قال الله تعالى :{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [ سورة البقرة الآية :146]، تدل الآية على أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى يعرفون محمداً - صلى الله عليه وسلم -كما يعرفون أبناءهم ، والقول بعودة الهاء في قوله تعالى : (يعرفونه ) على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - مروي عن ابن عباس - رضي الله عنه – [الإمام ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير1/158 ]،وقال به مجاهد وقتادة وغيرهما [الإمام القرطبي في تفسيره 2/162]، وهذه المعرفة لم تكن بسيطة ، بل كانت في أعلى مستويات المعرفة ، بدلالة هذه الآية الكريمة .
ويبين قوة هذه المعرفة جواب عبد الله بن سلام - رضي الله عنه- وكان عالم اليهود وسيدهم ، أسلم بعد وصول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، وكان ممن بشر بالجنة - لسؤال عمر بن الخطاب رضي الله عنه – وهو من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وثاني الخلفاء الراشدين – ، حين سأله قائلا له : أتعرف محمدا -صلى الله عليه وسلم -كما تعرف ابنك ؟ قال : نعم ، وأكثر . بعث الله أمينه في السماء إلى أمينه في أرضه بنعته فعرفته ، وابني لا أدري ما كان من أمه .[ أورد الرواية عن عمر القرطبي في تفسيره 2/163 ] .
فأهل الكتاب يجدون ذكر نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - في كتبهم التوراة والإنجيل ، قال الله – تعالى- في القرآن الكريم :{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [سورة الأعراف الآية: 157 ].