الحمد لله الذي علم بالقلم، وألهم إلى الفهم والحِكَم، والصلاة والسلام على سيد العُرْب والعجم، وعلى آله وأصحابه هُدَاة الأُمم.
أخي الطالب: إليك يا رفيق القلم.. إليك يا صديق الأوراق والحكم.. إليك يا عزيزاً بدينه وقائلاً: إنّي مُسلم..
أخي: كم سعى المُرَبُّون إلى إخراجك إلى الوجود ذلك الإنسان الطاهر.. الذي عرف رسالته في مجتمعه.. وكم سعى المُرَبُّون إلى تعليمك حتى تخرج من ظلام الجهل والأُمِّيِّة لتفتخر على الجهل فتقول: إنّي طالب!
أخي الطالب: أنت محتاج لتعرف نفسك! وتعرف من أنت؟! إذا سمَّاك النّاس (الطالب!).
وجاءت الإجازة
أخي الطالب: الإجازة هي تلك المرحلة الجديدة في تاريخ دراستك! لها مذاقها الخاص الذي يجده الطلاب وهم يقضون أيّامها!
ولكن أخي الطالب هناك أسئلة لابد أن توجهها لنفسك وأنت تدخل هذه المرحلة الجديدة (الإجازة!).
أخي: هل سألت نفسك مرة وأنت تفارق تلك الأسوار التي قضيت في أحضانها تلك الأيّام الجميلة! أيّام (نور المعرفة!) تفارقها بعد أن استلمت نتيجة حصادك في عامك الدراسي! لتقضي أيّام إجازتك.. هل سألت نفسك أخي قائلاً: ها قد أقبلت الإجازة فأي شيء ستفعلينه فيها؟!
هل ستفعلين شيئاً يعود عليك بفائدة؟ أم ستفعلين شيئاً لا يعود عليك بالنفع؟!
وسلها: هل أنت نشيطة إلى ما فيه طاعة الله تعالى؟! أم كسولة عن الطاعة! سريعة إلى الهوى والملذات؟!
أخي الطالب: إذا أردت أن تقضي إجازة ناجحة حقاً!
فلا بد أخي أن تكون صادقاً مع نفسك أولاً! فأنت أعرف النّاس بها، فليس بإمكان أحد أن يعرف ما نفسك ليحل لك مشاكلك..
فأنت أخي المقوم الأول لنفسك!
فأنت الذي تقودها إلى المسجد لأداء الصلوات..
وأنت الذي تقودها إلى مجالس الذكر والعلم..
وأنت الذي تقودها إلى الطاعات وإلى كل شيء فيه رضى لله تعالى..
وأنت الذي تقودها إلى مواطن الهوى وتضييع الأوقات فيما لا يرضي الله تعالى..
إذاً أخي أنت سلطان نفسك.. ومن هنا تبدأ مرحلة إصلاحك لنفسك.. صدقاً وإخلاصاً..
ووفقني الله تعالى وإيّاك أخي الطالب إلى الحرص على الطاعات والابتعاد عن المعاصي والأهواء..
الوقت من عمرك!
أخي الطالب: الوقت هو الكنز الغالي! وتلك الدُّرة النفيسة! أغلى من الذهب! وأنفس من كل نفيس!
والوقتُ أنْفَسُ ما عُنيتَ بحفظه *** وأراهُ أسْهَل ما عليكَ يَضيعُ
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما نَدِمْتُ على شيء ندامتي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي! ولم يَزْدَدْ فيه عملي!".
وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: "ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه، وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل".
كلمات ذهبية عن قيمة الوقت
قال الحسن البصري رحمه الله: "أدركتُ أقواماً كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه!".
وقال الإمام ابن عقيل الحنبلي رحمه الله: "وإن أجَلَّ تحصيل عند العقلاء بإجماع العلماء هو الوقت فهو غنيمة تُنْتَهزُ فيها الفُرَص فالتَّكاليف كثيرة ".
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: "إضاعة الوقت أشد من الموت!! لأنّ إضاعة الوقت تقطعُك عن الله والدار الآخرة! والموت يقطَعُك عن الدنيا وأهلها".
تضييع الوقت أشد من الموت!!
أخي الطالب: ظنِّي بك أنك فَطِنٌ ذكيٌّ قد عرفت أنّ الوقت من أغلى وأنفس الأشياء!
ولكن بقي أخي أن تسأل نفسك: هل أنا ممّن يضيعون أوقاتهم؟! أو ممّن يحافظون عليها؟
أخي الطالب: الإجازة فرصة نادرة لمراجعة نفسك ومحاسبتها، وبعدها يأتي إصلاحك وتقويمك لها..
أخي: وأقترح عليك أن يكون لك دفتر تكتب عليه هذا العنوان: "دفتر المحاسبة" أو أي كلمة أخرى قريبة من هذا المعنى، وفي هذا الدفتر تسجل كل ملاحظاتك على نفسك من إيجابيات وسلبيات! وقد تستحي من كتابة بعض السلبيات، ولكن لا يشترط أن تكتب هذه السلبيات بطريقة تفصيلية بل يكفي أن تشير إليها إشارة إذ أن الدفتر خاص بك فأنت الذي تفهم ما فيه.
أخي الطالب: وأول شيء ينبغي أن تحاسب عليه نفسك هو: "قيامها بحق الله تعالى" فهل أنت من المواظبين على أداء الصلوات؟ وإن كنت منهم فهل أنت ممّن يؤديها في المسجد؟
هل أنت من أولئك الذين يُحبّون التَّخلُّق بالأخلاق الفاضلة؟
هل أنت من أولئك الذين يستثمرون أوقاتهم فيما يعود عليهم بالفائدة؟
هل أنت ممّن يطيع والديه ويسعى لمرضاتهما وبرّهما؟
وغيرها من الأسئلة المهمة التي تحاسب بها نفسك لتراجع الصواب والصلاح.
وأقترح عليك أيّها الطالب أن تكتب في هذا الدفتر شعاراً تتخذه نموذجاً لك في حياتك، ويذكرك بالفضائل والهمم العالية.. وهذه أخي بعض الكلمات اخترتها لك لتكون ذلك الشعار. و لك أخي أن تختار غيرها؛ إذ أنّ الحكم كثيرة فلك أن تختار ما يناسبك..