بسم الله الرّحمان الرّحيم

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمـالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله و خير الهدي هدي محمّد صلى الله عليه و سلّم و شرّ الأمور محدثاتها و إن كلّ محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كلّ ضلالة في النار.
و بعد :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر:18].
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70، 71].

أحبّتي في الله:
هذه مجموعة من الفتاوى المهمّة لعلاّمتي الحجاز الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز و الشيخ محمد بن صالح العثيميين رحمهما الله.

و بعد: الفتوى الأولى تخص حكم الآحتفال بمولد النبيّ صلى الله عليه و سلّم:

سؤال: يسأل أحمد حسن غريب من جدة قائلا ما الحكم الشرعي في الاحتفال بالمولد النبوي الفتوى نرى أنه لا

يتم إيمان عبد حتى يحب الرسول صلى الله عليه وسلم ويعظمه بما ينبغي أن يعظمه فيه وبما هو لائق في حقه صلى

الله عليه وسلم ولا ريب أن بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام ولا أقول مولده بل بعثته لأنه لم يكن رسولا إلا

حين بعث كما قال أهل العلم نبيء بإقرأ وأرسل بالمدثر لا ريب أن بعثته عليه الصلاة والسلام خير للإنسانية عامة

كما قال الله تعالى:" قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو

يحيي ويميت فآمنوا بالله رسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون"
وإذا كان كذلك فإن من تعظيمه التعليق رحمك الله شيخنا العثيميين فقد سهما في رقاب العدى المبتدعين

العبادات لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي ولم يدع لأمته خيرا إلا دلهم عليه وأمرهم به ولا شرا إلا بينه

وحذرهم منه وعلى هذا فليس من حقنا ونحن نؤمن به إماما متبوعا أن نتقدم بين يديه بالاحتفال مولده أو بمبعثه

والاحتفال يعني الفرح والسرور وإظهار التعظيم وكل هذا من العبادات المقربة إلى الله فلا يجوز أن نشرع من

العبادات إلا ما شرعه الله ورسوله وعليه فالاحتفال به يعتبر من البدعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كل

بدعة ضلالة قال هذه الكلمة العامة وهو صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بما يقول وأفصح الناس بما ينطق وأنصح

الناس فيما يرشد إليه وهذا أمر لا شك فيه لم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم من البدع شيئا لا يكون ضلالة

ومعلوم أن الضلالة خلاف الهدى ولهذا روى النسائي آخر الحديث وكل ضلالة في النار ولو كان الاحتفال بمولده

صلى الله عليه وسلم من الأمور المحبوبة إلى الله ورسوله لكانت مشروعة ولو كانت مشروعة لكانت محفوظة لأن

الله تعالى تكفل بحفظ شريعته ولو كانت محفوظة ما تركها الخلفاء الراشدون الصحابة والتابعون لهم بإحسان

وتابعوهم فلما لم يفعلوا شيئا من ذلك على أنه ليس من دين الله والذي أنصح به إخواننا المسلمين عامة أن يتجنبوا

مثل هذه الأمور التي لم يتبين لهم مشروعيتها لا في كتاب الله ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا في عمل

الصحابة رضي الله عنهم وأن يعتنوا بما هو بين ظاهر من الشريعة من الفرائض والسنن المعلومة وفيها كفاية

وصلاح للقلب وصلاح للفرد وصلاح للمجتمع وإذا تأملت أحوال هؤلاء المولعين بمثل هذه البدع وجدت أن

غندهم فتورا في كثير من السنن بل في كثير من الواجبات والمفروضات وهذا أمر يجب أن يفطنوا له حتى يستقيموا

على ما ينبغي أن يكونوا عليه من المحافظة على ما ثبتت شرعيته هذا بقطع النظر عما بهذه الاحتفالات من الغلو


بالنبي صلى الله عليه وسلم المؤدي إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

نفسه يحارب الناس عليه ويستبيح دماءهم وأموالهم وذراريهم فإننا نسمع أنه يلقى في هذه الاحتفالات من القصائد

ما يخرج عن الملة قطعا كما يرددون قول البوصيري:

ا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به***سواك عند حدوث الحادث العمم
إن لم تكم آخذا يوم المعاد يدي***صفحا وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها***ومن علومك علم اللوح والقلم

مثل هذه الأوصاف لا تصح إلا لله عز وجل وأنا أعجب لمن يتكلم بهذا الكلام إن كان يعقل معناه كيف يسوغ

لنفسه أن يقول مخاطبا النبي عليه الصلاة والسلام فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن للتبعيض والدينا هي الدينا

وضرتها هي الآخرة فإذا كانت الدنيا والآخرة من جود الرسول عليه الصلاة والسلام وليس كل جوده فما الذي

بقي لله عز وجل ما بقي له شيء من الممكن لا في الدنيا ولا في الآخرة وكذلك قوله ومن علومك علم اللوح

والقلم ومن هذه للتبعيض ولا أدري ماذا يبقى لله تعالى من العلم إذا خاطبنا الرسول عليه الصلاة والسلام بهذا

الخطاب ورويدك يا أخي المسلم إن كنت تتقي الله عز وجل فأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلته التي أنزله

الله أنه عبدالله ورسوله فقل هو عبدالله ورسوله واعتقد فيه ما أمره ربه أن لغه إلى الناس عامة - قل لا أقول لكم

عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي- وما أمره الله به في قوله: قل

إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا- وزيادة على ذلك قل إني لن يجبرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا-
حتى النبي عليه الصلاة والسلام لو أراد الله به شيئا لا أحد يجيره من الله سبحانه وتعالى فالحاصل أن هذه الأعياد

أو الاحتفالات بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام لا تقتصر على مجرد كونها بدعة محدثة فلي الدين بل هي

يضاف إليها شيء من المنكرات مما يؤدي إلى الشرك وكذلك مما سمعناه أنه يحصل فيها اختلاط بين الرجال والنساء

ويحصل فيها تصفيق ودف وغير ذلك من المنكرات التي لا يمتري في إنكارها مؤمن ونحن في غنى بما شرعه الله لنا

ورسوله ففيه صلاح القلوب والبلاد والعباد [ مجموع فتاوي ابن عثيمين ( 1126) ]

************************************************** **********************************

حكم الحلف بغير الله :
سؤال:

ما حكم الحلف بغير الله تعالى مع أن النبي صلى الله عليه وسلم روي عنه أنه قال أفلح وأبيه وإن صدق

الفتوى:

الحلف بغير الله عز وجل مثل أن يقول وحياتك أو وحياتي أو والسيد الرئيس أو والشعب كل هذا محرم بل هو

من الشرك لأن هذا النوع من التعظيم لا يصح إلا لله عز وجل ومن عظم غير الله بما لا يكون إلا لله فهو شرك

لكن لما كان هذا الحالف لا يعتقد أن عظمة المحلوف به كعظمة الله لم يكن الشرك شركا أكبر بل كان شركا أصغر

فمن حلف بغير الله فقد أشرك شركا أصغر ال النبي صلى الله عليه وسلم لا تحلفوا بآبائكم من كان حالفا فليحلف

بالله أو ليصمت وقال صلى الله عليه وسلم من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك فلا تحلف بغير الله أيا كان

المحلوف به حتى لو كان النبي صلى الله عليه وسلم أو جبريل أو من دونهم من الرسل أو من الملائكة أو البشر أو

من دون الرسل فلا تحلف بشيء سوى الله عز وجل أما قول النبي صلى الله عليه وسلم أفلح وأبيه إن صدق فهذه

الكلمة وأبيه اختلف الحفاظ فيها فمنهم من أنكرها وقال لم تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وبناء على ذلك

فلا إشكال في الموضوع لأن المعارض لا بد أن يكون قائما وإذا لم يكن المعارض قائما فهو غير مقاوم ولا يلتفت

إليه وعلى القول بأنها ثابتة أي كلمة وأبيه فإن الجواب على ذلك أن هذا من المشكل والحلف بغير الله من الواضح

أي من المحكم فيكون لدينا محكم ومتشابه وطرق الراسخين في العلم في ذلك أن يدعوا المتشابه ويأخذوا بالمحكم

قال الله تعالى هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوب

هم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به

كل من عند ربنا - وجه كونه متشابها أن فيه احتمالات كثيرة فقد يكون هذا قبل النهي وقد يكون هذا خاصا

بالرسول عليه الصلاة والسلام لبعد الشرك بحقه وقد يكون هذا مما يجري على اللسان بغير قصد ولما كانت هذه

الاحتمالات واردة على هذه الكلمة إن صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم صار الواجب علينا أن نأخذ بالحكم

وهو النهي عن الحلف بغير الله ولكن قد يقول بعض الناس إن الحلف بغير الله قد جرى على لسانه ويصعب عليه

أن يدعه فما الجواب نقول إن هذا ليس بحجة بل جاهد نفسك على تركه والخروج منه وأذكر أنني قد نهيت رجلا

يقول والنبي وكان يخاطبني شيء فقال والنبي لا أعود لها فهو قالها على أساس أن يؤكد أنه لن يعود لها

لكنها تجري على لسانه فنقول حاول بقدر ما تستطيع أن تمحو من لسانك هذه الكلمة لأنها شرك والشرك خطره

عظيم ولو كان أصغر حتى إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول إن الشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر وقال

ابن مسعود رضي الله عنه لأن أحلف بالله كاذبا أحب من أن أحلف بغيره صادقا قال شيخ الإسلام وذلك لأن

سيئة الشرك أعظم من سيئة الكبيرة [ فتاوي الشيخ ابن عثيمين (1174 )]

************************************************** ************************************

حكم زيارة القبور والتوسل بالأضرحة وأخذ أموال للتوسل بها

سؤال: من جمهورية مصر العربية يقول فيه ما حكم الدين الإسلامي في زيارة القبور والتوسل بالأضرحة وأخذ

خروف وأموال للتوسل بها كزيارة السيد البدوي والحسين والسيدة زينب أفيدونا أفادكم الله

جواب:
زيارة القبور نوعان أحدهما مشروع ومطلوب لأجل الدعاء للأموات والترحم عليهم ولأجل تذكر الموت

والإعداد للآخرة لقول النبي صلى الله عليه وسلم زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة وكان يزورها صلى الله عليه

وسلم وهكذا أصحابه رضي الله عنهم وهذا الفرع للرجال خاصة لا للنساء أما النساء فلا يشرع لهن زيارة القبور

بل يجب نهيهن عن ذلك لأنه قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور من النساء ولأن

زيارتهن للقبور قد يحصل بها فتنة لهن أو بهن مع قلة الصبر وكثرة الجزع الذي يغلب عليهن وهكذا لا يشرع لهن

اتباع الجنائز إلى المقبرة لما ثبت في الصحيح عن أم عطية رضي الله عنها قالت نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم

علينا فدل ذلك على أنهم ممنوعات من اتباع الجنائز إلى المقبرة لما يخشى في ذلك من الفتنة لهن وبهن وقلة الصبر

والأصل في النهي التحريم لقول الله سبحانه وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا - أما الصلاة

على الميت فمشروعة لرجال والنساء كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن

الصحابة رضي الله عنهم في ذلك أما قول أم عطية رضي الله عنها لم يعزم علينا فهذا لا يدل على جواز

اتباع الجنائز للنساء لأن صدور النهي عنه صلى الله عليه وسلم كاف في المنع وأما قولها لم يعزم علينا فهو

مبني على اجتهادها وظنها واجتهادها لا يعارض بها السنة النوع الثاني بدعي وهو زيارة القبور لدعاء أهلها

والإستغاثة بهم أو للذبح لهم أو للنذر لهم وهذا منكر وشرك أكبر نسأل الله العافية ويلتحق بذلك أن يزوروها

للدعاء عندها والصلاة عندها والقراءة عندها وهذا بدعة غير مشروع ومن وسائل الشرك فصارت في الحقيقة

ثلاثة أنواع النوع مشروع وهو أن يزورها للدعاء لأهلها أو لتذكر الآخرة الثاني أن تزار للقراءة عندها أنو

للصلاة عندها أو للذبح عندها فهذه بدعة ومن وسائل الشرك الثالث أن يزورها للذبح للميت والتقرب إليه

بذلك أو لدعاء الميت من دون الله أو لطلب المدد منه أو الغوث أو النصر فهذا شرك أكبر نسأل الله العافية فيجب

الحذر من هذه الزيارات المبتدعة ولا فرق بين كون المدعو نبيا أو صالحا أو غيرهما ويدخل في ذلك ما يفعله بعض

الجهال عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم من دعائه والاستغاثة به أو عند قبر الحسين أبو البدوي أو الشيخ

عبدالقادر الجيلاني أو غيرهم والله المستعان [مجموع فتاوي سماحة الشيخ ابن باز ( 3344 345 ) ]

************************************************** ***************************************

حكم زيارة قبور الأولياء وقراءة القرآن على القبور

سؤال: ما حكم القراءة على القبور هل هي جائزة أم لا وما حكم الشرع في نظركم في أناس يزورون قبور

الصالحين والأولياء كما يزعمون ويطلبون الصحة ومتاع الدنيا

الفتوى: هذا السؤال تضمن مسألتين الأولى القراءة على القبور والقراءة على القبور غير مشروعة وهي بدعة

ورسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الخلق بشريعة الله وأعلم الخلق بما يقول وأفصح الخلق فيما ينطق به

وأنصح الخلق فيما يريده يقول صلى الله عليه وسلم كل بدعة ضلالة وهذه الجملة الكلية العامة لا يستثنى منها

شيء فجميع البدع ضلالة بهذا النص المحكم البليغ الذي لو أن أحدا أراد أن يفصله ويفسره لأحتمل سفرا كبيرا

فالقراءة على القبور بدعة لم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسنها الرسول صلى الله عليه وسلم لا

بقوله ولا بفعله ولا بإقراره وإنما كان يقول ويرشد أمته إلى أن يقولوا السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء

الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية اللهم لا تحرمنا أجرهم


ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم وأما المسألة الثانية مما تضمنه هذا السؤال فهو الذهاب للقبور سواء كانت قبورا

لعامة الناس أو قبورا لمن يزعمون أنهم أولياء ليستغيثوا بهم ويستنجدوهم ويطلبوا منهم تيسير أمورهم المعيشية

وهذا شرك أكبر مخرج عن الملة لقول لله تعالى ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا

يفلح الكافرون 2 وهذه الآية أفادت أن كل من دعا مع الله إلها آخر فإنه لا برهان له بذلك ولا دليل له

بل الدليل يدل على سفهه وضلاله وأفادت أيضا التهديد لمن دعا مع الله إلها آخر بقوله فإنما حسابه عند ربه

وأفادت أن هذا الداعي لن يفلح بدعاء غير الله وأفادت بأنه كافر لقوله إنه لا يفلح الكافرون ودعاء غير الله وسفه

لقوله تعالى ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه 3 وقوله ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا

يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون 4 ومن العجب أن يذهب هؤلاء إلى هؤلاء المقبورين

الذين يعلمون أنهم جثث هامدة لا يستطيعون أن يتخلصوا مما هم إذا تأمل الإنسان حال هؤلاء فإنه يفضي منها

العجب العجاب ولو أن هؤلاء رجعوا إلى أنفسهم وإلى عقولهم لتبين لهم سفههم وأنهم في ضلال مبين فنسأل الله

تعالى للمسلمين عامة أن يبصرهم في دينهم وأن يهديهم إلى الحق وأن يثبتهم عليه وإني أقول لهؤلاء إذا أردتم الدعاء

النافع فالجأوا إلى الله سبحانه وتعالى فإنه هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء وهو الذي بيده ملكوت

كل شيء وهو الذي يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع

إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون 1 وليجربوا إذا اتجهوا إلى الله والتجأوا إليه ودعوه

بصدق وإخلاص أو افتقار وأمل في الإجابة حتى يتبين لهم أنه لا ينفعهم إلى الله عز وجل ن قلت إنه قد يحصل أن

يدعوا هؤلاء أصحاب هذه القبور الذين يزعمون أنهم أولياء ثم يجري قضاء الله وقدره ويحصل لهم المطلوب فما

موقفنا نحو هذه الحادثة فالجواب أن موقفنا أننا نعلم علم اليقين أن ما حصل لهم ليس من هؤلاء وليس بدعائهم

هؤلاء فإن الله عز وجل يقول ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن

دعائهم غافلون 1 فإن هؤلاء لا يستطيعون أن يجلبوا لهم ولا أن يدفعوا عنهم ضررا كما قال تعالى والذين

يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون 2 فلا يستطيع

هؤلاء الأموات أن يوجدوا لهم شيئا بنص القرآن وبإجماع المسلمين ولكن هذا حصل عند الدعاء لا به فتنة من الله

عز وجل والله سبحانه وتعالى قد يفتن العباد بتيسير أسباب المعصية لهم ليبلوهم ألم تر إلى ما امتحن الله به بني

إسرائيل حين حرم عليهم صيد الحيتان يوم السبت فكانت الحيتان تأتيهم يوم سبتهم شرعا على ظهر الماء وبكثرة

وفي غير يوم السبت لا يرونها فالتجأوا إلى حيلة وضعوا الشباك يوم الجمعة فتقع بهذه الشباك يوم السبت فإذا كان

يوم الأحد أخذوها فقال الله لهم كونوا قردة خاسئين كما قال تعالى واسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر

إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون

1 وقال تعالى ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين فجعلناها نكالا لما بين

يديها وما خلفها وموعظة للمتقين 2 ثم ألا ترى إلى ما ابتلى به الله تعالى الصحابة رضي الله عنهم حين كانوا

محرمين فقال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه

بالغيب 1 فأرسل الله تعالى عليهم الصيد تناله الأيدي فتمسك ما كان يعدو على الأرض والرماح فتخرق ما

كان يطير فسهل الله لهم الحصول على هذا الصيد ليبلوهم ولكن الصحابة رضي الله عنهم وهم خير القرون لم

يأخذوا شيئا من هذا الصيد الذي سهله الله لهم لتقواهم عز وجل وخوفهم منه والمقصود أن هؤلاء المشركين الذين

يدعون هذه القبور ثم يجري القضاء والقدر بحصول ما دعوا به يكون هذا بلا شك ابتلاء من الله تعالى وامتحانا لهم

فنسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه

[فتاوي الشيخ ابن عثيمين (1157 160)].


بالله عليكم
لا تنسوني بصالح دعائكم
و لا تنسوا علامتي الحجاز رحمهما الله بالدعاء لهم بجنة الفردوس

سبحانك اللهمّ و بحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك


أخوكم في الله:

أبو القعقاع القيرواني الأثري