هذه الصورة بحجم اخر انقر هنا لعرض الصورة بالشكل الصحيح ابعاد الصورة هي 800x600 الابعاد 60KB.

عَلَت يَدَاهُ.. حتّى كادتْ تَخمشُ وَجْهَ السّماواتِ!

لَمْ يَكُن يَعْرفُ؛ أنّ الوجعَ يَنْمو ويكبرُ في روحه، حتى يُطْبق عليه بكلّ حوافرهِ الحديدية ساعةَ الفَجْر.

لمْ يَكُن على موعد مع تحمّل أيّ عَاهة أخرى في وجْهِ روحهِ التي أثكلتها دُروبُ الشّوقِ الموحشة.

لم يَكنْ عَقلُه مُؤهَّلًا للتفكير.. حتّى في نفسِهِ؛ التي طالما باتَ يحضُنُها، ويحضنُ تَعَبها اللانهائيّ !

كان دائمًا ما يستاءل : لماذا الوجعُ يحدّد بَوْصَلتَه إلى ساعةِ الفجرِ دونَ غيرها؟!

لماذا الوجعُ يفغرُ فاهُ عن أنيابه الموحشة في غَلَسِ الفجرِ؛ لينهشَه.. دون أن يبصره أحد.. يسمعُ لأنينه أحد.. ينظرُ لأشيائه التي ينزفها ببذخٍ أحد..؟!

هل لأن روحه وجبةٌ شهيّةٌ تَفطرُ عليها الأنياب.. ثمّ تتركُ عظامها مُلقاةً على قارعة الضحى، يعبثُ بها ذباب الشّوق الذي يحبّ دمه كثيرًا!

كثيرًا ما قال هذه العبارة:"ما أشهانيّ!!".

أم لأن الأرواح المُتعبة، تُدركُ مَدى شقائها مع أول بَصيصٍ يتسربُ من قُمْرتها.. فيريد أن ينهكها أكثر وأكثر؟!

أم لأن الوجعَ يُريدُ أن يفقدنا قيمةَ الضوءِ الطليق؟

أسئلةٌ ثَكْلى كثيرة، كانتْ تَنْبتُ على لسانهِ.. لسانِه الذي لم يفتأ يترتّل باسمها في أودية الليل، حيثُ الرّيح تعبثُ بوريقاتِ الشّجر.. وترقصُ تحتَ قَدميه!

لكنّ خريفَ صَبْرِه ، كان ينهبُ زرعَ أسئلته من على لسانهِ..

تموتُ الفوانيسُ في روحه، ويجفّ الدمُ في حنايا عروقه، ويَبْلى الدمعُ في عينيه.. ياإلهي! إنه المولول في مدائن الليل ولم يذق جفنه وسنا.. إنه الطّائف حولَ شرفتها، ينزفُ رحيقَ شوْقِه، ويتبتل بأسمار دمعه...

لا بأسَ!

إنّه المزروعُ جَمْرًا ، والمقصوص جناحاه بِمقصِّ الغِياب، والمعصوبةُ عين قلبه بحبلِ الشّوكِ، والمزمّلة روحه بلظى الحنين.

لا بأس!

لا عَليْهِ.. فَليقُم، ويتوضأ من جرّة الذكرى، ويزرعُ في روحه مدائن جديدة من الانتظار يسكنها.. فالانتظارُ حياةٌ جديدة!

الانتظارُ حياةٌ نعم. ولكنّه مَوْتٌ بطيء يسري في الوريد أيضا.

لديه حقّا أسفارُ شوْقٍ.. مرصوصة في حقيبتهِ ، فلا بأس أن يرصّ بجوارهنّ أسفارًا أخرى .. الحقائب كثيرة!

لا بأس، أن يظلّ هكذا صائمٌ بها عن الآخرين، وأن يظلّ موغلًا فيه؛ كي يفرغه منه.. ليسكنها فارغا إلا منها..

لا بأسَ أن ينتعل الخوف دائما، ولا يجد عباءةً يضعها على كَتِفِ قلبه.. الذي كاد أن يموت من صقيعِ الوحدة!

لا بأسَ أن يبتلع كثيرًا المسامير، وأن ينصبَ خيمةَ حُزْنِه بعُرى دَمْعه الصّلبِ.. ويسكنُ هناك بعيدًا بعيدًا عند طُورِ العشق ويصلي بقلبه المكسور وبعينيه التي جعلت السماء قبلتها الأولى..

لا بأس! فهو قدْ تمرّن طويلًا على الاغتسال في نهر البكاء، والسفر في فيافي الصبر التي لا تنتهي.. متى تنتهي؟

جودي بوصلكِ الطّاهر يا حبيبتي، وقصّي أغلال انتظاري.. واكشفي عن فراديسك.. فإني أحيا في سَقَر!