الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    بسم الله الرحمن الرحيم

    سأبدأ بإذن الله تعالى بزويد منتدانا الغالي بسلسلة من الخطب سائلا المولى عز وجل أن ينفع بها
    ولو وضع مكان مخصص للخطب في القسم الاسلامي

    الخطبة الأولى بعنوان اسباب محبة الله

    الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد . نحمده حمدا لا يحدّ ، ونشكره شكرا لا يعد .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا صاحبة ولا ولد ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله إلى الأبيض والأحمر والأسود . اللهم فصل وسلم على سيدنا محمد ، الداعي إلى سبيل الرشد ، وعلى آله وصحبه ومن جد في متابعته واجتهد .. .أما بعد : فيا عباد الله ، اتقوا الله تعالى حقّ التقوى ، فهي وصيّة الله لكم في محكم كتابه ، حيث قال جل من قائل عليم : ]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ . اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك والعلم الذي يبلغنا حبك. أما بعد:
    كنا قد تكلمنا في جمعة مضت عن محبة الله أما اليوم فإننا نتحدث بعون الله وتوفيقه عن اسباب محبة الله
    روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: بينما أنا ورسول الله خارجين من المسجد، فلقينا رجلاً عند سدة المسجد، فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال رسول الله : ما أعددت لها؟ } قال: فكأن الرجل استكان. ثم قال: يا رسول الله ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله. قال: فأنت مع من أحببت.
    وفي رواية أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشد من قول النبي : { فإنك مع من أحببت }.
    وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: فأن أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجوا أن أكون معهم، وإن لم أعمل بأعمالهم.
    قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - عن المحبة:
    ( المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون، وإليها شخص العاملون، وإلى عملها شمَّر السابقون، وعليها تفانى المحبون، وبروح نسيمها تروح العابدون، وهي قوت القلوب، وغذاء الأرواح، وقرة العيون وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات، والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات، والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام، واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام، تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة، إذ لهم من معية محبوبهم أوفرنصيب ).
    فإلى من إراد أن يرقى من منزلة المحب لله، إلى منزلة المحبوب من الله، أقدم لك هذه الأسباب العشرة التي ذكرها الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في كتابه العظيم ( مدارج السالكين ) مع شرح مختصر لها.
    السبب الأول: قراءة القرآن بتدبر والتفهم لمعانيه، وما أريد به، كتدبير الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه.
    نعم فمن أحب أن يكلمه الله تعالى فليقرأ كتاب الله، قال الحسن بن على: ( إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها في النهار ).
    قال ابن الجوزي رحمه الله: ( ينبغي لتالي القرآن العظيم أن ينظر كيف لطف الله تعالى بخلقه في إيصاله معاني كلامه إلى أفهامهم وأن يعلم أن ما يقرأه ليس من كلام البشر، وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه، بتدبر كلامه ).
    قال الإمام النووي رحمه الله: ( أول ما يجب على القارىء، أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى ).
    ولهذا فإن رجلاً من أصحاب النبي استجلب محبة الله بتلاوة سورة واحدة وتدبرها ومحبتها، هي سورة الإخلاص التي فيها صفة الرحمن جل وعلا فظل يرددها في صلاتة، فلما سُئل عن ذلك قال: ( لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأها ) فقال النبي : { أخبروه أن الله يحبه } [البخاري].
    وينبغي أن نعلم أن المقصود من القراءة هو التدبر، وإن لم يحصل التدبر إلا بترديد الآية فليرددها كما فعل النبي وأصحابه.
    فقد روى أبو ذر عن النبي أنه قام ليلة بآية يرددها: إن تُعَذّبهُم فَإِِنّهُم عِبَادُكَ وَإن تَغفِر لَهُم فَإنّكَ أنتَ العَزِيز الحَكيمُ [المائدة:118].
    وقام تميم الداري بآية وهي قوله تعالى: أَم حَسِبَ الّذِينَ اجتَرَحُوا السّيِئَاتِ أن نّجعَلَهُم كَالّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَوَآءً مّحيَاهُم وَمَمَاتُهُم سَآءَ مَا يَحكُمُون [الجاثية:21].
    السبب الثاني: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، فإنها موصلة إلى درجة المحبوب بعد المحبة.
    قال رسول الله في الحديث القدسي عن رب العزة سبحانه وتعالى: { من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشىء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه } [البخاري].
    وقد بين هذا الحديث صنفان من الناجين الفائزين.
    الصنف الأول: المحب لله مؤد لفرائض الله، وقافٌ عند حدوده.
    الصنف الثاني: المحبوب من الله متقرب إلى الله بعد الفرائض بالنوافل. ( وهذا مقصود ابن القيم رحمه الله بقوله: ( فإنها موصلة إلى درجة المحبوبية بعد المحبة ).
    يقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله: ( أولياء الله المقربون قسمان:
    ذكر الأول، ثم قال: الثاني: من تقرب إلى الله تعالى بعد أداء الفرائض بالنوافل، وهم أهل درجة السابقين المقربين، لأنهم تقربوا إلى الله بعد الفرائض بالإجتهاد في نوافل الطاعات، والإنكاف عن دقائق المكروهات بالورع، وذلك يوجب للعبد محبة الله كما قال تعالى في الحديث القدسي: { لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه } فمن أحبه الله رزقه محبته وطاعته والحظوة عنده ).
    والنوافل المتقرب بها إلى الله تعالى أنواع: وهي الزيادات على أنواع الفرائض كالصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة.
    السبب الثالث: دوام ذكره على كل حال، بالسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر.
    قال رسول الله : { إن الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه } [صحيح ابن ماجه للألباني] وقال الله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152].
    وقال رسول الله : { قد سبق المفردون } قالوا: ومن المفردون يا رسول الله؟ قال: { الذاكرون الله كثيراً والذاكرات } [مسلم].
    وقال يبين خسارة من لا يذكر الله: { ما يقعد قوم مقعداً لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب } [صححه أحمد شاكر في تخريجه للمسند]. ويقول : { ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا من مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة } [صحيح سنن أبي داود للألباني].
    لذلك لما جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع فقال: { لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله } [صحيح سنن ابن ماجه للألباني].
    وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم تلك الوصية وفقهوا معناها الثمين حتى إن أبا الدرداء قيل له: ( إن رجلاً أعتق مائة نسمة. قال: إن مائة نسمة من مال رجل كثير، وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار وأن لا يزال لسان أحدكم رطباً من ذكر الله عز وجل ) [أحمد في الزهد].
    وكان يقول: ( الذين لا تزال ألسنتهم رطبة من ذكر الله يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك ).
    السبب الرابع: إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى.
    يقول ابن القيم في شرح هذه العبارة: ( إيثار رضى الله على رضى غيره، وإن عظمت فيه المحن، وثقلت فيه المؤن، وضعف عنه الطول والبدن ).
    وقال رحمه الله: ( إيثار رضى الله عز وجل على غيره، وهو يريد أن يفعل ما فيه مرضاته، ولو أغضب الخلق، وهي درجة الإيثار وأعلاها للرسل عليهم صلوات الله وسلامه، وأعلاها لأولى العزم منهم، وأعلاها لنبينا محمد ).
    وذا كله لا يكون إلا لثلاثة:
    1 ـ قهر هوى النفس.
    2 ـ مخالفة هوى النفس.
    3 ـ مجاهدة الشيطان وأوليائه.
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( يحتاج المسلم إلى أن يخاف الله وينهي النفس عن الهوى، ونفس الهوى والشهوة لا يعاقب عليه، بل على أتباعه والعمل به، فإذا كانت النفس تهوى وهو ينهاها، كان نهيه عبادة لله، وعملاً صالحاً ) [10/635 مجموع الفتاوى].
    السبب الخامس: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته، ومشاهدتها ومعرفتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة، فمن عرف الله بأسمائه وأفعاله، أحبه لا محالة.
    قال ابن القيم رحمه الله: ( لا يوصف بالمعرفة إلا من كان عالماً بالله وبالطريق الموصل إلى الله، وبآفاتها وقواطعها، وله حال مع الله تشهد له بالمعرفة. فالعارف هو من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعالة، ثم صدق الله في معاملته، ثم أخلص له في قصده ونيته ).
    فمن جحد الصفات فقد هدم أساس الإسلام والإيمان وأتلف شجرة الإحسان فضلاً عن أن يكون من أهل العرفان.
    ومن أول الصفات فكأنما يتهم البيان النبوي للرسالة بالتقصير إذ لا يمكن أن يترك النبي أهم أبواب الإيمان بحاجه إلى إيضاح وإفصاح من غيره لإظهار المراد المقصود الذى لم تبينه العبادات في النصوص.
    وثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: { إن لله تسعاً وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة }.
    السبب السادس: مشاهدة بره وإحسانه، وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة فإنها داعية إلى محبته.
    العبد أسير الإحسان فالإنعام والبر واللطف، معاني تسترق مشاعره، وتستولي على أحاسيسه، وتدفعه إلى محبة من يسدي إليه النعمة ويهدي إليه المعروف. ولا منعم على الحقيقة ولا محسن إلا الله، هذه دلالة العقل الصريح والنقل الصحيح، فلا محبوب في الحقيقة عند ذوي البصائر إلا الله تعالى، ولا مستحق للمحبة كلها سواه، وانتدب لنصرته وقمع أعدائه، وأعانه على جميع أغراضه، وإذا عرف الإنسان حق المعرفة، علم أن المحسن إليه هو الله سبحانه وتعالى فقط، وأنواع إحسانه لا يحيط بها حصر: وإِن تَعُدُوا نِعمَتَ اللّهِ لاَ تُحصُوهَآ إنّ الإِِنسَانَ لَظََلُومٌ كَفّارٌ [
    إبراهيم:34].
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بمافيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم


    الحمد لله الذي اهتدى بهديه ورحمته المهتدون ، وضلّ بعدله وحكمته الضالون ، ]لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون[ . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، بلّغ الرسالة ، وأدّى الأمانة ، ونصح الأمّة ، وجاهد في الله حقّ جهاده ، وتركنا على المحجّة البيضاء ، ليلُها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك . صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه وأتباعه ، وسلّم تسليماً كثيراً
    السبب السابع: وهو من أعجبها: انكسار القلب بكليته، بين يدي الله تعالى، وليس في التعبير عن المعنى غير الأسماء والعبارات.
    والإنكسار بمعنى الخشوع، وهو الذل والسكون.
    قال تعالى: وَخَشَعَتِ الأَصوَاتُ لِلرّحمَنِ فَلاَ تَسمَعُ إِلاهَمساً [طه:108].
    يقول الراغب الأصفهاني: ( الخشوع: الضراعة، وأكثر ما يستعمل الخشوع فيما يوجد على الجوارح، والضراعة أكثر ما تستعمل فيما يوجد في القلب، ولذلك قيل إذا ضرع القلب: خشعت جوارحة ).
    وقال ابن القيم: ( الحق أن الخشوع معنى يلتئم من التعظيم والمحبة والذل والانكسار ).
    وقد كان للسلف في الخشوع بين يدي الله أحوال عجيبة، تدل على ما كانت عليه قلوبهم من الصفاء والنقاء.
    كان عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما إذا قام في الصلاة كأنه عود، من الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لاتحسبه إلا جزع حائط.
    وكان علي بن الحسين رضي الله عنهما إذا توضأ اصفّر لونه، فقيل له: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء. قال: ( أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟.
    السبب الثامن: الخلوة به وقت النزول الإلهي، لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.
    قال تعالى: تَتَجافى جُنُوبُهُم عَنِ المَضاجِعِ يَدعون ربهم خوفاً وَطَمَعاً وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقُونَ [السجدة:16].
    إن أصحاب الليل هم بلا شك من أهل المحبة، بل هم من أشرف أهل المحبة، لأن قيامهم في الليل بين يدي اللّه تعالى يجمعُ لهم جلّ أسباب المحبة التي سبق ذكرها.
    ولهذا فلا عجب أن ينزل أمين السماء جبريل عليه السلام على أمين الأرض محمد صلى اللّه عليه وسلم ويقول له: ( وأعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس ) [السلسلة الصحيحة].
    يقول الحسن البصري رحمه اللّه: ( لم أجد من العبادة شيئاً أشد من الصلاة في جوف الليل فقيل له: ما بال المجتهدين من أحسن الناس وجوهاً فقال لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره ).
    السبب التاسع: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما ينتقي أطايب الثمر، ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت أن فيه مزيداً لحالك ومنفعة لغيرك.
    قال رسول الله : { قال الله عز وجل: وجبت محبتي للمتحابين فيّ، ووجبت محبتي للمتجالسين فيّ، ووجبت محبتي للمتزاورين فيّ } [صححه الألباني: مشكاة المصابيح].
    قال رسول الله : { أوثق عرى الإيمان أن تحب في اللّه وتبغض في الله } [السلسلة الصحيحة:728]
    فمحبة المسلم لأخيه المسلم في الله، ثمرة لصدق الإيمان وحسن الخلق وهي سياج واق، ويحفظ الله به قلب العبد، ويشد فيه الإيمان حتى لا يتفلت أو يضعف.
    السبب العاشر: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل.
    فالقلب إذا فسد فلن يجد المرء فائدة فيما يصلحه من شؤون دنياه ولن يجد نفعاً أو كسباً في أخراه. قال تعالى: يَومَ لَا يَنفَعُ مَالٌ ولاَ بَنُوُنَ إِلاّ مَن أَتَى اللهَ بِقَلبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88].
    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
     
  2. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    الخطبة عن الطلاق

    الخطبة الاولى
    أما بعد: أيها المسلمون، حديثي معكم اليوم عن كلمة طالما أبكت العيون وروعت القلوب، وفرقت الأسر ومزقت الشمل، يا لها من كلمةٍ صغيرة ولكنها جليلةٌ عظيمة خطيرة، هل تعلمون ما هي هذه الكلمة؟ إنها كلمة الطلاق، كلمةٌ أبكت عيون الأزواج والزوجات، وروعت قلوب الأبناء والبنات. أيستغرب أحدكم لو قيل له: إن كلمة من الكلمات تكون معولاً صلبًا يُهدم به صرح أسر وبيوتات؟! أيستغرب أحدكم لو قيل له: إن كلمة من الكلمات تنقل صاحبها من سعادة وهناء إلى محنة وشقاء؟! أيستغرب أحدكم لو قيل له: إن كلمة من الكلمات تحرك أفرادًا وجماعات، وتُنشئ تزلفًا وشفاعات لرأب ما صدعت وجمع ما فرقت؟! لا غرابة في ذلك لو عُلم أن تلكم الكلمة هي: كلمة الطلاق.
    إنها كلمة أبكت عيونًا وأجهشت قلوبًا وروعت أفئدة، إنها كلمة صغيرة الحجم لكنها جليلة الخطب، إنها كلمة ترتعد الفرائص بوقعها؛ لأنها تقلب الفرح ترحًا والبسمة غُصّة.
    إنها كلمة الطلاق، وما أدراك ما الطلاق. كلمة الوداع والفراق، والنزاع والشقاق، والجحيم والألم الذي لا يطاق.
    فللَّه كم هدمت من بيوت للمسلمين، وكم قطّعت من أواصر للأرحام والمحبين، وكم فرّقت من شملٍ للبنات والبنين.
    يا لها من ساعةٍ حزينةٍ، يا لها من ساعةٍ عصيبة أليمة ولحظة أسيفة يوم سمعت المرأة طلاقها، فكفكفت دموعها، وودعت أولادها، وفارقت زوجها ووقفت على باب بيتها، لتُلقي آخر النظرات، على بيتٍ مليءٍ بالذكريات، يا لها من مصيبةٍ عظيمةٍ حين تقتلع السعادة أطنابها من رحاب ذلك البيت المسلم المبارك.
    أيها المسلمون، الزواج نعمةٌ من نعم الله ومنةٌ من أجلّ منن الله، جعله الله آية شاهدةً بوحدانيته، دالةً على عظمته وألوهيته، لكنه إنما يكون نعمةً حقيقية إذا ترسّم كلا الزوجين هدي الكتاب والسنة، وسارا على طريق الشريعة والملّة، ولكن ما إن يتنكب الزوجان أو يتنكب واحدٌ منهما عن صراط الله حتى تفتح أبواب المشاكل، عندها تعظم الخلافات والنزاعات، ويدخل الزوج إلى بيته حزينًا كسيرًا، وتخرج المرأة من بيتها حزينةً أليمةً مهانةً ذليلةً، عندها يعظم الشقاق ويكبر الخلاف والنزاع، فيفرح الأعداء ويشمت الحسّاد، وبعدها يتفرّق شمل المؤمنين وتتقطّع أواصر المحبين.
    أيها المسلمون، لقد كثُر الطلاق اليوم، هل تعلمون لماذا؟ كثر الطلاق اليوم حينما فقدنا زوجًا يرعى الذمم، وعندما فقدنا الأخلاق والشيم، زوجٌ ينال زوجته اليوم فيأخذها من بيت أبيها عزيزةً كريمةً ضاحكة مسرورة، ويردها بعد أيام قليلةٍ حزينةً باكية مطلقة ذليلة.
    كثر الطلاق اليوم حينما استخف الأزواج بالحقوق والواجبات، وضيّعوا الأمانات والمسؤوليات، سهرٌ إلى ساعات متأخرةٍ، وضياعٌ لحقوق الزوجات والأبناء والبنات، يُضحك البعيد ويبكي القريب، يؤنس الغريب ويوحش الحبيب.
    كثر الطلاق اليوم حينما كثر النمّامون، وكثر الحسّاد والواشون.
    كثر الطلاق اليوم حينما فقدنا زوجًا يغفر الزلة ويستر العورة والهنة، حينما فقدنا زوجًا يخاف الله ويتقي الله ويرعى حدود الله ويحفظ العهود والأيامَ التي خلت والذكريات الجميلة التي مضت.
    كثر الطلاق اليوم حينما فقدنا الصالحات القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله، حينما أصبحت المرأة طليقة اللسان طليقة العنان، تخرج متى شاءت، وتدخل متى أرادت، خرّاجة ولاّجة، إلى الأسواق، إلى المنتديات واللقاءات، مضيعة لحقوق الأزواج والبيت، يا لها من مصيبةٍ عظيمةٍ.
    كثر الطلاق اليوم حينما تدخّل الآباء والأمهات في شؤون الأزواج والزوجات، الأب يتابع ابنه في كل صغير وكبير، وفي كل جليل وحقير، والأم تتدخل في شؤون بنتها في كل صغير وكبير، وجليل وحقير، حتى ينتهي الأمر إلى الطلاق والفراق. إن مثل هذه التدخلات في الحياة الزوجية لهي مكمن الخطر لدى كثير من الأسر، فما بال الآباء والأمهات يهجمون على البيوت فيأتونها من ظهورها، ويمزقون ستارها، ويهتكون حجابها، وينتزعون الجرائد من أكنافها والفرائد من أصدافها، ويوقعون العداوة والبغضاء بين الأزواج.
    كثر الطلاق اليوم لما كثرت المسكرات والمخدرات، فذهبت العقول، وزالت الأفهام، وتدنّت الأخلاق، وأصبح الناس في جحيم وألمٍ لا يطاق.
    كثر الطلاق اليوم لما كثرت النعم، وبطر الناس الفضل من الله والكرم، وأصبح الغني الثري يتزوج اليوم ويطلق في الغد القريب، ولم يعلم أن الله سائله، وأن الله محاسبه، وأن الله موقفه بين يديه في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون ولا عشيرة ولا أقربون.
    لقد كثر الطلاق اليوم لما فُقدت قوامة الرجل في بعض المجتمعات، إبان غفلةِ تقهقرٍ عن مصدر التلقي من كتاب وسنة، ورَكَنَ فئام من الناس إلى مصادر مريضة، قلبت مفاهيم العشرة، وأفسدت الحياة الزوجية، من حيث يشعرون أو لا يشعرون، وتولى كبر تلك المفاهيم الإعلام بشتى صوره، من خلال مشاهدات متكررة يقَعّدُ فيها مفاهيم خاطئة ومبادئ مقلوبة في العشرة الزوجية. والواقع أن داخل البيت المسلم يتأثر بخارجه، وتيارات الميوعة والجهالة إذا عصفت في الخارج تسللت إلى الداخل، فلم ينج من بلائها إلا من عصم الله.
    الحياة الزوجية ـ أيها المسلمون ـ حياة اجتماعية، ولا بد لكل اجتماع من رئيس يرجع إليه عند الاختلاف في الرأي والرغبة، والرجل أحق بالرئاسة لأنه أعلم بالمصلحة وأقدر على التنفيذ بما أودع الله فيه من ذلك، وإن ما تتلقنه المرأة من الأجواء المحيطة بها على منازعة الرجل قوامته لمن الانحراف الصرف والضلال المبين. إن قوامة الرجل في بيته لا تعني منحه حق الاستبداد والقهر، فعقد الزوجية ليس عقد استرقاق، ولا عقد ارتفاق لجسد المرأة، إنه أزكى من ذلك وأجل، وكل من الزوجين بشر تام، له عقل يفكر به وقلب يحب به ويكره، فوجب الحق للمرأة حتى مع قوامة الرجل، قال الله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228]، كما أن قوامة الرجل لا تعني استغناءه عن زوجه، فالله عز وجل يقول: هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ [البقرة:187].
    أيها المسلمون، الطلاق مصيبة عظيمةٌ.
    فيا من يريد الطلاق، اصبر فإن الصبر جميل، وعواقبه حميدةٌ من الله العظيم الجليل.
    يا من يريد الطلاق، إن كانت زوجتك ساءتك اليوم فقد سرّتك أيامًا، وإن كانت أحزنتك هذا العام فقد سرّتك أعوامًا.
    يا من يريد الطلاق، انظر إلى عواقبه الأليمة ونهاياته العظيمة، انظر لعواقبه على الأبناء والبنات، انظر إلى عواقبه على الذرية الضعيفة، فكم بُدد شملها وتفرّق قلبها بسبب ما جناه الطلاق عليها.
    يا من يريد الطلاق، صبرٌ جميلٌ، فإن كانت المرأة ساءتك فلعل الله أن يخرج منها ذريةً صالحةً تقر بها عينك، قال ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]، قال: (هو الولد الصالح). المرأة تكون عند زوجٍ تؤذيه وتسبّه وتُهينه وتؤلمه، فيصبر لوجه الله ويحتسب أجره عند الله، فما هي إلا أعوامٌ حتى يقرّ الله عينه بذريةٍ صالحةٍ، وما يدريك فلعل هذه المرأة التي تكون عليك اليوم جحيمًا لعلها أن تكون بعد أيام سلامًا ونعيمًا، وما يدريك فلعلّها تحفظك في آخر عمرك. اصبر فإن الصبر عواقبه حميدةٌ، وإن مع العسر يسرًا.
    فإذا أردت الطلاق فاستخر الله وأنزل حوائجك بالله، واستشر العلماء وراجع الحكماء، والتمس أهل الفضل والصلحاء، واسألهم عمّا أنت فيه، وخذ كلمة منهم تثبتك ونصيحةً تقوّيك.
    فإن كنت مريدًا للطلاق فخذ بسنة النبي ، طلّقها طلقةً واحدةً في طهر لم تجامعها فيه، لا تطلّقها وهي حائضٌ، فتلك حدود الله، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق:1]. وإذا طلقتها فطلقها طلقة واحدةً لا تزيد، جاء رجل إلى ابن عباس فقال: يا ابن عباس، طلقت امرأتي مائة تطليقة، فقال : (ثلاثٌ حَرُمَت بهن عليك، وسبع وتسعون اتخذت بها كتاب الله هزوًا).
    أيها المسلمون، اللجوء إلى الطلاق كاللجوء إلى بتر عضو من الجسم، فهو الحل الأخير للضرر الذي يصيب أحد الزوجين أو هما معًا، ومن حكمة الله تعالى أن جعل الطلاق ثلاث مرات، قال تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229]. سأل أبو رزين الأسدي النبي قائلاً: سمعت الله يقول: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فأين الثالثة؟ فقال : أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ رواه أبو داود.
    الطلاق يكون حرامًا إذا كان لغير سبب أو ضرورة، فالزواج نعمة، والطلاق من غير حاجة إليه فيه ضرر على الزوج والزوجة، ونبينا يقول: ((لا ضرر ولا ضرار)). ونرى اليوم مع الأسف بعض الرجال ممن لم يُقدّر إكرام الله له بجعل الطلاق بيده يتسرع في إيقاع الطلاق لأتفه الأسباب، غير ناظر إلى ما يجره ذلك من نتائج وخيمة عليه وعلى زوجه وذريته، فهو إن باع أو اشترى حلف بالطلاق، وإن أراد أن يُنزل أحدًا على رغبته طلق، أو أراد منع زوجته من شيء حلف وطلق، بل ربما مازح بعض زملائه بالطلاق، أو راهن بالطلاق، فيعود إلى بيته والمسكينة منتظرة إياه متزينة له معدة طعامه، فيُروّعها ويقول لها: احتجبي عني والحقي بأهلك فقد طلقتك.
    وربما ثار فيطلق ثلاثا بلفظ واحد متكرر غير آبه لذلك ولا مهتم أنه طلق طلاقًا بدعيًا، ناسيًا أن أبغض الحلال إلى الله الطلاق، فإذا ما هدأت نفسه وتذكر صيحات أطفاله يركضون ويلعبون ببراءة في جنبات البيت وتذكر ما كان غائبا عن ذهنه حين الغضب من صفات زوجته الحميدة، إذا ما تذكر كل هذا عض أصابع الندم، وذرف دموع الحسرة والألم، وسارع يلتمس الفتاوى لإرجاعها، ويتتبع الآراء الضعيفة، مذلاً نفسه مضيعًا وقته، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
    أيها المسلمون، من أشد أنواع الطلاق الطلاق التعسفي؛ إذ هنالك حالتان يكون الطلاق فيهما تعسفًا وعدوانًا:
    أولها: الطلاق حال مرض الموت، الذي يطلق زوجته طلاقًا بائنًا في مرض موته ليَحرِمها من إرثها منه، فيقترف عدوانًا لا يرضاه الله وتأباه المروءة.
    والحالة الثانية من حالات طلاق التعسف: أن يطلقها لسبب غير معقول، فقد تكون فقيرة أو عجوزًا لا أمل من زواجها مرة ثانية، فبقاؤها من غير زوج ينفق عليها إضرار بها ولؤم في معاملتها، وهو آثم بلا شك فيما بينه وبين الله تعالى؛ إذ استغل زهرة شبابها، ولم يكن عندها ما يحفظ لها كرامتها.
    لقد أكرم النبي امرأة عجوزًا زارته، ولما سألته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قال: ((إنها كانت تغشانا أيام خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان)).
    أيها المسلمون، إن الله عز وجل لم يخلق الزوجين بطباع واحدة، والزوجان اللذان يظنان أنهما مخلوق واحد يعيشان في أوهام؛ إذ كيف يريد منها زوجها أن تفكر برأسه؟! وكيف تريد هي منه أن يحس بقلبها؟! وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228].
    إن النسيم لا يهب عليلاً داخل البيت على الدوام، فقد يتعكر الجو، وقد تثور الزوابع، وإن ارتقاب الراحة الكاملة نوع وهم، ومن العقل توطين النفس على قبول بعض المضايقات، وترك التعليق المرير عليها، فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19]، وقال رسول الله : ((لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر)) رواه مسلم.
    ومن يتتبّع جاهدًا كلَّ عثرةٍ يجدها ولا يسلم له الدهرَ صاحبٌ
    اللهم أصلح نياتنا، اللهم أصلح أزواجنا وذرياتنا، وخذ بنواصينا إلى ما يُرضيك عنا.
    بارك الله لي ولكم في الكتاب والسنة...ونفعني واياكم بمافيهما من الآيات والحكمة اقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه


    الخطبة الثانية
    أما بعد: عباد الله، إن العلاقات الزوجية عميقة الجذور بعيدة الآماد، فرحم الله رجلاً محمود السيرة طيب السريرة، سهلاً رفيقًا لينًا رؤوفًا، رحيمًا بأهله، لا يكلف زوجته من الأمر شططا، وبارك الله في امرأة لا تطلب من زوجها غلطا، ولا تُحدِث عنده لغطا، قال رسول الله : ((إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرّها)) رواه مسلم، وقال : ((إذا صلت المرأة خمسها وأحصنت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت)) رواه ابن حبان.
    وبهذا كله يفهم الرجل أن أفضل ما يستصحبه في حياته ويستعين على واجباته الزوجة اللطيفة العشرة القويمة الخُلق، وهي التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره. إن هذه الزوجة هي دعامة البيت السعيد وركنه العتيد، فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ [النساء:34].
    فيا أيها الناس، إن أحدنا لتمر عليه فترات لا يرضى فيها عن نفسه، ولكنه يتحملها، يتعلل بما يَحضُره من المعاذير، وإذا كان الأمر كذلك فليكن هذا هو الشأن بين الزوجين، يلتمس كل منهما لقرينه المعاذير، فإن المؤمن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب الزلات، ولا بد من غض الطرف عن الهفوات حتى تستقيم العشرة.
    فمن ذا الذي ما ساء قَطْ؟! ومن له الحسنى فَقَطْ؟!
    ولا شيء يخفف أثقال الحياة وأوزار المتاعب عن كاهل الزوجين كمثل أحدهما للآخر، ولا شيء يعزي الإنسان عن مصابه في نفسه وغيره مثل المرأة للرجل والرجل للمرأة، فيشعر المصاب منهما بأن له نفسًا أخرى تمده بالقوة وتشاطره مصيبته.
    فهذه أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها زوج النبي كانت له في المحنة قلبَه العظيم، وكانت لنفسه كقول: نعم، فكأنما لم تنطق قطّ: لا، إلا في الشهادتين، وما زالت رضي الله عنها تعطيه من معاني التأييد والتهوين، كأنما تلد له المسرات من عواطفها كما تلد الذرية من أحشائها، بمالها تواسيه، وبكلامها تسليه: (كلا والله، لا يخزيك الله أبدا؛ إنك تصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق).
    وحدث أنس بن مالك عن أمه أم سليم بنت ملحان الأنصارية رضي الله عنهما قال: مرض أخ لي من أبي طلحة، يدعى أبا عمير، فبينما أبو طلحة في المسجد مات الصبي، فهيأت أم سليم أمره، وقالت: لا تخبروا أبا طلحة بموت ابنه، فرجع من المسجد وقد تطيبت له وتصنّعت، فقال: ما فعل ابني؟ قالت: هو أسكن مما كان، وقدمت له عشاءه، فتعشى هو وأصحابه، ثم أتما ليلتهما على أتمّ وأوفق ما يكون، فلما كان آخر الليل قالت: يا أبا طلحة، ألم تر إلى آل فلان، استعاروا عارية فتمتعوا بها، فلما طُلبت إليهم شق عليهم! قال أبو طلحة: ما أنصفوا، قالت: فإن ابنك فلانا كان عارية من الله فقبضه إليه، فاسترجع وحمد الله وقال: والله، لا أدعك تغلبينني على الصبر، حتى إذا أصبح غدا على رسول الله فلما رآه قال: ((بارك الله لكما في ليلَتَكما)) متفق عليه.
    الله أكبر، بمثل هذا فلتكن العشرة أيها الأزواج، بمثل هذا فلتكن الحياة الهانئة السعيدة في النفس والولد والمال.
    ثم اعلموا ـ رحمكم الله ـ أن لكلا الزوجين حقًا على الآخر، فحق على الزوج أن ينفق عليها، ولا يكلفها من الأمر ما لا تطيق، وأن يسكنها في بيت يصلح لمثلها، وأن يعلّمها ويؤدّبها، ويغار عليها ويصونها، وأن لا يتخوّنها ولا يلتمس عثراتها وأن يعاشرها بالمعروف، قال رسول الله : ((استوصوا بالنساء خيرا)) متفق عليه، وسُئل : ما حقّ امرأة أحدنا عليه؟ قال: ((تطعمُها إذا طَعِمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت)) رواه أبو داود.
    ومن حق الزوج على زوجته أن تطيعه في المعروف، وأن تتابعه في مسكنه، وأن لا تصوم تطوعا إلا بإذنه، وأن لا تأذن لأحد في بيته إلا بإذنه، وأن لا تخرج بغير إذنه، وأن تشكر له نعمته عليها ولا تكفرها، وأن تدبّر منزله وتهيئ أسباب المعيشة به، وأن تحفظه في دينه وعرضه، وأن لا تحمله فوق طاقته فبعض النساء إذا رأت زوجها يحاول ارضائها يدخل يسمع الطلبات ويخرج ومعه ورقه فيها طلبات واتصال بالجوال ورسائل كلها طلبات هذه من اسباب تدهور المحبة بين الزوج وزوجته فعلى المرأة ان تراعي لتكسب حب الزوج ورضاه قال رسول الله : ((أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة)) رواه الترمذي والحاكم، وقال : ((خير متاع الدنيا المرأة الصالحة)) رواه مسلم، وقال : ((لو كنتُ آمرا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها)) أخرجه الترمذي وهو صحيح.

    اللهم اصلح احوالنا واحوال المسلمين صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه
     
  3. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    Exclamation رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    هذه الخطبة في العقيدة وهي بعنوان من هو الله


    الخطبة الأولى


    أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

    في بداية الحديث نتكلم عن حق الله تعالى، فها هو نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم يبين لنا هذا الحق الكبير في حديثه الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم من حديث معاذ بن جبل قال: كنت رديف النبي يوما على حمار، فقال: ((يا معاذ، هل تدري ما حق الله على العباد؟)) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك بالله شيئا))، فقال معاذ: قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس بذلك؟ فقال المصطفى : ((لا تبشرهم فيتكلوا))، وفي رواية: فأخبر بها معاذ تأثما، أي: خوفا من الوقوع في الإثم.

    عباد الله، دائما نسمع: اتقوا الله، أطيعوا الله، اعبدوا الله، وكل هذه عبادة لله. فحق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ولكن وقبل أن نتكلم في حق الله تعالى أطرح هذا السؤال المهم: هل نعرف الله؟ والجواب عن هذا السؤال هو موضوع هذه الخطبة.

    فإن هذا الموضوع مما يجدد الإيمان في القلب، ويعرف المخلوق بخالقة، ومحال أن أُعرِّف بحقٍّ لله تعالى قبل أن نتعرف على الله، ومن ثم فإننا سنتعرف هذا اليوم على الله جل جلاله وتقدست أسماؤه.

    أولاً: من هو الله؟ والجواب من القرآن والسنة، فإن أول من شهد بالوحدانية لله هو الله، قال تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران: 18]. فإن أول من شهد بالوحدانية لله هو الله، وإن أعرف الناس بالله هو حبيبنا رسول الله، لذا فلن تسمع مني جوابا لهذا السؤال الجميل إلا بآية من كتاب ربنا الجليل أو حديث من كلام البشير النذير .

    من هو الله؟ يرد ربنا جل وعلا: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة: 255].

    من هو الله؟ الله يجيب ويقول: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الحشر: 22-24].

    من هو الله؟ الله سبحانه يجيب: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [سورة الإخلاص].

    وفي الحديث الصحيح الذي رواه مسلم من حديث أبي موسى الشعري أن الحبيب قال: ((إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)).

    وفي صحيح مسلم من حديث أنس أنه قال: نهينا إن نسأل رسول الله ، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل العاقل من البادية ـ أي: من الصحراء ـ ليسأل رسول الله ونحن نسمع، فجاءه أعرابي ذات يوم، فقال الأعرابي لنبينا محمد : يا محمد، لقد أتانا رسولك فزعم أن الله أرسلك، فقال المصطفى: ((صدق رسولي))، فقال الأعرابي الفقيه: يا محمد، من الذي رفع السماء؟ فقال المصطفى: ((الله))، فقال الأعرابي: فمن الذي خلق الأرض؟ فقال المصطفى: ((الله))، فقال الأعرابي: فمن الذي نصب الجبال وجعل فيها ما جعل؟ فقال المصطفى: ((الله))، فقال الأعرابي: فأسألك بمن رفع السماء وخلق الأرض ونصب الجبال وجعل فيها ما جعل آلله أرسلك؟ فقال: ((اللهم نعم)). والشاهد هو إجابة الرسول على جميع الأسئلة، وهي إجابة واحدة: الله، الله.

    وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن حبرا من أحبار اليهود جاء يوما إلى الرسول فقال: يا محمد، إنا نجد عندنا في التوراة أن الله تعالى يجعل السماوات على أصبع ويجعل الأرضين على أصبع ويجعل الماء والثرى على أصبع ويجعل الشجر على أصبع ويجعل سائر الخلائق على أصبع، ثم يهزهن ويقول: أنا الملك، فضحك النبي من كلام الحبر حتى بدت نواجذه، ثم قرأ النبي قول الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر: 67].

    اسم الله جل وعلا هو الاسم المفرد العلم، العلم على ذاته القدسية، الجامع لكل أسماء الجلال وصفات الكمال، لذا جعله الله تعالى الاسم الدال على جميع الأسماء، فقال سبحانه: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف: 180]، وقال سبحانه: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [الحشر: 23، 24].

    فالرحمن والملك والقدوس والسلام من أسماء الله، ولا نقول: الله من أسماء الرحمن، ولا نقول: الله من أسماء العزيز، ولكن نقول: العزيز من أسماء الله، والرحمن من أسماء الله، والقدوس من أسماء الله، والجبار من أسماء الله.

    الله هو الاسم الجامع لكل أسماء الجلال وصفات الجمال لله الكبير المتعال، وهو الاسم الوحيد الذي تكرر في القرآن ما يقارب من ألف مرة. الله هو الاسم الوحيد في الأسماء كلها الذي ورد ذكره في القرآن ما يقارب من ألف مرة بحسب الإحصاء؛ إحصاء المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، تسعمائة وثمانون مرة على وجه التحديد؛ لذا يرى الإمام ابن القيم والإمام الطحاوي في مشكل الآثار وغيرهما أن اسم الله هو الاسم الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب، فهو الاسم الذي ما ذكر في قليل إلا كثره، وهو الاسم الذي ما ذكر عند خائف إلا أمنه، وهو الاسم الذي ما ذكر عند همّ إلا كشفه، وهو الاسم الذي ما ذكر عند كرب إلا فرجه، وهو الاسم الذي ما ذكر عند فقر إلا تحول إلى غنى، وهو الاسم الذي ما تعلق به ذليل إلا أعزه، وهو الاسم الذي ما تعلق به فقير إلا أغناه، وهو الاسم الذي ما تعلق به مكروب إلا قواه، وهو الاسم الذي تستدفع به الكربات، وهو الاسم الذي تستنزَل به البركات، وهو الاسم الذي تقال به العثرات، وهو الاسم الذي تستدفع به النقم، وهو الاسم الذي يستنزل به المطر، وهو الاسم الذي يستنصر به من السماء، وهو الاسم الذي من أجله قامت الأرض والسماء.

    الله اسم تستنزل به البركات، الله اسم تستمطر به الرحمات، الله اسم تزال به الكرب، الله اسم تزال به الهموم والغموم، الله اسم لصاحبه كل جلال، الله اسم لصاحبه كل جمال، الله اسم لصاحبه كل جمال وجلال وكمال، هو الاسم المفرد العلم على ذاته القدسية وأسمائه الحسنى وصفاته العلية، لذا تكرر هذا الاسم في القرآن قرابة ألف مرة، فلا يمكن أن تطالع في صفحة من قرآن الله تعالى إلا ويتردد على لسانك اسم الله تعالى ما يزيد على عشر مرات وهذا في الغالب.

    أيها الأحبة الكرام، هذا الاسم الجليل العظيم الكريم الإيمان به أصل السعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، لذا لا أكون مبالغا إن قلت لكم: إن القرآن الكريم كله من أوله إلى آخره لا يتحدث إلا عن قضية الإيمان بالله جل وعلا، لست مبالغا والدليل على ذلك في الخطبة الثانية بعد جلسة الاستراحة.

    أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.






    الخطبة الثانية


    أيها الأحبة في الله، أقول: لست مبالغا إن قلت: إن القرآن الكريم كله يتحدث عن قضية الإيمان بالله، وإليكم الدليل؛ القرآن كله من أوله إلى آخره إما حديث مباشر عن الله تعالى؛ عن ذاته أو عن صفاته وأفعاله، وإما دعوة إلى عبادة الله جل وعلا وترك عبادة ما سواه، وهذا من لوازم الإيمان بالله، بل هو الإيمان بالله، وإما حديث عن الكفار المعاندين الذين كفروا برب العالمين وبيان جزائهم في الدنيا وجزائهم في الآخرة، وهذا جزاء المعرضين عن الإيمان، وإما حديث عن المؤمنين الصادقين وما أعد الله لهم في الدنيا والآخرة من النعيم، وهذا جزاء من امتثل الإيمان وحقق الإيمان، وإما حديث يأمر بطاعة الله ويأمر بامتثال أمره واجتناب نهيه والوقوف عند حدوده، وهذا كله من لوازم الإيمان.

    فلست مبالغا إن قلت: إن القرآن الكريم يتحدّث عن قضية الإيمان بالله، إذ إن الإيمان هو أصل الأصول، وهو أصل الاعتقاد، وعليه مدار الإسلام ولبّ القرآن، بل من أجله خلق الله السماوات والأرض، ومن أجله خلق الله الجنة والنار، ومن أجله أنزل الله الكتب، ومن أجله أرسل الله الرسل وعلى رأسهم المصطفى .

    ثم إن أعظم منهج للتعريف بالله هو منهج القرآن، وينبغي أن نعلم يقينا أن القرآن يخاطب الناس في كل مكان، يخاطب القرآن ساكن البادية وساكن الصحراء ورائد الفضاء، ويخاطب الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، ويخاطب عالم الذرة وعِلم المجرة، ويخاطب الأطباء، ويخاطب كل أجناس الأرض، وكل واحد من هؤلاء يجد في القرآن ما يربطه بهذا الكون العظيم وما يعرفه بخالقه الكريم. فكل واحد من هؤلاء يجد ما يملأ قلبه من الإيمان بخالقه.

    فالقرآن الكريم له أسلوب فريد لا نظير له البته، أسلوب يستنطق الفطر السليمة بوحدانية الملك، يستجيش القرآن الوجدان، ويحرك القرآن القلوب، ويخاطب القرآن العقول السوية والفطر النقية؛ ليعرفها بخالق الكون سبحانه وتعالى، تارة بالحوار وتارة بالوصف وتارة بالاستفهام وتارة بالترغيب وتارة بالترهيب وتارة بالمثل وتارة بالقصص، إلى آخر هذا الأسلوب الرائع الذي جاء به القرآن الكريم. فالقرآن الكريم يعرفنا بالله الرحيم الرحمن من خلال تنقلاته الجميلة في آفاق السماء وفي جنبات الأرض، وفي ضروب النفس البشرية العميقة، كل هذا ليعرف القرآن الإنسان بربه سبحانه.

    إنَّ اللهَ قد أمركم بأمر بدأ فيه بنفسِه، وثنى بملائكته المسبِّحة بقدسه، وثلَّث بكم أيها المؤمنون، فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

    اللّهمّ صلّ وسلّم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمّد...
     
  4. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    هذه الخطبة بعنوان شائعات تحيكها قريش للصد عن رسالة الحبيب وقصة الطفيل بن عمر الدوسي






    الحمد لله .............................................. أما بعد:

    عباد الله: اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله إذا حرّم أمراً حرّم الوسائل الموصلة إليه والموقعة فيه، فلما منع الشرك سدَّ الذرائع الموصلة إليه، فمنع من اتخاذ القبور مساجد أو البناء عليها أو إسراجها،
    ولما حَرّم الزنا، منع من الوقوع فيما يثير شهوة الإنسان المحرمة من النظر المحرّم أو السماع المحرّم أو الخلوة بالأجنبية أو مسّها،
    ولما حرّم الربا حرّم الصور المفضية إليه كبيع العِينة وغيره.
    وإن من أعظم الطرق المفضية إلى انتشار الفوضى واضطراب الأمور بثَّ الشائعات المختلفة والافتراءات الأثيمة التي عَرِيت تماماً عن أي وجهٍ من وجوه الحق، خاصة في أوقات الأزمات والفتن، حينما تكون الأمة في أمَسّ الحاجة إلى توحيد الكلمة واتحاد الصف وضبط الأمن.
    عباد الله: إن تاريخ الإشاعة قديم قِدَم هذا الإنسان، وقد ذُكر في كتاب الله عز وجل نماذج من ذلك منذ فجر التاريخ، وبقراءة في تاريخ الأنبياء عليهم السلام وقصصهم نجد أنّ كلاً منهم قد أُثير حوله الكثير من الإشاعات من قبل قومه، ثم يبثّونها ويتوارثونها أحياناً،
    ولا شك أن تلك الإشاعات كان لها الأثر في جعل بعض المعوّقات في طريق دعوة أولئك الأنبياء والرسل.
    وكذلك عائقاً في طريق دعوة ورثة الأنبياء من العلماء،
    فكم نسمع من اتهام العلماء بالعمالة، أو عدم فقه الواقع، أو نقص التصور لما يحدث في واقع الأمة، أو أنهم في معزل أو أبراجٍ عاجية لا تجعلهم يدركون الأمور على حقيقتها.
    وانظروا إلى مدى تأثيرها في نفوس الناس خصوصاً الشباب الذين هم عماد الأمة.
    فكم من شاب وقع في التكفير بسبب انعزاله عن العلماء أو في البدع والحزبية نتيجة ما يسمع من التهوين من شأن أو ما يشاع حولهم.
    إن الإشاعة مرض خطير وعدو لدود لا ينجو منه إلا من هو عاقل رزين لا يتأثر بكل ما يسمع.
    ولعلي أسوق لكم قصة لصحابي جليل كادت الإشاعة تصده عن الهداية للإسلام لولا أنه رجل عاقل يعرف كيف يزن الأمور بميزان العدل والتثبت. ألا وهو الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه:
    حيث كان سيداً مطاعاً في قومه، في أرض دوس وشاعرا، ذاع صيته بين العرب كشاعر نابغة، فلما أراد زيارة مكة خشي كفار قريش أن يتأثر بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلوه وأشاعوا بأن محمداً ساحر وكاهن وشاعر، وأنه فرق بين الوالد وولده والمرأة وزوجها، وطلبوا منه إذا طاف بالبيت أن يضع في أذنه القطن حتى لا يسمع القرآن. ففعل في أول الأمر، ثم وقف مع نفسه وقفة الرجل العاقل المنصف فقال: ( إني رجل لبيب شاعر!!! وأعرف الفرق بين الكلام الحسن والكلام القبيح، فلماذا لا أستمع إلى قوله؟ ) فجاء البيت ليطوف وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن، فأعجبه ذلك. ثم تبع النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله، وقال: ( يا محمد: إن قومك حدثوني بكذا وكذا، فما برحوا يخوفونني حتى وضعت في أذني القطن، ولكني سمعت قولك، فاعرض علي أمرك )
    فعرض النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام وقرأ عليه القرآن، فأسلم الطفيل وشهد شهادة الحق. ثم قال: ( يا رسول الله إني امرؤٌ مطاع في قومي وإن أريد أن أعرض عليهم أمرك فادعو الله أن يجعل لي آية تكون عوناً لي في دعوتهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اجعل له آية ).
    فخرج الطفيل إلى قومه فلما قرب منهم ظهرت الآية وهي نور بين عينيه. فقال: ( اللهم اجعلها في غير وجهي حتى لا يظن قومي أنها عقوبة بسبب تركي دينهم، فجعلها الله في رأس سوطه ).
    فجعل الناس ينظرون إلى النور في رأس سوطه كأنه قنديل معلق. وكان يضيء في الليلة المظلمة، فسموه ذا النور.
    وما كاد الطفيل – رضي الله عنه – يصل إلى داره في أرض " دَوْس" حتى أتى أباه فقال له: ( إليك عني ) ، ( قال: ولِمَ يا بنيّ ؟)... قال: ( يا بُنيّ ديني دينك )... قال: ( فاذهب فاغتسلْ وطهّر ثيابك )... ثم جاء فعرض عليه الإسلام فأسلم... ثم أتت زوجته فقال لها: ( إليكِ عني لستُ منكِ ولستِ مني )... قالت: ( ولِمَ بأبي أنت ؟)... قال: ( فرّق بيني وبينكِ الإسلام، إني أسلمتُ وتابعتُ دين محمد –صلى الله عليه وسلم- )... قالت: ( ديني دينك ) فذهبت فاغتسلت ثم جاءَت، فعرض عليها الإسلام فأسلمت...
    وانتقل إلى عشيرته فلم يسلم أحد منهم سوى أبو هريرة –رضي الله عنه- وخذلوه حتى نفذ صبره معهم، فركب راحلته وعاد إلى الرسول –صلى الله عليه وسلم- يشكو إليه وقال: ( يا رسول الله إنه قد غلب على دَوْس الزنا والربا، فادعُ الله أن يهلك دَوْساً ! )...

    وكانت المفاجأة التي أذهلت الطفيل حين رفع الرسول-صلى الله عليه وسلم- كفيه إلى السماء وقال: ( اللهم اهْدِ دَوْساً وأت بهم مسلمين ) ثم قال للطفيل: ( ارجع إلى قومك فادعهم وارفق بهم )... فنهض وعاد إلى قومه يدعوهم بأناة ورفق فجاءوا بعد فتح خيبر مسلمين.

    اللهم أرنا الحقَ حقا وارزقنا إتباعه، وأرنا الباطلَ باطلا وارزقنا اجتنابه ولا تلبسه علينا فنضل يا ذا الجلال والإكرام
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونعني واياكم بما فيه من الأيات والذكر الحكيم اقول ماتسمعون واستغفرالله لي ولكم ولسائر المسلمين والمسلمات فاستغفروه
    .....
    الخطبة الثانية
    الحمد لله............................................... أما بعد:

    عباد الله: إن من يسلك منهج القرآن والسنة عند تلقي الأخبار والشائعات فسوف يسلم من الإثم والوقوع في التهم الباطلة،
    ويجد ثواب ذلك أيضاً في الدنيا والآخرة.
    انظروا إلى الطفيل –رضي الله عنه- كيف هداه الله إلى الإسلام بسبب ذلك،
    بل هدى الله قومه أيضاً فجاءوا إلى المدينة مهاجرين، ونالوا شرف الهجرة والصحبة.
    فاتقوا الله عباد الله وتذكروا قول الله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبيَّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }. وقوله صلى الله عليه وسلم: ( كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع ).
    عباد الله إنَّ اللهَ قد أمركم بأمر بدأ فيه بنفسِه، وثنى بملائكته المسبِّحة بقدسه، وثلَّث بكم أيها المؤمنون، فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

    اللّهمّ صلّ وسلّم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمّد...
     
  5. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    هام رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    الأصول الثلاثة بأسلوب

    الخطبة الأولى:

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ؛
    ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ؛ ومن سيئات أعمالنا ؛
    من يهده فلا مضل له ؛ ومن يضلل فلا هادي له ؛
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛
    صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:-

    أيها الأخوة المؤمنون:-
    اتقوا الله تعالى واعلموا أن العبد إذا خرجت روحه من جسده، وحُمل على أكتاف الرجال: إن كان صالحاً قال: قدموني .. قدموني، وإن كان غير ذلك قال: يا ويلها أين تذهبون بها ؟ فيوضع في حفرةٍ صغيرةٍ، ويهيل عليه التراب أحبُّ الناس إليه، ثمّ يولّون عنه مدبرين، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم، فيأتيه ملكانِ طويلانِ أزرقان، يُقال لأحد هما منكرٌ وللآخرِ نكير فيُقعِدان،
    ثم يسألانه عن أصولٍ ثلاثة: من ربُّك ؟ من نبيُّك ؟ ما دينُك ؟
    أسئلةٌ لا يجيبُ عليها في القبر إلا من آمن بها، وعمل بها في حياته الدنيا.
    السؤال الأول: منْ ربُّك ؟
    يُسأل عنه كل ميّت، سواءً كان مؤمناً أو كافراً، براً أو فاجراً.
    ومنْ الذي يجيبُ على هذا السؤال ؟
    هل كلُّ من عرف أن الله هو ربه وخالقه ورازقه يجيبُ على هذا السؤال ؟
    لو كان الأمرُ كذلك لأجابَ على هذا السؤال حتى الكفّار الذين قاتلهم النبي - صلى الله عليه وسلم – لأنهم يعلمون أن الله هو ربهم وخالقهم ورازقهم. قال تعالى: ( قل من ربُّ السماوات السبعِ ورب العرش العظيم سيقولون لله )، وقال تعالى: ( ولئن سألتهم من خلق السماواتِ والأرضَ وسخر الشمسَ والقمرَ ليقولنّ الله )، وقال تعالى: ( قل من يرزقكم من السماء والأرض أمّن يملك السمع والأبصار ومن يُخرج الحيَّ من الميّتِ ويُخرجُ الميّتَ من الحيِّ ومن يُدبّر الأمر فسيقولون الله )
    فدلت هذه الآياتُ وغيرها من الآيات الكثيرة: على أن المشركين وعامةَ الخلق يعلمون أن الله هو خالقهم ورازقهم، وأنه هو المحيي المميت المدبّر. ومع ذلك لم تُدخلهم هذه المعرفة في الإسلام. فتبيّن من هذا أن المُرادَ بقول الملكين من ربُّك مع ما ذُكِر ؟ أي: منْ هو معبودُك ؟ منْ هو الذي تُفرِدُه بالعبادةِ الظاهرةِ والباطنة، القولية والفعلية ( قل إن صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين لا شريك له... )، ويلزم من هذا: ترك الشرك. لأنّ المشركَ لا يُقبلُ منه عمل، وإن عمِل ما عمِل، كما قال تعالى: ( لئن أشركت ليحبطنّ عمُلك ولتكوننَّ من الخاسرين )، وقال تعالى: ( إن الله لا يغفرُ أن يُشرك به ويغفرُ ما دون ذلك لمن يشاء )،
    والشرك يا عباد الله:- هو أن تجعل لله ندِّاً وهو خلقك!! كما فسره بذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – ندِّاً في ربوبيّته، أو في عبادته، أو في أسمائه وصفاته.
    والشركُ يتّضحُ بضرب الأمثلة، روى الشيخان عن زيد بن خالد الجُهني رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – صلَّى صلاةَ الصبحِ بالحديبية على أَثَرِ سماءٍ كانت من الليل - أي: أن الليلة كانت مطيرة – ثم أقبل على الناس بوجهه فقال: ( هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم! قال: يقول: أصبحَ من عبادي مؤمنٌ بي وكافر. فأمَّا من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافرٌ بالكوكب، وأمّا من قال: مُطرِنا بنوء كذا وكذا فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب ). أي: أنه يقول: لما طلع النجمُ نزل المطر.
    قال أهل العلم: إذا كان يعتقدُ أن النجم له تأثيرٌ بذاته فهذا شركٌ أكبر، وإذا كان يعتقد أن النجمَ سببٌ لنزول المطر فهذا شركٌ أصغر لأن الله جعل النجوم علامات وليست أسباباً لتغير الأحوال الكونية والحوادث الأرضية قال تعالى: ( وعلاماتٌ وبالنجمِ همْ يهتدُون )
    ومن أمثلة الشرك: ما رواه الإمام أحمد عن عُقبة بن عامر رضي الله عنه أن عشرة نفر بايعوا النبي – صلى الله عليه وسلم – على الإسلام فبايع تسعة وترك واحداً، قالوا: تركت واحداً يا رسول الله، قال: ( نعم إنه علّق تميمة )، فلما سمع الرجل بذلك قطعها، فلمّا قطعها قال له النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( من علّق تميمةً فقد أشرك )،
    قال أهل العلم: إذا كان يعتقدُ أنّ التميمةَ تنفع بذاتها فهذا شركٌ أكبر، وإذا كان يعتقدُ أنها سبب فهذا شركٌ أصغر.
    والتميمة: هي خيطٌ يعلّقُ على الرقبة أو اليد أو حجابٌ يعلّقُ على الرقبة بقصد دفع العينِ والحسدِ والسحر.
    ومن الشرك يا عباد الله: أن يعتقدَ الإنسانُ أن غير الله يعلم الغيب، كمن يعْتَقَدُ ذلك في الأنبياء والصالحين، بل بعضُهم يعتقد ذلك في أخبثِ عباد الله: السحرة والكهان والمشعوذين. يقول الرسول – صلى الله عليه وسلم - : ( منْ أتى كاهناً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد )، لأن الله تعالى هو المتفرّدُ بعلم الغيب.
    ومن الشرك: أن يصرف العبد نوعاً من أنواع العبادة لغير الله كأن يدعو غير الله أو يستغيث بغيره أو يذبح لغير الله كما يفعله من يذبح للمقبور رجاء نفعه أو يذبح للجنّ، ويتقرّبَ إليهم رجاء نفعهم، أو خوفاً من شرّهم.
    وبعض الناس قد يذهبُ إلى الساحرِ أو الكاهن فيطلبَ منه العلاج فيقول له الساحر أو الكاهن: لا أُداويك حتى تذبح! فإذا ذبح خرج من دائرة الإسلام والعياذ بالله، لأنه صرف نوعاً من أنواع العبادة لغير الله.
    فأنتَ يا عبد الله: لن تُجيبَ على هذا السؤال العظيم؛
    من ربك ؟
    إلاّ إذا أفردتَّّ الله بالعبادة وتركتَ الشرك.
    السؤال الثاني: منْ نبيُّك ؟
    وليس كل منْ عرف الرسول - صلى الله عليه وسلم - : يُجيب على هذا السؤال.
    ألمْ تسمعوا قول الله تعالى عن أهلِ الكتاب: ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم )،
    ألستم تسمعون قول الله تعالى: ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهدُ إنّك لرسول الله والله يعلمُ إنّك لرسوله والله يشهدُ إنّ المنافقين لكاذبون )،
    قال أهل العلم: شروط شهادةُ أن محمداً رسول الله أربعة:- تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يُعبد الله إلا يما شرع. ويُضاف إلى ذلك: أن تعتقدَ أنه خاتم الأنبياء لا نبي بعده.
    السؤال الثالث: ما دينُك ؟
    وليس كل من انتسبَ إلى الإسلام في الظاهر يكونُ مسلماً، لأن الله تعالى يقول: ( ومن الناسِ من يقولُ آمنّا بالله وباليوم الآخرِ وما هم بمؤمنين )
    فالإسلام يا عباد الله: -
    " هو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقيادُ لله بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله " .
    هذه حقيقة الإسلام: الاستسلام لله بالتوحيد أي: إفرادُ الله بالعبادة؛
    والانقيادُ له بالطاعة أي: فعل الواجبات وفق هدي الرسول – صلى الله عليه وسلم – وترك المحرمات؛
    والبراءة من الشركِ؛ والبراءةُ أيضاً من أهل الشرك: بأن يُعاديهم، وأن لا يُظهر منه لهم المودّة والنصرة، وأن لا يُساكنهم، وأن لا يَتَشَبَّه بهم. ( قد كانت لكم أسوةٌ حسنةٌ في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنَّا بُرءَآؤ منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوةُ والبغضاءُ أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده )
    ويُضاف إلى ذلك: أن ترضى بالإسلام، لأن من الناس من يعمل أعمال المسلمين ولكن عن غير قناعةٍ بهذا الدين، يعتقدُ أنه دينٌ رجعيّ، وأن تطبيقه في هذا الزمان متعذّر، وأنه يسبّب التخلف عن مواكبة الحضارة المدنية الغربية، وهذا الاعتقاد والعياذ بالله محبطٌ للأعمال كما قال الله تعالى: ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعماله )
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكّرِ الحكيم؛ أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
    ــــــــــــــــــــــــــــــ

    الأصول الثلاثة بأسلوب وعظي

    الخطبة الثانية:

    الحمد لله رب العالمين ؛ الرحمن الرحيم ؛ مالك يوم الدين ؛ والعاقبة للمتقين ؛ ولا عُدوان إلا على الظالمين ؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين ؛ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام الأولين والآخرين ؛ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ؛ وسلم تسليماً كثيراً ؛؛ أما بعد:-
    فيا أيها المسلمون:-
    هذه الأصول الثلاثة التي سمعتموها، يُسألُ عنها كلُ مقبور، فمن توفرت فيه، وأجاب عليها فُتِحَ له بابٌ إلى النار عن يساره فيراها... يَحْطِمُ بعضها بعضاً، فيُقال: هذا مكانَكَ لو عصيت الله .. ثم يُفتحُ له بابٌ إلى الجنة فيرى النعيمَ والسرور فيُقال: هذا مكانَك إذا أطعت الله .. فيصرخْ .. ربِّ أقمِ الساعة .. ربِّ أقمِ الساعة، فيُقال: نمْ نومة العروس ويُفسَحُ له قبره مَدَّ بصره، ويُفرشُ له من الجنة ويأتيه رجلُ حسنُ الوجه، حسنُ الثياب فيقول: أنا عملُكَ الصالح.
    وأمّا إذا أضَلَّهُ الله عن الجواب، فسوف يقول: هاه لا أدري، سمعتُ الناس يقولون شيئاً فقُلته، فيُقال: لا دريتَ ولا تليتَ، ويُضربُ بِمَرْزَبَةٍ من حديدٍ، يسمعُه كل شيء، سِوى الثقلين، ثمّ يُفتحُ له بابٌ إلى الجنة حتى تكتملَ حسرتُه، فيُقال: هذا مكانَك لو أطعت الله تعالى، ثمّ يُغْلقُ عنه باب الجنة،
    فما هي حالُه تلك اللحظةِ يا عباد الله ؟
    ما هي حالُه عندما يُغلقُ عنه بابُ الجنة ؟،
    ثمّ يُفتحُ له بابٌ إلى النار، فيراها يَحْطِمُ بغضُها بعضاً، فيُقال: هذا مكانَك إذ عصيتَ .. فيصرخْ .. ربِّ لا تُقمِ الساعة .. ربِّ لا تُقمِ الساعة، مع العلمِ أنه في جحيم، قد ضُيّقَ عليه في قبرِه حتى اختلفت أضلاعُه، وضُرِبَ بمرزبةٍ من حديد، ومع ذلك يقول: ربِّ لا تُقِم الساعة .. ربِّ لا تُقِم الساعة، لأن ما بعد الساعة أشدّ مما هو فيه عياذاً بالله.

    اللهم ثبتنا بقولك الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة،
    اللهم اجعل قبورنا روضةً من رياض الجنة،
    واغفر لنا ولوالدينا ولجميع إخواننا المسلمين إنك أنت الغفور الرحيم،
    اللهم آتِ نفوسنا تقواها وزكّها أنتَ خير من زكّاها أنت وليّها ومولاها.
     
  6. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    دين التسامح

    إنَّ الحمدَ لِله نحمدهُ ونستعينهُ، ونستغفرهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، منْ يَهدهِ اللهُ فلا مُضلَ لـهُ، ومنْ يُضلل فلا هاديَ لـه . وأشهدُ أنَّ لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ لـه، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدهُ ورسوله. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَـمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) (آل عمران:102).
    ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً )) )النساء:1) . (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً )) (الأحزاب:70-71) .
    أما بعدُ : فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمورِ مـُحدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار
    أما بعد ، أيها المسلمون : أخرجَ البخاريُ في صحيحهِ، من حديثِ أبي بكرةَ رضي الله عنه قال : قعدَ عليه السلام على بعيره وأمسكَ إنسانٌ بخطامهِ أو زمامه، ثم قال : (( أيُ يومٍ هذا ؟ قال : فسكتنا حتى ظننَّا أنَّه سيسميهِ بغيرِ اسمِه! ثم قال : أليسَ يومَ النحر؟قلنا : بلى! قال : فأيُ شهرٍ هذا ؟ فسكتنا حتى ظننَّا أنَّه سيسميهِ بغيرِ اسمه! فقال:أليسَ بذيِ الحجة ؟ قلنا : بلى! قال : فإنَّ دمائَكم، وأموالَكم، وأعراضَكم بينكم حرام، كحرمةِ يومِكم هذا في شهر ِكم هذا ، في بلدِكم هذا، ليبلغْ الشاهدُ الغائب )) رواه البخاري
    فإنَّ الشاهدَ عسى أن يبلغَ من هو أوعى منه، إنه ميثاقٌ عظيمٌ لحقوق الإنسان، يعلنه النبي صلى الله عليه وسلم يومَ الحجِ الأكبر، ليكونَ وثيقةً خالدةً على مرِّ الأجيال، راسخةً في الأذهان، ماثلةً في الحس والشعور، واضعةً حواجزَ عالية، وعقباتٍ كؤود، أمامََ تسلطِ الإنسانِ وجبروتِه حين تغريه قُوته، وتعجبُه سطوتُه، ثم يأمر عليه السلام بتبليغِ هذا الميثاق، وإعلانِه بين الناس لا سيما في هذا الزمان العجيب، الذي ساد فيه ظلمُ الناسِ بعضهمِ لبعض، واستولتْ عليهم الأنانيةُ والجشع، والانتهازيةُ وتعظيمُ الذات، حتى إنَّه ليُخال لك أحياناً أنَّك في وسطٍ مائيٍ عظيم، يأكُل فيه كبارُ الحوتِِ صغارَه، أو في أرضِ مَسْبَعَة يفترسُ فيها القويُ الضعيف، ولا تعجلْ بارك اللهُ فيك، فليس في الأمرِ تهويلٌ أو مبالغةٌ، ولكنَّها حقائقُ ينطقُ بها الواقعُ المرير، ينطقُ بها الواقعُ المرير، حين يغيبُ الوازع، ويضعفُ الضميرُ أو يموت. فينسلخُ الإنسانُ عن إنسانيته، ويتنكرُ لآدميتهِ، أمامَ بريقِ الدرهمِ والدينار، لا تعجلْ باركَ الله فيك، لا تعجل، وتأملْ إن شئتَ قضيةَ الأجراءِ الوافدين، وما يعانيه كثيرٌ منهم من التعسفِ والظلم، وبخسهمِ حقوقَهم، وأشياءَهم، وتكليفِهم ما تئن عن حملِه الجبالُ الراسيات، وبادئَ ذي بدء فنحنُ لا نُعمم، ولا نطلقُ أحكامَنا جُزافاً، ولكنَّنا نخاطبُ فئةً من الناس طغتْ يوم اغتنت، وبغتْ يوم قدرتْ، وظلمتْ يوم تمكنتْ. فئةٌ من الناس أتيحتْ لها الفرصةُ كي تسترزقَ، وتبني نفسها، وفُتحَ لها المجالُ كي تنشطَ وتتحركَ، وتكسب. فإذا بها تركلُ النعمةَ بقدمِها، وتطأُها بخفِِها هذه الفئةُ من الناس، يملي علينا الواجبُ الشرعي أن نذكرَها بالله الواحد القهار، ونحذرَها مغبةَ الظلم، وبخسَ الناسِ أشياءَهم، ونذكرَهم مقولةَ عُمر، يا عمرو : متى استعبدتم الناس ، وقد ولدتهم أمهاتُهم أحراراً ؟ إنَّها مأساة ، مأساة ، مأساةٌ تلك التي يعانيها كثيرٌ من الأُجراء على أيدِي كُفلا ئِهم، وحتى تُدركَ أخي الكريم حجمَ المشكلةِ، وأبعَادها، وحجمَ المعاناةِ وتشعبَها، لك أن تتصور حجمَ الجهدِ الذي بذلهُ ذلك الأجيرُ المسكين، وحجمَ العناء الذي تكبده قبلَ أن يصلَ إلى الفردوسِ الموعود، لك أنْ تتصور كمْ من طابورٍ طويلٍ وقفه ذلك المُسكين في بلده، وكم من ملفٍ ضخمٍ تنقَّل به من موظفٍ لآخر، ومن دائرةٍ لأخرى، وكم من الرسومِ دفعَها، قبل أنْ يُختَم لـه بختمِ المغادرة، ثم لا تنس رعاك الله أنَّه وافدٌ من بلادٍ يمزقُها الروتين القاتل، والتعقيد الممل، وتسودها الانتهازية والفوضى، وتغشاها المحسوبيةُ والنفاق، فما يقدمُ المسكين إلا وقد بذلَ دمَ قلبِه، وعُصارةَ فكرِه، ونُخالةَ أعصابه، ثم لا تنس مشهده وهو يودِّعُ أهلَه وأولادَه، والصبيةُ يتضاغون تحتَ قدميه، وهم يرونَ عائلهم يحزمُ حقائبَه في رحلةِ البحثِ عن لقمةِ العيشِ، وسدِّ الرمق، إنَّها رحلةٌ يخلِفُ من ورائها الأرضَ التي ترعرعَ، ويعيد صياغتَه من جديد، بشكلٍٍ تعسفيٍ مجحف، فيكتشفُ الأجير المخدوع أن عقدَه قد أصبَح مجردَ حبرٍ على ورق، وأنَّ ما وعد به من مرتبٍ وسكنٍ وإعاشة، ما هي إلا أضغاث أحلام، كسرابٍ بقيعة يحسبُه الضمآن ماءً، فأمَّا المرتب، فقد تقلصَ حجمُه بقدرةِ قادر، فانكمشَ تحتَ تأثيرِ برودةِ أعصابِ الكفيل، حتى بلغََ رُبعَ المرتبِ المتفقِ عليهِ، أو ثلثَه وبناءً عليه يخيرُ الأجيرُ المغبون، بين أمرين أحلاهما أمرُّ من العلقم، فإمَّا أن يذعنَ للأمرِ الواقع ويرضى بالفُتات، وإمَّا أن يرحلَ غيرَ مأسوفٍ عليه، متحملاً تكاليف عودتِه وسفرِه، وهنا يجدُ الأجيرُ نفسَه مضطراً للقبولِ بالخيارِ الأول، على حد قول القائل مكرهٌ أخاك لا بطل، لأنَّه ببساطَه قد لا يملكُ ثمنَ التذكرةِ التي تُقله إلى أهله، وأما العملُ المتفقُ على أدائه، فقد تشعب وتمدد في كلِّ اتجاه، فهو كهربائيٌ في الصباح، نجارٌ في الظهيرة، سائقٌ في المساء، أعمالٌ متنوعة، ومهامٌ متعددة، وأعباءٌ شاقة، ودوامٌ يبدأُ مع انفلاقِ الصبح، ولا ينتهي إلا في ساعاتٍ متأخرةٍ من الليل، وويلٌ له ثم ويلٌ لـه، لو ضبطَ متلبساً بجريمةِ تناولِه طعامِه أثناءَ ساعاتِ العمل، أو ضُبطَ مسترخياً يسترجعُ أنفاسَه عقيبَ ساعاتٍٍ طويلةٍ من الكدِّ والعرق والعناء، إنَّهم يتصرفونَ معهم كأنَّهم مكائنُ من حديد، لا إحساسَ فيها ولا شعور! ولا ضعفَ ينتابُها أو فتور، أما إنْ مرضَ المسكين أو اشتكى، فلا تسلْ عن عبوسِهم في وجهِه، وتململِهم من وضعه، فهل تظنُ أنه سينقلُ إلى الطبيب، أو سيدفعُ له ثمنُ الدواء ؟‍!وهل سيمنُ عليه براحةٍ، أو إجازة ؟! كلا، حرامٌ عليه أنْ يمرض، حرامٌ عليه أنْ يشتكي، حرامٌ عليه أنْ يسترخي أو يستريح !! ومع ذلك يصبرُ المسكين يعمل ويكدح، أملاً في بقايا مرتبهِ المسروق، فيمرُ الهلال، ثم الهلال، ثم الهلال، ثلاثةُ أهلةِ أو أربعةٌ أو عشرة، دونَ أن يقبضَ شيئاً، ويَظلُ يُماطلُ به ويُتلاعبُ بأعصابِه، ويُعبثُ بمشاعره، حتى ليكادُ يُجن من القهر والضيم، وأمَّا أهلُه وأولاده، فما زالوا ينتظرونَ، وينتظرونَ، ينتظرونَ الكنزَ المفقود المرسلَ إليهم من الفردوس الموعود، فلا تصلهم إلا آهاتٌ عبرَ الأثير، وزفراتٌ تنقُلها الرياح، وأما المسكن فلو ألقيتَ عليه نظرة لوليتَ منه فراراً، ولملئتَ منه رعباً، إنَّه أشبهُ ما يكون بحظائرَ لتربيةِ الماشية، أو مجمعاتٍ لتسمينِ الدواجن، فلا تهويةَ ولا تكييف، ولا نظافةَ ولا إضاءة، إنها تفتقد أبسط وسائل السلامة والصلاحية للعيش الآدمي .
    أيها المسلمون : وقد يعجلُ اللهُ تعالى العقوبةَ لهؤلاء المتسلطين المضطهدينَ لعباده، فيمحقُ بركةَ أموالِهم، فتفلسُ مؤسساتُهم، وتبورُ تجارتُهم، ويكسدُ سوقُهم، فلا يتوبون، ولا يذكرون، ولكنَّهم يلجئونَ إلى نوعٍ آخرَ من الابتزاز، فيسرحونَ أجرائَهم في الشوارع، مقابلَ إتاواتٍٍ شهريةٍ تدفعُ بانتظام، وهذه الإتاوةُ التعجيزية أحياناً قدْ تدفعُ الأجيرَ دفعاً، وتقسره قسراً إلى الكذبِ والاحتيال، والغشِ والمخادعة، أو السرقةِ واغتصابِ المالِ الذي حرَّم الله، بل قد تدفعُه إلى ممارسةِ الرذيلة، أو المتاجرةِ بالمخدرات، أو تعريضِ حياةِ الناسِ للخطر، خذ على سبيل المثال، سائقي سياراتِ الأجرة الوافدين، الذي يُطالبون بضريبةٍ يومية تعجيزية، ثم تأمل أي حوادثَ مروعة، وأي مصائبَ مفجعة يتسبب بها أولئك نتيجةَ الجشعِ والطمع، وتقديسِ الدرهمِ، والدينار .
    أيها المسلمون: هذه بعض مآسي الأجراءِ، ومصائبهِم على أيدي من لا خلاقَ لهم، فرقٌ كبير، وبونٌ شاسع، ومفاوزُ تنقطعُ لها أعناقُ الإبل بين هؤلاءِ الانتهازيين، وبينَ ذلك الذي أخبرَ عنه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في حديثِ الغارِ المشهور. وأمَّا الثالث فقال : « اللهم إن كنتَ تعلم أنِّي استأجرتُ أجيراً بفرقٍ من ذُرة ، فأعطيتُه، وأبى أن يأخُذَ ذلك ، فعمدت إلى ذلك الفَرق فزرعتُه، حتى اشتريتُ منه بقراً وراعيها ، ثم جاءَ فقال : يا عبدَ الله أعطني حقي فقُلت انطلق إلى تلك البقر وراعيها فإنَّها لك، فقال :أتستهزئ بي؟ قال : فقلت ما أستهزئ بك ولكنَّها لك اللهم إن كنتَ تعلمُ أني فعلتُ ذلكَ ابتغاءَ وجهك، فافْرُجْ عنَّا ، فخرجوا يمشون )) رواه البخاري من حديث ابن عمر
    يا لحلاوةِ الإيمان حين يخالطُ شغافَ القلوب ، ويا لجمالِ اليقين حين يلامسُ شفافيةَ الروح، يستأجر أجيراً على فَرَقٍ من ذُرة ، فيمتنعُ الأجيرُ عن أخذِ حقه ، فيحفظُه المستأجر ُوينميه ، فإذا به يُصبحُ إبْلاً وبقراً وغنماً ورقيقاً ، فيأتي الأجيرُ يريد حَقه ، وغايةُ ما يؤملهُ فرقٌ من ذُرة فهي الأجرةُ المتفقُ عليها سلفاً ، ولكنَّ صاحبَه يشيرُ بيديهِ إلى تلكَ الأنعامِ التي تملأُ الوادي، وتسدُ الأفق، يسلمُها له طيبةً بها نفسُه ، فيسوقُها ولا يدعُ منها شيئاً !! يا لله العجب !! أما كان بإمكانِه أن يدفعَ له فرقاً ، وهي الأجرةُ المتفقُ عليها سلفاً ، ثم يستمتعُ بنماءِ المالِ وزيادتِه الذي استثمره بكدهِ وعرقه ! أما كان بإمكانِه أن يبحثَ عن عالمٍ إسرائيلي وسيجدْ لا محالة، فيصدر منه فتوى يستبيحُ من خلالِها المالَ المُنمى، لكنَّها العفةُ ممزوجةٌ بالتقوى ، والأمانةُ مغلفةٌ بالصدقِ، والإخلاص، إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ، ويدعوننا رغباً ورهباً، وكانوا خاشعين، فرقٌ بين أولئكَ الانتهازيين وبين صاحبِ مدين ، الذي حدَّث فصدق، ووعدَ فأوفى، وعاهدَ فأنجز ! فلم يستغلْ حاجةَ موسى عليه السلام وضعفَه، ولم ينتهزْ كونه طريداً غريباً ، ولكنَّه عرضَ عليه عملاً شريفاً ، لا مشقةَ فيه ولا امتهان، وجعلَ أجرته تزويجَه فلذَة كبد ِة ، وثمرةَ فؤاده : ((قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ )) ( القصص : 27) .((وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ)) . ((وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِين )) ..
    بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وأيا كم بالذكر الحكيم .
    واستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم .

    الخطبة الثانية
    الحمد لله يعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويضر وينفع، ألا إلى الله تصيرُ الأمور. وأصلي وأسلم على الرحمةِ المهداة، والنعمة المسداة، وعلى آله وأصحابه والتابعين،
    أما بعد أيها المسلمون : فإنَّ الله تعالى كما أخبرَ عنه رسولُه صلى الله عليه وسلم : ((قد كتبَ الإحسانَ على كل شيءٍ ، فإذا ذبحتم فأحسنوا الذِبحة، وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة)) رواه مسلم من حديث شداد بن اوس يقولُ هذا في حقِّ البهيمة التي تَقتل ، فكيفَ بالإنسان الذي كرَّمه الله – وميزهُ بين الخلائق، ولقد غَفر لامرأةِ بغيٍ من بغايا بني إسرائيل سقت كلباً، كلباً نجساً رأته يلهثُ عطشاً، ويتلو ظُ ظمئاً فنزعت موقها وملأته ماءً ، وسقته ذلك الكلب، فشكرَ اللهُ سعيَها، وغفرَ ذنبها ، فكيفَ بالضعيفِ الطاهر ، حين يُحسنُ لآدميٍ مثلِه ، ويعاملُه كإنسانٍ له إحساسُه وشعوره ، وكيانُه وآدميتُه، إن هذه المصيبة، أعني مصيبةَ استغلالِ الإنسانِ المسلمِ لأخيهِ المسلم ، واضطهاده إيَّاه، هي واحدةٌ من مصائبِ المسلمين وكوارثِهم ، والتي منشأُها أساساً غيابُ الثقافةِ الإسلاميةِ الصحيحة، وضعفُ ركائزِ التربيةِ الدينيةِ الواعية، وستظلُ مشاكلُ المسلمينَ متفاقمةً ، وعدا واتهم مستحكمةً، حتى يراجعوا دينَهم، ويلتَزموا كتابَ ربهم وسنةِ نبيهم عليه السلام ، في كلِ منا شطِ الحياةِ، ونواحِيها، لا بد من عودةٍ صادقةٍ إلى الإسلام عقيدةً ومنهجاً وسلوكاً ، حينها سيغيبُ التعسفُ والظلمُ، والبغي، ويتوارى القهرُ، والتجبرُ والطغيان، ثم تسودُ المحبةُ والرحمةُ والإحسان ، وتتألقُ في حياةِ الناس مفاهيم التواصلِ والعطاء، وعلى رأسها مفهومُ الجسدِ الواحد .
    اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا، ويقيناً صادقاً، وتوبةً قبلَ الموتِ، وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ، والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة، ولا فتنةً مضلة،
    اللهمَّ زينا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مهتدين،لا ضاليَن ولا مُضلين، بالمعروف آمرين، وعن المنكر ناهين، يا ربَّ العالمين، ألا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة عليه، إمام المتقين، وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين.
    وأرض اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي .
    اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور، وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ، يا عزيزُ يا غفور، سبحان ربك رب العزة عما يصفون .


     
  7. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    عنوان الخطبة التفكر في آيات الله

    الخطبة الأولى


    أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فالتقوى سبيل المؤمنين، والنجاة في الدنيا والآخرة بها ويوم يقوم الناس لرب العالمين، قال جل وعلا: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    عبادَ الله، عنوان هذه الخطبة: التفكر في آيات الله في الكون.

    في عتمة الليل وسحره وفي غلسه وبلجته، إذا أظلم الليل ودَجا، وادلهمّ وسجى، وظهرت آيات من آيات الله كانت الموعظة والذكرى، قال جل وعلا: إِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ لاَيَـٰتٍ لأوْلِى ٱلألْبَـٰبِ [آل عمران:190]، دعوةٌ إلى التدبر في الكون وتأمّل مدى دقته وتناسق نواصيه وأجزائه.

    عباد الله، إن الخالق عز وجل الذي لا تدركه أبصارنا لم يتركنا هكذا في بيداء الحياة، بل أظهر آياته في كتاب منظور نراه ونحسّ به، وكتاب نقرؤه ونرتّله ألا وإنه معجزة النبي الخالدة، إنه القرآن الكريم بآياته وعظاتة، يعمد إلى تنبيه الحواسّ والمشاعر وفتح العيون والقلوب إلى ما في هذا الكون العظيم من مشاهد وآيات، تلك التي أفقدتها الأُلفة غرابتها، وأزالت من النفوس عبرتها، قال عز وجل: كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـٰتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ٱلألْبَـٰبِ [ص:29]، وقال: قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَمَا تُغْنِى ٱلآيَـٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ [يونس:101].

    يعرض القرآن الكريم هذه الآيات بأسلوب أخّاذ ليعيد طراوتها وجدَّتها في الأذهان، فكأنها تُرى لأول وهلة، يلفتُ النظر على هذه الأرض الفسيحة، وقد سُقيت ورويت بماء الحياة، فتغلغل إلى أعماقها، فاكتضّت أعاليها بالنعم الوافرة من أنهار جارية وأشجار مثمرة وزروع نضرة وجبال شامخة راسية وبحار واسعة مترامية، رفّت في جوانبها الطيور المغرّدة، قال جل وعلا: وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا وَجَنَّـٰتٍ أَلْفَافًا [النبأ:14-16]، وقال تعالى: وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَـٰهَا وَٱلْجِبَالَ أَرْسَـٰهَا مَتَـٰعًا لَّكُمْ وَلأَنْعَـٰمِكُمْ [النازعات:30-33]، وقال جل وعلا: فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَـٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَاء صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقًّا فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَـٰكِهَةً وَأَبًّا مَّتَـٰعًا لَّكُمْ وَلأَنْعَـٰمِكُمْ [عبس:24-32]، وقال جل وعلا: أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى ٱلسَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى ٱلأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ [الغاشية:17-20].

    إن التأمّل في مطلع الشمس ومغيبها، التأمّل في الظلّ الممدود ينقص بلطف ويزيد، التأمل في الخضمّ الزاخر والعين الوافرة الفوّارة والنبع الرويّ، التأمّل في النبتة النامية والبرعم الناعم والزهرة المتفتّحة والحصيد الهشيم، التأمّل في الطائر السابح في الفضاء والسمك السابح في الماء والدود السارب والنمل الدائب، التأمل في صبح أو مساء في هدأة الليل أو في حركة النهار، إن التأمل في كل ذلك يحرّك القلبَ لهذا الخلق العجيب، ويشعر العبدَ بعظمة الخالق تبارك وتعالى، قال جل وعلا: وَمِنْ ءايَـٰتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ [الشورى:29]، تَبَارَكَ ٱلَّذِى جَعَلَ فِى ٱلسَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [الفرقان:61، 62].

    عباد الله، إن الناظر في الكون وآفاقه يشعر بجلال الله وعظمته، الكون كلّه عاليه ودانيه، صامتة وناطقه، أحياؤه وجماداته، كلها خاضع لأمر الله، منقاد لتدبيره، شاهد بوحدانيته وعظمته، ناطق بآيات علمه وحكمته، دائم التسبيح بحمده، تُسَبّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا [الإسراء:44].

    عباد الله، هذه المجرات المنطلقة، والكواكب التي تزحم الفضاء وتخترق عباب السماء، معلّقة لا تسقط، سائرة لا تقف، لا تزيغ ولا تصطدم، وَٱلشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَـٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [يس:38-40].

    من الذي سيّر أفلاكها؟! ومن الذي نظّم مسارها وأشرف على مدارها؟! من أمسك أجرامها ودبّر أمرها؟! قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِى خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [الأنعام:91]، إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مّن بَعْدِهِ [فاطر:41].

    عباد الله، إن الله تبارك وتعالى خلق كلَّ شيء فقدَّره تقديرًا، هذا وضعُ الشمس أمام الأرض مثلاً، ثم على مسافة معينة، لو نقصت فازداد قربها من الأرض لأحرقتها، ولو بعدت المسافة لعمّ الجليد والصقيع وجه الأرض وهلك الزرع والضرع، من الذي أقامها في مكانها ذاك وقدّر بعدها لننعم بحرارة مناسبة تستمر معها الحياة والأحياء؟! صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء [النمل:88].

    عباد الله، إن آيات الله في الكون لا تتجلى على حقيقتها ولا تؤدّي مفعولها إلا للقلوب الذاكرة الحية، القلوب المؤمنة، تلك التي تنظر في الكون بعين التأمل والتدبّر، تلك التي تُعمل بصائرها وأبصارها وأسماعها وعقولها، ولا تقف عند حدود النظر المشهود البادي للعيان، لتنتفع بآيات الله في الكون، ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰمًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَـٰطِلاً سُبْحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:191].

    أما الكفار، فهم عُميُ البصائر غُلف القلوب متحجّرو العقول، إنهم لا يتبصّرون الآيات وهم يبصرونها، ولا يفقهون حكمتها وهم يتقلّبون فيها، فأنى لهم أن ينتفعوا بها؟! يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مّنَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ ٱلآخِرَةِ هُمْ غَـٰفِلُونَ [الروم:7]، وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِنَ ٱلسَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكّرَتْ أَبْصَـٰرُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ [الحجر:14، 15].

    عباد الله، وكذا بعض طرق البحث العلمي لن تؤتي ثمارها في معزل عن الإيمان بقطع الصلة بين الخلق والخالق، فهذه الحضارة الحديثة، وإن شعّ بريقها فظهرت أنها تكشف الآيات العظيمة، ثم تقف حيث يجب أن تنطلق، تظهر الأسباب وتسدل الستارَ على ربّ الأسباب، وكأنه لا وجود له، أو لا عمل له، وكأن هذه الأسباب التي يفسّرون بها حصول الكسوف والخسوف والزلازل والبراكين ونزول الأمطار وغيرها كأن هذه الأسباب هي الفاعل الحقيقي، وما عداها وهمٌ، وهذا ضلال بعيد.

    أما المنهج الإيماني فإنه لا ينقص شيئًا من ثمار البحث العلمي، لكنه يزيد عليه بربط هذه الحقائق بخالقها وموجدها ومدبّرها ومصرّفها، ليقدر العباد ربّهم حقَّ قدره، وليعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا، فلا يستحقّ العبادة إلا هو، ولا يُتوجّه بخوف أو رجاء إلا إليه، ولا يُخشى إلا هو، ولا يذلّ إلا له، ولا يطمَع إلا في رحمته.

    إن المزيد من العلم ينبغي أن يقود إلى المزيد من الإيمان القويّ والتقوى.

    عباد الله، ماذا لو اختلّ نظام هذا الكون قيدَ شعرة؟! إنه سينهار بكل ما فيه ومن فيه. ماذا لو تصادمت أفلاكه؟! ماذا لو تناثر ما في الفضاء من أجرامه؟! ماذا لو حجِبت عنه عناية الله طرفةَ عين أو أقل من ذلك أو أكثر؟! إننا سنهلك ويهلك كل من معنا، ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُـلّ شَىْء وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء وَكِيلٌ لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ [الزمر:62، 63].

    لله فــي الآفــاق آيــات لعــلّ أقلَّهـا هـو مـا إليـه هداكـا

    ولعـلّ مـا فـي النفـس مـن آياتـه عجب عجاب لو ترى عيناكـا

    والكـون مشحـون بأســــرار إذا حاولت تفسـيرًا لهـا أعياكـا

    قـل للطبيـب تخطّفتـه يـد الـردى: من يا طبيـب بطبّـه أرداكـا؟

    قـل للمريـض نجا وعـوفي بعدمـا حجزت فنون الطب: من عافاكا؟

    قـل للصحيـح يموت لا مـن علـّة: من بالمنايا يا صحيـح دهاكـا؟

    يا أيهـا الإنسـان مهـلاً مـا الـذي باللـه جـل جـلاله أغـراكـا؟

    سيجيـب مـا في الكون من آياتـه عجب عجاب لو تـرى عينـاكا

    ربِّ لـك الحمـد العظيـم لذاتــك حمــدًا وليـس لواحـد إلاَّكـا

    عباد الله، ما مرّ معنا من الآيات الكونية وغيرها كثير تحملنا على أن نفرّ إلى ربنا، وأن نغسل إساءتنا، وأن نمحو ذنوبنا.

    إن المسلم إذا احتمى بربه واستعان به واستجار به فهو في أعز جوار وآمن ذمار. إن كل شيء إذا خفته هربتَ منه، وإذا خفت الله عز وجل هربت إليه، فَفِرُّواْ إِلَى ٱللَّهِ إِنّى لَكُمْ مّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ [الذاريات:50].

    وهكذا يبقى الكون كتابًا مفتوحًا، يُقرأ بكلّ لغة، ويدرَك بكل وسيلة، قال تعالى: تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ [ق:8].

    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما سمعنا من الآيات والذكر الحكيم.

    عباد الله، توبوا إلى الله واستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.








    الخطبة الثانية


    الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.

    أما بعد: فاتقوا الله ـ عباد الله ـ حق التقوى، يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران:102]، وقال تعالى: وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأرْضُ جَمِيعـًا قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوٰتُ مَطْوِيَّـٰتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَـٰنَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67]، أي: ما عظموه حق تعظيمه، وما عرفوه حق معرفته.

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يقول: ((يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟)) رواه البخاري، وله عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله قال: ((إن الله يقبض يوم القيامة الأرض، وتكون السموات بيمينه، ثم يقول: أنا الملك)) أخرجه البخاري، وأخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر، ثم قرأ : وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأرْضُ جَمِيعـًا قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَٱلسَّمَـٰوٰتُ مَطْوِيَّـٰتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَـٰنَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر:67].

    عباد الله، من عصى الله وخالف أمره لم يقدر الله حق قدره، من نفى عن الله صفاته أو شبهه بخلقه ما قدر الله حق قدره، من امتلأ قلبه من خوف المخلوقين فترك بعض الصالحات خوفًا منهم أو عمل بعض المنهيات رجاء ما عندهم ما قدر الله حق قدره، من دعا غير الله وطلب منه الشفاعة أو تفريج الكروب ما قدر الله حق قدره، من أطاع بشرًا في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله ما قدر الله حق قدره، من هجر كلام الله فلم يقرأه أو لم يحكمه أو لم يعمل به ما قدر الله حق قدره، من أحدث حدثًا في دين الله ما قدر الله حق قدره، من ظلم الناس في أموالهم أو أعراضهم ما قدر الله حق قدره، من أكل أموال الناس بالباطل ما قدر الله حق قدره، من لم يحافظ على الصلوات والعبادات وسائر الطاعات ما قدر الله حق قدره.

    ألا وصلوا وسلموا على خير الخلق محمد بن عبد الله.

    اللهم صل وسلم عليه وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين...
     
  8. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    خطبة (عقوق الوالدين)
    الخطبة الأولى
    ان الحمد لله نحمده ونستعينه............................
    أما بعد ..
    شكاوى مقلقة .. وأخبار مزعجة .. تتفطر لها القلوب، وترتج لها النفوس، هي نذير شؤم، وعلامة خذلان، يجب على الأمة جميعها أن تتصدى لإصلاحه .. كيف لا، وهذه الشكاوى والأخبار، تتعلق بأعظم الحقوق بعد حق الله تعالى، إنها أخبار عقوق الوالدين .
    هذا يهجر والده لأتفه سبب .. وأخرى تسب أماه لأنها منعتها من الخروج .. وآخر يتجاوز ذلك بالضرب والتعدي على أمه أو أبيه، وربما تصل القضية إلى حد القتل كما نسمع في بيانات تنفيذ بعض الأحكام .
    عباد الله .. إننا حينما نتحدث عن عقوق الوالدين فإننا نتحدث عن أكبر الكبائر بعد الإشراك بالله، كيف لا يكون كذلك وقد قرن الله برهما بالتوحيد فقال تعالىوقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) .
    وقال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً) .
    قال ابن عباس رضي الله عنهما: يريد البر بهما مع اللطف ولين الجانب، فلا يُغْلِظُ لهما في الجواب، ولا يُحِدُّ النظر إليهما، ولا يرفع صوته عليهما، بل يكون بين يديهما مثل العبد بين يدي السيد تذللاً لهما.
    عباد الله .. إن من المؤسف حقاً، أن نسمع بين الحين والآخر، أن من أبناء الإسلام من يتنكر للجميل ويقابل الإحسان بالإساءة بعقوق والديه .
    وإن العاقل ليتساءل: ما سبب انتشار مثل هذه الجرائم؟
    لا شك أن من أسباب انتشارها ضعف الإيمان، إذ لا يجرؤ على هذا الأمر إلا من ضعف إيمانه وخوفه من الله، ومن الأسباب كذلك انتشار الفساد والأفلام المقيتة بوجهها الكالح وأفكارها الهدامة التي تفسد الشباب والبنات، وتجرئهم على الآباء والأمهات، ومنها: اختلاط الثقافات وتأثر بعض الناس بحياة الغربي الذي يعيش وحده، ويهجر أسرته وقرابته فلا يراهم إلا في المواسم والأعياد .
    ولا ننسى كذلك سوء التربية أصلاً من الوالدين، فيشب الشاب والفتاة على البعد أو القصور والجفاف في علاقتهما بوالديهما فيكون هذا سبباً في العقوق .
    أيها الأخوة المؤمنون: ومن عظم حق الوالدين في الإسلام ، أنه قرر برهما وحسن مصاحبتهما بالمعروف، حتى وإن كانا كافرين .
    فعن أسماء رضي الله عنها قالت: قَدِمَتْ عليّ أمي وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدهم، فاستفتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن أمي قدمت عليّ وهي راغبة أفأصلها؟ قال: ((نعم، صلي أمك)).
    بل أوجب الله تعالى البر بهما، ولو كانا يأمران الولد بالكفر بالله، ويلزمانه بالشرك بالله، قال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً) .
    فإذا أمر الله تعالى بمصاحبة هذين الوالدين بالمعروف مع هذا القبح العظيم الذي يأمران ولدهما به، وهو الإشراك بالله، فما الظن بالوالدين المسلمين سيما إن كانا صالحين، تالله إن حقهما لمن أشد الحقوق وآكدها، وإن القيام به على وجهه من أصعب الأمور وأعظمها، والموفق من هدي إليه، والمحروم كل المحروم من صُرف عنه .
    عباد الله .. لقد بلغ من تأكيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على حق الوالدين أن جعله مقدماً على الجهاد في سبيل الله.
    ففي الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: ((الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: ثم الجهاد في سبيل الله)).
    وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل استأذنه في الجهاد: ((أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد)) [رواه البخاري].
    وعنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد)) [رواه الترمذي وصححه ابن حبان والألباني .
    وعن معاوية بن جاهمة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرسول الله: أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك، فقال: ((هل لك أم؟ قال: نعم، قال: فالزمها فإن الجنة تحت رجليها)) [رواه النسائي وابن ماجه بإسناد لا بأس به].
    عباد الله .. بر الوالدين من أعظم القربات وأجل الطاعات، وببر الوالدين تتنزل الرحمات وتكشف الكربات.
    ولما علم سلفنا الصالح بعظم حق الوالدين، قاموا به حق قيام، وسطروا لنا صفحات مشرقة من البر .
    كان أبو هريرة رضي الله عنه إذا أراد أن يخرج من دار أمه وقف على بابها فقال: السلام عليك يا أمتاه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك يا بني ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيراً، فتقول: ورحمك الله كما سررتني كبيراً، ثم إذا أراد أن يدخل صنع مثل ذلك.
    وهذا محمد بن سيرين التابعي الإمام رحمه الله كان إذا كلم أمه كأنه يتضرع .. قال ابن عوف: دخل رجل على محمد بن سيرين وهو عند أمه، فقال: ما شأن محمد أيشتكي شيئاً؟ قالوا: لا، ولكن هكذا يكون إذا كان عند أمه.
    وهذا أبو الحسن علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهم كان من سادات التابعين، وكان كثير البر بأمه حتى قيل له: إنك من أبر الناس بأمك، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة، فقال: أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها، فأكون قد عققتها.
    وهذا حيوة بن شريح، وهو أحد الأئمة ، يقعد في حلقته يعلم الناس ويأتيه الطلاب من كل مكان ليسمعوا عنه، فتقول له أمه وهو بين طلابه: قم يا حيوة فاعلف الدجاج، فيقوم ويترك التعليم.
    هذه بعض نماذج بر السلف لآبائهم وأمهاتهم، فما بال شبابنا اليوم يقصرون في بر آبائهم وأمهاتهم، وربما عق أحدهم والديه من أجل إرضاء صديق له، أو أبكى والديه وأغضبهما من أجل سفره أو قضاء متعته .
    وكم نجد ونسمع من يلتمس رضا زوجه ويقدمه على رضا والديه .
    إنها حقاً صورة من صور العقوق، حين يدخل الزوج على والديه عابس الوجه مكفهر الجبين، فإذا دخل غرفة نومه سمعت الأم الضَحَكات تتعالى من وراء باب الحجرة، أو يدخل ومعه هدية لزوجته، ولا تحلم أمه بأي هدية منه .
    يا أخي .. نحن لا ندعوك إلى الجفاء مع زوجتك أو الإساءة إليها، بل ندعوك إلى أن تؤتي كل ذي حق حقه .
    ثم قل لي: من أحق بالبر؟ هذه الأم المسكينة هي سبب وجودك، هي التي حملتك في بطنها تسعة أشهر، وتألمت من حملك، وكابدت آلام وضعك، بل وغذتك من لبنها، وسهرت ونمت، وتألمت لألمك، وسهرت لراحتك، وحملت أذاك وهي غير كارهة، وتحملت أذاك وهي راضية، فإذا عقلت ورجت منك البر عققتها؟
    فالله الله أيها الأحبة ببر والدينا، وأن نسعى لإرضائهما وإسعادهما في هذه الدنيا، ليسعدنا الله ويجمعنا بهما في الجنة .
    والحمد لله رب العالمين .

    الخطبة الثانية
    الحمد لله على إحسانه ....
    أيها الأخوة المؤمنون .. نحن في الواقع لا ينقصنا العلم بالنصوص الواردة في الكتاب والسنة في فضل بر الوالدين، وأن عقوقهما من كبائر الذنوب.
    وإنما ينقصنا العمل بما نعلم .. ينقصنا شيء من المبادرة والاهتمام ، وعدم الغفلة عن مواضع البر مع زحمة الأعمال الدنيوية، كزيارة الوالدين وتفقد أخبارهما والسؤال عن أحوالهما وسؤالهما عن حاجتهما .
    كان لأمي عين واحدة... وقد كرهتها... لأنها كانت تسبب لي الإحراج .


    وكانت تعمل طاهية في المدرسة التي أتعلم فيها لتعيل العائلة. ذات يوم...في المرحلة الابتدائية جاءت لتطمئن عَلي.
    أحسست بالإحراج فعلاً ... كيف فعلت هذا بي؟! تجاهلتها, ورميتها بنظرة مليئة بالكره.
    .وفي اليوم التالي قال أحد التلامذة ... أمك بعين واحده ... أووووه
    وحينها تمنيت أن أدفن نفسي وأن تختفي امي من حياتي.في اليوم التالي واجهتها :لقد جعلتِ مني أضحوكة, لِم لا تموتين ؟!!
    ولكنها لم تُجب, لم أكن متردداً فيما قلت ولم أفكر بكلامي لأني كنت غاضباً جداً ولم أبالي لمشاعرها ...وأردت مغادرة المكان..درست بجد وحصلتُ على منحة للدراسة في سنغافورة.
    وفعلاً.. ذهبت .. ودرست .. ثم تزوجت .. واشتريت بيتاً .. وأنجبت أولاداً وكنت سعيداً ومرتاحاً في حياتي.
    وفي يوم من الأيام ..أتت أمي لزيارتي ولم تكن قد رأتني منذ سنوات ولم ترى أحفادها أبداً! وقفت على الباب وأخذ أولادي يضحكون...صرخت: كيف تجرأتِ وأتيت لتخيفي اطفالي؟.. اخرجي حالاً!!!أجابت بهدوء: (آسفة .. أخطأتٌ العنوان على ما يبدو).. واختفت....
    وذات يوم وصلتني رسالة من المدرسة تدعوني لجمع الشمل العائلي.فكذبت على زوجتي وأخبرتها أنني سأذهب في رحلة عمل...
    بعد الاجتماع ذهبت الى البيت القديم الذي كنا نعيش فيه, للفضول فقط!!!. أخبرني الجيران أن أمي.... توفيت.لم أذرف ولو دمعة واحدة !! قاموا بتسليمي رسالة من أمي ....ابني الحبيب.. لطالما فكرت بك.. آسفة لمجيئي إلى سنغافورة وإخافة أولادك.
    كنت سعيدة جداً عندما سمعتُ أنك سوف تأتي للاجتماع. ولكني قد لا أستطيع مغادرة السرير لرؤيتك.
    آسفة لأنني سببت لك الإحراج مراتٍ ومرات في حياتك.هل تعلم... لقد تعرضتَ لحادثٍ عندما كنت صغيراً وقد فقدتَ عينك.
    وكأي أم, لم استطع أن أتركك تكبر بعينٍ واحدةٍ...ولِذا... أعطيتكَ عيني .....وكنتُ سعيدة وفخورة جداً لأن ابني يستطيع رؤية العالم بعيني

    هذي قصيده مؤثرة لأم تشكي حالها بعد ان وداها ولدها (الله يهديه) للمصحه (دار العجزه) او كما يقااال ( دار النسيان) والبيت أعلاه يبكي حتى القلب القاسي

    اترككم مع القصيده

    وين انت يا حمدان امـك تناديـك .. وراك مـا تسمـع شكايـا وندايـا

    يا مسندي قلبي على الدوم يطريـك .. ما غبت عن عيني وطيفك سمايـا

    هذي ثلاث سنين والعيـن تبكيـك .. ما شفت زولك زايـر يـا ضنايـا

    تذكر حياتي يـوم اشيلـك واداريك . . والاعبـك دايـم وتمشـي ورايـا

    ترقد على صوتي وحضني يدفيـك .. ما غيرك احدٍ ساكن فـي حشايـا

    واليا مرضت اسهر بقربك واداريك .. ما ذوق طعم النوم صبـح ومسايـا

    ياما عطيتك من حنانـي وبعطيـك .. تكبـر وتكبـر بالأمـل يـا منايـا

    لكن خساره بعتني اليـوم وشفيـك .. واخلصت للزوجه وانا لي شقايـا

    انا ادري انها قاسيـه مـا تخليـك .. قالت عجـوزك مـا ابيهـا معايـا

    خليتني وسط المصحه وانا ارجيك .. هذا جزا المعروف وهـذا جزايـا

    يـا ليتنـي خدامـة بيـن اياديـك .. من شان اشوفك كل يوم برضايـا

    مشكور يا ولدي وتشكر مساعيـك .. وادعـي لـك الله دايـم بالهدايـا

    حمدان يا حمـدان امـك توصيـك .. اخاف من تلحق تشـوف الوصايـا

    اوصيت دكتور المصحه بيعطيـك .. رسالتـي واحروفهـا مـن بكايـا

    وان مت لا تبخل علـي بدعاويـك .. واطلب لي الغفران وهـذا رجايـا

    وامطر تراب القبر بدموع عينيـك .. ما عـاد ينفعـك النـدم والنعايـا


    وينقصنا كذلك الخوف من مغبة وعقوبة العقوق .
    أيها العاق .. لا تغتر بحلم الله عليك .. فإنك مجزي بعملك في الدنيا والآخرة.
    يقول العلماء: كل معصية تؤخر عقوبتها بمشيئة الله إلى يوم القيامة إلا العقوق، فإنه يعجل له في الدنيا، وكما تدين تدان. .
    إني أدعو نفسي وإياكم أيها الإخوة ألا نخرج من هذا المكان المبارك إلا وقد عاهدنا الله على بر والدينا، وأن من كان بينه وبين والديه قطيعة أو خلاف أن يصلح ما بينه وبينهم، ومن كان مقصراً في بر والديه أن يبذل ما بوسعه في برها وإسعادها .
    ومن كان براً بهما فليحافظ على ذلك، وإذا كانا ميتين فليتصدق لهما ويبرهما بدعوة صالحة أو عمل صالح يهدي ثوابه لهما.
    اللهم إنا نسألك أن تعيننا جميعاً على بر والدينا، اللهم إن كنا قد قصرنا في برهما، أو أخطأنا في حقهما، اللهم فاغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسرفنا وما أعلنا، واملأ قلبيهما بمحبتنا، وألسنتهما بالدعاء لنا، يا ذا الجلال والإكرام .. اللهم وإن كانا ميتين فاغفر لها وارحمهما، وأعنا على الإحسان إليهما بعد موتهما .
    اللهم صل على محمد ...

     
  9. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    عنوان هذه الخطبة (((مكفرات الذنوب)))
    الحمد لله ............
    ..................

    اتقوا الله ـ عباد الله ـ حق التقوى وكونوا ممن إذا ابتلي صبر، وإذا أعطي شكر، وإذا أذنب استغفر، فبهذه الثلاث تنال السعادة في الأولى والآخرة.
    أيها المسلمون، إن تقوى الله جل جلاله تمنع المتقي من الوقوع في حرمات الله كما بيَّنا ذلك في الخطبة الماضية، ولكن مع تقواه وخوفه من ربه ومولاه ومجاهدة الشيطان ومغالبته لنفسه وملاذِّه وهواه قد تزل القدم ويقع في الخطيئة وتقترف السيئة، وهذا أمر ثابت بنص القرآن والسنة المطهرة.
    إن عباد الله المتقين قد تقع منهم الزلة والخطيئة كما قال الله عن أبينا آدم عليه السلام وَعَصَىٰ ءادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ [طه:121]، وقال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه: ((كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون))، قال الله تعالى عن المتقين: إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَـئِفٌ مّنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ تَذَكَّرُواْ [الأعراف:201]، وقال تعالى عن المتقين وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ [آل عمران:135].
    إذاً ـ إخوتي ـ هذه الأدلة الصريحة الصحيحة الثابتة من القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم تدل على أن عباد الله المتقين قد يقعون في المعصية، وهذا يدل على بشريتهم وضعفهم في جنب الله تعالى، ولكن الله جل جلاله الذي خلق الخلق وهو أعلم بهم وبضعفهم، شرع لهم مكفرات يكفرون بها عن هذه السيئات والخطيئات، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم عباده المتقين بقوله: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها))، فإذا ما وقع التقي في الذنب والخطيئة ثم أتبعها بحسنة محيت عنه بإذن ربه، وهو الرؤوف الرحيم بعباده وقال تعالى: إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذكِرِينَ [هود:114].
    ومن أهم الحسنات التي تمحو السيئات التوبة، والتي تقتضي الإقلاع عن الذنب والندم على ما فات والعزم عدم العودة إلى الخطيئة مرة أخرى، قال صلى الله عليه وسلم: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له)).
    ومن الشواهد على ذلك أيضاً قصة المرأة التي زنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتت وقالت: يا رسول الله إني حبلى من الزنا، فأقم علي الحد، فأمرها أن ترجع حتى تضع حملها.
    وحين وضعت أتته، فقال لها: ارجعي حتى تفطمي طفلك، فبعدما فطمته رجعت أقام عليها الحد ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله)).
    وقال في ماعز رضي الله عنه الذي وقع أيضاً في الزنا بعد إقامة الحد عليه: ((لقد تاب توبةً لو تابها أهل المدينة لقبل منهم)) فالله أكبر يا عباد الله، انظروا إلى أثر تقوى الله عز وجل في قلوب هؤلاء الأتقياء الذين لم يعلم بمعصيتهم أحد إلا الله، فما زالت التقوى بهم وخوف الله يلهب قلوبهم وخشيته ترعد فرائصهم حتى أتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليطهرهم من هذه الخطيئة وهذا الذنب، ولو أنهم تابوا فيما بينهم وبين الله سبحانه وتعالى لكفاهم ذلك، ولكنها نفوس سمت بإيمانها إلى العلياء، فما رضت حتى جادت بنفوسها رضاً لرب الأرض والسماء.
    وقصة ذلك الرجل الذي قتل تسعاً وتسعين نفساً بل أتم المائة، وحينما وجد من دله على باب التوبة وأمره بأن ينتقل من بلاد السوء إلى بلاد الخير والصلاح ثم قبضت روحه قبل أن يصل إليها، أدخله ربه مع المتقين برحمته، إذ أنه أقبل على الله بقلب مؤمن تقي تائب عن ذنبه، أقبل عازماً على عدم العودة إليه، نادماً على فعله، فقال الله لهذه: (أي بلد الصلاح) أن تقاربي، وقال لتلك: أن تباعدي (أي بلد السوء) فدخل الجنة برحمة الله عز وجل.
    فأين نحن عباد الله من توبة مثل هؤلاء؟ هل نحن حينما نذنب الذنب في حق الله تعالى أو أنفسنا أو عباد الله نتوب توبة صادقة؟
    إن المتأمل ـ إخوتي ـ في حال كثير من الناس ممن يزعمون أنهم يتوبون من ذنوبهم إذا أذنبوا، فيراهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، والله أعلم بما يكتمون، يقول: أستغفر الله وأتوب إليه. وهو لا يزال على المعصية قائماً، وعلى فعلها عازماً، وقلبه من الندم بسبب فعلها خالياً، لقد قال هذه الكلمة ـ إخوتي ـ ولم يأتِ بمقتضاها، كما ذكر سابقاً.
    وهي لم توافق قلبه، لذلك لا تجد لها في نفسه أثراً، ولا عن المعاصي بعداً، ولا من ربه جل جلاله قرباً إذ يقول الله عن المذنبين من المتقين وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135]، فهذا هو الفرق ـ أحبتي ـ بين توبة أولئك المتقين وتوبة هؤلاء المتلاعبين، فالمتقون يتوبون إلى الله نادمين، وتراهم على طاعة ربهم مقبلين، ولا يقيمون على المعاصي.
    أما أولئك فيتوبون كما يزعمون وهم غير نادمين، وعن طاعة ربهم معرضين، وعلى المعاصي دائبين.
    واستمع ـ أخي الحبيب ـ إلى هذا الحديث العظيم الذي يبين لنا سعة رحمة الله بعباده وحلمه عليهم ولطفه بهم . عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى قال: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن همَّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله عنده بعشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة)) رواه البخاري ومسلم.
    إخوة الإيمان، إن اتباع السيئات بالحسنات تمحها، رحمة من عند الله تعالى وفضل عظيم، ولكن فعل الحسنات يكون بقلب صادق مؤمن تقي، يفعلها وهو مؤمن بها، مصدق بعظيم أجرها وفضلها وشاهد ذلك حديث صاحب البطاقة الذي يؤتى به يوم القيامة على رؤوس الخلائق، فينشر له تسعة وتسعين سجلاً، كل سجل مثل مد البصر، ثم يقول: أتنكر من هذا شيئاً ؟ أظلمك كتبتي الحافظون؟ فيقول: لا يا رب. فيقول: أفلك عذر؟ فيقول: لا يا رب. فيقول: بلى، إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك اليوم، فتخرج بطاقة فيها كلمة: لا إله إلا الله، فتوضع البطاقة في كفة، والسجلات في كفة، قال: فطاشت بهن لا إله إلا الله.
    وحديث البغي التي سقت كلباً بخفها وكان ظمئاً يريد ماءً، فغفر الله لها جزاء صنيعها هذا، وحديث الرجل الذي أزال الشوكة عن الطريق فشكر الله له فأدخله الجنة جزاء صنيعه.
    لا يشك مسلم عاقل في أن أفعال هؤلاء بذاتها لا تساوي الجزاء الذي حصلوا عليه، ولكنه قام في قلوبهم حين فعلهم لهذه الحسنات من الإيمان والتقوى وإجلال الله وتوقيره وعظمته ما استحقوا به ذلك الجزاء.
    إخوة الإسلام، لقد تبين لنا مما سبق أن المؤمن التقي مع تقواه وإيمانه يقع في الخطيئة، وهذا ليس حجة للعابثين اللاهين الذين ينهمكون في محارم الله، بل يجب عليهم المبادرة إلى التوبة النصوح، إذ قال عن آدم: وَعَصَىٰ ءادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ [طه:121]، ولكن ماذا حدث بعدها؟ ثُمَّ ٱجْتَبَـٰهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ [طه:122]، وقال سبحانه: وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَـٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ وقال سبحانه: إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَـئِفٌ مّنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ [الأعراف:201].
    فلا بد من الرجوع إلى الله بصدق وإخلاص وندم وعزم على عدم العودة إلى المعصية ومتابعة السيئة بالحسنة كي تمحها، وهذا من سعة رحمة الله وتمام فضله، إذ جعل لنا مكفرات نكفر بها عن خطيئتنا.
    اللهم اغفر لنا ذنبنا يا حي يا قيوم..
    أقول قولي هذا...


    الخطبة الثانية:
    الحمد لله الذي كان بعباده لطيفاً خبيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
    أما بعد:
    فاتقوا الله عباد الله و سَابِقُواْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ [الحديد:201].
    إخوة الإسلام، ونذكر لكم من الحسنات الماحيات للسيئات ما يحث على اغتنامها وفعلها، فمنها التوبة والاستغفار كما ذكر آنفاً، قال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً [النساء:110].
    ومن الحسنات ما هو أعم من التوبة مثل الصلاة قال تعالى: وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ [هود:114].
    وفي مسند الإمام أحمد عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين أو أربعاً يحسن فيها الركوع والخشوع ثم استغفر الله غفر الله له)) وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)).
    وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) وفيهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حج هذا البيت، فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)).
    وفي صحيح مسلم من حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صوم عاشوراء ((أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبلها)) وقال في صوم يوم عرفة: ((أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده)).
    ومما يكفر الخطايا ذكر الله عز وجل، وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال: سبحان الله وبحمده، في يومه مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)).
    اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنايارب العالمين
    ألا وصلوا وسلموا على خير الخلق محمد بن عبد الله.

    اللهم صل وسلم عليه وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين...
     
  10. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    سلاح المؤمن (((((( الدعاء))))))


    الخطبة الأولى




    يتقلب الناس
    في دنياهم بين أيام الفرح والسرور, وأيام الشدة والبلاء, وتمر بهم سنين ينعمون فيها بطيب العيش, ورغد المعيشة, وتعصف بهم أخرى عجاف, يتجرعون فيها الغصص أو يكتوون بنار البُعد والحرمان.

    وفي كلا الحالين لا يزال المؤمن بخير ما تعلق قلبه بربه
    ومولاه, وثمة عبادة هي صلة العبد بربه, وهي أنس قلبه, وراحة نفسه.

    في زمان
    الحضارة والتقدم, في كل يوم يسمع العالم باختراع جديد, أو اكتشاف فريد في عالم الأسلحة, على تراب الأرض, أو في فضاء السماء الرحب, أو وسط أمواج البحر, وإن السلاح هو عتاد الأمم الذي تقاتل به أعداءها, فمقياس القوة والضعف في عُرف العالم اليوم بما تملك تلك الأمة أو الدولة من أسلحة أو عتاد.

    ولكن ثمة سلاح لا تصنعه
    مصانع الغرب أو الشرق, إنه أقوى من كل سلاح مهما بلغت قوته ودقته, والعجيب في هذا السلاح أنه عزيز لا يملكه إلا صنف واحد من الناس, لا يملكه إلا أنتم, نعم, أنتم أيها المؤمنون الموحدون, إنه سلاح رباني, سلاح الأنبياء والأتقياء على مرّ العصور.

    سلاح نجى الله به نوحًا عليه السلام فأغرق قومه بالطوفان, ونجى الله
    به موسى عليه السلام من الطاغية فرعون, نجى الله به صالحًا, وأهلك ثمود, وأذل عادًا وأظهر هودَ عليه السلام, وأعز محمدًا في مواطن كثيرة.

    سلاح حارب به رسول
    الله وأصحابه أعتى قوتين في ذلك الوقت: قوة الفرس, وقوة الروم, فانقلبوا صاغرين مبهورين، كيف استطاع أولئك العرب العزَّل أن يتفوقوا عليهم وهم من هم, في القوة والمنعة, ولا يزال ذلكم السلاح هو سيف الصالحين المخبتين مع تعاقب الأزمان وتغير الأحوال.

    تلكم العبادة وذلك السلاح هو الدعاء
    .

    أخرج أبو داود
    والترمذي وابن ماجه عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((الدعاء هو العبادة)) ثم قرأ: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين [غافر: 60]

    وليعلم أن للدعاء أدابًا عظيمة
    حريٌ بمن جمعها أن يستجاب له, فمنها:

    أولاً: أن يترصد لدعائه الأوقات
    الشريفة كيوم عرفة من السنة, ورمضان من الشهور, ويوم الجمعة من الأسبوع, ووقت السحر من ساعات الليل, وبين الآذان والإقامة وغيرها.

    روى الترمذي وأبو داود وأحمد
    في مسنده ـ وحسنه ابن حجر ـ أن أنسًا رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((الدعاء لا يرد بين الآذان والإقامة))

    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال
    رسول الله : ((إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه قال: وهي ساعة خفيفة)) رواه البخاري ومسلم.

    ولهما عن أبي هريرة رضي
    الله عنه قال: قال رسول الله : ((يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له, ومن يسألني فأعطيه, ومن يستغفرني فأغفر له))

    ثانيًا: أن يغتنم الأحوال الشريفة كحال الزحف
    , وعند نزول الغيث, وعند إفطار الصائم, وحالة السجود, وفي حال السفر.

    أخرج
    مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء))

    وعن ابن عباس رضي الله عنهما ـ
    في حديث طويل وفيه ـ قال عليه الصلاة والسلام: ((فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل, وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء فقمِنٌ أن يستجاب لكم)) رواه مسلم, أي حقيق وجدير أن يستجاب لكم.

    وأخرج أبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي
    الله عنه قال: قال رسول الله : ((ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة الوالد, ودعوة المسافر, ودعوة المظلوم))

    وأخرج الترمذي وحسنه وابن ماجه
    والطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ثلاث لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر, والإمام العادل, ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين))

    ثالثًا: أن يدعو
    مستقبلاً القبلة رافعًا يديه مع خفض الصوت بين المخافتة والجهر, وأن لا يتكلف السجع في الدعاء, فإنَّ حال الداعي ينبغي أن يكون حال متضرع, والتكلف لا يناسب, قال تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون [البقرة: 186].

    ذكر ابن حجر عن بعض الصحابة في
    معنى قوله تعالى: ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً [الإسراء: 110] أي لا ترفع صوتك في دعائك فتذكر ذنوبك فتُعير بها.

    وقال ابن عباس رضي
    الله عنهما كما عند البخاري: "فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه, فإني عهدت رسول الله وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب

    رابعًا: الإخلاص في الدعاء والتضرع
    والخشوع والرغبة والرهبة, وأن يجزم الدعاء ويوقن بالإجابة ويصدق رجاؤه فيه.

    قال تعالى: إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدًا وسبحوا
    بحمد ربهم وهم لا يستكبرونتتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقونفلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون [السجدة: 14 ـ 16].

    أخرج الترمذي والحاكم وقال: حديث مستقيم الإسناد عن أبي
    هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة, واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه))

    وروى البخاري في
    صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة, ولا يقولن اللهم: إن شئت فأعطني فإنه لا مستكره له))

    قال ابن
    بطال: ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة, ولا يقنط من الرحمة, فإنه يدعو كريمًا, وقديمًا قيل: ادعوا بلسان الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والإنطلاق.

    خامسًا: أن يلح في الدعاء ويكون ثلاثًا ولا يستبطئ
    الإجابة, قال تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض [النمل: 62].

    أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال
    رسول الله : ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل, يقول: دعوت فلم يستجب لي((

    قال الداودي ـ رحمه الله ـ : على الداعي أن يجتهد ويلح ولا يقل: إن
    شئت، كالمستثني, ولكن دعاء البائس الفقير.

    سادسًا: أن يفتتح الدعاء ويختمه
    بذكر الله تعالى والصلاة على النبي ثم يبدأ بالسؤال.

    قال سبحانه: ولله
    الأسماء الحسنى فادعوه بها [الأعراف: 180].

    أخرج النسائي وابن ماجه عن أنس
    بن مالك رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله جالسًا يعني ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد وتشهد دعا فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت, المنان, بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام, يا حي يا قيوم إني أسألك, فقال النبي لأصحابه: ((تدرون بم دعا؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: ((والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى

    وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله كان
    يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل ((اللهم لك الحمد, أنت نور السموات والأرض, ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض, ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن, وأنت الحق ووعدك الحق, وقولك الحق, ولقاؤك حق, والجنة حق، والنار حق, والساعة حق, اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت, وإليك أنبت, وبك خاصمت, وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت, وأسررت وأعلنت, أنت إلهي لا إله إلا أنت))

    قال عمر
    بن الخطاب رضي الله عنه: (إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك ) رواه الترمذي

    قال أبو سليمان الداراني ـ رحمه الله ـ: من أراد أن
    يسأل الله حاجة, فليبدأ بالصلاة على النبي ثم يسأل حاجته ثم يختم بالصلاة على النبي فإن الله عز وجل يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما.

    سابعًا
    : التوبة ورد المظالم والإقبال على الله عز وجل بكنه الهمة, وهو الأدب الباطن، وهو الأصل في الإجابة تحري أكل الحلال, كما قال الغزالي رحمه الله.

    أخرج
    الطبراني والحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((من سره أن يستجاب له عند الكرب والشدائد فليكثر من الدعاء في الرخاء)).

    قال الأوزاعي ـ رحمه الله ـ : خرج الناس يستسقون فقام فيهم
    بلال بن سعد, فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: (يا معشر من حضر: ألستم مقرين بالإساءة؟, قالوا: بلى, فقال: اللهم إنا سمعناك تقول: ما على المحسنين من سبيل [التوبة: 91]. وقد أقررنا بالإساءة فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا, اللهم اغفر لنا, وارحمنا واسقنا), فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسُقوا.

    وقال سفيان الثوري
    : "بلغني أن بني إسرائيل قحطوا سبع سنين حتى أكلوا الميتة من المزابل وأكلوا الأطفال, وكانوا كذلك يخرجون إلى الجبال يبكون ويتضرعون فأوحى الله إلى أنبيائهم عليهم السلام: لو مشيتم إليَّ بأقدامكم حتى تَحْفَى ركبكم وتبلغ أيديكم عنان السماء وتكل ألسنتكم من الدعاء فإني لا أجيب لكم داعيًا, ولا أرحم لك باكيًا حتى تردوا المظالم إلى أهلها, ففعلوا فمطروا من يومهم". والتوجيه النبوي يقول: ((أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة)) رواه الطبراني في معجمه الصغير






    الخطبة الثانية



    أيها المؤمنون
    :

    الدعاء من أعظم العبادات, فيه يتجلى الإخلاص
    والخشوع, ويظهر صدق الإيمان, وتتمحص القلوب, وهو المقياس الحقيقي للتوحيد, ففي كلامٍ لشيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: إذا أردت أن تعرف صدق توحيدك فانظر في دعائك.

    أخرج الطبراني وأبو يعلى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول
    الله : ((إن أعجز الناس من عجز عن الدعاء, وأبخل الناس من يبخل بالسلام((

    وأنت أيها المبارك مأجور في دعائك, موعود بالإجابة
    .

    أخرج
    الترمذي وأبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه بدعوة أن يردهما صفرًا ليس فيهما شيء)) رواه الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه والحاكم بنحوه ووافقه الذهبي على تصحيحه.
    وخرج الترمذي ـ وقال: حسن صحيح غريب ـ عن
    عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها, أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم)) فقال رجل من القوم: إذا نكثر قال: ((الله أكثر)) رواه الترمذي وأحمد ، والحاكم. فبكلٍ أنت غانم رابح, مأجور مشكور.

    والدعاء كريم على الله, عظيمٌ قدره عنده سبحانه, أخرج الترمذي
    والبخاري في الأدب المفرد والطبراني والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء)) رواه الترمذي ورواه الحاكم ووافقه الذهبي على تصحيحه، والبخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني.

    واسمع إلى
    النداء الرباني, فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي, يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي, يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة((رواه الترمذي

    الله أكبر, ولا إله إلا الله, إذن فابشروا وأقبلوا، وادعوا الله وأنتم
    موقنون بالإجابة, انطرحوا بين يديه, وارفعوا حاجاتكم برداء الذل والمسكنة, ومرغوا الأنوف والجباه, واهتفوا باسمه فثم السعادة والأمان.

    أعوذ بالله من الشيطان
    الرحيم: إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمينادعوا ربكم تضرعًا وخفية إنه لا يحب المعتدينولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفًا وطمعًا إن رحمت الله قريب من المحسنين [الأعراف: 54 ـ56