الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية آمال

    آمال تقول:

    افتراضي قصة الغرانيق قصة مكذوبة ولكن ....

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه
    أما بعد
    قصة الغرانيق هي قصة يذكرها كثير من المفسرون كسبب لنزول قوله تعالى :

    [COLOR="DarkRed"]{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }الحج52[/COLOR]
    وتقول هذه الأكذوبة:
    أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى الصلاة بالناس سورة " النجم: فلما وصل صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى: (أفرأيتم اللات والعزى* ومناة الثالثة الأخرى) ؛ تقول الأكذوبة:
    إنه صلى الله عليه وسلم قال: ـ حسب زعمهم ـ تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى.
    ثم استمر صلى الله عليه وسلم فى القراءة ثم سجد وسجد كل من كانوا خلفه من المسلمين وأضافت الروايات أنه سجد معهم من كان وراءهم من المشركين !!

    وفي هذه الأكذوبة ألف العلامة الألباني ردا بعنوان "نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق "
    يمكنكم تحميلها من الرابط التالي
    :

    http://www.ala7ebah.com/upload/uploa...1220467323.doc

    كما أن للقرطبي رد على هذه الأكذوبة
    http://quran.al-islam.com/Tafseer/Di...ora=22&nAya=52
    وفي هذا الموقع تجد ردا وافيا على هذه القصة الملفقة :
    http://www.ebnmaryam.com/web/modules...rticle&sid=351
    والذي يثير تساؤلي
    أنه رغم إجماع علماء السنة على أن هذه القصة غير صحيحة مع ذلك لا تحذف هذه القصص من كتب التفسير التي استندت عليها كتفسير ابن كثير
    http://quran.al-islam.com/Tafseer/Di...ora=22&nAya=52
    أو تفسير الطبري
    http://quran.al-islam.com/Tafseer/Di...ora=22&nAya=52
    وتبقى بذلك ذريعة بيد المشككين والطاعنين في الإسلام
    وهذه القصة الضعيفة ليست فريدة ووحيدة في كتب التفسير فهناك العديد من القصص الضعيفة بل والمتفق على أنها موضوعة لا تزال في كتب التفسير

    فلماذا لا تنقى كتب التفسير من هذه الشوائب لنقطع الطريق على أعداء الإسلام ؟؟؟
     
  2. الصورة الرمزية وما توفيقي إلا بالله

    وما توفيقي إلا بالله تقول:

    افتراضي رد : قصة الغرانيق قصة مكذوبة ولكن ....

    بارك الله فيكم اختنا الفاضله دعينا نضيف في هذا الموضوع قليلا

    مدى صحة قصة الغرانيق؟

    السؤال:

    ورد في تفسير الجلالين في سبب نزول الآية (52) من سورة الحج: أن الرسول عليه الصلاة والسلام وهو يقرأ: أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى" سورة النجم الآيتان 19 – 20.

    أن الشيطان ألقى على لسانه تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى. فهل هناك ما يدل على صحة هذه القصة من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم أم هي من الإسرائيليات؟ أفيدونا أفادكم الله.






    الجواب:
    ليس في إلقاء هذه الألفاظ في قراءته صلى الله عليه وسلم حديث صحيح يعتمد عليه فيما أعلم، ولكنها رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث مرسلة، كما نبه على ذلك الحافظ ابن كثير في تفسير آية الحج، ولكن إلقاء الشيطان في قراءته صلى الله عليه وسلم في آيات النجم وهي قوله: أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى"

    الآيات، شيء ثابت بنص الآية في سورة الحج، وهي قوله سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" سورة الحج الآية 52.
    فقوله سبحانه: إِلا إِذَا تَمَنَّى أي: تلا، وقوله سبحانه: أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ أي: في تلاوته، ثم إن الله سبحانه ينسخ ذلك الذي ألقاه الشيطان ويوضح بطلانه في آيات أخرى، ويحكم آياته ابتلاءً وامتحاناً، كما قال سبحانه بعد هذا: لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْسورة الحج الآية 53.الآيات، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ما يلقيه الشيطان من الشبه على ألسنة أهل الحق وغيرهم، وأن يلزم الحق الواضح الأدلة، وأن يفسر المشتبه بالمحكم حتى لا تبقى عليه شبهة، كما قال الله سبحانه في أول سورة آل عمران: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الْأَلْبَابِ"سورة آل عمران الآية 7.

    وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه قال: ((إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم)) متفق على صحته، والله ولي التوفيق.

    :::المصدر: فتاوى ومقالات الشيخ: عبد العزيز بن باز رحمهُ الله :::



    وهذا جزء من محاضرة رعاية المصالح : للشيخ ابي اسحاق الحوينى حفظهُ الله تكلم عن بطلان قصة الغرانيق ايضاً :





    زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ: "أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى "
    [النجم:19-20] (((تلك الغرانيق العلا))) (((وإن شفاعتهن لترتجى))) قال له جبريل : أنا ما أتيتك بهذا، أنا ما أنزلت عليك هذا الذي تقرأ.

    فيزعمون أنه صلى الله عليه وسلم قال: قد افتريت على الله.
    فأنزل قوله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * "لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ "[الحج:52-53]. (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى)
    معنى (تمنى): أي تلا وقرأ، ومنه قولحسان بن ثابت في عثمان : تمنى كتاب الله أول ليلة ……………… أي: قرأ، فمعنى (تمنى) هنا: أي قرأ وتلا: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى) أي: قرأ (أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِه) أي: بينما هو يقرأ إذ الشيطان يدس شيئاً في قراءته: (فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ) ويبطله (ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ) فلا يصير فيها لبساً ولا إدخالاً من الشيطان: (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) فيقولون: إنه صلى الله عليه وسلم لما أدخل الشيطان على قراءته -وهو يقرأ-: ((( تلك الغرانيق العلا ))) ((( وإن شفاعتهن لترتجى ))) سجد المشركون والمسلمون جميعاً، وقال المشركون: ما ذكر آلهتنا قبل اليوم بخير، ولا نرى إلا أنه داهننا وامتدح آلهتنا؛ فسجدوا لذلك إلا رجلاً واحداً وهو أمية بن خلف ، ما رضي أن يسجد، وأنف من ذلك، وأخذ حفنة من تراب ووضعها على جبهته.

    هذه القصة ليس لها إسناد صحيح، وهي باطلة.

    ولو جاءت بأصح الأسانيد

    لجزمنا أنها باطلة بغير تردد.

    إن في إثبات هذه القصة تضييعاً للعصمة التي يمتاز بها الأنبياء. أرأيتم إلى نبي يدخل عليه الشيطان شركاً وكفراً صريحاً، ثم لا يعلم أن هذا من الكفر أو الشرك، ثم لا يعلم أن هذا من إدخال الشيطان عليه؟! إن في إثبات هذه القصة تضييعاً للقرآن ذاته، فيأتينا ملحد يقول: لعل هذه الآية من إدخال الشيطان على النبي وهو لا يدري. ((( تلك الغرانيق العلا )))...!
    (غرانيق): جمع غرنيق، أي: تلك الأصنام علية المنزلة.
    ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم من يوم أن بعث؟ ألم يبعث بمحاربة هذه الأصنام وتحطيمها؟!
    كيف يأتي بعد ذلك فيمدحها بأنها علية، لها شأن علي..؟!
    (تلك) اسم إشارة للبعيد، ويقولون: إن استخدام اسم الإشارة للبعيد يفيد علو المنزلة، كقول الله تعالى: "ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ "
    [البقرة:2] بخلاف: (هذا الكتاب لا ريب فيه)، (ذلك): اسم إشارة للبعيد، أي أنه يفيد بعد المنزلة وعلوها، فعندما يقول: ((( تلك الغرانيق العلا ))) فيشير إليها بهذا التعظيم الذي يحمل في طيات اسم الإشارة، ثم هذا التصريح (العلا) بأنها علية.

    ((( وإن شفاعتهن لترتجى ))) أي أنك إذا ذهبت إلى صنم وطلبت منه الشفاعة لكان ذلك مما يرجى منه..!

    لو أن عبداً من عبيد الله من المسلمين صرح بهذه العبارة ثم اعتقدها؛ لكفرناه بلا خلاف.

    لو زعم أن هذه الأصنام تنفع وتضر، وأنه لو استشفعها لشفعت له؛ لكفرناه بلا خلاف.

    أيمكن أن يصدر هذا من النبي صلى الله عليه وسلم ثم لا يعلم أهذا شرك أم توحيد؟!!

    هل هذا معقول؟!!

    النبي عليه الصلاة والسلام الذي علم الناس التوحيد لا يعلم إن كان مدح الأصنام من جملة الكفر أو من جملة التوحيد؟!!

    ثم إن سياق سورة النجم يندد بهذه الأصنام، يندد بها، كيف يستقيم تنديد ومدح في ذات السياق؟!

    إن هذا لا ينطلي على أضعف الناس نظراً في العربية والسياق، فكيف ينطلي على رسول الله عليه الصلاة والسلام..؟!

    لم يصح سند لهذه القصة، ولو جاءنا (مالك عن نافع عن ابن عمر أصح الأسانيد) لجزمنا ببطلان هذه القصة؛ لما فيها من الجور والحيف على إثبات العصمة له صلى الله عليه وسلم،
    وقد أجمع المسلمون على أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من العمد والخطأ والسهو في حال البيان، في حال إبلاغ القرآن: يَا "أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ"[المائدة:67] .

    ذهب بعض العلماء إلى أن العصمة هنا هي العصمة في البلاغ، وأنه لا يدخل في تبليغه عليه الصلاة والسلام تحريف قط، لا عمداً ولا سهواً.

    والتفسير الثاني للعصمة: أن الله يعصمه من الناس، أي: لا يقتل، يضمن له أنه لا يقتله أحد، وهذا لعله التفسير الأرجح، أنه لن يقتله أحد حتى يبلغ ما أمره الله تبارك وتعالى به.

    يأتي رجل يقول: إن النبي عليه الصلاة والسلام امتدح الأصنام لأجل مصلحة الدعوة؟!

    ليحتج بهذا على إثبات طواف هؤلاء حول المقابر.
    يقول: لماذا تلوموننا وهذا النبي عليه الصلاة والسلام مدح الأصنام حتى يستميل قلوب قريش؟!
    وقد حدث، فقال: ((( تلك الغرانيق العلا ))) ((( وإن شفاعتهن لترتجى ))).

    فإن قلتَ -حيث أنك أثبت بطلان هذه القصة-:
    فما هو وجه تأويل قوله تبارك وتعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ "[الحج:52]، فهذا يبين أن الشيطان يلقي في بعض التلاوة، فهذه الجملة في إثبات القصة؟ سأقول لك: لو سلمت معك جدلاً أن القصة ثابتة؛ فتأويلها على غير ما تقرأ، مع أنها لم تثبت، لكن سلمنا جدلاً أنها ثبتت، فالذي اختاره ابن كثير وغيره كـالحافظابن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ يقرأ قراءة متأنية يفصل بين الآيات، وهذه طريقته عليه الصلاة والسلام، قالت عائشة رضي الله عنها: (ما كان رسول الله يسرد الحديث كسردكم، إنما كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلاً تفهمه القلوب) فقرات وجملاً، بحيث أن السامع لها يفطن للمعنى الذي يريد، فإن السرعة في القول تفوت بعض مقصود المتكلم، بحيث أن السامع لا يستطيع متابعة المتكلم لسرعته، لذلك كان الأفضل أن يتكلم الإنسان كلاماً فصلاً بطيئاً؛ حتى يتيح للسامع التأمل. فكان عليه الصلاة والسلام يقرأ هكذا: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى [النجم:19] ثم يسكت "وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى "[النجم:20] ثم يسكت، ففي هذه السكتة نطق الشيطان وحاكى صوت النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ((( تلك الغرانيق العلا ))) ((( وإن شفاعتهن لترتجى )))، فسمع المشركون صوتاً يشبه صوت النبي عليه الصلاة والسلام، فظنوا أنه عليه الصلاة والسلام هو الذي قرأ، وخرجوا بهذا من المشكل؛ لأن الحافظ ابن حجر في الفتح زعم أن هذه القصة لها قوة، قال: إن مجموع طرق هذه القصة يفيد أن لها أصلاً. يفيد أنها حدثت، لكن الحافظ ابن حجر أول هذا التأويل الذي ذكرته، وقال: يستحيل أن يجري هذا الكلام على لسان النبي عليه الصلاة والسلام، فإن هذا مناف تماماً للعصمة في البلاغ، لكن الحافظ ابن حجر حمل على أن الشيطان هو الذي تكلم في أثناء هذه السكتات بصوت يشبه صوت النبي عليه الصلاة والسلام؛ فظن المشركون أن هذا من جملة التلاوة. ولذلك تتمة الآيات: "لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ "[الحج:53] أي أن الذي ألقاه الشيطان بلسانه صار فتنة لهؤلاء، وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم يحابي آلهتهم؛ ففتنوا فتوناً عظيماً لهذا.
    لكن العلماء يقولون: (إن التأويل فرع التصحيح).

    وهذه القاعدة مهمة، ومعناها: أنك لا تلجأ إلى تأويل رواية أمامك إلا بعد أن تثبت صحتها، وإلا صار التأويل عبثاً. لماذا تؤول شيئاً ضعيفاً أو مكذوباً أو باطلاً؟ يكفي في رد الباطل أنه باطل؛ لذلك يقولون: إن التأويل فرع التصحيح، أي أنك لا تلجأ لتأويل رواية أمامك إلا بعد أن تثبت أنها صحيحة، فإن ثبت لديك أنها ضعيفة أو مكذوبة أو منكرة فلا تشتغل بتأويلها. لذلك نحن نضرب صفحاً عن هذه القصة، ونرى أنها باطلة، وقد صرح جمع من العلماء ببطلان هذه القصة، حتى قالالقاضي عياض -بعد أن أثبت ضعفها وبطلانها- قال: (وعلى التسليم أنها صحيحة، فتأويلها كذا وكذا، ونعوذ بالله من صحتها). فإنه ليس لها إسناد يقوم على طريقة أهل الحديث، فكفانا الله مئونتها ومئونة تأويلها. فما هو التأويل الصحيح للآية: "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ "[الحج:52] أي: ما يقرأ نبي آية إلا أولها بعض البطلة والمبتدعة تأويلاً يعود على الآية بالإبطال (إذا تمنى): أي إذا الرسول قرأ؛ ألقى الشيطان في أذهان بعض السامعين تأويلاً يعود على الآية بالبطلان.. مثلاً: لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ "[المائدة:3]، قال المشركون: انظروا إليه يأكل ما قتل ولا يأكل ما قتل الله، لأن الله تبارك وتعالى قال: "وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ "[المائدة:3] المنخنقة: أي التي تخنق، والموقوذة: أي التي تضرب بحديدة أو بخشبة على رأسها فتموت، والمتردية: أي التي تتردى من مكان عال إلى مكان منخفض؛ فتموت بأثر الصدمة، والنطيحة: أي: التي نطحتها أختها فماتت بسبب النطحة. فيقولون: إن هذه الأنواع كلها الله عز وجل هو السبب في قتلها، قدر عليها أن تموت فماتت، فكيف لا تأكلون ما قتل الله، ثم تأكلون ما قتلتم أنتم بالذبح؟! فيعودون لهذا التأويل بالبطلان على الآية: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]، أفتأكلون ما تقتلون ولا تأكلون ما قتل الله؟! فالنبي صلى الله عليه وسلم يتلو، يتمنى في تلاوته فيلقي الشيطان الشُبه التي تعود على هذه التلاوة لإبطال معناها، وهذا في النهاية تكذيب صريح للتلاوة. وأيضاً لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: "إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ "[الأنبياء:98]، قالوا: إذاً عيسى في النار؛ لأن هناك من عبدوه، "إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ "[الأنبياء:98]، يعني: الذين يعبدون وآلهتهم التي كانوا يعبدونها في جهنم، فعيسى عليه السلام عُبد من دون الله؛ إذاً هو في النار.. فيعودون بمثل هذه الشبه على الآية بالإبطال.

    هذه الآية إنما تقال فيمن عبد وسلم أنه معبود، رجل قيل له: أنت إلهنا، قال: نعم، أنا إلهكم. فهذا رضي بذلك، فهو ومن عبده في النار، أما عيسى عليه السلام فيبرأ من هذا: "وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ "
    [المائدة:116]، فهناك بيان صريح أن عيسى عليه الصلاة والسلام تبرأ أن يكون إلهاً، لكن هؤلاء يعودون بتأويلهم هذا إلى إبطال هذه الآية، معنى أن تثبت أن عيسى عليه السلام ومن عبده في النار، إذاً أنت تعود بالبطلان على هذه الآيات من سورة المائدة: "أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ "[المائدة:116].

    فالرسول يقرأ، والشيطان يلقي الشبه في أذهان المستمعين؛ فيعودون على الآية أو بعض الآيات الأخرى بالبطلان..هذا هو التفسير الصحيح للآية. "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ "[الحج:52] وهذا يدل على شمول هذا التزيين من الشيطان، سواء كان للرسل أو للأنبياء. ومعلوم أن الرسول أعم من النبي، فكل رسول نبي وليس العكس، ليس كل نبي رسولاً، فهناك بعض الأنبياء إنما آتاهم الله النبوة تشريفاً لهم، لكن ليس لهم رسالة يؤدونها إلى أقوامهم.

    فما من رسول أو نبي قرأ شيئاً من الوحي إلا ألقى الشيطان في هذا الوحي بالإيهام، فيعود على التلاوة بالبطلان، لكن أن يكون هذا فيما يتعلق بقصة الغرانيق.. حاشا لله، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم معصوم ومنزه عن أن يقع في هذا الكفر الصريح.. نعوذ بالله تعالى من اعتناق الباطل. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

    لا مداهنه فى العقيدة:

    الحمد لله رب العالمين، له الحمد الحسن والثناء الجميل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، "يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ "[الأحزاب:4]، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. هذه القصة -قصة الغرانيق- وإن كانت غير معروفة للسواد الأعظم، لكنها كانت فرصة حتى نجلي هذا البحث الذي يحتاج إلى نوع تأمل وتدبر وبحث في الكتب؛ لنعلم الوجه الصحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أول ما فعل أقر التوحيد في نفوس أتباعه. لا يمكن أن نداهن هؤلاء المشركين على حساب العقيدة، فإن المواقف التي وادع المشركين فيها وسالمهم هي بعيدة تماماً عن حيز العقيدة، هي فيما يتعلق بإرساء دعائم بعض الأحكام الشرعية وليس التوحيد، ليس في التوحيد مداهنة. ولقد كان من اليوم الأول يبين لهؤلاء المشركين أن هذه الآلهة لا تغني شيئاً، ويجهر بها حتى أنه لما قال لهم: (قولوا لا إله إلا الله) أبوا أن يقولوها مجرد قولٍ، حتى عمه لما قال له: (قلها أحاج بها بين يدي الله عنك) (قلها أحاج لك بها) فانبرى أبو جهل وقال: يا أبا طالب ! أترغب عن ملة آبائك؟ قال: لا أرغب عن ملة آبائي، ومات بغير أن يقولها. كان عليه الصلاة والسلام أثبت من الجبال الرواسي في تبليغ هذه الكلمة مع تبيين حدودها. إن المشركين الأول كانوا يفهمون هذه الكلمة أفضل من بعض علماء المسلمين الآن، ولا أقول السواد الأعظم من المسلمين. لو أن المسلمين الآن فهموا لا إله إلا الله كما فهمها المشركون الأوائل؛ لما وجدت هذه الوثنية عندهم، وليس بالضرورة أن نسوي بين المسلمين وبين المشركين.. نعوذ بالله من ذلك، إنما نتكلم في فهم الكلمة. لقد حارب العرب حروباً شديدة ضد المسلمين حتى لا يقولوا هذه الكلمة، ولو مجرد قول يخرج من أفواههم أبداً؛ لأنهم كانوا يفهمونها حق الفهم.

    معنى (لا إله إلا الله): لا معبود بحق سوى الله، ولا مشرع بحق سوى الله، و "إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ "[يوسف:40]، فمعنى الاعتراف بهذه الكلمة: خلع الأنداد، خلع السلطان، خلع الصولجان، خلع هذا المنصب الرفيع الذي كان يتمتع به سادة قريش من أن يحكموا في دماء الناس بغير معقب لهم.. يعني تسلب كل السلطات من أيديهم إذا قالوا: لا إله إلا الله؛ لذلك كانوا يأبون أشد الإباء أن يقولوها أويعترفوا بها.. هذا معنى (لا إله إلا الله): أن الله تبارك وتعالى إن حكم فيك بحكم أن تنصاع له، ولا يجوز لك أن تقدم بين يدي الله ورسوله، فهذا كان واضحاً جداً من دعوة النبي عليه الصلاة والسلام. ثم إنه قد ورد في بعض هذه الروايات الباطلة أن النبي صلى الله عليه وسلم تمنى في قلبه، وهذا تفسير آخر لمعنى (إذا تمنى)،

    قلنا: إن التفسير الأول -وهو المعتمد- (إذا تمنى): أي إذا تلا وقرأ، وهناك تفسير آخر (إذا تمنى): أي من الأمنيات التي تتردد في الصدر. فبعض هذه الروايات تقول: إن النبي عليه الصلاة والسلام تمنى أن لا يوحى إليه شيء في سب الأصنام حتى يستميل قلوب المشركين.. وهذا كفر أيضاً: أن تتمنى أن الله تبارك وتعالى لا ينزل قرآناً يسب فيه الأصنام، هذا ميل، والله تبارك وتعالى يقول: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ"[الحاقة:44-46]، لو خطر بباله أن يتقول علينا وأن يفتري علينا بعض الآيات "لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ *ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ"[الحاقة:45-46] أي: لأهلكناه فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ "[الحاقة:47]، لا يمكن أن يتقول، حاشا لله أن يتقول من عنده، أو أن يتمنى ألا ينزل الله تبارك وتعالى آيات تندد بالمشركين وبآلهتهم.. هذا كله ورد في الروايات الباطلة. أهناك مسلم عنده مثل هذه المقدمات الأساسية الضرورية، يمكن أن يقول: إن هذه القصة صحيحة، والنبي عليه الصلاة والسلام جاهد المشركين وأثنى على أصنامهم لأجل أن يدعوهم، وأنه سلك هذا المسلك لمصلحة الدعوة..؟!
    هذا لا يمكن أن يقوله رجل عنده هذه المقدمات أبداً. ......

    سجود المشركين بعد قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لسورة النجم


    بقي سؤال أخير -وهو سؤال ضروري-: إذاً لماذا سجد المشركون؟ وسجود المشركين ثابت في صحيح البخاري ، من حديثابن مسعود : (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قرأ سورة النجم، فبلغ آخرها"فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا" [النجم:62] سجد المشركون والمسلمون إلا رجلاً واحداً أخذ بعض تراب ووضعه على جبهته) هوأمية بن خلف كما ورد في بعض الروايات، وهناك خلاف في تعيين اسم الذي لم يسجد، أنه أخذ بعض تراب ووضعه على جبهته. لماذا سجدوا إذاً؟

    سجد المشركون لأن في آخر السورة ذكر الله تبارك وتعالى إهلاك عاد وثمود وقوم لوط "وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى * وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى *وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى * وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى * فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى "[النجم:50-54]، هذه آيات أرعبت المشركين، وظنوا أنهم لصدق النبي صلى الله عليه وسلم إن لم يسجدوا سيحيق بهم ما حاق بهؤلاء الأقوام، وظنوا أنهم لو سجدوا -حتى ولو عن غير إيمان بهذه الدعوة- أنهم ينجون من العذاب، وقد كانوا يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم صادق، وأن الإنذار الذي يأتي به لا محالة واقع.

    وهذا شبيه بما رواه البيهقي في دلائل النبوة بسند حسن عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن أبا جهل قال: من يأتي محمداً -صلى الله عليه وسلم- ويكون عالماً بالسحر والكهانة، فيسمع الذي يقول؟ قالوا: إنك لن تجد أفضل منعتبة بن ربيعة -وكان رجلاً عالماً بالسحر والكهانة- فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فتلا عليه النبي عليه الصلاة والسلام (حم فصلت)، حتى إذا بلغ قوله تعالى:فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ[فصلت:13] ، وضع عتبة بن ربيعة يده على فم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أمسك.. لا تكمل؛ لأنه يعلم -وقد صرح كما سيأتي الآن- أنه صادق صلى الله عليه وسلم إذا جاء بالإنذار، قال: أمسك، أي: لا تكمل القراءة، وقعد في بيت النبي عليه الصلاة والسلام وما استطاع الخروج، ففشا في قريش أنه صبأ وكفر، وأعجبه طعام محمد صلى الله عليه وسلم. فبعد أيام خرج، قالوا له: أعجبك طعام محمد؟ قال: يا قوم! إنكم لتعلمون أني من أغنى قريش، فما كنت لأقعد لطعام محمد، إنما خفت، فإنه لما قرأ (فَإِنْ أَعْرَضُوا) أي: عن هذا البيان وعن هذا القرآن (فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) قال: فأمسكت على فمه وقلت: اذكر بخير، وإنكم يا قوم لتعلمون أنه إن أنذركم بعذاب إنه لصادق. فكأن المشركين لما قرع أسماعهم هذه الآيات في إهلاك الأقوام السابقين ظنوا أنهم سيحيق بهم هذا العذاب إن لم يسجدوا فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا[النجم:62]، فظنوا -إن سجدوا ولو عن غير إيمان بهذا الذي سمعوا- أن هذا ينجيهم من العذاب، فهذا هو وجه سجود هؤلاء المشركين مع النبي صلى الله عليه وسلم. نسأل الله تبارك وتعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما جهلنا، وأن يأخذ بأيدينا ونواصينا إلى الخير. اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين. اللهم اجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر. رب آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.......

    :::المصدر لتفريغ المحاضرة : الشبكة الإسلامية :::
     
  3. الصورة الرمزية آمال

    آمال تقول:

    افتراضي رد : قصة الغرانيق قصة مكذوبة ولكن ....

    جزاك الله خيرا وبارك فيك أخي " وما توفيقي إلا بالله " على الإضافات الرائعة والمفيدة في هذا الموضوع

    يبقى السؤال :

    لماذا لاتنقى كتب التفسير من الأحاديث التي فيها ضعف ولا يقتصر الأمر على هذا الحديث ؟؟