بقرة..!

د. أسامة الأشقر





يحكي أحد رفقاء الدكتور عبد الرحمن السميط رئيس لجنة مسلمي إفريقيا ـ رحمه الله ـ في إحدى جولاته الإفريقية أنه التقى مرة بالدكتور رياك مشار في مدينة تنتشر فيها قبيلته الكبيرة "النوير" في جنوب السودان - ومشار يقود اليوم حركة التمرد على رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت من قبيلة الدينكا -، يسرد الراوي هذه القصة الطريفة:



سأل رياك مشار الدكتور السميط عن طبيعة جهوده، فردّ السميط بأنهم يعملون في مجال رعاية الأيتام وكفالتهم وتحصين الأطفال من الأمراض الخطيرة، كشلل الأطفال، ويقوم بحفر الآبار.. فكانت ردة فعل مشار سلبية جداً وقال له:

أنتم لا تعرفون احتياجاتنا؛ لأنكم لا تعرفون الهرم الاجتماعي للإنسان الجنوبي، فالمجتمع الجنوبي يتكون هرمه من أربعة عناصر وفق هذا الترتيب:

رب الأسرة ـ البقرة ـ البنت ـ الابن.



تعجّب السميط من هذا الترتيب فقال مشار:

البقرة هي مال الإنسان الجنوبي، وكلما زادت أبقارك زادت قيمتك، واستطعت التصرف في كل شؤون الحياة؛ لأنه وسيلة التبادل التجاري الوحيدة عندنا، فنحن لا نعترف بالمال في هرمنا الاجتماعي، وإذا توفر لدينا مال اشترينا به البقر، فنتزوج به ونفرح به، ونحزن به، ونكبر به.



أما البنات فهن أهم من الأبناء؛ لأن مهرها يدفع لأبيها بقراً، فهي وسيلة اكتساب البقر، وهذا البقر يذهب لأبيها وعائلتها وليس لها! فالبنت مصدر الثروة والثراء لأسرة!



أما الابن فهو ينفق الأبقار ليتزوج ويخرب بيتنا، فلذلك نخرب بيته بدفعه للقتال ضد القبائل المنافسة. فطلب الشيخ السميط أن يعرض فكرة قابلة للتنفيذ وفق فكرته الاجتماعية فقال مشار:

مشاريع تحصين الأبقار أفضل بكثير من مشاريع تحصين الأطفال!


منقوووول