الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي ~ بركة العلم ~




    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    بسم الله الرحمن الرحيم

    كعادة أي باحث عندما يريد الشروع في بحث ما ..

    وخلال استقرائه لمادة بحثه ..

    تستوقفه بعض السطور ..

    تجبره على إعادة قراءتها المرة تلو الأخرى!
    لجمالها تارة... ولثرائها تارة

    وأحياناً ...
    .
    .
    أترككم مع النصّ الذي استوقفني لنتأمّله معاً




    يصف لنا السبكي ~ شيئاً من تديّن الإمام الماوردي* ~ومجاهدته لنفسه في طلب الإخلاص

    من خلال نقله لحادثة حكاها الماوردي عن نفسه

    حيث قال:

    «ومما أنذرك به من حالي أني صنفت في البيوع كتاباً،

    جمعته ما استطعت من كتب الناس، وأجهدت فيه نفسي، وكددت فيه خاطري،

    حتى إذا تهذّب واستكمل،

    وكدّت أعجب به،

    وتصورت أني أشد الناس إضطلاعاً بعلمه،

    حضرني وأنا في مجلسي أعرابيان ،
    فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروطٍ تضمنت أربع مسائل،

    ولم أعرف لشيءٍ منها جواباً !!

    فأطرقت مُفكراً، وبحالي وحالهما مُعتبرًا،

    فقالا: أما عندك فيما سألناك جواب، وأنت زعيم هذه الجماعة؟!

    فقلت: لا ، فقالا: إيهاً لك !
    وانصرفا، ثم أتيا من قد يتقدّمه في العلم كثيرٌ من أصحابي،

    فسألاه، فأجابهما مُسرعاً بما أقنعهما،

    فانصرفا عنه راضيين بجوابه حامدين لعلمه

    - إلى أن قال-

    فكان ذلك زاجر نصيحة ونذير عظة،

    تذلل لهما قياد النفس وانخفض لهما جناح العجب»*


    /

    /


    قلتُ: إيهاً ... ثُمّ إيهاً لكِ يا نفس !!

    من مثل هذه المواقف اعتبري؟!
    حُقّ لكِ اليوم أن تنعي نفسكِ وتبكِ !!
    /
    /
    سهى الإمام عن مسألة .. قد حرّرها وحبّرها !
    خانته ذاكرته..

    ذُهل عن حلّ الإشكال
    ثمّ
    أطرق مُفكراً ... وبحاله مُعتبراً

    تلقى اللوم من الأعرابيين بصدرٍ مشروح !
    مُقرّاً أياهما على ما أبدياه من انتقادٍ لاذع !

    ثمّ

    يجد السائلان الإجابة عند شخصٍ أقلّ منه علماً
    وربّما فضلاً

    وما أجمل تعريضه بنفسه عندما قال:
    ( ثمَّ أتيا من قد يتقدّمه في العلم كثيرٌ من أصحابي)
    فلمّ يُفضّل نفسه ..

    ولم يُصرّح بمكانته ومنزلته !
    ثمّ
    رضي الأعرابيان وانصرفا ...

    فقد نفع العلم القليلُ صاحبه !!

    .
    ومن استكثر منه ...

    حتى أعجبه.. وظن أنّه أكثر الناس اضطلاعاً به...

    كان أجهل الناس به وقت حاجته إليه!!
    .
    .

    لذلك قال -رحمه الله-:
    فكان ذلك زاجر نصيحة ونذير عظة،

    تذلل لهما قياد النفس وانخفض لهما جناح العجب


    /
    /

    ما أكثر ما مرّ بنا من مواقف مُشابهة..

    أظهر الله لنا فيه عجزنا وضعفنا وقلّة حيلتنا واختلاط بضاعتنا
    فكيف تعاملنا مع هذا الأحوال ؟!
    أطرقنا ملياً واعتبرنا في كلّ من حولنا لنرمي عليهم تبعة هذا الضعف إلا أنفسنا!!
    الظروف.. الأسرة .. المجتمع ... البيئة العلمية
    لا شكّ أنها عناصرمؤثرة .. ولكن
    ( بل الإنسان على نفسه بصيرة .. ولو ألقى معاذيره )
    ..
    إن بركة العلم إذا استقرّت لا تزعزعها صوارف الأيام وتقلبات الليالي





    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----
     
  2. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي Re: ~ بركة العلم ~

    لذلك كان لا بد أن نُفتّش في داخلنا عن أسباب ضياع هذه البركة
    وما ترتب على ذلك من أثرٍ على ضعف تحصيلنا العلمي وقبل ذلك سلوكنا وأخلاقنا !

    /
    /


    كثيراً ما تعرّضنا للنقد ...!!
    وقد لا يكون لا ذعاً ... !!
    ولم يكن من أعرابٍ حفاةٍ جفاةٍ اضطرتهم الحاجة إلى السؤال ...!!
    ولسنا -بلا شك- أئمة أعلام ... تسير بذكرنا الركبان ...!!

    فكيف تعاملنا مع هذا الأحوال ؟!
    مقابلة الصياح بالصياح ... أو السكوت كبرياءً وأنفةً

    ويظلّ هذا النقد يعتمل في النفس وربّما خرج على صورٍ لا يرضاها الله ولا تليق بطالب العلم
    وليتنا جرّبنا ولو لمرّة أن نترك للخصم فرصة التعبير دون مقاطعة
    وأن يكون حوارنا الحقيقي مع النفس -كما فعل الماوردي رحمه الله-
    ولا يعني ذلك المناداة بقبول النقد على علاته
    ولكن لا بد من النظر في مخرج هذا النقد !!
    لا من حيث أتى .. ولكن لماذا وكيف !


    ولـ نتذكر ..

    أن النقد السديد يبني .. والنقد السقيم لا يضرّ
    فمن الحُمق تضييع الأول ... وإشغال النفس بالثاني
    فالعمر أشحّ من أن يضيع في المهاترات
    ورحم الله الماوردي وغيره من علمائنا

    فلو أشغلوا أنفسهم بما أشتغلتنا به اليوم لما ألّفوا وصنّفوا ..
    فانظروا ماذا قدّمنا ... وماذا قدّموا
    والله المستعان


    /

    /

    كثيراً ما سُفّه رأينا ...

    ورُبّما فُضّل علينا من نراه أقلّ منّا -وِفق معاييرنا الدنيوية البالية بلا شك-
    كيف تعاملنا مع هذه الأحوال؟!
    نضع المفَضِّل في دائرة الإتهام ...

    ونرشقه بسهام سوء الظنّ ، أو نقص الحكمة ، أوسوء التصرف ، أو...
    أمّا المُفضَّل فذاك له شأنٌ آخر ..

    وربّما تدخّل الحسد في تشكيل الموقف
    لكن لو نظرنا إلى هذه المواقف بعين الماوردي -رحمه الله-
    وكيف قاس الأمور بمعيار الآخرة!
    واعتبر ما جرى تفضيلاً من الله جل وعلا لهذا المسؤول .. لا تفضيل بشر!
    فلعله كان لله أخلص.. ولدينه أقوم .. وإن كانت بضاعته من العلم أقلّ!

    فرُبّ علمٍ قليل، وإدراكٍ يسير، نفع الله به صاحبه، ونفع النّاس به
    ورُبّ علمٍ غزير، وذكاءٍ مُنقطع النظير، كان وبالاً على صاحبه!!
    ..
    إنّ تخليص النفس من عنجهيتها وحبّها للهيمنة

    وزجرها ووعظها فنٌ لا يتقنه إلا العظماء

    ..
    وداء العُجب .. أخطر ما يكون ظهوراً في هذه المحكات
    فالله الله في المدافعة ..

    فالبضاعة مهما غلت ثمناً ، وعزّت قيمةً

    فهي معرضة للكساد إذا اعترضتها بعض الآفات
    والعلم كذلك ... نسأل الله السلامة


    /

    /

    ختاماً ...


    أعلم الناس هم أكرم النّاس خلقاً
    أعلم الناس هم أرحم النّاس ، وأرقّهم أفئدةً
    فالخلق القويم والسلوك الرّاقي سمة أهل العلم
    ومكارم الأخلاق هدفٌ من أهداف الرسالة
    (إنّما بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق )
    لكن في غمرة الحياة المدنية ضاع جزءٌ من هذه الأخلاقيات حتى بين طلاب العلم أنفسهم
    فانحصر جانب حسن الخلق في التعامل الشكلي

    واختزل معناه وتقوّلب في (برستيجات) العصر الحديث
    أما محكاته الحقيقية..

    ومواطن كسب الأجر والتقرّب به إلى الله -جل وعلا-
    فألفيتها غائبة عن واقعنا -إلا من رحم ربي-

    ..

    فأين تلمّس مواطن الحاجات والسعي في قضائها ؟!
    أين إغاثة الملهوف .. وإعانة الكلّ ؟!
    أين شعور الجسد الواحد ؟!

    أين احترام الكبير ... والرحمة بالصغير ؟!
    أين .. وأين ...وأين ...؟!

    إن الخطورة .. كلّ الخطورة أن يتسلّل هذا الأمر بين صفوف طلاب العلم
    ويصبح العلم صُحُفاً تُتلى، ولا يُنزّل على الواقع سلوكاً وعملاً!
    ويكون المعوّل في العلاقات المنافع الشخصية .. والمصالح المتبادلة !

    هنا أقول: ربُما الجهل -رغم بشاعته- يُقلّل علينا التّبعة ، ويُخفّف اللوم!
    والله المستعان

    :

    :
    :
    عذراً ..


    جرى القلم وليس من عادته!
    لكن كانت وقفات نحتاج من خلالها إلى التأمّل والتفكر

    فطريق العلم طويلٌ طويلٌ
    يتخلله منعطفات خطيرة ورُبّما مُظلمة لا يسبقها تنبيه ولا تحذير
    قد تنعدم الرؤية فيها تماماً !
    وخير ما نستأنس به في طريقنا بعد كتاب ربنا وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم-
    سير سلفنا الصالح وما تخللها من مواقف ندية.. وإشارات تربوية

    والإفادة من هذه الإضاءات في حياتنا العلمية والعملية








    اختكم أم عبدالعزيز

    .................................................. .................................................. ............



    * الماوردي: الفقيه .. المفسّر ...أحد الأعلام، من أعيان الشافعيةالكبار، وأول من لُقّب بقاضي القضاة، صاحب التصانيف الكثيرة،

    منها: الحاوي الكبير، الذي حوى أصول الفقه الشافعي، قال عنه ابن خلكان: «لم يطالعه أحد إلا وشهد له بالتبحّر والمعرفة التامة بالمذهب»

    وكذلك الإقناع، يقول الماوردي عن كتابيه: «بسطت الفقه في أربعة آلاف ورقة، واختصرته في أربعين»

    يريد بالمبسوط: «الحاوي»، وبالمختصر: «الإقناع» ثمّ النكت والعيون، وغيرها كثير.. المطبوع منها والمخطوط والمفقود!



    * طبقات الشافعية للسبكي (5 / 268).










    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----