الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية همي الدعوه

    همي الدعوه تقول:

    افتراضي رد: توسونامي مدينة جدة ( صور للكارثة ) تحديث

    العشوائية
    الأربعاء 02, ديسمبر 2009


    الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

    أما بعد :

    فقد كنت ذات ليلة أستمع إلى حوار بين مذيع إذاعة لندن , وضيفٍ من ليبيا , وكان الضيف الليبي يتحدَّث عن مستوى الديمقراطية في ليبيا , ويذكر من نماذجها الفريدة , وصورها الباهرة , ماجعل المذيع , يضحك بشكل غير طبيعي , ويقاطعه ليسأل :

    كل هذا في ليبيا ؟ , فيجيب الضيف نعم نعم , فيعاود المذيع الضحك , رغم محاولاته المستميتة , في أن يبدو موضوعيا ومحايدا , إلا أن ما غشيه من مفاجأة حديث الضيف , جعله يخرج عن ماتكلفه , إلى مايعلمه .

    وأنا مع كفري بالديمقراطية , وبغضي لأصحابها ودعاتها , لأنهم كذبة مصلحيون , إلا أني استشهدت بهذه المحاورة , ليس لأنفذ من خلالها للحديث عن ليبيا الديمقراطية , ولا عن ديمقراطية ليبيا , بل لأجعلها مفتاحا للحديث عن الشعارات , ولأقرن بين زيف ذلك الليبي في حديثه , وزيف كثير ممن تحدث , أو سيتحدث عن نكبات جدة , وكيف أن منطق التبرير للفساد واحد , وتزييف الحقائق لايختلف , وأن الشعارات تكذِّبها الحقائق .

    ديمقراطية ليبيا , شعار لا يختلف في زيفه , من حيث التطبيق , عن شعار أمانة جدة " جدة أمانة فلنؤد الأمانة " , فقد أظهرت الحقائق أن أمانة جدة تتعثَّر في الصرف الصحي , وتغرق في مياه المجاري , ويمكن القول : إن الذي تنجح فيه بأمانة هو ضعف الأمانة .

    التبرير للفساد صعب , ومحاسبة المفسدين أصعب , لأنها قد تكشف أوراقا سوداء , وتفضح شخوصا طالما ادعوا النزاهة والوطنية , ولذلك فما أجمل تعليق المصائب على القضاء والقدر , أو تحميل المنكوب المشكلة والتبعة , لأن في ذلك التصرف خروج بأقل الخسائر الممكنة , وردم لفوَّهة البركان المحرقة .

    لقد سمعنا جميعا أن سبب تلك النكبة " العشوائية " , وهذا كذب واضح , وتزوير فاضح , فالعشوائية في رأيي هي في الحديث عن العشوائية , والعشوائية في التعاطي مع هذا الحدث بعشوائية , ومن صور العشوائية :

    " عشوائية الحديث عن عشوائية الأحياء "

    إن العشوائية التي يتحدثون عنها ليست من قبل سكان الأحياء , فهم لم يباشروا عمل البناء إلا بعد أخذ الفسوحات اللازمة , وبعد اعتماد تلك المواقع من الأمانة , لاسيما وبعض تلك المباني مما عليه قرض من صندوق التنمية العقاري , وهي جميعا مشمولة بالماء والكهرباء والخدمات الأخرى , وفيها مدارس ومستوصفات , فأين تكمن العشوائية ؟ , هل هي في من منحهم التراخيص ؟ , أم هي في من اتبع كل الإجراءات النظامية للحصول على حُلمه " سكن مُلك " , مستبعدا بعد هذا كله , أنه ضحية مؤامرة , من عصابة فاجرة , كل همها ما تتحصل عليه من رُشىً , أو عمولة بيع أو وساطة , أو غير ذلك , أو ضحية إهمال من رعاة الأمانة , يمكن تبرير ذلك كله ببرود متناهي , وكأن النافق من جراء ماحدث بعض غربان جدة عياذا بالله .

    إن صحَّ أن تلك المباني عشوائية , وأنها تقع في مجاري الأودية , فهذا لايتحمله سكان تلك المباني إلا في حالة واحدة , وهي أن يكون أنشأ بنيانه دون إذن , وتمَّ توجيهه وأخذ الإقرار عليه والتعهد , بأن يمتنع , وأنه يتحمل تبعة ما يحدث له , أما ماعدا تلك الحالة , فيجب استدعاء كل موظف أصدر إذنا , أو باشر المراقبة على تلك الأحياء , أو اعتمد تلك المخططات , أو شارك في تسهيل مهمتها بأي صورة , أو حرم أهلها من حقهم الطبيعي في غيرها , مما هو بعيد عن مجاري الأودية , ومحاسبته محاسبة جادة , وعرضه على المحكمة , لأن ذلك من الخيانة , بل هي جناية مباشرة , وهم في رأيي يتحملون تلك الأنفس الزاهقة , والأموال التالفة , بل ويجب إبعادهم عن أعمال المسلمين , لأنهم غششة لايمكن الوثوق بهم .

    أقول : هذا على افتراض أن تلك المقولة صحيحة , فكيف إذا علمنا أن من المواقع المتضررة المنكوبة , بعض المشاريع الحكومية , التي لم يمض على افتتاحها سنة واحدة , فأين تكمن العشوائية حينها ؟ .

    بل ويزداد الأمر خطورة حين تخفي تلك التهم العشوائية بالعشوائية , نوايا مبيتة لعشوائية مستقبلية الله أعلم بحجمها , فضلا عن ما انطوت عليه من تبرير لعشوائية سالفة رأينا كيف هي آثارها .

    " عشوائية التصريحات والتحليلات "

    في ظني أن تسمية تلك النكبة بـ " الكوارث الطبيعية " غير صحيح , فالكوارث الطبيعية في مالايقدر الإنسان على تقليله ودفعه , أما ما يقدر الإنسان على تقليله ودفعه , ثم يكون منه الإهمال والتراخي , أوالغش والتحايل , فهذا ليس من الكوارث الطبيعية , مع أن بعض الدول المتقدمة , خاصة مايقع منها في مناطق الكوارث الطبيعية , قد جهدت للتقليل من آثارها , كما فعلت اليابان مع الزلازل .

    ما أصاب جدة من أمطار , يقع أضعاف أضعافها يوميا , في مدن كبرى لدول فقيرة , كما هي الحال في الهند وبعض بلادشرق آسيا , ومع هذا لم نشاهد مثل تلك المآسي فيها , بل إن أهل تلك البلاد لايعتبرون ذلك كارثة طبيعية , إلا أن تتحول مياه الأنهار إلى فيضانات , ونحو ذلك , أما ماسوى ذلك فهم يرونه طبيعيا جدا , ويتعاملون معه بهدوء تام .

    واعتبار أن ما أصاب جدة كارثة طبيعية , يوحي بأننا غير مؤهلين لاستقبال أي حدث طارىء , ويضفي شرعية على ممارسات خاطئة تمت في جنح الظلام .

    وإذا كان ماتعرضت له جدة كارثة طبيعية فلماذا تلام الأحياء العشوائية , إلا أن تكون تلك الأحياء في نظر هؤلاء أد تلك الكوارث الطبيعية , أو أنهم يرون جدة بدونها قادرة على التصدي للكوارث الطبيعية .

    ولو سلمنا جدلا أن ما أصاب جدة , كان كارثة طبيعية , فأين كانت الاستعدادات للكوارث ؟ , وماذا قدمت الجهات المعنية لتلافي مثل هذا الكوارث ؟ , وأيها أولى بالاهتمام والعناية , التقليل من أخطار الكوارث , أو ملاحقة التافهين والسفهاء , وإحياء ليالي الطرب والغناء , ورعاية الحفلات والمهرجانات اللاهية , وتبني المشاريع التافهة والحقيرة ؟ .

    " عشوائية الصرف الصحي "

    كنت قد تحدثت قبل مدة عن قضية غربان جدة , وتناولت قضية الصرف الصحي في جدة , وأذكر أن مما لفت انتباهي في قضية غربان جدة , أنه تم التعاقد مع مؤسسة للتخلص من الغربان بمبلغ خيالي , حيث يكلف الغراب الواحد مايزيد على خمسين ريالا , وهو ما يثير سؤالا كبيرا , إذا كان هذا تكلفة الغراب الواحد , وفي جدة عشرات الآلاف من الغربان , فياترى كم ستكون تكلفة مشروع الصرف الصحي ؟ , وأي الأجيال القادمة سيستفيد منه ؟ , وكم صفقة ستتم بعده للتخلص من جرذان الصرف الصحي ؟ , وهل ستنشغل أمانة جدة بالزخرفة والتماثيل , والمناظر الجمالية , عن الفساد الذي ينخر القاعدة والبنية التحتية ؟ .

    والله إنك لتحار , وتبلغ بك الحيرة مبلغها , لأنك لاتدري هل أنت في واقع أم في حلم , وإلا كيف يمكن تصديق أن الغراب يكلف هذا المبلغ , الذي لو علم هو فيه , لربما قال : امنحوني هذا المبلغ ولن تروني بعد اليوم .

    فهو بين أن يذهب فرحا بهذا المبلغ الخيالي , أو لا أقل من أن يغادر سماء جدة الملوثة بدخان المحارق , وروائح بحيرة المسك الصحي .

    ومن المضحكات المبكيات , أنه كان يقال عن جزر البندقية , إن مافيها من وعود وتوقعات , تفتقر للمصداقية , وغير واقعية , وأن الأمانة تنشد المصداقية , وترفض المبالغات !!! .

    شيء مخجل ومحير في نفس الوقت

    رأيت في السودان جسراً يقطع النيل , وذكروا أنه تبرُّع من دولة أوربية , بعد أن انتهى عمره الافتراضي فيها , ولازال الجسر يعمل بكامل قدراته , فياترى كم تكلفة هذا الجسر؟ , وكم استفاد منه من عابرٍ ومن دولة ؟ , ثم قارن بينه وبين مسبح الملك عبدالله , الذي يسمونه تمليحا " نفق الملك عبدالله " , وتأمل كيف سيتم التعامل مع مايتعرض له من أمطار مستقبلا , وقبل ذلك اسأل : هل هو من ضمن المخططات العشوائية ؟ , ثم عرِّج ثانية وتأمل , كيف سيتم وضع الصرف الصحي له , ومن سيستلم مناقصة هذا المشروع , أم ستكون هناك مواطير شفط لأموال الدولة , عفوا أقصد لمياه المسبح , عفوا أقصد لمياه النفق !!! .

    كم مليار رصد لمشروع الصرف الصحي ؟ , وهل سيتم حسب مايأمله ويرجوه أهل جدة المساكين ؟ .

    إنه لامجال اليوم للتسامح مع العابثين , مهما كانت مكانتهم الاجتماعية أو الوظيفية , وإلا فسنحصد مزيدا من القتلى والدمار , وسنكون مضغة في فم كل شامت , وأضحوكة لكل حاقد مغرض متربص .

    إن مما سمعناه من قول الملك – حفظه الله - : سأضرب بالعدل هامة الظلم والجور , وهذا ما يجعلنا نرغب إليه – حفظه الله - , بعد أن أصدر أمره بتعويض المتضررين , وظهرت منه بوادر الرقة والرحمة والأبوة , أن يصدر أمره بتشكيل لجنة عليا , يتولى رئاستها سمو النائب الثاني – حفظه الله – الذي عرف بحزمه وصرامته , ووضوحه وشفافيته , يتم من خلالها محاسبة كل متسبب في النكبة , ولو بالإيماء والإشارة , وضرب هاماتهم بسيف عدله , حتى لاتتكرر صور الأشلاء والجثث , والمآسي والأحزان , فإن الناظر لما وقع , والمتأمل في حال المفجوعين , يدرك أنهم بحاجة إلى إصلاح , أكثر من حاجتهم إلى تضميد جراح , وإن كان في التضميد خير كثير .

    ومما يمكن الحديث عنه هنا , أننا بحاجة إلى معرفة مصير الأموال السابقة , التي اعتمدت لمشاريع الصرف الصحي , وأين ذهبت ؟ , وإن كان ما نفذ من الأعمال يتناسب مع حجم الأموال فذاك , وإلا فيمكن تغريم المفرط والتشهير به , حتى يكون ذلك درسا لكل مهمل مفرط , فأرواح الناس ليست عبثا .

    " عشوائية الإعلام "

    سمعنا وقرأنا وشاهدنا , وليتنا لم نسمع شيئاً ولم نقرأ , وياليت أن إعلامنا اكتفى بالصمت كعادته أيام المحن , وياليت أن كثيرا من الكتاب تحدث بما يمليه عليه الضمير الحي , والغيرة الصادقة على مصالح بلده ومجتمعه .

    لقد تجلى بمالايدع مجالا للشك أن كثيرا من الأقلام المستكتبة لايهمها إلا إثارة الفتن , ومصالحها الشخصية , وأن دعواها حب الوطن , ومصلحة المواطن , دعوى زائفة , ولك أن تقارن بين حادثتين لتكتشف الدجل , كالشمس في رابعة النهار .

    ماوقع من حريق مدرسة البنات في مكة , وكيف اتهمت فيه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وكيف تم تأجيج القضية , وتناولها بشيء من التشفي والانتقام , وقل مثل ذلك في قضية تبوك , قارن بين هذين المثالين وموقف كثير من الكتاب منهما , وبين مواقفهم من حدث جدة , وكيف تناولوا القضية , إن كان فيهم من تناولها , ثم انظر إلى عشوائية الإعلام .

    زد على ذلك إن صحَّ ما نُسب إلى وزير الإعلام , من أن تقرير وكالة الأنباء قد أعدَّ مسبقا , مما يعني أنه لم يواكب الحدث , وهذا مايثير شكوكا لاحدود لها حول كثير مما تبثه هذه الوكالة , أو غيرها من الوسائل الإعلامية المحسوبة على إعلامنا , وكيف هي الأمانة الإعلامية في الأزمات , وكيف أثر ذلك النفسي على المتضررين , وهم يرون ويسمعون التزوير للحقائق الحسية المشاهدة .

    وأهم من هذا وذاك , كيف غفل هذا الإعلام عن التذكير بما في مثل هذه الأحداث من العظات والعبر , وأن لها أسباباً وبواعث , وهذه سنن لاتتخلف , فـ ( ما نزل بلاء إلا بذنب , ولا رفع إلا بتوبة ) , ( وماأصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ) , ( ذلك بماقدمت يداك ) , ( كل نفس بما كسبت رهينة ) , ومن منا اليوم لم يقارف ذنبا , ويقتحم خطيئة ؟ .

    أو أن يكون ذلك امتحان من الله لعباده لينظر صبرهم , أو ليغفر بذلك زلاتهم , ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ) , وكل هذا مما ينبغى التذكير به , لأنه تعليق الأمور بأسباب غير شرعية , مما يزيد في الغفلة , ويهوِّن أمر المعصية , لاسيما ونحن نرى أن المعاصي في ازدياد , والمجاهرة بها أصبحت عادة لكثير من الناس , وقد سبق لنا من النذر الإلهية , ما يكفي لتدارك أنفسنا بالتوبة والرجوع , فمن حبس الأمطار , إلى تلوث الأجواء , إلى تسلط الأعداء , إلى انتشار الجريمة , إلى جريان العواصف والأتربة , ( ومايعلم جنود ربك إلا هو وماهي إلا ذكرى للبشر ) , ولاتعارض بين التذكير بهذا وبين المطالبة بمحاسبة الغششة والمفرطين , لأن من الذنوب الموجبة للعقوبة , السكوت عن مثل ذلك , كما إن من أسباب العقوبات , ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , أو تقليل شأنه , والتمكين في مقابل ذلك لأهل الفساد الأخلاقي والفكري والعقائدي , ومحاربة سبل الخير , ومناشط البر , كمراكز الدعوة , وجمعيات البر , والمخيمات الدعوية , ونحوها , والإشادة بالمهرجانات المنكرة الآثمة , وإبرازها , وجعل الدعاية لها , وتسهيل شأنها , ونحو ذلك .

    لك أن تتخيل كيف يتعامل الإعلام , خاصة المقروء منه , مع بعض القضايا التي يكون أحد أطرافها من أهل الخير , أو من المحسوبين عليهم , وكيف يقوم كثير من الكتاب ذوي التوجه المشبوه بالحديث عنه , والمطالبة بإنزال أقسى العقوبات عليه , و مثل هذه النكبات التي جازت في ضحاياها حدَّا لا يمكن تصوره , لايمكن أن تحظى منهم بمثل هذه الحماسة والانفعال !!! .

    وفي المقابل , ماذا يضر وزارة الثقافة والإعلام لو جعلت بث إذاعة البرنامج الثاني مقتصرة على توجيه الناس وإرشادهم , نحو الطرق الآمنة , والبعد عن مواقع الخطر حتى لايقتحموها ؟ ! .

    وإن تعجب فاعجب من بعض المحطات العفنة التي تبث من جدة ثم هي ترقص على نكباتها , وكانت مواساتها لأهل جدة بعزف الأوتار , وخضوع النواعم بالقول !!!!.
    وهكذا نحن والإعلام , ولهذا فلا غرابة إن قلنا وبوضوح : إنه إعلام فاشل , ولاينطق بصوتنا , بل ولايمثلنا في كثير من أمره , فالله المستعان .

    " عشوائية التعامل مع النكبات "

    لقد أحسن خادم الحرمين – حفظه الله – حين بادر بمواساة أهالي الغرقى , والمصابين والمتضررين , وهذا جزء من مهامه ومسؤولياته , ومثله لايستغرب منه ذلك , كيف لا وقد واسى الأبعدين من الناس , فهل يستغرب منه مواساة الأقربين ؟ .

    وهذه المواساة منه تحتاج أن نكون كما وجَّه بها – حفظه الله - , وأن تتولى ذلك جهات مأمونة , حتى تقع محلها , ويكون لها أثرها , وإلا فستتجدد الآلام وتتضاعف , وتعظم الحسرات وتزداد العبرات , لاسيما والغصة خانقه , والنفوس حانقة , وأهل النفوس الضعيفة المريضة , لايتورعون عن شيء , وإذا كان أهل النخوات والمروءات يبادرون في بذل مافي وسعهم لتخفيف مصاب إخوانهم , بما يقدرون عليه , فمن كان له فضل مال بذل من فضل ماله , ومن كان له مأوى فوق حاجته أعطى المحتاج ما زاد عن الحاجة , ومن كان عنده آلة أو معدات يمكن المساهمة فيها , وتشغيلها ابتغاء ثواب الله , وطمعا في أن يكتب الله على يديه نجاة مسلم , أو تخفيف لوعة ملتاع , وهكذا , فكذلك أهل المصالح الانتهازيون , يفرحون بمثل هذه النكبة , لأنهم يرون فيها فرصة لتشغيل آلياتهم بأغلى الأثمان , نظرا لحساسية الظرف , ورفع أسعار السلع والعقار وأماكن الإيواء وهكذا , وشعارهم في هذا : " مصائب قوم عند قوم فوائد " .

    فالمقصود أن هناك ضعاف نفوس لايتورعون , وهؤلاء من نفس طينة الغششة , أصحاب الوهميات , الذين يرون الحلال ما حلَّ في أيديهم , والحرام ما تعذر وصوله إليهم , وهذا أمر تعلمه حتى غربان جدة ومجاريها .

    كما إن هذه المواساة منه – حفظه الله – تكشف الجانب الآخر , من البرود لدى بعض من تحدث عن هذا الأمر , وذلك حين يكون تعامله مع مشاعر الناس بالملامة لهم , ومحاولة تصويب بعض ما كان يذهب إليه أو يتبناه , وكأن الأمر قد توقف عند حدود المواقف الشخصية .

    في مثل هذه النكبة وغيرها , يجب أن نكون كما يتعامل بعض أصحاب المحلات التجارية , الذين يجيدون فن التعامل التجاري , حيث يضعون لافتة للزبون " أنت دائما على حق " , وهو تعامل موجود وللأسف لدى الغربيين , حين يتجهون إلى تقديم الاستقالات , والاعتراف علانية بالتقصير , وذلك لتهدئة الأمور , وتخفيف الاحتقان , وهذا ماكنا نتصوره من بعض من تحدث , أن يعتذر أو يعلن خطأ بعض الإجراءات , أو يعد على الأقل بالمحاسبة والمعاقبة والمراجعة , أما أن ينصب اللوم على الأحياء العشوائية كما يسمونها , مع أنهم هم من عشواها , وهم من تولى كبر جعلها كذلك , ويكون وعدهم بعد ذلك اللوم تصحيح وضع هذه الأحياء , وهو ما يوحي بإزالتها , دون وعد بتعويض أصحابها بمساكن أفضل منها , في مخططات غير عشوائية , مشمولة بخدمات متكاملة من بينها الصرف الصحي , فإن هذا وللأسف من العشوائية في التعامل مع الأزمات , ومن عدم المبالاة بمشاعر الناس وأحاسيسهم .

    " وختاماً "

    فالذي أتوجه به إلى المتضررين , وغيرهم من عموم المسلمين , أن يتقوا الله تعالى , وأن يعلموا أن الله أحق أن يخشى ويُخاف منه , ولهذا فمن كان مذنباً – وكلنا كذلك – فليتب وليستعتب , قبل أن يحل به عقاب الله , أو يفجأه الموت وهو على غفلته وزلته , ومن كان محسناً , فليعلم أن الله يبتلي بالسراء والضراء , والشر والخير , ليمتحن إيمان العباد , وصدق البلاء , وخالص الولاء , ولينظر كيف يعملون , فعليه أن يسترجع ويرضى بما قضى الله وقدر , ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه , وما أخطأه لم يكن ليصيبه , وأن أجل الله لآت , وأن لكل أجل كتاب , وأن البلايا والمصائب , ككير السبك للعبد , فمن صحَّ يقينه بالله خرج بريئا من الذنوب , ومن جزع وسخط , تجرع المصاب , وحرم الثواب .

    وعلينا جميعاً أن نحمدالله إذ لم تكن أعظم , وأنها في الدنيا وليست في الدين , وأن من قضى نحبه فيها فهو موعود بخير , معدود في عداد الشهداء نسأل الله لهم ذلك .
    كما يتأكد التذكير بمراجعة النفس , والتفكير الجاد والصادق , وأن نستخلص مما رأيناه العبر , فإذا كان هذا الدمار وقع في هذه الفترة اليسيرة , حتى إن السيارات أصبحت كالعلب الفارغة , وانطمرت بعض المعالم والمساكن , فكيف لو طالت مدة هطول الماء وازدادت !! .

    " مواجع "

    * هل شاركت الطائرة التي أقلت الفرقة الموسيقية لإحياء حفلة محمد عبده الغنائية بالإنقاذ , أو نقل المصابين ؟ .

    * هل سيقوم محمد عبده أو رابح صقر بعمل أوبريت لمواساة المفجوعين ؟ .

    * هل سيقوم بعض كتاب الصحف بتصفية حساباته مع أئمة المساجد والخطباء , وملاحقتهم حول القنوت للمنكوبين من أهل الأحياء العشوائية , واعتبار أن عدم فعل ذلك ليس من الوطنية ؟ .

    * هل سنشاهد قريبا تلميعا لبعض يفترض أن تتم محاسبتهم ؟ .

    * هل سيستمر الإعلام في مهازله ؟ .

    * هل سيستمر الوطن والمواطن ضحية لضعيفي الذمم , وعديمي الضمير ؟ .

    * هل سنستمر في سياسة هدم الأخذ بزمام المبادرة إلا بعد وقوع النكبة ؟ .

    * هل سنستمر بالأسئلة المتكررة المؤلمة دون أن نجد إجابة ؟ .

    وللحديث تتمة , أكملها في حينها بحول الله ....

    والله أسأل أن يجبر ****ر , ويقبل الموتى عنده شهداء , وأن يعجل بشفاء المصابين , وأن يلطف بالمفقودين , وأن يثبت قلوب المفجوعين , وأن يعاجل بعقابه , وشديد سطوته الخونة والمفسدين .

    اللهم وفق ولاة الأمر لكل خير , واصرف عنهم كل شر , وافرج لهم في المضائق , واكشف لهم وجوه الحقائق , وأعنهم ببطانة ناصحة , تدلهم على الخير , وتحذرهم من الشر , تذكرهم بالخير إذا نسوا , وتعينهم عليه إذا تذكروا , واصرف عنهم بطانة السوء , وقالة السوء , ونقلة السوء , وأهل الغش والخديعة , والذمم الرخيصة .

    اللهم من كان سببا في نكبة إخواننا في جدة وغيرها , اللهم فافضحه , واهتك ستره , وضيق عليه عيشه , واجعل الدنيا أضيق في عينه ونفسه وقلبه من سمِّ الخياط , وأمته مقهورا ذليلا معدما .

    ومن سعى في مصالحهم , وقام على حقوقهم , اللهم فأعطه فوق ماتمنى من الخير , واصرف عنه أضعاف ما يحاذر من الشر , واجعل له بكل خطوة حسنة , وحط عنه بكل خطوة خطيئة .

    اللهم أصلح الراعي والرعية .

    اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان , واستر عوراتهم , وآمن روعاتهم , ورد غائبهم , وعاف مبتلاهم , واهد ضالهم , واكس عاريهم , واحمل حافيهم , وأطعم جائعهم , واجمع شملهم على الحق , وأيقظهم من سِنَةِ الغفلة , واجعلهم حماة للملة .

    اللهم انصر إخواننا المجاهدين في الجنوب , وأمكنهم من رقاب عدوهم , وأنزل بعدوهم بأسك الذي لايرد عن القوم المجرمين .

    اللهم عليك بالحوثيين , ومن ساندهم وأمدَّهم , اللهم أحصهم عددا , واقتلهم بددا , ولاتغادر منهم أحداً .

    اللهم ثبت أقدام جنودنا , وأنزل عليهم السكينة , واخلفهم في أهليهم خيرا , وأقرَّ أعينهم بنصر من عندك , وأمدهم بجند من جندك , وأفرغ عليهم الصبر إفراغا .

    اللهم من أعان الحوثيين على بغيهم وظلمهم وفسادهم , اللهم فأزل دولته , وأضعف قوته , ودمره بسلاحه , واجعل تدبيره تدميرا له .

    اللهم وانصر المجاهدين , الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان , وأغنهم بقوتك وفضلك عمَّن سواك .

    هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

    وكتبه
    الشيخ : سليمان بن أحمد بن عبدالعزيز الدويش
    أبو مالك


    من موقع لجينيات

     
  2. الصورة الرمزية همي الدعوه

    همي الدعوه تقول:

    افتراضي رد: توسونامي مدينة جدة ( صور للكارثة ) تحديث

    جدة تغرق وصحافتنا في سبات
    الاثنين 30, نوفمبر 2009

    هاهي جده تغرق في جراحاتها ، وتنقل جثث ضحاياها يوما بعد يوم ، ولا زال إعلامنا يغط في سباته حتى صحونا فجأة على فذلكات رئيس تحرير جريدة الوطن الذي دشن قبل فترة ليست بالبعيدة هو وزملاء مهنته حملة إعلامية منظمة على عضو هيئة كبار العلماء السابق الدكتور سعد الشثري والذي تعرض بكل أدب لموضوع الاختلاط في كاوست ، وعندها رأينا العنتريات الصحفية لجمال خاشقجي وشلة الردح الإعلامي معه ، وحينها لم تضع الحرب الإعلامية أوزارها إلا بإقالة الشيخ الفاضل ، واليوم وفي ظل المأساة الحقيقية التي حدثت في مدينة جدة خرج علينا أبوصلاح الخاشقجي محذرا كما في مجموعة عبدالعزيز قاسم البريدية من أدلجة الكوارث لصالح توجهات حزبية معشعشة في مخيلة هذا الخاشقجي الذي لم يتذكر وهو يدشن حملته على عضو هيئة كبار العلماء آنذاك مسألة الأدلجة والحزبية التي تُسيّرُ كثيرا من أطروحاته.

    الخاشقجي يريد أن يفهمنا عبر صحيفته التي اختزلها لنفسه ولمؤيديه أن المتسبب الرئيس فيما حصل هو المواطن ولم تكن لديه الجرأة ، ولن تكون لديه الجرأة في كشف المتسبب الحقيقي في وصول حالة مدينة جده على صعيد الصرف الصحي إلى هذا المستوى في ظل الأخبار التي تحدثت قبل خمس سنوات عن رصد مبلغ سبعة مليارات ريال لعلاج وضع الصرف الصحي في مدينة جدة بشكل عاجل كان من المفترض معه أن يكون هذا المشروع جاهزاً بحلول عام 2010م ، وشاء الله عزوجل أن يأتي عام 2010م لينكشف المستور ويظهر السؤال الكبير الذي يقول: أين ذهبت هذه الأموال؟ومن المسؤول عما حدث؟.

    هذان السؤالان لا يستطيع أن ينطق بهما جمال خاشقجي ولا أظنه يسمح لأحد في صحيفته بالنطق بهما وهما سؤالان بريئان من حقنا أن نسألهما لأن الكارثة كبيرة وكبيرة جدا ، ومن المؤسف أن تمر دون محاسبة شديدة للمتسبب!!.

    إن إعلامنا للأسف أصبح في حالة يرثى لها فالشفافية ، والمصداقية أصبحت مخنوقةً في إعلامنا الذي تنفذ فيه مجموعةٌ لا هم لها إلا الفساد والإفساد ومحاربة القيم ، وإسقاط هيبة العلماء والتطاول على الثوابت وتلميع التافهين والتافهات والدفاع عن الساقطين والساقطات.

    إنني وأنا أرى ماحدث في جدة أتذكر حادثة حريق مدرسة البنات بمكة المكرمة قبل سنوات والتي استخدم فيها المؤدلجون حزبيتهم ورموا بثقلهم تجاه هذا الحريق العرضي وأخذوا يصرخون ويولولون ويطالبون بالدمج من أجل إصلاح الحال وأما اليوم فصمتهم على حادثة جدة صمت القبور لأنه لا يوجد لهم في هذه المصيبة مدخل لخدمة قضية تصب في صالح توجههم الفكري العام فهم لايستطيعون استثمار الموضوع في قضية قيادة المرأة للسيارة ولا في موضوع الترويج للاختلاط ، ولا للرياضة النسائية ، ولا في سفر المرأة وتنقلها من غير محرم ، ولا في الهجوم على المناهج ، وليس في هذه الحادثة طريق إلى الهجوم على المساجد وحلقات تحفيظ القرآن ولا الجمعيات الخيرية وهيئات الأمر بالمعروف أو جهاز القضاء ، ولا يستطيعون تجيير هذا الموضوع لصالح المطالبة بفتح دور للسينما ، وهذه هي قضاياهم الكبرى التي من أجلها يشعلون حروبهم الثقافية وأما المواطن ففي ذيل قائمة الاهتمامات الإعلامية لكثير من هؤلاء المستصحفين.

    السكوت على هذا الموضوع جريمة في حق الوطن والمواطن المسكين ، وبيان الحقائق لصاحب القرار من واجبات الإعلام النزيه ، وأما أن تكون الكارثة بهذا الحجم ويتم السكوت عنها وعن المتسببين فيها فهذا ولا شك صورة مقيتة من صور موت الضمير الإعلامي ، وهي خيانة للمهنية الإعلامية ، ومساهمة بشكل مباشر في قهر هؤلاء الضحايا الأبرياء وذويهم ، والإعلام الذي يتصف بهذا الوصف إعلام لا يستحق الثقة.

    ماجد بن محمد الجهني-الظهران

    لجينيات

     
  3. الصورة الرمزية همي الدعوه

    همي الدعوه تقول:

    افتراضي رد: توسونامي مدينة جدة ( صور للكارثة ) تحديث

    «الرياض»تحصل على أبرز ملاحظات فريق(حقوق الإنسان) عن أداء الأجهزة المعنية بكارثة جدة

    د.الشريف: لم يصدر أي إنذار مسبق قبل الكارثة وعمليات رفع الأنقاض تسير ببطء شديد



    الرياض – محمد الغنيم
    حصلت "الرياض" على أبرز الملاحظات التي دونها فريق حقوق الإنسان في المواقع المتضررة جراء السيول في جدة والتي من المقرر رفعها بعد الانتهاء من إعدادها في صيغتها النهائية للمقام السامي في تقرير مفصل .
    وكشف المشرف على فرع جمعية حقوق الإنسان بمكة المكرمة الدكتور حسين الشريف ل"الرياض" أن جولة أعضاء فرع مكة على المناطق المنكوبة رصدت جملة من القصور والملاحظات على أداء الأجهزة الحكومية العاملة في الميدان وجميعها موثقة لدينا ومدعمة بالصوت والصورة من أبرزها تذمر المواطنين من خدمة الإيواء هناك حيث يطلب منهم البحث بأنفسهم عن شقق مفروشة لإيوائهم في الوقت الذي فقد كثير منهم هوياتهم الشخصية في السيول وبطاقات الصراف لحساباتهم وحتى سياراتهم مما كبدهم مشقة وعناء فوق طاقتهم كما لم تقدم لكثير منهم معونات فورية وكان هنالك تمييز بين المتضررين.
    وأضاف الشريف أن فريق الجمعية رصد كذلك عدم وجود أي إنذار مسبق من السيول لأمن قبل الأرصاد ولأمن الدفاع المدني وقال إننا التقينا بالعديد من سكان المناطق المتضررة في قويزة وأبرق الرغامة وخطط النخيل وأم الخير وكان الكثير منهم يشتكي من تأخر وصول فرق الدفاع المدني وتقديم الإنقاذ أثناء وقوع الحدث كما أن مهام رفع الأنقاض تسير ببطء شديد ولاتزال المياه تطمر مساحات واسعة من تلك المناطق مما يعزز المخاوف من تزايد الاضرار البيئية هناك ، كما أن بعض الجهات الحكومية المعنية لم تكلف نفسها بزيارة المواقع المتضررة بل طلبت من المتضررين مراجعة مراكزها والركض خلفهم في مواقع أخرى على الرغم من أن من بين المتضررين كباراً في السن ونساء وهذا يزيد من معاناتهم.
    ولفت د.الشريف الى أن بعض سكان تلك المناطق تعرضت ممتلكاتهم وقت الحدث للسرقة ، وثبت كذلك لأعضاء الجمعية أن هناك مخططات معتمدة في مجاري السيول وهذا أمر خطير ومثار تساؤلات عدة كما أن الميزانيات المعتمدة في السنوات الماضية للصرف الصحي لم توجد على أرض الواقع .
    وطالب المشرف على فرع الجمعية بمنطقة مكة بضرورة إشراك جهات حيادية في لجان التحقيق الفرعية التي وجه بها المقام السامي الكريم كجمعية وهيئة حقوق الانسان ورجال الاعمال المشهود لهم بالنزاهة وأعيان المنطقة لأن ملف هذه القضية خطير وكبير ونحن بدورنا في الجمعية لن نغلقه وسيظل مفتوحاً متعهداً بمواصلتهم في تقصي الحقائق والتحقق من أداء الأجهزة هناك ودورها في مساعدة المتضررين وكل مايتعلق بالجوانب الإنسانية في القضية.

     
  4. الصورة الرمزية همي الدعوه

    همي الدعوه تقول:

    افتراضي رد: توسونامي مدينة جدة ( صور للكارثة ) تحديث

    سيول الفساد في جدة غير !!
    الأربعاء 02, ديسمبر 2009

    لا يستطيع أحد أن يُقلل من هول صدمة المشاهد المأساوية التي تناقلتها الصحف ووكالات الأنباء عن كارثة جدة في يوم الثامن من ذي الحجة ؛ أطنان من الحديد والبشر طحنتها السيول وحملتها مثل الزَبَدْ وهي تهرول بها في المناطق المنكوبة بجنوب وشرق جدة، وأمواج الطوفان الثائر ارتفعت إلى ثمانية أمتار تقلب كل شيء رأساً على عقب، وساقت معها الأخضر واليابس ، وقد انتزعت أباطرة الفساد والمتعاونين معهم من فرشهم وقصورهم وبإذن الله سوف تسوقهم إلى المساءلة لكشف عورة إجرامهم إذا أثبتت اللجنة الأخيرة المُشَكلة من خادم الحرمين الشريفين جدواها وأظهرت للشعب نزاهتها وقوة دعواها !

    وينبغي علينا والأمر كذلك ، الطَرقُ بيد المحاسبة والعقاب فوق هذا الحديد وهو ساخن، بمعنى أنه إذ أردنا أن نقضي على الفساد – ليس في جدة فحسب- و بؤره الذي تكشف وجهه القبيح في كارثة السيل المدمر، ينبغي علينا أن نكشف هؤلاء المفسدين وألا نغتر بمكانتهم ، ثم نحدد الأسباب التي سهلت لهم طرق هذا الإجرام، لنتمكن من محاولة الحل من الجذر، و إلا كان العمل هباءً منثورا.

    وهذا بالضبط ما اشتمل عليه قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حين لم يكتفي بمشاركة الناس أحزانهم بصرف مليون ريال لذوي كل شهيد غرق في سيول الإهمال والتقصير، وتعويض المتضررين في ممتلكاتهم، بل أمر بما هو أهم من ذلك وهو تشكيل لجنة على أعلى مستوى يتابع الملك بنفسه سير أعمالها وترفع إليه نتائج تقاريرها، وذلك للتحقيق في أسباب هذه الفاجعة، التي وصف خادم الحرمين هول بشاعتها بقوله : إنه" من المؤسف له أن مثل هذه الأمطار بمعدلاتها هذه تسقط بشكل شبه يومي على العديد من الدول المتقدمة وغيرها ومنها ما هو أقل من المملكة في الإمكانات والقدرات ولا ينتج عنها خسائر وأضرار مفجعة على نحو ما شهدناه في محافظة جدة وهو ما آلمنا أشد الألم".

    ولو صدقت النيات وصحت العزائم سيتم تحديد مسؤولية كل جهة حكومية أو أي شخص " كائناً من كان" له علاقة بهذه الكارثة، التي لو حدثت في جزر الموز بالمحيط الهندي ما ترتب عليها عشر هذه النتائج المفجعة، والتي تمثلت حتى كتابة هذه السطور وفاة 113 والبعض يؤكد أن العدد أضعاف هذا الرقم بالإضافة إلى المفقودين الذين لا يعرف أعدادهم حتى الآن إلا الله سبحانه وتعالى .. كذلك الممتلكات الـطائلة التي طمست ودمرت وأصبحت أثراً بعد عين، وليس هذا بالمستحيل ولا بالمتعذر فقد قيل : إذا صدق العزم وضح السبيل، وليتنا ندعم مبادرة المحاسبة والعقاب هذه التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين ، ولا نكتفي بالمشاهدة والبكاء والعويل ونساهم في إمداد اللجنة التي أمر بتشكيلها خادم الحرمين بالمعلومات والمستندات والصور والبيانات، لأن التستر على الفساد من اكبر أنواع المنكر، حيث أن المنكر ليس محصوراً فقط في التبرج و الخلوة والاختلاط!!

    ولا يمكن القضاء على نتائج هذه الكارثة إلا عبر التغيير في الواقع، لأن الفساد لا يكون إلا عبر أسبابه، و ما دامت الأسباب مستمرة فالمسببات أيضاً مستمرة، ولن نقلل من جهود الشرفاء والجنود المجهولين الذين بذلوا جهوداً جبارة للإنقاذ وفق أولوياتهم وبإمكاناتهم المحدودة وأحياناً باجتهادات فردية وبمساعدة من المواطنين المتطوعين لتقليل الخسائر، وهو ما كشف أن أسلوب إدارة الأزمة والتنسيق بين الجهات المسئولة كان دون إمكانات دولة بلغت من التقدم ولها موارد ضخمة مثل المملكة العربية السعودية، فمن المحزن أن السيل حينما بدأ على استحياء ظن أن المليارات التي أنفقت في برامج الإنقاذ والتخطيط العمراني وتكديس المعدات المدنية والرافعات وخرائط شبكة تصريف المياه في انتظاره، ولكنه لم يجد أي من ذلك بل لم يجد فرق الإنقاذ تظهر له في الساعات الأولى من هذه الكارثة، مما جعلهم في نهاية المطاف رهائن في المنازل، بدون كهرباء ولا ماء ولا إضاءة طوارئ ولا مقومات سلامة ولا أمن، يقتل العشرات منهم ويجرف أطفالهم وسط صراخ الأمهات وعويل الآباء الذي أحال العيد في جدة إلى مأتم وعزاء كبير بحجم الكارثة.

    وحقيقة هول الفاجعة ينبغي أن نجد لها جواباً بعد أن فضح السيل الخفايا ، فهل لو كان منزل أحداً من كبار المسئولين أو محافظ المدينة أو معالي أمين جدة أو أحد وكلائه من بين تلك الأنقاض أو أن أسرته – لا قدر الله- من بين تلك الأسر الثكلى التي لن يعوضها أي شيء عن فقد أب أو ابن أو زوجة أو طفل ابتلعه السيل، هل تظنون أن الكارثة سوف يتم التعامل معها بهذا البطء والتراخي، وهل ستمر نتائجها هكذا مرور الكرام..؟!.

    إن من النتائج الكارثية التي باتت رائحتها تزكم الأنوف تضرر شبكات المياه وتلويثها بالكامل، وهو خطر بيئي وهو ما ينبغي على الجهات المعنية أخذه في الحسبان أثناء معالجة هذه الأزمة، والتأكد من سلامة ونظافة شبكة رفع المياه والخزانات العلوية في الأحياء المنكوبة وعدم تلوثها بمياه المجاري .

    وفي سياق الحديث عن هذه الكارثة البيئية التي جلبها السيل إلى جدة، أنتشر هذه الأيام مع وقوع الكارثة خبر قديم ورد في صحيفة الشرق الأوسط منذ خمس سنوات، وتحديداً يوم الاثنيـن 04 جمـادى الأولى 1425 هـ 21 يونيو 2004 م العدد 9337 ، وكان بعنوان "مشروعات عاجلة بتكلفة 7 مليارات ريال لاحتواء مشكلة الصرف الصحي الحرجة في جدة"، وقفت مشدوهاً وأنا استرجع عنوان الخبر وتتردد في ذهني كلمة( مشروعات عاجلة )، ينما يقفز إلى الذاكرة مشهد ذلك العجوز الذي جرفه السيل ، وصورة تلك الطفلة التي أبكت الجميع عندما جرفها السيل والقى بها في اليابسة ميتة ، أو مشهد ذلك الشاب الذي يقف فوق سيارته التي يجرفها السيل يحاول القفز من فوقها في حال اقترب من أحد شاطئي الشارع، وكأننا في مدينة البندقية العائمة وليست جدة وكأن هذه الأرض ليست تربتنا الرملية..!

    والأعجب حينما نسترجع ما قاله أمناء جدة على مدى عشرون عاما فبدءاً من محمد سعيد فارسي عام 1399هـ - 1979م الذي أكد أنه في العام المقبل – من تصريحه - سيستطيع تحقيق المعدل المطلوب وهو ساعة و نصف أمطار تحتاج لساعة و نصف فقط لتصريفها أما عند اكتمال مشروع تصريف مياه الأمطار في العام بعد المقبل فسيكون المعدل ساعة تصريف لكل ساعة و نصف أمطار!! "

    ثم أكمل على نهجه د. نزيه نصيف 1420هـ -1999م حيث قال:" تستعد أمانة مدينة جدة منذ فترة طويلة لموسم الأمطار و هناك تنسيق مبكر لحصر الآليات و تجهيزها للعمل بالكفاءة المطلوبة حيث تم حصر كافة المواقع التي شهدت التجمعات ووضعت التدابير اللازمة لحل المشكلات التي تواجهها كل عام و قد تم تسليم المقاول 16 أمر عمل لتنفيذ عدد من التوصيلات الجديدة لمواقع كانت تشهد تجمعات مائية وسوف يتم الانتهاء من كل ذلك خلال عام واحد"

    وساندهما الأمين اللاحق لهما في أقوالهماد. عبد الفتاح فؤاد 1422هـ - 2001 م حيث أكد أن مشاريع الصرف بتكلفة 8 مليارات تخدم مدينة جدة 40 عاما!!

    وصرح عبد الله المعلمي 1423هـ -2002م :"بأن الأمانة تعمل على 60 مشروعاً بتكلفة مليار ريال ونتوقع عند الانتهاء من هذه المشاريع خلال الأعوام القليلة المقبلة أن نكون قد قدمنا الحل الكامل لمشاكل مدينة جدة مع التصريف بإذن الله "

    ولعل آخر الأمناء م. عادل فقيه 2007م الذي استمر على نهج الأمناء في محاولة الظهور بالتصريحات المُنجزة التي تُشبه أحلام البؤساء في تقديم الحلول المعجزة للعروس المترهلة !! فقال:"(على سكان جده الانتظار 5 سنوات حتى ننتهي من ورش العمل و مشاريع الصرف أو يقبلوا العيش فيها بوضعها الحالي.) تم توقيع عقد إنشاء المنتزه الوطني و الغابة الشرقية شمال بحيرة المسك و سيتم الانتهاء منه خلال تسعة أشهر و هو ما يمثل حلا جذريًا لمشكلة البحيرة حيث يتوقع أن تستهلك كامل مياه البحيرة"

    وهنا رابط فيه كلام الأمناء على مر السنوات والمشكلة منذ عشرين عاما لم تُحل!!!

    http://www.al-madina.com/node/202850

    ويُحق لنا أن نتساءل الآن بعد كل هذه التصريحات التي أظهرت أن هؤلاء الأمناء منذ عشرون سنة يُراهنون على حل المشكلة ولم ينجحوا بل وهناك تساؤل آخر أين صُرفت هذه المليارات منذ ذلك الوقت!! ويؤكد أيضاً أن الفساد مستشري في كثير من الدوائر الحكومية لضعف الرقابة على تنفيذ تلك المشروعات التنموية !

    وإنه من الدجل أن تختزل الكارثة في جدة وحدها؛ فكل مناطق المملكة مرشحة بشكل أو بآخر لأن تضربها السيول أو حتى الزلازل – لا قدر الله- في أي وقت، ومن الدجل أيضاً الحديث فقط عن الأحياء العشوائية لأن السيل هذه المرة برهن على عدالته في توزيع الكارثة على الجميع، ومن خيانة الأمانة أن نسكت عن مشاريع أريد لها أن تتعثر وتم إيداعها رهينة الأدراج وعن سبعة مليارات لا ندري أين مصيرها !!، ونتمنى أن لا تمر هذه الكارثة إلا بدروس يعالج من خلالها الخلل في مختلف الجهات الحكومية والمجتمعية، فلقد انكشفت جدة لأنها في مجرى السيل, أما باقي المناطق فتحتاج لمن يكتشف بؤر الفساد فيها ليكشفها على حقيقتها وينقذ الناس من شرورها.

    إن قوى الفساد الضاغطة كثيرة، وهي كثيراً ما تستدرج المصلح ليتحول بعد فترة وجيزة إلى جزء من جهاز الإفساد، وما نأمله أن تكون هذه الأزمة عونا للمخلصين من أبناء هذا الوطن والمسئولين المكلفين من قبل خادم الحرمين الشريفين في تنفيذ الخطط الطموحة لتطوير البنية التحتية لمختلف أحياء مدينة جدة، فيجب أن يستثمر الجانب الإيجابي من هذه الكارثة في إعادة خطط تنفيذ المشاريع الحكومية ورفع مستوى جودتها بما يتفق مع المقاييس العالمية للسلامة والجودة، ولأن اليد الواحدة لا تصفق كما في المثل فإن تبعثر الجهود توجب عدم الوصول إلى الهدف المنشود ..

    وبعد ذلك ماذا أعددنا للمستقبل ؟!

    وماذا سنفعل لا قدر الله وحصلت بنا كارثة عظيمة حلت في البلاد من زلازل وفيضانات وغير ذلك ؟!

    هل نحن سنكون على أتم الاستعداد لمواجهة الأزمات ؟!!!!

    هل فكرنا قبل أي مشروع بنتائجه وعواقبه قبل أن نبدأ به "وبحيرة المسك "أنموذجاً؟

    لماذا لا توجد خطط للطوارئ ودور للإيواء عند حصول أي كارثة – لا سمح الله- ؟

    لماذا تفكيرنا ينصب على المشكلة بعد أن تحدث دون أن يكون لدينا استشراف للمستقبل وقراءة للوقائع؟

    لماذا لا توجد لجنة متابعة للمشروعات والمحاسبة في تأخر تنفيذها؟

    لما لا تكون هناك رقابة في كل مدينة ترسل تقاريرها للجهات المختصة في متابعة الفساد الإداري في الجهات الحكومية وتنفيذ المشاريع!؟

    كتبه أبولجين
    لجينيات

     
  5. الصورة الرمزية همي الدعوه

    همي الدعوه تقول:

    افتراضي رد: توسونامي مدينة جدة ( صور للكارثة ) تحديث

    لجنة التحقيق بكارثة جدة تفتح ملفات المشاريع القديمة وتمنع سفر أكثر من 60 مسؤولا والمصادر تؤكد : التحقيقات السبت القادم



    عاجل ( خاص)-

    أكدت مصادر مطلعة لصحيفة (عاجل) أن اللجنة المكونة للتحقيق بشأن كارثة جدة الأخيرة أنهت إحصاء أسماء المسؤولين التنفيذيين سابقين وحاليين عن حالة التخطيط والمشاريع السلبية التي تجتاح جدة وكشفت المصادر المطلعة أن نحو 63 مسؤولا من مختلف الدرجات الوظيفية سيحالون للتحقيق ابتداء من يوم السبت القادم بعد إخطارهم بمنعهم من السفر لحين انتهاء التحقيقات .

    المصادر المطلعة لصحيفة (عاجل) قالت بأن اللجنة بصدد مراجعة كافة ملفات المشاريع المنفذة بمحافظة جدة وإحصاء أسماء الشركات المنفذة وشركات الباطن للوصول لحقيقة وجود تلاعبات ماليو وإدارية إنشائية بتلك المشاريع والوقوف عليها على أرض الواقع تحسبا لعدم وقوع كارث بسببها مثل الكباري والطرق والردميات وغيرها ..

    جدير بالذكر أن خادم الحرمين الشريفين أمر بتكوين لجنة برئاسة صاحب السمو الملكي أمير منطقة مكة المكرمة وعضوية كل من :
    1 - معالي رئيس هيئة الرقابة والتحقيق .
    2 - مندوبين من وزارة الداخلية وهم : ( مدير عام الدفاع المدني - وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة - مدير عام المباحث الإدارية - ومدير مباحث منطقة مكة المكرمة).
    3 - مندوب على مستوى عال من رئاسة الاستخبارات العامة .
    4 - وكيل وزارة العدل .
    5- نائب رئيس ديوان المراقبة العامة المساعد

     
  6. الصورة الرمزية همي الدعوه

    همي الدعوه تقول:

    افتراضي رد: توسونامي مدينة جدة ( صور للكارثة ) تحديث

    نصيف أمين جدة الأسبق لـ
    اسألوا من أعطى الضوء الأخضر للبناء والتملك في مجاري السيول

    بدر الغانمي ــ جدة



    رحب الدكتور نزيه بن حسن نصيف أمين محافظة جدة الأسبق بأي استدعاء أمام لجنة التحقيق الخاصة المشكلة بأمر خادم الحرمين الشريفين لمعرفة أسباب كارثة الأمطار التي أودت بحياة العشرات من سكان أحياء شرق الخط السريع، وقال بأنه سيطرح أمام اللجنة كل الحقائق التي تساعدها في أداء عملها واستجلاء أسباب المشكلة ومساءلة المسؤولين عنها مبديا في الوقت نفسه ألمه مما حدث.

    وأوضح نصيف لـ «عكاظ» أنه ظل يعترض بشكل أساسي طيلة فترة وجوده على رأس العمل بأمانة جدة على وجود أي حي عشوائي جديد في جدة، وأضاف «لم أسمح ببناء أي حي عشوائي في فترة وجودي في الأمانة وحرصت على إخراج المخطط الاستراتيجي الشامل للمدينة، بل ووضعت خططا لتهذيب ما وجدته من أحياء عشوائية وبدأت في تنفيذ المرحلة الأولى في حي الرويس تحديدا ثم استلم المسؤولية بعدي المهندس عبد الفتاح فؤاد».

    وعن السبب في وجود أحياء عشوائية في مجاري السيول أكد أمين جدة الأسبق «أن أحياء السامر وقويزة وغيرها تعتبر من الأحياء القديمة التي ينبغي أن يسأل فيها المسؤول الذي أعطى الضوء الأخضر للتملك والبناء في مجرى للسيول والأمطار، مشيرا إلى أن التخطيط يظل أساس المشكلة وسببها الرئيسي» .

    وعن تعامله مع وجود أحياء عشوائية في جدة بعد تسلمه مسؤولية الأمانة على مدى أربع سنوات ذكر «بطبيعة الحال استلمت أمانة مدينة جدة فوجدت نفسي أمام الأمر الواقع، فهناك أحياء عشوائية موجودة ينبغي التعامل معها، أن مشكلة التعديات هي التي خلقت العشوائيات، وسرى السرطان في أطراف المدينة ومارسه الكثيرون دون استثناء كل بطريقته، وخلق لي الوقوف في وجه التعديات وبناء أحياء عشوائية جديدة أزمة علاقة مع فئات كثيرة كانت تقوم بهذه التعديات وهو ما دعاني للإسراع في عمل المخطط الشامل للمدينة» .

    نصيف البعيد عن مسؤولية الأمانة منذ عشر سنوات، شدد على أهمية إيقاف الرمي في بحيرة المسك وطالب بإيجاد حلول أخرى متوافقة معها، داعيا لمساندة كل الخطوات الاحترازية الحالية لدعم سلامة سكان الأحياء العشوائية والتجاوب معها.


     
  7. الصورة الرمزية همي الدعوه

    همي الدعوه تقول:

    افتراضي رد: توسونامي مدينة جدة ( صور للكارثة ) تحديث

    قويزة: الموت مر خاطفا من هنا
    جولة: هادي الفقيه





    مازالت جدة تبكي..جسدها الشرقي يواصل نزفه. أسئلة تبحث عن إجابات. عيون تبحث وأخرى تبكي. رائحة الموت تفوح من كل مكان. لا وجود للأطفال والنساء إلا ما ندر. رجال يستجمعون هممهم وعزائمهم. يرسلون دعوات إلى السماء وأمنيات أن يجدوا من فتشوا في التراب والصخر والألم عنه. مفقودين لا يعرف إن أخذهم الماء وهل سيعودون أم لا.

    تجولت «عكاظ» في قويزة أمس وقلبت صفحات المكان الذي تغير كل ما فيه، فلم يتبق إلا ذكريات وعلامات استفهام وتعجب تحوم فوق رأس كل من يقف على الوضع هناك.





    حفرة الجثث .. لم ينبشها أحد


    يصرخ عبد الله المطيري في وجه من يأتي باحثا عن الغوث لأسر شاهدها تصارع الموت وسط أمواج السيول، يقفز من مكان إلى آخر ليحكي قصة النهار الذي كان أشبه بفيلم سينمائي مر بسرعة وخوف ورعب.

    يتحدث المطيري الذي نجا وابنه بعد أن تعلقا بأشجار مجاورة لمنزل قريبه : «كان السيل يجري بقوة وصهاريج نقل الماء يحملها وكأنها في وزن الريشة، مرت سيارات محملة بأسر يصرخون ويطلبون النجدة، ولم يكن باستطاعتنا إنقاذهم».

    يركض عبد الله إلى حفرة عظيمة كونها السيل بعد أن ضرب الأرض بقوته، يجزم أنها مملوءة بالجثث : «سيارتان من نوع فورد وتويوتا وثالثة كامري تقل أسرا متأكد أن داخلها أسرا أما السيارات الأخرى لم أشاهد من بداخلها».

    البحيرة التي تكونت في الحفرة لا يبدو على سطحها آثار وجود سيارات أو بشر، إلا أن قاعها شديد السواد وفي أطرافها تميل إلى الخضرة.

    وفي طريق العودة يقف طلال الصبحي يتفقد سيارته التي وجدها مائلة على شفى الوادي تكاد تسقط : «لم نتوقع أن خروجنا للتنزه سيكون نهايته خوف وهرب إلى سطح البيت، إذ جمعت أسرتي وبقينا في السطح نراقب الوضع السيل جرف السيارات والمباني نسمع أصواتا من أماكن مختلفة وندعو أن يلطف بنا الله، وعندما أتت طائرة الدفاع المدني لوحت ولكن لم يشاهدونا».



    الظاهري كسر النافذة لينقذ 17 أسرة


    يتوقف من يمر على طرف شارع جاك في قويزة عند بناية حديثة، بعد أن جرد السيل سيقانها، وبدت عارية من الاسمنت، وكشف الاسفلت البسكوتي ماظهر وما بطن داخل الصندوق الاسمنتي الضخم.

    تتدلى من أسفل البناية بقايا أثاث في منظر تندر مشاهدته، يتفقد مالك الأثاث خالد الظاهري ما تبقى من منزله الذي قضى فيه أياما جميلة مع زوجته وأطفاله الأربعة : «عشنا لحظات رهيبة من الخوف والقلق، رحمنا الله، ومازلنا نتألم لفقدان شقيقة زوجتي التي رحلت وزوجها في السيارة».

    يكمل خالد الذي قال جيرانه إنه مجنون بعد أن كسر نافذة جاره ليدخل الأطفال والنساء مدرسة مجاورة للبناية : «عندما حفر السيل أساس البناية خفت على الأسر وفكرت في الانتقال إلى المدرسة المجاورة وعلى الفور اقترحت كسر النافذة المطلة على المدرسة من شقة جاري، في البداية رفض الجيران ومع هدير المياه وافقوا وسريعا نقلنا 17 أسرة كانت تقطن البناية».

    يتفقد الظاهري غرفة أطفاله والمجلس الذي كان يلتقي فيه أقاربه وأصدقاءه متأملا الأيام الجميلة التي كان يقضيها بعيدا عن أية تهديدات تقض مضجعه».



    شارع جاك..من هدير الخرسانة إلى رائحة الدم


    عبد الله نمنكاني في فرجينيا شرق الولايات المتحدة الأمريكية، ومحمد العمري في سيول عاصمة كوريا الجنوبية، يدرس الأول الهندسة والثاني تقنية المعلومات لا يعرفان بعضهما، واجتمعا في هم البحث عن صور ومقاطع عن كارثة جدة.

    امتلأ موقع تحميل مقاطع الفيديو «يوتيوب»، بمقاطع للكارثة وهي حية، وخطف شارع جاك الشهرة الأكبر بالصور الأقوى والأغرب.

    يدخل عبد الله ومحمد المرتبطان بأقارب في جدة يوميا للبحث عن الجديد يقلل خوفهما من الكارثة التي أتت على الأخضر واليابس شرق جدة.

    ضربت شهرة شارع جاك الشريان النابض لأحياء قويزة في كل الاتجاهات بعد أن أصبحت وسائل الإعلام جهازا محمولا في جيوب الشابات والشبان.

    يؤكد أهل الحي أن اسم الشارع أرتبط بشركة جاك المتخصصة في تكسير الحجارة لتكوين الخرسانة، وأصبح بعد التوسع العمراني القلب النابض للمنطقة والرابط بين الأحياء القديمة والجديدة.

    يشق شارع جاك الذي يبدأ من تخوم طريق الحرمين قلب أحياء قويزة، وأول علامات الاستقبال في الشارع دلافين من *****ل تلمع مع شروق الشمس وغروبها، تلتف حول نفسها في منظر جميل يعبر من يشاهده إلى جامعة الملك عبد العزيز في الطرف الآخر.

    يربط شارع جاك أحياء: المساعد، الصواعد، والعبيد بوادي قوز الذي يصب في قلب المنطقة، وخلال الأعوام الـعشرة الأخيرة اشتهرت أرصفة الشارع بأنها تجمع لكل السلع، فأصبح قبلة أهل الحي من قرص الخبز إلى قماش الثياب، وشكل الزحام علامة فارقة لا يتركها، وتتأزم في شهر رمضان.

    الصورة الجديدة للشارع المطمورة أجزاء منه بالطين هي الدماء والجثث فخلال الأيام الماضية انتشلت منه أجساد جرفها السيل مسافات الطويلة، وخاتمة الشارع اليوم جنود الجيش يفتشون من يخرج للتأكد من ممتلكات السكان ولحفظ سلامتهم.





    «جدة غير».. بيوتها تنهار للأعلى


    في كل مدن الدنيا.. عندما يسقط مطر كارثي، أو يجتاح إعصار مدمر.. فإنه أول ما يقتلع.. يقتلع الأسقف، ويبدأ الدمار من الأعلى ونزولا.. إلا مدينة جدة.. لم يخطئ من قال «جدة غير».. فبيوتها عندما تنهار تحت وطأة المطر.. فإنها تنهار من الأسفل وصعودا.. ينخرها السيل عن أساساتها.. والبقية تتبع..

    المصدر

     
  8. الصورة الرمزية همي الدعوه

    همي الدعوه تقول:

    افتراضي رد: توسونامي مدينة جدة ( صور للكارثة ) تحديث

    [align=center]
    500 ريال أجرة سحب تدفع قبل الاستلام
    سيارتك جرفتها السيول .. ابحث عنها بنفسك
    محمد العجلان ــ جدة






    إذا كنت من بين من فقدوا سياراتهم في سيل الأربعاء، فما عليك إلا أن تشمر عن ساعديك وتبحث عنها بنفسك بين عشرات المواقع التي خصصت لحجز السيارات المتضررة، هذا إن وجدت أصلا من يدلك على مواقع حجز السيارات التي وصلت حتى يوم أمس إلى 15 موقعا. حتى لو وصلت إليها فإنك مطالب بدفع 500 ريال أجرة سحب، أي سيل وخراب ديار ودفع.
    عبد الله الغامدي جرفت السيول سيارته من أمام منزله في حي قويزة، ولم يجدها حتى اليوم، رغم تمشيطه الشوارع ومواقع الحجز. يقول إنه ذهب إلى منطقة بريمان بعد أن أرشده البعض إلى ثلاثة مواقع للحجز فيها، لكنه لم يجد سيارته هناك، «كان من المفترض أن يتم تسجيل أرقام ومواصفات السيارات المسحوبة قبل نقلها إلى الحجز، لكن هذا لم يحدث، وها أنا أقضي العيد بين كتل السيارات المحطمة في مواقع الحجز، أبحث عن سيارتي».
    ويبدو أن المشكلة أبعد من ذلك، فلكي تستلم السيارة يجب أن تحضر إثبات الملكية، وهو الأمر غير الممكن ــــ حسب علي عبده-، الذي فقد سيارته في السيول ــــ يقول «وجدت سيارتي أخيرا في أحد المواقع في حال يرثى لها، وعندما طلبت أن أخرجها من الحجز طلبوا مني ما يثبت ملكيتها، وصورة للسيارة»، يضيف مبتسما «كيف أقدم إثبات الملكية وكل الأوراق كانت في السيارة وفقدت معها».
    والتقت «عكاظ» بدر المالكي، عند أحد مواقع الحجز يبحث عن سيارته، يقول إنه يبحث عنها منذ ثلاثة أيام دون جدوى، «مررت على خمسة مواقع ولم أجدها، وأخيرا قالوا لي إن هناك موقعا للحجز خلف النقل الجماعي في منطقة البلد، فذهبت إليه دون فائدة».
    لكن كريم رضوان ــــ حارس في أحد الأحواش التي خصصت لحجز وتجميع السيارات ــــــ يؤكد أن جميع السيارات مسجلة، ولها بيانات خاصة ويحضر يوميا عشرات الأفراد للبحث عن سياراتهم؛ البعض يجدها والبعض الآخر يذهب وقد ملأته الحسرة.
    وعن الطريقة الصحيحة للبحث عن السيارات المفقودة يقول: يتوجب إحضار صورة للسيارة ومراجعة المرور، فليس من حق شخص سحب أي سيارة؛ لأنها في عهدة الجهات الرسمية وهي من تملك أحقية التصرف فيها، ومن يحضر أمر إطلاق رسمي له الحق في أخذ سيارته بعد دفع أجرة السحب التي تبدأ من 100 ريال.

    المصدر
    [/align]

     
  9. الصورة الرمزية همي الدعوه

    همي الدعوه تقول:

    افتراضي رد: توسونامي مدينة جدة ( صور للكارثة ) تحديث

    بحيرة البستان تنافس «المسك» في الروائح والمخاطر
    السلمي لم يعد من رحلة الصدقة ومكالمة أخيرة كشفت وفاته

    إبراهيم علوي ـ جدة





    صنعت سيول جدة بحيرة جديدة في وسط حي البستان تفوق رصيفتها «المسك» في الخطورة والروائح النافذة، فأصبحت بعد أحداث الأربعاء ملتقى للأهالي، يجتمعون عند ساحلها لا للسمر والمؤانسة كما هي العادة في البحيرات النظيفة، ولكن للاجتماع في محيطها وترقب جفافها لعل ذلك البحر يلفظ جثثه المطمورة إلى اليابسة. سكان الحي يتوقعون وجود مزيد من الضحايا في البحيرة الآسنة، مشيرين إلى أن عمليات البحث بين الأنقاض وحطام السيارات لم تسفر عن شيء، ما يؤكد يقينهم أن المفقودين مازالوا تحت أمواج بحيرة البستان المفاجئة.

    من بين المطمورين «خضر السلمي» الذي خرج من داره صباح يوم الإعصار إلى شرق الخط السريع لتفقد مسجد تولى تشييده صدقة جارية لوالده الراحل. تقول زوجته: إن المفقود هاتفها وتحدث معها لدقائق ليخبرها عن موقعه، ولما اشتدت وطأة الأمطار وارتفع هدير السيل انقطع الاتصال، ومن ذلك اليوم لم يعد خضر إلى أسرته، ويقول شقيقه عبد الله: إن الأسرة تمكنت من تحديد موقعه بواسطة مكالمته الأخيرة، ولا يزال البحث مستمرا حتى لحظة إعداد التقرير.

    عن الأب الفقيد يتحدث نجله خالد: «بحثنا عنه بين المباني المدمرة والأنقاض، وأخيرا وجدنا سيارته سليمة بلا أضرار، يبدو أن السيل الداهم جرفه إلى مكان بعيد، فقد ظللنا نبحث عنه حيا وميتا في كل مكان. قطعنا مسافة ثلاثة كيلو مترات ولم نعثر له على أثر، بحثنا في وادي قويزة وفي البرحة البيضاء وفي الميادين المجاورة وتحت جذوع الأشجار وركام السيارات المحطمة، شكوكنا تتجه إلى بحيرة البستان المليئة بمياه السيل، الكل يشتم روائح الموت والجثث في البحيرة، لكن الجميع يقفون عاجزين عن الخوض فيها لخطورتها وعمقها الشديد. إزاء هذا الوضع، أبلغنا السلطات المختصة كي تتدخل وتركز عمليات البحث في البحيرة، لا أعرف مصير والدي أن كان حيا يرزق أم مات غريقا في السيل».

    يظل إعصار الأربعاء ذكرى لا تمحى من عقول سكان قويزة والبستان. يسترجع بشير المولد شريط ذلك اليوم الأسود ـــ على حد وصفه ـــ ويشير إلى أنه اصطحب أنجاله في طريقه إلى الحلقة لشراء أضحية العيد، في ذات اللحظة اشتدت وطأة المطر والسيل، فقرر العودة بمركبته إلى داره وعند وصوله إلى جسر الجامعة فوجئ بمئات السيارات تزحف ببطء قبل أن تشل الحركة تماما، في دقائق معدودة كانت بحيرات السيول تحيط من كل جانب، وبدأ الجميع في البحث عن مخرج آمن من عنق الزجاجة. «ظللت لساعات افتش عن طريق يوصلني وأطفالي إلى مقر بيتي في قويزة، ولم أطمئن على حال عائلتي وكريماتي إلا بعد ورود اتصال هاتفي من أمهن تخبرني أنها لجأت مع بناتها إلى سطح المنزل».

    الدمار كان كبيرا وفوق التصور، يقول المولد: إن كريماته شهدن عشرات السيارات تجرفها التيارات المائية مثل قطع الفلين، كان الركاب يرفعون أياديهم طالبين الغوث والنجدة، لكن الكل كان مشغولا بنفسه وعائلته. شاهدت إحدى كريماته مسنا يمسك في يده طفلا صغيرا ولجأ الاثنان إلى مسجد مجاور نجاة بأرواحهما، ولم يخرجا منه إلا بعد 16 ساعة جثتين هامدتين.

    روايات الحزن والموت تتواصل، ويتذكر محمد حسن العمري «قتل السيل ابني وجرف التيار جثته إلى أكثر من عشرة كيلو مترات من المنزل، خرج يلهو مع أقرانه في ميدان قريب، وفي دقائق اندفع السيل وسمعنا نداءت استغاثة فخرجت والدته تستطلع الأمر، غير أنها تراجعت أمام سطوة الماء المندفع فعادت إلى البيت، ومن ثم بدأت رحلات البحث عن ابني ولم أعثر عليه حتى اليوم».

    المصدر

     
  10. الصورة الرمزية همي الدعوه

    همي الدعوه تقول:

    افتراضي رد: توسونامي مدينة جدة ( صور للكارثة ) تحديث

    جثتان في مخطط المساعد ترفعان حصيلة الضحايا إلى 108
    سحب سوداء متجددة تثير مخاوف 10 أحياء
    إبراهيم علوي ــ جدة




    تلبدت سماء أمس الأربعاء بالغيوم، وهطلت أمطار طفيفة في جدة ووضع سكان الأحياء العشرة الأشد خطرا أياديهم على قلوبهم خشية تجدد فجيعة الأربعاء. وظلت شرق جدة تترقب طوال النهار حركة السحب السوداء، وظل أحد المنكوبين بلا حراك أمام أطلال داره المنهارة قال بعيون دامعة وهو ينظر إلى سحابة سوداء «لم يبق شيء نخاف عليه، انتهى كل شيء، مضى أسبوع من الكارثة، أنا مستعد لاستقبال مزيد من الهطول أمام أنقاض بيتي لأعيش ذكرى أعزاء فقدتهم أمام عيني».

    سكان في قويزة والصواعد والبستان انشغلوا عن الأمطار والسيول المحتملة بالبحث عن فقدائهم وسط البحيرات وبين الركام وحطام بيوتهم، ولم تمنعهم المخاطر المحتملة مثل مطر قادم أو انهيار مبنى آيل للسقوط من استكمال التنقيب والحفر واستخدام حاسة الشم أو أية وسيلة تجمع شتاتهم بالمطمورين، ولكن آخرين في أحياء الفيضان دفعتهم مخاوف السماء الملبدة بالغيوم والسحب السوداء المتحركة إلى المغادرة، حاملين أمتعتهم على ظهورهم. يقول سليم الحربي «مهما كان حال اليوم لن يكون أسوأ من أربعاء السيل لننتظر ما تسفر عنه الساعات المقبلة».

    وسط الأجواء والمناخات القلقة والمقلقة استمرت فرق الانتشال والإنقاذ عملياتها الميدانية طوال أمس في قويزة والصواعد، وعثر الرجال الميدانيون على جثتين مطمورتين في مخطط المساعد ليرتفع ضحايا فيضان الأربعاء حتى لحظة إعداد التقرير إلى 108 بحسب المتحدث الرسمي في مديرية الدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة النقيب عبد الله العمري، الذي أبلغ أن أعمال البحث عن المفقودين ستتواصل دون توقف، ويضيف مدير الدفاع المدني في جدة اللواء محمد الغامدي أن كافة أعمال المسح في حي قويزة مستمرة، كما تم *** عدد من مراكز الإسناد والطوارئ في المحافظة.

    الجثث التي تم اكتشافها أمس استرشدت إليها السلطات المختصة بعد انبعاث روائح قرب أحد المساجد وأسفل بناية حديثة شرق الطريق السريع، وتتواصل عمليات التمشيط في البرحات البيضاء والبحيرات باستخدام الكلاب البوليسية.