السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د/ خالد سعد النجارقال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر:10]
{من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً} من كان يريد أن يكون عزيزا في الدنيا والآخرة، فليلزم طاعة الله، فإنه يدرك بذلك ما يريد، لأن الله مالك الدنيا والآخرة، وله العزة جميعا. والله تعالى يقبل طيب الكلام ( كالتوحيد والذكر وقراءة القرآن ). والعمل الصالح الذي أخلص العبد فيه النية يرفع الكلم الطيب إلى الله، ليثيب العبد عليه ( أو والله يرفع العمل الصالح فيقبله ) أما العمل الذي لا إخلاص فيه فلا ثواب عليه. والذين يمكرون المكر السيء بالمسلمين، ويعملون ما يسيء إليهم، وما يضعف أمرهم ويشتت جمعهم ويفرق كلمتهم، فإن الله يعذبهم عذابا أليما ومكرهم يذهب ويضمحل، ولا يحقق غرضا، لأنه سينكشف عما قريب. (1)
{من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً} فلْيَطلُبْها من الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله فإن العزة لله جميعاً فالعزيز من أعزه الله والذليل من أَذَله الله، إنهم كانوا يطلبون العزة بالأصنام فاعلموا أن من يريد العزة فليطلبها من مالكها أما الذي لا يملك العزة فكيف يعطيها لغيره إن فاقد الشيء لا يعطيه. وقوله { إليه يصعد الكلم الطيب } أي إلى الله يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه إلى الله تعالى، فإذا كان قول بدون عمل فإنه لا يرفع إلى الله تعالى ولا يثيب عليه، وقد ندد الله تعالى بالذين يقولون ولا يعملون فقال: { كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون }. وقوله { والذين يمكرون السيئات } اي يعملونها وهي الشرك والمعاصى { لهم عذاب شديد } هذا جزاؤهم، { ومكر أولئك هو يبور } أي ومكر الذين يعملون السيئات { هو يبور } اي يفسد ويبطل. (2)
قال الزمخشري: كان الكافرون يتعززون بالأصنام، كما قال عز وجل: { واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً } والذين آمنوا بألسنتهم من غير مواطأة قلوبهم كانوا يتعززون بالمشركين، كما قال: { الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم فإن العزة لله جميعاً } فبين أن لا عزة إلا لله ولأوليائه وقال: { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } انتهى.
ولا تنافي بين قوله: {فإن العزة لله جميعاً} وإن كان الظاهر أنها له لا لغيره، وبين قوله { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين } وإن كان يقتضى الاشتراك، لأن العزة في الحقيقة لله بالذات، وللرسول بواسطة قربه من الله، وللمؤمنين بواسطة الرسول. فالمحكوم عليه أولاً غير المحكوم عليه ثانياً. (3)
قال الحسن: يعرض القول على الفعل، فإن وافق القول الفعل قبل، وإن خالف رد. وعن ابن عباس نحوه، قال: إذ اذكر الله العبد وقال كلاماً طيباً وأدّى فرائضه، ارتفع قوله مع عمله؛ وإذا قال ولم يؤدّ فرائضه، رد قوله على عمله؛ وقيل: عمله أولى به. (4)