الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية نبراس الدعوه

    نبراس الدعوه تقول:

    تصميم فهرس لدروس"شرح أسماء الله وصفاته"

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

    أخواتي وأخواني..

    وذلكـ ليعم الفائدة بإذن الله..
    وليسهل القارئ القراءة..
    أردنا أن يكون هناكـ فهرسا لدروس "شرح أسماء الله وصفاته" ..

    بداية المقدمة وتناولت سبع دروس..
    وبعد ذلكـ سيكون شرح لكل اسم من أسمائه الحسنى وصفاته العلى..
    وفقنا الله وإياكم لدروب الخير


    دروس في شرح أسماء الله وصفاته [ مدخل ]




    علم بأسماء الله تعالى وصفاته أشرف العلوم، والمعارف، لأنه العلم الذي يقوم عليه توحيد الرب سبحانه وعبادته. وتوحيد الله – عز وجل- وعبادته أول واجب على المكلف.
    إذن فلا جرم كان هذا العلم أشرف العلوم وأرفعها؛ لأن شرف العلم من شرف المعلوم؛ ولما كان المعلوم هو الله سبحانه وأسماءه وصفاته، كان هذا العلم هو أشرف العلوم.
    وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «... إن شرف العلم تابع لشرف معلومه، ولا ريب أن أجل معلوم وأعظمه وأكبره فهو الله الذي لا إله إلا هو رب العالمين، وقيوم السماوات والأرضين، الملك الحق المبين، الموصوف بالكمال كله، المنزه عن كل عيب ونقص، وعن كل تمثيل وتشبيه في كماله، ولا ريب أن العلم به وبأسمائه وصفاته وأفعاله أجل العلوم، وأفضلها. ونسبته إلى سائر العلوم كنسبة معلومه إلى سائر المعلومات. وكما أن العلم به أجل العلوم وأشرفها فهو أصلها كلها... والمقصود أن العلم بالله أصل كل علم، وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله، ومصالح دنياه وآخرته. والجهل به مستلزم للجهل بنفسه، ومصالحها وكمالها، وما تزكو به وتفلح به، فالعلم به سعادة العبد، والجهل به أصل شقاوته».
    سيكون في البداية مدخل لأسمائه وصفاته العلى ثم نطرح بعد ذلك شرح لكل اسم من أسمائه الحسنى..
    ومراجعنا لهذه الدروس لمن أراد الإستفادة أكثر:
    1- كتاب ولله الأسماء الحسنى المؤلف فضيلة الشيخ عبد العزيز بن ناصر الجليل.
    2- كتاب شرح اسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسُّـنَّةد. سعيد بن علي بن وهف القحطاني
    3- كتاب القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
    4- كتاب أسماء الله الحسنى للشخ راتب النابلسي أو على موقعه الالكتروني
    5- كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي



    .
     
  2. الصورة الرمزية نبراس الدعوه

    نبراس الدعوه تقول:

    افتراضي رد: فهرس لدروس"شرح أسماء الله وصفاته"

    الدرس الأول||العلم بالله تعالى وأقسامه..









    العلم بالله تعالى

    يفصل الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى العلم بالله – عز وجل- فيقول: «وأما العلم فيراد به في الأصل نوعان:
    أحدهما: العلم به نفسه؛ وبما هو متصف به من نعوت الجلال والإكرام، وما دلت عليه أسماؤه الحسنى. وهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لا محالة، فإنه لا بد أن يعلم أن الله يثيب على طاعته، ويعاقب على معصيته، كما شهد به القرآن والعيان، وهذا معنى قول أبي حبان التيمي – أحد أتباع التابعين:- (العلماء ثلاثة: عالم بالله ليس عالمًا بأمر الله، وعالم بأمر الله ليس عالمًا بالله، وعالم بالله وبأمر الله. فالعالم بالله الذي يخشى الله، والعالم بأمر الله الذي يعرف الحلال والحرام).
    والنوع الثاني: يراد بالعلم بالله العلم بالأحكام الشرعية، كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه ترخص في شيء فبلغه أن أقوامًا تنزهوا عنه. فقال: (إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية)).أ.هـ
    وسيكون دروسنا بإذن الله في النوع الأول ألا وهو العلم بالله –عز وجل- وبما هو متصف به من نعوت الجلال والإكرام، وماله من الأسماء الحسنى والصفات العلا وما دلت عليه، لأن هذا العلم هو أصل العلوم، والعلم بالأسماء والصفات على قسمين يفصلهما الدكتور عبد الرحمن المحمود – حفظه الله – فيقول: «والدراسات المتعلقة بأسماء الله وصفاته على قسمين:
    الأول: ما يتعلق بالإيمان بها وإثباتها، وقواعد أئمة السلف في ذلك والرد على المخالفين من أهل التأويل والتحريف والتعطيل، والتشبيه والتكييف والتفويض.
    الثاني: ما يتعلق بأثر الإيمان بأسماء الله وصفاته على منهاج السلف الصالح في حياة المؤمن خاصة، وأمة الإسلام عامة. وهذا أمر مهم جدًا له أثره العميق في حياة المؤمن، إذ هو الثمرة الحقيقية للإيمان بأسماء الله وصفاته ومعرفته، وتدبر معانيها.».
    وسنبين بإذن الله تفصيل كل منها في الدروس القادمة
     
  3. الصورة الرمزية نبراس الدعوه

    نبراس الدعوه تقول:

    افتراضي رد: فهرس لدروس"شرح أسماء الله وصفاته"

    الدرس الثاني||أهمية علم أسماء الله وصفاته






    أولاً: إن أشرف غايات المسلم، ومنتهى طلبه أن يفوز برضوان الله تعالى وجنته وأن يتنعم بالنظر إلى وجه الله ذي الجلال والإكرام في الدار الآخرة، ولكن هذه الغاية لن تتحقق إلا بتوفيق الله – عز وجل- لعبده للإيمان به وحده، وطاعته، واجتناب معاصيه.
    وهذا الإيمان والعمل الصالح لن يتحقق للعبد القيام بهما إلا بالعلم؛ لأن العلم قبل القول والعمل، وهو أساس العمل والخشية والبعد عن سخط الله تعالى.

    ثانيًا: العلم بأسماء الله – عز وجل- وصفاته هو أصل العلوم وأساس الإيمان، وأول الواجبات، فإذا علم الناس ربهم عبدوه.
    يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: «إن العلم بأسماء الله الحسنى أصل للعلم بكل معلوم؛ فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقًا له تعالى أو أمرًا. إما علم بملكوته، أو علم بما شرعه، ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى، وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضي بمقتضيه، وإحصاء الأسماء الحسنى أصل لإحصاء كل معلوم، لأن المعلومات هي من مقتضاها، ومرتبطة بها»

    ثالثًا: في معرفة الله – عز وجل- بأسمائه وصفاته زيادة في الإيمان واليقين وتحقيق للتوحيد، وتذوق لطعم العبودية.
    يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: «إن الإيمان بأسماء الله الحسنى ومعرفتها يتضمن أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. وهذه الأنواع هي رُوح الإيمان ورَوْحه، وأصله وغايته، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته، ازداد إيمانه وقوي يقينه»

    رابعًا: العالم بالله تعالى حقيقة يستدل بما علم من صفاته وأفعاله على ما يفعله وعلى ما يشرعه من الأحكام، لأنه لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته، وأفعاله دائرة بين العدل والفضل والحكمة. كذلك لا يشرع ما يشرعه من الأحكام إلا على حسب ما اقتضاه حمده وحكمته، وفضله وعدله، فأخباره كلها حق وصدق، وأوامره ونواهيه عدل وحكمة ورحمة، وهذا العلم أعظم وأشهر من أن ينبه عليه لوضوحه

    خامسًا: التــلازم الوثيــق بين صفــات الله تعالى وما تقتضيــه من العبادات الظاهرة والباطنة وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «لكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها أعني: من موجبات العلم بها والتحقق بمعرفتها، وهذا مطرد في جميع أنواع العبودية التي على القلب والجوارح. فعلم العبد بتفرد الرب تعالى بالضر والنفع، والعطاء، والمنع، والخلق، والرزق، والإحياء، والإماتة يثمر له: عبودية التوكل عليه باطنًا، ولوازم التوكل وثمراته ظاهرًا. وعلمه بسمعه تعالى وبصره، وعلمه أنه لا يخفى عليه مثقال ذرة وأنه يعلم السر، ويعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور يثمر له: حفظ لسانه وجوارحه، وخطرات قلبه عن كل ما لا يرضي الله، وأن يجعل تعلق هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه فيثمر له ذلك: الحياء باطنًا، ويثمر له الحياء اجتناب المحرمات والقبائح. ومعرفته بغناه وجوده، وكرمه وبره وإحسانه، ورحمته توجب له سعة الرجاء. وكذلك معرفته بجلال الله وعظمته وعزته تثمر له: الخضوع والاستكانة، والمحبة، وتثمر له تلك الأحوال الباطنة أنواعًا من العبودية الظاهرة هي موجباتها.. فرجعت العبودية كلها إلى مقتضى الأسماء والصفات».

    سادسًا: للتعبد بأسماء الله تعالى وصفاته آثار طيبة في سلامة القلوب، وسلامة الأخلاق والسلوك، كما أن في تعطيلها بابًا إلى أمراض القلوب ومساوئ الأخلاق .

    سابعًا: في معرفة أسماء الله وصفاته، والتعبد له سبحانه بها ثمرات طيبة في الموقف من المصائب والمكروهات والشدائد. فإذا علم العبد أن ربه عليم حكيم عدل لا يظلم أحدًا رضي وصبر، وعلم أن المكروهات التي تصيبه والمحن التي تنزل به فيها ضروب من المصالح والمنافع التي لا يبلغها علمه؛ لكنها هي مقتضى علم الله تعالى وحكمته فيطمئن ويسكن إلى ربه، ويفوض أمره إليه.

    ثامنًا: فهم معاني أسماء الله – عز وجل- وصفاته طريق إلى محبة الله، وتعظيمه ورجائه والخوف منه،

    تاسعًا: إن في تدبر معاني أسماء الله – عز وجل- وصفاته أكبر عون على تدبر كتاب الله تعالى حيث أمرنا الله – عز وجل- بتدبر القرآن في قوله سبحانه كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ، و ليتذكر أولو الألباب ) [ص: 29].
    ونظرًا لأن القرآن الكريم يكثر فيه ذكر الأسماء والصفات حسب متعلقاتها فإن في تدبرها بابًا كبيرًا من أبواب تدبر القرآن.

    عاشرًا: العلم بأسماء الله – عزل وجل- وصفاته يزرع في القلب الأدب مع الله تعالى والحياء منه.
    يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: «إن الأدب مع الله تبارك وتعالى هو القيام بدينه والتأدب بآدابه ظاهرًا وباطنًا. ولا يستقيم لأحد قط الأدب مع الله إلا بثلاثة أشياء: معرفته بأسمائه وصفاته، ومعرفته بدينه وشرعه وما يحب وما يكره، ونفس مستعدة قابلة لينة متهيئة لقبول الحق- علمًا وعملاً وحالاً- والله المستعان».

    الحادي عشر: المعرفة بالله تعالى وأسمائه وصفاته تبصر العبد بنقائص نفسه وعيوبها وآفاتها فتجهد في إصلاحها.
    وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «أركان الكفر أربعة: الكبر، والحسد، والغضب، والشهوة... ومنشأ هذه الأربعة من جهله بربه وجهله بنفسه، فإنه لو عرف ربه بصفات الكمال، ونعوت الجلال، وعرف نفسه بالنقائص والآفات لم يتكبر، ولم يغضب لها، ولم يحسد أحدًا على ما آتاه الله.
    فإن الحسد في الحقيقة نوع من معاداة الله، فإنه يكره نعمة الله على عبده وقد أحبها الله، وأحب زوالها عنه والله يكره ذلك، فهو مضاد لله في قضائه وقدره ومحبته وكراهته».

    الثاني عشر: الآثار السيئة والنتائج الوخيمة التي تنتج من فقد العبد لمعرفة أسماء الله تعالى وصفاتـه، وعدم فهمه لها وتدبرها والتعبد لله تعالى بها.
    ويجلي الإمام ابن القيم – رحمه الله تعالى- آثار هذا الفقد أو ضعفه فيقول: «أي شيء عرف من لم يعرف الله ورسله، وأي حقيقة أدرك من فاتتــه هذه الحقيقة، وأي علم أو عمل حصل لمن فاته العلم بالله والعمل بمرضاته ومعرفة الطريق الموصلة إليه، وماله بعد الوصول إليه»، وقال أيضًا: «إن حياة الإنسان بحياة قلبه وروحه، ولا حياة لقلب إلا بمعرفة فاطره ومحبته وعبادته وحده، والإنابة إليه، والطمأنينة بذكره، والأنس بقربه، ومن فقد هذه الحياة فقد الخير كله ولو تعوض عنها بما تعوض في الدنيا»
    وسنتبع في الدرس القادم أقسام ما يوصف به الله
     
  4. الصورة الرمزية نبراس الدعوه

    نبراس الدعوه تقول:

    افتراضي رد: فهرس لدروس"شرح أسماء الله وصفاته"

    الدرس الثالث||أقسام ما يوصف به الله تعالى


    قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
    ما يجري صفة أو خبراً على الرب تبارك وتعالى أقسام:
    أحدها: ما يرجع إلى نفس الذات كقولك: ذات، وموجود، وشيء.
    الثاني: ما يرجع إلى صفات معنوية كالعليم، والقدير، والسميع.
    الثالث: ما يرجع إلى أفعاله نحو: الخالق، والرزَّاق.
    الرابع: ما يرجع إلى التنزيه المحض، ولابد من تضمنه ثبوتاً؛ إذ لا كمال في العدم المحض كالقدوس السلام.
    الخامس: ولم يذكره أكثر الناس، وهو الاسم الدال على جملة أوصاف عديدة لا تختص بصفة مُعَيَّنة، بل هو دال على معناه لا على معنى مفرد، نحو: المجيد، العظيم، الصمد؛ فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال، ولفظه يدل على هذا فإنه موضوع للسعة، والكثرة، والزيادة، فمنه استمجد المرخ والغفار، وأمجد الناقة علفاً. ومنه ((رب العرش المجيد)) صفة للعرش لسعته وعِظَمِهِ وشرفه. وتأمل كيف جاء هذا الاسم مقترناً بطلب الصلاة من الله على رسوله كما علمناه ,لأنه في مقام طلب المزيد والتعرض لسعة العطاء وكثرته ودوامه، فأتى في هذا المطلوب باسم تقتضيه كما تقول: اغفر لي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، ولا يَحسن إنك أنت السميع البصير، فهو راجع إلى المتوسل إليه بأسمائه وصفاته، وهو من أقرب الوسائل وأحبها إليه.
    السادس: صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر، وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو: الغني الحميد، العفو القدير، الحميد المجيد. وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن؛ فإن الغنى صفة كمال، والحمد كذلك، واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر فله ثناء من غناه، وثناء من حمده، وثناء من اجتماعهما، وكذلك العفوّ القدير، والحميد المجيد، والعزيز الحكيم، فتأمله فإنه من أشرف المعارف.
    وأما صفات السلب المحض فلا تدخل في أوصافه تعالى إلا أن تكون متضمنة لثبوت: كالأحد المتضمن لانفراده بالربوبية والإلهية، والسلام المتضمن لبراءته من كل نقص يضاد كماله، وكذلك الإخبار عنه بالسلوب هو لتضمنها ثبوتاً كقوله تعالى لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ)، فإنه متضمن لكمال حياته وقيّوميته،
    وكذلك قوله تعالى: ( وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ )، متضمن لكمال قدرته،
    وكذلك قولهوَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ)متضمن لكمال علمه،
    وكذلك قولهلَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ )، متضمن لكمال صَمَدِيَّتِهِ وغناه،
    وكذلك قولهوَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌمتضمن لتفرُّده بكماله، وأنه لا نظير له.
    وكذلك قوله تعالى: (لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ) متضمن لعظمته، وأنه جل عن أن يدرك بحيث يحاط به، وهذا مطّرد في كل ما وصف به نفسه من السلوب
     
  5. الصورة الرمزية نبراس الدعوه

    نبراس الدعوه تقول:

    افتراضي رد: فهرس لدروس"شرح أسماء الله وصفاته"

    الدرس الرابع||أسماء الله وصفاته مختصة به،واتفاق الأسماء لا يوجب تماثل المسميات.




    قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((سمّى الله نفسه بأسماء، وسمّى صفاته بأسماء، فكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أضيفت إليه، لا يشركه فيها غيره، وسمّى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص، ولم يلزم من اتفاق الاسمين تماثل مسماهما واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص، لا اتفاقهما، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص، فضلاً عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص.
    فقد سمَّى الله نفسه حيّا، فقال: ( الله لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الـْحَيُّ الْقَيُّومُ )، وسمَّى بعض عباده حيّاً، فقال: (يُخْرِجُ الـْحَيَّ مِنَ الـْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الـْمَيِّتَ مِنَ الـْحَيِّ ))، وليس هذا الحيّ مثل هذا الحيّ؛ لأن قوله ((الحيّ)) اسم الله مختص به، وقوله: (يُخْرِجُ الـْحَيَّ مِنَ الـْمَيِّتِ ) اسم للحي المخلوق مختص به، وإنما يتفقان إذا أُطلقا وجُرِّدا عن التخصيص، ولكن ليس للمطلق مسمَّى موجود في الخارج، ولكن العقل يفهم من المطلق قدراً مشتركاً بين المسميين، وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق، والمخلوق عن الخالق.
    ولابدّ من هذا في جميع أسماء الله وصفاته، يُفهم منها ما دلّ عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق، وما دلّ عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه .
    وكذلك سمَّى الله نفسه عليماً حليماً، وسمّى بعض عباده عليماً، فقال: (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ )، يعني إسحاق وسمّى آخر حليماً، فقالفَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ )، يعني إسماعيل، وليس العليم كالعليم، ولا الحليم كالحليم.
    وسمَّى نفسه سميعاً بصيراً، فقال: (إِنَّ الله يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ الله نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ الله كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)،وسمّى بعض خلقه سميعاً بصيراً فقال إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا )، وليس السميع كالسميع، ولا البصير كالبصير.
    وسمَّى نفسه بالرؤوف الرحيم،فقال:(إِنَّ الله بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )، وسمّى بعض عباده بالرؤوف الرحيم، فقال: ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالـْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )، وليس الرؤوف كالرؤوف، ولا الرحيم كالرحيم.
    وسمَّى نفسه بالملك، فقال: (الـْمَلِكُ الْقُدُّوسُ )، وسمّى بعض عباده بالملك، فقال: (وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)، وليس الملك كالملك.
    وسمَّى نفسه بالمؤمن، فقال: (الـْمُؤْمِنُ الـْمُهَيْمِنُ )، وسمى بعض عباده بالمؤمن، فقال: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ )، وليس المؤمن كالمؤمن.
    وسمَّى نفسه بالعزيز، فقال: (الْعَزِيزُ الْـجَبَّارُ الـْمُتَكَبِّرُ )، وسمّى بعض عباده بالعزيز،فقال: (قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ )،وليس العزيز كالعزيز.
    وسمَّى نفسه الجبار المتكبر، وسمى بعض خلقه بالجبار المتكبر، فقال: (كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ )، وليس الجبار كالجبار، ولا المتكبر كالمتكبر.
    ونظائر هذا متعددة.
    وكذلك سمَّى صفاته بأسماء، وسمّى صفات عباده بنظير ذلك، فقال: (وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء )، وقال: (أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ )، وقال: (إِنَّ الله هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الـْمَتِينُ )،
    وسمَّى صفة المخلوق علماً وقوة، فقال: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً )، : (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ)
    وكذلك وصف نفسه بالمشيئة، ووصف عبده بالمشيئة، فقال: (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاّ أَن يَشَاءَ الله رَبُّ الْعَالـَمِينَ ).
    وكذلك وصف نفسه بالإرادة، ووصف عبده بالإرادة، فقال:(تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَالله يُرِيدُ الآخِرَةَ وَالله عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).
    ووصف نفسه بالمحبة، [ووصف عبده بالمحبة] فقال: (فَسَوْفَ يَأْتِي الله بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ )،
    ووصف نفسه بالرضا، ووصف عبده بالرضا، فقال: (رَّضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ).
    ومعلوم أن مشيئة الله ليست مثل مشيئة العبد، ولا إرادته مثل إرادته، ولا محبته مثل محبته، ولا رضاه مثل رضاه.. ونظائر هذا كثيرة.
    فلابد من إثبات ما أثبته الله لنفسه، ونفي مماثلته لخلقه، فمن قال: ليس لله علم، ولا قوة، ولا رحمة، ولا كلام، ولا يحب، ولا يرضى، ولا نادى، ولا ناجى، ولا استوى -كان معطلاً، جاحداً، ممثلاً لله بالمعدومات والجمادات. ومن قال: [له] علم كعلمي، أو قوة كقوتي، أو حب كحبي، أو رضىً كرضاي، أو يدان كيديَّ، أو استواء كاستوائي - كان مشبِّها، ممثلاً لله بالحيوانات، بل لابد من إثباتٍ بلا تمثيل، وتنزيهٍ بلا تعطيل.
    فالصفات ثلاثة أنواع: صفات كمال، وصفات نقص، وصفات لا تقتضي كمالاً ولا نقصاً، وإن كانت القسمة التقديرية تقتضي قسماً رابعاً، وهو: ما يكون كمالاً ونقصاً باعتبارين، والرب تعالى منزه عن الأقسام الثلاثة، وموصوف بالقسم الأول، وصفاته كلها صفات كمال محض، فهو موصوف من الصفات بأكملها وله من الكمال أكمله. وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته هي أحسن الأسماء وأكملها، فليس في الأسماء أحسن منها، ولا يقوم غيرها مقامها ولا يؤدي معناها.
     
  6. الصورة الرمزية نبراس الدعوه

    نبراس الدعوه تقول:

    افتراضي رد: فهرس لدروس"شرح أسماء الله وصفاته"

    الدرس الخامس||إحصاء الأسماء الحُسنى والعلم بها



    إحصاء الأسماء الحُسنى والعلم بها أصلٌ للعلم بكل معلوم،
    فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقاً له تعالى أو أمراً.
    إما علم بما كوّنه أو علم بما شرعه، ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى، وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه،
    فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى، وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد، والرأفة، والرحمة بهم، والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه، فأمره كله مصلحة، وحكمة، ورحمة، ولُطف، وإحسان؛ إذ مصدره أسماؤه الحسنى،
    وفعله كله لا يخرج عن العدل، والحكمة، والمصلحة، والرحمة، إذ مصدره أسماؤه الحسنى فلا تفاوت في خلقه، ولا عبث، ولم يخلق خلقه باطلاً، ولا سُدىً، ولا عبثاً.
    وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده، فوجود من سواه تابع لوجوده تبع المفعول المخلوق لخالقه، فكذلك العلم بها أصل للعلم بكل ما سواه فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم،
    فمن أحصى أسماءه كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم؛ إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم؛ لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها، وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى؛ ولهذا لا تجد فيها خللاً ولا تفاوتاً؛ لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العبد أو يفعله إما أن يكون لجهله به أو لعدم حكمته.
    وأما الرب تعالى فهو العليم الحكيم، فلا يلحق فعله ولا أمره خلل، ولا تفاوت، ولا تناقض
     
  7. الصورة الرمزية نبراس الدعوه

    نبراس الدعوه تقول:

    افتراضي رد: فهرس لدروس"شرح أسماء الله وصفاته"

    الدرس السادس||مراتب إحصاء أسماء الله الحُسنى




    عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة متفق عليه،
    مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة:
    المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها.
    المرتبة الثانية: فهم معانيها ومدلولها.
    المرتبة الثالثة: دعاؤه بها كما قال تعالى: ]وَلله الأَسْمَاءُ الـْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [، وهو مرتبتان.
    إحداهما: ثناء وعبادة.
    والثاني: دعاء طلب ومسألة، فلا يُثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، وكذلك لا يُسئل إلا بها، فلا يقال: يا موجود، أو يا شيء، أو يا ذات اغفر لي وارحمني؛ بل يُسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضياً لذلك المطلوب، فيكون السائل متوسلاً إليه بذلك الاسم. ومن تأمل أدعية الرسل، ولا سيما خاتمهم وإمامهم، وجدها مطابقة لهذا،
     
  8. الصورة الرمزية نبراس الدعوه

    نبراس الدعوه تقول:

    افتراضي رد: فهرس لدروس"شرح أسماء الله وصفاته"

    الدرس السابع ||الأسماء الحسنى لا تُحدُّ بعدد




    الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد فإن لله تعالى أسماء وصفات استأثر بها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مرسل كما في الحديث الصحيح: ((أسألك بكل اسم هو لك سمَّيتَ به نفسك، أو علّمتَه أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك))، فجعل أسماءه ثلاثة أقسام:
    قسم سمَّى به نفسه فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم، ولم ينزل به كتابه، وقسم أنزل به كتابه فتعرّف به إلى عباده،
    وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطَّلِع عليه أحد من خلقه، ولهذا قال: ((استأثرتَ به)) أي انفردت بعلمه، وليس المراد انفراده بالتسمِّي به؛ لأن هذا الانفراد ثابت في الأسماء التي أنزل بها كتابه. ومن هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة: ((فيفتح عليّ من محامده بما لا أحسنه الآن))، وتلك المحامد هي تفي بأسمائه وصفاته.
    ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك)) ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة))، فالكلام جملة واحدة. وقوله: ((من أحصاها دخل الجنة)) صفة لا خبر مستقبل. والمعنى له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة. وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها. ونظير هذا أن تقوا :عندي مئة درهم أعددتها للصدقة فإنه لا يمنع أن يكون عندك دراهم أخرى لم تعدها للصدقة
    ولما لم يصح تعيينها عن النبي اختلف السلف فيه وروى عنهم في ذلك أنواع وقد جمع فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تسعة وتسعين اسما,واحد وثمانون اسما في كتاب الله وثمانية عشر اسما في سنة رسول الله
    1) [الله]. (2) [الرب].
    (3، 4) [الواحد]، [الأحد]. (5، 6) [الرحمن]، [الرحيم].
    (7) [الحي]. (8) [القيوم].
    (9) [الأول]. (10) [الآخر].
    (11) [الظاهر]. (12) [الباطن].
    (13) [الوارث]. (14) [القدوس].
    (15) [السبوح]. (16) [السلام].
    (17) [المؤمن]. (18) [الحق].
    (19) [المتكبر]. (20) [العظيم].
    (21) [الكبير]. (22)، (23)، (24) [العلي، الأعلى، المتعال].
    (25) [اللطيف]. (26) [الحكيم].
    (27) [الواسع]. (28، 29) [العليم، العالم،].
    (30، 31) [الملك، المليك،]. (32) [الحميد].
    (33) [الخبير]. (34) [المجيد].
    (35) [القوي]. (36) [المتين].
    (37) [العزيز]. (38، 39) [القاهر، القهار].
    (40، 41، 42) [القادر، القدير، المقتدر]. (43) [الجبار].
    (44، 45) [الخالق، الخلاق]. (46) [البارئ].
    (47) [المصور]. (48) [المهيمن].
    (50,49) [الحافظ، الحفيظ]. (51، 52) [الولي، المولى].
    (53، 54) [النصير]. (55) [الوكيل ].
    (56) [الصمد]. (57، 58) [الرازق، الرزَّاق].
    (59) [الفتاح]. (60) [المبين].
    (61) [الهادي]. (62) [الحكم].
    (63) [الرؤوف]. (64) [الودود].
    (65) [البر]. (71) [الحليم].
    (، 73، 74) [، الغفور، الغفار]. (75) [العفو].
    (76) [التواب]. (77، 78) [الكريم، الأكرم].
    (79، 80) [الشاكر، الشكور]. (81) [السميع].
    (82) [البصير]. (83) [الشهيد].
    (84) [الرقيب]. (85) [القريب].
    (86) [المجيب]. (87) [المحيط].
    (88) [الحسيب]. (80) [الغني].
    (81) [الوهاب]. (82) [المقيت].
    (84,83) [القابض، الباسط]. (86,85) [المقدم، المؤخر].
    (87) [الرفيق]. (88) [المنان].
    (89) [الجواد]. (90) [المحسن].
    (91) [الستير]. (92) [الديان].
    (93) [الشافي]. (94) [السيد].
    (95) [الوتر]. (97) [الطيب].
    (98) [المعطي]. (99) [الجميل].
    وسنحاول بإذن الله أن نقف مع أسماء الله الحسنى التي ورد ذكرها في الكتاب والسنة الصحيحة بالشرح المفصل لكل اسم في كل درس؛ وذلك من الجوانب التالية:
    1- شرح معنى الاسم ومتعلقاته.
    2- ذكر الدليل على كل اسم من الأسماء الحسنى.
    3- ذكر آثار وموجبات كل اسم وما يقتضيه من العبوديات لله - عز وجل -.
    وسنبدأ بإذن الله أولا الجامع لجميع معاني أسماء الله الحسنى، والمتضمن لسائر صفات الله تعالى في الدرس القادم بإذن الله
     
  9. الصورة الرمزية نبراس الدعوه

    نبراس الدعوه تقول:

    افتراضي رد: فهرس لدروس"شرح أسماء الله وصفاته"

    الدرس الثامن||شرح معنى الله جل جلاله,اسمه الأعظم


    سنتحدث بإذ الله عن اسم من أسمائه الحسنى وصفاته العلى بمعناه ودليله وأثره..
    وسنتاول أول اسم من أسمائه جل علاه..

    ([الله جل جلاله])
    ذكر اسم «الله» في القرآن في (2724) مرة، واسم «الله» - تبارك وتعالى - خاص به سبحانه

    معنى الله جل جلاله في اللغة:
    ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه اسم مشتق واختلفوا في أصل اشتقاقه فقيل: إنه من «إله» مثل: «فعال» فأدخلت الألف واللام بدلاً من الهمزة مثل: «الناس» أصله «أناس» فقيل: «الله» فإله «فعال» بمعنى: مفعول كأنه مألوه أي: معبود مستحق للعبادة، يعبده الخلق ويؤلهونه، والتأله: التعبد. وهذا معروف في كلام العرب فهو دال على صفات الألوهية.
    وذهب بعض أهل العلم إلى أنه اسم جامد غير مشتق علم على الذات المقدسة وقالوا: أن الألف واللام من بنية هذا الاسم ولم يدخلا للتعريف.
    والدليل على ذلك: دخول حرف النداء عليه. وحروف النداء لا تجتمع مع الألف واللام اللتين للتعريف فأنت تقول: «يا ألله» ولا تقول: «يالرحمن»، ولا «يالبصير» فدل على أن الألف واللام من بنية الاسم. والصواب أنه مشتق، لأن أصله (إله) بمعنى مألوه، أي معبود، فهو دال على صفات الإلهية.

    معناه في حق الله:
    يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: «الله: هو المألوه المعبود، ذو الألوهية، والعبودية على خلقه أجمعين، لما اتصف به من صفات الألوهية التي هي صفات الكمال، وأخبر أنه الله الذي له جميع معاني الألوهية وأنه هو المألوه المستحق لمعاني الألوهية كلها، التي توجب أن يكون المعبود وحده، المحمود وحده، المشكور وحده، المعظم المقدس ذو الجلال والإكرام، واسم الله هو الجامع لجميع الأسماء الحسنى والصفات العلى، والله أعلم».

    الإسم الأعظم
    - (الله) هو الاسم الأعظم على الأرجح:
    يقول القرطبي رحمه الله: «وهذا الاسم هو أكبر أسمائه وأجمعها حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم، ولم يتسم به غيره، ولذلك لم يثن، ولم يجمع وهو أحد تأويلي قوله تعالىرَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )[مريم: 65]، أي: هل تعلم من تسمى باسمه الذي هو (الله)، (فالله) اسم للموجود الحق الجامع لصفات الألوهية المنعوت بنعوت الربوبية المنفرد الحقيقي لا إله إلا هو سبحانه».

    ومما يرجح قول من قال: إن (الله) هو الاسم الأعظم ما يلي:
    1- أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سـمع أحد الصحابة يدعو بهذا الدعـاء: «اللَّهم إني أسألك أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصـمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكـن له كفـوًا أحد»؛ قال: (والذي نفسي بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى). سنن أبي داود
    2- كثرة وروده في كتاب الله تعالى، فقد ورد في كتاب الله (2724) مرة.
    3- أن بقية أسمائه تبارك وتعالى تجري مع هذا الاسم مجرى الصفات مع الأسماء، فتقول: من صفات الله العليم الحكيم الكريم، ولا تقول: من صفات العليم الله.
    4- اسم الله مستلزم لجميع معاني أسمائه الحسنى، دال عليها بالإجمال، وكل أسمائه وصفاته تفصيل وتبيين لصفات الألوهية التي اشتق منها اسم الله، واسم الله يدل على كونه سبحانه معبودًا، تألهه الخلائق محبة، وتعظيمًا، وخضوعًا، وفزعًا إليه في النوائب والحاجات.
    5- تعرف الرب تبارك وتعالى إلى موسى باسمه الله:

    عندما أرسله إلى قومه، فعندما كان موسى عليه السلام، عائدًا بأهله من مدين في طـريقه إلى مصـر في ليلة ظلمـاء باردة، رأى على البعد بجانب الطور نارًا، فقال لأهلهامْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ .فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )[القصص: 30]، وقال لهوَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي )[طه: 13، 14].
    فتعرف الله عز وجل إلى نبيه موسى عليه السلام بأنه اللهُ ربُّ العالمين، وأنه اللهُ الحق الذي لا يستحق العبادة إلا هو.
    وقد تعرف الله إلى عباده في كتابه المنزل على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك ومن هذا ما جاء في فاتحة أعظم آيات هذا الكتاب، وهي آية الكرسي، فقد جاء في أولها ( اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ )[البقرة: 255].
    6- دعاؤه - تبارك وتعالى - بهذا الاسم:
    أكثر ما يدعى الله - تبارك وتعالى - بلفظ: (اللَّهم)، ومعنى: اللَّهم، ياالله، ولـهذا لا تسـتعمل إلا في الطلب، فلا يقال: اللَّهم غفـور رحيم، بل يقال: اللَّهم اغفـر لي وارحـمني وقد كان الرسـول صلى الله عيه وسلم يدعـو ربه كثيرًا بقوله (اللَّهم).

    من آثار هذا الاسم العظيم وموجباته:
    إذا عرف المؤمن معنى هذا الاسم العظيم وما يستلزم من الأسماء الحسنى والصفات العلا لله تعالى فإنه يطبع في القلب معاني عظيمة وآثارًا جليلة من أهمها:
    1- محبة الله - عز وجل - محبة عظيمة تتقدم على محبة النفس، والأهل، والولد، والدنيا جميعًا؛ لأنه المألوه المعبود وحده وهو المنعم المتفضل وحده وهو الذي له الأسماء الحسنى، وهو الذي له الخلق والأمر والحمد كله وهذا يستلزم محبة من يحبه الله تعالى وما يحبه، وبغض ما يبغضه سبحانه، ومن يبغضه، والموالاة والمعاداة فيه. ولا يذوق طعم الإيمان إلا من أحب الله - عز وجل - الحب كله وأحب فيه وأبغض فيه وهذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)رواه البخاري.
    2- تعظيمه سبحانه وإجلاله وإخلاص العبودية له وحده من توكل، وخوف، ورجاء ورغبة، ورهبةوغير ذلك من أنواع العبوديات التي لا يجوز صرفها إلا له سبحانه.
    3- الشـعور بالعـزة به سـبحانه والتعلق به وحده، وسقوط الخوف والهيبة من الخلق والتعلق بهم؛ فالمؤمن لا يحتمي ولا يعتز إلا بالله العظيم القوي المتين، الكبير المتعال ولا يتوكـل إلا عليه وحـده: ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا )[الفرقان: 58].
    4- طمأنينة القلب وسعادته وأنسه بالله - عز وجل - وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: «فإن اللذة والفرحة وطيب الوقت والنعيم الذي لا يمكن التعبير عنه إنما هو في معرفة الله - سبحانه وتعالى - وتوحيده والإيمان به،"
    5- إفراد الله - عز وجل - بالمحبة والولاء وإفـراده تعالى بالـحكم والتحاكم.
    قال الله تعالى: ( قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )[الأنعام: 14]،
    6- بما أن لفظ الجلالة مستلزم لجميع الأسماء والصفات فإن من آثار هذا الاسم العظيم آثار بقية أسمائه سبحانه وصفاته وكل أثر من آثار أسماء الله - عز وجل - وصفاته إن هو إلا أثر لهذا الاسم العظيم ومن موجباته. وهذا ما سيتم بيانه - إن شاء الله تعالى - في تفصيل معاني الأسماء والصفات وآثارها في الدروس القادمة.
     
  10. الصورة الرمزية نبراس الدعوه

    نبراس الدعوه تقول:

    افتراضي رد: فهرس لدروس"شرح أسماء الله وصفاته"


    الدرس التاسع||شرح معنى الرب.."أكثر الأسماء التي يدعي بها"..





    أخواتي وأخواني..


    سنتناول ثاني اسم من أسماء الله تعالى..


    ألا وهي:



    [الـرب]

    (الرب) من أسماء الله - عز وجل - الحسنى التي يدعى بها، ويمجد بها، ويقدس بها وعامة ما جاء في ذكر هذا الاسم الكريم إنما جاء مضافًا إلى الخلق عمومًا وخصوصًا مثل: (رب العالمين)، (رب السماوات والأرض)، ونحو ذلك.
    وورد ذكـره في القـرآن في أكثر من 900 موضـع؛ كقوله تعـالىالْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) [الفاتحة: 2]، وقولـه سبحانهقُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)[الأنعام: 164وقد ورد كثيرًا في أدعيـة الأنبياء - عليهم الصـلاة والسلام – والصـالحين قولهـم: (ربنا).

    معنى (الرب):
    قال ابن الأثير: «يطلق (الربّ) في اللغة على المالك، والسيد، والمدبر، والمربي، والقيم، والمنعم، ولا يطلق غير مضاف إلا على الله تعالى، وإذا أطلق على غيره أضيف، فيقال: ربّ كذا، وقد جاء في الشعر مطلقًا على غير الله ، وليس بالكثير».
    و(الربّ) في الأصل مشتق من التربية، وهو إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حدّ التمام، يقال: ربّه ورباه، وربَّبه، وقيل: لأن يربني رجل من قريش أحب إليَّ من أن يربني رجل من هوازن.
    ولا يطلَقُ غيرَ مضافٍ إلا على الله تعالى ، رب ، أو الرب ، أمّا إذا أُضيف يطلق على الله تعالى وعلى عباده ، كقولنا : ربُّ الدار أي صاحبها ، نحو قولهبَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ )[سبأ: 15]، وبالإضافة يقال له ولغيره، نحو قـولهـمرَبِّ الْعَالَمِينَ) [الفـاتحة: 2]،
    ويقال: رب الدار، وعلى ذلك قال الله تعالىاذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ )[يوسف: 42].

    معناه في حق الله:
    يقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: «و (الرب) هو المربي جميع عباده بالتدبير وأصناف النعم. وأَخَصُّ من هذا: تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم، وأخلاقهم. ولهذا أكثر دعائهم له بهذا الاسم الجليل؛ لأنهم يطلبون منه التربية الخاصة».

    اسم (الرب) من أعظم الممادح التي مجد الله - عز وجل - نفسه بها منها:
    · امتداح الله - عز وجل - نفسه بأنه رَبِّ الْعَالَمِينَ )والعالمون جمع عالم. وكل ما سوى الله فهو عالم: قال تعالى الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )والنصوص المعرفة بأنه رب العالمين كثيرة جدًا، كما مدح نفسه بأنه رب كل شيء كما في قوله تعالىقُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ) [الأنعام: 164].
    · تمجيده سبحانه نفسه بأنه رب العـرش العظيم كما في قوله تعالىاللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) [النمل: 26]،
    · كما مدح سبحانه نفسه بأنه رب السماوات والأرض وما بينهما.
    قال الله - عز وجل -رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )سورة مريم
    · وامتدح الله نفسه - تبارك وتعالى - بأنه ربنا ورب آبائنا الأولين، قال سبحانهقَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ )[الشعراء: 26].
    · وقال عن نفسه - عز وجل - أيضًا رب المشرق والمغرب، ورب المشارق والمغارب، قال عز وجلرَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ) [المزمل: 9]،
    واسم (الرب) - سـبحانه وتعـالى- من أكثر الأسـماء التي يدعى بها الله عزوجل

    من آثار الإيمان باسمه سبحانه (الرب):
    أولاً: إن اسم (الرب) سبحانه وما يستلزم من الأسماء والصفات يتضمن تعريف الناس غايتهم التي خلقوا من أجلها، وتعريفهم ما ينفعهم وما يضرهم؛ فكونه رب العالمين لا يليق به أن يترك عباده سدى هملاً لا يعرفهم بنفسه ولا بما ينفعهم في معاشهم ومعادهم، وما يضرهم فيها.. فهذا هضم للربوبية ونسبة للرب إلى ما لا يليقأَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ )[المؤمنون: 115].
    ثانيا: الإيمان بصفة الربوبية لله - عز وجل – يعني: الإيمان بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، فكل أثر من آثار الإيمان بالأسماء الحسنى - والتي سيأتي تفصيلها - إن شاء الله تعالى - هو في الحقيقة راجع إلى ما يتضمنه اسم (الرب) سبحانه وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: «إن ربوبيته سبحانه إنما تتحقَّق بكونه: فعَّالاً مُدبِّرًا؛ متصرِّفًا في خلقه؛ يعلم، ويقدر، ويريد، ويسمع، ويبصر.
    فإذا انتفت أفعاله وصفاته: انتفت ربوبيته، وإذا انتفت عنه صفة الكلام: انتفى الأمر والنهي ولوازمها، وذلك ينفي حقيقة الإلهية».
    ثالثا: الإيمان باسم (الرب) - عز وجل - وما يتعلق به من صفات يقتضي الرضا به سبحانه ربًا وإلهًا وحاكمًا ومشرعًا، لأن الرضا بربوبيته - عز وجل - هو رضا العبد بما يأمره به ربه وينهاه عنه،ويقسمه له ويقدره عليه، ويعطيه إياه ويمنعه منه. فمن لم يحصل الرضى بذلك كله لم يكن العبد قد رضي به ربًا من جميع الوجوه، ولا يذوق عبد طعم الإيمان حتى يأتي بكل موجبات الربوبية ولوازمها. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلمذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم رسولاً).
    رايعا: لما كان من معاني (الرب) أنه الذي يربي عباده وينقلهم من طور إلى طور وينعم عليهم بما يقيم حياتهم ومعاشهم. وهو الذي أحسن خلقهم وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى. فإن هذه المعاني من شأنها أن تورث في قلب العبد المحبة العظيمة لربه سبحانه وحب ما يحبه ومن يحبه، وبغض ما يبغضه ومن يبغضه، والمسارعة في مرضاته، وتعظيمه وإجلاله وشكره وحمده الحمد اللائق بجلاله وعظمته وسلطانه وإنعامه.
    خامسًا: لما كان من معاني (الرب) أنه المتكفل بأرزاق خلقه، وعنده خزائن السماوات والأرض له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. فإن هذه الصفات تورث في قلب العبد العارف لربه سبحانه قوة عظيمة في التوكل عليه سبحانه في جلب المنافع، ودفع المضار، وفي تصريف جميع أموره فلا يتعلق إلا بالله تعالى ولا يرجو إلا هو.
    سادسا: لما كان من معاني الربوبية اختصاصه سبحانه بجلب المنافع ودفع المضار، وتفريج الكروب، وقضاء الحاجات فإن العباد - بما أودع الله في فطرهم من معرفة ربهم بهذه الصفات - يلجأون إلى ربهم ويتضرعون إليه في الشدائد والملمات وينفضون أيديهم من كلٍ سوى الله - عز وجل - وكلما عرف العبد ربه بأسمائه وصفاته أثر هذا في دعائه وقوة رجائه، ولجوئه، وتضرعه لربه سبحانه والوثوق بكفايته سبحانه وقدرته على قضاء حوائج عباده.
    ولذلك نرى في أدعية أنبيائه - سبحانه وتعالى - وأوليائه تكرار الدعاء بقولهم: (ربنا، ربنا).
    سابعًا: نهى النبي صلى الله عليه وسلم العبد أن يقول لسيده (ربي) فقال: (لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وَضِّئ ربك، وليقل: سيدي مولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي، أَمَتي، وليقُل: فتاي، وفتاتي، وغلامي)البخاري.
    والسبب في النهي أن حقيقة الربوبية لله تعالى، لأن (الرب) هو المالك القائم بالشيء، فلا توجـد حقيقة ذلك إلا لله تعالى.