الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    هذه الخطبة الاولى في اشراط الساعة الكبرى وقد ظمنتها المهدي باختصار , والدجال ونزول المسيح عيسى بن مريم عليه السلام
    ===========================================

    ان الحمد لله نحمده
    أما بعد:
    كان لنا حديث عن أشراط الساعة الصغرى، وقد استغرق الحديث عدة خطب، ومن هذه الجمعة سنبدأ بالحديث عن أشراط الساعة الكبرى، .
    أيها المسلمون: أن الحديث عن قضايا الغيب وما سيكون في آخر الزمان مما يزيد الايمان وإن كان معروفاً.
    و ليس الهدف من طرح هذا الموضوع هو السرد فقط، لكن الأهم منه زيادة الايمان والتوحيد، والاستعداد لهذه الأحوال، ، أسأل الله جل وتعالى الاعانة والتوفيق.
    روى مسلم عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ فَقَالَ: ((مَا تَذَاكَرُونَ؟ قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ. قَالَ: إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ فَذَكَرَ الدُّخَانَ وَالدَّجَّالَ وَالدَّابَّةَ وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ)).
    أيها الأحبة: إذا ظهرت علامة من علامات الساعة الكبرى فإن أخواتها تتبعها كتتابع الخرز في النظام يتبع بعضها بعضاً. روى الإمام أحمد بسند صحيح عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الآيات خرزات منظومات في سلك، فإن يُقطع السلك يتبع بعضها بعضاً)).
    أيها المسلمون: سيظهر في آخر الزمان وذلك بعد فشو الفساد وكثرة المنكرات واستفحال الظلم وقلة العدل رجلٌ يصلح الله على يديه أحوال هذه الأمة هذا الرجل يعرف عند أهل السنة بالمهدي، من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ذرية فاطمة بنت رسول الله من ولد الحسن بن علي رضي الله عنهم، يؤيد الله به الدين يحكم سبع سنين، يملأ الأرض خلالها عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، تنعم الأمة في عهده نعمة عظيمة، تُخرج الأرض نباتها، وتُمطر السماء قطرها،
    ويُعطى المال بغير عدد. قال ابن كثير رحمه الله: في زمانه تكون الثمار كثيرة والزروع غزيرة والمال وافر والسلطان قاهر والدين قائم والعدو راغم والخير في أيامه دائم.
    يخرج مهدي أهل السنة من قبل المشرق، وعند خروجه لايكون لوحده، بل يؤيده الله بأناس من أهل المشرق يحملون معه الدين ويجاهدون في سبيله كما ورد بذلك الحديث، ووقت خروجه، عندما يقتتل ثلاثة من أولاد الخلفاء على كنز الكعبة كلهم يريد الاستيلاء عليها ولا يكون لواحد منهم معاقبة من الله على نقيض قصدهم فيخرج على الناس فيبايع عند الكعبة. عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لايصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يُقتله قوم)) – قال ثوبان: ثم ذكر شيئاً لا أحفظه – فقال: ((فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج)) رواه ابن ماجه. ولماذا الراية التي يحملها المهدي سوداء اللون؟ قال ابن كثير: ويؤيد بناس من أهل المشرق ينصرونه ويقيمون سلطانه ويشيدون أركانه وتكون راياتهم سود أيضاً، وهو زيّ عليه الوقار لأن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء يقال لها العقاب. انتهى. روى الحاكم في مستدركه بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتُخرج الأرض نباتها، ويُعطي المال صحاحاً – أي تسوية بين الناس – وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أو ثمانياً)). وفي رواية: ((ثم لا خير في الحياة بعده)). وهذا يدل على أن بعد موت المهدي يظهر الشر والفتن العظيمة مرة أخرى. وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً)) رواه الإمام أحمد بسند صحيح. قال الامام عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى: أمر المهدي معلوم، والأحاديث فيه مستفيضة بل متواترة متعاضدة وقد حكى غير واحد من أهل العلم تواترها، وتواترها تواتر معنوي لكثرة طرقها واختلاف مخارجها وصحابتها ورواتها وألفاظها، فهي بحق تدل على أن هذا الشخص الموعود به أمره ثابت وخروجه حق، وهو محمد بن عبدالله العلوي الحسني من ذرية الحسن بن علي رضي الله عنهم، وهذا الإمام من رحمة الله عز وجل بالأمة في آخر الزمان يخرج فيقيم العدل والحق ويمنع الظلم والجور وينشر الله به لواء الخير على الأمة عدلاً وهدايةً وتوفيقاً وإرشاداً للناس. انتهى.
    أيها المسلمون: من علامات الساعة الكبرى الدجال وما أدراكم ما الدجال منبع الكفر والضلال وينبوع الفتن والأوجال، ما من نبي إلا وحذر أمته الدجال بالنعوت الظاهرة وبالأوصاف الباهرة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر تحذيراً لأمته منه فأوضح للناس صفاته وأعماله حتى لاتخفى على ذي بصر.
    أيها الأحبة: ليس هناك فتنة ستمر على البشرية عبر تاريخها أعظم من فتنة الدجال، قال صلى الله عليه وسلم: ((ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال))، وفي رواية: ((أمر أكبر من الدجال)) رواه مسلم. .
    أيها الأحبة: وقبل خروج الدجال يكون للمسلمين شأن كبير وقوة عظيمة ثم يحصل صلح بين المسلمون والروم، ويغزون جميعاً عدواً مشتركاً، فينتصرون عليه ثم تثور الحرب بين المسلمين والصليبيين وتحصل بينهم ملحمة عظيمة، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث هول هذه المعركة وكيف يكون صبر المسلمين فيها، ثم يكون لهم النصر على أعدائهم، ويحصل فتح القسطنطينية، فتغنم غنائمها وبينما المسلمون يقتسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ بأن الدجال قد خرج. والذي يزيد من فتنة الدجال أن الله جل وعز يبتلي هذه الأمة قبيل خروجه بقحط وبلاء شديد، فعندما يظهر ويأتي بالخوارق ويدعي الألوهية يصدقه الناس ويفتنون به. عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((وَإِنَّ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ شِدَادٍ يُصِيبُ النَّاسَ فِيهَا جُوعٌ شَدِيدٌ، يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى أَنْ تَحْبِسَ ثُلُثَ مَطَرِهَا وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ السَّمَاءَ فِي الثَّانِيَةِ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ مَطَرِهَا، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ فَتَحْبِسُ مَطَرَهَا كُلَّهُ فَلَا تُقْطِرُ قَطْرَةً، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ نَبَاتَهَا كُلَّهُ فَلَا تُنْبِتُ خَضْرَاءَ، فَلَا تَبْقَى ذَاتُ ظِلْفٍ إِلَّا هَلَكَتْ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ قِيلَ فَمَا يُعِيشُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ قَالَ: التَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ، وَيُجْرَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مُجْرَى الطَّعَامِ)) رواه ابن ماجة وابن خزيمة والحاكم بسند صحيح.
    أيها المسلمون: لقد وصف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال بصفات دقيقة محددة فقال عنه أنه رجل جسيم، أحمر، جعد الرأس، قصير القامة، أقرب الناس به شبهاً عبدالعزى بن قطن من خزاعة، عقيم لا يولد له، أعور العين، ولقد ركز المصطفى صلى الله عليه وسلم على وصف عيني الدجال، وركز على عوره في غير ما حديث، لأن الدجال مهما تخلص من شئ من صفاته فإنه لايستطيع أن يتخلص من عينيه، فالعينان ظاهرتان بارزتان لكل أحد. قال ابن حجر: "لكون العور أثر محسوس يدركه العالم والعامي ومن لا يهتدي إلى الأدلة العقلية" [[ فتح الباري 13/961]

    عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، وأن بين عينيه مكتوب كافر)) رواه البخاري. وهذه صفة أخرى للدجال وهو أن الله تعالى مع ما أعطاه من قدرات إلا أنه فضحه بهذه الكتابة التي بين عينيه والتي لا يملك إزالتها، وسيقرأها كل مسلم أراد الله عصمته من الدجال وإن كان أمياً لايقرأ ولا يكتب. قال النووي رحمه الله: "إن هذه الكتابة على ظاهرها وأنها كتابة حقيقية جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطاله، ويظهرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته ولا امتناع في ذلك" [2] شرح النووي على مسلم 18/60 .
    .
    أيها المسلمون: إن مما يذهل عقول الناس فتنةً بهذا الرجل ما يعطيه الله من أمور منها: أنه يجول أقطار الأرض ويعطى سرعة فائقة في التنقل والتحرك فلا يترك بلداً إلا دخله إلا مكة والمدينة يقف على أنقابهما الملائكة يمنعانه من الدخول، وقد حمى الله تعالى مكة والمدينة من الدجال والطاعون ووكل حفظهما إلى ملائكته، فبعدما يمنع من الدخول كما قال صلى الله عليه وسلم: ((ينزل بالسبخة، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات، يخرج إليه منها كل كافر ومنافق)). وهذا يدل على وجود الكفار في المدينة في ذلك الوقت. قيل يا رسول الله: ((فأين العرب يومئذٍ؟ قال: هم يومئذٍ قليل)).
    وعندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سرعة تنقل الدجال قال: ((كالغيث استدبرته الريح)) رواه مسلم.
    وأيضاً مما يفتن به الدجال الخلق أن معه ما يشبه الجنة والنار، وواقع الأمر ليس كما يبدو للناس فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الذي يرونه ناراً إنما هو ماء بارد، وأن الذي يرونه ماءً بارداً إنما هو نار. وهذا يدل على أن الناس لايدركون ما مع الدجال حقيقة من شدة الفتنة وأن ما يرونه لايمثل الحقيقة بل يخالفها.
    أيها الأحبة: إن الشيطان قد وجد مبتغاه في الدجال، ولذا فهو يعينه ويتعاون معه لكن على الشر، لإضلال الناس زيادةً، ومن المعلوم أن الشياطين لاتخدم إلا من كان في غاية الإفك والضلال. روى ابن ماجة بسند صحيح عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك، أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم، فيتمثل له الشيطان في صورة أبيه وأمه، فيقولان: يا بني اتبعه، فإنه ربك)).
    أسأل الله تعالى أن يعصمني وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
    أقول قولي هذا. .


    وأما عن مكان خروج ومنهم اتباع الدجال وماذا يعطى من الخوارق وكيف تكون نهايته حديثنا في الجمعة القادمة ان شاء الله تعالى، فإنه أول ما يخرج كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم من المشرق من أرض خراسان من بلد أصبهان ومن حارةٍ يقال لها - اليهودية -، لكن ظهور أمره للمسلمين يكون عندما يصل إلى مكان بين العراق والشام، وعندما يظهر أمره فسيكون اليهود هم أول الناس فرحاً به، رغبة منهم في السيطرة على العالم عن طريقه. روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة)). والطيلسان ثوب يلبس على الكتف يحيط بالبدن خال من التفصيل والخياطة. وأيضاً يتبعه كثير من الأعراب لأن الجهل هو الغالب عليهم، وكذلك النساء فحالهنّ أشد من حال الأعراب، وذلك لسرعة تأثرهنّ وقلة عقلهنّ. ففي الحديث عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنها قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَنْزِلُ الدَّجَّالُ فِي هَذِهِ السَّبَخَةِ بِمَرِّقَنَاةَ فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ إِلَى حَمِيمِهِ وَإِلَى أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ فَيُوثِقُهَا رِبَاطًا مَخَافَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْه)). رواه الإمام أحمد بسند صحيح.
    سأل الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المدة التي يمكثها الدجال في الأرض إذا خرج فقالوا: وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ قَالَ: ((أَرْبَعُونَ يَوْمًا يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ: لا. اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ)) رواه مسلم. وهذا يدل على أن اليوم يطول حقيقة حتى يصبح اليوم الأول كسنة حقيقةً، واليوم الثاني كشهر، واليوم الثالث كأسبوع، وبقية الأربعين كأيامنا العادية وأولَ ما فكر فيه الصحابة في خضم هذه الفتنة الصلاة، يوم مفزع ومخيف وطويل ينسى فيه المرء أهله وأولاده بل حتى نفسه والصحابة أولَ ما يهمهم أمر الصلاة. ((يَا رَسُولَ اللَّهِ فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ قَالَ لَا اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ)).
    أيها المسلمون: وقد قدّر الله لهذه الفتنة مدة ثم تنتهي بقتل الدجال ويكون هلاكه على يد عيسى بن مريم عليه السلام عندما ينزل في آخر الزمان إلى الأرض، وقد عمّت الفتنة فيُنزل الله عيسى عليه السلام كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الخبر الصحيح عنه أنه ينزل على المنارة الشرقية بدمشق [1]، فيلتف حوله المؤمنون فيسير بهم قاصداً الدجال، ويكون الدجال وقت نزول عيسى عليه السلام متوجهاً نحو بيت المقدس معه جيوش اليهود فيلتقيان هناك، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح في الماء، فيقتله عيسى عليه السلام بحربة في يده ويريق دمه، فينهزم أتباعه، فيتبعهم المؤمنون، فيقتلونهم حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبدالله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود.
    وبقتله لعنه الله تنتهي هذه الفتنة العظيمة والتي يهلك ويسقط فيها كثير من هذه الأمة.
    أيها المسلمون: وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى ما يعصمها من فتنة الدجال، أولها الفرار منه وعدم إتيانه، ولو كان المرء واثقاً من نفسه فإنه لا يدري. عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن، فيتبعه مما يبعث به من الشبهات)) رواه مسلم. وسيعصم الله أقواماً بفرارهم إلى الجبال، ففي صحيح مسلم عن أم شريك قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليفرنّ الناس من الدجال في الجبال)).
    ومما يعصم المسلم من الدجال أن يلجأ إلى أحد الحرمين مكة أو المدينة، فإن الدجال محرم عليه دخولهما.
    ومما يعصم من الدجال ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من قراءة فواتح سورة الكهف وفي بعض الروايات خواتيمها، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّالِ)) رواه مسلم. قال بعض أهل العلم والحكمة في ذلك والله أعلم هو أن الله أخبر في طليعة هذه السورة أن الله أمّن أولئك الفتية من الجبار الطاغية الذي كان يريد اهلاكهم، فناسب أن من قرأ هذه الآيات وحاله كحالهم أن ينجيه الله كما أنجاهم، وما ذلك على الله بعزيز.
    ومما يعصم من الدجال التعوذ من فتنة الدجال وخاصة في الصلاة كما ورد بذلك الحديث الذي رواه الامام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ)).
    أيها الأحبة: إذا خرج الدجال فإن الناس سيفتنون به مع ما ورد من تحذيرات وتنبيهات من النبي صلى الله عليه وسلم ومع ما سمعوا عنه، والسبب هو قلة ورقة الدين والايمان في قلوبهم، إن واقع الناس التي نشاهدها اليوم، والله انها مخيفة، ولو أتاهم ما هو أقل من الدجال بكثير لفتنهم وأفسد عليهم دينهم وأخلاقهم، واكبر دليل هذه الدشوش التي تبث للناس الفساد وتعرض لهم العري والمنكرات وأكثر من ادخله بيته فتن به ولا يستطيع إخراجه نسأل الله تعالى السلامة والعافية.
    عباد الله صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه.........
     
  2. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    هذه الخطبة الثانية في اشراط الساعة الكبرى

    الخطبة الأولى


    أما بعد:

    بدأنا في الجمعة الماضية الحديث عن أشراط الساعة الكبرى، وانتهينا من الحديث عن المهدي والدجال.

    وأيضاً من أشراط الساعة الكبرى: نزول عيسى بن مريم عليه السلام في آخر الزمان. زعم اليهود أنهم قتلوا عيسى عليه السلام فصدّق النصارى هذه الدعوى ثم اتخذوه ديناً وعقيدةً، فعلقوا الصليب فأبطل القرآن زعمهم هذا وأنه لم يقتل بل رفعه الله إلى السماء، ورفعه إلى السماء كان ببدنه وروحه، وألقى جل وعلا الشبه على غيره قال الله تعالى: وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً ثم أشار الله تعالى إلى أنه سينزل في آخر الزمان فيبقى ما شاء الله له أن يبقى ثم يتوفاه الله فقال جل شأنه: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته، ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا . هذا بالنسبة للقرآن، وأما في خبر النبي صلى الله عليه وسلم فقد ذكر المصطفى عليه السلام أموراً تفصيلية وذلك أن الله جل وعز يجعل من نزول عيسى عليه السلام رحمة بالأمة وتفريج لكربتها وذلك أنه عندما تشتد فتنة الدجال ويضيق الأمر بالمؤمنين في ذلك الزمان ينزل الله عبده ورسوله عيسى عليه السلام ويكون نزوله عند المنارة البيضاء شرقي دمشق كما ورد بذلك الخبر عليه مهرودتان – أي ثوبين مصبوغين بورس ثم زعفران – واضعاً كفيه على أجنحة ملكين. قال ابن كثير: وليس بدمشق منارة تعرف بالشرقية سوى التي إلى جانب الجامع الأموي بدمشق من شرقيه.

    وهو رجل مربوع القامة ليس بالطويل ولا بالقصير يميل إلى الحمرة والبياض، جعد الجسم، عريض الصدر، سبط الشعر كأن رأسه يقطر ولم يصبه بلل، أقرب الناس به شبهاً عروة بن مسعود الثقفي. ويكون نزوله على الطائفة المنصورة التي تقاتل على الحق ويكونون في حال إعداد لحرب الدجال، فيحين وقت الصلاة، وتكون صلاة الفجر فيصطف المقاتلون المسلمون ليصلوا، فينزل عيسى ويعرفه الإمام فيرجع، ويطلب منه أن يتقدمهم ويؤمهم، فيأبى فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له: تقدم فصلّ فإنها لك أقيمت، فيصلي بهم إمامهم ويصلي عيسى عليه السلام خلفه، وهذا فخر لهذه الأمة وأي فخر أن يصلي نبيّ خلف رجل صالح من هذه الأمة، وأول عمل يقوم به عيسى عليه السلام هو مواجهة الدجال، فبعد نزوله يتوجه إلى بيت المقدس حيث يكون الدجال محاصراً للمسلمين فيأمرهم عيسى بفتح الباب فإذا انصرف قال عيسى: افتحوا الباب فيفتحون ويكون الدجال وراءه، معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء، وينطلق هارباً فيتبعه عيسى عليه السلام فيدركه عند باب لد الشرقي كما في الحديث فيقتله، ويريهم دمه في حربته، فيهزم الله اليهود.

    والسر في ذوبان الدجال إذا رأى عيسى عليه السلام هو أن الله أعطى لنَفَسِ عيسى رائحة خاصة إذا وجدها الكافر مات ففي صحيح مسلم عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل قال فيه: ((فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسه إلا مات)). ولو تركه عيسى لمات لوحده من رائحة النَفَس، لكن عيسى لا يتركه يموت لوحده بل يقتله بيده لإنهاء أسطورة هذا المخلوق وفتنته، فإن الناس إذا شاهدوا قتله وموته استيقنوا أنه عبد ضعيف مغلوب على أمره، وأن دعواه كانت زوراً وكذباً.

    وبعد إهلاك الله للدجال على يد عيسى عليه السلام، يشاء من هو على كل شئ قدير، الذي له الحكمة البالغة ولا يُسأل جل وتعالى عما يفعل أن يخرج يأجوج ومأجوج، ولنا معهم حديث مستقل، لكن من مهام عيسى عليه السلام بنزوله إلى الأرض القضاء أيضاً على فتنة يأجوج ومأجوج، وبعدها يتفرغ عليه السلام للمهمة الكبرى التي أنزل من أجلها، وهي تحكيم شريعة الله الاسلام وإخضاع الناس لشريعة رب العالمين والقضاء على المبادئ الضالة والأديان المنحرفة والتي نخرت بجسد الأمة ردحاً من الزمن، روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم بن مريم حكماً عدلاً، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الحرب)) – وفي رواية عند مسلم: ((وليضعن الجزية – ويفيض المال حتى لايقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها)) فكسره عليه السلام للصليب دليل على علو النصرانية المحرفة في ذلك الوقت وانتشارها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام)). وأما عن وضع الجزية فليس معناه كما قد يتبادر للذهن لأول وهلة أنه أسقط الجزية عن أهل الكتاب أو أنه قد تغيّر شيئاً في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، لكن معناه أنه لايقبل من اليهود والنصارى الجزية فإما الاسلام وإما القتل. قال ابن كثير رحمه الله: وفي سنة إحدى وأربعين وسبعمائة جدد المسلمون منارة من حجارة بيض وكان بناؤها من أموال النصارى الذي حرقوا المنارة التي كانت مكانها، ولعل هذا يكون من دلائل النبوة الظاهرة حيث قيض الله بناء هذه المنارة من أموال النصارى لينزل عيسى بن مريم عليها، فيقتل الخنزير ويكسر الصليب، ولا يقبل منهم جزية، ولكن من أسلم وإلا قتل وكذلك غيرهم من الكفار.

    أيها المسلمون: ويبقى عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم بعد نزوله أربعين سنة يحكم فيها بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، ويكون من أتباع النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لاينزل بشرع جديد، لأن دين الاسلام خاتم الأديان باقٍ إلى قيام الساعة لاينسخ، فيكون عيسى عليه السلام حاكماً من حكام هذه الأمة ومجدداً لأمر الإسلام، ولا يكون نزوله على أنه نبيّ، فلا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وحيث قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي)). بل يقيم الإسلام في الناس ويصلي إلى الكعبة ويحج ويعتمر.

    أيها المسلمون: ويُنعم الله فيها على البشرية وقت حكم عيسى عليه السلام برخاء وأمن وسلام عجيب لم يمر البشرية بمثلها، اسمع لهذا الحديث العجيب قال صلى الله عليه وسلم: ((فيكون عيسى ابن مريم فى أمتى حكماً عدلاً، وإماماً مقسطاً يدق الصليب ويذبح الخنزير، ويضع الجزية، ويترك الصدقة، فلا يسعى على شاة ولا بعير، وترفع الشحناء والتباغض، وتُنزَع حُمَةُ كلِّ ذات حمة، حتى يُدخل الوليد يده فى الحية، فلا تضره، وتضر الوليدة الأسد فلا يضرها، ويكون الذئب فى الغنم كأنه كلبها، وتملأ الارض من السلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة، فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها، وتسلب قريش ملكها، وتكون الأرض كفاثور الفضة، تنبت نباتها بعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم، ويجتمع النفر على الرمانه فتشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بالدريهمات)). قال النووي رحمه الله: فيزهد الناس في الإبل ولا يرغب في اقتنائها أحد لكثرة الأموال وقلة الآمال وعدم الحاجة والعلم بقرب قيام الساعة. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء فى القطر، ويؤذن للأرض فى النبات حتى لو بذرت حبك على الصفا لنبت. وحتى يمر الرجل على الأسد فلا يضره، ويطأ على الحية فلا تضره. ولا تشاحّ، ولا تحاسد ولا تباغض)). وعند الامام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فيهلك الله في زمانه – أي في زمان عيسى عليه السلام - المسيح الدجال وتقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم)).

    أيها المحب: ولعلك تتسائل، عن اختيار عيسى عليه السلام دون غيره من الأنبياء لينزل إلى الأرض؟ الجواب: هو أن العلماء تلمسوا بعض الحكم في ذلك: منها: إبطال زعم اليهود بقتله، فينزله الله تعالى في آخر الزمان فيقتلهم ويقتل رئيسهم الدجال. ومنها: إبطال كذب النصارى في أنه صُلب فينزله الله تعالى في آخر الزمان، فيكسر صليب النصارى ويقتل الخنزير، ليتبين عدم صحة هذه الديانة التي تكتسح البشرية اليوم، وأنها ديانة باطلة محرفة لايقبلها الله ومن مات عليها كان من أهل النار، من مات على النصرانية فهو من أهل النار، قال الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الضَّالُّونَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوْ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ .

    ومن الحكم: أن عيسى مخلوق من البشر وهو ما يزال حياً، وليس لمخلوق من التراب أن يموت ويدفن في غيرها، فعند دنو أجله ينزله الله تعالى ليدفن في الأرض. وهناك حكم أخرى والله أعلم بالصواب.

    قال الامام عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى: قد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة على أن عيسى بن مريم عبدالله عليه الصلاة والسلام رفع إلى السماء بجسده الشريف وروحه، وأنه لم يمت ولم يقتل، ولم يصلب، وأنه ينزل آخر الزمان فيقتل الدجال ويكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام وثبت أن ذلك النزول من أشراط الساعة. انتهى.

    فنسأل الله تعالى العصمة من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله. . .



    --------------------------------------------------------------------------------

    الخطبة الثانية



    أما بعد:

    ومن أشراط الساعة الكبرى والتي قد سبق الإشارة إليها خروج يأجوج ومأجوج. ويأجوج ومأجوج أمتان كثيرتا العدد لايحصيهم إلا الله وهما من ذرية آدم عليه السلام رجال أقوياء لاطاقة لأحد بقتالهم جاء في وصفهم أنهم صغار العيون عراض الوجوه شهب الشعور. وهم موجودون الآن، والذي يمنع من خروجهم ذلك السد الذي يحبسهم، السد الذي أقامه الملك الصالح ذو القرنين ليحجز بين يأجوج ومأجوج، القوم المفسدون وبين الناس، ولا يُعرف مكان هذا السد بالتحديد لكنه جهة المشرق لقوله تعالى: حتى إذا بلغ مطلع الشمس فإذا جاء الوقت المعلوم واقتربت الساعة اندك السد وخرج هؤلاء بسرعة عظيمة وجمع غفير كبير لايقف أمامهم أحد من البشر فماجوا في الناس وعاثوا في الأرض فساداً، وهذا علامةٌ على قرب النفخ في الصور وخراب الدنيا وقيام الساعة. وقد اختار الله أن يكون خروجهم بعد نزول عيسى عليه الاسلام وقتله للدجال. قص الله علينا خبرهم في سورة الكهف، وذلك أن ذا القرنين في تطوافه في الأرض بلغ السدين فوجد من دونهما قوماً لايكادون يفقهون قولا، فاشتكوا له الضرر الذي يلحق بهم من يأجوج ومأجوج وطلبوا منه أن يقيم بينهم وبين هؤلاء سداً يمنع عنهم فسادهم فاستجاب لطلبهم حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا قَالُوا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا .

    أخبر الله تعالى أن السد الذي أقامه ذو القرنين مانعهم من الخروج فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا وأخبر أن ذلك مستمر إلى آخر الزمان عندما يأتي وعد الله ويأذن لهم بالخروج وعند ذلك يُدك السد ويخرجون على الناس فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا وعند ذلك يخرجون أفواجاً أفواجاً كموج البحر (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا ). أيها المسلمون: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن في زمنه فتح من السد مقدار حلقة صغيرة، ففي البخاري عن زينب بنت جحش رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوماً فزعاً وهو يقول: ((لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بأصبعيه: الإبهام والتي تليها، قالت زينب: فقلت يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث)). ومنذ ذلك اليوم وهم يحفرون كل يوم ليخرجوا فإذا انتهى اليوم وذهبوا رجعوا في الغد أعاده الله تعالى كأشد ما كان، وهكذا حتى إذا بلغوا مدتهم وأراد الله تعالى أن يخرجهم على الناس اندك السد وخرجوا.

    أيها الأحبة: يبتلي الله جل وتعالى هذه الأمة في آخر الزمان بهؤلاء البشر، وليسوا كالبشر في فعالهم يأكلون الأخضر واليابس يمر أوائلهم على بحيرة طبرية وهي بحيرة كبيرة في فلسطين، ماؤها عذب، فيشربون ماءها كلها، وعندما يصل أواخرهم للبحيرة يقولون: لقد كان بهذه مرة ماء. ويغشون الأرض كله فيعيثون فساداً فينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم تفادياً لشرهم ومعهم مواشيهم حتى إذا لم يبق من الناس إلا أحد في حصن أو مدينة يقول قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم بقي أهل السماء، قال: ثم يهز أحدهم حربته ثم يرمي بها إلى السماء فترجع مخضبة دماً، للبلاء والفتنة، فيذهب الناس إلى عيسى عليه السلام لعله يخلصهم منهم فلا يملك إلا الدعاء فيدعو الله تعالى فيبعث الله عليهم النغف في رقابهم، وهو الدود الذي يكون في أنوف الإبل والغنم فيهلكهم الله بهذا الدود موتة نفس واحدة في الحال، فيصبحون موتى لايُسمع لهم حس فيقول المسلمون: ألا رجل يشري نفسه فيخرج لينظر ما فعل هذا العدو فيتجرد واحداً منهم محتسباً فيخرج وهو جازم أنه مقتول، فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض فينادي: يامعشر المسلمين: ألا أبشروا فإن الله قد كفاكم عدوكم فيخرجون من مدنهم وحصونهم ويسرّحون مواشيهم فما يكون لها رعيٌ إلا لحوم هؤلاء الموتى، ولا يبقى في الأرض شبر إلا وأصابه من نتنهم وجيفهم، فيدعو عيسى عليه السلام مرة أخرى فيرسل الله طيراً كأعناق البخت تحملهم وتقذف بأجسامهم في البحر ثم يرسل الله مطراً فيغسل الأرض ما أصابها منهم حتى يتركها كالمرآة.

    قال الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله: يأجوج ومأجوج من بني آدم ويخرجون في آخر الزمان وهم في جهة الشرق، وكان الترك منهم فتُركوا دون السد، وبقي يأجوج ومأجوج وراء السد والأتراك كانوا خارج السد. ويأجوج ومأجوج من الشعوب الشرقية – الشرق الأقصى – وهم يخرجون في آخر الزمان من الصين الشعبية وما حولها بعد خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام لأنهم تُركوا هناك حين بنى ذو القرنين السد وصاروا من ورائه من الداخل وصار الأتراك والتتر من الخارج، والله جل وعلا إذا شاء خروجهم على الناس خرجوا من محلهم وانتشروا في الأرض وعثوا فيها فساداً ثم يرسل الله عليهم نَغفاً في رقابهم، فيموتون موتة نفس واحدة في الحال كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتحصن منهم نبي الله عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم والمسلمون لأن خروجهم في وقت عيسى بعد خروج الدجال. انتهى(مجموع فتاوى الشيخ)


    عباد الله صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه
     
  3. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    بسم الله الرحمن الرحيم
    ان الحمد لله نحمده ونستعينه .....
    ونواصل احبتي هذه السلسلة المباركة من اشراط الساعة الكبرى
    ونذكر في هذه الجمعة خراب الكعبة على يد ذو السويقتين والخسوفات الثلاث والدابة والنار التي تخرج من قعر عدن وطلوع الشمس من المغرب وحاولت الاختصار

    خراب الكعبة على يد ذو السويقتين من الحبشة .
    ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في الفتن والملاحم عن الإمام أحمد رحمه الله بسنده إلى عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال :- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :- (يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة , ويسلبها حليها , ويجردها من كسوتها , ولكأني أنظر إليه أصيلعاً أفيدعاً , يضرب عليها بمساحيه ومعوله) وهذا إسناد جيد قوي .
    (1) به فدع : وهو اعوجاج المفاصل

    وساق أبو داود في "النهي عن تهييج الحبشة" يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : (اتركوا الحبشة ما تركوكم , فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة .
    وساق الإمام أحمد رحمه الله بسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (كأني أنظر إليه أسود أفحج , ينقضها حجراً حجراً يعني الكعبة ) . تفرد به البخاري .
    من به فحج : وهو تداني صدور القدمين وتباعد العقبين .

    وذكر العلامة البرزنجي رحمه الله في الإشاعة , حديث أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ذو السويقتين من الحبشة يخرب بيت الله) رواه مسلم في الفتن .
    وأخرج الأزرقي عن ابن عمرو رضي الله عنهما قال : (يجيش البحر بمن فيه من السودان , ثم يسيلون سيل النمل حتى ينتهوا إلى الكعبة فيخربونها , والذي نفسي إني لأنظر إلى صفته في كتاب الله تعالى أفيحج أصيلع أفيدع , قائماً يهدمها بمسحاته .
    وأخرج الحاكم عن الحارث بن سويد قال : سمعت علياً رضي الله عنه يقول : (حجوا قبل أن لا تحجوا , فكأني أنظر إلى حبشي أصلع وأفدع , بيده معوله يهدمها حجراً حجراً , فقلت له : شيءٌ تقول برأيك أو سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة , ولكني سمعته من نبيكم ) .


    وفي غريب الحديث عن علي رضي الله عنه من طريق أبي العالية قال : ( استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه , فكأني برجل من الحبشة أصلع , أو قال أصمع , أحمش الساقين , قاعد عليها وهي تهدم ) . وفي رواية أصعل .
    السويقتان : تصغير الساقين , أي : دقيق الساقين كما هو غالب سوق الحبشة .
    والافيدع من في يديه اعوجاج .
    الأصعل : الصغير الرأس . الأصمع : الصغير الأذنين . وقيل الكبير الأذن . والأفحج : المتباعد الفخذين .
    وأورد العلامة حمود التويجري رحمه الله في إتحاف الجماعة رواية للإمام أحمد رحمه الله بقوله صلى الله عليه وسلم (في آخر الزمان يظهر ذو السويقتين على الكعبة (قال حسبت أنه قال) فيهدمها) إسناده صحيح على شرط الشيخين . وأورد أيضاً حديثي عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما التاليين :
    عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما (أنه قال اخرجوا ياأهل مكة قبل إحدى الصيلمين . قيل وما الصيلمان؟ قال : ريح سوداء تحشر الذرة والجعل , قيل فما الأخرى , قال : يجيش البحر بمن فيه من السودان , ثم يسيلون سيل النمل , حتى ينتهوا إلى الكعبة , فيخربونها , والذي نفس عبدالله بيده , إني لأنظر إلى صفته في كتاب الله : أفيحج , أصيلع , قائماً يهدمها بمسحاته . قيل له : فأي المنازل يومئذ أمثل؟ قال : الشعف (يعني رؤوس الجبال) رواه الأزرقي في تاريخ مكة ورجاله رجال الصحيح .
    قال ابن الأثير في (النهاية) (الصيلم) : الداهية , والياء زائدة .
    وعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أيضاً أنه قال : ( إن من آخر أمر الكعبة أن الحبش يغزون البيت , فيتوجه المسلمون نحوهم , فيبعث الله عليهم ريحاً إثرها شرقية , فلا يدع الله عبداً في قلبه مثقال ذرة من تقى إلا قبضته , حتى إذا فرغوا من خيارهم , بقي عجاج من الناس , لا يأمرون بمعروف , ولا ينهون عن منكر , وعمد كل حي إلى ما كان يعبد آباؤهم من الأوثان , فيعبده , حتى يتسافدوا في
    الطرق كما تتسافد البهائم , فتقوم عليهم الساعة , فمن أنبأك عن شيء بعد هذا , فلا علم له) رواه الحاكم في (مستدركه) وقال : (صحيح الإسناد على شرطهما موقوفاً) ووافقه الذهبي في تلخيصه .

    وذكر العلامة البرزنجي رحمه الله في الإشاعة الاختلاف في وقت هدم الكعبة , هل هو في زمن عيسى عليه السلام , أو عند قيام الساعة , حين لا يبقى أحد يقول : الله الله .
    فعن كعب رضي الله عنه أن هدم الكعبة في زمن عيسى عليه السلام وأن الصريخ يأتي عيسى عليه السلام بذلك , فيبعث إليه طائفة ما بين الثمانية إلى التسعة . وقيل هدمها في زمانه وبعد هلاك يأجوج ومأجوج , يحج الناس ويعتمرون كما ثبت , ولا ينافيه ما ورد (لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت) وفي لفظ (استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يرفع , فقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة) وقيل هدمها بعد الآيات كلها قرب قيام الساعة حتى ينقطع الحج ولا يبقى من يقول الله الله , ويؤيد هذا أن زمن عيسى كله سلم وخير وبركة وأمن , وأنها قبلة المسلمين , والحج إليها أحد أركان الإسلام , فينبغي أن تبقى ببقاء المسلمين , وأنها تهدم مع رفع القرآن ..
    ومنها ثلاثة خسوف , خسف بالمشرق , وخسف بالشام , وخسف بجزيرة العرب تكون عند مبايعة المهدي والله أعلم .
    خروج الدآبة من مكة قيل زمن عيسى عليه السلام تسم الناس ما بين مسلم وكافر .
    ومنهانار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى محشرهم بالشام .
    وكذلك هدم الكعبة على يد ذوالسويقتين الحبشي وريح تقبض أرواح المؤمنين ورفع القرآن الكريم , وترك أهل المدينة المدينة للذئاب والكلاب يتركونها على أحسن ماكانت وقت الرطب فلا يبقى بها أحد وتأتي السباع على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ناهي لها عن فعلها , وعمارة بيت المقدس خراب للمدينة النبوية كما ورد بذلك الخبر عنه صلى الله عليه وسلم , ولا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق الذين يتسافدون كما تتسافد البهائم في الطرقات بعد طلوع الشمس من مغربها ولا منكر عليهم أبداً لعدم وجود المؤمنين حينئذ .
    اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم احفظنا بحفظك وارحمنا وأنت خير الراحمين .
    اقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم

    الخطبة الثانية
    الحمد لله وحده .........
    ومن علامات الساعة
    طلوع الشمس من مغربها

    أول الايآت ظهورا ( اخرج مسلم واحمد وأهل السنن عن حذيفة بن أسيد إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (( لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة وخروج يأجوج ومأجوج وخروج عيسى بن مريم والدجال وثلاثة خسوف خسفا بالمغرب وخسفا بالمشرق وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس أو تحشر الناس تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا ))
    لاينفع إيمانا مع طلوع الشمس من مغربها
    قال تعالى { هل ينظرون إلا إن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في أيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون } سورة الإنعام 158
    إغلاق باب التوبة بعد طلوع الشمس من مغربها
    اخرج احمد والترمذي عن صفوان بن عسال رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله علية وسلم قال (( إن الله فتح بابا قبل المغرب عرضة سبعون أو أربعون ذراعا لتوبة لا تغلق حتى تطلع الشمس ))
    كيف تطلع الشمس من مغربها
    اخرج البخاري ومسلم واحمد بن أبي ذر رضي الله عنة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس (( أتدري أين تذهب ؟ قلت الله ورسوله أعلم : قال ( فأنها تذهب حتى تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها فيقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم }
    من هم أول الناس معرفة بطلوعها
    انه لا يزال في المسلمين بحمد الله من يقوم الليل عابدا حتى تطلع الشمس من مغربها وهولاء هم أول الناس معرفة بطلوعها من مغربها وذلك إن الليلة التي تسبق ذلك ستطول طولا شديد حتى يفزع الناس لعدم شروقها في الصباح كما اعتادوا ذلك كل ليلة . قال الحافظ ابن مردوية عن عبدالله بن أبي أوفي عن النبي صلى الله عليه وسلم (( ليأتين على الناس ليلة تعدل ثلاث ليال من لياليكم هذه فإذا كان ذلك عرفها المتنفلون يقوم احدهم فيقرا حزبه ثم ينام ثم يقوم فيقرا حزبه ثم ينام فبينما هم كذلك صاح الناس بعضهم في بعض فقالوا ماهذا فيفزعون إلى المساجد فإذا هم بالشمس قد طلعت حتى صارت في وسط السماء رجعت وطلعت من مطلعها قال فحينئذ لا ينفع نفسا إيمانها )

    عباد الله صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه
     
  4. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    وبعد هذه الأحداث العظيمة يكون الدمار الشامل لهذا الكون السموات والأرضين والجبال والبحار الكل يتغير الكل ينتهي ولكن قبل ان اتكلم عن هذه اسمحوا لي ان ابدأبما سيحدث لي ولك ونواصل إلى ان يستقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار
     
  5. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    اما الآن فسنبدأ احبتي الحديث مع سلسلة جديدة وهي رحلتي ورحلتك الى الدار الآخرة
    --------------------------------------
    وباية هذه الرحلة المهولة الموت
    ---------------------
    الحمدلله رب العالمين.....................
    أما بعد:
    أيها الأخوة المؤمنون: اتقوا الله واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، اتقوا يوما تأتي كل نفس تجادل عن نفسها، وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون.
    فقد انتهينا في الجمعة الماضية عن الحديث عما يسره الله تعالى عن اشراط الساعة وقبل ان نتحدث عن دمار العالم اسمحوا لي ان نبدأ الحديث عن رحلتي ورحلتك الى الدار الآخرة

    عباد الله: إن الله جلت قدرته وتعالت أسماءه، أوجدنا في هذه الحياة من عدم هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكوراً . أوجدنا في هذه الدنيا لا للدوام والبقى، ولكن للموت وما بعد الموت كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون .
    حكم المنية في البرية ساري ما هـذه الدنيـا بدار قـرار
    بينا يرى الإنسان فيها سائراً حتى يكون خبرا من الأخبار
    كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام .
    يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أكثروا من ذكر هادم اللذات الموت)). وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: ((يا أيها الناس، اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه)).
    أيها المسلمون: عباد الله: إن الموت مما ينبغي الإستعداد له واستشعار قربه، فإنه أقرب غائب ينتظر، وما يدري الإنسان لعله لم يبق من عمره إلا اليسير، وهو مقبل على دنياه، ومعرض عن آخرته.
    تؤمل في الدنيا طويلا ولا تدري إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
    فكم من صحيح مات من غير علة وكم من مريض عاش دهرا إلى دهر
    الموت بـاب وكل الناس داخلـه فليت شعري بعد المـوت ما الـدار
    الـدار جنـة عـدن إن عملـت بما يرضي الإلـه وإن فرطت فالنار
    هما مصيران ما للمرء غيرهمـا فانظـر لنفسـك ماذا أنت تختــار
    ولو لم يكن بين يدي الموت كرب ولا هول سوى سكرات الموت لكان جديرا للإنسان أن يتعظ ويتكدر عليه سروره ويفارقه سهوه وغفلته، والعجب كل العجب أن الإنسان لو كان في أعظم اللذات وأطيب المجالس التي يأنس بها مع أولاده وأصدقائه وأقرباءه، وأخبر أن داعيا سوف يحضر ويدعوه إلى أمر من الأمور، لتنكد وتكدر عليه مجلسه، وفسد عليه عيشه، وهو في كل لحظة بصدد أن يدخل عليه ذلك الداعي، فكيف به إذا أيقن أن ملك الموت سوف يدخل عليه في أية لحظة بسكرات النزع، وهو عنه في سهو وغفلة، وما لذلك سبب إلا الجهل والغرور واشتغال القلب بالدنيا.
    فليس للموت يا عباد الله وقت معلوم عند الناس فيخاف في ذلك الوقت ويأمن منه في سائر الأوقات، فليس يأتي في الشتاء دون الصيف، ولا يأتي في الليل دون النهار، ولا يأتي بعد عمر الخمسين فيأمنه من هو دون ذلك، وليس له علة دون علة كالحمى وغيرها، فيأمنه من لم يصبه ذلك. فحق على العالم بأمر الله عز وجل و وهو يعلم أن الله انفرد بعلم ذلك الوقت وعليه فينبغي أن لا يأمنه في وقت من الأوقات، وأن يكون مستعدا له أتم الاستعداد.
    فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكيس من الناس من هم، فقال: ((أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم له استعدادا)).
    أيها الأخوة المسلمون: إن ذكر الموت لا بد أن يكون مع تفكر قلب فارغ عن الشهوات، واستحضار لحاله عند الموت وأهواله، وشدائده وسكراته، ولا بد من تفكر في شدة النزع والألم الذي يعانيه عند خروج الروح من البدن، أعاننا الله وإياكم وجميع المسلمين على ذلك، حتى قالوا إن خروج الروح من البدن أشد من الضرب بالسيف، ونشر المناشير، وقرض المقاريض، لأنه يهجم على الإنسان ويستغرق جميع أجزائه من كل عرق من العروق، وعصب من الأعصاب، وجزء من الأجزاء، ومفصل من المفاصل، ومن أصل كل شعره، من المفرق إلى القدم، ليستل الروح منها.
    فلا تسأل عن كربه وألمه فإنما يصيح المضروب ويستغيث لبقاء قوته. وأما الميت عند موته فإنه ينقطع صوته من شدة ألمه، لأن الكرب قد بلغ فيه، وغلب على قلبه، وعلى كل موضع فيه، وضعفت كل جارحة فيه، فلم يبق فيه قوة لاستغاثة، أما العقل فقد غشيه وشوشة، وأما اللسان فقد حجزه الحال وأبكمه، والأطراف فقد ضعفها وخدرها.
    فإن بقيت فيه قوة، سمعت له عند نزع الروح وجذبها غرغرة من حلقه وصدره، وقد تغير لونه، وأربد وجهه، حتى كأنه ظهر من التراب الذي هو أصله. وقد جذب منه كل عرق على حدته، فالألم منتشر في داخله وخارجه، حتى ترتفع الحدقتان إلى أعلى أجفانه، وتتقلص الشفتان ويتقلص اللسان، فلا تسأل عن بدن يجذب منه كل عرق من عروقه، ثم يموت كل عضو من أعضائه تدريجيا، فأول ما يبرد قدماه، ثم ساقاه، ثم فخداه، حتى تبلغ الحلقوم، فعند ذلك ينقطع نظره إلى الدنيا وأهلها، ويغلق دونه باب التوبة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقبل التوبة من العبد ما لم يغرغر)).
    وأما ما يستحب من الأحوال عند المحتضر، فأن يكون قلبه يحسن الظن بالله تعالى، ولسانه ينطق بالشهادة، ويستحب تلقينه لا إله إلا الله كما جاء في الحديث الصحيح من رواية مسلم: ((لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)).
    وينبغي للملقن أن يرفق به، ولا يلح عليه وأن يبشر بالجنة، لأنه في ذلك الموضع يا عباد الله يتحير الرجال والنساء، وأن إبليس عدو الله أقرب ما يكون من العبد في ذلك الموطن، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل وهو يموت فقال: ((كيف تجدك؟ قال: أرجوا الله وأخاف ذنوبي، فقال: ما اجتمعا في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله الذي يرجوا، وأمنه من الذي يخاف)).
    إلى كم ذا التراضي والتمادي وحادي الموت بالأرواح حادي
    فلو كنـا جمـادا لاتعظنـا ولكنــا أشـد مـن الجمـاد
    تنـادينا المنيـة كـل وقت وما نصغي إلى قول المنـادي
    وأنفاس النفوس إلى انتقاص ولكن الذنـوب إلـى ازديـاد
    روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل))، وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، واذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك، ومن حياتك لموتك.
    اللهم اختم لنا بخاتمة السعادة.
    واجعلنا ممن كتبت لهم الحسنى وزيادة.
    واغفر اللهم لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين يا أرحم الراحمين.
    واستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.



    الخطبة الثانية
    الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين.
    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نرجوا بها النجاة يوم نلقاه، يوم يبعثر ما في القبور ويحصل مافي الصدور.
    وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه وعلى من تبعه واقتفى أثره ودعى بدعوته إلى يوم الدين.
    أما بعد:
    عباد الله: اتقوا الله، اتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من الأسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أن أجسادكم على النار لاتقوى، وأن ملك الموت قد تخطاكم الي غيركم، وسيتخطى غيركم إليكم، فخذوا حذركم، ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني))، ((إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع جماعة المسلمين، ومن شذ عنهم شذ في النار)).
    أما بعد:


    فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار, فانتهينا إلى القبر ولما يلحد, فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة, وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت في الأرض، فجعل ينظر إلى السماء وينظر إلى الأرض وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثاً،
    فقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر» مرتين أو ثلاثاً،
    ثم قال: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ثلاثاً»،
    ثم قال: «إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه, كأن وجوههم الشمس ومعهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة, حتى يجلسوا منه مد البصر, ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة - وفي رواية المطمئنة - اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان,
    قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من السقاء, فيأخذها - وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء, وفتحت له أبواب السماء, ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم - فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن, وفي ذلك الحنوط - فذلك قوله تعالى: }توفته رسلنا وهم لا يفرطون{ [الانعام :61] ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض,
    قال: فيصعدون بها فلا يمرون - يعني - بها على ملك من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا, حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي به إلى السماء السابعة, فيقول الله عز وجل:
    اكتبوا كتاب عبدي في عليين, }وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون{[المطففون :19]
    فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال: أعيدوه إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فيرد إلى الأرض وتعاد روحه في جسده، قال: فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه مدبرين فيأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان له من ربك؟
    فيقول: ربي الله, فيقولان له ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام, فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم, فيقولان له: وما أعلمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت, فينتهره فيقول: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن, فذلك حين يقول الله عز وجل: }يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا{ [إبراهيم :27]
    فيقول: ربي الله وديني الإسلام ونبي محمد صلى الله عليه وسلم.
    فينادي مناد في السماء, أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة, وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة,
    قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره, قال: ويأتيه - وفي رواية: يمثل له - رجل حسن الوجه حسن الثياب, طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك أبشر برضوان من الله, وجنات فيها نعيم مقيم هذا يومك الذي كنت توعده, فيقول له: وأنت فبشرك الله بخير, من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير, فيقول: أنا عملك الصالح, فو الله ما علمتك إلا كنت سريعاً في إطاعة الله, بطيئاً في معصية الله, فجزاك الله خيراً ثم يفتح له باب من الجنة وباب من النار فيقال: هذا منزلك لو عصيت الله, أبدلك الله به هذا! فإذا رأى ما في الجنة قال: رب عجل قيام الساعة, كيما أرجع إلى أهلي ومالي, فيقال له: اسكن.
    قال: وإن العبد الكافر - وفي رواية الفاجر - إذا كان في انقطاع من الدنيا, وإقبال من الآخرة, نزل إليه من السماء ملائكة غلاظ شداد, سود الوجوه, معهم المسوح من النار, فيجلسون منه مد البصر, ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه, فيقول: أيتها النفس الخبيثة, اخرجي إلى سخط من الله وغضب, قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود - الكثير الشعب - من الصوف المبلول فتقطع معها العروق والعصب, فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء, وتغلق أبواب السماء, ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن لا تعرج روحه من قبلهم ,فيأخذها, فإذا أخذها, لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح, ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض, فيصعدون بها, فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا, حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له, ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
    }لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط{ [الأعراف: 40]
    فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين, في الأرض السفلى, ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم, ومنها أخرجهم تارة أخرى - فتطرح روحه من السماء طرحاً حتى تقع في جسده ثم قرأ:
    }ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق{ [الحج: 31]
    فتعاد روحه في جسده قال: فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه.
    ويأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه ويجلسانه فيقولان له من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري, فيقولان له ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري, فيقولان: فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فلا يهتدي لاسمه, فيقال: محمد! فيقول: هاه هاه لا أدري, سمعت الناس يقولون ذاك! فيقال: لا دريت ولا تلوت, فينادي مناد من السماء أن كذب, فأفرشوا له من النار وافتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها, ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه ويأتيه- وفي رواية: ويمثل له - رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوؤك, هذا يومك الذي كنت توعد, فيقول: وأنت فبشرك الله بالشر, من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر, فيقول: أنا عملك الخبيث. فو الله ما علمت إلا كنت بطيئاً عن طاعة الله, سريعاً إلى معصية الله, فجزاك الله شراً ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة لو ضرب بها جبلاً كان تراباً, فيضربه ضربة حتى يصير بها تراباً ثم يعيده الله كما كان, فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين ثم يفتح له باب من النار ويمهد من فرش النار فيقول رب لا تقم الساعة». تم الحديث بطوله أخرجه أبو داود والحاكم والطيالسي والآجري وأحمد والسياق له.
    اللهم احسن لنا الختام واجعل آخر كلامن من الدنيا شهادة ان لا اله إلا الله وان محمد رسول الله
    صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه

     
  6. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    احبتي هذه الخطبة الثانية في رحلتي ورحلتك الى الدار الآخرة وهي دار البرزخ القبر وما ادراك مالقبر

    الخطبة الأولى
    الحمد لله وحده........................

    احبتي في الله كنا في الجمعة الماضية مع اصعب اللحظات في هذه الحياة وهي لحظات الانتقال من هذه الدنيا وفراقها وفراق كل حبيب وعزيز لحظات بعدها يكونون الأبناء في عداد الايتام والزوجة في عداد الأرامل وانت في عداد الأموات
    وفي هذه الجمعة نتحدث عن القبر

    قال تعالى: حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون [المؤمنون:99-100].

    هذه قولة الكافر عند الاحتضار ثم ما يقوله في قبره في لهفة أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، يقول قتادة رحمه الله: إن الكافر لن يطلب أن يعود إلى مال أو أهل أو ولد إنما يتمنى أن يرجع إلى الدنيا حتى يعمل صالحا، فرحم الله امرأ عمل فيما يتمناه الكافر عندما يرى العذاب، والبرزخ الحاجز بين الدنيا والآخرة، وهي القبور حيث يُنعم المؤمنون ويُعذب الكافرون والعاصون.

    فما القبر؟ وما صفته؟ وهل للقبر عذاب؟ وما أسبابه؟ وكيف النجاة منه؟

    القبر: أول منازل الآخرة، يكرم فيه المؤمن تهيئة لما ينتظره في الجنة ويعذب فيه الكافر والعاصي تهيئة لما ينتظره في جهنم.

    وينبغي أن تعلم:

    أن الموت كأس وكل الناس شاربه قال تعالى: كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن :26-27]. كل نفس ذائقة الموت [آل عمران:185]. كل شيء هالك إلا وجهه [القصص:88]. فلا منجى ولا مهرب.

    إن زيارة القبور مستحبة لقوله : ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكركم الآخرةرواه أحمد ومسلم .

    لما فيها من التذكر والاعتبار وكان عثمان بن عفان إذا وقف على قبر بكى حتى تبتل لحيته فسئل عن ذلك وقيل له: تذكر الجنة والنار فلا تبكي، وتبكي إذا وقفت على قبر؟ فقال: سمعت رسول الله يقول: ((إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر وإن لم ينج منه فما بعد أشد. رواه الترمذي وحسنة وابن ماجة .
    .
    يقول ابن القيم رحمه الله: كان النبي إذا زار القبور يزورها للدعاء لأهلها والترحم عليهم والاستغفار لهم ومر يوما بقبور المدينة، فأقبل عليهم بوجهه فقال: ((السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر )رواه الترمذي.

    كان الربيع بن خثيم قد حفر في داره قبر فكان إذا وجد في قلبه قسوة دخل فيه فاضطجع ثم يصرخ (رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت) ثم يرد على نفسه: يا ربيع قد رجعت فاعمل، ووقفة على القبور تريك الأعمار المتفاوتة، ومآلك إلى هذه الحفرة الضيقة، فناء هذه الأبدان التي أوليتها اهتمامك، تركك وحيدا فلا زوجة ولا ولد.

    وأما صفة القبر: فاعلم أن للقبر:

    أ- كلام: للحديث: ((إن الميت يقعد وهو يسمع خطو مشيعيه فلا يكلمه شيء إلا قبره ويقول: ويحك ابن آدم أليس قد حذرتني وحذرت ضيقي ونتني ودودي فماذا أعددت لي؟رواه ابن أبي الدنيا ورجاله ثقات .

    ب- ضمة: للحديث: ((للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ)) وفي رواية: ((هذا الذي تحرك له العرش، وفتحت له أبواب السماء، وشهد له سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه) رواه النسائي .

    ج- فتنة: اتفق أهل السنة والجماعة على أن كل إنسان يسئل بعد موته قبر أم لم يقبر فلو أكلته السباع أو صار رمادا لسئل عن أعماله وجزي بالخير خيرا وبالشر شرا: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع خفق نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله قال: فيقول: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة، وأما الكافر والمنافق فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس، فيقولان: لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة فيسمعها من عليها غير الثقلين)([6])رواه الشيخان .

    وأما هل للقبر عذاب؟: فإن عذاب القبر ثابت في الكتاب والسنة.

    من الكتاب

    1- قال تعالى: ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون [السجدة:21]. قال ابن عباس: جزء منه في الدنيا والنصيب الأكبر منه في القبر والعذاب الأكبر هو عذاب جهنم، قال مجاهد: يعني به عذاب القبر.

    2- قوله تعالى: وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب [غافر:45-46].

    قال ابن كثير: وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبراحيث أثبت سبحانه لآل فرعون عذابا في الليل والنهار ويوم تقوم الساعة ينتقلون إلى العذاب الأكبر في جهنم.

    قوله تعالى: ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون [الأنعام:93]. فالأمر لا يتأخر إلى انقضاء الدنيا فهم يعذبون قبل قيام الساعة الكبرى وهو عذاب القبر.

    ب- ومن الحديث:

    حديث: ((القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار)رواه الترمذي .


    ((لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يريكم عذاب القبر فقالت أم بشر: وهل للقبر عذاب؟ فقال: : إنهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم)([9])رواه مسلم .


    ومن دعائه وبعد التشهد الأخير: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال))([رواه مسلم]).

    ما هي أسباب عذاب القبر:

    1- التهاون في الطهارة وسوء الخلق: للحديث: ((إن النبي مر على قبرين فقال: إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما هذا فكان لا يستنزه من البول، وأما هذا فكان يمشي بالنميمة))(رواه البخاري]).

    النميمة نقل الكلام للإفساد بين الناس والتنزه هو الاستبراء والتطهر للحديث: ((تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منها). الدار قطني

    2- التهاون في الوضوء وتركه نصرة أخيه المظلوم للحديث: ((أمر بعبد من عبيد الله أن يجلد في قبره مائة جلدة فما زال يسأل الله عز وجل حتى صارت جلده فلما ضرب اشتعل عليه قبره نارا فلما أفاق قال: علام جلدتموني؟، فقيل له: إنك صليت صلاة من غير طهور ومررت على مظلوم فلم تنصره ) رواه الطبراني).

    وأمة الإسلام واقعة في هذا الإثم فكم من مستصرخ أو مستنجد تستباح أرضهم وأعراضهم وأمة الإسلام لاهية سادرة في عبثها ولهوها.

    3- أو جريمة كالسرقة: كان رجل يقال له كركرة على متاع رسوله فمات فقال النبي : ((هو في النار وإن الشملة تشتعل عليه نارا في قبره)) فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها))([رواه البخاري). والغلول: السرقة من الغنيمة. والشملة: هي الكساء من الصوف يتغطى به.

    يقول ابن القيم رحمه الله: فعذاب القبر عن معاصي القلب والعين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل، ولما كان أكثر الناس كذلك كان أكثر أصحاب القبور معذبين والفائز منهم قليل فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات (ابن القيم في كتاب الروح]).
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بمافيه ............

    الخطبة الثانية
    الحمد لله.........................
    عباد الله اعلموا ان من رحمة الله علينا ان هيأ لنا اسباب تكون لنا نجاة من عذاب القبر اذكر منها ما ييسره الله

    1- أعظم أسباب النجاة من عذاب القبر هي الشهادة في سبيل الله فنسأل الله أن يبلغنا إياها بمنه وكرمه أمين.

    سئل رسول الله : ((ما بال الشهداء لا يفتنون في قبورهم؟ فقال: كفى ببارقة السيف على رأسه فتنة (رواه النسائي
    ])
    .ويقول: ((إن للشهيد عند الله سبع خصال: أن يغفر له من أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلّى حلة الإيمان، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا و ما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه (رواه احمد والطبراني).

    2- المداومة على قراءة سورة تبارك للحديث: ((إن في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له)رواه ابوداوود و الترمذي]).

    3- الأعمال الصالحة الخالصة: للحديث: ((إن الميت إذا وضع في قبره، إنه يسمع خفق نعالهم حين يولوا مدبرين فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلاة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي عن يمينه فيقول الصيام: ما قبلي مدخل، ثم يؤتي عن يساره فتقول الزكاة: ما قبلي مدخل ثم يؤتي من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والمعروف والإحسان: ما قبلي مدخل))(رواه الطبراني وابن حبان]).

    4- أن يموت يوم الجمعة أو ليلتها: للحديث: ((من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة أجير من عذاب القبر وجاء يوم القيامة وعليه طابع الشهداء))([رواه احمد والترمذي]).

    5- المرابط في سبيل الله: للحديث: ((رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان))([رواه مسلم]).

    6- أن يحاسب العبد نفسه ويجدد توبته قبل النوم، يقول ابن القيم رحمه الله: ومن أنفع الأسباب المنجية من عذاب القبر أن يجلس الرجل عندما يريد النوم لله ساعة يحاسب نفسه فيها على ما خسره وربحه في يومه ثم يجدد له توبة نصوحا، ويفعل هذا كل ليلة فإن مات من ليلته تلك مات على توبة وإن استيقظ استيقظ مستقبلا للعمل مسرورا بتأخر أجله حتى يستقبل ربه ويستدرك ما فاته([ذكرها ابن القيم في كتابه الروح]).

    ولا سيما إذا أعقب ذلك استعمال السنن عند النوم.

    7- الدعاء للميت والاستغفار والصدقة عنه ووفاء ديونه وقضاء ما قصر فيه من حج فإنه له نفع للأحاديث: ((كان النبي إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل))([رواه ابو داوود وقال الحاكم صحيح الاسناد]).

    أن رجلا أتى النبي فقال: ((يا رسول الله إن أمي افتلتت نفسها (فاجأها الموت) ولم توص واظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم))([رواه الشيخان]).

    وأما موقف المسلم:

    الإيمان المطلق والتصديق الذي لا شك فيه فالله ربنا ونحن عبيده، ورسول الله نبينا ونحن أتباعه وصدق الله العظيم: ومن أصدق من الله حديثا [النساء:87]. وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى [النجم:3-4].

    إن عذب القبر ونعيمه غيب كما أن الجنة والنار والملائكة غيب ومن سمات المؤمنين قال تعالى: الذين يؤمنون بالغيب [البقرة:3].

    إن للنفس أربع دور كل دار أعظم من التي قبلها.

    الأولى (في بطن الأم) حيث يتخلق فيه وتنفخ فيه الروح.

    الثانية (دار الدنيا) وفيها يكتسب العبد الحسنات والسيئات.

    الثالثة (دار البرزخ) وهي أوسع ونسبتها إليه كنسبة هذه الدار إلى الأولى.

    الرابعة (دار القرار) وهي الجنة أو النار فلا دار بعدها: فتبارك الله أحسن الخالقين [المؤمنون:14].



    عباد الله صلوا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه
     
  7. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    ولا زلنا اخواني في هذه السلسة والحديث عن البعث
    --------------------------------
    الحمد لله القائل: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرض إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ وَأَشْرَقَتِ الأَرض بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ [الزمر:68-70
    وأصلي واسلم على خير مبعوث للعامين
    واشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له..................
    ولا زلنا عباد الله في هذه السلسة الإيمانية وحديثي اليكم في هذه الجمعة عن البعث
    كان حديثنا في الجمعة الماضيةعن القبر ومافيه من الاهوال واسباب عذاب القبر والمنجيات من عذاب القبر وغيرها
    ولك ان تتخيل اخي المسلم كم من الناس لهم في قبورهم آلاف السنين من عهد آدم عليه السلام الى يومنا وإلى يوم القيامة وكل هذه المدة لا تعتبر إلا زيارة فقط قال الله تعالى ( بسم الله الرحمن الرحيم أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِر) ذكر الله عز وجل هذه الفترة بالزياره ولا بد للزائر ان يخرج وتنتهي زيارته ولكن خروجنا من هذه الزيارة تختلف تماما عن كل زيارة تزورها الآن وتعود لأنك غالبا تعود الى بيتك أما في ذلك اليوم فتختلف تماما فالخروج الى ارض غير الأرض يوم تبدل الأرض غير الارض وبرزوا لله الواحد القهار
    ..... نفخة البعث
    واللـه لا يعلمها إلا من وسع علمُه كلَ شيء؟! ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه قال: ((بين النفختين أربعون)) قالوا: يا أبا هريرة أربعون يوماً؟ قال أبو هريرة: أبيتُ قالوا: يا أبا هريرة أربعون شهراً؟ قال: أبيـت قالـوا: يا أبـا هريـرة أربعون سنة؟ قال: أبيت(رواه البخارى). ومعنى قوله أبيت أي: أبيت أن أسأل رسول عن ذلك فعلمها عند اللـه.
    بعد أربعين إذا أراد اللـه أن يحى ويبعث خلقه أنزل من السماء ماءً فتنبت به الأجسام في القبور تحت باطن الأرض كما ينبت البقل.
    ففي صحيح مسلم أنه قال: ((كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب(عجب الذنب : عظمة دقيقة صغيرة لاتزيد عن حبة العدس توجد فى آخر السلسلة الفقرية فى كل إنسان .هذه العظمة لاتبلى أبداً ، يبلى الجسد كله وتبقى هذه العظمة الدقيقة .

    منه خلق ابن آدم ومنه يركب))( رواه مسلم) فإذا ما أراد اللـه أن يبعث الخلائق أتى بهذه العظمة الدقيقة وأتى بجسد صاحبها. ماتفرق منه في البحار.. وما تفرق منه في التراب.. وما ذهب منه إلى بطون الحيوانات والسباع.. يأتي به اللـه جل وعلا ويركب اللـه جل وعلا جسد صاحبها واللـه يعلم عظمة كل إنسان خلقه من لدن آدم إلى يوم القيامة فتكتمل الأجساد في القبور وحينئذ يأمر إسرافيل بعد مايحييه أن يلتقم الصور وينفخ نفخة البعث فتخرج الأرواح.. أرواح المؤمنين لها نور وأرواح المشركين لها ظلمة!! فتسرى الأرواح إلى الأجساد التي اكتملت كما يسرى السم في اللديغ وحينئذ يأمر اللـه جل وعلا الأرض أن تتزلزل وأن تتشقق ليخرج منها الناس من لدن آدم إلى آخر رجل قامت عليه القيامة.
    قال تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرض إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ وَأَشْرَقَتِ الأَرض بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ [الزمر:68-70].
    وقال تعالى : وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ إنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [يس:51-54].
    وقال تعالى : وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرض عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْءَانِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ [ق:41-45].
    واستمع معي إلى قول اللـه عز وجل: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرض زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الأَرض أَثْقَالَهَا وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:1-8].
    تعال معي أخي في اللـه لنتجول سريعاً مع معانى هذه الآيات: إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرض زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الأَرض أَثْقَالَهَا : أي إذا حدث زلزال الأرض العظيم الذي ليس له مثيل على الإطلاق، فلفظت الأرض ما حوته من جثث الخليقة
    وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَهَا : ما الذي حول أمنها إلى اضطراب؟! ما الذي حول سكونها إلى زلزلة؟! ما الذي حدث؟! فترد الأرض عليهم وتقول: إنها أوامر اللـه... سبحـــان اللـه الأرض تتكلـــم! إنهــا إرادة اللـه!!
    يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا : في هذا الوقت سوف تعرف الأحداث، سوف تعرف الأخبار وذلك بأمر من اللـه رب السموات والأرض.
    يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ : باللـه عليك عش بقلبك، وكيانك معي هـذا المشهـد الذي يخلع القلب ويزلزل الكيان. الأرض تتشقق وتتفتح القبور متناثرة هنا وهناك في شمال وجنوب وغرب وشرق، تتشقق تلكم القبور ويخرج من كل قبر عشرة أو مائه أو ألف يخرج من هنا وهنالك يخرج هذا وذاك، شَخُصَ البصر إلى اتجاه واحد لا يلتفت يميناً ولا يساراً إلى هذا الداعى - الملك الكريم - الذي جاء بأمر رب العالمين ليقود الناس جميعاً إلى أرض جديدة عفراء لم يطأها أحد من قبل بقدميه ألا وهى أرض المحشر.
    قال جل وعلا: يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا [طه:108-111].
    يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ لا يلتفت أحد ولا يتخلف أحد، أيتها العظام البالية أيتها العظام النخرة، يا أكفاناً خاوية ويا قلوباً خاوية ويا عيوناً سائلة ويا أبداناً فاسدة.
    أيها الناس جميعاً في القبور حان وقت القيام لفصل القضاء بين يدى الملك الغفور.
    ترى كيف يخرج الناس من قبورهم؟! يخرج الناس من القبور حفاة، عراة، غُرْلا، لا نعال في أقدامهم، لا ثياب تغطى أبدانهم. لا شىء يسترهم.
    غرلا: جمع أغرل والأغرل هو الصبى الصغير المولــود قبل ختانه.
    قال تعالى: كَمَا بَدَأنَا أَوَّلَ خَلـقٍ نُّعِيدُهُ وَعْـداً عَلَينَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء:104].
    يقول النبي : ((يحشر الناس حفاةً عراةً غرلاً))
    فتعجبت عائشة أم المؤمنين قالت: يا رسول اللـه الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟!! فقال المصطفى : ((يا عائشة الأمر أشد من أن يهمهم ذلك رواه البخاري ومسلم والنسائي
    قال جل وعلا: فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس:33-37].
    تصور هذا المشهد يا عبد اللـه لتقف على هول وفظاعة هذا اليوم.
    اللهم سلم سلم ((اقول ماتسمعون واستغفر الله....))

    الخطبة الثانية
    الحمد لله................
    عباد الله هذا الدين العظيم لا يقوم إلا بالدليل
    والأدلة على البعث من القرآن والسنة:

    ها هو أحد الجاحدين يأتي إلى النبي بعظم فيفته بين يديه ويذره في الهواء ويقول للنبي في سخرية واستهزاء: يا محمد أتزعم أن ربك يبعث هذا بعد ما صار رميماً؟!! فقال له النبي (نعم يميتك ثم يحيك ثم يدخلك النار))
    فنزل قول اللـه جل وعلا: أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرض بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [يس:77-83].
    يقول المصطفى كما في الحديث الذي رواه أحــمد في مسنده بسند حسن من حديث بسر بن جحاش القرشي أن الحبيب النبي بصق يوماً على كفه ووضع المصطفى أصبعه عليها ثم قال: قال اللـه تعالى: ((يا ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين برديـن وللأرض منـك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغــت الروح التراقي قلت: أتصـــدق، وَأّنَّى أوان الصــدقة. رواه الامام أحمد وابن ماجه
    قال تعالى: أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [القيامة:36-40].
    بلى وعزته وجلاله إنه لقادر على أن يبعث الموتى.
    وفى الصحيحين من حديث أبي هريـــرة أن النبي قــال: قـال اللـه تعالى: ((كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك، أما تكذيبه إياي، فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ اللـه ولدا وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد (رواه البخاري والنسائي).
    قال تعالى: زَعَـمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَن يُبعَثُوا قُل بَلَى وَرَبَّى لَتُبعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَئونَّ بِمَا عَمِلتُــم [التغابن:7].
    أي سيبعثهم اللـه وسوف يقرأون في الصحائف التى لا تغادر صغيرة ولا كبيرة ولا تظلم مثقال ذرة من أعمالهم التى اقترفوها.
    فرد الكفار المعاندون المكابرون وقالوا كما جاء في كتاب اللـه: وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا [الإسراء:49-
    عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه..................................
     
  8. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    امتداد لسلسة رحلتي ورحلتك إلى الآخرة ( الحشر)
    الخطبة الأولى

    ان الحمد لله نحمده .............................

    عباد الله كان حديثنا في الجمعة الماضية عن البعث وفي هذه الجمعة حديثنا بإذن الله تعالى عن الحشر

    قال الله تعالى واعلموا أنكم إليه تحشرون.

    أيها المسلمون: وبعدما ينفخ في الصور ويقوم الناس لرب العالمين يساق العباد إلى أرض المحشر لفصل القضاء بينهم، ولتجزى كل نفس بما تسعى، فيجزى كل عامل بما يستحق من الجزاء إن خيراً فخير، وإن شراً فشر. وقد وضح النبي صلى الله عليه وسلم في عدد من الأحاديث كيف يكون هذا الحشر، وكيف يكون مجيئ الناس لها في هيئات وحالات ومشاهد مختلفة، فبعضهم حسنة وبعضهم قبيحة بحسب ما قدموا من إيمان وكفر وطاعة ومعصية.

    ومن تلك الهيئات ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن حالة الناس عند حشرهم وهو أنه سيكون المؤمن والكافر في هيئة واحدة لا عهد لهم بها في الدنيا ولا يتصورون حدوثها ولهذا فقد حصل التساؤل والاستغراب لتلك الحالة كما في الحديث الذي ترويه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تحشرون حفاة عراة غرلاً " قالت عائشة: فقلت يا رسول الله: الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: " الأمر أشد من أن يهمهم ذاك)) رواه البخاري ومسلم.

    فالحشر يكون دون نعل أو خف، ودون ثوب أو لباس، وأيضاً يرجع البشر كهيئتهم يوم وُلدوا حتى إن الغرلة ترجع، وإن كان قد اختتن في الدنيا تحقيقاً لقول الله تعالى: كما بدأنا أول خلق نعيده هذا مشهد من مشاهد الحشر.

    مشهد آخر وهو مشهد الكفار، فإنهم سيحشرون والعياذ بالله على هيئة تختلف عن غيرهم وهو أنهم يسحبون في المحشر على وجوههم قال الله تعالى: ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً مأواهم جهنم . قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فأخبر أن الضالين في الدنيا يحشرون يوم القيامة عمياً وبكماً وصما". قال الله تعالى: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتُنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى . روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال: ((أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟)) قال قتادة: بلى وعزة ربنا.

    إن أمر الآخرة وأحوالها غير أمر الدنيا وأحوالها فكل شيء في الآخرة جديد، ولا عهد للناس به، فهي حياة أخرى لها مميزات وكيفيات لا توجد في الدنيا، وليس على الله بعزيز في أن يمشي الكافر على وجهه هناك كما أنه يمشيه على رجليه هنا، ولله تعالى فوق هذا كله حكم قد ندركها وقد لا ندركها، فإن الكافر في الدنيا كان ذا عتو واستكبار يمشي على رجليه متبختراً معتزاً بنفسه لا يحني رأسه لشيء غير هواه، فلا يعرف التواضع لله في شيء بل كان يستنكف من السجود لربه والخضوع له، وهذا ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في بيان حكمة هذا المشي حين قال: والحكمة في حشر الكافر على وجهه أنه عوقب على عدم السجود لله في الدنيا بأن يسحب على وجهه في القيامة إظهاراً لهوانه بحيث صار وجهه مكان يده ورجله في التوقي عن المؤذيات. فانتبه يا عبدالله إذا كنت ممن يستكبر أحياناً وتترك السجود لله، فاعلم بأن هذا كفر يوجب أن تسحب على وجهك يوم القيامة في المحشر وبعده الخلود في النار والعياذ بالله.

    أيها الأحبة: ومن مشاهد الحشر الأخرى التي وردت في السنة لحشر فئات من الناس صنف من الناس يحشرون في أحقر صفة وأذلها، وهؤلاء هم المتكبرون. فلأنهم في الدنيا يمشون في كبرهم وتبخترهم على الناس، عالية رؤوسهم عن التواضع لله أو لخلقه، هؤلاء المستكبرون ورد في صفة حشرهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان)). رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وفي رواية عن جابر رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يبعث الله يوم القيامة ناساً في صور الذر يطؤهم الناس بأقدامهم فيقال ما هؤلاء في صور الذر؟ فيقال هؤلاء المتكبرون في الدنيا)). وهذه الحالة المخزية تناسب ما كانوا فيه في الدنيا من تعاظم وغرور بأنفسهم لأنهم كانوا يتصورون أنفسهم أعظم وأجل المخلوقات فجعلهم الله في دار الجزاء أحقر المخلوقات وأصغرها، والجزاء من جنس العمل. قال شيخ الاسلام رحمه الله: فإنهم لما أذلوا عباد الله أذلهم الله لعباده كما أن من تواضع لله رفعه الله.

    ومن مشاهد الحشر التي تشاهد يوم القيامة مشهد أولئك السائلين المتسولين الذين يسألون الناس وعندهم ما يغنيهم، هؤلاء يأتون يوم القيامة للحشر وفي وجوههم خموش أو كدوح، ومنهم من يأتي وليس في وجهه مُزعة لحم، يعرفهم الناس كلُهم. عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مُزعة لحم)) رواه البخاري. وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سأل وله ما يغنيه جاءت خموشاً أو كدوحاً في وجهه يوم القيامة)) أخرجه النسائي.

    أيها المسلمون: ومن مشاهد الحشر أيضاً مشهد أولئك الذين يأخذون من الغنائم وهي من أموال المسلمين العامة، هؤلاء يحشرون في هيئة تشهد عليهم بالخيانة والغلول أمام الخلق أجمعين، فمن غل شيئاً في حياته ولم يرجعه أو يتوب منه فسيظهره الله يوم الحشر وسيشهر به أمام الناس زيادة للنكاية به يحمل ما غل على ظهره قال الله تعالى: وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون قال قتادة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غنم مغنماً بعث منادياً: ((ألا لا يغلنّ رجل مخيطاً فما دونه، ألا لا يغلنّ رجل بعيراً فيأتي به على ظهره يوم القيامة له رغاء، ألا لا يغلنّ رجل فرساً فيأتي به على ظهره يوم القيامة، له حمحمة)). وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعياً ثم قال: ((انطلق أبا مسعود لا ألفينّك يوم القيامة تجيئ وعلى ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته قال: إذاً لا أنطلق، قال: إذاً لا أكرهك)). أخرجه أبو داود. وقد ذكر بعض أهل العلم بأن المرء يبعث ويحشر يوم القيامة على ما مات عليه من خير أو شر، فالزامر يأتي يوم القيامة بمزماره، والسكران بقدحه، والمؤذن يؤذن، ونحوذلك. نسأل الله حسن الختام. قال الله تعالى: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفداً ونسوق المجرمين إلى جهنم ورداً . وقال سبحانه: احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وهذا يشمل الطائعين والعاصين كما قال سبحانه: وإذا النفوس زوجت أي قرن كل صاحب عمل بشكله ونظيره، فقرن بين المتحابين في الله في الجنة وقرن بين المتحابين في طاعة الشيطان، في الجحيم فالمرء مع من أحب شاء أو أبى وفي المستدرك للحاكم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحب المرء قوماً إلا حشر معهم)). قال شيخ الاسلام رحمه الله وقد نَقل عن قتادة في تفسير قوله تعالى: احشروا الذين ظلموا وأزواجهم قال: فأهل الخمر مع أهل الخمر، وأهل الزنا مع أهل الزنا، وكل كافر معه شيطانه في سلسلة، الفاجر مع الفاجر، والصالح مع الصالح، ويلحق كل امرئ بشيعته، اليهودي مع اليهود، والنصراني مع النصارى، وأعوان الظلمة كما جاء في الأثر: إذا كان يوم القيامة قيل أين الظلمة وأعوانهم فيجمعون في توابيت من نار، ثم يقذف بهم في النار. وقد قال غير واحد من السلف: أعوان الظلمة من أعانهم ولو برى لهم قلماً، ومنهم من كان يقول: بل من يغسل ثيابهم من أعوانهم. فيحشر كل مرء مع صاحب عمله حتى إن الرجل يحب القوم فيحشر معهم كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: ((الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم، قال: المرء مع من أحب)). وقال: ((الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)). وقال: ((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل . فنسأل الله تعالى أن يحشرنا مع النبين والصديقين والشهداء والصالحين بحبنا إياهم وإن لم نعمل مثلهم.

    أيها المسلمون: ومن مشاهد الحشر لأهل الطاعات أهل الوضوء الذين يحشرون غراً محجلين كرامة من الله تعالى لأوليائه وأحبائه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((إن من أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل)) رواه البخاري.

    وهناك مشهد الشهداء في سبيل الله فإنهم يحشرون ودمائهم تسيل عليهم. كهيئتها يوم جرحت في الدنيا تفجر دماً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل كلم يكلمه المسلم في سبيل الله ثم تكون يوم القيامة كهيئتها إذا طعنت تفجر دماً، اللون لون دم والعرف عرف المسك)) رواه مسلم. وهذا إكرام لهم وبيان لمزاياهم وتشهيراً بمواقفهم وعلو مقامهم عند الله تعالى. قال النووي رحمه الله تعالى: والحكمة في مجيئه يوم القيامة على هيئته أن يكون معه شاهد فضيلته وبذله نفسه في طاعة الله تعالى.

    فاتقوا الله تعالى عباد الله فإن موقف الحشر موقف مكروب يثير الفزع والخوف، فما ظنك بمن يؤخذ بناصيته ويقاد، وفؤاده مضطرب، ولبه طائر، وفرائصه ترتعد، وجوارحه تنتفض، ولونه متغير، ولسانه وشفتاه قد نشَف، وقد عض على يديه، والعالم والجو عليه مظلم، وضاق عليه أرض المحشر كأضيق من سَمّ الخِياط، مملوء من الرعب والخجل من علام الغيوب ومن الناس وقد أتي يتخطى رقاب الناس ويخترق الصفوف، يقاد كما يقاد الفرس المجنوب وقد رفع الخلائق إليه أبصارهم حتى انتهِيَ به إلى عرش الرحمن، فرموه من أيديهم، وناداه الله سبحانه وتعالى فدنى بقلب محزون خائف وجل، وطرف خاشع ذليل، وفؤاده متحطم متكسر، وأعطي كتابه الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. فكم من فاحشة نسيها فتذكّرها، وكم من ساعة قتلها عند منكر، وكم من ليلة أضاعها عند ملهى، وكم من ريال أنفقه في المعاصي، وكم من صلاة تأخر عنها وهو غير معذور، وكم من زكاة تهاون بها، وكم من صيام جرحه بغيبة أو كذب، وكم من أعراض تكلم فيها ولحوم مزقها، وكم من جيران تأذوا بمجاورته، وكم من مخالطة له أوقعته في المعاصي، وكم من أرحام قطعهم، وكم من مسلم غشّه، وكم من حقوق لخلق الله تناساها، وكم من أسرار تسمّعها لم يؤذن له، وكم من محرم نظر إليها بعينيه، وكم وكم وكم .. فليت شعري بأي قدم يقف بين يدي الله، وبأي لسان يجيب، وبأي قلب بعقل ما يقول، وبأي يد يتناول كتابه، بل وبأي عين ينظر لرب العالمين: إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً لقد أحصاهم وعدهم عداً وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً .
    بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ..................

    الخطبة الثانية

    الحمد لله ......................

    أما بعد:

    أيها المسلمون: إن هذا الحشر ليس خاصاً بالإنس، بل سيحشر الإنس والجن بل وحتى البهائم والحيوانات والطيور قال الله تعالى: وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون وقال تعالى: وإذا الوحوش حشرت وقال سبحانه: ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير وعند الإمام أحمد من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً وشاتان تقترنان فنطحت إحداهما الأخرى، فأجهضتها قال: فضحك النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ((عجبت لها، والذي نفسي بيده ليقادنّ لها يوم القيامة)). قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم، وحشر الجن والإنس والدواب والوحوش فإذا كان ذلك اليوم جعل الله القصاص بين الدواب حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء تنطحها فإذا فرغ الله من القصاص بين الدواب قال لها: كوني تراباً فيراها الكافر فيقول: يا ليتني كنت تراباً .

    وأول من يحشر هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث تنشق عنه الأرض قبل كل مخلوق لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من تنشق عنه القبر)) راوه مسلم.

    أيها الأحبة: اعلموا أن الحشر حشران: حشر في الدنيا وحشر في الآخرة. أما حشر الدنيا فسيكون عن طريق النار التي تخرج من عدن تحشر الناس إلى أرض الشام روى الإمام أحمد بسند صحيح عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الشام أرض المحشر والمنشر)). وعند الامام أحمد عن عبدالله بن عمرو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ يَنْحَازُ النَّاسُ إِلَى مُهَاجَرِ إِبْرَاهِيمَ لَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ إِلَّا شِرَارُ أَهْلِهَا، تَلْفِظُهُمْ أَرَضُوهُمْ تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ تَحْشُرُهُمْ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ تَبِيتُ مَعَهُمْ إِذَا بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ إِذَا قَالُوا، وَتَأْكُلُ مَنْ تَخَلَّفَ)).

    والسبب في كون أرض الشام هي أرض المحشر هو أنه عندما تقع الفتن في آخر الزمان تكون أرض الشام هي محل الأمن والأمان. عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ رَأَيْتُ عَمُودَ الْكِتَابِ احْتُمِلَ مِنْ تَحْتِ رَأْسِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ مَذْهُوبٌ بِهِ، فَأَتْبَعْتُهُ بَصَرِي فَعُمِدَ بِهِ إِلَى الشَّامِ، أَلَا وَإِنَّ الْإِيمَانَ حِينَ تَقَعُ الْفِتَنُ بِالشَّامِ)) رواه الامام أحمد بسند صحيح.

    وأما حشر الآخرة فإنه يكون يوم القيامة بعد بعث الناس من القبور. ويكون الحشر لجميع الناس مؤمنهم وكافرهم، يحشرون حفاة عراة غرلاً بهماً كما بدأنا أول خلق نعيده . وسيكون هذا الحشر في أرض أخرى غير هذه الأرض قال الله تعالى: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن صفة هذه الأرض الجديدة التي يكون عليها الحشر فقال كما في حديث سهل بن سعد عند البخاري: ((يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد)). قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: تبدل الأرض أرضاً كأنها الفضة لم يسفك عليها دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة.

    عباد الله صلوا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه...............

    ان الله يأمر بالعدل والاحسان
     
  9. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    حديثنا في هذه الجمعة عن الشفاعة
    -------------------------------------------------------

    الخطبة الأولى
    فبعدما يحشرون الناس الى ارض المحشر حفاة عراة غرلا في حر شديد اقتربت الشمس من رؤؤس الخلائق وازدحمت الاجساد واصاب الناس من الكرب والغم والهم ملا يعلمه إلا الله وطول ذلك اليوم عباد الله خمسون الف سنة عندها يلتمسون الشفاعة وحديثنا اليوم عن الشفاعة وتعريفها وانواعها وموقف المسلم منها
    قال تعالى: يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما [طه :108-112].
    إذا كان يوم القيامة ذلت الرقاب كلها إلى الله عز وجل وخاب وخسر كل ظالم وربح ونجا كل تقي عامل للصالحات وفاز بشفاعة المصطفى .
    فما الشفاعة؟ ولماذا؟ وما الشفاعات التي خص بها النبي ؟ وما أسبابها؟ وموانعها؟ وما موقف المسلم منها؟
    الشفاعة لغة: هي السؤال في التجاوز عن الذنوب.
    اصطلاحا: سؤال الله الخير للناس في الآخرة، فهي نوع من أنواع الدعاء المستجاب.
    وينبغي أن تعلم:
    أن الله تعالى خص حبيبه المصطفى دون سائر خلقه بأمور للحديث: ((أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأعطيت الشفاعة، وكل نبي بعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة) متفق عليه ..
    أن الشفاعة لا تبطل قوانين العمل والجزاء فليس في الأمر ما يدعو إلى الغرور أو التهاون في ترك ما كلف الله به عباده، فالأصل والقاعدة هي قانون الجزاء قال تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [الزلزلة:7-8]. وقال تعالى: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى [النجم:38-41
    أن للشفاعة شروطا:
    أ- فهي مقيدة بالإذن من الله سبحانه: قال تعالى: من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه للحديث: ((فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة)رواه البخاري .
    ب- وأن تكون لمن رضي الله أن يشفع له قال تعالى: ولا يشفعون إلا لمن ارتضى [الأنبياء:28]. ولا يرتضي الله الشفاعة إلا لمن يستحقون عفوه سبحانه على مقتضى عدله عز وجل.
    ج- والشفاعة لا تكون إلا لأهل التوحيد، فمن كان ولاؤه لغير الله ورسوله والمؤمنين فهو محروم، ومن كان من جند الباطل يسعى في نصرة مذهب هدام فهو محروم، ومن اعتقد أن غير منهج الله هو الأصلح للحياة فهو محروم، ومن سخر أو جحد أو أنكر من منهج الله فهو محروم.للحديث: ((أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه أو نفسه))واه البخاري .
    قال المنذري في كتابه الترغيب والترهيب: (فإذا أقر بالشهادتين ثم امتنع عن شيء من الفرائض جحودا أو تهاونا على تفصيل الخلاف فيه حكمنا عليه بالكفر وعدم دخول الجنة(الترغيب والترهيب مجلد ص 413.
    وأما لماذا الشفاعة؟
    لبيان وإظهار مقام المصطفى .
    وللحديث: ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر )رواه ابن ماجة .
    لأنها الدعوة المدخرة لرسول الله : ((سأل رجل رسول الله : يا رسول الله ألا سألت ربك ملكا كملك سليمان؟، فضحك رسول الله ثم قال: لعل لصاحبكم (عن نفسه) عند الله أفضل من ملك سليمان، إن الله لم يبعث نبيا إلا أعطاه دعوة، منهم من اتخدها دنيا فأعطيها، ومنهم من دعا بها على قومه إذ عصوه فاهلكوا بها، فإن الله أعطاني دعوة فاختبأتها عند ربي شفاعة لأمتي يوم القيامة) رواه الامام أحمد.
    وأما أنواع الشفاعة:
    النوع الأول: الشفاعة الأولى، وهي العظمى، الخاصة بنبينا من بين سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين، صلوات الله عليهم أجمعين، فقد رويت في الصحيحين، وغيرهما عن جماعة من الصحابة، رضي الله عنهم أجمعين، أحاديث الشفاعة.
    منها: عن أبي هريرة ، قال: ((أتى رسول الله بلحم، فدفع إليه منها الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة، ثم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون لم ذلك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد، واحد، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون إلى ما أنتم فيه؟ ألا ترون إلى ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: أبوكم آدم، فيأتون آدم، فيقولون: يا آدم، أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا، فيقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وسماك الله عبدا شكورا، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول نوح: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه كانت لي دعوة دعوت بها على قومي، نفسي نفسي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم، فيقولون: يا إبراهيم، أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وذكر كذباته، نفسي نفسي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى فيقولون: يا موسى ،أنت رسول الله، اصطفاك الله برسالاته وبتكليمه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم موسى: إن ربي قد غضب غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى، فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، قال: هكذا هو، وكلمت الناس في المهد، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم عيسى: إن ربي قد غضب غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ولم يذكر له ذنبا، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد ، فيأتوني، فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، غفر الله لك ذنبك، ما تقدم منه وما تأخر، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فأقوم، فآتي تحت العرش، فأقع ساجدا لربي عز وجل، ثم يفتح الله علي ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي أمتي، يا رب أمتي أمتي، يا رب أمتي أمتي، فيقول: أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سواه من الأبواب، ثم قال: والذين نفسي بيده، لما بين مصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى)) أخرجاه في الصحيحين بمعناه، واللفظ للإمام أحمد.
    النوع الثاني: الشفاعة لأهل الجنة حتى يدخلوها: للحديث: ((آتي باب الجنة يوم القيامة فاستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك ) رواه مسلم .
    فأهل الجنة لا يدخلون الجنة إلا بشفاعته عليه الصلاة و السلام، وهو أول من يدخلها.
    النوع الثالث: شفاعته لأهل الكفر وهذا خاص بعمه أبي طالب لمواقفه ودفاعه عن رسول الله : ((سأل العباس بن عبد المطلب رسول الله هل أنت نافع عمك بشيء فإنه (أي أبا طالب) كان يغضب لك ويحوطك؟، فقال : نعم لقد نفعته، إنه في ضحضاح من النار (أي قليل منه) ينتعل نعلين من حرارتهما يغلي دماغه، وإنه لأهون أهل النار عذابا ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار( رواه البخاري .
    النوع الرابع: شفاعته لأهل التوحيد من أهل المعاصي بعد أن ينالوا نصيبهم من النار للحديث: ((يضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ولا متكلم يومئذ إلا الرسل، وكلام الرسل يومئذ: اللهم سلم، اللهم سلم، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان تخطف الناس بأعمالهم فمنهم من يوبق بعمله، ومنهم من يخردل ثم ينجو))، وقال رسول الله : ((يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة)) وقال رسول الله : ((فيخرجون من النار فكل ابن آدم تأكله النار إلا آثار السجود فيخرجون من النار وقد امتحشوا (احترقوا) فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة) البخاري
    ومن الشفعاء: الأنبياء والعلماء والشهداء والقرآن :
    أ - القرآن: للحديث)) اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)) رواه مسلم .
    ب- الشهيد: للحديث: ((يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته)) رواه أبو داود .
    ج- الأنبياء والعلماء: للحديث: ((يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء)) ابن ماجة والبيهقي والبزار .
    د- المؤمنون: للحديث: ((إن من أمتي من يشفع للفئام (الجماعة من الناس) ومنهم من يشفع للقبيلة، ومنهم من يشفع للعصبة، ومنهم من يشفع للرجل حتى يدخلوا الجنة)الترمذي وأحمد .
    هـ – الأبناء لأبائهم: للحديث: ((إن رجلا كان يأتي رسول الله ومعه ابن له ففقده النبي فقال: ما فعل ابن فلان، قالوا: يا رسول الله مات، فقال النبي لأبيه: أما تحب أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك فقال رجل: يا رسول الله أله خاصة، أو لكلنا؟ قال: بل لكلكم( رواه الامام أحمد
    أو بسبب دعائهم للحديث: ((إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أنى لي هذه، فيقال: باستغفار ولدك لك. رواه أحمد ..
    و- الصيام: للحديث: ((الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول: الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ويقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان (رواه أحمد بسند صحيح .
    ز- شفاعة المصلين على الميت: للحديث: ((ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه) رواه مسلم .
    اللهم اكرمنا بشفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
    اقول ماتسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه


    الخطبة الثانية
    الحمد لله وحده.........
    وأما أسباب نيل شفاعة المصطفى :
    الصلاة على النبي وطلب الوسيلة له: للحديث: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، من سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة) رواه مسلم .
    الصلاة على رسول الله : ((إن أولى الناس بي (أي بشفاعتي) يوم القيامة أكثرهم علي صلاة))رواه الترمذي
    سكنى المدينة للحديث: ((من صبر على لوائها كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة)رواه مسلم .
    كثرة التنفل للحديث: ((سأل خادم لرسول الله فقال: حاجتي أن تشفع لي يوم القيامة، فقال: فأعني بكثرة السجود) رواه أحمد .

    قضاء حوائج المسلمين للحديث: ((من قضى لأخيه حاجة كنت واقفا عند ميزانه فإن رجح وإلا شفعت له )رواه أبو نعيم في الحلية .
    الأخوة في الله للحديث: ((أنا شفيع لكل رجلين اتخيا في الله من مبعثي إلى يوم القيامة)رواه ابو نعيم في الحلية
    وأما موانع الشفاعة: منها كثرة اللعن: للحديث: ((إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة))رواه مسلم
    صلوا على سيد الشفعاء وإمام الأتقياء
    الدعاء
     
  10. الصورة الرمزية المناضل..

    المناضل.. تقول:

    افتراضي رد: منبر المنتدى إليك ايها الخطيب المبارك آمل التثبيت

    الخطبة الأولى
    الحمد لله ........................
    حديثنا في هذه الجمعة عن الحساب اللهم حاسبنا حسابا يسيرا
    يقول المولى سبحانه ((يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب [غافر:16].

    يوم القيامة يوم جليل خطبه، عظيم خطره، بل هو اليوم الذي ليس قبله مثله ولا بعده مثله، والكل ظاهر ومكشوف فلا زيف ولا خداع ولا كذب ولا رتوش، وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ((أنه تعالى يطوي السماوات والأرض بيده، ثم يقول: أنا المالك، أنا الجبار، أنا المتكبر، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم، لمن الملك اليوم، ثم يجيب نفسه لله الواحد القهار ( رواه البخاري)، وذلك هو يوم الحساب ويوم الجزاء.

    سنعرف ابتداءا ما الحساب وما المقصود بالحساب وسنتعرف على صفته
    وعلى ماذا يحاسب الله تعالى العباد وما موقف المسلم ان شاء الله تعالى

    الحساب اصطلاحا: هو محكمة العدل الإلهية التي يقضي فيها رب العزة سبحانه بين خلقه وعباده وينبغي أن تعلم أن يوم القيامة

    يوم يجمع الله فيه الأولين، والآخرين للحساب: قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم [الواقعة:50]. ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه [آل عمران:9].

    يوم تتكشف فيه الحقائق والأستار، فالكل مكشوف النفس والعمل والمصير: يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية [الحاقة:18].

    يوم يشيب من هوله الوليد، وتذهل الأم الحنون عن طفلها، وتسقط فيه الحامل حملها يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد [الحج:2]. وللحديث: ((ذلك يوم يقول الله لآدم: أخرج بعث النار، قال: يا رب وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة)) فأنشأ المسلمون يبكون(رواه الترمذي واحمد)

    وأما صفة الحساب: فلا بد لكل محكمة من حاكم يحكم ويقضي، وشهود يشهدون، ومتهم وأرض يقام عليها الحكم.

    1- أما الحاكم: فهو الله جل جلاله، جبار الأرض والسماء، تباركت أسماؤه وعظمت صفاته الذي يعلم السر وأخفى، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، الخالق لكل شيء سبحانه وتعالى ويبدأ الأمر:

    أ- بنفخ إسرافيل في الصور بأمر الله سبحانه فتصعق الخلائق كلها وتموت: ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض [سورة الزمر:68].

    ب- إحداث تغير عام في الكون فتنشق السماء وتتناثر النجوم وتتصادم الكواكب وتتفتت الأرض: إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت [التكوير:1-3]. كورت أي ظلمت، انكدرت: أي تناثرت، وسيرت: أي حركت وصارت كالهباء.

    ج- ينفخ إسرافيل في الصور بأمر الله سبحانه فتقوم الخلائق للحشر: ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون [الزمر:68].

    د- نزول عرش الرحمن جل جلاله: وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية [الحاقة:16-17]، أي يوم القيامة يحمل العرش ثمانية من الملائكة، وللحديث: ((أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله تعالى من حملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام (رواه ابو داوود).

    هـ- ثم يشرق على الأرض نور الحق جل جلاله: وأشرقت الأرض بنور ربها [الزمر:69]. أي أضاءت يوم القيامة إذا تجلى الحق جل وعلا للخلائق لفصل القضاء([ذكره ابن كثير في تفسيره).

    و- ثم مجي الحق سبحانه مجيئا يليق بجلاله وكماله وعظمته سبحانه الكبير المتعال: كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا [الفجر:21-22].

    وأما صفة حكمه جل جلاله سبحانه:

    1- العدل المطلق: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [الزلزلة: 807].

    أ- فلا ظلم: ولا يظلم ربك أحدا [الكهف:49].

    ب- ولا أنساب: فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون [المؤمنون:101]. أي لا تنفع الإنسان يومئذ قرابة ولا يرثي والد لولده يقول ابن مسعود : ((إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد: ألا من كان له مظلمة فليجئ ليأخذ حقه، قال: فيفرح المرء أن يكون له الحق على والده أو ولده أو زوجته وإن كان صغير(ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره).

    ج- ولا رشوة لتغير صورة الحكم، فالحاكم هو الغني المتعال والكل مفتقر إليه سبحانه: يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد [فاطر:15].

    ح- ولا تهديد ولا ضغوط: فالحاكم هو القوي سبحانه: إن القوة لله جميعا [البقرة:165]، إن كل من في السماوات والأرض إلا ءاتي الرحمن عبدا [مريم :93]. فالكل ضعيف وعبد.

    2- الشهود: وأما الشهود فهم كثير فلا مكان للإنكار والكذب والمراوغة

    أ- وأعظمهم شهادة هو الله سبحانه الله جل جلاله ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا [المجادلة:7].

    ب- الرسل عليهم الصلاة والسلام ويشهد للرسل سيدنا وحبيبنا رسول الله للحديث: ((يدعى نوح يوم القيامة فيقال له: هل بلغت؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه فيقال لهم: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من أحد. فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، ثم أشهد لكم رواه البخاري.

    ج- الملائكة: إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد [ق:17]. يقول الحسن البصري رحمه الله: (يا ابن آدم بسطت لك صحيفتك ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك والآخر عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك حتى تخرج يوم القيامة كتابا تلقاه منشورا وقد عدل والله من جعلك حسيب نفسك(ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره)

    د- الجوارح: وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء [فصلت:21]. وعن أنس قال: ((كنا عند النبي فضحك فقال: هل تدرون مم أضحك؟ قلنا: الله ورسوله أعلم قال: من مخاطبة العبد ربه فيقول: يا رب ألم تجرني (تحفظني) من الظلم؟ يقول: بلى، فيقول: إني لا أجيز اليوم على نفسي شاهدا إلا مني، فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا، والكرام الكاتبين شهودا، قال: فيختم على فيه ويقول لأركانه انطقي فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول: بعداً لكنّ وسحقا فعنكنّ كنت أناضل رواه مسلم

    هـ- الأرض: يومئذ تحدث أخبارها [الزلزلة:4]. قرأ رسول الله هذه الآية: يومئذ تحدث أخبارها قال: ((أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمةٍ بما عمل على ظهرها أن تقول: عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا فهذه أخبارها .رواه الامام احمد والترمذي والنسائي

    ز- التسجيل الكامل كما ذكر بعض العلماء: لقوله تعالى: يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [الزلزلة:7-8]. وتعرض الأعمال عرضا حيا ناطقا، فسيرى المرء عمله وهو يباشره ويا للفضيحة. ذكره الشيخ ابو بكر الجزائري في كتابه عقيدة المؤمن
    اللهم إنا نسألك ستر الدارين، اللهم إنا نعوذ بك من خزي الدنيا والآخرة، يا رب العالمين.

    3- المتهم: هو الإنسان الذي خلقه الله بيده، وأسجد له الملائكة، وكرّمه على كثير ممن خلق، سخر الكون له، وأرسل له الرسل، وأنزل له الكتب، وجعل له واعظا من عند نفسه بالفطرة التي فطر الله الناس عليها على معرفته سبحانه وحذره من الشيطان وطاعته ثم يستقبل الإنسان ذلك كله بالسخرية: يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون [يس:30]. ويجعل من الشيطان ربا يعبده من دون الله: ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا (أي خلفا) كثيرا أفلم تكونوا تعقلون [يس :60-62]. ويمر بآيات الله الدالة عليه سبحانه معرضا: وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون [يوسف:105]. يمن الله عليه بالنعم فيزداد طغيانا: كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى [الأعلى:6-7]. الإنسان الذي إذا أحاطت به الخطوب تذكر ربه وإذا كان في نعمة غفل وكفر وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون [النحل:53–54].

    4- وأما أرض المحكمة: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار [إبراهيم:48]. وللحديث: ((يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد رواه البخاري ومسلم وللحديث: ((أرض بيضاء لم يسفك عليها دم، ولم يعمل عليها خطيئة رواه البزار

    فهي أرض أخرى غير أرضنا لم تطأها قدم من قبل، ولم تعمل عليها خطيئة، ولم يسفك عليها دم، أرض طاهرة من ذنوب بني آدم وظلمهم، طهر يتناسب وطهر القضاء. وأما على ماذا يحاسب الله تعالى العباد: فاعلم أن الحساب سوف يكون:

    مشافهة: فكل عبد يعرض على ربه، ويتولى سبحانه حسابه بنفسه للحديث: ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة، ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أشأم منه، فلا يرى إلا ما قدم، ثم ينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمره(رواه البخاري).

    والحساب إما أن يكون يسيرا: وذلك بأن يعرض على العبد عمله بحيث لا يطلع عليها أحد ثم يعفو عنه ويأمر به إلى الجنة للحديث: ((يدنو أحدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه (أي يستره ولا يفضحه) فيقول: أعملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم، ويقول: أعملت كذا وكذا فيقول: نعم، فيقرره ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم، ثم يعطى صحيفة حسناته.متفق عليه

    وأما أن يكون الحساب عسيرا وذلك لمن كثرت معاصيه فذلك الذي يناقش الحساب ويسأل عن كل صغيرة وكبيرة للحديث: ((ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله أليس قد قال الله : فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا؟ فقال رسول الله : إنما ذلك العرض، وليس أحد يناقش الحساب يوم القيامة إلا عذب (رواه البخاري) والمراد بالمناقشة الاستقصاء في المحاسبة والمطالبة بالجليل والحقير وترك المسامحة.

    والحساب يتناول كل شيء:

    العمر والمال والجسم والعلم للحديث: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن علمه ما عمل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن جسمه فيما أبلاه رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح

    عن النعم وشكرها: ثم لتسألن يومئذ عن النعيم [التكاثر:8]. قال مجاهد: عن كل لذة من لذات الدنياذكره ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره. وللحديث: ((إن أول ما يسأل عنه العبد من النعيم أن يقال: له ألم نصح لك بدنك، ونروك من الماء البارد رواه ابو يعلى
    3- عن الحواس واستعمالها: إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا [الإسراء:36].

    قال ابن عباس: يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم ذكره ابن كثير رحمه الله.

    4- عن الفرائض من صلاة وزكاة: للحديث: ((إن أول ما افترض الله على الناس من دينهم الصلاة وآخر ما يبقى الصلاة، وأول ما يحاسب به الصلاة ويقول الله: انظروا في صلاة عبدي، قال: فإن كانت تامة كتب تامة، وإن كانت ناقصة يقول: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن وجد له تطوع تمت الفريضة من التطوع، ثم قال: انظروا: هل زكاته تامة؟ فإن كانت تامة كتبت تامة، وإن كانت ناقصة قال: انظروا هل له صدقة فإن كانت له صدقة تمت له زكاته رواه ابو يعلى

    5- عن الدماء والقتل: للحديث: ((أول ما يقضى بين بالناس يوم القيامة في الدماء رواه البخاري و مسلم وللحديث: ((كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت مشركا أو يقتل مؤمنا متعمدا روه ابو داوود وابن حبان

    6- السؤال عن المسؤولية والأمانة: وقفوهم إنهم مسؤولون [الصافات:24]. للحديث: ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والأمير راع على أهل بيته والمرأة راعية على بيت زوجها وولده متفق عليه.

    7- عن الكلمة: للحديث: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب متفق عليه . وللحديث: ((وهل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم متفق عليه

    و ما من كاتب إلا ستبقى كتابتـه وإن فنيـت يداه

    فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه

    8- عن الحقوق والمظالم للحديث: ((يقول الله تعالى: أنا الديان، أنا الملك لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده حق حتى أقصه منه حتى اللطمة رواه الامام أحمد باسناد حسن.

    الهم هون علينا تلك المواقف يا ارحم الراحمين اقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم

    الخطية الثانية
    الحمدللــــــــــــــــــــــه وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

    وأما موقف المسلم من الحساب:

    1/ حاسب نفسك قبل أن تحاسب: يقول عمر : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزن ذكره ابن كثير في تفسيره.

    2/ تحلل من الحقوق: للحديث: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحللن منها اليوم قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه دينار ولا درهم روه البخاري والترمذي.

    يقول أحد السف: رحم الله من إذا مات ماتت معه ذنوبه.

    3/ لا تفسد عملك الصالح بالمظالم: للحديث: ((المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار رواه مسلم.

    4/ أمح السيئة بالحسنة: إن الحسنات يذهبن السيئات [هود:114]، وللحديث: ((اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن رواه الترمذي وقال حديث حسن. وللحديث: ((إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها رواه الامام احمد.

    5/ استشعار رقابة الله عليك: ألم يعلم بأن الله يرى [العلق:14]. ((أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك رواه البخاري ومسلم

    6/ استحضار أهوال الآخرة والتفكر فيها: يقول الإمام الغزالي رحمه الله: ثم تفكر يا مسكين بعد هذه الأحوال فيما يتوجه عليك من السؤال شفاها من غير ترجمان فتسأل عن القليل والكثير والنقير والقطمير فبينما أنت في كرب القيامة وعرقها وشدة عظائمها إذ نزلت ملائكة من أرجاء السماء بأجسام عظام وأشخاص ضخام غلاظ شداد أمروا أن يأخذوا بنواصي المجرمين إلى موقف العرض على الجبار.

    ثم تقبل الملائكة فينادون واحدا يا فلان بن فلان هلم إلى الموقف، وعند ذلك ترتعد الفرائص وتضطرب الجوارح وتبهت العقول ويتمنى أقوام أن يذهب بهم إلى النار ولا تعرض قبائح أعمالهم على الجبار، فتوهم نفسك يا مسكين وقد أخذت الملائكة بعضديك وأنت واقف بين يدي الله تعالى يسألك شفاها فكيف ترى حياءك وخجلتك وهو يعد عليك إنعامه ومعاصيك وأياديه ومساويك، فليت شعري بأي قدم تقف بين يديه وبأي لسان تجيب وبأي قلب تعقل وما تقول؟
    عباد الله صلوا وسلموا على من امركم الله بالصلاة والسلام عليه الدعـــــــــــــــــــاء