بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

لا أحد بالتأكيد يفرح بانقسام البلد وانشطاره إلى نصفين، لأنّ البحرين كالطائر لا يمكن أن يطير إلاّ بجناحين، وأيّ تشوّه في ذلك الفهم، يعني جرّ البلاد إلى أتون صراعات مذهبية وطائفية لا يمكن لأحد أن يطيقها.

قنوات فضائية معدودة فتحت أبواقها على البحرين لتصفية حسابات لا يخطئها حصيف، حتى أصبح عدد المعتصمين عند دوّار اللؤلؤة 100 ألف شخص!! ومن يشاهد الصور يدرك العدد الحقيقي!


عند دوّار اللؤلؤة هناك آلاف يريدون فرض لغة معيّنة في الحوار، تستلزم تقديم تنازلات معيّنة، حتى أفقدوا النظام العام هيبته، وفي أماكن أخرى عديدة، خرج الآلاف ابتهاجاً بالوطن، وهنا مربط الفرس!

هل هناك حق لأي كان أن يحتكر صوت الشّعب ومطالبه؟!

نحن شاهدنا من خرج متظاهراً يستعرض مطالبه السياسية، وهذا حقّ كفله الدّستور في حدود يُفترض أن يتم احترامها.
لكن السؤال هنا: هل ينبغي على الفئة الأخرى الصّامتة بجميع مكوناتها الأيديولوجية وتوجّهاتها الفكرية والسياسية أن تبحث عن دوّار آخر لتعبّر فيه عن مطالبها المختلفة مثلا؟!

يرتفع عندي ضغط الدّم، عندما أسمع من يخرج على الفضائيات المختلفة أو يتصدّر المؤتمرات، يتحدّث وكأنّه مفوّض من الشّعب البحريني بأكمله، حيث يتحدّى الجميع ويحدّد ما يريد من مطالب، ويريد ليّ ذراع الجميع ليحقّق ما يراه هو ومن على منهجه، من دون أن يسأل نفسه: وماذا عن شركاء الوطن؟

من خوّلك الحديث عنهم أو باسمهم يا سيّد؟!

إنّ ما يحدث اليوم هو فتنة بكل المقاييس، تستوجب تغليب صوت العقل والحكمة، فالبحرين لا يمكن مقارنتها بأي دولة استبدادية سقط رؤساؤها مؤخرا، وأي محاولة لاستنساخ تلك التجربة معناها صراع طائفي ونزاع مذهبي.

لا يمكن لأي طائفة معيّنة أن تحتكر الوطن، ولا أن تحتكر خيارات من يعيش عليه تحت أيّ مسمّى، أمّا مواصلة البعض سيره في ذلك الاتجاه بشكل مستفزّ وكأنّه يعيش وحيداً في الوطن، فلن يوصله ولن يوصلنا إلاّ إلى استنساخ التجربة العراقية، التي ستودي بنا إلى مستنقع طائفي فلن ينجو منه أحد!

لا يمكن لأحد في وطن مثل البحرين، يضمّ أطيافاً وألواناً متشابكة من الأديان والمذاهب والأيديولوجيات والأفكار، أن يفكّر في الاستئثار بالوطن، أو يسيّر الوطن كما يشاء، لأنّ الوطن ملك للجميع، ومن يفكّر بتلك الطريقة، فهو يُقدم على اختيار أسوأ طريقة للانتحار الجماعي، التي لن تبقي ولن تذر.

لا يظنّ أحد أن الفئة الصّامتة من جميع أطياف المجتمع، ستبقى صامتة وهي ترى البعض ممّن تناسى حقّها في المشاركة، ويسعى لتحقيق المغالبة والاستئثار، يريد أن يرسم مستقبلها وخياراتها ومستقبل أجيالها كما يشاء هو، ومن غير احترام ولا تقدير لأواصر الأخوّة والألفة بين أبناء المجتمع الواحد.

البحرين وطن للجميع، وقدرنا أن نعيش جنباً إلى جنب، وهذا لا يكون إلاّ بالتسامح ونشر المودة والألفة بين أبناء الشّعب الواحد، وليس عبر أيّ شيء آخر قد يودي بنا إلى التهلكة.