الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابولؤى مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله من كل خيره
    [align=center]
    واياكم
    [/align]
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  2. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    إن الله يدافع عن الذين آمنوا
    [align=center]
    ومن هنا فإن الله عز وجل قد تولى بنفسه الدفاع عن الجهاد والمجاهدين، وردَّ كل ما يتشبث به القاعدون الخالفون المبطّئون المعوِّقون المعتذرون من الحجج في تخلّيهم عن أداء هذه العبادة، وطعنهم في القائمين عليها، واستخفافهم بهم وبقتالهم ومصابرتهم وحتى نفقاتهم، وذلك لنعلم أن عبادة الجهاد هي معركةٌ شرسةٌ ضروسٌ لا ضد الأعداء الكفرة في ساحة الحرب بالسلاح فحسب، بل كذلك ضد مثيري الشبهات في طريقها، وناصبي أنواع العراقيل لمنعها والصدِّ عنها، والمتعلقين بأدنى الأوهام للتنصل منها والاسترواح إليها، هذا من جهةٍ، ومن جهة أخرى كي نُدرك خطر تلك الشبهات التي قد تعظم وتَفخُم حتى تؤدي إلى إسقاط هذه العبادة أو التهوين من شأنها والتقليل من مكانتها في الشرع وفضفضة معناها، وهو ما يقودُ إلى هدمِ أركان الدين التي تحاط بالجهاد، وحلول الذلة والمهانة بخير أمةٍ أخرجت للناس، فيسقط الناس في الفتنة العامة العمياء من حيث أرادوا الفرار منها والنجاة من حبائلها، قال تعالى : {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}[البقرة/251]، وقال عز وجل : {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج/40]،
    قال الإمام ابن النحاس –رحمه الله-: [قال الإمام أبو عبد الله الحَلِيمي في شعب الإيمان : أبان سبحانه أنه لولا دفع الله المشركين بالمؤمنين، وتسليط المؤمنين على دفعهم عن بيضة الإسلام، وكسر شوكتهم وتفريق جمعهم، لغلب الشرك على الأرض، وارتفعت الديانة، فثبت بهذا أن سبب بقاء الدين واتساع أهله للعبادة إنما هو الجهاد، وما كان بهذه المنزلة فحقيق أن يكون من أركان الإيمان، وأن يكون المؤمنون من الحرص عليه في أقصى الحدود والنهايات.](مشارع الأشواق : 80)
    وقال سبحانه : {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[التوبة/39].
    ولما كان هذا التعلل لن ينقطع عند الأحداث العارضة التي نزل فيها القرآن بل سيستمر تولد نظائرها وتنوعها وتفرعها ويستشري شرها ويتفنن الناس في استحداثِ غيرها وابتكار أمثالها عصراً بعد عصرٍ ومعركة إثر معركة -جاء القرآن بردوده الصارمة وتفنيداته الحاسمة ليقطع دابرها ويستأصل شأفتها ويشنّ عليها وعلى مروِّجيها ومزخرفيها والمتعلِّقين بها حربَ فضحٍ لا هوادةَ فيها؛ حتى لا تبقى حجة لمحتجٍ ولا أمنية لقاعدٍ ولا مستَندٌ لخالف، فإن ما تكرهه النفس ويشق عليها فعله ويناقِض رغباتها ستجتهد في دفعه بكل وسيلة، وستنقب عن دقائق المعاذير لِتجنّبِه، وتسلك ضروب الحِيل للحيلولة دون تحمُّله، وما الجهاد إلا محلّ الابتلاء والصبر، وموطن التمحيص والتمييز كما قال عز وجل :{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد/31]، قال الإمام ابن جريرٍ في هذه الآية : [يقول تعالى ذكره لأهل الإيمان به من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم "وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ" أيها المؤمنون بالقتل، وجهاد أعداء الله "حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ" يقول: حتى يعلم حزبي وأوليائي أهل الجهاد في الله منكم، وأهل الصبر على قتال أعدائه، فيظهر ذلك لهم، ويعرف ذوو البصائر منكم في دينه من ذوي الشكّ والحيرة فيه وأهل الإيمان من أهل النفاق ونبلو أخباركم، فنعرف الصادق منكم من الكاذب]اهـ وقال تعالى : {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}[آل عمران/142] ونحوها من الآيات نسأل الله الستر والعافية، والموفَّق من وفّقه الله : {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}[هود/88]
    [/align]
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  3. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    ألا في الفتنة سقطوا
    [align=center]
    وإلا فقلي بربكَ! ماذا سيضير تخلُّف رجلٍ واحدٍ عن معركةٍ قوام جيشها ثلاثون ألفاً حتى يتولى القرآن الرد على شبهةٍ هزيلةٍ رذيلةٍ تعلَّق بها رجلٌ مغمورٌ مغموز:{يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي}[التوبة/49]، فيأتي الردُ الحاسم القاصم :{أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}[التوبة/49]، مع أنه لم يثر شبهته ليثني بها غيره عن الجهاد، ولا هي من قبيل ما يقبل الرواج، وإنما فقط بحث لنفسه عن مخرجٍ ينجو به من تكاليف النفير ويريحها من وعثاء السفر فلم يجد أهوَن مما تعلق به، فاتّخذ دعوى الحفاظ على دينه والبعد عن الفتنة ملاذاً آمناً يركن إليه فراراً من أداء هذه العبادةِ الممحِّصة.
    فكيف بِمن يملأ الصفحات بل ويصنِّف الكتب ويسهر الليالي منقباً عن الشبهات التي يتعلل بها لنفسه ويُقعِد بها غيرَه محاولاً جهده إحكامها وإتقانها ومروجاً لها بزخرف القول ليحمِل وزر قعوده كاملاً ومن أوزار الذين يثبطهم ويزهِّدهم في الجهاد ويقطع عليهم طريق الجنّة الذي لا شك فيه؟!، وهذا –والله- من الحرمان والخذلان العظيم للعبد إن لم يتب ويرجع وينتبه من غفلته، فكما أن جزاء الحسنة حسنةٌ بعدها، فكذلك عقوبة السيئة سيئةٌ بعدها، ومن أعظم العقوبات في ذلك أن يستحسن المرء ذنبه فيراه حسناً كما قال تعالى : {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا}[فاطر/8].
    فهذا المرء الذي رضي بالنكول عن القيام بعبادة الجهاد وقنع بذلك واستطابته نفسه عوقب بأن فُتِح عليه باب سيئةٍ فوقها وهي تسويغ ما هو فيه واستجلاب أنواع الأعذار وتسليكها، والأشنع من ذلك الاستدلال لها تكلُّفاً بأدلة الشرع وتلفيقاً لكلامٍ ملتقطٍ لعلماء، فلما تمادى في ذلك وأعجبه واستحلاه حلَّت به سيئة بعدها وهي تثبيط غيره وإشراكه في إثمه ودعوته لما تلبَّس به، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عَمِل بها، فبَدل أن يكون نافراً للجهاد أصبح نافراً عنه منفِّراً منه، وبدل أن يحرِّض عليه غدا مثبِّطاً مبطِّئاً من أراده، وبدل أن يدفع عنه أنواع الشبهات تولى بنفسه اختلاقها وإشاعتها والترويج لها وتزيينها: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[النور/63]
    وما أحسن ما قاله الإمام المجاهد شيخ الإسلام –رحمه الله- : [ولما كان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله من الابتلاء والمحن ما يعرض به المرء للفتنة، صار في الناس من يتعلل لترك ما وجب عليه من ذلك بأنه يطلب السلامة من الفتنة، كما قال عن المنافقين : "وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا" الآية ... إنه طلب القعود ليسلم من فتنة النساء، فلا يفتتن بهن،... قال الله تعالى: " ألا في الفتنة سقطوا" ، يقول نفس إعراضه عن الجهاد الواجب ونكوله عنه وضعف إيمانه ومرض قلبه الذي زين له ترك الجهاد : فتنة عظيمة قد سقط فيها، فكيف يطلب التخلص من فتنة صغيرة لم تصبه بوقوعه في فتنة عظيمة قد أصابته؟ والله يقول : "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله"، فمن ترك القتال الذي أمر الله به لئلا تكون فتنة: فهو في الفتنة ساقط بما وقع فيه من ريب قلبه ومرض فؤاده، وتركه ما أمر الله به من الجهاد.]اهـ.
    فلا عجب إذاً أن تسمى سورة التوبة بالفاضحة، والمقشقشة، والبَحوث، والحافرة، والمنقِّرة، والمثيرة، والمبعثرة وغير ذلك من الأسماء التي تدل على الخلوص إلى أعماق قلوب المنافقين واستخراج ما فيها ليراه الناس مجسّداً في أقوالهم وأفعالهم ومرواغاتهم وحيلهم التي استسلموا لها وانساقوا لقيادها في معركة عسيرةٍ حاولوا جهدهم التخلّص منها والتملص من تحمّل مشاقِّها : {لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[التوبة/42].
    [/align]
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  4. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    [align=center]

    معركة فانظر موقفك منها!

    هذا وليس عصرُنا بمعزلٍ عن معركة الشبهات التي خاضها القرآن ضِّدَّ المنافقين وضعاف الإيمان فكشف زيفها، وفضح أهلها، وأبطل دعواها، وكَبت طغواها، وفنّد حججها، وقطَّع لَجَجها، بل أصبحت اليوم متجددة متولّدةً في صورٍ شتى، ويُسَوَّق لها بوسائل متعددة، وتُنفَّق سلعتها بطرائقَ متنوعة، وتُبثُّ في الناس وتنشر ويبدى فيها ويعاد حتى تثبَّت في النفوس وترسَّخ في القلوب فتصبح من المسلَّمات التي هي عين العقل والحِكمة والرأي-الذي هو قبل شجاعة الشجعان- وتحاط بزخارف الأقاويل، وتُدثَّرُ بالتفخيم والتهاويل، مع أن القرآن قد دحضَ نظائرها مما تعلق به المتعلقون، وللمعاصرين أمثالها.
    فالشبهة هي الشبهة روّج لها مَن روَّج ونشرها من نشر، والتثبيط هو التثبيط مارسه مَن مارسه وأداه من أدى، حتى وإن خلصت نيته وصدقت طويته؛ لأن ضرر رواجها عائدٌ على الإسلامِ وأهله ولا بد، فرب مفسدٍ بأفعاله وهو مريدٌ للإصلاح بقلبه.
    ولقد كانت آيات القرآن تأتي بتفنيد الشبه وقطع حجج المعتذرين ثم تخلُص إلى أعماق قلوبهم لتظهر الدوافع الحقيقية وراء ما يبثونه وتجلِّيها غاية التجلية حتى ينظر المؤمنون في كل زمان إلى أمثال تلك الأعذار والتعللات بعين الريبة وعدم المبادرة في الاستقبال والقبول، ولا يفتنهم زخرفها أو يسبيهم بهرجها فتقع الكارثة على الدين وأهله، سواء كانت تلك الدوافع القلبية الخفية نفاقاً أو مرضَ قلبٍ، أو ضعف إيمانٍ، أو جبناً، أو تعلّقاً بالدنيا، أو خوفاً من الموت وحرصاً على الحياة، أو مراعاةً لمنصبٍ وجاهٍ أو غير ذلك مما يستكنُّ في القلوب ولا يعلمه إلا العليم الخبير : {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ}[التوبة/78].
    فمثلاً تأمل قوله تعالى : {وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا}[الأحزاب/13] كيف ذكروا حجتهم (المقبولة) لينسلوا بها من ساحة المعركة فإذا بالقرآن يفضحهم ويظهر ما وراء زخرف القول من الداء الدفين وهو إرادة الفرار، ليس هذا فحسب بل بين حقيقة حالهم وتذبذب إيمانهم وأنهم : {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا}[الأحزاب/14] ونحو ذلك من الآيات التي تذكر ما يحتج به المحتجون –وغالباً ما تكون بظاهرها مستحسنةً- ثم يكشف الله عن حقيقة ما يحرّكهم ويدفعهم للتسلل والتخلي عن عبادة الجهاد، كما قال عز وجل : {يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ}[آل عمران/154]، وقال عز وجل : {يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ}[آل عمران/167]، وقال سبحانه : {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}[الفتح/11]، فليكن هذا الأمر نصب الأعين، فسبحان من خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل الوريد، ونعوذ بالله من حال الذين {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}[البقرة/9].
    وانظر إلى الفرق الكبير بين الباحثين عن الأعذار المنقبين عنها ولو كانت أدق من رؤوس الإبر وبين الحريصين على الجهاد البكَّائين لفواته الذين وصفهم الله بقوله : {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ}[التوبة/92]، هذا مع أنهم مشاركين للنافرين في أجرهم رغم قعودهم بسبب عذرهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : [إن بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم فيه قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة قال وهم بالمدينة حبسهم العذر]رواه البخاري ومسلم.
    وقد بين الله سبحانه وتعالى حال الفريقين : الحريصين على الجهاد الجادِّين في القيام به وغيرهم ممن يفتش لنفسه عن أي شيءٍ يتعلَّق به كي لا ينفر إلى ساحاته فقال سبحانه : {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ}[التوبة/44، 45]، قال الإمام ابن جرير –رحمه الله- : [وهذا إعلامٌ من الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم سِيمَا المنافقين: أن من علاماتهم التي يُعرفون بها تخلُّفهم عن الجهاد في سبيل الله، باستئذانهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في تركهم الخروجَ معه إذا استنفروا بالمعاذير الكاذبة.]اهـ.
    ولا أقصد بذلك أن نجعل كل ما يقال عن المجاهدين مدعاةً للطعن في نيات الأشخاص وتكلُّف معرفة الغيوب، فليس هذا من شأننا ولا نحن بطالبين له أو مطالبين به، وإنما علينا أن نضع تلك الشبهات التي تدعو إلى الكفِّ عن الجهاد وتقيم العقبات تلو العقبات لمنع النفير إلى ساحاته في دائرة (التهمة) والتشكيك والحذر ليضعُف أو يبطل أثرها اتباعاً لمسلك القرآن الكريم في رد تلك الشبه التي صاحبت الغزوات ولاصقت مسيرة الجهاد زمَنَ النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ظهر أن أغلب –إن لم يكن كل- تلك المتعلقات التي تشبَّث بها مَن أراد التنصل عن الجهاد كان دافعها داءً مكنوناً ومرضاً دفيناً وسقماً غائراً وليس هو النصح للحق، ولا الحرص على أهله، ولا طلب الأصلح لهم، ولا الخبرة بالعواقب (لو نعلم قتالا لاتبعانكم)، فلا يُبهَر المرء بزينة ما يُقدّم له من الاحتجاجات والمسوِّغات مهما كانت رائقةً تَسر للناظرين.
    [/align]
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  5. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    [align=center]

    تحلَّ بحلية الرجال...وخض غمرات القتال

    ومِن مصائب عصرنا – وما أكثر مصائبه – أن القيام بعبادة الجهاد، وخوض غمار المخاطر والمغامرات، والتمرد على الواقع المُكبِّل للأيدي والأرجل، والغالّ للأعناق بأنواع الأطواق، والمميت للقلوب، وعدمَ التقيد (بالرسميات) -أصبح في عرف الكثيرين سمةً من سمات التهور والطيش والخفة والشبابية!، حتى إن كثيراً من العلماء كاد ينغرس في قلوبهم أن حمل السلاح واستنشاق النقع والمرابطة في الثغور والإقامة في معسكرات الجهاد وتحمُّل شظَفها وبذاذة عيشها والاختلاط بالمجاهدين فيها كُل ذلك يناقض الوقار والسكينة والرزانة والرصانة وحُسن السمت والحِلم والأناة ونحوها من الصفات التي ينبغي للعالم أن يتحلَّى بها، فلوكان هذا الأمر حقاً لما كان لصاحبه عذراً، فكل تكملة من حيث هي تكملة إذا عادت على أصلها بالبطلان فهي باطلة، وما ذلك إلا ضربٌ من ضروب التعلق بالدنيا والركون إلى مظاهرها والمبالغة في تعظيمها، بل هو من وساوس الشيطان وحبائله التي يصيد بها مَن اتبع خطواته فيصده عن الطاعة، والقناعةُ بها هي استسلامٌ للشيطان، وإلا فتكفي غزوة ذات الرِّقاع لتزيل هذه الشبهات المرقَّعة والتي لا تقي حَّراً ولا تدفع قُراً، ولا تنقذ أمَّةً أو تعلي همّةً، ولله درُّ سيد بيان الغرب محمد البشير الإبراهيمي –رحمه الله- حيث يقول : [ومن الكيد الكُبّار الذي رمى به الأمراءُ المستبدون هؤلاء العلماء الضعفاء في العصور الأخيرة أنهم يعفونهم من الجندية التي هي حلية الرجال .
    وإن في قبول العلماء لهذا الإعفاء، وسعيهم له لشهادة يسجلونها على أنفسهم بفقد الرجولة؛ وقد استطابوا هذا الإعفاء، وأصبحوا يعدونه تشريفاً لهم، وتنويهاً بمكانتهم ، ومعجزة خصوا بها، ودليلاً تقيمه الحكومات الإسلامية على احترامها للعلماء!!!
    فهل يعلمون أن الخلفاء الراشدين ومن بعدهم من الملوك الصالحين ما كانوا ليُعفوا عالماً من بعوث الجهاد والفتح؟ وما كان مسلم فضلاً عن عالم ليطلب الإعفاء أو يتسبب له أو يرضى به لو عرض عليه، بل كانوا يتسابقون إلى ميادين الجهاد، والعالم الديني – دائماً- في المقدمة لا في الساقة، ولقد كانوا يعدون الاعتذار عن الخروج من سمات المنافقين.]اهـ.
    ومن تأمل سيرة الصحابة رضوان الله عليه رأى عجباً في تنافسهم على الجهاد ونفورهم عن البقاء مع الخالفين،وربما لم يكن مطلب أحدهم إلا أن يقتل فيدخل الجنة، بل حتى شهداؤهم رضي الله عنهم حرصوا –وهم في الجنة- أن يبلغوا رسالتهم إلى إخوانهم ليدفعوا عنهم النكول عن القتال والزهد في الجهاد، فعن ابن عباس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [لما أصيب إخوانكم بأُحُد جعل الله أرواحهم فى جوف طير خضر ترد أنهار الجنة، تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة فى ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا: من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء فى الجنة نرزق لئلا يزهدوا فى الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب؟ فقال الله سبحانه : أنا أبلغهم عنكم. قال : فأنزل الله (ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا) ». إلى آخر الآية]رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم.
    [/align]
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  6. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    [align=center]

    لا تكن سمسار أهواء

    ولذلك فإن على العلماء الصادقين العاملين -إن كانوا يريدون التغيير حقاً- أن يتمرّدوا على هذا الواقع، ويقطِّعوا حِبال شَرَكه، ويخرجوا عن سكة القاطرة التي رسمها لهم الطغاة المتجبرون المستبدون الذين يريدون منهم أن يجعلوا الجهاد عضين، فتراهم يسمحون لهم بالحديث عن جهادٍ يوافق أهواءهم ويلبي رغباتهم ويحقق مصالحهم أياماً معدوداتٍ، حتى إذا انقضت المهمة وتحصل المقصود قلبوا لهم ظهر المجن وأولغوا فيهم المدى، وألجموا أفواههم وسفهوا فتاويهم فتصبح في عداد المنسوخات التي ترفع حكماً وذكراً، وفي الوقت نفسه تجدهم يحاربون جهاداً ربما كان أوضح راية وأجلى غايةً ويحاولون إلجاء أولئك العلماء ليكونوا لهم في قلب الحقائق سنداً وعضداً، فينزلق معهم في هاوية الأهواء مَن لم يحصِّن نفسه بالورع والخشية لله، وبهذا أصبحت الأمة في كثيرٍ من الأحيان ليست متبعة في الحقيقة للعلم وأهله ولا متقيدة بأحكام النوازل وضوابطها، وإنما هي خاضعة لتقلبات أهواء السفهاء السفلة من الحكام الذين لا يرجون لله وقاراً وضائعة وراء شهواتهم التي يميلون بها عن الحق ميلاً عظيماً، وإنما سخَّروا بعض المنتسبين للعلم ليُخرجوا تلك الأهواء المرذولة العفنة في قالب العلم والفتوى فعلَ من يطلي العذرة بالمسك تطييبا لها، ليكون العامي المسكين ضحيّة تلك الفتاوى وأسيرَها، وما كان لمتّبع هوى نفسِه أن يسلك جادَّة الحق ويسلمَ من الانحراف والضلال فكيف بمن استسلم لأهواء غيره من عُبَّاد الشهوات الصم البكم الذين لا يعقلون، فيجمع شراً على شرٍّ فيصدق فيه المثل "أَحشَفاً وسوءَ كِيلة"؟، قال تعالى: {وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}[ص/26]، وقال عز وجل : {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[القصص/50]
    فيا لها من جنايةٍ عظيمة تجترح في حق الدين وأهله، وإن شئت المثال فقارن كلام كثير من العلماء المعاصرين بين الجهاد في فلسطين والجهاد في العراق، أو الجهاد في أفغانستان إبان احتلال الروس لها ثم بعد تغلُّبِ النصارى الأمريكان وأعوانهم عليها، وهذه أمثلة واضحة لا تفتقر إلى استنطاق، وتَشابُهُ حالِتها بل تطابُقُها من حيث التوصيف الشرعي لا يغيب عن منصف متجرّدٍ للحق، فلا يحتاج الأمر إلى كثرة الفلسفات ولا الإغراق في التحليلات، ولا محاولة استلال دقائق الفروق التي لا تغني من الحق شيئاً، والتي إن أمعنت النظر فيها تجدها لا تعدو أن تكون اتباعاً لسياسات الدول وتقلب مصالحها وهي لا تشذ عن أهواء حاكميها الساقطة الهابطة، ظلمات بعضها فوق بعض، فَمِن حق العقلاء إذاً أن يصونوا دينهم ويمتثلوا قول القائل : أَوَ كلَما جاءنا رجل هو أجدل من رجل تركنا ديننا لقول فلان؟ لا والله! لَلحق أحقُّ أن يتبع ولَلصدق حقيقٌ بأن يُستمع.
    فدع عنك قيل وقال فلن...تجرَّ على المرء غير الندم
    ولا تجعل الحقَّ منك على...شفا جرفٍ ساقطٍ منهدم
    تقسِّمه بين ربٍ كريمٍ...وبين طغاةٍ عتاةٍ نَعَم
    تدنس إشراقه بالضلال... وتهوي به من أعالي القمم
    فلا تركننَّ لباغٍ عتى...فتمسسك نارٌ بها مَن ظلَم
    وقل قال ربي فَغُصُّوا بها...فما النّور في شرعنا كالظُّلَم
    وسر ثابت القلب لا تخشهم...وقل صدق الله ثم استقِِِم
    [/align]
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  7. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    وتستمر معركة الشبهات
    [align=center]
    هذا وكلما اشتدت جذوة الجهاد توهجاً، وكاد سنا برقه يذهب بالأبصار، وأصبحت أفئدة عامة المسلمين تهوي إليه، ونَفَر إليه النافرون من كل فجٍّ عميق- ازداد صخب الشبهات التي يراد بها التهويش عليه، وبث الاضطراب بين أهله والقائمين بأدائه، واتخذ كثير من القاعدين لأنفسهم حجة يدفعون بها عن أنفسهم ويلقنونها غيرَهم ويلقونها في طريقهم، لا سيما وأن تلك الشبهات هي في أغلبها مما يستحسنه الطغاة الذين تضعضت عروشهم وبليت نُظمهم وسئمها القريب والبعيد، ومع أن بعض ما يثار منها ليس جديداً إلا أن الجديد هو إحياؤها والنفخ فيها وتدعيمها بأنواع المحسِّنات والمرغّبات والمزينات التي تجتذب الناظر إليها وتأخذ بلُبِّ مستمعها، ورواج مثلها ليس بغريب ولا عجيب كما قال تعالى: {وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لهم}[التوبة/47]، وقد قال تعالى عن المنافقين: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ}[المنافقون/4].
    وما دامت تلك الشبهات المعوِّقة متجددة متولدة ومتطورة كل حينٍ، فلا يمكن للمرء أن يتتبعها ويستقصيها كلَّها أو يأتي عليها جميعها ولو كان عالماً راسخاً كما قال الإمام ابن القيم –رحمه الله- : (ولا يجب على العالم حل كلِّ شبهة تعرض لكل أحد فإن هذا لا آخر له)اهـ.
    ولكن حتى يبقى الحق ناصعاً بيناً أحببت تدوين هذه الكلمات تثبيتاً للمجاهدين، ودحراً لتخرصاتٍ تحاول أن تحجب النور المبين، وتجمعَ كل شاذٍّ نادٍّ من الأقوال وتؤلف بينه بطرق سقيمة ليحسب الظمآن سرابه ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً، وتستحدِث دخائل تُلبِس الحق بالباطل، ثم قبل ذلك اتباعاً لمسلك القرآن الكريم الذي صان عبادة الجهاد بدفاعٍ قلَّ نظيره في أكثر العبادات، بحيث لا تكاد تجد غزوة من الغزوات – لا سيما التي يكون فيها تعبٌ ظاهرٌ وجروحٌ داميةٌ - إلا ويصاحبها ذبٌّ عن الجهاد والمجاهدين، وإبطالٌ صارمٌ لمتعلِّقات القاعدين والمنافقين، ويشنُّ عليهم هجماتٍ ماحقةٍ لا تبقي ولا تذر حتى يُرجِع حجتهم داحضةً وهم داخرون.
    ولكن مما ينبغي التنبه له والتنبيه عليه أن الاستنفار لرد جراد الشبهات المنتشر يجب أن يكون مصاحباً لدحر جيوش الكفرة وقتالهم وليس بمشغلٍ عنه، فإن ذلك مطلبٌ مهم بالنسبة للكفرة الذين لا يريدون أكثر من الحفاظ على أنفسهم وأمنهم حتى ولو احتدمت معركة الشبهات لتصل إلى عَنان السماء، فالقلم يصاحب السيف ولا يحل محلَّه، والبيان والسنان قرينان لا يفترقان ولا يتدافعان، وهذا هو المسلك القرآني الذي يزيل ما يحدثه أهل النفاق والشقاق وأرباب القلوب المريضة من العقبات في طريق الجهاد والحجج الواهية التي يحاولون الاتكاء عليها في التنصل منه، فإن الآيات التي تدحض شبههم تكون متخللة للآيات التي تتحدث عن وقائع المعركة وتفصِّل أحداثها، بل بعضها يتنزل على النبي صلى الله عليه وسلم عند تهيئه للغزوة أو في طريقه إليها أو أثناء قفوله منها، فعلى المجاهدين المقاتلين في سائر الساحات أن يتفطنوا لهذا المكر الكبار الذي يريد أعداء الله عز وجل أن يقحموهم في حماه، وهو أن يُشغَلوا بالرد على الشبهات عن ضرب الهامات، ويقيموا القَلم مكان السيف، ويقتصروا بالحبر عن الدم، ويستغنوا بالأوراق عن الرِّقاق، وليحذروا أن تستنفد الردود طاقتهم لتكون على حساب النزول إلى ساحات النزال، وليتولَّ الرد على شطحاتهم الشيطانية مَن بسط الله له في العلم وليبقَ السيف يحصد رؤوس أئمة الكفر الذين يوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم، فيتحقق فيكم قوله تعالى : {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[التوبة/122].
    [/align]
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  8. الصورة الرمزية قائد_الكتائب

    قائد_الكتائب تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    [align=center]

    حآجُّوهم بالإجماعات

    كي لا تتفرع الشبهات ويتولد بعضها من بعضٍ ويضيع المرء في متاهات المناقشات الطويلة فينبغي الاستمساك أولاً بالمسائل المجمع عليها والتي نص عليها العلماء بعبارات واضحة فصيحة صريحة بحيث تبقى هي قطب الرحى التي عليها المدار، فمهما طرح بعد ذلك من الإشكالات والاعتراضات فإنما هي مكمِّلات لا تنقض الأصل ولا تُبطِله، وذلك لأن بعض من يتولى كبر اختلاق الشبهات وإثارتها يعمَد إلى بعض أخطاء المجاهدين الحقيقية أو الموهومة فيضخمها ويدندن حولها ويحاول جهده أن يعطِف كل أعمالهم عليها ويغمرها فيها، ويظهرهم للناس في صورة سوداء قاتمة لا خير فيها بل هي الشرُّ كلّه والفساد كله، ومرامه من ذلك الاعتراض بكل وسيلة لإبطال القيام بعبادة الجهاد تحت دعوى عدم الجدوى، أو أن إثمها أكبر من نفعها، ثم أصبح الاتجاه العام للشبهات أخيراً هو التركيز على عدم الشرعية أصلاً، خاصة فيما يتعلق بقتال الحكومات المرتدة المتسلطة على بلدان المسلمين، لا سيما مع موجة شعارات الانفتاح والمصالحة والمصارحة والحوار وهي إحدى ثمرات الضربات التي تلقتها تلك الأنظمة المستبدة التي لم تكن تعرف إلا سياسة واحدة {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ}[غافر/29]، ومثلها: {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ}[الشعراء/29] ولكن يأبى القوم إلا أن يجعلوا هذه (الحسنة) هي من خالص هبات وعطيات أولئك الطغاة العتاة التي أتحفوهم بها وأكرموهم بنوالها، ونحن نقول لهم إن مجاملاتهم لكم لن تدوم ومسايراتهم لن تستمر، فإنما هي طفرة عابرة اقتضتها ظروف طارئة فتكيفوا معها لطلب مصلحتهم هم لا مصالحكم، فهؤلاء المجرمون قد رضعوا النذالة والطغيان والبغي وتوارثوها فيما بينهم، وشبت أنظمتهم وشابت على سياسات العتو والقهر والكبت، والشجرة الخبيثة لا يقطع خبثها إلا اجتثاثها من الأرض فلا يبقى لها قرار ومحاولة تحسينها وتطييبها ضرب من العبث : {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ}[إبراهيم/26]، فالحقيقة الكامنة في صدورهم والتي لا يجدون عنها فكاكاً هي ما ذكرها الله لنا في حق أمثالهم حيث يقول جل وعلا :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[آل عمران/118، 119].
    فعلى الناصح لنفسه ولأمته أن يضع هذا الأمر نصب عينيه ولا ينخدع بدعاوى زائفة، أو مظاهر خادعة، أو سياسات كاذبة، ولا يغريه انسياقهم وراء ظرفٍ عابرٍ لا يتوافق أبداً مع ما طبعت عليه نفوسهم، فيتّخذه ملاذاً ويعدّه مفازاً فيتشبث به تشبث الغريق بالقشَّة التي لن يزداد بها إلا رهقاً وغرقاً : {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ}[الممتحنة/2].
    الإجماع الأول: اتفق العلماء قاطبةً على أنَّ مَن اتخذ له مرجعاً غير كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، يحلل به الحرام المجمع عليه، أو يحرم به الحلال المجمع عليه، فهو كافرٌ يجب قتاله حتى يرجع إلى الحق ويستسلم وينقاد ويذعن للدين الذي لا يقبل الله من المرء سواه، وسواء سُمي ذلك المرجعُ قانوناً، أو دستوراً، أو نظاماً، أو عرفاً، أو عادةً، أو مرسوماً، أو ياسقاً، أو غيرها، فكلُ ذلك في الحُكم سواء، فالعبرة في شرعنا بالحقائق والمسميات لا بالرسوم والأسماء، وسواء كان ذلك المرجعُ عالمياً أو إقليمياً أو محلياً أو قبلياً، ففي كل هذه الحالات لا يخرج عن كونه حكماً جاهلياً بنص القرآن ووصفه كما قال أحكم الحاكمين: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة/50]، فلا طريق إلى التلفيق والتوفيق فإما حكم الله الذي أوحاه لنبيه صلى الله عليه وسلم وإما حكم الجاهلية الجهلاء مهما ازَّينت وتبخترت وتطوَّرت.
    قال العلامة الإمام ابن كثيرٍ رحمه الله : [ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المُحْكَم المشتمل على كل خيرٍ، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستندٍ من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان، الذي وضع لهم اليَساق وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعًا متبعًا، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ومن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير](تفسير ابن كثير : 3 / 131).
    وقال -رحمه الله- بعدما نقل نُتفاً مما جاء في ياسق جنكزخان من القوانين : [وفي ذلك كله مخالفة لشرائع الله المنزلة على عباده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين.](البداية والنهاية: 13 / 139).
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- : [والإنسان متى حلل الحرام - المجمع عليه - أو حرم الحلال - المجمع عليه - أو بدل الشرع - المجمع عليه - كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء](مجموع الفتاوى:3 / 267).
    ولا شك أن الدساتير (المحلية والعالمية) التي تساس بها الدول وتتحاكم إليها وتتخذها مرجعاً لفض منازعاتها قد وضعها الواضعون بمجرد نظرهم وأهوائهم فصارت فيما بينهم شرعاً متبعاً حتى سمَّوه هم أنفسهم (بالشرعية الدولية)، وأصبحت تلك الشرعية معياراً على الالتزام والتمسك والانقياد لقوانينهم فتراهم يصفون بعض الدول بأنها خارجة عن الشرعية الدولية، أو مناقضة للشرعية الدولية، أو مخالفة للشرعية الدولية وهلم جرا من الأوصاف التي تدل على أن تلك الشرعية صارت هي الميزان والأصل الذي تُقوَّم به سياسات الدول، ومع ذلك فتراهم بين الحين والحين يغيّرون ويبدلون، ويؤصِّلون وينقضون، وتسمع من داخلهم أيضاً صيحاتٍ تنادي بتغيير الدستور أو إصلاحه، ولو كان شرعاً مُحكماً و ديناً قيماً لما تجرأ أحدٌ –مهما كان- بأن يدعو إلى تغييره أو تبديله أو همزه ولمزه، فلهم دينهم ولنا ديننا، ولهم دستورهم ولنا كتابنا الذي :{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}[فصلت/42]، ولهم شرائعهم وأهواؤهم ولنا شريعتنا التي أوحاها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وقال له فيها : {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}[الجاثية/18، 19].
    ومِن عجائب القوم التي تكشف لك هشاشة الأفهام واستحسانها الباطل بمجرد الأوهام، كما أنها تُظهر مدى تأثير الأسماء في ترويج الباطل وتسويقه وعدم الشعور بشناعته بل ربما تقود إلى استملاحه والدعوة إليه: أنك لو افترضت لهم دولةً من (الدول الإسلامية) القائمة اليوم قد ارتضت صراحةً بأن يكون قانونها (دستورها) هو التوراة أو الإنجيل أوالزبور لمَادت الأرض بمن فيها استنكاراً واستعظاماً واستعاذةً من شر هذا الكفر الأكبر المستبين!، ولأطبق الناس أجمعون أكتعون أبتعون عالمهم وجاهلهم خواصُّهم وعوامهم على كفر الداعي لذلك والراضي به والمدافع عنه من غير ترددٍ، هذا مع أن التوراة والإنجيل في أصلها كتبٌ منزلةٌ من عند الله على رسولين من أولي العزم من الرسل عليهم الصلاة والسلام وإنما حرَّفها المحرِّفون (بمجرد نظرهم وأهوائهم) ليشتروا به ثمناً قليلاً، ولا يزال فيها شيءٌ مما أقره القرآن أو صدَّقه، هذا في الوقت الذي تجد فيه كثيراً من الدعاة المرموقين وحركات إسلامية تنادي بتحكيم الدساتير الوضعية أو التحاكم إليها عند الخصام والتي لا يشك شاكٌّ أن قوانينها وبنودها قد وُضعت تبعاً للأهواء وتلبية للشهوات، ومِن إناسٍ لا علم لهم لا بدينٍ ولا شريعةٍ ولا حلالٍ ولا حرامٍ فهم لم يستحقوا حتى صفة الأحبار والرهبان بل تجدهم أجهل الجهلاء وأسفه السفهاء، وما يتشدقون به من المعارف والعلوم فإنه لا يغني من الحق شيئاً : {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}[الروم/7].
    فقطعاً لا تمت تلك الدساتير إلى الشرع والدين بصلةٍ، وما مزجت به من بعض أحكام الملة الإسلامية فهو على طريقة الياسق التي سبقهم إليها عبقري الياسقات ومبتكرها جنكيزخان!، فهم وإن كانوا في القرن الحادي والعشرين إلا أنهم لم يأتوا بجديدٍ سوى تطور المزج والخلط تبعاً لتشعّب الأهواء وسُعار الشهوات، وقد أشار الإمام ابن كثيرٍ رحمه الله إلى هذا المعنى فيما نقلته أعلاه بقوله وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه)أهـ. ونحن نقول فكيف بمن تحاكم إلى الدساتير الوضعية وقدّمها على شريعة الرحمن؟!
    والمجاهدون حينما يتكلمون عن كفر هذه الدول المحللة للحرام المجمع عليه والمحرمة للحلال المجمع عليه ليسوا هم أولَ من يطرق هذه المسألة كما أنهم لم يختصوا بالحديث عنها فما زالت كتب العلماء المعاصرين شاهدةً ناطقةً بما يسيرون عليه، إلا أن البعض لمَّا طال عليهم الأمد، ورأوا أن هذه الدول قد استحكم أمرها وتمكَّن شرُّها، وألف الناس حالها، بدأوا يبحثون عن مخارجَ (شرعية) تعيد لهذه الأنظمة شرعيتها حتى يُعفوا أنفسهم من قول كلمة الحق المُرَّة التي تواجه الباطلَ بما فيه فبدأ جيش الشبهات يزحف على هذا الأمر المقطوع به المجمع عليه ليُدْخَل دائرة التشكيك والمناقشات والأخذ والرد:
    كناطح صخرة يوماً ليوهنها ...فلم يضرها وأوهى قرنه الوعِلُ.
    قال العلامة أحمد شاكر –رحمه الله- معلقاً على كلام الإمام ابن كثير –رحمه الله- :[أفرأيتم هذا الوصف القوي من الحافظ ابن كثير –في القرن الثامن- لذاك القانون الوضعي الذي صنعه عدو الإسلام جنكزخان؟ ألستم ترونه يصف حال المسلمين في هذا العصر، وفي القرن الرابع عشر؟ إلا في فرق واحد أشرنا إليه آنفا: أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام. أتى عليها الزمن سريعا، فاندمجت في الأمة الإسلامية وزال أثر ما صنعت.
    ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالا وأشد ظلما وظلاما منهم. لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة، والتي هي أشبه شيء بذاك "الياسق" الذي اصطنعه رجل كافر ظاهر الكفر. هذه القوانين التي يصطنعها ناس ينتسبون للإسلام، ثم يتعلمها أبناء المسلمين ويفخرون بذلك آباء وأبناء، ثم يجعلون مرد أمرهم إلى معتنقي هذا "الياسق العصري"! ويحقرون من يخالفهم في ذلك، ويسمون من يدعوهم إلى الاستمساك بدينهم وشريعتهم "رجعياً" و "جامداً" إلى مثل ذلك من الألفاظ البذيئة.
    بل إنهم أدخلوا أيديهم فيما بقي من الحكم من التشريع الإسلامي، يريدون تحويله إلى "ياسقهم الجديد"، بالهوينا واللين تارة، وبالمكر والخديعة تارة، وبما ملكت أيديهم من السلطات تارات، ويصرحون – ولا يستحيون- بأنهم يعملون على فصل الدين عن الدولة!!
    ....إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، هي كفر بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عذر لأحد ممن ينتسبون للإسلام –كائنا من كان- في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها. فليحذر امرؤ لنفسه و "كل امرئ حسيب نفسه"](عمدة التفسير: 1/697).
    وقال العلامة محمد الأمين الشنقيطي –رحمه الله - : [فليعلم كل إنسان أن للشيطان مذهبا وقانونا وشرعا وضعه على ألسنة أوليائه من مردة الإنس، ولخالق السماوات والأرض نظاما وشرعا: نورا منزلا من السماء شرعه على على ألسنة أوليائه، فالذين يعدلون عن نور الله الذي شرعه على ألسنة أوليائه إلى تشريع الشيطان الذي شرعه على ألسنة أوليائه داخلون في قوله : "قد استكثرتم من الإنس"، وداخلون في قوله " ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون" سواء سموا ذلك قانونا، أو سموه نظاما، أو تشريعا؛ لأن خالق السماوات والأرض لا يقبل أن يعبد إلا بما شرع؛ لأنه ملك الملوك لا يقبل غير شرعه وتشريعه كما قال: "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله" ، "قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون"، فالحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، والدين ما شرعه الله، وكل من يتبع نظاما شيطانيا وضعه الشيطان على مردة شياطين الإنس من أوليائه فإنه يوم القيامة صائر إلى النار داخل في قوله: "ولقد أضل منكم جبلا كثيرا"، وفي قوله : "يا معشر الجن قد استكثرتم من الإنس"...فكل تشريع غير تشريع الله، وكل نظام غير نظام السماء الذي يمشي عليه كأنه يقول: تشريع خالق السماوات والأرض أفضل منه تشريع غيره!! فهو ينزل درجة الخالق –جل وعلا، سبحانه عن ذلك وتعالى علوا كبيرا- إلى أن أوضاعا ملفقة من أذهان الكفرة الفجرة الخنازير أنه أحسن من تشريع الله!! ولذا يعدلون عن نور القرآن والسنة النبوية الصحيحة إلى ما يسمونه قانونا ونظاما وضعه أبناء الكلاب القردة الخنازير من اجتهاداتهم، تارة يحرمون ما أحل الله صريحا، ويحللون ما حرم الله صريحا، يزعمون أن الهدى في هذا!! هذا –والعياذ بالله- من أشنع الكفر والطغيان على الله، والتمرد على نظام السماء، واحتقار الخالق- جلا وعلا- حيث كان تشريعه لا ينفع، وتشريع غيره من سفلة الخنازير أحسن من تشريعه!! وهذا إنما وقع والعياذ بالله- بسبب طمس البصيرة؛ لأن نور البصيرة إذا طمس من قلب الإنسان صار يرى الباطل حقا، والحق باطلا، والحسن قبيحاً، والقبيح حسناً، والذين يعدلون عن نور الله يطلبون النور في تشريع المخلوقين هم في الحقيقة –بالكلمة التي هي بمعنى الحرف الصحيح- هم خفافيش البصائر، أعماهم ضوء القرآن فصاروا يطلبون الضياء في ظلام أفكار الكفرة الفجرة](العذب النمير : 2/637).
    وقال العلامة أحمد شاكر –رحمه الله- بعدما ذكر صورا من مناقضة القوانين الوضعية لبعض قطعيات الإسلام مناقضة باتة: [وكل هذه الأشياء وأمثالها تحليل لما حرم الله، واستهانة بحدود الله، وإنفلات من الإسلام، وكلها حرب على عقائد المسلمين، وكله تعطيل لفروض الدين]اهـ.
    وكلام العلماء في هذه المسألة المقطوع بها كثيرٌ وفيرٌ.
    فهل يستطيع أحدٌ القول بأن دستور ليبيا، أو الجزائر، أو تونس، أو موريتانيا، أو المغرب، أو مصر، أو اليمن وغيرها هو دستورٌ قائمٌ على كتاب الله وسنة نبيه الصحيحة، فيجب على العباد اتباعه والاستسلام له والإقرار به؟ أم أن جميعها (ياسقات عصرية) استحسنتها عقولٌ فاسدة كاسدة، واستوردتها من أفكار الكلاب القردة الخنازير –كما وصفهم الشنقيطي- ثم فرضوها على العباد فحللوا بها الحرام، وحرموا بها الحلال وبدَّلوا بها الدين ونقضوا بها الشرائع؟!!
    ثم لو فرضنا جدلاً أن تلك الدساتير المكتوبة قد دوِّنت جميع حروفها وسطِّرت أسطرها بما يتطابق مع الشرع الإسلامي الحنيف ثم غلِّف ذلك الدستور بأفخر أردية الحرير، وصِينَ في صناديق من ذهبٍ، وبخِّر وطيب آناء الليل وأطراف النهار بأجود أنواع الطيب، ولا يمسه إلا المتطهرون، وبقيت الدولة تفتخر به وتظهر قداسته وفخامتَه، إلا أن الواقع الذي يراه الناس ويعيشونه ويتعاملون معه في حياتهم العامة منسلخٌ انسلاخاً تاماً عن دين الإسلام ومناقضٌ مناقضةً جليةً لبنود (الدستور المقدَّس)، وسياسة الحكومات المتعاقبة على تلك الدول المقدِّسة لذلك الدستور جارية على الأهواء ومحاربة الدين وتدمير عقائد المسلمين وهدم أخلاقهم عبر وسائل الإعلام ومناهج التعليم وجنود القمع، وتسليط الكفرة الفجرة على أهل الحق يسومونهم سوء العذاب، وتعلن صراحة ولاءها لدول الكفر وتمارس ذلك الولاء عملياً بصورٍ شتى، ولا تجدها عند المواقف إلا في عدوة أعداء الله تعالى، فماذا يغني بعد هذا كله التفاخر بذلك الدستور، وماذا سيستفيد المسلمون المقهورن المشردون من تقديس ذلك الدستور، وهل يخرج ذلك عن كونه استهزاء بالشرع واستخفافاً بعقول الناس وإهداراً لجهود المخلصين ليقضوا أعمارهم النفيسة في المطالبة بتطبيق الدستور، فتدهمهم وتدهم جماعاتهم الشيخوخةُ والهرم ويكونون حَرَضاً وهم لا يزالون يطالبون بتطبيق الدستور!!، وأكبر مكسبٍ يفتخرون به ويعدونه النصر المؤزر وفتح الفتوح يومَ أن يثبتوا (عبر القنوات الرسمية) أن الحكومة في موقف من مواقفها أو سياسة من سياساتها قد خالفت ما نصَّ عليه الدستور، ولسان حال تلك الحكومة يقول لهم: فليكن ذلك ثم كان ماذا؟
    ولا تجدهم يتجرأون ليقولوا إن الحكومة في سياساتها ومواقفها وعلاقاتها قد خالفت نصوص القرآن القطعية، أو ناقضت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة الصريحة، وهذا مما يبين لك أن الدعوة صارت في كثير من أحايينها دعوة دستورية وليست دعوة ربانية تريد إخراج الناس من الظلمات إلى النور ومن الضلال إلى الهدى، وإلا فَلِمَ سلوك هذه الطريق الطويلة العوجاء في دعوة الناس، ولِمَ لا ندعوهم صراحة إلى تحكيم الشرع والرجوع إلى مصادره المعروفة بأسمائها عند جميع المسلمين (كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم) وقد قال تعالى : {إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}[الإسراء/9].
    ومنذ قرابة القرن كتب العلامة أحمد شاكر –رحمه الله- رسالته المعروفة (الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانين في مصر) وذكر تسلسل تسلل تلك القوانين اللعينة إلى بلاد المسلمين وكيف مسخت العقول وطمست الهوية وأنتكست معها الفطرة، وحذر أشد التحذير من مغبة استمرار استيرادها وفرضها، وأن ذلك مدعاة إلى اقتلاع الإسلام من بلاد المسلمين، ومع هذا فلم تجد دعواته وصرخاته آذانا صاغية ولا قلوبا واعية، فما ازداد عباد تلك القوانين والمفتونون بها إلا صَلفاً حتى أغرقوا بها البلاد وصلوا بجحيمها العباد، فكان مما قاله في رسالته :[إن هذه القوانين الأجنبية كادت تقضي على ما بقي في أمتكم من دين وخلق، فأبيحت الأعراض، وسفكت الدماء. لم تنه فاسقا، ولم تزجر مجرما، حتى اكتظت السجون، وصارت مدارس لإخراج زعماء المجرمين .ونزعت من الناس الغيرة والرجولة ، وأمتلأ البلد بالمراقص والمواخير، وشاع الاختلاط بين الرجال والنساء، حتى لا مزدجر .وصرتم ترون ما ترون، وتقرؤون ما تقرؤون في الصحف والمجلات والكتب بما يسرت من سبل الشهوات وبما حمت من الإباحية السافرة المستهترة وبما نزعت من القلوب الإيمان حتى صار المنكر معروفاً والمعروف منكرا]اهـ فكيف لو رأى ما وصلت إليه بلاد المسلمين اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
    [/align]
    [align=center]
    [align=center]


    قال قرّة أعين الموحّدين أبي محمد المقدسي فكَّ الله اسره :
    ((هذا التكبير وتكراره إذا لم يتحقق في حياتنا عمليا فإنه لن يتعدى كونه تمتمات دراويش لا تربي المسلم التربية الحقة أو تجعله على ملة إبراهيم كما يحب ربنا ويرضى))
    {وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا}







    [/align]
    [/align]
     
  9. الصورة الرمزية أبو الجوري الشرقي

    أبو الجوري الشرقي تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    [align=center]
    ينقل
    [/align]

    ماتحسروا أهل الجنة على شئ كما تحسروا على..
     
  10. الصورة الرمزية ابوالبراء السلفي

    ابوالبراء السلفي تقول:

    افتراضي رد: الجهـــاد ومعـركة الشـبهات " ضمن سلسلة وحرض المؤمنيين "

    جزاك الله خيرا اخي في الله قائد_الكتائب

    اللهم ابرم لهذه الأمة امر رشد يعز فيه اهل طاعتك ويذل فيه اهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر
    واعيد لأمة الاسلام عزها ومجدها تعبدالله لاتشرك به شيئاً وتجاهد في سبيل الله كانها بنيان مرصوص لاتخشى في الله لومة لائم
    آمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ين