قرض صندوق النقد.. المفاوضات تسير نحو الاتفاق رغم خلاف "سعر الجنيه"


تسير المفاوضات التي تجريها الحكومة المصرية ووفد من صندوق النقد الدولي، منذ نهاية الشهر الماضي، في اتجاه موافقة الأخير على تقديم قرض دولاري ضخم للقاهرة، رغم الخلاف بين الجانبين بشأن سعر العملة المحلية (الجنيه) الذي لن يحول دون إتمام الاتفاق، بحسب ما أفاد به مصدر مطلع على المباحثات الجارية.
ووصل "كريستوفر جارفيس" مستشار صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط وآسيا ورئيس بعثة الصندوق إلى مصر، نهاية الشهر الماضي، للتباحث مع ممثلين حكوميين بخصوص تقديم القرض وقيمته.
ونهاية الشهر الماضي، أعلنت الحكومة المصرية عن استهدافها تمويل برنامجها الاقتصادي بنحو 21 مليار دولار على ثلاث سنوات، شاملة قرض محتمل من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، لاسيما مع ما تمر به البلاد من تراجع في الاحتياطي الاستراتيجي من العملة الصعبة.
وقال المصدر المطلع على سير المباحثات، والذي فضل عدم ذكر اسمه للأناضول، إن "أجواءً إيجابية تسود المباحثات بين الطرفين بشأن حصول القاهرة على قرض مالي".
وأضاف أن "مصر استبقت طلب القرض من صندوق النقد ونفذت بالفعل رزمة إجراءات أبرزها خفض قيمة الجنيه المصري، والوصول إلى المراحل النهائية لفرض ضريبة القيمة المضافة"، وهي ضريبة مركبة تفرض على الفرق بين سعر التكلفة وسعر البيع للسلع المحلية والمستوردة.
وأشار المصدر إلى أن مصر بصدد تنفيذ إصلاحات تقشفية وإجراءات لخفض العجز الجاري في الموازنة العامة، دون معرفة الخطوات التقشفية التي تعتزم القاهرة تنفيذها والتي قد ترتبط برفع الدعم الحكومي على الطاقة مثلما أعلنت الحكومة امس الاثنين وكذلك عن سلع أخرى.
وقفز معدل التضخم السنوي في الأسعار بمصر، خلال يونيو الماضي إلى 14.8% 2016، مقابل 12.9% في الشهر السابق عليه.
ولفت المصدر إلى أنه "منذ مطلع الشهر الجاري، واجه المجتمعون خلافاً واحداً مرتبطاً بسعر الجنيه المصري خلال الفترة المقبلة، فالصندوق يطلب خفضاً آخر جديدا للجنيه خلال العام الجاري على الأقل.. لكن بشكل عام، تسير المفاوضات باتجاه حصول القاهرة على القرض دون الاتفاق بعد على قيمته"، ولم يكشف المصدر عن موعد انتهاء تلك المباحثات.
وخفض البنك المركزي المصري (الذي يضع السياسة النقدية للبلاد) العملة المحلية (الجنيه) بنحو 14% في مارس الماضي، بهدف التقليل في الفارق بين السوقين الرسمية والموازية (السوداء)، إلا أن مساعي البنك لم تنجح بعد بلوغ صرف الدولار 13 جنيهاً في السوق السوداء الأسبوع الماضي، مقابل 8.88 جنيهات في السوق الرسمية.
الخبير المصرفي المصري، أحمد قورة، قال إنه "لا عقبات تقف أمام قرض محتمل من صندوق النقد الدولي لمصر خلال الفترة المقبلة"، وأرجع ذلك إلى أن "القاهرة جاهزة لشروط الصندوق قبل زيارة الوفد لها".
وأضاف قورة الذي كان يشغل منصب رئيس البنك الأهلي المصري سابقاً، "ربما يتأخر صرف أول شريحة من القرض مهما اختلفت قيمته، لكن مصر في الوقت الحالي بأمس الحاجة للقرض بسبب فجوة سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وشح العملة الأمريكية في السوق المحلية، والعجز الجاري في موازنة العام المالي الحالي رغم نية الحكومة خفضه".
وأعلنت الحكومة المصرية في مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2016/2017، خفض العجز الكلي للموازنة إلى 9.8% من الناتج المحلي من قرابة 10.8٪ في العام الماضي، على أن يصل من 8% - 8.5% خلال العام المالي 2019/2020.
ويضغط تراجع الاحتياطي أكثر على الجنيه المصري أمام الدولار، في ظل أزمة نقص العملة الأجنبية القائمة، وهو ما يراه مراقبون دافعا لدي الحكومة المصرية نحو الإسراع في إنهاء مفاوضات صندوق النقد الدولي للحصول على القرض.
وبشأن الخلافات بين مصر والصندوق حول خفض قيمة الجنيه (و الذي سيؤدي الى ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري)، قال الخبير المصرفي، "بعد زيارة صندوق النقد، سيكون من مصلحة البلاد خفض قيمة الجنيه، لأن عكس ذلك سيعني اتساع الفجوة بين أسعار الدولار في السوق السوداء و الرسمية".


ورغم الإجراءات التي اتخذها سواء بتخفيض سعر الجنيه أو إغلاق شركات الصرافة المخالفة، فشل البنك المركزي المصري في تجاوز أزمة العملة الصعبة (الدولار الأمريكي) بسبب الهبوط الحاد في إيرادات البلاد منها سواء عبر قناة السويس أو مجال السياحة التي تضررت بسبب الظروف الأمنية في البلاد عقب ثورة 25 يناير 2011، وتراجعت أكثر عقب حادث سقوط الطائرة الروسية العام الماضي.


وأعلن البنك، يوم الأحد، أن البلاد من النقد الأجنبي تراجع بشكل كبير إلى 15 مليار و536 مليون دولار أمريكي، في نهاية يوليو بعد أن كان 17 مليار و546 مليون في نهاية يونيو.