لليوم الثامن والعشرين على التوالي يعتصم عشرات الألوف من العراقيين في الساحات والميادين للمطالبة بإطلاق سراح مئات النساء العراقيات اللواتي يقبعن في سجون نوري المالكي ويتعرضن للتعذيب النفسي والبدني؛ حتى بات من المتعارف عليهوفي العاصمة البريطانية لندن احتشد عشرات العراقيين أمام سفارة بلادهم احتجاجا على تعرض الأسيرات للاغتصاب، مرددين هتافات بسياسات المالكي، حاملين لافتات تندد بإهانة النساء العراقيات.وخلف قضبان السجون والمعتقلات تقبع مئات النساء اللواتي كتبن بدماهن على جدران الزنازين عبارات تعكس انقطاعهن عن الدنيا في عالم منعزل، لا يلجأن إلا إلى الله تبارك وتعالى، إليه يجئرون بالدعاء ليكشف ما بهن من ضر، ويعبرن عن آلامهن وآمالهن من قبيل بكتابة عبارات "اللهم اكفنيهم بما شئت وكيف شئت" ، "اللهم أنت حسبنا ونعم الوكيل"وعلى الرغم من محاولة حكومة المالكي إخفاء الحقائق والتنصل من الفضائح التي انكشفت على الملأ، لكن حجم الانتهاكات كان أكبر من أن يستتر، لا سيما بعد أن أكد الشيخ الدكتور حارث الضاري الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق أن أكثر من خمسة آلاف امرأة ما زلن يقبعن في السجون الحكومية وليس (400) كما يزعم عملاء ومرتزقة المالكي، وان هناك (500) معتقلة عراقية في سجن الكاظمية وحده، أنجب الكثير منهن في السجون نتيجة الانتهاكات وعمليات الاغتصاب التي اقترفها جلاوزة المالكي ضدهن.وأشار الشيخ الضاري إلى أن رئيس الحكومة الحالية لا يريد أن يطلق سراح المعتقلات خشية افتضاح الجرائم الوحشية والممارسات التعسفية التي تعرضن لها في سجونه سيئة الصيت. موضحا ان المالكي كان قد قال قبل أيام ان جميع المعتقلات "إرهابيات" وبالأمس يقول تم اعتقالهن بدلا عن أولياء أمورهن، او بلا أوامر قضائية !!؟؟، وهذا ما يضاعف مسؤوليته الشرعية والقانونية باعتباره القائد العام للقوات المسلحة الحالية، ولذلك فان إطلاق سراح عشرة او عشرين أو مائة أو مائتين أو ثلاثة، لا يكفي ولا يتناسب مع مطالب المتظاهرين المشروعة.مشددًا على أن التظاهرات والاعتصامات التي تشهدها حاليا معظم المدن والمحافظات العراقية لم تكن طائفية، بل هي تظاهرات تمثل كل الشعب العراقي ، ومطالب المشاركين فيها لكل المظلومين ومن كل الفئات، وبالرغم من ان اغلب المعتقلين في سجون المالكي من فئة واحدة، الا ان المتظاهرين يطالبون باطلاق سراح جميع المعتقلين رجالاً ونساءً والذين يعدون بمئات الآلاف.

جيوش الأرامل

ولا تقتصر معاناة المرأة العراقية على ذلك فحسب بل إن الحروب المتواصلة لأهل هذا البلد جيشا من الأرامل ارتفع إلى نحو مليون أرملة حسب تقديرات وزارة المرأة العراقية، بدأت مشكلاتهم مع الحرب الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي والتي خلفت عشرات الآلاف من النساء الأرامل، بعد ذلك بدأت حرب الكويت1991، ثم الاحتلال الأمريكي للعراق
.
وأشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن بلوغ العنف الطائفي ذروته في عام 2006 قد أسفر عن 100 أرملة يوميا، وكان القتل حينئذ على الهوية، إذ كانت الميليشيات تقتل الشخص لمجرد تسميه باسم عمر أو عائشة.ونظرا للعدد الكبير من الأرامل، لا تقدم الحكومة العراقية سوى الحد الأدنى من المساعدة التي لا تزيد عن 80 دولارا شهريا لأولئك اللاتي أصبحن أرامل في الصراع الأخير.وتقول نورية خلف التي أصبحت أرملة منذ أربع سنوات، "توقعنا أن نتلقى مساعدة أكبر من جميع الأطراف سواء من الأمريكيين أو الحكومة العراقية، ولكن الحقيقة هي نه لا أحد يهتم بنا".وتشير الصحيفة إلى أن مخيم الأرامل -الذي يضم بيوتا متنقلة قرب بغداد و تشرف عليه الحكومة- يمثل تحديا اجتماعيا يصعب حله، ولا سيما أن عدد النساء يفوق عدد الرجال في العراق وهو ما يعقد الفرص لزواج الأرامل.

تشوهات الأجنة

ومن أشد الابتلاءات كذلك مسألة تشوه الأجنة والتي عزاها الباحثون إلى استخدام الاحتلال الأمريكي للذخيرة التي تحتوي على اليورانيوم المنضب إبان غزوه للعراق؛ الأمر الذي جعل أهل الفلوجة يعزفون عن الإنجاب من الأساس، كما أفاد مسؤول هيئة علماء المسلمين العراقية حامد الخزرجي بأن سكان الفلوجة أصبحوا يفضلون عدم الإنجاب بسبب التشوهات التي تصيب الأجنة في المنطقة التي ضربتها قوات الاحتلال الأمريكية بأسلحة محرمة دوليًا، ولا تزال تشوهات الأجنة تحدث حتى اليوم
.
وتعليقًا على تقارير غربية أكدت تزايد معدلات تشوه الأجنة بالفلوجة قال الخزرجي : إن هذا الأمر حقيقي وليس مبالغًا فيه فالقضية مرعبة بسبب ما ضرب به العراق من سلاح كيماوي محدودة أو بيولوجي محدود أو الفسفور الأبيض وهذه أسلحة محرمة دوليًا.وفي هذا الصدد أكدت مجلة "دير شبيجل" الألمانية أن مواليد البصرة والفلوجة سجلوا زيادة ملحوظة في حالات التشوه والإصابة بالسرطان، وذكر شهود عيان ما وصفوه من رؤية مخلوقات، بعضها بعين واحدة أو برأسين أو بذيل، أو أطفال بهيئة كاملة، لكنهم يحملون وجوه قرود، أو أطفال إناث التحمت أقدامهن فيما يشبه جذع السمكة، بينما كان النصف العلوي لهن على هيئة آدمي، وغير ذلك من عجائب التشوهات الخلقية.وأرجعت المجلة السبب إلى استخدام قوات الاحتلال الأمريكية اليورانيوم المنضب بطريقة وحشية ضد أبناء الشعب العراقي؛ لأن هناك ارتباطاً وثيقا بين الإصابة بالسرطان والتعرض للإشعاعات العالية الناتجة عنه.وأخيرا ..فالعراق بلد منكوب، وهو البوابة الشرقية للعالم العربي، ونساؤه لهم على سائر العرب والمسلمين حق النصرة والعون ضد من استباح أعراضهم وقتل أطفالهم، فهل يستجيب العالم الحر ويغيث من يستغيث؟

منقول