26 – أن يُحاسب نفسه وأن يبتهل إلى الله :
على الداعية - أيضاً – أن يُحاسب نفسه محكّماً في ذلك قوله ، فيسمع لقوله إذا قال ، ويُحاسب نفسه على عمله ! هل هو ينفذ ما يقول أم لا ؟ وهل يطبق ما أمر به أم لا ؟ . ثم يسأل ربه العون والسداد ، وعليه أن يبتهل إلى الله في أول كل كلمة ، وأول كل درس ، ويسأل الله – عز وجل – أن يُسدده ، وأن يفتح عليه ، وأن يهديه .
ومما يؤثر في ذلك ، ما ورد في الحديث (( اللهم بك أصول ، وبك أجول ، وبك أحاول )).
وكان من العلماء إذا أرادوا أن يدرسوا الناس سألو الله بهذا الدعاء ، وبعضهم كان يقول : (( اللهم افتح علي من فتوحاتك )) وبعضهم يقول : (( اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين فأهلك )) .
فإن الإنسان لو اعتمد على قدراته وإمكاناته وذاكرته وصوته تقطعت به السُبل ، فليس لنا معين إلا الله .
* فعلى الداعية إذا أراد أن يصعد المنبر يوم الجمعة أن يبتهل إلى الله أن يسدد كلماته وعباراته ، وأن يهديه سواء السبيل ، وأن ينفع بكلامه ، وأن يلهمه رشده ، فإنه لو شاء الله – عز وجل – ما استطاع أن يواصل ، ولو شاء الله – سبحانه وتعالى – خانته العبارة ، أو أتى بعبارة ربما تورطه ، وتورط الناس معه ! أو أتى بعبارة خاطئة تخالف الدين ! فعليه أن يسأل الله السداد والثبات ، فإن من يسدده الله – سبحانه وتعالى – فهو المسدد ، ومن خذله الله فهو المخذول .
27 – أن يكون متميزاً في عباداته :
فيجب أن يكون للداعية نوافل من العبادات ، وأوراد من الأذكار والأدعية ، فلا يكون عادياً مثل سائر الناس ، بل يكون له تميز خاص ، يحافظ على الدعاء بعد الفجر ، والدعاء بعد الغروب ، حتى يحفظه الله – سبحانه وتعالى – ويكون له وقت إشراق مع نفسه ، يحاسب نفسه بدعاء وبكلمات مباركة بعد الفجر ، ويكون له ورداً يومي بعيداً عن أعين الناس ، يقرأ فيه كثير من القرآن ، ويتدبر أموره ، ويكون له مطالعة في تراجم السلف ، لأن كثرة الخلطة مع الناس تُعمي القلب ، وتجعل الإنسان مشوش الذهن ، وقد يقسو قلبه بسبب ذلك ، فلا بد من العزلة ، أو ساعه من الساعات أو بعض الأوقات في اليوم والليلة ، يعتزل وحده فلا يجلس مع زائر ، ولا يلتقي بأحد ، ولا يتصل بهاتف ، ولا يقرأ إلا ما ينفعه ، ثم يحاسب نفسه على ذلك .