أرانـي أعودُ إليك وفي أعماقـي شوق لكلماتك .!
فأرنـي ماعندك .!
حــدثني عن الشعر يا جـبران ..
أراه يتنهــد ويـرفد قائــلاً :
إنه حلقةٌ تَـصِلُ بين هذا العالم و الآتي , منهـلٌ عَذْبٌ تستقـي
منه النفوس العطشى ..!
شجــرةٌ مغروسة على ضفّة نهرِ الجمــال ذاتِ ثمارٍ يانعةٍ تطلبهـا
القلـوبُ الجائعة ..!
أقطعه مُنبهرة فأقــول :
كثـيراً ما أرى الشاعر يحترق كي يضيء غيره !
أي ضياء ذلك الذي يهبه لنا , ينقـش الجمـال على فساتيننـا
فنرقص بهـا طرباً وفرحاً ..!
فينــظر إلي بابتسـامة ويكـمل :
بلبـلٌ يتنقّـلُ على أغصــان الكـلام ويُنشدُ أنغاماً تمـلأ خـلايا
الجوارح لُطفاً ورقّة ..!
غيمــةٌ بيضاءُ تظهر فوق خَطَّ الشَّفّقِ ثمّ يتعاظمُ وتتصاعدُ حتى
تـلأ وَجْهَ السماء وتنسكبَ لترويَ أزهارَ حقل الحيـاة .!
نورٌ ساطع لا تغلبُه ظلمةٌ ولا يُخفيه مكيـال , مـلأته زيتاً مشاعرُ الحبّ
وأشعَلتهُ أَنغام الموسيقى !
فأراه يصمت وينتظر مني رداً فأقـول :
أكمــل ولا تقف , فالـصمت في حرم الجمــالُ جمــالُ .. =)
فيقــول :
وحيدٌ يرتدي البساطةَ ويتغذّى اللطفَ و يجـلـس على أحضان الطبيعة
ليتعلم الابتداع , ويسهر في سكينة الليل منتظراً هبوط الإلهام ..!
زراعٌ يبذر حبّاتِ قلبه في رياض الشــواعــر , فتبتُ زرعاً خصيبياً تستغلّه
الإنسانيّة و تتغذّى به .!
فأقــول :
وحيــد ؟! وقد مُــلأَ بمــن حوله .!
غريــب .! و الوطنُ شعره .!
اعتـاد البوح للحــبر للــورق ..
رُبمــا زوايـا الوحدة تزيدُ من شاعريته .!
يقــول :
هذا هو الشاعر الذي تجعله الناس في حيـاته وتعرفه عندما يودع هذا
العـالم .. !
هذا الذي لا يطلبُ من البشـر إلاّ إبتسـامةً صغيرة و الذي تتصاعد
أنفاسُه وتمــلأ الفضاء أشباحاً حّيَّةً جميلةً و الناسُ تبخــل عليه
بالخـبز و المأوى ..!
فإلــى متى أيّهـا الإنسـانُ , إلى متى !
تُقيم من الفخـر بيوتاً للأُلى جَبَلوا أديمَ التراب بالدماء .!
وتُعرِضُ بتهاملٍ عن الذين يَهَبُونك من محاسن أنفسهم سـلاماً
ووداعه .!؟
هُنــا تتفـجرُ دموعــي لترد عليه .!
تذكرت رفيقةً حــواهـا قلبي تُحــب الشعر و الشعر يعشقهــا ..
فيطبطب بكلماته كي يواســيني :
وأنــتم أيّهـا الشعراء , يــا حيـاةَ هذه الحيـاة , قد تغلَّبتم على الأجيـال
قسـراً عن قســاوة الأجـيال , وفُزتم بأكاليل الغار غصباً عن أشواك الغرور ,
وملكتم في القلوب وليس لملككم نهاية , يــا أيهـا الشعراء .!!
فأرد :
عزائـنا أنهم يمـلكون قلباً طاهـراً , يعيش بينـنا .!
يعبرون بألسنتنـا .!
كيف يكــون الصبح و الليل
من دونهم !
كيف تكون فصـول السنة ..!
يصبح الصيف بارداً قارصاً و الشتاء مُحرق .!!
إلى هُنــا أنتهــى الحــلم معه في جولة الشعر و الشعراء أما القــادم
فوقفة بسيطة جداً يحدثـني بهـا عن السعادة .. =)