بسم الله الرحمن الرحيم

س1) أيهما أفضل: التطوع بالمقام في ثغور المسلمين، أم التطوع بالعبادة في أحد المساجد الثلاثة؟

ج1) المقام في ثغور المسلمين كالثغور الشامية والمصرية أفضل من المجاورة في المساجد الثلاثة، وما أعلم في هذا نزاعاً بين أهل العلم، وقد نصّ على ذلك غير واحد من الأئمة [ص 5].

س2) هل الجهاد في سبيل الله أفضل من عمارة المسجد الحرام والحج والعمرة وسقاية الحجاج؟

ج2) قال تعالى: {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله والله لا يهدي القوم الظالمين، الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون، يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم، خالدين فيها أبداً إن الله عنده أجر عظيم} وفي الصحيح أن رجلاً قال: لا أبالي أن لا أعمل عملاً بعد الإسلام إلاّ أن أعمر المسجد الحرام، فقال علي بن أبي طالب: الجهاد في سبيل الله أفضل من هذا كله، فقال عمر بن الخطاب: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن إذا قضيت الصلاة سألته عن ذلك، فسأله، فأنزل الله هذه الآية، فبيّن لهم أن الإيمان والجهاد أفضل من عمارة المسجد الحرام والحج والعمرة والطواف ومن الإحسان إلى الحجاج بالسقاية، ولهذا قال أبو هريرة رضي الله عنه: (لأن أرابط ليلة في سبيل الله أحب إلي من أن أقوم ليلة القدر عند الحجر الأسود) [ص 11 - 12].

س3) ما هو مقصود الجهاد في سبيل الله تعالى؟

ج3) الجهاد في سبيل الله مقصوده أن يكون الدين كلّه لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا [ص 23].

س4) ما هو حكم الجهاد؟

ج4) الجهاد فرض على الكفاية، إلاّ أن يتعين فيكون فرضاً على الأعيان، مثل أن يقصد العدو بلداً، أو مثل أن يستنفر الإمام أحداً [ص 80].

س5) هل يجب على المسلم أن يجاهد بماله ونفسه؟ ومن عجز عن أحدهما فما الحكم؟

ج5) العاجز عن الجهاد بنفسه يجب عليه الجهاد بماله في أصح قولي العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، فإن الله أمر بالجهاد بالمال والنفس في غير موضع من القرآن، وقد قال الله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) أخرجاه في الصحيحين. فمن عجز عن الجهاد بالبدن لم يسقط عنه الجهاد بالمال، كما أن من عجز عن الجهاد بالمال لم يسقط عنه الجهاد بالبدن [ص 86].

س6) هناك من يرى بأنه غير مؤهل للجهاد، وربما احتج بغير ذلك، فهل هو مصيب أم مخطئ؟

ج6) بل المسلمون كلّهم من جنس واحد، كلهم يجاهد في سبيل الله، ولم يكن من المسلمين البالغين القادرين على الجهاد إلاّ من يخرج في الغزو، وكلّ منهم يغزو بنفسه وماله، أو بما يعطاه من الصدقات أو الفيء، أو ما يجهزه به غيره [ص 96].

س7) هل تارك الجهاد في سبيل الله متوعدٌ بالعذاب موصوفٌ بقبائح الصفات؟

ج7) ما في القرآن من الحضّ على الجهاد والترغيب فيه وذمّ الناكلين عنه والتاركين له: كلّه ذمّ للجبن، ولمّا كان صلاح بني آدم لا يتم في دينهم ودنياهم إلاّ بالشجاعة والكرم: بيّن سبحانه أن من تولى عن الجهاد بنفسه أبدل الله به من يقوم بذلك، فقال: {يا أيها الذين آمنوا ! ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض؟ أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة؟ فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلاّ قليل. إلاّ تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضرّوه شيئاً، والله على كلّ شيء قدير}. وقال تعالى: {ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم لفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}. وبالشجاعة والكرم في سبيل الله فضل السابقين، فقال: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى}. وقد ذكر الجهاد بالنفس والمال في سبيله، ومدحه في غير آية من كتابه، وذلك هو الشجاعة والسماحة في طاعته سبحانه، فقال: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ! إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون. وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين} [ص 157 - 158].

س8) هناك من يتعلل بتركه للجهاد بأنه يطلب السلامة من الفتنة، فما قولكم؟

ج8) لمّا كان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله من الابتلاء والمحن ما يعرض به المرء للفتنة: صار في الناس من يتعلل لترك ما وجب عليه من ذلك بأنه يطلب السلامة من الفتنة، كما قال عن المنافقين: {ومنهم من يقول: ائذن لي ولا تفتني ! ألا في الفتنة سقطوا} الآية [ص 165 - 166].

س9) هل تارك الجهاد في سبيل الله ساقط في الفتنة؟

ج9) الله يقول: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كلّه لله}. فمن ترك القتال الذي أمر الله به لئلا تكون فتنة: فهو في الفتنة ساقط بما وقع فيه من ريب قلبه ومرض فؤاده، وتركه ما أمر الله به من الجهاد [ص 167].

س10) ما النصيحة لمن ترك الجهاد بماله أو نفسه؟

ج10) كثيراً ما يشتبه الورع الفاسد بالجبن والبخل، فإن كلاهما ترك، فيشتبه ترك الفساد لخشية الله تعالى بترك ما يؤمر به من الجهاد والنفقة: جبناً وبخلاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (شرّ ما في المرء شحٌّ هالع وجبنٌ خالع)، قال الترمذي: (حديث صحيح). وكذلك قد يترك الإنسان العمل ظناً أو إظهاراً أنه ورع، وإنما هو كِبرٌ وإرادة للعلو [ص 291].

س11) هل مقصود الجهاد إلزام الناس بفعل الواجبات وترك المحرمات، والمعاقبة على مخالفة ذلك؟

ج11) العقوبة على ترك الواجبات، وفعل المحرمات، هي مقصود الجهاد في سبيل الله، وهو واجب على الأمّة بالاتفاق، كما دلّ عليه الكتاب والسنة [ص 308].

س12) من بلغته الدعوة فلم يقبل فهل يجب على المسلمين قتاله؟

ج12) كلّ من بلغته دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دين الله الذي بعثه به فلم يستجب له، فإنه يجب قتاله: {حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كلّه لله} [ص 349].

س13) هل أوجب ربنا الجهاد في سبيله، وهل تارك الجهاد، موصوفٌ بالنفاق ومرض القلب؟

ج13) أكد الإيجاب، وعظم أمر الجهاد، في عامّة السور المدنية، وذمّ التاركين له، ووصفهم بالنفاق ومرض القلوب [ص 350].

س14) هل الجهاد في سبيل الله أفضل ما تطوع به الإنسان؟

ج14) الأمر بالجهاد، وذكر فضائله في الكتاب والسنة: أكثر من أن يحصر. ولهذا كان أفضل ما تطوع به الإنسان، وكان باتفاق العلماء أفضل من الحج والعمرة، ومن الصلاة التطوع، والصوم التطوع، كما دلّ عليه الكتاب والسنة [ص 352].

س15) ما هي سياحة أمّة الإسلام؟

ج15) في السنن أنه صلى الله عليه سلم قال: (إن لكلّ أمة سياحة، وسياحة أمتي الجهاد في سبيل الله) [ص 353].

س16) هل هناك عملٌ ورد في ثوابه وفضله مثل ما ورد في الجهاد في سبيل الله؟

ج16) لم يرد في ثواب الأعمال وفضلها مثل ما ورد فيه [ص 353].

س17) هل نفع الجهادٍ عامٌ أم خاص؟

ج17) نفع الجهاد عامٌ لفاعله ولغيره في الدين والدنيا، ومشتمل على جميع أنواع العبادات الباطنة والظاهرة، فإنه مشتملٌ من محبة الله تعالى، والإخلاص له، والتوكل عليه، وتسليم النفس والمال له، والصبر والزهد، وذكر الله، وسائر أنواع العمل: على ما لا يشتمل عليه عملٌ آخر [ص 353].

س18) المجاهد في سبيل الله ماذا ينتظره؟

ج18) القائم به من الشخص أو الأمّة بين إحدى الحسنيين دائماً، إمّا النصر والظفر، وإمّا الشهادة والجنة [ص 353].

س19) ماذا عن موت المجاهد في سبيل الله؟

ج19) موت الشهيد أيسر ميتة، وهي أفضل الميتات [ص 354].

س20) متى يصير دفع العدو متعيّناً على الأمّة كلّها؟

ج20) إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين، فإنه يصير دفعه واجباً على المقصودين كلهم، وعلى غير المقصودين، لإعانتهم [ص 358].

س21) الجهاد في سبيل الله، ماذا فيه لمن قام به؟

ج21) الجهاد فيه خير الدنيا والآخرة، وفي تركه خسارة الدنيا والآخرة، قال الله تعالى في كتابه: {قل هل تربصون بنا إلاّ إحدى الحسنيين} يعني: إمّا النصر والظفر، وإمّا الشهادة والجنة. فمن عاش من المجاهدين كان كريماً له ثواب الدنيا، وحسن ثواب الآخرة، ومن مات منهم أو قتل فإلى الجنة [ص417].

س22) للكفار قوّة وتسلطٌ وغلبةٌ على المجاهدين.. فما توجيهكم؟
ج22) اعلموا - أصلحكم الله - أن النصرة للمؤمنين والعاقبة للمتقين، وأن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. وهؤلاء القوم مقهورون مقموعون. والله سبحانه وتعالى ناصرنا عليهم، ومنتقم لنا منهم، ولا حولّ ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم. فأبشروا بنصر الله تعالى وبحسن عاقبته {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين} [ص 419 - 420].

س23) هناك من يتخلف عن الجهاد لأنه كثير الذنوب؟
ج23) من كان كثير الذنوب فأعظم دوائه الجهاد، فإن الله عز وجل يغفر ذنوبه، كما أخبر الله في كتابه بقوله سبحانه وتعالى: {يغفر لكم ذنوبكم} [ص 421].

س24) توجيه إلى شباب الإسلام وإلى أمّة الإسلام، ماذا عليهم؟
ج24) عليكم بالجماعة والائتلاف على طاعة الله ورسوله، والجهاد في سبيله، يجمع الله قلوبكم، ويكفر عنكم سيئاتكم، ويحصل لكم خير الدنيا والآخرة [ص 423].

س25) من يعرض عن الجهاد في سبيل الله، هل فيه خصلة من خصال المنافقين؟
ج25) الإعراض عن الجهاد، فإنه من خصال المنافقين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من مات ولم يغزُ ولم يحدّث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق) رواه مسلم. وقد أنزل الله "سورة براءة" التي تسمى الفاضحة، لأنها فضحت المنافقين [ص 436].

س26) إذا اختلف الناس فلِمن ننظر؟ ومع من يكون الحق؟
ج26) دلّ عليه قوله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} فجعل لمن جاهد فيه هداية جميع سبله تعالى، ولهذا قال الإمامان عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما: (إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ماذا عليه أهل الثغر فإن الحق معهم، لأن الله يقول: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}) [ص 442].

س27) ماذا قال أهل النفاق بعد توجه التتار إلى الشام؟
ج27) قال بعضهم: بل المصلحة الاستسلام لهؤلاء، كما قد استسلم لهم أهل العراق، والدخول تحت حكمهم [ص 450 - 451].

س28) ماذا قال العلماء عن المثبّطين عن الجهاد والمخذّلين عنه؟
ج28) قال تعالى: {قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلمّ إلينا}. قال العلماء: كان من المنافقين من يرجع من الخندق فيدخل المدينة، فإذا جاءهم أحد قالوا له: ويحك ! اجلس، فلا تخرج. ويكتبون بذلك إلى إخوانهم الذين بالعسكر: أن ائتونا بالمدينة، فإنا ننتظركم. يثبطونهم عن القتال. وكانوا لا يأتون العسكر إلاّ أن لا يجدوا بدّاً. فيأتون العسكر ليرى الناس وجوههم. فإذا غفل عنهم عادوا إلى المدينة. فانصرف بعضهم من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد أخاه لأبيه وأمّه وعنده شواء ونبيذ. فقال: أنت ههنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرماح والسيوف؟ فقال: هلمّ إلي، فقد أحيط بك وبصاحبك.

فوصف المثبطين عن الجهاد - وهم صنفان - بأنهم إمّا أن يكونوا في بلد الغزاة، أو في غيره، فإن كانوا فيه عوّقوهم عن الجهاد بالقول أو بالعمل، أو بهما. وإن كانوا في غيره راسلوهم أو كاتبوهم: بأن يخرجوا إليهم من بلد الغزاة، ليكونوا معهم بالحصون، أو بالبعد، كما جرى في هذه الغزاة. فإن أقواماً في العسكر والمدينة وغيرهما صاروا يعوقون من أراد الغزو، وأقواماً بعثوا من المعاقل والحصون وغيرها إلى إخوانهم: هلمّ إلينا [ص 455 - 456].

س29) وصف الله تعالى المنافقين بقوله: {فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد} فكيف ذلك؟
ج29) السلق بالألسنة الحادّة يكون بوجوه:

تارة يقول المنافقون للمؤمنين: هذا الذي جرى علينا بشؤمكم، فإنكم أنتم الذين دعوتم الناس إلى هذا الدين، وقاتلتم عليه، وخالفتموهم. فإن هذه مقالة المنافقين للمؤمنين من الصحابة.

وتارة يقولون: أنتم الذين أشرتم علينا بالمقام هنا، والثبات بهذا الثغر إلى هذا الوقت، وإلاّ فلو كنا سافرنا قبل هذا لما أصابنا هذا.

وتارة يقولون: أنتم - مع قلّتكم وضعفكم - تريدون أن تكسروا، وقد غركم دينكم، كما قال تعالى: {إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غرّ هؤلاء دينهم، ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم}.

وتارة يقولون: أنتم مجانين، لا عقل لكم، تريدون أن تهلكوا أنفسكم والناس معكم.

وتارة يقولون: أنواعاً من الكلام المؤذي الشديد. وهم مع ذلك أشحة على الخير، أي حراص على الغنيمة والمال الذي قد حصل لكم [ص 457 - 458].

س30) هل من علامات الصدق في الإيمان الجهاد في سبيل الله ومواجهة الأحزاب؟
ج30) {ليجزي الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً}. بيّن الله سبحانه أنه أتى بالأحزاب ليجزي الصادقين بصدقهم، حيث صدقوا في إيمانهم، كما قال تعالى: {إنما المؤمنون الذي آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون}. فحصر الإيمان في المؤمنين المجاهدين، وأخبر أنهم هم الصادقون في قولهم آمنا [ص 461].


هذا والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وأصحابه أجمعين

جزا الله كاتبه خيرا