ما جاء عن السلف في فضل الصحابة ومعرفة أقدارهم
1 - روى ابن ماجة عنْ نُسَيْرِ بْنِ ذُعْلُوقٍ قَالَ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ : لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ e
، فَلَمَقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمْرَهُ (1) .
2 – روى مسلم عن الْحَسَنُ أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ e - دَخَلَ عَلَى
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالَ : أَيْ بُنَيَّ ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ
اللَّهِ e يَقُولُ : " إِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطَمَةُ فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ " ؛ فَقَالَ لَهُ : اجْلِسْ ، فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ e . فَقَالَ : وَهَلْ كَانَتْ لَهُمْ
نُخَالَةٌ ؟! إِنَّمَا كَانَتِ النُّخَالَةُ بَعْدَهُمْ وَفِى غَيْرِهِمْ (2) . والنخالة هنا استعارة من نخالة الدقيق وهي
قشوره ، يعني : لست من فضلائهم وعلمائهم وأهل
المراتب منهم ، بل من سقطهم ؛ وقوله t : ( وهل كانت لهم نخالة ؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم ) هذا من جزل الكلام وفصيحه وصدقه الذي
ينقاد له كل مسلم ، فإن الصحابة y هم صفوة الناس وسادات الأمة ، وأفضل ممن بعدهم ، وكلهم عدول ، قدوة ، لا نخالة فيهم ، وإنما جاء التخليط
ممن بعدهم ، وفيمن بعدهم كانت النخالة (3). هذا من جزل الكلام وفصيحه وصدقه الذي ينقاد له
كل مسلم ، فإن الصحابة y هم صفوة الناس ،
وسادات الأمة ، وأفضل ممن بعدهم ، وفيمن بعدهم كانت النخالة .
3 - عن أبي أراكة قال : صلى عليٌّ t الغداة ، ثم لبث فيمجلسهحتىارتفعتالشمس قيد رمح ، كأن عليه كآبة ؛ ثم قال : لقد رأيت أثرًا من أصحاب رسول الله e ، فما أرى أحدًا
يشبههم ، والله إن كانوا ليصبحون شعثًا غبرًا صفرًا ، بين أعينهم مثل ركب المعزى ، قد باتوا
يتلون كتاب الله ، يراوحون بين أقدامهم وجباههم ، إذا ذُكر الله مادوا كما تميد الشجرة
في يوم ريح ، فانهملت أعينهم حتى تبل والله ثيابهم ؛ والله لكأن القوم باتوا غافلين (4) .
4 - عن أيوب السختياني قال : من أحب أبا بكر فقد أقام الدين ، ومن أحب عمر فقد أوضح السبيل ، ومن أحب عثمان فقد استنار بنور الله ، ومن أحب عليًّا فقد استمسك بالعروة الوثقى ؛ ومن قال الحسنى في أصحاب رسول الله e فقد برئ من النفاق (5) .
ولإسحاق بن خلف الشاعر :
إني رضيت عليًّا قدوة علَمًا ... كما رضيت عتيقًا صاحب الغار
وقد رضيت أبا حفص وشيعته ... وما رضيت بقتل الشيخ في الدار
كل الصحابة ساداتي ومعتقدي ... فهل عليَّ بهذا القول من عار
(1) رواه أبن أبي شيبة ( 32415 ) ، وابن ماجه ( 162 ) ، وحسنه الألباني .
(2) مسلم ( 1830 ) .
(3) انظر ( شرح النووي على مسلم ) : 12 / 316 .
(4) حلية الأولياء : 1 / 76 ، و( مقتل علي ) لابن أبي الدنيا ( 6 ) .
(5) انظر ( تاريخ مدينة دمشق ) لابن عساكر : 42 / 530