الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي يعرفونه كما يعرفون أبناءهم




    قال الله تعالى :{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [ سورة البقرة الآية :146]، تدل الآية على أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعرفون محمداً - صلى الله عليه وسلم -كما يعرفون أبناءهم ، والقول بعودة الهاء في قوله تعالى : (يعرفونه ) على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - مروي عن ابن عباس - رضي الله عنه – [الإمام ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير1/158 ]،وقال به مجاهد وقتادة وغيرهما [الإمام القرطبي في تفسيره 2/162]، وهذه المعرفة لم تكن بسيطة ، بل كانت في أعلى مستويات المعرفة ، بدلالة هذه الآية الكريمة .
    ويبين قوة هذه المعرفة جواب عبد الله بن سلام - رضي الله عنه- وكان عالم اليهود وسيدهم ، أسلم بعد وصول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، وكان ممن بشر بالجنة - لسؤال عمر بن الخطاب رضي الله عنه – وهو من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وثاني الخلفاء الراشدين – ، حين سأله قائلا له : أتعرف محمدا -صلى الله عليه وسلم -كما تعرف ابنك ؟ قال : نعم ، وأكثر . بعث الله أمينه في السماء إلى أمينه في أرضه بنعته فعرفته ، وابني لا أدري ما كان من أمه .[ أورد الرواية عن عمر القرطبي في تفسيره 2/163 ] .
    فأهل الكتاب يجدون ذكر نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - في كتبهم التوراة والإنجيل ، قال الله – تعالى- في القرآن الكريم :{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [سورة الأعراف الآية: 157 ].





    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----
     
  2. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي رد: يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

    وهذا الذكر ، هل هو بالصفة فقط دون الاسم ، أو بالاسم والصفة ؟
    أمّا على فرض أنه بالصفة دون الاسم فقد ذهب ابن القيم – رحمه الله - بوجاهة ذلك وحصول الحجية به ، فقال : إن الإخبار عن صفته ، ومخرجه ، أبلغ من ذكره بمجرد اسمه ، فإن الاشتراك قد يقع في الاسم فلا يحصل التعريف والتمييز .[ انظر هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى للإمام ابن قيم الجوزية، تحقيق رضوان جامع رضوان ، ص 60 ] .
    ومن تأمل قصة قيصر الروم هرقل ، وما جعله يعترف بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم – من مطابقة صفاته لما يعرفه من البشارات التي جاءت بوصفه في التوراة ، والإنجيل خاصة ، فإنه يعلم ما لذكر الصفة من أثر في التعرف عليه ، فحين وصلت رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل يدعوه فيها إلى الإسلام ، جعل يبحث في مملكته عن من يأتيه بخبر وصفة هذا النبي الذي يدعوه للإسلام ، فظفر جنده بأبي سفيان بن حرب زعيم قريش وسيدها قبل أن يسلم ، وكان قد خرج في تجارة لقريش إلى الشام ، وذلك بعد صلح الحديبية ، فأدخل هو ومن معه على هرقل في قصره ، فأجلسهم بين يديه ،فقال :أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ فقال أبو سفيان : أنا .فأجلسوه بين يديه ،وأجلسوا أصحابه خلفه ،ثم دعا بترجمانه فقال :قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ،فإن كذبَني فكذِّبوه .قال أبو سفيان :وأيم الله ، لولا أن يؤثروا علي الكذب لكذبت، ثم قال لترجمانه : سله كيف حسبه فيكم ؟ قلت :هو فينا ذو حسب .قال :فهل كان من آبائه ملك ؟ قلت : لا .
    قال :فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : لا . قال : أيتبعه أشراف الناس أم ضعفاؤهم ؟ قلت : بل ضعفاؤهم . قال : يزيدون أو ينقصون؟ قلت : لا ، بل يزيدون . قال : هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟ قلت : لا . قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت: نعم .قال :فكيف كان قتالكم إياه ؟ قلت : تكون الحرب بيننا وبينه سجالا يصيب منا ونصيب منه .قال : فهل يغدر ؟قلت : لا ، ونحن منه في هذه المدة لا ندري ما هو صانع فيها ، ووالله ما أمكنني من كلمة أدخل فيها غير هذه .قال : فهل قال هذا القول أحد قبله ؟ قلت : لا . ثم قال لترجمانه : قل له إني سألتك عن حسبه ؟ فزعمت أنه ذو حسب ، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها . وسألتك هل كان في آبائه ملك ؟ فزعمت أن لا ، فقلت لو كان من آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك آبائه . وسألتك عن أتباعه من الناس أضعفاؤهم أم أشرافهم ؟فقلت بل ضعفاؤهم ، وهم أتباع الرسل . وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ فزعمت أن لا ، فعرفت أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على الله . وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه سخطة له ؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب . وسألتك هل يزيدون أم ينقصون ؟ فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حتى يتم . وسألتك هل قاتلتموه ؟ فزعمت أنكم قاتلتموه ،فتكون الحرب بينكم وبينه سجالا ينال منكم وتنالون منه ، وكذلك الرسل تبتلى ، ثم تكون لهم العاقبة . وسألتك هل يغدر ؟ فزعمت أنه لا يغدر ، وكذلك الرسل لا تغدر . وسألتك هل قال أحد هذا القول قبله ؟ فزعمت أن لا ، فقلت لو كان قال هذا القول أحد قبله قلت رجل ائتم بقول قيل قبله . ثم قال : بم يأمركم ؟ قلت: يأمرنا بالصلاة ،والزكاة ،والصلة ،والعفاف .قال :إن يك ما تقول فيه حقا ،فإنه نبي ، وقد كنت أعلم أنه خارج ! ولم أك أظنه منكم ! ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه ! ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه ! وليبلغن ملكه ما تحت قدمي !!





    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----
     
  3. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي رد: يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

    ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقرأه فإذا فيه :
    بسم الله الرحمن الرحيم
    من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى .
    أما بعد :
    فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ( و يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) .
    فلما فرغ من قراءة الكتاب ارتفعت الأصوات عنده ، وكثر اللغط ،وأمر بنا فأخرجنا.[رواه الإمام البخاري ح/4278 ]، فهذا دليل بين بأنهم كانوا يعرفون وقت خروجه ومكانه وأوصافه ، لكن حب الدنيا وحب الملك وخوف القتل صدت هرقل عن قبول الحق ، والإيمان به ، فأعلن رفضه له ، ولم يقف موقف الثبات الذي وقفه الأسقف الأكبر في مملكته – معنى الأسقف : رئيس دين النصارى - والذي أقر هرقل بأنه صاحب أمرهم .
    فقد أرسل هرقل بالكتاب إلى الأسقف واسمه ( ضغاطر ) ، فقال الأسقف: هذا الذي كنا ننتظر ، وبشرنا به عيسى ، أما أنا فمصدقه ومتبعه . فقال له قيصر: أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي . ثم قال الأسقف لرسول النبي صلى الله عليه وسلم دحية رضي الله عنه : خذ هذا الكتاب واذهب إلى صاحبك فأقرئ عليه السلام ،وأخبره أني أشهد أن لا إله الا الله وأن محمدا رسول الله ، وأني قد آمنت به وصدقته ،وأنهم قد أنكروا على ذلك .ثم خرج إليهم فقتلوه . فلما رجع دحية إلى هرقل قال له :قد قلت لك إنا نخافهم على أنفسنا ، فضغاطر كان أعظم عندهم مني .[ الإمام ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري 1/42-43 ]، فدعا هرقل عظماء الروم ، فجمعهم في دار له فقال : يا معشر الروم ، هل لكم في الفلاح والرشد آخر الأبد ،وأن يثبت لكم ملككم ،فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب ، فوجدوها قد غلقت ، فقال :علي بهم .فدعا بهم فقال :إني إنما اختبرت شدتكم على دينكم ،فقد رأيت منكم الذي أحببت .فسجدوا له ورضوا عنه [رواه الإمام البخاري ح/4278 ].





    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----
     
  4. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي رد: يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

    ومن هذا الحديث نقف على أمرين مهمين :
    أولا : أن بعث نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -بكتاب إلى قيصر دليل على عموم رسالته لجميع الناس ، عربهم وعجمهم ، أبيضهم وأسودهم ، قال تعالى :{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [سورة الأعراف الآية: 158] ، وقال تعالى:{ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }[ سورة الفرقان الآية: 1 ]، وحياته – صلى الله عليه وسلم – منذ بعثته ، وحتى وفاته شاهدة على عموم رسالته لجميع الناس ، فقد دعا اليهود في المدينة للإسلام ، وجاهدهم فأخرج بعضهم منها ، وقتل بعضهم ، وفي ذلك دليل على عموم رسالته ، ثم إنه دعا النصارى ، فناظر نصارى نجران ، ودعاهم للمباهلة ، وخرج لقتال النصارى في تبوك ، وبعث الكتب لكسرى ، وقيصر ، والمقوقس ، وغيرهم .
    إنه لم يفعل ذلك كله إلا لأنه رسول لكل الشعوب على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ، بل وللجن أيضا ، قال ابن تيمية – رحمه الله - مدللا على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم ، وأنه مبعوث إلى جميع الناس أهل الكتاب ، وغير أهل الكتاب ، بل إلى الثقلين الإنس والجن : إنه كان يكفر اليهود والنصارى الذين لم يتبعوا ما أنزل الله عليه ، كما كان يكفر غيرهم ممن لم يؤمن بذلك ، وأنه جاهدهم وأمر بجهادهم .[ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لشيخ الإسلام ابن تيمية 3/10 ] .
    أما الأمر الثاني :أن هرقل فقه مسألة مهمة ، وهي مسألة يتخذها المعاندون من أهل الكتاب ذريعة لصد الناس عن إتباع الحق ، وهي أن وصول كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إليه هو بلاغ لرسالته وإن كان بلغة العرب، فلم يرده ، ولم يرفضه ، بل بادر بترجمته ، وفهم معانيه ، وتحري الحق بحواره مع أبي سفيان ، وعرضه على علماء النصارى في مملكته ، وكذلك كان موقف ضغاطر أكبر علماء بلاده ، فلم يرفض الدعوة بحجة أن النبي عربي اللسان ، وهو للعرب خاصة دون غيرهم .
    وإن المتأمل اليوم لكثرة المسلمين في شتى بقاع الأرض ، ومن كل اللغات ، ومن كل الأجناس ليعلم أن هذه الرسالة عامة لكل العالمين ، وأن من يقول بخصوصيتها لأهل اللسان العربي ليعارض النصوص من الكتب السماوية الصريحة ، ويغمض عينيه عن ما يشهد به الواقع البشري اليوم ومن قبل ، منذ بعثة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا .





    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----
     
  5. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي رد: يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

    يقول ابن تيمية رحمه الله :أنزل عليه القرآن باللسان العربي ، كما أنزلت التوراة باللسان العبري وحده ، وموسى -عليه السلام - لم يكن يتكلم إلا بالعبرية ، وكذلك المسيح - عليه السلام - لم يكن يتكلم بالتوراة والإنجيل وغيرهما إلا بالعبرية ، وكذلك سائر الكتب لا ينزلها الله إلا بلسان واحد ، بلسان الذي أنزلت عليه ولسان قومه الذين يخاطبهم أولا ، ثم بعد ذلك تبلغ الكتب وكلام الأنبياء لسائر الأمم : إما بأن يترجملمن لا يعرف لسان ذلك الكتاب ، كما حدث في قصة الكتاب لهرقل وغيره من الملوك ، وإما بأن يتعلم الناس لسان ذلك الكتابفيعرفون معانيه ، وإما بأن يبين للمرسل إليه معاني ما أرسل بهالرسول إليه بلسانه ، وإن لم يعرف سائر ما أرسل به .
    فالحجة تقوم على الخلق ويحصل لهم الهدى بمن ينقل عن الرسول تارة المعنى ، وتارة اللفظ، ولهذا يجوز نقل حديثه بالمعنى ، والقرآن يجوز ترجمة معانيه لمن لا يعرف العربية باتفاق العلماء ، وأبناء فارس المسلمون لما اعتنوا بأمر الإسلام ، ترجموا مصاحف كثيرة ، فيكتبونها بالعربي ، ويكتبون الترجمة بالفارسية، وكانوا قبل الإسلام أبعد عن المسلمين من الروم والنصارى ، فإذا كان الفرس المجوس قد وصل إليهم معاني القرآن بالعربي وترجمته ، فكيف لا يصل إلى أهل الكتاب وهم أقرب إلى المسلمين منهم ؟! وعامة الأصول التي يذكرها القرآن عندهم شواهدها ، ونظائرها في التوراة والإنجيل والزبور ، وغير ذلك من النبوات، بل كل من تدبر نبوات الأنبياء ، وتدبر القرآن ، جزم يقينا بأن محمدا – صلى الله عليه وسلم - رسول الله حقا ، وأن موسى – عليه السلام - رسول الله صدقا ، لما يرى من تصادق الكتابين التوراة والقرآن ، مع العلم بأن موسى - عليه السلام - لم يأخذ عن محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وأن محمدا - صلى الله عليه وسلم -لم يأخذ عن موسى – عليه السلام - ، فإن محمدا - صلى الله عليه وسلم - باتفاق أهل المعرفة بحاله ،كان أُمّيِّاً ، قال تعالى : {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ }[ سورة العنكبوت الآية : 48 ]، ومن قوم أميين ،قال تعالى : {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }[ سورة الجمعة الآية : 2 ]، ولم يكن عندهم من يحفظ التوراة والإنجيل ولا الزبور ، وكان محمد -صلى الله عليه وسلم – مقيما بمكة لم يخرج من بين ظهرانيهم ، ولم يسافر قط إلا سفرتين إلى الشام ، خرج مرة مع عمه أبي طالب قبل الاحتلام ، ولم يكن يفارقه ، ومرة أخرى مع ميسرة في تجارته ، وكان ابن بضع وعشرين سنة ، مع رفقة كانوا يعرفون جميع أحواله ، ولم يجتمع قط بعالم أخذ عنه شيئا لا من علماء اليهود ولا النصارى ولا من غيرهم ، لا بحيرى ولا غيره ، ولكن كان بحيرى الراهب لما رآه عرفه ، لما كان عنده من ذكره ونعته ، فأخبر أهله بذلك ، وأمرهم بحفظه من اليهود ، ولم يتعلم لا من بحيرى ، ولا من غيره كلمة واحدة ، وقد دافع الله تعالى عن نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – في كتابه رداً على من يزعم تعليم البشر له بقوله : {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }[ سورة النحل الآية :103].ففي الآية تكذيب لهم ، لأن لسان الذي نسبوا إليه تعليم النبي – صلى الله عليه وسلم-أعجمي لا يفصح، والقرآن عربي غاية في الوضوح والبيان .





    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----
     
  6. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي رد: يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

    هذا مع أن في القرآن من الرد على أهل الكتاب في بعض ما حرفوهمثل : دعواهم أن المسيح - عليه السلام - صلب ، وقول بعضهم أنه إله ، وقول بعضهم أنه ساحر ، وطعنهم على سليمان - عليه السلام -وقولهم أنه كان ساحراً ، وأمثال ذلك ما يبين أنه لم يأخذ عنهم ، وفي القرآن من قصص الأنبياء - عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام - ما لا يوجد في التوراة والإنجيل ، مثل :قصة هود ، وصالح ، وشعيب وغير ذلك ، وفي القرآن من ذكر المعاد وتفصيله ، وصفة الجنة والنار ، والنعيم والعذاب ، ما لا يوجد مثله في التوراة والإنجيل .[ انظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 2/52، 54 ، 74 ، 78 ].
    كما أن اللسان العربي من أفصح لغات الآدميين ، وأوضحها ، والناس متفقون على أن القرآن في أعلى درجات البيان والبلاغة ، والفصاحة ، وفي القرآن من الدلالات الكثيرة على مقصود الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي يذكر فيها أن الله - تعالى - أرسله إلى أهل الكتاب وغيرهم مالا يحصى إلا بكلفة ..[ الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 1/371 ].
    وأما القول بأن ذكره بالاسم ورد في الكتب السماوية فيشهد له عدة أمور:
    أولا: تصريح القرآن الكريم بذلك،قال تعالى : {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُفَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ }[ سورة الصف الآية :6].
    ثانيا :تصريح بعض أهل الكتاب باسمه فيما كانوا يبشرون بهمن خروج نبي آخر الزمان ، فقد كان بعض العرب قد سمى ابنه محمدا طمعا في أن يكون النبي المنتظر لما سمعوه من التبشير بخروجه ، فقد خرج أربعة من بني تميم يريدون الشام وهم : عدي بن ربيعة ، وسفيان بن مجاشع ، وأسامة بن مالك ، ويزيد بن ربيعة ، فلما وصلوا الشام نزلوا على غدير ، فسمع حديثهم ديراني في صومعة له ، فأشرف عليهم الديراني فقال: إن هذه لغة ما هي بلغة أهل البلد .فقالوا :نعم ،نحن قوم من مضر .قال : من أي مضر ؟ قالوا : من خندف .قال :أما إنه سيبعث منكم وشيكا نبي ،فسارعوا وخذوا بحظكم منه ترشدوا ، فإنه خاتم النبيين .فقالوا :ما اسمه ؟ فقال :محمد .فلما انصرفوا من عنده ولد لكل واحد منهم غلاما فسماه محمد. [ المعجم الكبير للإمام الطبراني ح/273- ج 17/111 ].





    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----
     
  7. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي رد: يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

    ولما سمع أكثم بن صيفي التميمي بخروج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إليه ابنه ليأتيه بخبره ، فلما رجع ابنه ، قال له أكثم : ماذا رأيت ؟ قال :رأيته يأمر بمكارم الأخلاق ،وينهى عن ملائمها .فجمع أكثم قومه ، ودعاهم إلى اتباعه ،وقال لهم : إن سفيان بن مجاشع سمى ابنه محمدا حبا في هذا الرجل ، وإن أسقف نجران كان يخبر بأمره وبعثه ، فكونوا في أمره أولا ولا تكونوا أخرا. [ الإصابة في تمييز الصحابة للإمام ابن حجر 1/211 ].
    ثالثا : التصريح باسمه في النبوءات والبشارات في الكتب السابقة ، ومن ذلك :
    ما رواه برنابا عن عيسى - عليه السلام - من أنه صرح باسم محمد - صلى الله عليه وسلم - فمن كلامه عليه السلام : ( أن الله يعاقب على كل خطيئة مهما كانت طفيفة عقابا عظيما ، لأن الله يغضب من الخطيئة . فلذلك لما كانت أمي وتلاميذي الأمناء الذين كانوا معي أحبوني قليلا حبا عالميا ، أراد الله البر أن يعاقب على هذا الحب بالحزن الحاضر، حتى لا يعاقب عليه بلهب الجحيم . فلما كان الناس قد دعوني الله وابن الله ، على أني كنت بريئا في العالم ، أراد الله أن يهزأ الناس بي في هذا العالم بموت يهوذا ، معتقدين أنني أنا الذي مت على الصليب لكيلا تهزأ الشياطين بي يوم الدينونه . وسيبقى هذا إلى أن يأتي محمد رسول الله . الذي متى جاء كشف هذا الخداع للذين يؤمنون بشريعة الله ) [برنابا .22 – انظر البشارة بنبي الإسلام في التوراة والإنجيل لـ أحمد حجازي السقا 1/145 ].
    وجاء في مزامير داود عليه السلام قول داود - عليه السلام - : ( إن ربنا عظم محموداً )، وفي مكان آخر : ( إلهنا قدوس ومحمد قد عم الأرض كلها فرحا )[ المزامير (48، 67 ، 111 ، 118 )- انظر هداية الحيارى لابن قيم الجوزية ، تحقيق رضوان جامع رضوان ،ص95 ]، وهذا تصريح من داود - عليه السلام - باسمه ، وجاء في سفر أشعياء ، قول أشعياء معلنا باسم محمد صلى الله عليه مسلم : ( إني جعلت أمرك يا محمد بالحمد يا قدوس الرب ، اسمك موجود قبل الشمس ) [سفر أشعياء الإصحاح (21)، انظر هداية الحيارى لابن قيم الجوزية ، تحقيق رضوان جامع رضوان ،ص 98 ].





    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----
     
  8. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي رد: يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

    وهذه الشواهد تجعلنا نعطي لمحة مختصرة عن التوراة والإنجيل :
    يقول اليهود العبرانيون والسامريون والنصارى أيضا : إن التوراة عبارة عن خمسة أسفار هي: 1- التكوين 2- الخروج 3- اللاويين ( الأحبار ) 4- العدد 5- التثنية .
    ويقول العبرانيون والنصارى بكتب تسمى التوراة مجازا لأنبياء أتوا من بعد موسى – عليه السلام – ويسمونها ( كتب الأنبياء ) [ انظر البشارة بنبي الإسلام 1/54 ].
    وقد ترجمت من العبرانية إلى اللغة اليونانية عام 285 – 247 قبل الميلاد ، وقد قام بها اثنين وسبعين عالما من علماء اليهود ، ومن الزمان الذي ترجمت فيه التوراة إلى اليونانية ، انتشرت في العالم ، وظهرت ترجمات أخرى لها ، فصعب على اليهود تحريفها ، وزاد من صعوبة التحريف ظهور النصرانية ، وتمسك النصارى بالتوراة ، وتفرقهم بها في جميع البلاد ، وذلك لأنهم كانوا يكتبونها ويضعونها مع كتب الأناجيل الأربعة : 1- متى 2- يوحنا 3- لوقا 4- مرقس في كتاب واحد .
    ويسمون مجموع كتب التوراة والإنجيل ( بيبل ) باللغة اليونانية ، أو الكتاب المقدس ،
    أو كتب العهد القديم ( التوراة ) ، وكتب العهد الجديد ( الإنجيل ) .[ البشارة بنبي الإسلام 1/58-59 ].
    وحديثنا عن النبوءات عند أهل الكتاب ، يجعلنا نتساءل عن موقفنا منها ؟





    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----
     
  9. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي رد: يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

    ويبين ذلك الدكتور سفر الحوالي بقوله : وموقفنا من نبوءات أهل الكتاب هو نفس الموقف من عامة أحاديثهم وأخبارهم ، فهي ثلاثة أنواع :
    أولاً: ما هو باطل قطعاً :
    وهو ما اختلقوه من عند أنفسهم أو حرفوه عن مواضعه، كدعوى أن نبي آخر الزمان سيكون من نسل داود – عليه السلام -، وأن المسيح الموعود يهودي ، وطمسهم للبشارة بالإسلام ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ-، وعموماً هو كل ما ورد الوحي المحفوظ (الكتاب والسنة الصحيحة) بخلافه.
    ثانياً: ما هو حق قطعاً، وهو نوعان:
    أ ) ما صدقه الوحي المحفوظ نصاً، ومن ذلك إخبارهم بختم النبوة، وإخبارهم بنـزول المسيح - عليه السلام- ، وخروج المسيح الدجال، وإخبارهم بالملاحم الكبرى في آخر الزمان بين أهل الكفر وأهل الإيمان، ومن هذا النوع ما قد يكون الخلاف معهم في تفصيله أو تفسيره.
    ب) ما صدقه الواقع ، كما في صحيح البخاري عن جرير بن عبد الله - رضي الله تعالى عنه - قال: كُنت بـاليمن ، فلقيت رجلين من أهل اليمن :ذا كلاع و ذا عمرو فجعلت أحدثهم عن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال ذو عمرو : لئن كان الذي تذكره من أمر صاحبك؛ فقد مرَّ على أجله منذ ثلاث.- قال ذلك عمرو ، لأنه كان على إطلاع بكتب اليهود باليمن – قال جرير: وأقبلا معي حتى إذا كنا في بعض الطريق رُفِع لنا ركب من قبل المدينة ، فسألناهم، فقالوا: قُبِضَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واستُخلف أبو بكر والناس صالحون.
    فقالا: أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله، ورجعا إلى اليمن ، فحدثت أبا بكر بحديثهم ، فقال: أفلا جئت بهم . فلما كان بعدُ قال لي ذو عمرو : يا جرير ! إن بك عليَّ كرامة، وإني مخبرك خبراً، إنكم معشر العرب لن تزالوا بخير ما كنتم إذا هلك أمير تأمَّرتم في آخر، فإذا كان بالسيف كانوا ملوكاً، يغضبون غضبَ الملوك ويرضون رضا الملوك .[ رواه الإمام البخاري ح/4101 ، وانظر فتح الباري 8/76].
    ثالثاً: ما لا نصدقه ولا نكذبه:
    وهو ما عدا هذين النوعين، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ).[ رواه الإمام البخاري ح/ 4215].
    ومن ذلك إخبارهم عن الآشوري ورجسة الخراب وأمثالها، وكوننا لا نصدقه ولا نكذبه يعني: خروجه عن دائرة الاعتقاد والوحي إلى دائرة الرأي والرواية التاريخية التي تقبل الخطأ والصواب والتعديل والإضافة ، أي أن النهي لا يعني عدم البحث فيه مطلقاً، ولكنه بحث مشروط، وضمن دائرة الظن والاحتمال.[ انظر يوم الغضب هل بدأ بانتفاضة رجب؟ للدكتور: سفر الحوالي ] .





    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----
     
  10. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي رد: يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

    والحديث عن البشارات والنبوءات التي جاءت في التورات والإنجيل ، هو حديث عن علامة من علامات نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم - ، وفيه أداءٌ لحق البلاغ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما -أن النبي صلى الله عليه وسله - قال : ( بلغوا عني ولو آية ).[ رواه الإمام البخاري ح/ 3274 ]، فالله – تعالى – جعل سعادة البشرية في الدنيا ، وهدايتهم لكل خير في طاعته واتباعه ، قال تعالى : {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواوَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }[ سورة النور الآية :54 ]، وجعل نجاتهم في الآخرة متوقفة على اتباعه .قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما جئت به إلا دخل النار ). [رواه الإمام مسلم ح/153] .
    ولقد كان يُعجب النبيَّ - صلى الله عليه وسله - أن يسمع أصحابه قصص أهل الكتاب الدالة على نبوته ، كما ثبت ذلك في قصة إسلام سلمان الفارسي – رضي الله عنه - فبعد أن قص سلمان قصته على النبي - صلى الله عليه وسله - قال :فأعجب رسول الله - صلى الله عليه وسله - أن يسمع ذلك أصحابه رضي الله عنهم .[ أخرجه الإمام أحمد ( 5/441-444 )،قال شعيب الأرنؤوط ،و حسين الأسد في تحقيق سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي( 1/511 ) :رجاله ثقات وإسناده قوي ].
    والناظر في أسباب دخول الناس إلى دين الله أفواجا ، وإيمانهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وخاصة أكثر العرب الذين لم يكن لديهم علم بتلك البشارات ، يجد أنهم آمنوا لما تبين لهم من آيات وعلامات دلت على صدق نبوته - صلى الله عليه وسلم - بل إن أتباعه عليه الصلاة والسلام من العرب وغيرهم كانوا أكثر بعد موته ، مع عدم إطلاع غالبيتهم على البشارات والنبوءات ، وهم في تزايد مستمر ،وذلك لما رأوا من عدل ورحمة ويسر الشريعة التي جاء بها ، ولما وجدوا من حسن أثر دعوته في أتباعه على مر الأزمان ، ومن ذلك حسن أخلاقهم ،





    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----