أخذت الأم تعد مائدة الطعام للغداء ،
تلك المائدة التي يجتمع عليها كل أفراد العائلة ولا يفوتها أحد منهم أبدًا مهما حصل ..
أخذت الأم تردد : هذا طبق أبا وليد ،
وهذا طبق وليد ابني الكبير ، وطبقا مروان ومريم توأماي الصغيران ،
ثم ... هذا طبقي .
اخذ أفراد العائلة يتوافدون على المائدة حتى اكتمل العدد .
بدأ أبا وليد: بسم الله .. بالهناء ، بدأت أيدي الصغيران تمتد نحو الطعام ،
بينما وجه الأب كلمه إلى
وليد - ابنه ذو الرابعة عشرة عامًا -:
ماذا فعلت في المدرسة اليوم يا وليد؟! أرجو ألا يشتكي أحد منك؛
فلقد تغيرت في تلك الأيام وبدأت الشكاوى تكثر منك ومن
أفعالك المستهترة ، ثم أردف الأب قائلاً : لقد كنت أظن أنك كبرت وأستطيع أن اعتمد عليك ..
ولكن !! المهم .. لماذا لا تأكل؟!
وأثناء الحديث كان وليد يطرق
بشوكته على الطبق – وكأنه لا يستسيغ الحديث- .
تدخلت الأم موجه الحديث لوليد أيضًا : ما هذا الذي ترتديه؟
وما تلك الألوان البشعة؟ ألم اختر لك أمس ما
ستلبسه ؟! أخذ الطرق يزيد ويعلو صوته ..
عاد الأب موجهًا الحديث لأبنه وهو يمسك بشعره :
وما ذاك الذي تضعه على شعرك ؟
– والطرق في ازدياد - ؛
وما تلك القصة الغريبة ؟! اترك الشوكة ولا تطرق على الطبق وأنا أكلمك ..
هنا تهوى يد الفتى على الطبق لتكسره ، وينتفض صائحًا : ماذا تريدون مني أنتما الاثنان؟!!
ألم تكتفيا مني بعد؟ تديرونا أموري وكأنها حياتكما أنتما لا حياتي ؛
افعل .. لا تفعل ؛ خذ ذاك .. دع هذا؛
حتى ألوان ملابسي تختارونها وقصة شعري ،
حيوان أنا أم جماد ..