وفيه الحسن والضعيف والموضوع أيضا وقد اختصره شيخنا
الحافظ أبو عبد الله الذهبي, وبين هذا كله, وجمع منه جزءا كبيرا مما
وقع فيه من الموضوعات, وذلك يقارب مائة حديثٍ والله أعلم .


موطأ مالكٍ
(تنبيه) قول الإمام محمد بن إدريس الشافعي -رحمه الله- "لا أعلم كتابا في
العلم أكثر صوابا من كتاب مالكٍ", إنما قاله قبل البخاري ومسلمٍ وقد كانت كتب
كثيرة مصنفة في ذلك الوقت في السنن, لابن جريج, وابن إسحاق -غير السيرة-
ولأبي قرة موسى بن طارقٍ الزبيدي, ومصنف عبد الرازق بن همامٍ, وغير ذلك .
وكان كتاب مالكٍ, وهو (الموطأ) أجلها وأعظمها نفعا, وإن كان بعضها أكبر حجما
منه وأكثر أحاديث وقد طلب المنصور من الإمام مالكٍ أن يجمع الناس على كتابه,
فلم يجبه إلى ذلك وذلك من تمام علمه واتصافه بالإنصاف, وقال "إن الناس قد
جمعوا واطلعوا على أشياء لم نطلع عليها" .
وقد اعتنى الناس بكتابه (الموطأ) وعلقوا عليه كتبا جمة ومن أجود ذلك
كتابا (التمهيد), و(الاستذكار), للشيخ أبي عمر ابن عبد البر النمري القرطبي,
-رحمه الله- هذا مع ما فيه من الأحاديث المتصلة الصحيحة والمرسلة
والمنقطعة, والبلاغات التي لا تكاد توجد مسندة إلا على ندورٍ .

إطلاق اسم "الصحيح" على الترمذي والنسائي

وكان الحاكم أبو عبد الله والخطيب البغدادي يسميان كتاب الترمذي "الجامع الصحيح"
وهذا تساهل منهما فإن فيه أحاديث كثيرة منكرة وقول الحافظ أبي علي بن السكن,
وكذا الخطيب البغدادي في كتاب السنن للنسائي إنه صحيح, فيه نظر وإن له شرطا
في الرجال أشد من شرط مسلمٍ غير مسلمٍ, فإن فيه رجالا مجهولين إما عينا أو حالا,
وفيهم المجروح, وفيه أحاديث ضعيفة ومعللة ومنكرة, كما نبهنا عليه في (الأحكام الكبير) .
مسند الإمام أحمد
وأما قول الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكرٍ المديني عن مسند الإمام أحمد إنه صحيح,
فقول ضعيف, فإن فيه أحاديث ضعيفة, بل وموضوعة, كأحاديث فضائل مروٍ, وشهداء
عسقلان, والبرث الأحمر عند حمصٍ, وغير ذلك, كما قد نبه عليه طائفة من الحفاظ .
ثم إن الإمام أحمد قد فاته في كتابه هذا -مع أنه لا يوازيه كتاب مسند في كثرته
وحسن سياقته- أحاديث كثيرة جدا, بل قد قيل إنه لم يقع له جماعة من الصحابة
الذين في الصحيحين قريبا من مائتين .
(الكتب الخمسة وغيرها)
وهكذا قول الحافظ أبي طاهرٍ السلفي في الأصول الخمسة, يعني البخاري ومسلما
وسنن أبي داود والترمذي والنسائي إنه اتفق على صحتها علماء المشرق
والمغرب تساهل منه وقد أنكره ابن الصلاح وغيره قال ابن الصلاح
: وهي مع ذلك أعلى رتبة من كتب المسانيد كمسند عبد بن حميدٍ,
والدارمي, وأحمد بن حنبلٍ, وأبي يعلى, والبزار, وأبي داود الطيالسي,
والحسن بن سفيان, وإسحاق بن راهويه, وعبيد الله بن موسى,
وغيرهم; فإنهم يذكرون عن كل صحابي ما يقع لهم من حديثه .
التعليقات التي في الصحيحين
وتكلم الشيخ أبو عمرٍو على التعليقات الواقعة في صحيح البخاري,
وفي مسلمٍ أيضا, لكنها قليلة, قيل إنها أربعة عشر موضوعا .
وحاصل الأمر : أن ما علقه البخاري بصيغة الجزم فصحيح إلى من
علقه عنه, ثم النظر فيما بعد ذلك وما كان منها بصيغة التمريض
فلا يستفاد منها صحة ولا تنافيها أيضا; لأنه قد وقع من ذلك كذلك
وهو صحيح, وربما رواه مسلم .
وما كان من التعليقات صحيحا فليس من نمط الصحيح المسند فيه
, لأنه قد وسم كتابه (بالجامع المسند الصحيح المختصر في أمور
رسول الله r وسننه وأيامه) .
فأما إذا قال البخاري "قال لنا" أو "قال لي فلان كذا", أو "زادني"
ونحو ذلك, فهو متصل عند الأكثر .
وحكى ابن الصلاح عن بعض المغاربة أنه تعليق أيضا, يذكره
للاستشهاد لا للاعتماد, ويكون قد سمعه في المذاكرة .
وقد رده ابن الصلاح, بأن الحافظ أبا جعفرٍ بن حمدان قال
إذا قال البخاري "وقال لي فلان" فهو مما سمعه عرضا ومناولة .
وأنكر ابن الصلاح على ابنٍ حزمٍ رده حديث الملاهي حيث قال
فيه البخاري "وقال هشام بن عمارٍ" وقال أخطأ ابن حزمٍ من
وجوهٍ, فإنه ثابت من حديث هشام بن عمارٍ .
(قلت) وقد رواه أحمد في مسنده, وأبو داود في سننه وخرجه
البرقاني في صحيحه, وغير واحدٍ, مسندا متصلا إلى هشام
بن عمارٍ وشيخه أيضا, كما بيناه في كتاب (الأحكام), ولله الحمد .
ثم حكى أن الأئمة تلقت هذين الكتابين بالقبول, سوى أحرفٍ يسيرةٍ
, انتقدها بعض الحفاظ, كالدارقطني وغيره, ثم استنبط من ذلك
القطع بصحة ما فيها من الأحاديث; لأن الأمة معصومة عن الخطأ
, فما ظنت صحته ووجب عليها العمل به, لا بد وأن يكون صحيحا
في نفس الأمر وهذا جيد .
وقد خالف في هذه المسألة الشيخ محيي الدين النووي,
وقال لا يستفاد القطع بالصحة من ذلك .
(قلت) وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه وأرشد إليه والله أعلم .
حاشية : ثم وقفت بعد هذا على كلامٍ لشيخنا العلامة ابن تيمية
, مضمونه أنه نقل القطع بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول عن
جماعاتٍ من الأئمة منهم القاضي عبد الوهاب المالكي, والشيخ
أبو حامدٍ الإسفراييني والقاضي أبو الطيب الطبري, والشيخ
أبو إسحاق الشيرازي من الشافعية, وابن حامدٍ, وأبو يعلى بن الفراء
, وأبو الخطاب, وابن الزاغوني, وأمثالهم من الحنابلة,
وشمس الأئمة السرخسي من الحنفية قال "وهو قول أكثر
أهل الكلام من الأشعرية وغيرهم كأبي إسحاق الإسفراييني,
وابن فوركٍ قال وهو مذهب أهل الحديث قاطبة ومذهب السلف عامة" .
وهو معنى ما ذكره ابن الصلاح استنباطا فوافق فيه هؤلاء الأئمة.

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 01:52 AM
النوع الثاني : الحسن

وهو في الاحتجاج به كالصحيح عند الجمهور
وهذا النوع لما كان وسطا بين الصحيح والضعيف في نظر الناظر
, لا في نفس الأمر، عسر التعبير عنه وضبطه على كثيرٍ من أهل
هذه الصناعة وذلك; لأنه نسبي, شيء ينقدح عند الحافظ, ربما
تقصر عبارته عنه .
وقد تجشم كثير منهم حده فقال الخطابي هو ما عرف مخرجه
واشتهر رجاله, قال وعليه مدار أكثر الحديث, وهو الذي يقبله
أكثر العلماء, ويستعمله عامة الفقهاء .
(قلت) فإن كان المعرف هو قوله "ما عرف مخرجه واشتهر
رجاله, فالحديث الصحيح كذلك, بل والضعيف وإن كان بقية
الكلام من تمام الحد, فليس هذا الذي ذكره مسلما له أن أكثر
الحديث من قبيل الحسان, ولا هو الذي يقبله أكثر العلماء
ويستعمله عامة الفقهاء .
تعريف الترمذي للحديث الحسن
قال ابن الصلاح وروينا عن الترمذي أنه يريد بالحسن أن
لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب, ولا يكون حديثا شاذا,
قد يروى من غير وجهٍ نحو ذلك .
وهذا إذا كان قد روي عن الترمذي أنه قاله, ففي أي كتابٍ
له قاله؟ وأين إسناده عنه؟ وإن كان فهم من اصطلاحه في
كتابه "الجامع" فليس ذلك بصحيحٍ, فإنه يقول في كثيرٍ من
الأحاديث هذا حديث حسن غريب, لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

(تعريفات أخرى للحسن)
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح -رحمه الله- وقال بعض
المتأخرين الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل,
هو الحديث الحسن, ويصلح للعمل به .
ثم قال الشيخ وكل هذا مستبهم لا يشفي الغليل,
وليس فيما ذكره الترمذي والخطابي ما يفصل الحسن
عن الصحيح, وقد أمعنت النظر في ذلك والبحث, فتنقح لي
واتضح أن الحديث الحسن قسمان:
(أحدهما) الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستورٍ
لم تتحقق أهليته, غير أنه ليس مغفلا كثير الخطأ, ولا
هو متهم بالكذب, ويكون متن الحديث قد روي مثله أو
نحوه من وجهٍ آخر, فيخرج بذلك عن كونه شاذا أو منكرا
ثم قال وكلام الترمذي على هذا القسم يتنزل .
(قلت) لا يمكن تنزيله لما ذكرناه عنه والله أعلم .
قال (القسم الثاني) أن يكون راويه من المشهورين بالصدق
والأمانة ولم يبلغ درجة رجال الصحيح في الحفظ والإتقان,
ولا يعد ما ينفرد به منكرا, ولا يكون المتن شاذا ولا معللا
قال وعلى هذا يتنزل كلام الخطابي, قال والذي ذكرناه يجمع
بين كلاميهما .
قال الشيخ أبو عمرٍو ولا يلزم من ورود الحديث من طرق
متعددةٍ كحديث "الأذنان من الرأس" أن يكون حسنا; لأن
الضعف يتفاوت, فمنه ما لا يزول بالمتابعات, يعني لا يؤثر
كونه تابعا ولا متبوعا, كرواية الكذابين أوالمتروكين ونحوهم
, ومنه ضعف يزول بالمتابعة, كما إذا كان راويه سيئ الحفظ,
أو روى الحديث مرسلا, فإن المتابعة تنفع حينئذٍ, وترفع الحديث
عن حضيض الضعف إلى أوج الحسن أو الصحة والله أعلم .
(الترمذي أصل في معرفة الحديث الحسن)
قال وكتاب الترمذي أصل في معرفة الحديث الحسن, وهو
الذي نوه بذكره, ويوجد في كلام غيره من مشايخه, كأحمد,
والبخاري, وكذا من بعده, كالدارقطني .
(أبو داود من مظان الحديث الحسن)
قال ومن مظانه سنن أبي داود, روينا عنه أنه قال ذكرت الصحيح
وما يشبهه ويقاربه, وما كان فيه وهن شديد بينته, وما لم أذكر فيه
شيئا فهو صالح, وبعضها أصح من بعضٍ قال وروي عنه أنه يذكر
في كل بابٍ أصح ما عرفه فيه .
(قلت) ويروى عنه أنه قال وما سكتُّ عنه فهو حسن .
قال ابن الصلاح : فما وجدناه في كتابه مذكورا مطلقا وليس في واحدٍ
من الصحيحين, ولا نص على صحته أحد, فهو حسن عند أبي داود .
(قلت) الروايات عن أبي داود بكتابه (السنن) كثيرة جدا, ويوجد في
بعضها من الكلام, بل والأحاديث, ما ليس في الأخرى ولأبي عبيدٍ
الآجري عنه أسئلة في الجرح والتعديل, والتصحيح والتعليل, كتاب
مفيد ومن ذلك أحاديث ورجال قد ذكرها في سننه فقوله وما سكت
عليه فهو حسن, ما سكت عليه في سننه فقط؟ أو مطلقا؟ هذا مما
ينبغي التنبيه عليه والتيقظ له .
كتاب المصابيحٍ للبغوي
قال وما يذكره البغوي في كتابه (المصابيح) من أن الصحيح ما
أخرجاه أو أحدهما, وأن الحسن ما رواه أبو داود والترمذي
وأشباههما, فهو اصطلاح خاص, لا يعرف إلا له وقد أنكر عليه
النووي ذلك لما في بعضها من الأحاديث المنكرة .
صحة الإسناد لا يلزم منها صحة الحديث .
قال والحكم بالصحة أو الحسن على الإسناد لا يلزم منه الحكم
بذلك على المتن, إذ قد يكون شاذا أو معللا .
قول الترمذي حسن صحيح .
قال وأما قول الترمذي "هذا حديث حسن صحيح" فمشكل;
لأن الجمع بينهما في حديثٍ واحدٍ كالمتعذر, فمنهم من قال
ذلك باعتبار إسنادين حسنٍ وصحيحٍ .
(قلت) وهذا يرده أنه يقول في بعض الأحاديث "هذا حديث
حسن صحيح غريب, لا نعرفه إلا من هذا الوجه" .
ومنهم من يقول هو حسن باعتبار المتن, صحيح باعتبار
الإسناد وفي هذا نظر أيضا, فإنه يقول ذلك في أحاديث
مرويةٍ في صفة جهنم, وفي الحدود والقصاص, ونحو ذلك .
والذي يظهر لي أنه يشرب الحكم بالصحة على الحديث
كما يشرب الحسن بالصحة فعلى هذا يكون ما يقول فيه
"حسن صحيح" أعلى رتبة عنده من الحسن, ودون الصحيح,
ويكون حكمه على الحديث بالصحة المحضة أقوى من حكمه
عليه بالصحة مع الحسن والله أعلم.

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 01:53 AM
النوع الثالث : الحديث الضعيف

قال وهو ما لم يجتمع فيه صفات الصحيح, ولا صفات
الحسن المذكورة
فيما تقدم .
ثم تكلم على تعداده وتنوعه باعتبار فقده واحدة من صفات
الصحة أو أكثر, أو جميعها .
فينقسم حينئذ إلى الموضوع, والمقلوب, والشاذ,
والمعلل, والمضطرب, والمرسل,
والمنقطع, والمعضل, وغير ذلك.

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 01:56 AM
النوع الرابع : المسند

قال الحاكم هو ما اتصل إسناده إلى رسول الله r .
وقال الخطيب هو ما اتصل إلى منتهاه .
وحكى ابن عبد البر أنه المروي عن رسول الله r سواء كان متصلا أو منقطعا .
فهذه أقوال ثلاثة .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 01:58 AM
النوع الخامس : المتصل

ويقال له "الموصول" أيضا, وهو ينفي
الإرسال والانقطاع, ويشمل المرفوع إلى النبي
r والموقوف على الصحابي أو من دونه .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:03 AM
النوع السادس : المرفوع

هو ما أضيف إلى النبي r قولا أو فعلا عنه,
وسواء كان متصلا أو منقطعا أو مرسلا,
ونفى الخطيب أن يكون مرسلا فقال هو ما أخبر
فيه الصحابي عن رسول الله r .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:08 AM
النوع السابع : الموقوف

ومطلقه يختص بالصحابي, ولا يستعمل فيمن
دونه إلا مقيدا وقد يكون إسناده متصلا وغير
متصلٍ, وهو الذي يسميه كثير من الفقهاء
والمحدثين أيضا أثرا وعزاه ابن الصلاح إلى
الخراسانيين أنهم يسمون الموقوف أثرا .
(قال) وبلغنا عن أبي القاسم الفوراني أنه قال
الخبر ما كان عن رسول الله r والأثر ما كان
عن الصحابة .
(قلت) ومن هذا يسمي كثير من العلماء الكتاب
الجامع لهذا وهذا (بالسنن والآثار)
ككتابي (السنن والآثار) للطحاوي, والبيهقي
وغيرهما والله أعلم .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:10 AM
النوع الثامن : المقطوع

وهو الموقوف على التابعين قولا وفعلا, وهو غير
المنقطع وقد وقع في عبارة الشافعي والطبراني
إطلاق "المقطوع" على منقطع الإسناد غير الموصول .
وقد تكلم الشيخ أبو عمرٍو ها هنا على قول الصحابي
"كنا نفعل", أو "نقول كذا", إن لم يضفه إلى زمان
رسول الله r فهو من قبيل الموقوف . وإن أضافه
إلى زمان النبي r فقال أبو بكرٍ البرقاني عن شيخه
أبي بكرٍ الإسماعيلي إنه من قبيل الموقوف وحكم
الحاكم النيسابوري برفعه; لأنه يدل على التقرير,
ورجحه ابن الصلاح .
قال ومن هذا القبيل قول الصحابي "كنا لا نرى
بأسا بكذا", أو "كانوا يفعلون أو يقولون", أو "
يقال كذا في عهد رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-" إنه من قبيل المرفوع .
وقول الصحابي "أمرنا بكذا" أو "نهينا عن كذا"
مرفوع مسند عند أصحاب الحديث وهو قول
أكثر أهل العلم وخالف في ذلك فريق, منهم
أبو بكرٍ الإسماعيلي وكذا الكلام على قوله
"من السنة كذا", وقول أنسٍ "أمر بلال أن
يشفع الأذان ويوتر الإقامة" .
قال وما قيل من أن تفسير الصحابي في
حكم المرفوع, فإنما ذلك فيما كان سبب
نزولٍ, أو نحو ذلك .
أما إذا قال الراوي عن الصحابي "يرفع
الحديث" أو "ينميه" أو "يبلغ به النبي
-صلى الله عليه وسلم-", فهو عند أهل
الحديث من قبيل المرفوع الصريح في الرفع والله أعلم .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:12 AM
النوع الثامن : المقطوع

وهو الموقوف على التابعين قولا وفعلا, وهو غير
المنقطع وقد وقع في عبارة الشافعي والطبراني
إطلاق "المقطوع" على منقطع الإسناد غير الموصول .
وقد تكلم الشيخ أبو عمرٍو ها هنا على قول الصحابي
"كنا نفعل", أو "نقول كذا", إن لم يضفه إلى زمان
رسول الله r فهو من قبيل الموقوف . وإن أضافه
إلى زمان النبي r فقال أبو بكرٍ البرقاني عن شيخه
أبي بكرٍ الإسماعيلي إنه من قبيل الموقوف وحكم
الحاكم النيسابوري برفعه; لأنه يدل على التقرير,
ورجحه ابن الصلاح .
قال ومن هذا القبيل قول الصحابي "كنا لا نرى
بأسا بكذا", أو "كانوا يفعلون أو يقولون", أو "
يقال كذا في عهد رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-" إنه من قبيل المرفوع .
وقول الصحابي "أمرنا بكذا" أو "نهينا عن كذا"
مرفوع مسند عند أصحاب الحديث وهو قول
أكثر أهل العلم وخالف في ذلك فريق, منهم
أبو بكرٍ الإسماعيلي وكذا الكلام على قوله
"من السنة كذا", وقول أنسٍ "أمر بلال أن
يشفع الأذان ويوتر الإقامة" .
قال وما قيل من أن تفسير الصحابي في
حكم المرفوع, فإنما ذلك فيما كان سبب
نزولٍ, أو نحو ذلك .
أما إذا قال الراوي عن الصحابي "يرفع
الحديث" أو "ينميه" أو "يبلغ به النبي
-صلى الله عليه وسلم-", فهو عند أهل
الحديث من قبيل المرفوع الصريح في الرفع والله أعلم .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:13 AM
النوع العاشر : المنقطع

قال ابن الصلاح وفيه وفي الفرق بينه
وبين المرسل مذاهب .
(قلت) فمنهم من قال هو أن يسقط من
الإسناد رجل, أو يذكر فيه رجل مبهم .
ومثل ابن الصلاح الأول بما رواه عبد
الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق
عن زيد بن يثيعٍ عن حذيفة مرفوعا
إن وليتموها أبا بكرٍ فقوي أمين
الحديث قال ففيه انقطاع في موضعين
أحدهما أن عبد الرزاق لم يسمعه من
الثوري, إنما رواه عن النعمان بن أبي
شيبة الجندي عنه والثاني أن الثوري
لم يسمعه من أبي إسحاق, إنما رواه
عن شريكٍ عنه .
ومثل الثاني بما رواه أبو العلاء بن
عبد الله بن الشخير عن رجلين عن
شداد بن أوسٍ, حديث "اللهم إني
أسألك الثبات في الأمر" .
ومنهم من قال المنقطع مثل المرسل
, وهو كل ما لا يتصل إسناده, غير
أن المرسل أكثر ما يطلق على ما
رواه التابعي عن رسول الله r .
قال ابن الصلاح وهذا أقرب, وهو
الذي صار إليه طوائف من الفقهاء
وغيرهم, وهو الذي ذكره الخطيب
البغدادي في كفايته .
قال وحكى الخطيب عن بعضهم أن
المنقطع ما روي عن التابعي فمن
دونه, موقوفا عليه من قوله أو فعله
وهذا بعيد غريب, والله أعلم .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:15 AM
النوع الحادي عشر : المعضل

وهو ما سقط من إسناده اثنان فصاعدا,
ومنه ما يرسله تابع التابعي قال ابن الصلاح
ومنه قول المصنفين من الفقهاء "قال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-" وقد سماه الخطيب
في بعض مصنفاته "مرسلا" وذلك على مذهب
من يسمي كل ما لا يتصل إسناده "مرسلا" .
قال ابن الصلاح وقد روى الأعمش عن الشعبي
قال "ويقال للرجل يوم القيامة عملت كذا وكذا
; فيقول لا, فيختم على فيه " الحديث قال فقد
أعضله الأعمش; لأن الشعبي يرويه عن أنسٍ
عن النبي r قال فقد أسقط منه الأعمش أنسا
والنبي r فناسب أن يسمى معضلا .
قال وقد حاول بعضهم أن يطلق على الإسناد
المعنعن اسم "الإرسال" أو "الانقطاع" .
قال والصحيح الذي عليه العمل أنه متصل
محمول على السماع, إذا تعاصروا, مع
البراءة من وصمة التدليس .
وقد ادعى الشيخ أبو عمرٍو الداني المقرئ
إجماع أهل النقل على ذلك, وكاد ابن عبد البر
أن يدعي ذلك أيضا .
(قلت) وهذا هو الذي اعتمده مسلم في صحيحه
وشنع في خطبته على من يشترط مع المعاصرة
اللقي, حتى قيل إنه يريد البخاري, والظاهر
أنه يريد علي بن المديني, فإنه يشترط ذلك
في أصل صحة الحديث, وأما البخاري فإنه
لا يشترطه في أصل الصحة, ولكن التزم ذلك
في كتابه "الصحيح" وقد اشترط أبو المظفر
السمعاني مع اللقاء طول الصحابة وقال أبو
عمرٍو الداني إن كان معروفا بالرواية عنه
قبلت العنعنة وقال القابسي إن أدركه إدراكا بينا .
وقد اختلف الأئمة فيما إذا قال الراوي "إن فلانا قال"
هل هو مثل قوله "عن فلانٍ", فيكون محمولا على
الاتصال, حتى يثبت خلافه؟ أو يكون قوله "إن فلانا قال"
دون قوله "عن فلانٍ"؟ كما فرق بينهما أحمد بن حنبلٍ
ويعقوب بن أبي شيبة وأبو بكرٍ البرديجي, فجعلوا "عن"
صيغة اتصالٍ, وقوله "إن فلانا قال كذا" في حكم الانقطاع
حتى يثبت خلافه وذهب الجمهور إلى أنهما سواء في
كونهما متصلين, قاله ابن عبد البر وممن نص على ذلك
مالك بن أنسٍ .
وقد حكى ابن عبد البر الإجماع على أن الإسناد المتصل
بالصحابي, سواء فيه أن يقول "عن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-", أو "قال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-" أو "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" .
وبحث الشيخ أبو عمرٍو ههنا فيما إذا أسند الراوي ما
أرسله غيره, فمنهم من قدح في عدالته بسبب ذلك,
إذا كان المخالف له أحفظ منه أو أكثر عددا,
ومنهم من رجح بالكثرة أو الحفظ, ومنهم من قبل المسند
مطلقا, إذا كان عدلا ضابطا وصححه الخطيب وابن الصلاح,
وعزاه إلى الفقهاء والأصوليين, وحكي عن البخاري
أنه قال: الزيادة من الثقة مقبولة .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:17 AM
النوع الثاني عشر : المدلس

والتدليس قسمان:
أحدهما أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه منه, أو عمن عاصره ولم يلقه, موهما أنه قد سمعه منه .
ومن الأول قول علي بن خشرمٍ كنا عند سفيان بن عيينة, فقال "قال الزهري كذا" فقيل له أسمعت منه هذا؟ قال "حدثني به عبد الرزاق عن معمرٍ عنه" .
وقد كره هذا القسم من التدليس جماعة من العلماء وذموه وكان شعبة أشد الناس إنكارا لذلك, ويروى عنه أنه قال لأن أزني أحب إلي من أن أدلس .
قال ابن الصلاح : وهذا محمول منه على المبالغة والزجر .
وقال الشافعي التدليس أخو الكذب .
ومن الحفاظ من جرح من عرف بهذا التدليس من الرواة, فرد روايته مطلقا, وإن أتى بلفظ الاتصال, ولو لم يعرف أنه دلس إلا مرة واحدة, كما قد نص عليه الشافعي -رحمه الله- .
قال ابن الصلاح : والصحيح التفصيل بين ما صرح فيه بالسماع, فيقبل, وبين ما أتي فيه بلفظٍ محتملٍ, فيرد .
قال وفي الصحيحين من حديث جماعةٍ من هذا الضرب, كالسفيانين والأعمش وقتادة وهشيمٍ وغيرهم .
(قلت) وغاية التدليس أنه نوع من الإرسال لما ثبت عنده, وهو يخشى أن يصرح بشيخه فيرد من أجله, والله أعلم .
وأما القسم الثاني من التدليس فهو الإتيان باسم الشيخ أو كنيته على خلاف المشهور به, تعمية لأمره, وتوعيرا للوقوف على حاله, ويختلف ذلك باختلاف المقاصد, فتارة يكره, كما إذا كان أصغر سنا منه, أو نازل الرواية, ونحو ذلك, وتارة يحرم, كما إذا كان غير ثقةٍ فدلسه لئلا يعرف حاله, أو أوهم أنه رجل آخر من الثقات على وفق اسمه أو كنيته .
وقد روى أبو بكر بن مجاهدٍ المقرئ عن أبي بكر بن أبي داود فقال "حدثنا عبد الله بن أبي عبد الله", وعن أبي بكرٍ محمد بن حسنٍ النقاش المفسر فقال "حدثنا محمد بن سندٍ" نسبه إلى جد له والله أعلم .

قال أبو عمرٍو بن الصلاح : وقد كان الخطيب لهجا بهذا القسم من التدليس في مصنفاته.

النوع الثالث عشر: الشاذ

قال الشافعي وهو أن يروي الثقة حديثا يخالف
ما روى الناس, وليس من ذلك أن يروي ما
لم يرو غيره .
وقد حكاه الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني
عن جماعةٍ من الحجازيين أيضا .
قال والذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما
ليس له إلا إسناد واحد, يشذ به ثقة أو غير
ثقةٍ, فيتوقف فيما شذ به الثقة ولا يحتج به
, ويرد ما شذ به غير الثقة .
وقال الحاكم النيسابوري هو الذي ينفرد به
الثقة, وليس له متابع قال ابن الصلاح
ويشكل على هذا حديث الأعمال بالنيات
فإنه تفرد به عمر, وعنه علقمة, وعنه
محمد بن إبراهيم التيمي, وعنه يحيى بن
سعيدٍ الأنصاري .
(قلت) ثم تواتر عن يحيى بن سعيدٍ هذا,
فيقال إنه رواه عنه نحو من مائتين,
وقيل أزيد من ذلك, وقد ذكر له ابن
منده متابعاتٍ غرائب, ولا تصح, كما
بسطناه في مسند عمر, وفي الأحكام الكبير .
قال وكذلك حديث عبد الله بن دينارٍ عن
عبد الله بن عمر "أن رسول الله r نهى
عن بيع الولاء وعن هبته" .
وتفرد مالك عن الزهري عن أنسٍ أن
رسول الله r دخل مكة, وعلى رأسه المغفر .
وكل من هذه الأحاديث الثلاثة في الصحيحين
من هذه الوجوه المذكورة فقط .
وقد قال مسلم للزهري تسعون حرفا
لا يرويها غيره .
وهذا الذي قاله مسلم عن الزهري,
من تفرده بأشياء لا يرويها غيره
يشاركه في نظيرها جماعة من الرواة .
فإذن الذي قاله الشافعي أولا هو الصواب
أنه إذا روى الثقة شيئا قد خالفه فيه الناس
فهو الشاذ, يعني المردود, وليس من ذلك
أن يروي الثقة ما لم يرو غيره, بل هو مقبول
إذا كان عدلا ضابطا حافظا .
فإن هذا لو رد لردت أحاديث كثيرة من هذا
النمط, وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل
والله أعلم .
وأما إن كان المنفرد به غير حافظٍ, وهو مع
ذلك عدل ضابط فحديثه حسن فإن فقد ذلك فمردود والله أعلم .

أبوالزبير
04 Aug 2005, 02:19 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبو محمد الشهري

حياكَ الله وبياكَ يا أبا محمد

وجزاك الله خيراً واحسنَ إليك ونفع الله بكَ

لتناولك لهذا الموضوع المهم وهو التعريف بأقسام الحديث

فبارك الله فيكَ وسددَ خطاك

وأسأل الله لكَ التوفيق لإكمال هذه السلسلة المباركة

تم التثبيت

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:26 AM
النوع الثالث عشر: الشاذ




قال الشافعي وهو أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس, وليس من ذلك أن يروي ما لم يرو غيره .

وقد حكاه الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني عن جماعةٍ من الحجازيين أيضا .

قال والذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد, يشذ به ثقة أو غير ثقةٍ, فيتوقف فيما شذ به الثقة ولا يحتج به, ويرد ما شذ به غير الثقة .

وقال الحاكم النيسابوري هو الذي ينفرد به الثقة, وليس له متابع قال ابن الصلاح ويشكل على هذا حديث الأعمال بالنيات فإنه تفرد به عمر, وعنه علقمة, وعنه محمد بن إبراهيم التيمي, وعنه يحيى بن سعيدٍ الأنصاري .

(قلت) ثم تواتر عن يحيى بن سعيدٍ هذا, فيقال إنه رواه عنه نحو من مائتين, وقيل أزيد من ذلك, وقد ذكر له ابن منده متابعاتٍ غرائب, ولا تصح, كما بسطناه في مسند عمر, وفي الأحكام الكبير .

قال وكذلك حديث عبد الله بن دينارٍ عن عبد الله بن عمر "أن رسول الله r نهى عن بيع الولاء وعن هبته" .

وتفرد مالك عن الزهري عن أنسٍ أن رسول الله r دخل مكة, وعلى رأسه المغفر .

وكل من هذه الأحاديث الثلاثة في الصحيحين من هذه الوجوه المذكورة فقط .

وقد قال مسلم للزهري تسعون حرفا لا يرويها غيره .

وهذا الذي قاله مسلم عن الزهري, من تفرده بأشياء لا يرويها غيره يشاركه في نظيرها جماعة من الرواة .

فإذن الذي قاله الشافعي أولا هو الصواب أنه إذا روى الثقة شيئا قد خالفه فيه الناس فهو الشاذ, يعني المردود, وليس من ذلك أن يروي الثقة ما لم يرو غيره, بل هو مقبول إذا كان عدلا ضابطا حافظا .

فإن هذا لو رد لردت أحاديث كثيرة من هذا النمط, وتعطلت كثير من المسائل عن الدلائل والله أعلم .

وأما إن كان المنفرد به غير حافظٍ, وهو مع ذلك عدل ضابط فحديثه حسن فإن فقد ذلك فمردود والله أعلم .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:31 AM
النوع الرابع عشر: المنكر

وهو كالشاذ إن خالف راويه
الثقات فمنكر مردود,
وكذا إن لم يكن عدلا ضابطا,
وإن لم يخالف, فمنكر مردود .
وأما إن كان الذي تفرد به عدل
ضابط حافظ قبل شرعا, ولا يقال
له "منكر", وإن قيل له ذلك لغة .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:33 AM
النوع الخامس عشر
في الاعتبار والمتابعات والشواهد

مثاله:
أن يرويه حماد بن سلمة عن أيوب
عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة
عن النبي r حديثا, فإن رواه غير حماد
ٍ عن أيوب أو غير أيوب عن محمدٍ أو
غير محمدٍ عن أبي هريرة, أو غير أبي
هريرة عن النبي r فهذه متابعات .
فإن روي معناه من طريقٍ أخرى عن
صحابي آخر سمي شاهدا لمعناه .
وإن لم يرو بمعناه حديث آخر فهو فرد
من الأفراد .
ويغتفر في باب " الشواهد والمتابعات
" من الرواية عن الضعيف القريب
الضعف ما لا يغتفر في الأصول,
كما يقع في الصحيحين وغيرهما
مثل ذلك ولهذا يقول الدارقطني في
بعض الضعفاء "يصلح للاعتبار",
أو "لا يصلح أن يعتبر به" والله أعلم.

النوع السادس عشر: في الأفراد
وهو أقسام تارة ينفرد به الراوي
عن شيخه, كما تقدم, أو ينفرد به
أهل قطرٍ, كما يقال "تفرد به أهل
الشام" أو "العراق" أو "الحجاز"
أو نحو ذلك وقد يتفرد به واحد
منهم, فيجتمع فيه الوصفان والله أعلم .
وللحافظ الدارقطني كتاب في الأفراد في
مائة جزءٍ, ولم يسبق إلى نظيره وقد
جمعه الحافظ محمد بن طاهرٍ في أطرافٍ رتبه فيها .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:35 AM
النوع السادس عشر: في الأفراد


وهو أقسام تارة ينفرد به الراوي عن شيخه, كما تقدم, أو ينفرد به أهل قطرٍ, كما يقال "تفرد به أهل الشام" أو "العراق" أو "الحجاز" أو نحو ذلك وقد يتفرد به واحد منهم, فيجتمع فيه الوصفان والله أعلم .

وللحافظ الدارقطني كتاب في الأفراد في مائة جزءٍ, ولم يسبق إلى نظيره وقد جمعه الحافظ محمد بن طاهرٍ في أطرافٍ رتبه فيها .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:39 AM
النوع السابع عشر
في زيادة الثقة

إذا تفرد الراوي بزيادةٍ في الحديث عن بقية
الرواة عن شيخٍ لهم, وهذا الذي يعبر عنه
بزيادة الثقة, فهل هي مقبولة أم لا؟ فيه
خلاف مشهور فحكى الخطيب عن أكثر الفقهاء
قبولها, وردها أكثر المحدثين .
ومن الناس من قال إن اتحد مجلس السماع
لم تقبل, وإن تعدد قبلت .
ومنهم من قال : تقبل الزيادة إذا كانت من
غير الرواي بخلاف ما إذا نشط فررواها
تارة وأسقطها أخرى . ومنهم من قال
: إن كانت مخالفة في الحكم لما رواه الباقون
لم تقبل ، وإلا قبلت كما لو تفرد بالحديث
كله فإنه يقبل تفرده به إذا كان ثقة ضابطا
أو حافظا . وقد حكى الخطيب على ذلك
الإجماع . وقد مثل الشيخ أبو عمرو
زيادة الثقة بحديث مالك عن نافع عن
ابن عمر : " أن رسول الله r فرض زكاة
الفطر من رمضان على كل حر أو عبد
ذكر أو أنثى من المسلمين " فقوله :
" من المسلمين " من زيادات مالك عن نافع .
وقد زعم الترمذي أن مالكا تفرد بها
، وسكت أبو عمرو علىذلك .ولم يتفرد
بها مالك فقد رواها مسلم من طريق
الضحاك بن عثمان عن نافع كما رواها
مالك . كذا رواها البخاري وأبو داود
والنسائي من طريق عمر بن نافع
عن أبيه كمالك . قال : ومن أمثلة
ذلك حديث : " جعلت لي الأرض
مسجدا وطهورا " عن ربعي بن حراش
عن حذيفة عن النبي r . رواه مسلم
وابن خزيمة وأبو عوانة الإسفراييني
في صحاحهم من حديثه . وذكر أن
الخلاف في الوصل والإرسال بخلاف
قبول زيادة الثقة.

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:40 AM
النوع الثامن عشر
معرفة المعلل من الحديث

وهو فن خفي على كثيرٍ من علماء الحديث,
حتى قال بعض حفاظهم معرفتنا بهذا كهانة
عند الجاهل .
وإنما يهتدي إلى تحقيق هذا الفن الجهابذة

النقاد منهم, يميزون بين صحيح الحديث
وسقيمه, ومعوجه ومستقيمه, كما يميز
الصيرفي البصير بصناعته بين الجياد
والزيوف, والدنانير والفلوس فكما
لا يتمارى هذا, كذلك يقطع ذاك بما ذكرناه
, ومنهم من يظن, ومنهم من يقف, بحسب
مراتب علومهم وحذقهم واطلاعهم على
طرق الحديث, وذوقهم حلاوة عبارة
الرسول r التي لا يشبهها غيرها من ألفاظ
الناس .
فمن الأحاديث المروية ما عليه أنوار النبوة,
ومنها ما وقع فيه تغيير لفظٍ أو زيادة باطلة
أو مجازفة أو نحو ذلك, يدركها البصير من
أهل هذه الصناعة .
وقد يكون التعليل مستفادا من الإسناد, وبسط
أمثلة ذلك يطول جدا, وإنما يظهر بالعمل .
ومن أحسن كتابٍ وضع في ذلك وأجله وأفحله
(كتاب العلل) لعلي بن المديني شيخ البخاري
وسائر المحدثين بعده, في هذا الشأن على
الخصوص . وكذلك (كتاب العلل) لعبد الرحمن
بن أبي حاتم وهو مرتب على أبواب الفقه
و(كتاب العلل) للخلال.
ويقع في مسند الحافظ أبي بكر البزار من
التعاليل مالا يوجد في غيره من المسانيد
. وقد جمع أزمة ماذكرناه كله الحافظ الكبير
أبو الحسن الدارقطني في كتابه في ذلك وهو
من أجل كتاب - بل أجل مارأيناه - وضع في
هذا الفن لم يسبق إلى مثله وقد أعجز من يريد

د أن يأتي بشكله فرحمه الله وأكرم مثواه .
ولكن يعوزه شيء لابد منه وهو أن يرتب
على الأبواب ليقرب تناوله للطلاب أو أن
تكون أسماء الصحابة الذين اشتمل عليهم
مرتبين على حروف المعجم ليسهل الأخذ
منه فإنه مبدد جدا لا يكاد يهتدي الإنسان
إلى مطلوبه منه بسهولة . والله الموفق .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:41 AM
النوع التاسع عشر: المضطرب

وهو أن يختلف الرواة فيه على شيخٍ بعينه, أو من وجوهٍ
أخر متعادلةٍ لا يترجح بعضها على بعضٍ وقد يكون تارة
في الإسناد, وقد يكون في المتن وله أمثلة كثيرة يطول
ذكرها والله أعلم .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:43 AM
النوع العشرون
معرفة المدرج
وهو أن تزاد لفظة في متن الحديث من كلام الراوي,
فيحسبها من يسمعها مرفوعة في الحديث, فيرويها
كذلك وقد وقع من ذلك كثير في الصحاح والحسان
والمسانيد وغيرها وقد يقع الإدراج في الإسناد,
ولذلك أمثلة كثيرة .
وقد صنف الحافظ أبو بكرٍ الخطيب في ذلك كتابا
حافلا سماه (فصل الوصل, لما أدرج في النقل)
وهو مفيد جدا .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:43 AM
النوع الحادي والعشرون: معرفة الموضوع
المختلق المصنوع

وعلى ذلك شواهد كثيرة منها إقرار واضعه على
نفسه, قالا أو حالا, ومن ذلك ركاكة ألفاظه,
وفساد معناه, أو مجازفة فاحشة, أو مخالفة
لما ثبت في الكتاب والسنة الصحيحة فلا تجوز
روايته لأحدٍ من الناس, إلا على سبيل القدح فيه,
ليحذره من يغتر به من الجهلة والعوام والرعاع .
والواضعون أقسام كثيرة
منهم زنادقة ومنهم متعبدون يحسبون أنهم يحسنون
صنعا, يضعون أحاديث فيها ترغيب وترهيب, وفي
فضائل الأعمال, وليعمل بها . وهؤلاء طائفة من الكرامية
وغيرهم وهم من أشر ما فعل هذا لما يحصل بضررهم من
الغرة على كثير ممن يعتقد صلاحهم فيظن صدقهم وهم شر
من كل كذاب في هذا الباب . وقد انتقد الأئمة كل شيء فعلوه
من ذلك ، وسطروه عليهم في زبرهم عارا على واضعي ذلك
في الدنيا ونارا وشنارا في الآخرة. قال رسول الله r
: ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )،
وهذا متواتر عنه. قال بعض هؤلاء الجهلة :
نحن ماكذبنا عليه إنما كذبنا له! وهذا من كمال
جهلهم وقلة عقلهم وكثرة فجورهم وافترائهم ،
فإنه عليه السلام لا يحتاج في كمال شريعته
وفضلها إلى غيره. وقد صنف الشيخ أبو الفرج
ابن الجوزي كتابا حافلا في الموضوعات غير
أنه أدخل فيه ماليس منه وخرج عنه ماكان يلزمه
ذكره فسقط عليه ولم يهتد إليه. وقد حكي
عن بعض المتكلمين إنكار وقوع الوضع بالكلية !
وهذا القائل إما أنه لا وجود له أصلا أو أنه في
غاية البعد عن ممارسة العلوم الشرعية. وقد حاول
بعضهم الرد عليه بأنه قد ورد في الحديث أنه عليه
السلام قال : (سيكذب علي ) فإن كان هذا الخبر
صحيحا فسيقع الكذب عليه لا محالة وإن كان كذبا
فقد حصل المقصود . فأجيب عن الأول بأنه لا يلزم
وقوعه إلى الآن إذ قد بقي إلى يوم القيامة أزمان
يمكن أن يقع فيها ماذكر . وهذا القول والاستدلال
عليه والجواب عنه من أضعف الأشياء عند أئمة
الحديث وحفاظهم الذين كانوا يتضلعون من حفظ
الصحاح ويحفظون أمثالها وأضعافها من المكذوبات
خشية أن تروج عليهم أو على أحد من الناس
رحمهم الله ورضي عنهم .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:45 AM
النوع الثاني والعشرون: المقلوب

[/media] وقد يكون في الإسناد كله أو بعضه
فالأول كما ركب مهرة محدثي بغداد للبخاري, حين قدم
عليهم, إسناد هذا الحديث على متن حديث آخر, وركبوا

متن هذا الحديث على إسنادٍ آخر, وقلبوا مثاله ما هو من
حديث سالمٍ عن نافعٍ, وما هو من حديث نافعٍ عن سالمٍ,
وهو من القبيل الثاني وصنعوا ذلك في نحو مائة حديثٍ
أو أزيد, فلما قرأوها عليه رد كل حديثٍ إلى إسناده, وكل
إسنادٍ إلى متنه, ولم يرج عليه موضع واحد مما قلبوه
وركبوه, فعظم عندهم جدا, وعرفوا منزلته من هذا الشأن,
-فرحمه الله وأدخله الجنان- .
وقد نبه الشيخ أبو عمرٍو ههنا على أنه لا يلزم من الحكم
بضعف سند الحديث المعين الحكم بضعفه في نفسه; إذ قد
يكون له إسناد آخر, إلا أن ينص إمام على أنه لا يروى
إلا من هذا الوجه .
(قلت): يكفي في المناظرة تضعيف الطريق التي أبداها
المناظر وينقطع إذ الأصل عدم ماسواها حتى يثبت
بطريق أخرى ، والله أعلم .
قال : ويجوز رواية ماعدا الموضوع في باب الترغيب
والترهيب والقصص المواعظ ، ونحو ذلك إلا في
صفات الله عزوجل وفي باب الحلال والحرام . قال
: وممن يرخص في رواية الضعيف -فيما ذكرناه-
ابن مهدي وأحمد بن حنبل رحمهما الله تعالى .
قال : وإذا عزوته إلى النبي r من غير إسناد فلا تقل
: "قال النبي r كذا وكذا " وما أشبه ذلك من الألفاظ
الجازمة بل بصيغة التمريض . وكذا فيما يشك في
صحته أيضا .

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:49 AM
النوع الثالث والعشرون
معرفة من تقبل روايته ومن لا تقبل وبيان الجرح والتعديل

المقبول : الثقة الضابط لما يرويه وهو المسلم العاقل البالغ
, سالما من أسباب الفسق وخوارم المروءة, وأن يكون مع
ذلك متيقظا غير مغفلٍ, حافظا إن حدث (من حفظه), فاهما
إن حدث على المعنى, فإن اختل شرط مما ذكرنا ردت روايته .
وتثبت عدالة الراوي باشتهاره بالخير والثناء الجميل عليه,
أو بتعديل الأئمة, أو اثنين منهم له, أو واحدٍ على الصحيح
, ولو بروايته عنه في قولٍ .
قال ابن الصلاح وتوسع ابن عبد البر, فقال كل حامل علمٍ
معروف العناية به فهو عدل محمول أمره على العدالة حتى
يتبين جرحه لقوله عليه الصلاة والسلام "يحمل هذا العلم
من كل خلفٍ عدوله " .
قال : وفيما قاله اتساع غير مرضي . والله أعلم .
(قلت): لو صح ماذكره من الحديث لكان ماذهب إليه قويا
ولكن في صحته نظر قوي والأغلب عدم صحته والله أعلم.
ويعرف ضبط الراوي بموافقة الثقات لفظا أو معنى ، وعكسه
عكسه.
والتعديل مقبول من غير ذكر السبب لأن تعداده يطول فقبل
إطلاقه بخلاف الجرح فإنه لا يقبل إلا مفسرا لاختلاف الناس
فيه في الأسباب المفسقة فقد يعتقد ذلك الجارح شيئا مفسقا
فيضعفه ولا نكون كذلك في نفس الأمر أو عند غيره فلهذا
اشترط بيان السبب في الجرح .
قال الشيخ أبو عمرو : وأكثر مايوجد في كتب الجرح والتعديل
: فلان ضعيف أو : متروك ، ونحو ذلك فإن لم نكتف به انسد
باب كبير في ذلك . وأجاب بأنا إذا لم نكتف به توقفنا في أمره
لحصول الريبة عندنا بذلك.
(قلت) : أما كلام هؤلاء الأئمة المنتصبين لهذا الشأن فينبغي أن
يؤخذ مسلما من غير ذكر أسباب وذلك للعلم بمعرفتهم واطلاعهم
واضطلاعهم في هذا الشأن واتصافهم بالإنصاف والديانة والخبرة
والنصح لاسيما إذا أطبقوا على تضعيف الرجل أو كونه متروكا
أو كذابا أو نحو ذلك . فالمحدث الماهر لا يتخالجه في مثل هذا
وقفة في موافقتهم لصدقهم وأمانتهم ونصحهم . وهذا يقول
الشافعي في كثير من كلامه على الأحاديث : " لا يثبته أهل
العلم بالحديث " ويرده ولا يحتج به بمجرد ذلك والله أعلم .
أما إذا تعارض جرح وتعديل فينبغي أن يكون الجرح حينئذ مفسرا.
وهل هو المقدم ؟ أو الترجيح بالكثرة أو الأحفظ ؟
فيه نزاع مشهور في أصول الفقه وفروعه وعلم الحديث
،والصحيح أن الجرح مقدم مطلقا إذا كان مفسرا . والله أعلم .
ويكفي قول الواحد في التعديل والتجريح على الصحيح .
وأما رواية الثقة عن شيخ فهل يتضمن تعديله ذلك الشيخ
أم لا ؟ فيه ثلاثة أقوال …
ثالثها : إن كان لايروي إلا عن ثقة : فتوثيق وإلا فلا.
والصحيح أنه لا يكون توثيقا له حتى ولو كان ممن ينص
على عدالة شيوخه . ولو قال : حدثني الثقة ، لايكون ذلك
توثيقا له على الصحيح لأنه قد يكون ثقة عنده لا عند غيره
. وهذا واضح ولله الحمد . قال : وكذلك فتيا العالم أو عمله
على وفق حديث لا يستلزم تصحيحه له .
(قلت) : وفي هذا نظر إذا لم يكن في الباب غير ذلك الحديث
أو تعرض للاحتجاج به في فتياه أو حكمه أو استشهد به
عند العمل بمقتضاه . قال ابن الحاجب : وحكم الحاكم
المشترط العدالة تعديل باتفاق . وأما إعراض العالم عن
الحديث المعين بعد العلم به فليس قادحا في الحديث
باتفاق لأنه قد يعدل عنه لمعارض أرجح عنده مع اعتقاد
صحته.
مسألة: مجهول العدالة ظاهرا وباطنا لاتقبل روايته عند
الجماهير . ومن جهلت عدالته باطنا ولكنه عدل في الظاهر
وهو المستور فقد قال بقبوله بعض الشافعية.
ورجح ذلك سليم بن أيوب الفقيه ووافقه ابن الصلاح
. وقد حررت البحث في ذلك في المقدمات والله أعلم .
فأما المبهم الذي لم يسم أو من سمي ولا تعرف عينه فهذا
ممن لايقبل روايته أحد علمناه ولكنه إذا كان في عصر
التابعين والقرون المشهود لهم بالخير فإنه يستأنس بروايته
ويستضاء بها في مواطن . وقد وقع في مسند الإمام أحمد
وغيره من هذا القبيل كثير . والله أعلم .
قال الخطيب البغدادي وغيره : وترتفع الجهالة عن الراوي
بمعرفة العلماء له أو براوية عدلين عنه.
قال الخطيب : لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه. وعلى
هذا النمط مشى ابن حبان وغيره بل حكم له بالعدالة بمجرد
هذه الحالة . والله أعلم .
قالوا : فأما من لم يرو عنه سوى واحد مثل عمرو بن ذي

مر وجبار الطائي وسعيد بن ذي حُدّان ، تفرد بالرواية عنهم
أبو إسحاق السبيعي وجُرَيّ بن كليب تفرد عنه قتادة.
قال الخطيب : والهزهاز بن ميزن تفرد عنه الشعبي . قال
ابن الصلاح : وروى عنه الثوري .
وقال ابن الصلاح : وقد روى البخاري لمرداس الأسلمي
ولم يرو عنه سوى قيس بن أبي حازم ومسلم لربيعة بن
كعب ولم يرو عنه سوى أبي سلمة ابن عبد الرحمن . قال
: وذلك مصير منهما إلى ارتفاع الجهالة برواية واحد .
وذلك متجه كالخلاف في الاكتفاء بواحد في التعديل .
(قلت): توجيه جيد لكن البخاري ومسلم إنما اكتفيا في

ذلك برواية الواحد فقط لأن هذين صحابيان وجهالة
الصحابي لا تضر بخلاف غيره . والله أعلم .
مسألة: المبتدع إن كُفِّر ببدعته فلا إشكال في رد روايته
، وإذا لم يُكفَّر فإن استحل الكذب ردت أيضا وإن لم
يستحل الكذب فهل يقبل أم لا ؟ أو يفرق بين كونه
داعية أو غير داعية ؟ في ذلك نزاع قديم وحديث .
والذي عليه الأكثرون التفصيل بين الداعية وغيره .
وقد حكي عن نص الشافعي وقد حكى ابن حبان
عليه الاتفاق فقال : لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا
قاطبة لا أعلم بينهم فيه خلافا .
قال ابن الصلاح : وهذا أعدل الأقوال وأولاها
والقول بالمنع مطلقا بعيد مباعد للشائع عن أئمة
الحديث فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة
غير الدعاة ففي الصحيحين من حديثهم في الشواهد
والأصول كثير. والله أعلم.
(قلت): وقد قال الشافعي : أقبل شهادة أهل الأهواء
إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزو
ر لموافقيهم .
فلم يفرق الشافعي في هذا النص بين الداعية وغيره.
ثم ماالفرق في المعنى بينهما ؟ وهذا البخاري قد
خرج لعمران بن حطان الخارجي مادح عبد الرحمن
بن ملجم قاتل علي وهذا من أكبر الدعوة إلى البدعة
والله أعلم.
مسألة: التائب من الكذب في حديث الناس تقبل روايته
خلافا لأبي بكر الصيرفي.
فأما إن كان قد كذب في الحديث متعمدا فنقل ابن الصلاح
عن أحمد بن حنبل وأبي بكر الحميدي -شيخ البخاري-
أنه لا تقبل روايته أبدا .
وقال أبو المظفر السمعاني : من كذب في خبر واحد وجب
إسقاط ماتقدم من حديثه.
(قلت) ومن العلماء من كفر متعمد الكذب في الحديث النبوي
, ومنهم من يحتم قتله، وقد حررت ذلك في المقدمات .
وأما من غلط في حديثٍ فبين له الصواب فلم يرجع إليه
فقال ابن المبارك وأحمد بن حنبلٍ والحميدي لا تقبل روايته أيضا
, وتوسط بعضهم, فقال إن كان عدم رجوعه إلى الصواب عنادا,
فهذا يلتحق بمن كذب عمدا, وإلا فلا والله أعلم .
ومن هاهنا ينبغي التحرز من الكذب كلما أمكن, فلا يحدث
إلا من أصلٍ معتمدٍ, ويجتنب الشواذ والمنكرات, فقد قال
لقاضي أبو يوسف : من تتبع غرائب الحديث كذب .
وفي الأثر : "كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ماسمع"
مسألة: وإذا حدث ثقة عن ثقة بحديث فأنكر الشيخ سماعه
لذلك بالكلية :
فإن كان معها إجازة مثل أن يناول الشيخ الطالب كتابا من
سماعه ويقول له : "ارو هذا عني"
وبين ذلك أمور كثيرة يعسر ضبطها, وقد تكلم الشيخ أبو
عمرٍو على مراتب منها وثم اصطلاحات لأشخاصٍ, ينبغي
التوقيف عليها .
من ذلك أن البخاري إذا قال, في الرجل "سكتوا عنه" أو
"فيه نظر" فإنه يكون في أدنى المنازل وأردئها عنده,
ولكنه لطيف العبارة في التجريح, فليعلم ذلك .
وقال ابن معينٍ : إذا قلت "ليس به بأس" فهو ثقة قال
ابن أبي حاتمٍ إذا قيل "صدوق" أو "محله الصدق" أو
"لا بأس به" فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه .
وروى ابن الصلاح عن أحمد بن صالحٍ المصري أنه
قال لا يترك الرجل حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه .
وقد بسط ابن الصلاح الكلام في ذلك والواقف على
عبارات القوم يفهم مقاصدهم بما عرف من عبارتهم
في غالب الأحوال, وبقرائن ترشد إلى ذلك والله الموفق .
قال ابن الصلاح : وقد فقدت شروط الأهلية في غالب
أهل زماننا, ولم يبق إلا مراعاة اتصال السلسلة في
الإسناد, فينبغي أن لا يكون مشهورا بفسقٍ ونحوه,
وأن يكون ذلك مأخوذا عن ضبط سماعه من مشايخه
من أهل الخبرة بهذا الشأن والله أعلم.

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:50 AM
النوع الرابع والعشرون
في كيفية سماع الحديث وتحمله وضبطه

يصح تحمل الصغار الشهادة والأخبار, وكذلك الكفار إذا أدوا
ما حملوه في حال كمالهم, وهو الاحتلام والإسلام .
وينبغي المباراة إلى إسماع الولدان الحديث النبوي والعادة
المطردة في أهل هذه الأعصار وما قبلها بمددٍ متطاولةٍ أن
الصغير يكتب له حضور إلى تمام خمس سنين من عمره,
ثم بعد ذلك يسمى سماعا, واستأنسوا في ذلك بحديث محمود
بن الربيع أنه عقل مجة مجها رسول الله r في وجهه من دلوٍ
في دارهم وهو ابن خمس سنين رواه البخاري فجعلوه فرقا
بين السماع والحضور, وفي روايةٍ وهو ابن أربع سنين .
وضبطه بعض الحفاظ بسن التمييز, وقال بعضهم أن يفرق بين
الدابة والحمار, وقال بعض الناس لا ينبغي السماع إلا بعد
العشرين سنة وقال بعض عشر, وقال آخرون ثلاثون والمدار
في ذلك كله على التمييز, فمتى كان الصبي يعقل كتب له سماع .
قال الشيخ أبو عمرٍو وبلغنا عن إبراهيم بن سعيدٍ الجوهري أنه
قال رأيت صبيا ابن أربع سنين قد حمل إلى المأمون قد قرأ
القرآن ونظر في الرأي, غير أنه إذا جاع يبكي .
وأنواع تحمل الحديث ثمانية:
الأول: السماع
بأن يكون من لفظ المسمع حفظا،أو من كتاب.
قال القاضي عياض:فلا خلاف حينئذ أن يقول السامع
((حدثنا))و((اخبرنا))و((أنبأنا))و ((سمعت))و((ذكر لنا فلان))
وقال الخطيب :أرفع العبارات ((سمعت)) ثم ((حدثنا ))و((حدثني ))
قال:وقد كان جماعة من أهل العلم لا يكادون يخبرون
عما سمعوه من الشيخ إلا بقولهم(( أخبرنا)) منهم حماد
بن سلمة ،وابن المبارك هشيم ويزيد بن هارون وعبد
الرزاق يحيى بن يحيى التميمي وإسحاق بن رهاويه و
آخرون كثيرون
قال ابن الصلاح:وينبغي أن يكون ((حدثنا ))و((أخبرنا))
أعلى من ((سمعت)) لأنه قد لا يقصده بالإسماع بخلاف
ذلك والله أعلم
حاشية:
قلت:بل الذي ينبغي أن يكون أعلى العبارات على هذا
أن يقول حدثني فإنه إذا قال ((حدثنا)) أو((أخبرنا ))قد
لا يكون قصده الشيخ بذلك أيضا،لاحتمال أن يكون في
جمع كثير والله أعلم
الثاني:
القراءة علي الشيخ حفظا أومن كتاب:وهو ((العرض))
عند الجمهور والرواية بها سائغة عند العلماء إلا هند
شذاذ لا يعتد بخلافهم.
ومسند العلماء حديث ضمام بن ثعلبة وهو في الصحيح
وهي دون سماع من لفظ الشيخ
وعن مالك وأبي حنيفة وابن أبي ذوئب انها أقوى.
وقيل:هما سواء ويعزي ذلك لأهل الحجاز والكوفة وإلى
مالك أيضا وأشياخه من أهل المدينة وإلى البخاري
والصحيح الأول وعليه علماء المشرق
فإذا حدث بها يقول ((قرأت ))أو ((قرئ على فلان وأنا أسمع فأقر به))
أو ((أخبرنا ))أو ((حدثنا قراءة عليه))
وهذا واضح
فإن أطلق ذلك :جاز عند مالك،والبخاري يحيى بن سعيد القطان
والزهري سفيان بن عيينة معظم الحجازيين والكوفيين حتى
إن منهم من سوغ ((سمعت )) أيضا
ومنع من ذلك أحمد والنسائي وابن المبارك يحيى بن يحيى التميمي
والثالث:أنه يجوز أخبرنا ولا يجوز حدثنا وبه قال الشافعي
ومسلم والنسائي أيضا وجمهور المشارقة بل نقل ذلك عن أكثر المحدثين
وقد قيل : إن أول من فرق بينها ابن وهب
قال الشيخ أبو عمرو :وقد سبقه إلى ذلك ابن جريج و الأوزاعي
قال:وهو الشائع الغالب على أهل الحديث

1-فرع:إذا قرئ على الشيخ من نسخة وهو يحفظ ذلك فجيد
قوى وان لم يحفظ والنسخة بيد موثوق به فكذلك على الصحيح
المختار الراجح
ومنع من ذلك مانعون وهو عسر
فإن لم تكن نسخة إلا الت بيد القارئ وهو موثوق به فصيح أيضا
2-فرع:ولا يشترط أن يقر الشيخ بما قرئ عليه نطقا بل يكفي
سكوته وإقراره عليه عند الجمهور وقال آخرون من الظاهرية
وغيرهم :لابد من استنطاقه بذلك وبه قطع الشيخ أبو إسحاق
الشيرازي وابن الصباع وسليم الرازي
قال ابن الصباع :إن لم تجز الرواية ويجوز العمل بما سمع عليه
3-فرع:قال ابن وهب والحاكم :يقول فيما{قرأعليه}الشيخ
وهو وحده ((حدثنى )) فإن كان معه غيره ((حدثنا)) وفيما
قرأه على الشيخ وحده أخبرني فان قرأه غيره أخبرنا
قال ابن الصلاح :وهذا حسن فائق
فإن شك أتى بالمحقق ، وهو الوحدةحدثني أو((أخبرني))
عند ابن الصلاح والبيهقي
وعن يحيى بن سعيد القطان :يأتي بالأدنى ،وهو ((حدثنا ))
أو أخبرنا))
قال الخطيب البغدادي :وهذا الذي قاله ابن وهب مستحب
لا مستحق عند أهل العلم كافة
4-فرع:اختلفوا في صحة سماع من ينسخ أو سماعه فمنع
من ذلك إبراهيم الحربيوابن عدي وأبو إسحاق الإسغاريني
وقال أبو بكر أحمد بن إسحاق الصبغي :يقول ((حضرت))
ولا يقول ((حدثنا)) ولاأخبرنا
وجوزه موسى بن هارون الحافظ وكان ابن المبارك ينسخ
وهو يقرأعليه
وقالأبو حاتم:كتبت عند عارم و{هو يقرأ،وكتبت عند }
عمروابن مرزوق{وهويقرأ}
وحضر الدرقطني وهو شاب فجلس إسماعيل الصفار
وهو يملي ،والدارقطني ينسخ جزءا ،فقال له بعض
الحاضرين :لايصح سماعك وأنت تنسخ !فقال :فهمي
للإملاء بخلاف فهمك فقال له :كم املي الشيخ حديثا
إلى الآن ؟فقال الدارقطني :ثمانية عشر حديثا ثم سردها
كلها عن ظهر قلب بأسانيدها ومتونها فتعجب الناس منه
قلت:وكان شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي تغمده الله
برحمته ،يكتب في مجلس السماع ،وينعس في بعض
الأحيان ويرد على القاري ردا جيدا بينا واضحا بحيث
يتعجب القارئ من نفسه أنه غلط فيما في يده وهو
مستيقظ والشيخ ناعس وهو أنبه منه !
ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء
قال ابن الصلاح :وكذلك التحدث في مجلس السماع
وما إذا كان القارئ سريع القراءة ،أو السامع بعيدا
من القارئ
ثم اختار ابن الصلاح أنه يغتفر اليسير من ذلك وانه
إذا كان يفهم ما يفهم ما يقرأ مع النسخ فالسماع صحيح
وينبغي أن يجبر ذلك بالإجازة بعد ذلك كله
قلت :هذا هو الواقع في زماننا اليوم ،أنه يحضر
مجلس السماع من يفهم ومن لا يفهم والبعيد من
القارئ والناعس والمتحدث والصبيان الذين لا ينضبط
أمرهم بل يلعبون غالبا ولا يشتغلون بمجرد السماع
وكل هؤلاء قد كان يكتب لهم السماع بحضرة شيخنا
الحافظ أبي الحجاج المزي رحمه الله
وبلغني عن القاضي تقي الدين سليمان المقدسي :أنه
زجر في مجلسه الصبيان عن اللعب ،فقال :لاتزجروهم
فإنا {إنما}سمعنا مثلهم
وقد روي عن الإمام العلم عبد الرحمن بن مهدي أنه قال
:يكفيك من الحديث شمه
وكذا قال غير واحدمن الحفاظ
وقد كانت المجالس تعقد ببغداد وبغيرها من البلاد فيجتمع الفئام
من الناس بل الألوف المؤلفة ويصعد المستملون على الأماكن
المرتفعة ويبلغون عن المشايخ ما يملون فيحدث الناس عنهم
بذلك مع ما يقع في مثل هذه المجامع من اللغط والكلام
وحكى الأعمش أنهم كانوا في حلقة إبراهيم إذا لم يسمع أحدهم
الكلمة جيدا استفهمها من جاره
قلت :وقد وقع هذا في بعض الأحاديث عن عقبة بن عامر جاب

ر بن سمرة غيرهما
فهذا هو الأصلح للناس وإن كان قد تورع آخرون شددوا في
ذلك وهو القياس والله أعلم
5-فرع:ويجوز السماع من وراء حجاب كما كان السلف يروون
عن أمهات المؤمنين .
واحتج بعضهم بحديث أم مكتوم
وقال بعضهم عن شعبة :إذا حدثتك من لا ترو عنه فلعله
شيطان قد تصور في صورته يقول :حدثنا أخبرنا وهذا
غريب جدا
6-فرع:إذا حدثه بحديث ثم قال ((لا تروه عني))،
أو((رجعت عن إسمعك))،ونحو ذلك ولم يبد مستندا سوى
المنع اليابس أو أسمع قوما فخص بعضهم ،وقال
((لا أجيز لفلان أن يروي عني شيئا))
فإنه لا يمنع من صحة الروية عنه ولا التفات إلى قوله.
وقد حدث النسائي عن الحارث بن مسكين والحالة هذه .
وافتى الشيخ أبو إسحاق الإسفارييني بذلك
الثالث : الإجازة
والرواية بها جائزة عند الجمهور
وادعى القاضي أبو الوليد الباجي الإجماع على ذلك
ونقضه ابن الصلاح بما رواه الربيع عن الشافعي أنه
منع من الرواية بها
وبذلك قطع الماوردي وعزاه إلى مذهب الشافعي
وكذلك قطع بالمنع القاضي حسين بن محمد المروروذي
صاحب التعليقة وقالا جميعا لو جازت الرواية بالإجازة
لبطلت الرحلة
وكذلك روى عن شعبة بن الحجاج وغيره من أئمة الحديث
وحفاظه
وممن أبطلها إبراهيم الحربي وأبو الشيخ محمد بن عبد الله
الأصبهاني وأبو نصر الوايلي السجزي وحكى ذلك عن
جماعة ممن لقيهم
ثم هي أقسام
أحدها - إجازة من معين لمعين في معين بأن تقول
((أجزتك أن تروبي عني هذا الكتاب ))أو((هذه الكتب))
وهي المناولة فهذه جائزة عند الجماهير حتى الظاهرية
لكن خالفوا في العمل بها لأنها في معنى المرسل عندهم
إذ لم يتصل السماع
الثاني -إجازة لمعين في غير معين مثل أن يقول
:((أجزت لك أن تروي عني ما أرويه)) أو((ما صح عندك
من مسموعاتي مصنفاتي ))وهذا مما جوزه الجمهور أيضا
، رواية عملا
الثالث -الإجازة لغير معين مثل أن يقول ((أجزت للمسلمين ))
أو :للموجودين ))أو ((لمن قال :لا إله إلا الله
وتسمى الإجازة العامة
وقد اعتبرها طائفة من الحفاظ والعلماء فممن جوزها الخطيب
البغدادي ونقلها عن شيخه القاضي أبي الطيب الطبري
ونقلها أبو بكر الحازمي عن شيخه أبي العلاء الهمداني الحافظ
وغيرهم من محدثي المغاربة رحمهم الله
{أما}الإجازة المجهول {أو}بالمجهول ففاسدة وليس منها ما يقع
من الاستدعاء لجماعة مسمين لا عرفهم المجيز أو لا يتصف
أنسابهم ولا عدتهم فإن هذا سائغ شائع كما لا يستحضر المسمع
أنساب من يحضر مجلسه ولا عدتهم والله أعلم
ولو قال ((أجزت رواية هذا الكتاب لمن أحب روايته عني))
فقد كتبه أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي وسوغه غيره
وقواه ابن الصلاح
وكذلك لو قال ((أجزتك ولولدك ونسلك وعقبك رواية هذا الكتاب ))
أو ((ما يجوز لي روايته )) فقد جوزها جماعة منهم أبو بكر بن
أبي داود قال لرجل((أجزت لك ولأولادك لحبل الحبلة
وأما لو قال ((أجزت لمن يوجد من بني فلان ))فقد حكى الخطيب
جوازها عن القاضي أبي يعلى بن الفراء الحنبلي وأبي الفضل
بن عمروس المالكي وحكاه ابن الصباغ عن طائفة ثم ضعف
ذلك وقال هذا بيني علي ان الإجازة إذن أو محادثة
وكذلك ضعفها ابن الصلاح و أورد الإجازة للطفل الصغير الذي
لا يخاطب مثله وذكر الخطيب أنه قال للقاضي أبي الطيب
إن بعض أصحابنا قال لا تصح إجازة إلا لمن يصح سماعه
؟فقال :قد يجيز الغائب عنه سمعه منه
ثم رجح الخطيب صحة الإجازة للصغير قال :وهو الذي
رأينا كافة شيوخنا يفعلونه يجيزون للأطفال من غير أن يسألوا
عن أعمارهم ولم نرهم أجازوا لمن لم يكن موجودا في الحال
والله أعلم
ولو قال أجزت لك أن تروي ما صح عندك مما سمعته وما سأسمعه))
،فالأول جيد والثاني فاسد
وقد حاول ابن الصلاح تخريجه على أن الإجازة إذن كالوكالة
وفيما لو قال ((وكلتك في بيع ما سأملكه )) خلاف
وأما الإجازة بما يرويه إجازة فالذي عليه الجمهور الرواية
بالإجازة على الإجازة وان تعددت
{و}ممن نص على ذلك الدار قطني وشيخه أبو العباس ابن
عقدة والحافظ أبو نعيم الأصبهاني والخطيب وغير واحد
من العلماء قال ابن الصلاح :ومنع من لا يعتد به من
المتأخرين والصحيح الذي عليه جوازه ،وشبهوا ذلك بتوكيل
الوكيل
القسم الرابع:
المناولة:
فإن كان معها إجازة مثل أن يناول الشيخ الطالب كتابا
من سماعه ويقول له : " ارو هذا عني " ويملكه إياه أو
عرض القراءة . ثم قال الحاكم : والذي عليه جمهور
فقهاء الإسلام الذين أفتوا في الحرام والحلال : أنهم
لم يروه سماعا وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد
وإسحاق والثوري والأوزاعي وابن المبارك ويحيى
بن يحيى والبويطي والمزني وعليه عندنا أئمتنا
وإليه ذهبوا وإليه نذهب والله أعلم .
وأما إذا لم يُملِّكه الشيخ الكتاب ولم يعره إياه فإنه
منحط عما قبله حتى إن منهم من يقول : هذا مما
لا فائدة فيه ويبقى مجرد إجازة .
(قلت): أما إذا كان الكتاب مشهورا كالبخاري
أو مسلم أو شيء من الكتب المشهورة فهو
كما لو ملّكه أو أعاره إياه والله أعلم .
ولو تجردت المناولة عن الإذن في الرواية فالمشهور
أنه لا تجوز الرواية بها .
وحكى الخطيب عن بعضهم جوازها .
قال ابن الصلاح : ومن الناس من جوز الرواية بمجرد
إعلام الشيخ للطالب أن هذا سماعه. والله أعلم .
ويقول الراوي بالإجازة : "أنبأنا" فإن قال : "إجازة" فهو
أحسن. ويجوز : أنبأنا وحدثنا عند جماعة من المتقدمين .
وقد تقدم النقل عن جماعة أنهم جعلوا عرض المناولة
المقرون بالإجازة بمنزلة السماع فهؤلاء يقولون
: حدثنا و أخبرنا ، بلا إشكال .والذي عليه جمهور
المحدثين قديما وحديثا أنه لا يجوز إطلاق : "حدثنا"
، ولا "أخبرنا" بل مقيدا. وكان الأوزاعي يخصص
الإجازة بقوله : "خبرنا" بالتشديد .

القسم الخامس :
المكاتبة :
بأن يكتب إليه بشيء من حديثه : فإن أذن له في روايته
عنه فهو كالمناولة المقرونة بالإجازة . وإن لم تكن معها
إجازة فقد جوز الرواية بها أيوب ومنصور والليث وغير
واحد من الفقهاء الشافعية والأصوليين .
وهو المشهور وجعلوا ذلك أقوى من الإجازة المجردة .
وقطع الماوردي بمنع ذلك . والله أعلم .
وجوز الليث ومنصور في المكاتبة أن يقول : "أخبرنا"
و"حدثنا" مطلقا ،والأحسن الأليق تقييده بالمكاتبة.
القسم السادس :
إعلام الشيخ أن هذا الكتاب سماعه من فلان من غير
أن يأذن له في روايته عنه : فقد سوغ الرواية بمجرد
ذلك طوائف من المحدثين والفقهاء منهم ابن جريج وقطع
به ابن الصباغ .
واختاره غير واحد من المتأخرين حتى قال بعض الظاهرية
: لو أعلمه بذلك ونهاه عن روايته عنه فله روايته، كما
لو نهاه عن رواية ما سمعه منه .
القسم السابع :
الوصية :
بأن يوصي بكتاب له كأن يرويه لشخص ، فقد ترخص بعض
السلف في رواية الموصى
له بذلك الكتاب عن الموصي وشبهوا ذلك بالمناولة وبالإعلام بالرواية.
قال ابن الصلاح : وهذا بعيد وهو إما زلة عالم أم متأول
، إلا أن يكون أراد بذلك
روايته عنه بالوجادة . والله أعلم .
القسم الثامن :
الوجادة :
وصورتها أن يجد حديثا أو كتابا بخط شخص بإسناده
فله أن يرويه عنه على سبيل الحكاية
فيقول : وجدت بخط فلان : حدثنا فلان ويسنده .
ويقع هذا كثيرا في مسند الإمام أحمد ، يقول ابنه عبد
لله : " وجدت بخط أبي : حدثنا فلان
…" ويسوق الحديث .
وله أن يقول : "قال فلان " إذا لم يكن فيه تدليس يوهم
اللقي . قال ابن الصلاح : وجازف بعضهم فأطلق فيه :
"حدثنا" أو : "أخبرنا" وانتُقِد ذلك على فاعله.
وله أن يقول فيما وجد من تصنيفه بغير خطه :
" ذكر فلان " و: "قال فلان" أيضا ، ويقول :
"بلغني عن فلان" فيما لم يتحقق أنه من
تصنيفه أو مقابلة كتابه. والله أعلم .
(قلت): والوجادة ليست من باب الرواية
وإنما هي حكاية عما وجده في الكتاب .
وأما العمل بها فمنع منه طائفة كثيرة
من الفقهاء والمحدثين أو أكثرهم فيما
حكاه بعضهم . ونُقل عن الشافعي
وطائفة من أصحابه جواز العمل بها .
قال ابن الصلاح : وقطع بعض المحققين
من أصحابه في الأصول بوجوب العمل
بها عند حصول الثقة به.
قال ابن الصلاح وهذا هو الذي لايتجه
غيره في الأعصار المتأخرة لتعذر شروط الرواية في هذا الزمان .
يعني فلم يبق إلا مجرد وجادات .
(قلت): وقد ورد في الحديث عن النبي
r أنه قال : (أي الخلق أعجب إليكم إيمانا
؟ قالوا : الملائكة قال : وكيف لا يؤمنون وهم عنج ربهم ؟
وذكروا الأنبياء فقال: وكيف لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم
؟ قالوا : ونحن ؟ فقال : وكيف لاتؤمنون وأنا بين أظهركم ؟
قالوا : فمن يا رسول الله ؟ قال : قوم يأتون من بعدكم يجدون
صحفا يؤمنون بما فيها )
وقد ذكرنا الحديث بإسناده ولفظه في شرح البخاري ولله الحمد
. فيؤخذ منه مدح من عمل بالكتب المتقدمة بمجرد الوجادة لها
. والله أعلم .

أبوالزبير
04 Aug 2005, 02:51 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما شاء الله تبارك الله .. لا قوة إلا بالله

أعانك الله أخي الحبيب .. وبارك الله فيكَ وفي وقتك وجهدك

ابومحمد الشهري
04 Aug 2005, 02:52 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


والحمد لله رب العالمين ونسال الله النفع والاجر انه جواد كريم والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته