الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية همي الدعوه

    همي الدعوه تقول:

    بيان شيعة السعودية.. ومأزق الاتجاه

    شيعة السعودية.. ومأزق الاتجاه

    د. عبد الله الصبيح
    الثلاثاء 06 ربيع الأول 1430 الموافق 03 مارس 2009


    الاضطرابات التي وقعت في الأيام الماضية في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتحديداً في مقبرة البقيع وساحات الحرم المدني لم تكن مفاجئة للعقلاء؛ فمنذ سنوات ونحن نشهد شحناً طائفياً في كل مناسبة في مقبرة البقيع، وفي ساحات الحرم المدني، وفي مواسم الحج. وفي هذه الأحداث نلاحظ التقاء الإرادة الخارجية مع الاستجابة الداخلية؛ فبعض قيادات الشيعة في إيران أو العراق أو لبنان تصرح مطالبة الشيعة بالتحرك لتخليص الحرمين من سيطرة السنة، فتستجيب لهم بعض القيادات الشيعية الداخلية، ويظهر صدى تلك التصريحات في خطب وتصريحات بعض رموز الشيعة في الداخل.
    إن الشحن الطائفي المستمر هو الوقود لمشاعر الغيظ التي لابد أن تعبر عن نفسها في صور من الحقد والتعدي على المخالفين. وهذا هو ما حصل بالفعل في البقيع، وفي ساحات الحرم في الأيام الماضية، و ما حصل في أحداث أخرى مشابهة في البقيع في سنوات مضت، وفي مواسم الحج في حوادث متكررة رصدها التاريخ.
    إن الملهم للذهنية الشيعية والمحرك لها في العصر الحديث هو ثورة الخميني وإسقاط الشاه والاستيلاء على السلطة في طهران. هذا حدث ضخم بلا شك، ولكن هذا الإنجاز تحقق في الواقع؛ لأن غالبية الشعب الإيراني كان خلفه، فمعظم الشعب بطوائفه ومذاهبه كلها كانت مؤيدة للخميني تنتظر منه أن يحقق لها العدل، فيعيد لها ما سُلب من حقوقها، ويخلصها من ظلم الشاه. وما حققه الخميني في إيران لا يمكن أن يتحقق في مكان آخر لتخلف شرطين مهمين:

    الأول: إيران هي المكان الوحيد الذي فيه أكثرية شيعية وما سواه من المجتمعات فإما أن تكون الأكثرية غير شيعية، أو يكون هناك تكافؤ في القوى الاجتماعية يمتنع بها أن تستأثر طائفة بتسيير المجتمع وتحقيق أهدافها وحدها.
    والثاني: أن الإجماع الذي حظي به الخميني غير متيسر لأي قيادة شيعية معاصرة، وأحد أسرار الإجماع على الخميني هو أنه جاء من الطائفة الأكثر في المجتمع الإيراني وليس من الأقلية
    نجاح الخميني في عام 1979 لا يزال يداعب خيال الكثيرين، ويأملون بتكرار التجربة، ويغفلون عن نسبة الشيعة في المجتمع الإيراني، ويغفلون أيضاً عن شخصية الخميني وطبيعة خطابه المحرك للثورة، كما يغفلون أيضا عما لديهم من إمكانيات في مجتمعاتهم لا تُقارن بما توفر منها للخميني.
    أنا هنا لا أحلل انتصار الثورة الإيرانية، ولا أدرس عوامل غلبتها، ولكن أذكر بالشروط العامة البدهية التي ربما غفل عنها بعض من درس أدق تفاصيل الثورة، ولكنه في دراسته كان أسيراً لرغباته الخاصة، ومدفوعا بوهم تحقيق انتصار مماثل في مكان آخر يفتقد تلك الشروط العامة. إن الاستغراق في الجزئيات يفقد المراقب إدراك الصورة العامة.
    حدث آخر يداعب الذهنية الشيعية، ويوقظ كوامنها، وهو تجربة حزب الله في لبنان، وقيادة حسن نصر الله. هذا الحزب استطاع أن يحمي الطائفة الشيعية في الحرب الأهلية اللبنانية، كما استطاع أن يحتفظ بسلاحه على الرغم من الضغوط الشديدة لتجريده منه. وقمة منجزاته هي انتصاره في حرب صيف عام 2006 بصموده أمام الجيش الإسرائيلي.
    وربما كل طائفة شيعية ترى في نفسها حزب الله، وكل قائد شيعي يرى في نفسه حسن نصر الله. وما تحقق للطائفة الشيعية في لبنان لم يتحقق لطائفة شيعية أخرى، وزعامة حسن نصر الله وقيادته للحزب وأثره العام على الطائفة لا يدانيه تأثير آخر، ولا يشبهه قيادة أخرى من قيادات الشيعة خارج إيران. لقد اجتمع لحسن نصر الله الزعامة السياسية والزعامة الدينية، واستطاع أن ينشئ دولة داخل الدولة اللبنانية. وإيران تحاول استنساخ شخصية نصر الله في عدة بلدان ومنها العراق والبحرين والسعودية واليمن. ولكن جميع المحاولات لا تزال أضعف من الأنموذج، وتفتقر إلى شروط النجاح، وبعضها أجهضته الأحداث قبل أوانه، كما حصل في اليمن في ثورة الحوثي. وفي السعودية تتنافس عدد من الزعامات للتماهي مع شخصية نصر الله، ولكل منها طريقته في التماهي مع البطل.
    وفي محاولة استنساخ تجربة حزب الله اتجهت بعض التنظيمات الشيعية إلى عسكرة كوادرها، فأرسلت أعضاءها للتدرب على السلاح في معسكرات حزب الله في لبنان وفي إيران وفي غيرهما، كما اتجهت إلى اقتناء السلاح وتخزينه.
    وهذه العسكرة، مع الشحن الطائفي، مع استلهام تجربة حزب الله في لبنان لابد أن تقود أصحابها إلى مصادمة من في جوارهم، وتجربة الحوثي في اليمن خير شاهد، وهي في السعودية عبرت عن نفسها في عدد من المواقف، آخرها أحداث مقبرة البقيع وساحات الحرم المدني.

    من أسباب نجاح تجربة حزب الله في لبنان شرطان رئيسان:
    الأول: ضعف الحكومة المركزية، بل سقوطها كما كان الحال في أثناء الحرب الأهلية الطائفية. فبسبب زوال هيمنة الحكومة المركزية استطاعت القوى المحلية من عرقية ومذهبية وطائفية وسياسية عسكرة نفسها، واستطاعت أيضاً القوى الخارجية مد القوى الداخلية التابعة لها بالسلاح والمال والخبرات، وتبنتها، وكانت سنداً لها في محافل السياسية الدولية. وحزب الله في ظل ضعف الحكومة المركزية استطاع بناء مؤسساته وإنشاء جيش متكامل بأجهزته وعتاده، بل إنه استطاع أن يقيم دولة داخل الدولة اللبنانية، وما كانت حكومة بيروت لتحتمل ذلك لو كانت قوية. ونجاح الحزب في هذا لم يكن من غير ثمن فبعض مواقفه لم تكن تعبيراً في الحقيقة عن إرادة الطائفة الشيعية في لبنان وحاجاتها، بل كانت تعبيراً عن إرادة الدولتين الداعمتين له: سوريا وإيران، وقد تحملت الطائفة الشيعية في سبيل ذلك تضحيات كبيرة.
    الشرط الثاني: وجود قضية عامة مشتركة بين جميع اللبنانيين، وهي إسرائيل التي تسيطر على جزء من الأرض اللبنانية، وتضرب جنوبه بقذائف الطائرات والمدفعية. إن وجود إسرائيل أتاح الفرصة لحسن نصر الله أن يرفع شعاراً عاماً، وهو مقاومة إسرائيل وتحرير التراب اللبناني. وهذا الشعار جعل كثيرين من الشعب يتعاطفون مع الحزب، وأعطى نصر الله بعداً وطنياً في قيادته خرج به من الزاوية الطائفية الضيقة. وهذا المشترك العام تفتقده معظم قيادات الأقليات في المنطقة.
    إن أي قائد يستمد جزءاً من قيمته وتأثيره من التأييد له، وإذا كان جاء من أقلية نسبتها في مجموع السكان لا تزيد عن خمسة في المائة فإن قيمته سوف تكون في هذه الحدود، مع الأخذ في الاعتبار أن الذين يحصلون على إجماع طائفي قلة، وأما إذا جاء من أكثرية نسبتها سبعون في المائة من مجموع السكان فإن قيمته ربما فاقت تلك النسبة؛ لأن الأقليات الأخرى ربما أيدته لما ترجوه من تحقيقه لمصالحها. والواقع يشهد أن الأقليات تعطي تأييدها لزعماء الأكثرية، ومن النادر أن يقع العكس فتختار الأكثرية قائداً من الأقلية تمنحه تأييدها، إلاّ إذا طوّر خطابه، ونأى بنفسه عن أن يوصم بأنه ممثل لأقلية أي كانت هذه الأقلية.
    حسن نصر الله خرج من حرب تموز 2006 بطلاً إسلامياً، وتعاطف معه اللبنانيون، ولكن انشرخت الصورة، بل تمزقت بعد الحرب مباشرة حينما اجتاح الحزب بيروت، وتعامل مع السنة بروح طائفية فانفض عنه من أيّده، وزهد فيه من ناصره وتعاطف معه، وكما منحت حرب تموز حزب الله وقائده بعداً شعبياً واسعاً فاجتياح بيروت نزع ذلك منه، وأصبح حزباً طائفياً يمثل أقلية من ضمن الأقليات اللبنانية.
    إن تجربة حزب الله لا يمكن استنساخها في السعودية، بل سوف يكون لها آثار عكسية مدمرة على الطائفة الشيعية؛ لأن كلا الشرطين السابقين غير موجودين في السعودية، فالحكومة المركزية لاتزال قوية، والأقلية الشيعية لم تطور خطاباً مشتركاً مع الأكثرية السنية، فتجد تعاطفاً من الأكثرية، بل إن مفردات خطابها ترسّخ البعد الطائفي. ومن حاول من قياداتهم أن يضيف بعداً مشتركاً فشل في أن يقنع الطرف السني بموقفه، كما فشل في التعاطي مع القضايا العامة التي يكون السنة أحد أطرافها، ومن الأمثلة ما تعرض له السنة في العراق من قتل على الهوية، والهجوم الذي شنه بعض الشيعة على القرضاوي. في كلا الحدثين لم نجد لزعماء الشيعة في الداخل موقفاً واضحاً يدين الظلم، بل رأينا تأييداً من بعضهم للهجوم على القرضاوي، وصمتاً إزاء ما تعرض له السنة في العراق.
    الشيعة في السعودية لا يمثلون أكثر من خمسة في المائة من مجموع السكان، وهم مع ذلك ليسوا كتلة واحدة؛ فهم منقسمون مذهبياً، فشيعة الإحساء غير شيعة القطيف، كما هناك أيضاً اختلافات بينهم في المراجع التي يقلدونها، وتنوّع في الانتماء الحزبي يمنع اللقاء بينهم لتباين المصالح والرؤى.
    والمطالب التي رفعها الشيعة في الأحداث الأخيرة في البقيع لا يراها السنة مطالب شيعية بقدر ما يرونها اعتداء على عقائدهم وانتهاكاً لحقوقهم، ثم هي انتهاك لنظام الدولة التي يعيشون فيها. والأقلية - أي أقلية - تستطيع أن تطالب بما هو خاص بها، وأي طلب لها يمثل تعدياً على حقوق الأكثرية لا يمكن أن يُستجاب له؛ لأن الاستجابة له وهن في الدولة واعتداء على الأكثرية. والدولة – أي دولة – لا يمكن أن تستجيب لمطالب خمسة في المائة، وتفرّط في حقوق خمسة وتسعين في المائة من شعبها.
    وهناك عدد من زعماء الشيعة ومثقفيهم يمدون أيديهم إلى السنة، ويحاولون الظهور بمظهر المعتدل الذي ينأى بنفسه عن الطائفية، بل بعضهم كتب منظراً للوحدة، ومنافحاً عنها، ومثمناً قيم الحوار، ولكنهم في الممارسة لم يكونوا يختلفون عن أولئك الذين يوقدون نار الطائفية. وهذا يعطي انطباعاً بأن هناك خطابين: خطاباً خاصاً بالطائفة، وخطاباً للتسويق الخارجي. والخطاب المزدوج ربما يخدمهم فترة مؤقتة، إلاّ أنه ليس من مصلحة الطائفة الشيعية؛ لأنه يزيد من انغلاقها على نفسها، وانغلاقها على نفسها سوف يكون عقبة في طريق أولئك المجددين الذين يريدون أن يكونوا شيئاً مذكوراً في تاريخ الطائفة. والأولى منه أن يسعى هؤلاء بما يزيد الاندماج بين الأقلية والأكثرية، ويطور أساليب التفاعل السلمي المدني بين أبناء الطائفتين. وهذا لا يتفق معه عسكرة الطائفة واستنساخ تجارب ظهرت في مجتمعات أخرى تحت شروط اجتماعية مختلفة عما يعيشه مجتمعهم. إن التحدي الذي يواجههم هو في تطوير رؤية وخطاب يتفق مع الشروط الموضوعية للمجتمع الذي يعيشون فيه، أما مجرد استنساخ التجارب فربما كان مدمراً.
    إن عسكرة الأقلية ربما يجعلها مرتهنة للقوى الخارجية التي تدعم برنامجها العسكري، وبهذا تصبح محققة لأهداف الداعم الخارجي أكثر مما هي محققة لمصالحها. ولعل الأحداث الأخيرة تؤكد هذا بوضوح، فلما صرح بعض الملالي عن البحرين، وأنها مقاطعة إيرانية، وأبدت السعودية ومصر استنكارهما لهذا التصريح، رأينا تفجيراً في مصر في منطقة الحسين، وشغباً في مقبرة البقيع والمسجد النبوي. (المقبوض عليهم في مصر بسبب التفجير شيعة وبعضهم من إيران).
    ورأينا ذلك واضحاً في العراق، فإيران تمد المليشيات الشيعية لتقتل السنة، وتمد بعض مليشيات السنة لتقتل الشيعة، وكل ذلك من أجل تحقيق الأهداف الإيرانية في العراق.
    إذن عسكرة أقلية محدودة قليلة العدد ليس من مصلحتها بل هو مدمر لها، والمؤمل من عقلاء الشيعة ومثقفيها أن يعنوا بمصلحة طائفتهم، بعيداً عن التأثير الخارجي، بل والاستثمار والتحريض الخارجي.

    بقلم : د عبدالله الصبيح
    رسالة الإسلام

     
  2. الصورة الرمزية ريحانة

    ريحانة تقول:

    افتراضي رد: شيعة السعودية.. ومأزق الاتجاه

    نسأل الله الكريم لهم الهداية وان يكفينا اياهم بما شاء

    وأن يطهر بلاد المسلمين منهم..

    بارك الله فيكم..