يروى أن "قتادة بن النعمان الأنصاري"-رضي الله عنه-, كان من الرماة المذكورين, شهد بدرا وأحدا, ورميت يومئذ عينه, فسالت على خده, فأتى النبي-صلى الله عليه وسلم- وهي في يده, فقال-صلى الله عليه وسلم- : "إن شئت صبرت ولك الجنة, وإن شئت رددتها لك, ودعوت الله لك, فلم تفقد منها شيئا", فقال: والله يا رسول الله, إن الجنة لجزاء جزيل, وعطاء جليل, ولكني مبتلى بحب النساء, وأخاف أن يقلن: أعور, فلا يردنني, ولكن أحب أن تردها إلي, وتسأل الله لي الجنة, فقال-صلى الله عليه وسلم- : "أفعل ذلك يا قتادة", ثم أخذها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بيده, وأعادها إلى موضعها, فعادت أحسن ما كانت, إلى أن مات, ودعا الله له بالجنة -صلى الله عليه وسلم-..فدخل ابنه على "عمر بن عبد العزيز", وهو خليفة, فقال له "عمر" : من أنت يا فتى؟, فقال:
أن ابن الذي سالت على الخد عينه****فردت بكف المصطفى أحسن الرد
فعادت كما كانت بأحسن حالها****فيا حسن ما عين ويا حسن ما رد
فقال "عمر" : بمثل هذا فليتوسل إلينا المتوسلون.
[align=left]كتاب بحر الدموع "ابن القيم الجوزي"[/align]