الشجرة المباركة... والعداء الصهيوني
السبت 11 من شوال 1429هـ 11-10-2008م




غزة – مراسل مفكرة الإسلام في فلسطين

شجرة مباركة، ثمرها مبارك وزيتها مبارك وتنمو في الأرض التي بارك الله حولها، تلك هي الشجرة التي وصفت في القرآن الكريم بأنها مباركة، فقد جاء في سورة النور: " شجرة الزيتون التي لطالما طالتها آلة البطش الصهيونية وجرفت منها عشرات الآلاف وكأن بينها وبين الكيان الصهيوني ثأرًا مسبقًا، وعلى الرغم من ذلك بقيت مباركة، وستبقى مباركة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها كيف لا.. وهذا ما قاله الله تعالى عنها في سورة النور:{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النور: 35] وفي هذا الوقت من العام يبدأ جني محصول الزيتون وعصره ولا يتوقف الطلب عن شرائه وتخزينه لتناوله على مدار العام في بيت كل فلسطيني يقطن في الأراضي الفلسطينية، بل يعتبر مادة أساسية في كل بيت خصوصًا في الصباح الباكر مع كوب من الشاي وخبز محمص مع قليل من الزيت والزعتر.
المواطن أبو إبراهيم سليمان صاحب بستان من الزيتون يعتبر أن هذا العام، عام الجهد وجني الثمار؛ حيث إن أشجار الزيتون تتميز بظاهرة تبادل الحمل؛ حيث تحمل عامًا وترتاح آخر، وهذا العام يعتبر عام الحمل الأمر الذي دفع أبا إبراهيم إلى استخدام كافة أفراد عائلته لمساعدته في قطف المحصول الذي تكسرت بعض أغصانه بسبب ثقل الحمل. على حد قوله.
ويؤكد أبو إبراهيم الذي تحدث لـــ " مفكرة الإسلام " وهو يحاول فرز الورق والشوائب من المحصول الذي وصل للتو من قبل أولاده الذين يعملون من الصباح الباكر معه قائلاً: إنها شجرة مباركة، فدائمًا كمية المحصول دومًا تكون أكثر مما قدر من قبل التجار وذي الخبرة، مؤكدًا أنه مثل بقية سكان فلسطين لا ينقطع الزيتون ولا زيته من البيت.
وهناك في زاوية ليست بعيدة من البستان كان هناك شيخ عجوز قد بلغ من الكبر عتيًا، يلتقط حبات الزيتون بسرعة فائقة تدلل على خبرة مكتسبة... عرفنا أنه والد لأبي إبراهيم أكد أنه يشرب دومًا في الصباح الباكر فنجانًا من زيت الزيتون على الريق منذ سنوات عديدة، مشددًا على أنه قبل هجرة الفلسطينيين قبل الاحتلال الصهيوني لأرضهم كان والده يملك بستانًا كبيرًا، وكان يستأجر الكثير من العمال لجني المحصول، وشدد على أن شجرة الزيتون أصل وعلم يميز فلسطين، معربًا عن أمله أن يأتي اليوم الذي تعود فيها الديار لأهلها في القريب العاجل.
هذا ويعتبر الزيت الفلسطيني من أجود أنواع الزيوت في العالم لاحتوائه على مواد تمنع التأكسد، بالإضافة إلى كونه يحمي من أمراض القلب والسرطان.
أسباب سياسية ومناخية
وزير الزراعة الفلسطيني الدكتور محمد الأغا أوضح في حديث لــ " مفكرة الإسلام " أن موسم الزيتون لها العام فوق المتوسط حيث كان متوقعًا أن يكون كثيفًا ولكن هناك أسباب سياسية وأخرى مناخية حالت دون ذلك، وتتمثل الأسباب السياسية في ما تنتهجه دولة الكيان الصهيوني من تجريف وتدمير وحرق طال مئات الآلاف من أشجار الزيتون، بالإضافة إلى منع الكيان الصهيوني لدخول الوقود، الأمر الذي أثر على عملية ري الأشجار ، أما عن الأسباب المناخية فتتمثل في أن المناخ كان حارًا وفوق معدله السنوي في فترة تفتح أزهار الزيتون، وهو ما أثر سلبًا نوعًا ما على المحصول الزراعي لهذا العام.
الزيتون عدو لدود للصهاينة
ولعل الناظر في بطش الآلة الصهيونية يشعر بلا شك أن الكيان الصهيوني الذي يستهدف الإنسان والحجر والشجر ليرى دون جدال أن شجرة الزيتون تمثل أحد ألد أعداء الكيان الصهيوني، وذلك من خلال محاولات مستمرة للنيل من هذه الشجرة المباركة.
فقد نفذ المستوطنون الصهاينة في الضفة الغربية الأسبوع الماضي محرقة عرفت بمحرقة الزيتون والتي قال عنها وزير الزراعة بأنها لا تقل شراسة عن المحرقة التي نفذها الكيان الصهيوني في جباليا في بداية شهر مارس من هذا العام.
ومنذ حوالي شهرين زادت الهجمة الشرسة على حقول ومزارع الزيتون، وفي منطقة نابلس وقراها أحرق المستوطنون آلاف الأشجار، وهذا ما أكده رئيس المجالس القروية في محافظة نابلس غسان دغلس لــ " مفكرة الإسلام " لافتًا إلى أن هناك أساليب أخرى للمستوطنين لاجتثاث أشجار الزيتون متمثلة في استخدامهم لمناشير آلية حيث قاموا بقص آلاف الأشجار واستئصالها من جذورها الأمر الذي أحال مساحات واسعة من حقول الزيتون إلى صحراء قاحلة.
وأدت الاعتداءات المتواصلة على شجرة الزيتون إلى انخفاض الإنتاج لهذا العام في محافظات نابلس إلى حوالي 50% من الإنتاج الأصلي.
وأشار دغلس إلى وجود تبادل للأدوار بين قوات الاحتلال الصهيوني والمستوطنين، حيث تعمد قوات الاحتلال على منع سيارات الإطفاء والدفاع المدني من الوصول إلى الأراضي المحترقة إلا بعد أن تأتي النيران عليها بالكامل، وحدث هذا الأسبوع الماضي حيث تم حجز سيارات الدفاع المدني لمدة ساعتين عند حاجز حوارة، الأمر الذي أدى إلى تكبد المزارعين خسائر فادحة يعجز الحديث عن وصفها.
شجرة مباركة ومتجذرة في القلوب
وعن الأسباب التي تكمن وراء عداء الكيان الصهيوني لشجرة الزيتون قال الوزير الأغا: الكيان الصهيوني يعلم جيدًا أن شجرة الزيتون متجذرة مع الفلسطينيين ومع تراثهم ومع أرضهم، وفوق هذا وذاك فقد ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ووصفت بأنها شجرة مباركة ، وهناك في فلسطين أقدم شجرة زيتون في العالم والتي يبلغ عمرها ما يقارب أكثر من خمسة آلاف عام، وهناك أيضًا أشجار للزيتون أعمارها ما بين أربعة آلاف وثلاثة آلاف عام أيضًا.
ولفت الوزير الأغا إلى أن الاحتلال الصهيوني قام بتجريف مئات الآلاف من أشجار الزيتون من على المنطقة الحدودية لقطاع غزة ربما أعمار هذه الأشجار يزيد على عمر دولة الاحتلال بكثير.
وأكد الوزير الأغا إلى أن الوزارة بغزة شرعت بالبدء في زراعة مائة ألف شتلة زيتون وستقوم بتوزيعها على المزارعين مجانًا، لتعوض المزارعين عن الخسائر التي تكبدوها من قبل آلة البطش الصهيونية، وذلك في دلالة واضحة على تحدي المزارع الفلسطيني لكل المحاولات الرامية لاستئصاله من أرضه داعيًا جميع العرب والمسلمين للوقوف إلى جانب الفلسطينيين الذين يدافعون عن حياض الأمة ومقدساتها.