الحمد الذي لا تعد نعمه و لا تحصى مننه و لا إله غيره و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين النبي الآمين و آله الطيبين و على صحابته الغر الميمين ثم أما بعد :

أخوتي الأحباء الكثير منا يعلم أن لكل لعبة رياضية قواعد و أحكام تنظم مسار هذه اللعبة و إلا فإن الأمر سيكون فوضى و حتى لا أطيل عليكم فإن من أشهر الألعاب الرياضية هي كرة القدم بل هي أشهرها على الإطلاق . فكرة هذه اللعبة هي أن هناك فريقان يتصارعان من أجل إحراز هدف لكن و حتى تزداد تلك اللعبة سخونة و صعوبة فقد أوجدوا لهذه اللعبة قانون لحماية المرمى أسمه تسلل فإذا تسلل

لاعب خلف خطوط الدفاع الخاص بالفريق المنافس فإن الحكم يقوم بإيقاف المبارة لهذا التسلل حتى يحمي المرمى .
أخوتي الكرام فالغرض الرئيسي من هذا القانون هو حماية المرمى من المتسللين
و هناك حكم خاص لضبط هؤلاء المتسللين اسمه حامل الراية .
أخوتي الأحباء نعود مرة آخرى لموضوعنا بعد هذه المقدمة الرياضية التي قد يدهش البعض و يسأل نفسه ما علاقة هذه المقدمة بما نحن بصدده اليوم فأقول إن أننا اليوم أحوج من نكون لحامل راية كهذا الذي ذكرناه آنفا لحماية الجبهة الإسلامية بل إني أقول إننا في حاجة ماسة لآلاف من حملة الرايات فقد كثر المتسللون إلى حصوننا وصارت الحصون الإسلامية مهددة في كل مكان بل وأقول و العين تبكي دما لا دمعا لقد سقطت بالفعل العديد من الحصون نتيجة لانعدام حملة الرايات الذين يكشفون هؤلاء المتسللين الذين يريدون هدم الإسلام و تمزيق أهله و تشويه الهوية الإسلامية فقد زاد هؤلاء المجرمون و علت أصواتهم فمن لهم يكشف زيغهم و يمنع هذا التسلل الذي يكاد يحطم هوية الأمة ؟؟؟!!!! و أين رجال الأمة أين ذهبوا ؟؟ ألا ترى معي أخي الحبيب إلى هذا الطابور الخامس الذي يعادي الإسلام بكل تبجح في كل مكان ألا ترى تلك الحملة الصليبية الشرسة التي استباحت بيضة الإسلام ونالت من أهله كل منال ألا ترى إلى أحفاد القردة و الخنازير كيف دنسوا المسجد الأقصى و إلى تلك الفظائع التي ارتكبوها و يرتكبوها يوميا في حق أخواننا
فما بالنا تظاهرنا بفقد البصر
و وضعنا أصابعنا في آذننا حتى لا نسمع صرخة الاستغاثة التي يطلقها الإسلام في كل مكان .

أخي الحبيب أن المراد من هذه الهمسة بإذن الله هي بعث الهمة في صدور شباب و فتيات الإسلام هي نداء للجميع تعالوا فهناك عشرات الرايات فلا تحرموا أنفسكم هذا الشرف هيا أيها الأحبة دعونا نتسابق في هذا المضمار الذي يكاد يكون قد خلا من المتسابقين و صار التنافس فقط على هذه الدنيا الزائلة إلا ما رحم الله بل العجب أن الكثير من شباب الأمة يلهث الآن خلف الضياع فلا هدف و لا غاية و لا أحلام بل هو مستنقع الفشل التي غاصت فيه أقدام الكثيرون إلا ما رحم الله .

و أظنك أخي الكريم تريد أن تكون من أهل الشرف و العزة انظر معي أيها الحبيب إلى شرف هذه الراية و إلى التنافس لحملها انظر معي بعين قلبك فقد جاء في الحديث الذي يرويه أنس رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا وجعفرا وعبد الله بن رواحة ودفع الراية إلى زيد فأصيبوا جميعا
قال أنس فنعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يجيء الخبر فقال أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر فأصيب ثم أخذها عبد الله بن رواحة فأصيب ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد
قال فجعل يحدث الناس وعيناه تذرفان
وفي رواية قال وما يسرهم أنهم عندنا
رواه البخاري وغيره

فانظر أيها الكريم إلى حرص الصحابة الكرام على هذه الراية و الذود عنها حتى آخر قطرة دم فلو نكثت هذه الراية انفضت الجيوش و كانت الهزيمة هي النتيجة الحتمية لذا ترى أن الصحابة في تلك الغزوة كانوا يعلمون أن حامل الراية هو من ستستهدفه سيوف الأعداء و بالرغم من ذلك كانوا حريصين أشد الحرص على الموت دونها بل جاء في حديث فتح خيبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله . فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها و في أحد روايات الحديث فتطاولنا لها

فانظر أيها الحبيب كيف كان كل الصحابة يجتهدون لنيل هذا الشرف بل يتطاولون حرصا لحمل هذه الراية العظيمة و هم يعلمون حجم هذه لأمانة بل أن أول المستهدفين في الصف الإسلامي هم أصحاب الرايات و حرص المعسكرات الجاهلية على إبادة أمثال هؤلاء معلومة .

السؤال ؟


هل نحن صادقون في انتمائنا لديننا وعقيدتنا؟

هل يقف معنى الشعور بالانتماء لدى الكثيرين عند التلفّظ بالشهادتين وإقامة الصلاة وإظهار شيءٍ من شعائر الدين؟

ماذا يعني صدقُ انتسابنا للإسلام؟

إن من يدعي حبَّ محبوب لا بدّ أن يقدّم البراهين والدلائل على صدق محبته لذلك المحبوب، وإلا أضحى الحب ادّعاءً باطلاً وزعمًا بعيدًا عن الواقعية.


** إنّ البشر في حياتهم العملية يتفانون في صدق ولائهم وانتمائهم لمرجعهم، فالتاجر يمدح تجارته ويثني على مبيعاته، ينشر أوراقه وعباراته الدعائية في سبيل إنفاق سلعته وربح تجارته.

** العامل في دائرة حكومية أو مؤسسة أو شركة يثني على أعمالها، ويذكر إنجازاتها، وينافح عنها، ويردّ على مزاعم من يقدح فيها.

وتلك ظاهرة نشاهدها في أنفسنا، في عواطفنا وتعاملنا، نراها في عبارات الناس من حولنا وحديثهم، نقرأها ونسمعها في وسائل الإعلام المختلفة، ولا تكاد تجلس في مجلس إلاّ وترى من ذلك ما يُرضي ويُسخط.


إذًا بمَ يطالبك الإسلام الذي كرِّمت بالانتساب إليه وشُرِّفت بالانتماء له؟

وقبل الإجابة على هذا التساؤل المهمّ لا بد من التذكير بقضيّة مهمة، هي سهلة بديهية، ولكننا نغفل عنها وننساها كثيرًا، وهي ـ ولا إخالك تجهلها ـ أنك عضو في الأمّة، ولبنة في جدارها، أنت واحد من ذلك المليار أو يزيد ممن ينتمون لهذا الدين الحنيف.

إذًا أنت تشكّل جزءًا لا يتجزّأ ممن يمثّلون هذا الدين شئتَ أم أبيت.

وعلى هذا فأنت تؤثّر في هذا الكيان سلبًا أو إيجابًا، أنت تدفع عجلةَ الأمة إما إلى الأمام أو إلى الخلف.

لا تنظر لنفسك بعين السخرية والاحتقار والصّغار لتسأَل: وماذا عساني أن أقدّم للمليار؟!

أنت نقطة في هذا البحر، وهل السيل إلا اجتماع النقط؟!
ولتقريب الصورة فأنت واحد من مليار واحد وأكثر ، فهل قدّمتَ ما يشفع لك الانتماءَ لهذا العدد؟

إن الإسلام لا يطالب أتباعَه إلا على قدر طاقتِهم وبحسب استطاعتهم
لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة:286].

إنه يريد منك همًّا يعتلِج في صدرِك، يشغَل تفكيرك، تحزن لمصائبِه، وتفرح لفوزِه وعلوّه.

يريد منك نية صالحة أن تشاركَ في كلّ خير

قال تعالى (( وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ [التوبة:92].

إنهم معذورون، ولكنّه الهمُّ خالط نفوسهم والأسى تحشرج في صدورهم خزنًا وألمًا أن لا يجدون مالاً يشاركون به لرفع ...... ماذا ؟؟

لرفع راية "لا إله إلا الله ".

لن أتكلم في حالنا فبإذن الله سنبدأ
ونقول نقطة ومن أول السطر

ولكن سطر بدايته السير على نهج الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة

فليست الدعوة حكرًا على أناس معيّنين، وليس العمل للدين محصورًا في شريحةٍ معينة من المجتمع لا يتعداها لغيرها، فقدم لدينك وإن كنتَ مقصّرًا في بعض جوانب الدين.

فمن ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط
أيها الأحباب:

إن واجبنا ن نتفقد أنفسنا، ما مدى العزيمة على العطاء في نفوسنا؟
ما مقدار الهم للعمل للدين في قلوبنا؟
ثم نحول ذلك إلى برنامج عملي في حياتنا.
برنامج يومي يعيشه كل منا في يومه، وهو أن يكون ذا عطاء لهذا الدين.
لقد مرِضَ المسلمون اليومَ (إلا من رحم ربي ) بالتدينِ السلبيِ الجامدِ الهامد الذي لا يقدمُ ولا ينفعُ ولا يخدم

إننا اليوم أمام خيار لا خيار لنا غيره

وهو أن نقدم لديننا وأن نعيش له حتى نلقى الله وقد قدمنا شيئاً لهذا الدين.