ونحن نلحظ من بعض الفضلاء الذين حولناوهم كُثر أنه من حرصهِ أجزل الله مثوبتهُ على تربية ابنهِ أنهُ إذا سافر بعضهم يتصل بأولاده ليطمئن أنهم أقاموا صلاة عظيمة كصلاة الجمعة وهذا حق ومسئولية لكن يُمكن أن تتأكد أنهم صلوا الجمعة من غير أن تجرحهم .
أما بعض الفُضلاء يسأل ابنه ليتأكد ماذاقال الخطيب ؟! .
أنت جعلت ابنك أمام خيارين : إما أن يتجرأ ويقول لم أذهب ، وإما أن يكذب .
وكلا الحالتين أقررتهُ على خطأ لكن مثل هذه الأمور تغفل عنها ولا يعني ذلك أبداً ـ لا يقول بهذا عاقل ـ أن تترك تربيتهم لكن بطريقةٍ أُخرى تُقنعهُ تُبين لهُ أهمية صلاة الجمعة من غير أن تجعل المسألة بينك وبينهُ بهذا الطريقة .
لأن السؤال أيها المبارك على نحوين :
سؤال اتهام لا يقبلهُ حُر .
وسؤال استفهام هذا أمرٌ مفتوح : تُقابلني ولا أعرفك عادل وقابل صالح أين طريق المسجد النبوي ؟ خُذ يمين واتجهِ يسار ، هذاسؤال استفهام .
أما إن يأتي أحد إلى شخصٍ أكبر منه أو دونهُ ويسألهُ سؤال اتهام ويُريد إجابة فالحُر الأبي هُنا لا يُجيب لأنه لا يُوجد أحد يقبل أن يُسأل أسئلة اتهام وليس من التربية في شيءأن تسأله أسئلة اتهام .
من تحبه علّقه بالله وأول طرائق أن تُعلقهُ بالله أقطع طرائق تُعلقهُ بك لأنهُ ما دام مُتعلقاً بك لن يكمل تعلقهُ بالله لكن ابدأ بأن تُعلقهُ بالله .
قد يقول قائل : كيف اطمئن عليهم ؟ممكن أن تقول ـ حتى تُبين له فضل صلاة الجمعة وعظيمها ـ " أنا يا بُني الآن في سفرتقول له ـ المعذره حتى صوتي فيهِ بحه ـ والله أنني متعب لكن تعرف يا بُني أن هذه صلاةجمعة ما في عاقل يترك صلاة الجمعة رحتها وأنا في سفر متعب جداً حتى من أعرفهم لم يمروا علي ولم يأتوني وذهبت لأن ما في مسلم يترك صلاة الجمعة فصليت وجيت ، أنتم كيف أنتم كيف أموركم " .
ثق تماماً أن الرسالة وصلت وسيُجلّك لأدبك
وسيأتي في أيامهِ القادمة يخشى أن تتطلع عليهِ على عورة أو مثل بة فيقول في نفسهِ إن لم يكُن صلى الحمد لله الذي ستر علي ولم يسألني أبي أصليت أم لم أُصلي فيتداركها فيما أتى ، أما إن تجرأ اليوم وكذب فإن السيئة تقول أختي أختـي سيأتي بكذبات بعدها وإن تجرأ اليوم وقال لم أُصلي فإذا انتصر عليك وبينك وبينهُم فازات ماذا ستفعل به أكثر من أن توبخهُ وتعنفهُ في الهاتف دقائق ساعات ثم لا يلبث أن تضع سماعتك فيُصبح الشيء الذي يخشاه قد وقع وإذا وقع على المرء الشيء الذي يخشاه لا يضرهُ بعد ذلك أي شيء . فإن من يخشى منك أن تصفعهُ لا يزالُ منحنياً فإذا صفعتهُ ماذا يحصل ؟ رفع رأسهُ .
أيُتها النفس أجملي جزعَ *** إن الذي تخشين قد وقعَ
هذا استطراد في قول الله تبارك وتعالى: (( قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ))والكلام عن اليتامى وتربيتهم تكلمنا فيهِ كثيراً لكن هذا منهج قرآني نُدين الله جل وعلا به .
المصدر : برنامج محاسن التأويل (( سورة البقرة )) .