الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    [align=center]
    الإجماع الثاني : اتفق العلماء قاطبةً على أن الولاية لا تنعقد لكافرٍ، وأنه لو طرأ على الإمام كفرٌ انعزل به ووجب الخروج عليه وخلعه عند الاستطاعة.
    قال الإمام ابن المنذر -رحمه الله- : [أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم أن الكافر لا ولاية له على مسلم بحال](أحكام أهل الذمة : 2/ 414)
    وقال الإمام النووي –رحمه الله- : [قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الْإِمَامَة لَا تَنْعَقِد لِكَافِرٍ، وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْكُفْر اِنْعَزَلَ، قَالَ : وَكَذَا لَوْ تَرَكَ إِقَامَة الصَّلَوَات وَالدُّعَاء إِلَيْهَا ... قَالَ الْقَاضِي : فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ كُفْر وَتَغْيِير لِلشَّرْعِ أَوْ بِدْعَة خَرَجَ عَنْ حُكْم الْوِلَايَة، وَسَقَطَتْ طَاعَته، وَوَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْقِيَام عَلَيْهِ وَخَلْعه وَنَصْب إِمَام عَادِل إِنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَقَع ذَلِكَ إِلَّا لِطَائِفَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْقِيَام بِخَلْعِ الْكَافِر، وَلَا يَجِب فِي الْمُبْتَدِع إِلَّا إِذَا ظَنُّوا الْقُدْرَة عَلَيْهِ، فَإِنْ تَحَقَّقُوا الْعَجْز لَمْ يَجِب الْقِيَام، وَلْيُهَاجِرْ الْمُسْلِم عَنْ أَرْضه إِلَى غَيْرهَا ، وَيَفِرّ بِدِينِهِ](شرح النووي على مسلم : 6 / 314).
    وقال العلامة الملا علي القاري –رحمه الله- : [وأجمعوا على أن الإمامة لا تنعقد لكافر ولو طرأ عليه الكفر انعزل وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها وكذا البدعة..]( مرقاة المفاتيح : 11 / 303)، ثم نقل كلام القاضي المذكور آنفاً.
    وكلام هؤلاء الأئمة يتضمن أمرين :
    الأول : أن انعزال الحاكم عن ولايته يحصل بمجرد طروء الكفر عليه، بمعنى أن صفة الولاية الشرعية تنتزع منه مباشرة بمجرد اتصافه بالكفر البواح وتلبسه به، ومن آثار ذلك الانعزال أن لا يبقى في أعناق الناس شيءٌ من حقوق الولاة عليهم، فلا ولاية، ولا بيعة، ولا سمع ولا طاعة، ولا يمضي له عقد، ولا يُلزِم الناسَ بعهدٍ، فيكون في وادٍ والناس في واد، فيتعامل المسلمون فيما بينهم وكأنه معدومٌ، وعليه فوجود الشوكة والقوة والتمكين وتقادم العهد وتسيير الأمور واستقرار الأحوال وبسط اليد وإدارة البلاد من قِبل الحاكم الكافر لا يجعله بذلك والياً شرعياً؛ والعلماء متفقون على أن الإسلام من شروط الإمامة العظمى، فمن خلعه انخلع؛ لأن ثوب الولاية المعتبرة قد نُزع منه بوقوعه في الكفر البين، وهذا ما يدل عليه تعبير الأئمة السابق بقولهم (انعزل) وبقولهم (خرج عن حكم الولاية ، وسقطت طاعته)، فالولاية الشرعية والكفر لا يجتمعان في شخص، وكما قال إمام الحرمين –رحمه الله- : [الإسلام هو الأصل والعصام فلو فرض انسلال الإمام عن الدين لم يخفَ انخلاعه وارتفاع منصبه وانقطاعه]( غياث الأمم : 1 /75)، والإسلام يأمر بمقاتلة الكفَّار والبراءة منهم ويحث على إبداء العداوة والبغضاء لهم وينهى عن طاعتهم ويحض على تحقيرهم والغلظة عليهم، فكيف يأمر بعد هذا كله بقبولهم أولياء يأمرون وينهون، ويوقرون ويعظمون؟!!!
    وهذا يبين لك ما يزل فيه كثيرٌ من الناس المفتونين بثقافة الغرب والمتضلعين من أفكاره والمقتفين لآثاره وبعض ما جاراهم من الإسلاميين من وصفهم لِمن خلع ربقة الإسلام من عنقه من الحكام الكفرة بأنهم الرؤساء الشرعيون، أو أنهم وصلوا إلى الحكم بطريقة شرعية، أو هم ولاة الأمر المعتبرون، أو أنهم استحقوا هذا المنصب باختيار الشعب، أو لاعتراف (المجتمع الدولي) بهم، وغير ذلك من الأوصاف التي تدل على إثبات صفة الشرعية لهم وهي التي نزعت منهم ورفعت عنهم من حين وقوعهم في الكفر الأكبر المستبين.
    ففرقٌ بين العزل والانعزال، فالأول يقتضي تكلفاً وعملاً واجتهاداً من قبل المسلمين لإزاحة الحاكم الكافر من منصبه وإقصائه عن ولايته فلا تبقى له يدٌ في إدارتها وتسييرها وفعله متعدٍ، وأما الانعزال فمن معانيه عدم بقاء الصفة الشرعية للولاية في حق الكافر المتغلب، بمعنى أنه لم يعد والياً –ولو مع وجوده وقوته وتمكنه- يستحق شيئاً من حقوق الولاية، لأن المعدوم شرعاً كالمعدوم حساً وفعله فعل مطاوعة لازم.
    الثاني : وهو ما يترتب على هذا (الانعدام الشرعي) أو الانعزال الذي حصل للمتولي الكافر، وذلك وجوب القيام عليه وخلعه وتنصيب إمامٍ للمسلمين يقوم مقامه وهو ما عبر عنه الأئمة بقولهم فيما نقلناه آنفاً : (وَوَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْقِيَام عَلَيْهِ ، وَخَلْعه وَنَصْب إِمَام عَادِل)، فهذا الحكم الشرعي مبنيٌ ومعلَّلٌ بالأمر الأول وهو وقوع الحاكم في الكفر.
    ومعلومٌ أن الأئمة متفقون على وجوب تنصيب إمام للمسلمين يأمن سبلهم ويحفظ بيضتهم ويقيم فيهم أحكام الملة، كما قال الإمام القرطبي –رحمه الله- عند قول الله تعالى : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة/30] قال :[هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع، لتجتمع به الكلمة، وتنفذ به أحكام الخليفة. ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة إلا ما روي عن الأصم حيث كان عن الشريعة أصم، وكذلك كل من قال بقوله واتبعه على رأيه ومذهبه](تفسير القرطبي : 1 / 264).
    وهذا الحكم يتأكد إن كان منصب الإمامة قد تغلب عليه حاكمٌ كافرٌ وذلك لعظم المفسدة التي تترتب على بقائه وتحكمه، ففرقٌ بين شغور منصب الإمامة شغوراً حقيقياً لعدم مَن يقوم عليه وبين أن يسدَّه رجلٌ كافرٌ محادٌّ لله ولرسوله، فإن ضرر الثاني على المسلمين أشد وفساده أكبر لدعوته الناس إلى الكفر ترغيباً وترهيباً، وحسده للمؤمنين على ما آتاهم الله من فضله كما قال تعالى : {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة/105]، وقال عز وجل : {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ}[البقرة/109]، وقال سبحانه وتعالى : {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً}[النساء/89]، وقال عز من قائل : {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ}[الممتحنة/2].
    ويزداد الحكم تأكداً حينما يكون هذا الحاكم الكافر مرتداً، وذلك لأن المرتد أعظم كفراً من الكافر الأصلي بإجماع العلماء، ولذلك تغلظت العقوبة في حقه.
    ومبنى إجماع وجوب خلع الحاكم الكافر هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : [بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم]رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما.
    قال الإمام ابن حجر –رحمه الله- : [وملخصه أنه ينعزل بالكفر إجماعاً، فيجب على كل مسلم القيام في ذلك، فمن قوي على ذلك فله الثواب، ومن داهن فعليه الإثم، ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض]( فتح الباري : 13/123).
    هذا هو إذاً حكمُ الشرع في حق الحاكم إذا كفر، أو الكافر إذا تغلَّب وصارت مقاليد بلاد المسلمين بيده، ولينظر المنصف في حال الحكام المتغلبين على ديار الإسلام، والذين طالت محنة الإسلام والمسلمين بسيطرتهم، وهم الذين جعلوا أنفسهم أرباباً يشرِّعون ويحللون ويحرمون، هذا مع انسلاخهم عن كل أو أغلب الصفات التي اشترطها العلماء في حق إمام المسلمين.
    ثم ماذا يستفيد الإسلام والمسلمون من رجلٍ تسمى باسم ###############وهو صَلْعَمَةُ بنُ قَلْعَمَة (أي مجهول لا يعرف) لُكَع أحمق أخرق مجرم سفاحٌ غشومٌ ظلومٌ يصبح ويمسي وهو للكفرة خاشع خاضعٌ راكعٌ ولأهل الدين ممقتٌ مقتِّل منكِّلٌ مشرد، وللدين مبغضٌ مفسدٌ محاربٌ معطِّلٌ مُهِينٌ؟!!
    وهل كُتب على الأجيال أن تفني أعمارها وهي بين الانتظار والاحتضار والتربص والتصبر؟ وأن تعيش تحت كبت الجاهلية، وجحيم القوانين الإجرامية، والاستسلام للمتجبرين الذي لم يدخروا وسيلة من وسائل الاستذلال والإخضاع إلا جربوها؟ ومَن الذي قال إن أبناء أمة الإسلام المعتزّين بالله قد ضربت عليهم الذلة والمسكنة أينما ثقفوا، وأن يتسلط عليهم من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة، وأن عليهم أن يتهيوا في الأرض كلَّ أعمارهم ليبحثوا لهم عن ملجأ ومأمن يمُن به عليهم أعداؤهم في بلاد الغرب الكافر ويذروا بلادهم الإسلامية تصطلي بسعير الخوف والرعب والإجرام والتنكيل الذي يمارسه بدقة وعناية وإتقان وإصرار وحقد (ولاة الأمر!!).
    ثم أعيد هنا ما ذكرته في بعض الأبحاث السابقة، وهو أن المعركة بين المجاهدين وبين هؤلاء المرتدين ليست محصورة في مسألة الخروج على الحاكم الكافر، فهذا –فيما أرى- تسطيح لهذه القضية المعاصرة الكبرى وحَيْدَةٌ بها إلى نقاشات جزئية تأكل الأوقات والأوراق دون أن تكون علاجاً حقيقياً للمسألة، فإن هؤلاء الحكام قد تبدّل كثير منهم أو مات أوقتل إلا أن حال أنظمتهم وسياساتهم باقية على أساس تمرِّدها على الله وشرعه ومحاربتها لدينه وعباده، بل لا يذهب طاغية إلا ويأتي من هو شرٌّ منه، وذلك لأن أصول تلك الدول وقواعدها وقوانينها راسخة في الكفر ضاربة في أعماقه وما على الحاكم الجديد الذي يلجها بانقلاب أو توريث أو انتخابات إلا أن يسير عليها ويلتزم بها، وإن حصل تغيير فهو شكليٌ يلبي طموحات الهوى الجديد، وتجديد الهوى، ولا علاقة للإسلام به، وعليه فإن المعركة الحقيقية عند النظر إنما هي ضد هذا الواقع المتمرد على الله القائم على المشاقة للحقِّ المبني أصلاً على أساس الكفر، فسواء جاء حاكمٌ أو ذهب آخر فإن هذا لا يغير شيئاً ما دامت تلك الأنظمة باقية حاكمةً، ومؤسساتها راسخةً قائمة، فالواجب هو الخروج على هذا الحكم الكافر واقتلاعه من جذوره واجتثاثه من أصوله وليس فقط الخروج على الحاكم الكافر، ومن هنا فلا أرى اليوم وبالنظر إلى واقع بلدان المسلمين كبير فائدة في نقاشات مسألة حكم الخروج على هؤلاء الحكام وهل هم كفروا أم لا، فإن ذلك لا ينفع المسلمين كثيراً؛ لأنهم ليسوا فقط محتاجين إلى حاكمٍ مسلمٍ وإنما هم بحاجة إلى حكم الإسلام والذي لا سبيل إليه إلا باستئصال شجرة الكفر الخبيثة التي تتغذى منها تلك الدول، وهؤلاء الحكام لم يكفروا بتلبسهم بناقضٍ واحدٍ من نواقض الإسلام ولم يرتكبوا ما ارتكبوا من الكفر عن تأويلٍ قاصدين الحق فخانهم الفهم بل هم أصلاً ما حكموا إلا ليكونوا حرباً على الإسلام وما أقاموا دولهم العلمانية إلا ليحولوا بها بين الشعوب ودولتهم الإسلامية، فهم في حقيقة أمرهم استعمارٌ متمكنٌ على رقاب العباد يمارس نفس ما كان يمارسه الاستعمار الغربي السافر حذو القذة بالقذة.
    وإنه لمن الأجحاف حقاً بهذه المسألة العظيمة التي هي انقلابٌ تامٌ على الإسلام، واتباع سبل متقنة وسياسات مرسومة للقضاء عليه وإخراج أهله منه أن نختزلها في نقاشات فرعية نصبح معها كأننا نسبح في الهواء بعيدين كل البعد عن الواقع العاتي الذي ينطق لسانه في كل جهةٍ برفضه للدين وإبائه لأحكامه واعتراضه على شرائعه وقبوله واستبشاره واستماتته في اعتناق وترسيخ وتحكيم شرائع الكفر في ثوب (دين جديد) ثم نظن أننا بذلك نحسن صنعاً ونسير على (منهج السلف) الذين نظلمهم ونسيء إليهم بنسبة هذا التضليل الوبيل إليهم وهم منه براء، وقد أحسن العلامة الأديب المحققِّ محمود شاكر – طيب الله ثراه – حينما تنبه لهذه النكتة فقال : ( فلم يكن سؤالهم عما احتج به مبتدعة زماننا ، من القضاء في الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام، بالاحتكام إلى حكم غير الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، فهذا الفعل إعراض عن حكم الله، ورغبة عن دينه وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به والداعي إليه.
    والذي نحن فيه اليوم هو هجر لأحكام الله عامة بلا استثناء، وإيثار حكم غير حكمه في كتابه وسنة نبيه، وتعطيل لكل ما في شريعة الله، بل بلغ الأمر مبلغ الاحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضوع على أحكام الله المنزلة، وإدعاء المحتجين بذلك بأن أحكام الشريعة إنما نزلت لزمان غير زماننا، ولعلل وأسباب انقضت فسقطت الأحكام كلها بانقضائها.)اهـ.
    وتأمل قوله : (وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به والداعي إليه)اهـ
    فلم يطل العهد حتى انتُقِضت العُرى وخَرَقَ هذا الإجماعَ الذي يشمل جميع أهل القبلة رجال أتقنوا إرجاع المحكمات إلى المتشابهات وضرب الآيات بعضها ببعضٍ فأدخلوا هذه المسألة المقطوع بحكمها شرعاً في دائرة ما يسعُ فيه الخلاف ولم يقفوا عند هذا حتى شنوا حملة التشنيع على من خالفهم في زيغهم بل ربما تجرأ بعضهم وادّعى أن الإجماع على ما ذهب إليه من التخرصات الهابطة.

    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة الدكتور ; 19 Sep 2010 الساعة 03:41 PM سبب آخر: حذف بعض الأسماء
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  2. الصورة الرمزية أبوسعود المكي

    أبوسعود المكي تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    نسأل الله أن يثبتنا على طاعته.
    [align=center]

    http://ala7ebah.com/chat/
    [flash=http://upload.7ozn.com/files11/13054689691.swf]WIDTH=500 HEIGHT=350[/flash]
     
  3. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    [align=center]
    جزاكم الله خيرا اخواني على مروركم .
    وارجوا من الاخوة متابعة الموضوع بتجرد فإن وجدوا فيه ما يجانب الصواب فالينبهونا اليه ، دون ادراجه في قسم الرد على المخالف دون بيّنة .
    اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
    [/align]
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  4. الصورة الرمزية أختكم في الله مها

    أختكم في الله مها تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    بارك الله فيك أخي الكريم وجعله في ميزان حسناتك



     
  5. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    جزاك الله خيرا اخيتي على تفاعلك بارك الله فيك
    التعديل الأخير تم بواسطة العزة للاسلام ; 29 Oct 2007 الساعة 10:24 AM
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  6. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    الإجماع الثالث : أجمع العلماء قاطبةً على أن أي طائفةٍ من الطوائف امتنعت عن شريعةٍ واحدةٍ من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة، فإنه يجب قتالها، ولا يمنعُ من ذلك نطقها بالشهادتين.

    وهي مسألة معروفة مشهورةٌ، وكلام العلماء فيها كثيرٌ، فمن ذلك قول
    شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : [
    ويجوز بل يجب بإجماع المسلمين قتال كل طائفة ممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة مثل الطائفة الممتنعة عن إقامة الصلوات الخمس، أو عن أداء الزكاة، أو عن الصيام المفروض، ومثل من لا يمتنع عن سفك دماء المسلمين، وأخذ أموالهم بالباطل، ومثل ذوي الشوكة المقيمين بأرض لا يصلون بها، ولا يتحاكمون بينهم بالشرع الذي بعث الله به رسوله، ولا عندهم مسجد، ولا يؤذنون ولا يزكون مع وجوبها عليهم، أو يقتل بعضهم بعضاً وينهب بعضهم مال بعض، ويقتلون الأطفال ويسبونهم، ويتبعون ما يسنه الإفرنج، وإذا دعي أحدهم إلى الشرع قال: جاءنا الشرع، فهؤلاء يجب قتالهم كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج مع كون الصحابة رضي الله عنهم كان أحدهم يحقر صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، فقاتلهم علي رضي الله عنه.

    ويدعون قبل القتال إلى التزام شرائع الإسلام، فإن التزموها استوثق منهم ولم يكتف بمجرد قولهم، بل تنزع منهم الخيل والسلاح كما فعل أبو بكر رضي الله عنه بأهل الردة حتى يرى منهم السلم، ويرسل إليهم من يعلمهم الإسلام ويقيم بها الصلاة، ويستخدم بعض المطيعين منهم في جند المسلمين، ويجعلهم في جماعة المسلمين، ويمنعون من ركوب الخيل وأخذ السلاح حتى يستقيموا، فإن لم يستجيبوا لله ورسوله وإلا وجب قتالهم حتى يلتزموا شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة وهذا متفق عليه بين علماء الإسلام
    ]( مختصر الفتاوى المصرية: 468
    )

    وقال –رحمه الله - : [وقد اتفق علماء المسلمين على أن الطائفة الممتنعة إذا امتنعت عن بعض واجبات الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها، إذا تكلموا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلاة والزكاة أو صيام شهر رمضان، أو حج البيت العتيق، أو عن الحكم بينهم بالكتاب والسنة، أو عن تحريم الفواحش أو الخمر، أو نكاح ذوات المحارم، أو عن استحلال النفوس والأموال بغير حق، أو الربا أو الميسر، أو عن الجهاد للكفار، أو عن ضربهم الجزية على أهل الكتاب ونحو ذلك من شرائع الإسلام فإنهم يقاتلون عليها حتى يكون الدين كله لله
    ]اهـ.

    ومعلومٌ أن ما تمارسه وتقوم به أجهزة الدول من استخبارات وجيش وشُرَط ليس هو فقط حماية الحاكم الكافر المتغلِّب على بلدان المسلمين، بل هي الركن الركين لحماية أنظمة وقوانين ودساتير تلك الدول، ولا يتوقف شرُّها عند هذا الحد بل أضافت إليه إلزام الناس بقبول تلك الشرائع الكافرة وإجبارهم على التحاكم إليها، ومطاردة وملاحقة والتنكيل بكل من يعارضها ويعترض عليها، هذا مع مولاتها الظاهرة لكفرة الشرق والغرب واستنانها بسننهم في النقير والقطمير، وكل منصفٍ يقطع قطعاً جازماً أن تلك الأجهزة لم تؤسس وتدرب من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا ولا ليكون الدين كله لله، ولا يعنيها ذلك من قريب أو بعيد، فمَن الذي يحول بين الناس وبين أن يستظلوا بحكم الشرع وينعموا برحمته إن لم تكن هذه الطوائف الممتنعة الصادة عن سبيل الله؟!!.

    فما من داعية ولا جماعة إسلامية اليوم إلا وتدعو للتحاكم إلى شرع الله، والرجوع إلى دينه، وتسعى لاسترداد حكمه، فهو إجماعٌ منهم على أن الشرع معطلٌ -وإن كان بدرجات متفاوتة- فَلِم نفر من الجواب الصريح حينما يسأل السائل بوضوح :
    مَن الذي يحول بين المسلمين وبين عيشهم تحت حكم الله تعالى؟! من الذي يتولى حماية منابع الهدم التي زعزعت عقائد المسلمين ودمَّرت أخلاقهم ومسخت أفكارهم؟ مَن الذي يقوم على حماية الشرائع الوضعية والأحكام الأرضية التي يُلزَم الناس بأن يكونوا تحتها ويرغمون على التقاضي إليها؟ مَن الذي يملأ الطرق بأسلحته
    و(هراواته) وغازاته ومياهه الساخنة إذا ما تحرَّك الناس معترضين على فقرة من فقرات الدستور الوضعي أو مطالبين بإقامة شريعة رب العالمين؟ مَن الذي ينتهض مباشرة ومن غير أدنى تردد أو اعتراض لينفِّذ أوامر الساسة المجرمين التي يذلون بها الشعوب كائنةً ما كانت تلك الأوامر سواء كانت سفكاً للدماء، أو تهديماً للمساجد، أو تحريقاً للمدارس، أو انتهاكاً للأعراض، أو تمزيقاً للحجاب والنقاب، والحجة في ذلك أن المنفذ (عبدٌ مأمورٌ) ويحرص أشد الحرص على تنفيذ تلك الأوامر بحذافيرها ويخشى تمام الخشية أن يفرط في شيءٍ منها؟

    هل يستطيع أحدٌ –كائناً مَن كان- أن يبرِّء أجهزة الاستخبارت، أو الجيش، أو الشُرطة، أو الدرك من تبعة هذه الجرائم التي يختصرها شيء واحدٌ وهو (
    تعطيل شريعة الله ومحاربة دينه وأوليائه
    ).؟
    فإذا لم تكن هذه الأجهزة بمجموعها وهيئتها ونظمها وأهدافها طوائف ممتنعة ينطبق عليها إجماع أولئك العلماء فإن كلامهم ذاهبٌ في مهاب الريح، وليس له إلا أن يكون حبيس بطون الكتب.

    هذا ولا علاقة لإجماع العلماء بقتال الطوائف الممتنعة عن شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة باختلافهم في مسألة تكفير هذه الطوائف من عدمها، حتى يحاول البعض أن يجعل الشيئين شيئاً واحداً، ويدخل بعضها في بعضٍ، بحيث يكون محل البحث والمناقشات عنده هو: هل هذه الطوائف مرتدة أم لا؟ فإذا توصل إلى عدم القول بردتها انتقل إلى النتيجة التي يريد الخلوص إليها وهي عدم جواز قتالها، فلا ارتباط بين الأمرين، فمناط وجوب قتالها ليس هو ردتها وكفرها، وإنما امتناعها عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة، فمتى حصل هذا الامتناع وكان منصباً على شريعة ظاهرة وجب القتال بإجماع العلماء سواء قيل بكفرها أم لا، كما
    قال الإمام أبو بكر الجصاص الحنفي –رحمه الله- : [... فالمقيم على أكل الربا إن كان مستحلا له فهو كافر، وإن كان ممتنعا بجماعة تعضده سار فيهم الإمام بسيرته في أهل الردة إن كانوا قبل ذلك من جملة أهل الملة، وإن اعترفوا بتحريمه وفعلوه غير مستحلين له قاتلهم الإمام إن كانوا ممتنعين حتى يتوبوا، وإن لم يكونوا ممتنعين ردعهم عن ذلك بالضرب والحبس حتى ينتهوا.](أحكام القرآن للجصاص :1 / 572
    ).

    ولهذا أزال شيخ الإسلام هذه الشبهة وذهب إلى أبعد من ذلك فقال في حق قتال التتار: [بل لو كان فيهم قوم صالحون من خيار الناس ولم يمكن قتالهم إلا بقتل هؤلاء لقتلوا أيضاً؛ فإن الأئمة متفقون على أن الكفار لو تترسوا بمسلمين وخيف على المسلمين إذا لم يقاتلوا؛ فإنه يجوز أن نرميهم ونقصد الكفار]اهـ.

    التعديل الأخير تم بواسطة العزة للاسلام ; 28 Oct 2007 الساعة 09:28 PM
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  7. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    الإجماع الرابع : اتفق العلماء قاطبةً على أن العدو إذا داهم بلدةً من بلاد المسلمين وجب على أهلها قتالهم، فإن عجزوا أو قصَّروا وجب على مَن يليهم عونهم، وهكذا يتسع الأمر حتى ولو عمَّ الأرض كلها.
    وهي مسألة معروفة مطروقة وكلام العلماء فيها شهيرٌ.

    فمن ذلك :
    قال إمام الحرمين –رحمه الله- : [فأما إذا وطئ الكفار ديار الإسلام فقد اتفق حملة الشريعة قاطبة على أنه يتعين على المسلمين أن يخفوا ويطيروا إلى مدافعتهم زرافات ووحدانا حتى انتهوا إلى أن العبيد ينسلون عن ربقة طاعة السادة، ويبادرون الجهاد على الاستبداد، وإذا كان هذا دين الأمة ومذهب الأئمة فأي مقدار الأموال في هجوم أمثال هذه الاهوال لو مست إليها الحاجة وأموال الدنيا لو قوبلت بقطرة دم لم تعد لها ولم توازها]( غياث الأمم:191
    ).

    قال الإمام ابن عبد البر –رحمه الله- : [الغزو غزوان: غزو فرض، وغزو نافلة. والفرض في الجهاد ينقسم أيضا قسمين: أحدهما: فرضٌ عام متعين على كل أحدٍ ممن يستطيع المدافعة والقتال وحمل السلاح من البالغين الأحرار، وذلك أن يحل العدو بدار الإسلام محاربا لهم، فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الدار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافاً وثقالاً وشباباً وشيوخاً ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقاتل أو مكثر، وإن عجز أهل تلك البلدة عن القيام بعدوهم كان على من قاربهم وجاورهم أن يخرجوا قلوا أو كثروا على حسب ما لزم أهل تلك البلدة، حتى يعلموا أن فيهم طاقة على القيام بهم ومدافعتهم، وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوهم وعلم أنه يدركهم ويمكنه غياثهم لزمه أيضا الخروج اليهم، فالمسلمون كلهم يد على من سواهم، حتى إذا قام بدفع العدو أهل الناحية التي نزل العدو عليها واحتل بها سقط الفرض عن الآخرين، ولو قارب العدو دار الإسلام ولم يدخلوها لزمهم أيضا الخروج إليه.]( الكافي في فقه أهل المدينة :463
    ).

    وتأمل تعليله معونة المسلمين ونفيرهم لنصرة إخوانهم بقوله (
    فالمسلمون كلهم يد على من سواهم) وانظر إلى الدعوات المعاصرة التي قسمت الأحكام وفصلتها تبعاً لتقسيمات سايكس بيكو التي جعلت المسلمين دولاً وأوزاعاً، وشيعاً وأحزاباً كل حزبٍ بما لديهم فرحون وبما هم فيه من العصبية المنتنة فخرون، قال شيخ الإسلام –رحمه الله- : [وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب؛ إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة
    ]اهـ.

    وقال العلامة أبو بكر الجصاص الحنفي –رحمه الله- : [ومعلوم في اعتقاد جميع المسلمين أنه إذا خاف أهل الثغور من العدو، ولم تكن فيهم مقاومة لهم فخافوا على بلادهم وأنفسهم وذراريهم أن الفرض على كافة الأمة أن ينفر إليهم من يكف عاديتهم عن المسلمين، وهذا لا خلاف فيه بين الأمة إذ ليس من قول أحد من المسلمين إباحة القعود عنهم حتى يستبيحوا دماء المسلمين وسبي ذراريهم
    ](أحكام القرآن : 4 /312).

    وقال شيخ الإسلام –رحمه الله-: [وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين، فواجب إجماعاً، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط، بل يدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم، فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم وبين طلبه في بلاده](الفتاوى الكبرى : 5 / 537
    ).

    وقال أيضاً بعد أن ذكر الخلاف في مسألة وجوب الجهاد بالمال لمن عجز عن الجهاد بالنفس وكان موسراً : [وينبغي أن يكون محل الروايتين في واجب الكفاية: فأما إذا هجم العدو فلا يبقى للخلاف وجه، فإن دفع ضررهم عن الدين والنفس والحرمة واجب إجماعاً
    ]اهـ.

    وهذا الحكم المجمع عليه والذي أوضحه العلماء غاية الإيضاح، دخل في هذا العصر دائرة التشكيك والتفكيك والأخذ والرد والاعتراض والنقض، فلم يسلم هو أيضاً من معاول التغيير وعوامل التحوير ولا حول ولا قوة إلا بالله، مع أن هجوم الكفار على ديار المسلمين واحتلالهم لها واضح وضوح الشمس بعد أن أجلبوا عليها بجيوشهم الجرارة وحشودهم الضخمة وفرضوا عليها أحكامهم وحكوماتهم وساموا سكانها من المسلمين سوء العذاب، وظهر في تلك البلدان من أنواع الفساد والإلحاد والفسوق والمروق في سنوات معدودات ما يشيب لهوله الولدان، فليس غريبا إذاًً أن يقول شيخ الإسلام إن دفع أمثال هؤلاء ليس شيء أوجب بعد الإيمان منه؛ لأن بقاءهم مستقرين متمكنين يعني مع طول الزمن وتقادم الإيام رفع الإيمان عن تلك الأرض أو أن يبقى مسخ من الناس لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكراً، ولهذا أدرك العلماء الأجلاء خطورة هذه المسألة فعظموها وفخموها وهولوا شأنها وعدوها أم المصائب ونائبة النوائب حتى يستعشر المسلمون خطرها ولا يتهاونون في أمرها فانظر مثلا ما يقوله
    إمام الحرمين الجويني –رحمه الله- عن مثل هذه الحالات : [فمن استمسك بالحق ولم يمل به مهوى الهوى عن الصدق تبين على البدار والسبق أن خزائن العالمين وذخائر الأمم الماضين وكنوز المنقرضين لو قوبلت بوطأة من الكفار لأطراف ديار الإسلام لكانت مستحقرة متسنزرة، فكيف لو تملكوا البلاد، وقتلوا العباد، وقرعوا الحصون والأسداد، وخرقوا عن ذوات الخدور حجب الرشاد، ومال إليهم من لا خلاق له من حثالة الناس بالارتداد، وتخلل الحرائر العلوج، وهتك حجابهن التبذل والبروج، وهدمت المساجد، ورفعت الشعائر والمشاهد، وانقطعت الجماعات والأذان، وشهرت النواقيس والصلبان، وتفاقمت دواعي الاختزاء والافتضاح، وصارت خطة الإسلام بحرا طافحا بالكفر الصراح](غياث الأمم:254
    )

    ومعلومٌ أنه لا فرق في هذا الحكم بين أن يكون العدو قادماً على بلاد المسلمين من خارجها، وبين أن يكون متسلطاً عليها وهو من أهلها وسكّانها، وهو ما اصطلح المعاصرون على تسميته (بالعدو الخارجي والعدو الداخلي)، فإن الضرر المحدق بالإسلام والمسلمين من جراء تسلط الكفرة وتغلبهم لا يختلف في أصله بين الحالتين وإنما يتفاوت بقدر عتو الكفرة وطغيانهم ومكرهم وكيدهم وشدة ضغينتهم وعظم صيالهم، ولهذ
    ا قال شيخ الإسلام (فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه
    )، فعلق الأمر على صيال العدو وإفساده للدين والدنيا، وهي صفةٌ كاشفةٌ لا مقيِّدة فما من عدوٍ صائلٍ إلا وهو مفسدٌ للدين والدنيا مهلكٌ للحرث والنسل، فلا يختص أصل وجود هذا الوصف بعدوٍ خارجي كالأمريكان، أو اليهود، أو غيرهم.

    بل من يتأمل مجريات التاريخ الإسلامي وما احتواه من مصائب وأهوال والتي اجتاح فيها الكفار بلاد المسلمين وابتلعها كاللقمة السائغة يجد في الغالب أن اعتمادهم في مداهمة بلدان المسلمين واستباحتهم لحرماتهم إنما يتم عبر الخونة المنسلخين من الدين والقيم والرحمة ممن يقيم بين ظهراني المسلمين وينتسب إليهم ويضمر الضغينة والحقد عليهم حتى إذا سنحت له فرصةُ بثِّها قتل ونكل وشرد وتمرد وطغى وعتى ورأى المسلمون على يديه من الخيانات والإجرام والتنكيل والانسلاخ من الرحمة ما لم يخطر على بالهم، فهم وإن كاشروا المسلمين حيناً فإن تحت ضلوعهم الداء الدوي، وإذا كان الأمر كذلك فليس غريباً إذاً أن يصف القرآن أهل النفاق ويحذر منهم حيث يقول الله فيه : {
    هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}[المنافقون/4
    ]

    ومن تأمل حال بلدان المسلمين اليوم سواء منها ما وقع تحت حكم النصارى أو اليهود أو المرتدين يدرك بسهولة معاناة المسلمين في الحالتين واصطلائهم بنار (تغلب الكفرة) في الصورتين سواء منها ما كانت فيها الغلبة للكفار الأصليين كما هو الحال في العراق وأفغانستان وفلسطين والشيشان وتركستان الشرقية وغيرها أو ما كانت الغلبة فيها للمرتدين كسائر بلاد المسلمين الأخرى، فالسجون مكتظة بأسارى المسلمين هنا وهناك، ومطاردة المجاهدين والتنكيل بهم جارية على قدم وساقٍ في الموضعين، وتهديم الأخلاق وإفساد العقائد ونشر الفاحشة في الذين آمنوا وفتح المجالات للمنسلخين من الدين والآداب والقيم وتقديمهم وإفساح سائر سبل التسهيل لهم والتضييق على أهل الحق ودعاة الصدق كل ذلك لا يخفى على أحدٍ، بل والله إن سجون طغاة العرب والعجم الذين تنتسب حكوماتهم للإسلام لهي أشد وأنكى وأخزى من سجون اليهود والنصارى ومع ذلك فكلهم في فلك الإجرام والشر يَسبَحون.

    ومعلومٌ أن أبا بكرٍ الصديق رضي الله عنه إنما أمضى جيش أسامة رضي الله تعالى عنه لقتال الروم لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي عقد لواءه وأوصى بإنفاذه وهو على فراش الموت، أما بقية الصحابة رضي الله عنهم ممن لم يكن في ذلك الجيش فإنما استنفرهم أبو بكر ذلك الاستنفار العظيم لقتال (العدو الداخلي) ممن ارتدوا على أعقابهم بعد إذ هداهم الله، والذين كانوا تحت حكم الإسلام وفي مظلة دولته، وقام كل من ثبت على الإسلام من تلك الأقوام بمعونة جيوش المسلمين والقتال معهم لأقوامهم كما
    قال الإمام ابن حزمٍ -رحمه الله- بعد أن ذكر أحوال الناس وأصنافهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم : [إلا أن في كل قبيلة من المؤمنين من يقاوم المرتدين، فقد كان باليمامة ثمامة بن أثال الحنفي في طوائف من المسلمين محاربين لمسيلمة، وفي قوم الأسود أيضا كذلك، وفي بني تميم وبني أسد الجمهور من المسلمين، وطائفة رابعة توقفت فلم تدخل في أحد من الطوائف المذكورة وبقوا يتربصون لمن تكون الغلبة كمالك بن نويرة وغيره، فأخرج إليهم أبو بكر البعوث فقتل مسيلمة، وقد كان فيروز وذاذويه الفارسيان الفاضلان رضي الله عنهما قتلا الأسود العنسي فلم يمض عام واحد حتى راجع الجميع الإسلام أولهم عن آخرهم
    ]اهـ.

    وعليه فلا يجب على المسلمين إذا تهيأت لهم الأسباب وساعدتهم الأحوال والظروف أن ينتظروا في كل حينٍ أن يدخل بلادهم ويدهم أرضهم (عدو خارجي)، فعندها فقط ينتفضون للقتال، أما ذا لم يحصل ذلك فيوجَبُ عليهم كف الأيدي بلا دليل قائم من كتاب ولا سنة، وقد
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : [وليس من شريعة الإسلام أن المسلمين ينتظرون عدوهم حتى يقدم عليهم، هذا لم يأمر الله به ولا رسوله ولا المسلمون، ولكن يجب على المسلمين أن يقصدوهم للجهاد في سبيل الله، وإن بدأوا هم بالحركة فلا يجوز تمكينهم حتى يعبروا ديار المسلمين، بل الواجب تقدم العساكر الإسلامية إلى ثغور المسلمين، فالله تعالى يختار للمسلمين في جميع الأمور ما فيه صلاح الدنيا والآخرة
    .]اهـ.

    ولا أقصد هنا طرح المسألة المعروفة وهي بأيهما يكون البدء أبالعدو القريب أم بالعدو البعيد؟، فأصل هذا الطرح لا يخالف في مشروعية القتالين وإنما يناقش أي البدئين أجدى نفعاً وأعظم أثراً وهذا في أغلبه قضية ميدانية تتبع الظروف والأحوال التي يعيشها المجاهدون خصوصا والمسلمون عموماً، وليس على المجاهدين بعد النظر والمشاورة جناحٌ في اختيار العدو الذي يكون قتالهم له هو المقدَّم، وهذا كما جرى عمل غالب المجاهدين في هذه الأيام بمقاتلة الأمريكان وتتبعهم وتقصدهم باعتبارهم أشد الأعداء كلَباً وأعظمهم معونة لسائر الكفرة من اليهود والمرتدين، ولا تكاد تجد ساحة من ساحات الجهاد إلا ولهؤلاء المجرمين يد في إمداد الكفرة المحاربين للدين في تلك البقعة، وهذه الدولة الملفّقة لا تخفي ذلك ولا تستره بل تتبجح به وتبالغ في إشهاره وإظهاره، فلا ضير إذا أن يجعل المجاهدون في مقدمة أعمالهم قطع هذه اليد المعتدية الممتدة إلى بقاع المسلمين تخرب وتدمر وتفسد أو تعين المفسدين والمخربين من أوليائها ووكلائها، وهذا تقرير لا غبار عليه وإنما الكلام اليوم قد انتقل إلى مسألة مشروعية قتال هذه الأنظمة المرتدة واشتداد النكير على من يقول بذلك فضلا عمن يمارسه ويجتهد في أدائه، ثم إحلال الحوارات الوطنية وإصلاح البيت الداخلي وتقوية الجبهة الداخلية وتفهم وجهة نظر (الآخر) وغير ذلك من الخزعبلات محلَّ عبادة الجهاد التي يراد التفلت منها والتترس عنها بأي وسيلة، وما حال أولئك إلا كالظمآن الذي يروم الارتواء بالخمر الصرف فلا تزيده إلا عطشاً حتى ترديَه، قال تعالى : {
    إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[التوبة/39]
    .

    ثم إن الكثيرين ممن يتحدثون عن الاقتصار على قتال العدو الخارجي، ولم يكتب لهم شرف ممارسة الجهاد في ساحاته، ومعاينة ومعاناة همومه وجراحاته، ويتعاملون معه بنظرة إجمالية عمومية عن بعدٍ دون الدخول إلى تفاصيل أعماله- يحسبون أن الانتصار على تلك القوة الخارجية المداهمة ودحرها إنما يقع بضربة لازبٍ، ويغريهم في ذلك مجرد تعاطف الناس الكبير عند أول شرارة الاحتلال حتى إذا طال عليهم الأمد واسترسل الاحتلال وامتد، وتمكّنت دولته، وتضعضت مسيرة الجهاد بين الانتصار والانكسار، والارتفاع والانخفاض وخالجتها المؤامرات والدسائس وإطلال رؤوس النفاق، رأيت وميض الحماسة بدأ يخفت، وهيجان التأييد يضعف فيكون المرء متعاملا مع قضايا المسلمين لا من منطلق الفهم الشرعي الراسخ والقيام بواجباته المضبوطة وإنما بالحماسة والعاطفة ومثل هذا التعامل يُستفاد منه شيء ما ولكن لا يمكن الاعتماد عليه ولا الوثوق به في إدارة عجلة الجهاد ولا في تقييم أوضاعه ومعرفة مآلاته؛ لأن أمر العواطف لا يُضبط ولو وكل أمر الشرع إليها لما قامت له قائمة ولا بقيت معه باقية، فالمطلوب من المرء المسلم أن يكون فعَّالاً لا منفعلاً فحسب، ومؤثِّراً لا متأثراً فقط، والشواهد على هذا الأمر من واقع ساحات الجهاد المعاصرة كثيرة، كالحالة في فلسطين أو الشيشان أو المرحلة الأخيرة من العراق وهكذا، ولهذا فقد تجد بعض مَن كانوا متحمسين للجهاد ومنفعلين مع قضية من قضاياه في مرحلة من المراحل غاية الانفعال قد يصلون في مسألة (قتال العدو الخارجي) إلى نفس ما استقر في نفوسهم وترسخ في صدورهم من عدم جدوى قتال (العدو الداخلي) لأنه يرى أن الأبواب موصدة، وأن ملامح النصر لا يظهر لها بصيص أمل، وأن جهود سنوات من القتال المحتدم والتضحيات الكبيرة لم تُجنَ ثمارها بعد، وأن المرحلة الذهبية من التفاعل الشعبي والتوجه الإعلامي المركز قد أعقبها فتورٌ وخمولٌ فيرجع القهقرى ليبحث بعدها عن بدائل (سلمية) لإخراج المحتل كما تحصَّل على وسائل (سلمية) وشرعية أيضاً! في معارضة أنظمة الحكم وبهذا يوصد باب الجهاد العملي كلية أو يحجّم ويقلص إلى أقصى حدٍّ لينحصر فقط في جهاد اليهود في فلسطين مع وضع عراقيل وإحاطته بمفاهيم لا يمكن معها تطبيقها إلى يوم التناد، وقد قال تعالى في آياتٍ بيناتٍ باقياتٍ لمن يطلب الدواء الشافي من غير تعنتٍ ولا مواربة : {
    قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137) هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ [آل عمران/137، 142
    ].

    ولتراجَع أقوال أئمة السلف ومن بعدهم من العلماء في هذه الآيات فإنها بلسمٌ عذبٌ لكل من أجهده طول المسير وأرهقه قلة النصير ليستيقن بقلبٍ مطمئنٍ أن العاقبة للمتقين، وأن للكفر انتفاشة منتنة ستزول عمّا قريب، وأن معركة بهذه الجسامة والضخامة والعتاد والعناد والأعداد والإمداد لا يمكن حسمها إلا بجهدٍ عظيم وصبر طويل ومنهجٍ راسخ وعقيدة متمكنة وثقة بالله قاطعة لا تتقلب مع الظروف يمنة ويسرة، وهو ما يحتاج إليه كل من أراد الجهاد حتى ينال إحدى الحسنيين أما من بنى أمره على عاطفة هائجة أو تخيلات مائجة فهو محظوظ لو بلغ منتصف الطريق ونسأل الله العافية والثبات
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  8. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    الإجماع الخامس : اتفق العلماء على كفر من ظاهر الكفار على المسلمين وأعانهم عليهم.

    وبفضل الله فإن هذه المسألة من أوضح المسائل في كتاب الله تعالى والأيات في هذا المعنى كثيرة جداً، وقد أفاض علماء الدعوة النجدية خاصةً في حديثهم عنها، وذكر تفاصيلها، بل تخصيص الكتب والرسائل المتعلقة بها، ولم تزل كتبهم وأقوالهم تُدرَس وتنشر وتؤكَّد وتردَّد ويعدّها الناس من المسلّمات التي لا يجرؤ أحدٌ على مسِّها أو دسِّها أو الاقتراب منها حتى إذا وقعت حكومة في هذه الورطة وغرقت فيها من الأَخْمَصِ إلى النَّاصية وكان أمرها فيها مفضوحاً فُرطاً انتصبت الأقلام واندلعت الألسن فصالت وجالت من هنا وهناك للتشكيك في هذا الحكم، وسفّت عليه سوافي الشبهات، وقامت بإدخاله قسراً وقهراً دائرة الأخذ والرَّد وأقحمته في مجلبة الخلافات التي لم يكونوا يرتضون فيها مجرَّد التعريض بها، فعلمنا بعدها أن كثيراً من تلك التقريرات والتأصيلات لم تكن مبنية على التجرد في محاولة الوصول إلى الحق، وإنما سلكت مسلك الممارة لمجاراة أهواء الطغاة ومحاولة سدِّ أي بابٍ يمكن أن يثبت من خلاله كفرهم وردتهم حتى وإن كان ما يقترفون من الكفر أجلى من شمس الصائفة.

    وعلى كل حالٍ فليسلِّم مَن شاء بالإجماع المحكي أو لا يسلِّم، وليعترف به أو يجادل، وليقر به أو يعترض، فإن التصريح بكفر مَن ظاهر الكفار على المسلمين ليس بدعاً من قول المجاهدين، ولا هو من تخرّصاتهم وابتكاراتهم، ولم تنتجه حماستهم ولا عواطفهم، فأقوال العلماء الثقات المؤتمنين واضحة جلية تنطق بالحق في ذلك وتصرِّح بهذا الحكم، والمجاهدون ليسوا ممن يقلِّبون أحكام الشرع وينقلبون عليها، ويشقِّقونها ويحوِّرونها كلما أزعجت الطغاة المتجبِّرين، كما أنهم لا يعتمدون في تقرير أحكام الشرع تبعاً لميولات الناس واستجابة لعواصف عواطفهم، فإن الحق يُتَّبع ولا يَتْبَع، فكلُّ من يسوِّد الصفحات ويستل بالمناقيش كوامن الشبهات لأجل خلخلة هذا الأمر فعليه أن يبدأ أولاً بما سطرته أنامل العلماء الأمناء الذين كتبوا ما كتبوا ولم يلتفتوا إلى رضا طاغية، ولم يدفعهم الجبن والخور (وحب الدنيا وكراهية الموت) إلى التلاعب بأحكام الشرع، وما دام المجاهدون لم يُحدِثوا هذا الحكم أو يبتكروه إذاً فما عليهم من سبيل : {
    إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}[الشورى/42].

    فمن المعلوم مدى شدة بغض عوام المسلمين لليهود، وكرههم لكل ما له علاقة بهم، ومجرّد إطلاق لفظ (يهودي) يعد عند المسلمين كافةً سبةً كفيلة بأن تستثير الكامِن وتغضب الحليم، فلذلك فلا تكاد تجد عالماً واحداً إلا وهو يشن عليهم الغارة –حتى هذه اللحظة – ويصرِّح بقبح التعامل معهم، كما حصل في البيان المتعلِّق بإغلاق ممر رفح إبَّان حرب غزة الأخيرة، والتي وقّع كثيرٌ من العلماء ومن سائر بقاع الأرض على كفر مَن يظاهر اليهود ويعينهم على ما يقومون به من جرائم، وأسهبوا في ذلك وأطنبوا، واستدلوا بأقوال العلماء ولم نسمع شيئاً من التخرّصات التي تولّدت في حق مسألة المظاهرة، والتي لو أراد المرء أن يطبّقها على ما فعل طاغية مصر من (مجرد) إغلاق ممر رفح لوجد له من الأعذار (المقنعة) أضعاف أضعاف ما يختلق ويُتكلّف في اصطناعه وإحداثه حينما يصل الأمر إلى مظاهرة الأمريكان الكفرة على المسلمين في أفغانستان أو العراق أو الصومال أو اليمن أو غيرها، حيث المظاهرة الجلية العلنية الفاضحة الواضحة التي لا تخفى على الأعمى وهي لا تتعلق بمجرد إغلاق ممر، فما لكم كيف تحكمون : {أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ}
    [القمر/43]

    قال الإمام أبو محمد بن حزمٍ : [فصح بهذا أن من لحق بدار الكفر والحرب مختاراً محارباً لمن يليه من المسلمين فهو بهذا الفعل مرتد له أحكام المرتد كلها، من وجوب القتل عليه، متى قدر عليه ومن إباحة ماله وانفساخ نكاحه وغير ذلك؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبرأ من مسلم...وكذلك من سكن بأرض الهند والسند والصين والترك والسودان والروم من المسلمين، فإن كان لا يقدر على الخروج من هنالك لثقل ظهر، أو لقلة مال، أو لضعف جسم، أو لامتناع طريق فهو معذور، فإن كان هنالك محارباً للمسلمين معينا للكفار بخدمة أو كتابة فهو كافر]( المحلى:11 / 200
    ).

    وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- وهو يعدد نواقض الإسلام : [الثامن : مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى : {ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين
    } .]اهـ

    وقال العلامة أحمد شاكر –رحمه الله- في رسالته المطوّلة والمفصلة للأمة المصرية خاصة والإسلامية عامة : [
    أما التعاون مع الإنجليز, بأي نوع من أنواع التعاون, قلّ أو كثر, فهو الردّة الجامحة, والكفر الصّراح, لا يقبل فيه اعتذار, ولا ينفع معه تأول, ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء, ولا سياسة خرقاء, ولا مجاملة هي النفاق, سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء. كلهم في الكفر والردة سواء, إلا من جهل وأخطأ, ثم استدرك أمره فتاب وأخذ سبيل المؤمنين, فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم, إن أخلصوا من قلوبهم لله لا للسياسة ولا للناس .

    وأظنني قد استطعت الإبانة عن حكم قتال الإنجليز وعن حكم التعاون معهم بأي لون من ألوان التعاون أو المعاملة, حتى يستطيع أن يفقهه كل مسلم يقرأ العربية, من أي طبقات الناس كان, وفي أي بقعة من الأرض يكون .

    وأظن أن كل قارئ لا يشك الآن, في أنه من البديهي الذي لا يحتاج إلى بيان أو دليل: أن شأن الفرنسيين في هذا المعنى شأن الإنجليز, بالنسبة لكل مسلم على وجه الأرض, فإن عداء الفرنسيين للمسلمين, وعصبيتهم الجامحة في العمل على محو الإسلام, وعلى حرب الإسلام, أضعاف عصبية الإنجليز وعدائهم, بل هم حمقى في العصبية والعداء, وهم يقتلون إخواننا المسلمين في كل بلد إسلامي لهم فيه حكم أو نفوذ, ويرتكبون من الجرائم والفظائع ما تصغر معه جرائم الإنجليز ووحشيتهم وتتضاءل, فهم والإنجليز في الحكم سواء, دماؤهم وأموالهم حلال في كل مكان, ولا يجوز لمسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يتعاون معهم بأي نوع من أنواع التعاون, وإن التعاون معهم حكمه حكم التعاون مع الإنجليز: الردة والخروج من الإسلام جملة, أيا كان لون المتعاون معهم أو نوعه أو جنسه
    .]اهـ.

    وكلام هذا الإمام في هذه الرسالة في غاية القوة والوضوح والصراحة والتفصيل وقد دوّنه بأسلوبٍ سهلٍ وطريقةٍ ميسرة يستوعبها العامي أحرى العالم، وقد نفى عن نفسه أن يكون أثناء كتابته هذه الفتوى المحكمة قد مسه شيء من الغبش أو الالتباس، فليس ما يدونه هنا سبق قلم، ولا عبارات تهييج عاطفية ولا ردة فعل حماسية بل كتب تلك الأحكام وهو في (
    كامل قواه العقلية والعلمية)، حيث يقول : [وقد قلنا : (يجب على كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يحاربهم وأن يقتلهم حيثما وجدوا، مدنيين أو عسكريين ونحن نقصد إلى كل حرف من معنى هذه الجملة
    ]اهـ.

    وهي فتوى ذاعت وشاعت من لدُن إصدارها وإلى يومنا فدواعي انتشارها كفلية بأن توصلها إلى أقصى المشرق وأقصى المغرب، وقد قرأها العلماء وأخرجتها المطابع وأفردت وألحقت فما رأينا منها امتعاضاً ولا عليها اعتراضاً يذكر، بل والله إنه لذكر فيها ما هو أشد من مجرد المظاهرة التي هي الإعانة، فأعطى الحكم عينه لِمَن سالمهم فلم يحاربهم!، وحقيقةً أنا لم أستوعب وجه هذه الفقرة استيعاباً تاماً حيث
    يقول –رحمه الله- : (ألا فليعلم كل مسلم في أي بقعة من بقاع الأرض أنه إذا تعاون مع أعداء الإسلام مستعبدي المسلمين, من الإنجيليز والفرنسيين وأحلافهم وأشباههم, بأي نوع من أنواع التعاون, أو سالمهم فلم يحاربهم بما استطاع, فضلا عن أن ينصرهم بالقول أو العمل على إخوانهم في الدين, إنه إن فعل شيئا من ذلك ثم صلى فصلاته باطلة...إلخ
    )اهـ.

    فليشرق بذلك دعاة التطبيع والتمييع، فما هي من جعبتنا وإنما من كنوز
    الإمام المحقق المحدث الفقيه القاضي المفتي الأديب العلامة أحمد شاكر
    ، أليس كذلك؟ شكر الله له صدعه بالحق، وأبقى كلامه شوكةً في حلوق المتميعين المتلاعبين بالشرع.

    ومن المعلوم أن الشيخ كان يتحدث عن واقع شبيه بما يعيشه المسلمون اليوم في كثير من بقاع الأرض، وما عليك إلا أن تضع كلمة (الأمريكان) بدل قوله (الإنجليز) أو (الفرنسيين) لتجد محلّ الكلام متطابقاً ووصف الحال متوافقاً، وتأمل كلامه مثلا على الفرنسيين وقوله : (
    وهم يقتلون إخواننا المسلمين في كل بلد إسلامي لهم فيه حكم أو نفوذ, ويرتكبون من الجرائم والفظائع ما تصغر معه جرائم الإنجليز ووحشيتهم وتتضاءل, فهم والإنجليز في الحكم سواء, دماؤهم وأموالهم حلال في كل مكان
    )اهـ.

    أليس هو حقيقة ما فعله ويفعله الأمريكان والإنجليز وأحلافهم في أفغانستان والعراق، واليهود في فلسطين وهلمَّ جرا، وما معنى كلامه –رحمه الله- دماؤهم وأموالهم حلال في كل مكان؟!!!،
    وليرجع كل منصف إلى ما كتبه هذا الإمام وليرَ هل تجاوز المجاهدون في هذه المسألة مما قاله شيئاً
    ، أم أن هذا الكلام الجريء القوي كان خاصاً بحقبة الاجتياح الغربي لبلدان المسلمين (الاستعمار) حينما كان القتل همجياً عشوائياً وحشياً، أما الاستعمار الحالي الذي يستظل بقرارت مجلس الأمن، ويتدثر بدثار الأمم المتحدة، ويلتحف لحاف (حفظ السلام)، فلا تثريب عليه لأن قتله للمسلمين إنما يقع (بالصورايخ الذكية)، مع أن ما يرتكبه من الجرائم والعظائم يساوي أو يفوق ما تحدث عنه العلامة أحمد شاكر رحمه الله.

    وقال الشيخ سليمان العلوان – فك الله أسره- : [وقد حكى غير واحد من العلماء الإجماع على أن مظاهرة الكفار على المسلمين ومعاونتهم بالنفس والمال والذب عنهم بالسنان والبيان كفر وردة عن الإسلام قال تعالى "ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين" . وأي تولٍ أعظم من مناصرة أعداء الله ومعاونتهم وتهيئة الوسائل والإمكانيات لضرب الديار الإسلامية وقتل القادة المخلصين
    ]اهـ.

    وقال الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- : [وقد أجمع علماء الإسلام على أنَّ من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم بأي نوع من المساعدة فهو كافر مثلهم](مجموع الفتاوى والمقالات: 1/274
    ).

    وهي من أكثر المسائل طرقاً في هذه الحرب الصليبية، إلا أنها تتعرض اليوم لهجمة تطويعية تمييعية شعواء شنعاء يراد بها إدخالها في سراديب الشبهات والمناقشات، ليسلم بعد ذلك الطغاة المظاهرون للكفار على المسلمين، فأبشر بطول سلامة يا مربع!

    فهذه إجماعات خمسةٌ متعلقة بالواقع الشرعي الذي ينطلق منه المجاهدون، والأحكام الشرعية التي تنص عليها تلك الإجماعات يدعمها الكثير من أدلة الكتاب والسنة، وهي مشهورة ومتداولة، ولكن لم نرد الإطالة بذكرها،
    فليس شيء من هذه الأحكام مستخرجاً من (كيس) المجاهدين
    ، ولا نحتته أفكارهم أو أنتجته فتاوى ساحاتهم، ولا ولدتها ردود أفعالهم وحماسهم وانفعالاتهم.!!!
    بل كثيرٌ من العلماء كانوا أصرح الناس ذكراً لتلك الأحكام وبياناً لها ورداً على من يعرِّض بها فضلا عن الاعتراض عليها، فإذا بهم اليوم كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً يتخذون عين الشبهات التي كانوا يفندونها دخلاً بين تلك الأدلة والإجماعات محاولين ما استطاعوا نقضها وتحريفها عن وجهتها، وما أسهل أن تردّ عليهم بأقوالهم التي لم تزل شاهدةً بما كانوا عليه مما يناقض من كل وجهٍ ما صاروا إليه، إذاً فما الذنب ذنب المجاهدين الذين بقوا مستمسكين بالأصل سائرين عليه وإنما اللوم على مَن بدَّل وغيَّر، وتعلَّق بما كان يُميته من التهويش، وليس عليهم أن يكونوا إمعات إن أحسن الناس أحسنوا وإن أساءوا أساءوا كما يروى : (
    لا تكونوا إمعة تقولون : إن أحسن الناس أحسنا و إن أساءوا أسأنا و لكن وطنوا أنفسكم إن أحسنوا أن تحسنوا و إن أساءوا أن لا تظلموا).

    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]