رسالة الشيخ انعام الحسن
الأمير الثالث لجماعة التبليغ يرحمه الله رحمة واسعة


[IMG]http://www.istockp***o.com/file_thumbview_approve/431115/2/istockp***o_431115_envelope.jpg[/IMG]



( بسم الله الرحمن الرحيم )


إلى فضيلة الشيخ سعد الدين الحصين المحترم وفقنا الله وإياه لما يحبه ويرضاه بفضله وكرمه … السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
وبعد .. فقد تلقيت خطابكم الكريم المؤرخ 9/9/1404 هــ ببالغ الشكر والتقدير المتضمن على عدة استفسارات وتساؤلات ، وهذا يدل على غيرتكم وحميتكم الدينية ونريد أن نجيب عنها بإيجاز لتكونوا على بصيرةٍ من الأمر …


= أخي الكريم … إن هذه الدعوة ليست إلا للعودة بالأمة إلى كتاب الله وسنة رسوله وطريقة السلف الصالح وهو صراط المستقيم ..
= وقد نفع الله بهذه الدعوة ... والحمد لله .. خلائق لا يحصون في جميع أنحاء العالم وعادوا من الشرك والضلال والبدع والخرافات إلى عقيدة التوحيد النقية ، وتاب كثيرٌ منهم من الإلحاد و الزندقة .. ومن شرب الخمور وتعاطي الربا وارتكاب شتّى المعاصي ، ورجعوا إلى المساجد يعبدون ربهم وينيبون إليه متمسكين بهدي المصطفى ملتزمين بسنته الطاهرة كما لا يخفى عليكم ...
= كذلك لا ننكر أن كثيراً من الناس والشباب المنحرفين تابوا من المعاصي وعادوا إلى الصراط المستقيم بقي فيهم بعض آثار الانحرافات السابقة ، وهم بحاجة إلى تثقيف ووعي إسلامي أعمق فهذه الانحرافات لا ينبغي أن تنسب إلى الدعوة .. فإننا أحياناً نضطر لغض النظر عنها للظروف القاهرة .. بل يحتاج هذا إلى المشاركة من أمثالكم في هذا العمل الجليل لتثقيفهم وتربيتهم ...
= أما أصول الدعوة فهي معروفة لديكم ولدى الجميع ولا خلاف فيها بين أحد من الناس وهي التي نحرص عليها في هذا العمل وندعوا إليها كافة الناس عرباً وعجماً ..


= فإما المسائل الدقيقة العلمية فعادةً نحيلها إلى العلماء المختصين ونقول لهم (فاسألوا أهل الذكر وإن كنتم لا تعلمون) هذه حقيقة معروفة بين العرب والعجم لاخفاء فيها .. وكل ذلك حرصاً على جمع شمل الأمة ..
= ولكن بسبب المودة والمحبة الخاصة التي تربط بيننا وبينكم أن نشرح لكم بشيْ من التفصيل لما ذكرتموه في رسالتكم الموقرة ...
= الطرق الصوفية والبيعة ليست قطعاً من أصول هذه الدعوة كما هو مقرر ومعلوم .. ولا ندعوا الناس أبداً لها صراحة ولا إشارة .. ولا عرباً ولا عجماً .. ولكننا نقر منها ما يوافق الربانية التي عبر عنها القرآن الكريم (بالتزكية) والحديث الشريف (بالإحسان) وما يخالف ذلك فإننا نعتبره بدعة وضلالة ولا علاقة له بالإسلام ولا علاقة لنا به وليس لنا وجهان والحمد لله في ذلك ...


= وإنما كما هو معلوم أن البيعة في الطرق الصوفية رائجة ومنتشرة في شبه القارة الهندية والواقع أننا إن لم نبايع هؤلاء الذين يصرون علينا بذلك .. فإنهم حتماً سيبايعون غيرنا ويقعون في حبائل المبتدعة والمنحرفين من المتصوفة الزنادقة ...
= وعندما نبايع فإننا لا نبايع إلا على طريقة رسول الله كما ورد في الحديث الصحيح في البخاري من كتاب الأيمان أن عبادة بن الصامت قال :- وهو أحد النقباء ليلة العقبة – أن


(( رسول الله قال :- وحوله عصابةٌٌٌٌٌ من أصحابه – بايعوني على ألا تشاركوا بالله شيئاً .. إلى آخر الحديث )) .
وكما ورد عن جرير بن عبداللة البجلي (( بايعنا رسول الله على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم )) .
وغير ذلك من الروايات الصحيحة الصريحة الكثيرة شحنت بها كتب السنّة ... فهذه البيعة بيعة التوبة .. وهي ليست من الشرك ولا من البدع بل هي مقيدة بسنّة رسول الله ...



= أما ما خالف كتاب الله وسنّة رسوله من عقيدة أو عمل أو أقوال أو كشف أو كرامة فإننا نرمي به عرض الحائط ، ولا نبالي به ، ونبرأ إلى الله منه ..
ومن يقول أو يعتقد بشيء يخالف كتاب الله وسنة رسوله فإنه لا يساوي عندنا شيئاً بل إننا نبغضه في الله كائناً من كان كبيراً أو صغيراً .. هذا ما ندين الله به ونسأله سبحانه أن يحشرنا عليه آمين ..
= وأما ما ذكرتموه من بعض الإخوان من الجماعة أنه لا يتزوج أحدهم أو يبني بيتاً أو يغير وظيفته الإ بعد موافقة الأمير .... فهذا وجهه : -


أن أحد الذين تكون له علاقة قديمة بالدعوة وبي شخصياً يستشيرني في أمر من أموره فأعطيه رأي الشخصي بأمانة (( وصدق " على قاعدة " المستشار مؤتمن )) وأنتم على علم أن جميع العاملين والمشتغلين بالدعوة غير ملزمين في هذه الأمور بالرجوع إلى أي أمير أو الالتزام برأيه ... وإنما كل أحدٍ حرّ في تصرفاته ... فقط الذي ندعوا إليه كل أحد :- أن يلتزم في جميع شؤون حياته بأمر الله وسنة رسوله فالفلاح والنجاح كله في ذلك .


= أما لماذا نخص العرب بكتاب " رياض الصالحين " فالأمر واضح وهو أن هذا الكتاب نافع وجيد تلقته الأمة بالقبول ... ولما ذهبت جماعات الدعوة إلى البلدان العربية لم تكن كتب الفضائل قد ترجمت للغة العربية وإلى الآن لم يترجم الإ بعضها فاخترنا هذا الكتاب لحلقة التعليم ، لحصول المقصود منه أيضاً واستمر الأمر على ذلك .
= أما ما يتعلق بكتاب (( تبليغي نصاب )) المشتمل على كتب الفضائل المختلفة وما أثير حول هذا الكتاب فنجيب عنها بإيجاز :-
= هذه الكتب ألفت باللغة الأردية منذ زمان ، ولا شك قد تساهل المؤلف في ذكر بعض الروايات الضعيفة في الفضائل ، ولا شك قد تساهل المؤلف في ذكرها ويشير في الآخر إلى درجة الحديث من صحة وحسن وضعف ، وقد ترجم إلى اللغة العربية بعض كتب الفضائل ربما أطلعتم عليه ...
= وكذلك حياة الصحابة للعلامة المحدث الداعية الشيخ محمد يوسف الكاندهلوي أيضاً مأخوذ مادته من كتب الصحاح الستة وغيرها من كتب السنة والسير والتاريخ ... ثم يذكر المؤلف مصدره حسب عادة المحدثين ... وأريد هنا أن ألفت نظركم الكريم إلى بعض مؤلفات العلماء الأعلام من السلف والخلف الذين ألفوا في الفضائل والسيرة ، وكيف أنهم مع علو مرتبتهم في الحديث وتشددهم المعروف في هذه القضية تجد أنهم قد تساهلوا أيضاً في مؤلفاتهم هذه بالذات وذكروا فيها أحاديث ضعيفة كثيرة كما هو معلوم .. مثل ذلك :- كتاب الأدب المفرد للبخاري إمام المحدثين ، وكتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل ، وكتاب الزهد والرقائق للإمام عبد الله بن المبارك ، وصفوة الصفوة للإمام ابن الجوزي ، وكتاب الكبائر للإمام الحافظ الذهبي ، والبداية والنهاية للحافظ ابن كثير، والوابل الصيب وزاد المعاد للحافظ ابن القيم رحمهم الله ...


= ومرةً أخرى إنه لا يَنبغي أن نستدل بعمل فردٍ اشتغل بهذه الدعوة على أن فعله الشخصي جزء من أصول الدعوة ، لأنها تدعو جميع الناس إلى الأصول المتفق عليها وهي بجملتها وتفصيلها معلومةٌ لديكم .
= وهم يأتون إلينا مع انحرافاتهم السابقة .. ولا شك هذا يحتاج إلى تربية وجهد بالغ بحكمةٍ وسعة صدرٍ وإشراف أمثالكم من الأفاضل أهلِ العلم والغيرة والحمية الدينية ..
= ومع هذا فإننا نعتبر أنفسنا والله مقصرين جداً .. ندعو الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد ..
= ونحن نرجو من فضيلتكم كما عهدنا منكم النصح لهذه الدعوة والمشاركة فيها لأنكم أهلاً لها والشيء من معدنه لا يستغرب ...
= أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .. ونسال الله جميعاً التوفيق والسداد .. وبهدينا دائماً للحق والصواب ...وجميع عامة المسلمين .. على كتاب الله وسنة رسول الله .. وان يلهمنا مراشد أمورنا ويعيدنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وحسبنا ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير .



والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم في الله
محمد إنعام الحسن الكاندهلوي – دلهي – الهند