الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية أبولؤى

    أبولؤى تقول:

    افتراضي رد: كلمات ودروس ومحاضرات الشيخ سلمان العودة (( متجدد ))



    فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة
    ساعة في الفيس بوك


    قضيت بالأمس وقتاً طيباً تنفيذاً لموعد مع أصدقائي الشباب في صفحتي في الفيس بوك :
    www.islamtoday.net/fb

    وانصرفت مسروراً بالتفاعل مع المئات من شتى الأقطار والمستويات والأجناس بأقل كلفة ..
    قبل عشر سنين كان الاجتماع مع المئات من الأشخاص ، فضلاً عن الآلاف يعني حجز استراحة كبيرة ، وإعداد القهوة والشاي والماء والعصيرات ، ولابد من وجبة طعام دسمة في نهاية المطاف !
    وهذا مقبول بحسب قواعد الكرم العربي ، ولكن يوازيه ضياع معظم الوقت في السلام والتحية والسؤال عن الأحوال ، وإن كان الاجتماع محاضرة ، فالحديث يتم عبر طريق واحد ، والبقية يستمعون ..
    أما اليوم فالأمر مختلف ، فاستثمار الوقت يبدأ من لحظة وجودك على الموقع ، وكل مشارك له الحق في السؤال ، وهو حين يسأل يعبر عما يريد ويوافق أو يخالف أو يشطح .
    في إحدى مرات وجودي ، وفي جوٍ عاطفي مريح انبرى أحد المشاركين ليصب اللعنة عليّ .. وعلى أمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين !
    فقلت : كفاني فخراً أن أكون مرتبطاً في ذهن هذا الأحمق المغرور بأسماء لامعة مقدسة نورّت تاريخنا .. وعطرت واقعنا ، وعززت الأمل بمستقبلنا ، حشرنا الله في زمرتهم ، وجعلنا من أتباعهم .
    جلست جلسة الأمس لساعتين وطوفت في شتى البقاع ، وتناولت العديد من الموضوعات والهموم والقضايا والأسئلة .
    فور خروجي من الموقع جاءتني رسالة جوال تعبر عن حزن صاحبها الشديد على تلك الأسئلة وغياب همّ النهضة عن أكثرها .. فكأنما صحوت من نوم .
    فعلاً أسئلة تنهال صوب فروع فقهية قُتلت بحثاً ، وأخرى صوب رؤى منامية تفتقر إلى تعبير ، وثالثة تتمحور حول هموم ذاتية ... ورابعة وخامسة ..
    رجعت إلى نفسي متصنّعاً لقدر من التوازن ووجدت نفسي تميل إلى استحسان ما حدث .. وقلت :
    التعبير عن المشاعر الإيجابية معنى جميل ، وهو جزء من طبيعتنا ، فمن دون عواطف الحب والصفاء والإخاء ستبدو الحياة بيداء قاحلة يقتلنا فيها الظمأ والجوع ولهيب الشمس الحارقة .. فلماذا نتردد في التعبير العفوي الصادق عن أحاسيسنا الإنسانية التي أودعها الله فينا ..
    وفي المناسبات كالأعياد والأفراح يكون هذا المعنى أكثر إلحاحاً وأهمية ، فالناس تفرح بالاجتماع والتواصل والحديث والتعبير ، متى كان رشيداً وصادقاً وغير متكلف ، فلنعبر عن حبنا وإعجابنا باعتدال دون جفاء أو مبالغة .
    -الهموم الذاتية معنى مصاحب للحياة ، فلا أحد إلا ولديه مشكلة نفسية أو اجتماعية أو عائلية ، تخص ذاته أو عمله أو بلده أو أهله .. وربما كان بحاجة إلى تنفيس أو شكوى ، حتى لو كان لا يتوقع حلاً جذرياً أو مفاجأة فحسبه أن يكتب جزءاً من معاناته ، وأن يجد من يتعاطف معه ، ويبادله المشاعر ، ويمنحه الدعوات ، وبعض التوجيه .

    وَلا بُدَّ مِن شَكوى إِلى ذي مُروءَةٍ يُواسيكَ أَو يُسليكَ أَو يَتَوَجَّعُ

    -أن تجد رجع الصدى لما تقول وتكتب على لسان فتى أو فتاة يقول : علمتني ، أو شجعتني على النجاح ، أو زرعت في الأمل والتفاؤل ، أو غيرتني نحو الأفضل أو ساعدتني على مطاردة الحزن والاكتئاب والقلق في داخلي .. فهذا دعم نفسي مهم ، خاصة والإنسان يجد من يحبطه أو لا يفهمه أو يزدري مجهوده أو يسيء الظن به فهنا تعتدل الكفة ، ويجد المرء نفسه أكثر قدرة على العطاء .
    قد تكون هذه الشبكات الاجتماعية شيئاً مختلفاً جزئياً عن جو الدرس أو المحاضرة أو المؤتمر ، فهي ذات بُعد إنساني شخصي تكشف عن مكنون أو سر أو معاناة أو مشكلة ، يظهر فيها الإنسان بوجهه الحقيقي الحياتي بعيداً عن الأقنعة والمجاملات والأعراف الاجتماعية .. وأحياناً منغمساً في همه الذاتي مشغولاً به عن هموم عامة يتعاطاها في مناسبات أخرى .
    وهذا معنى يسمح بمعرفة المجتمع على حقيقته من الداخل ، والوقوف على مشكلاته ، فليس صحيحاً أن الناس هم القوانين التي تحكم ، ولا المقالات التي تُكتب ، ولا المواقف التي تُتخذ ، ولا السياسات التي تُرسم .
    الإنسان ببساطته وعفويته هو شيء آخر غير ذلك ، وهو محتاج إلى من يفهمه كما هو ، ومن يعرفه بعيوبه وأخطائه ، وفي الوقت ذاته يقول له بصدق :
    -أنت إنسان رائع وجميل ومبدع .
    والإقبال على هذه الشبكات كـ " الفيس بوك " ، و " تويتر " و " الآي سكيو " وزميلاتها الأخر .. هو تعبير عن احتياج عاطفي واجتماعي شديد ، ونقص جاد في المؤسسات والمراكز التي تحتضن الجيل ، وعن تآكل شديد في العلاقات الأسرية والاجتماعية بين الناس ، مما يحدوهم إلى بناء عالم افتراضي مختلف يشبع رغباتهم .
    أنا هنا لا أتحدث عن أصدقائي الذين أحترمهم وأعتقد أنهم جادون في مجملهم ، ومرورهم على هذه الشبكات مبرمج بأوقات محددة .
    بل أتحدث عن شباب وفتيات يذهب جلّ وقتهم في الإنترنت ، ما بين المنتديات ، إلى الشبكات ، إلى اليوتيوب ، إلى الألعاب ، إلى الماسنجر ، إلى الشات (المحادثات) ، إلى المحادثات الكتابية والخدمة السريعة التي يحققها (البلاك بيري) ، بما يؤثر على علاقتهم الأسرية وعطائهم العلمي أو الدراسي ، واستقرارهم النفسي ، ويعرضهم للتعرف على أناس جدد يقتحمون عليهم بأساليب خفية ، ويسرقون معلوماتهم الشخصية ، ويحصلون على صورهم وأسرارهم ، ويستغلون حاجتهم للحب والعاطفة ، ويغرونهم ، ثم يبتزونهم ، وقد تنتهي القصة بجريمة معلنة أو جريمة مستورة وجراح تثعب دماً ولا تكاد تندمل أبداً ..
    آن الأوان أن يتواصل المسؤول مهما كبر وعلت رتبته ، والعالِم مهما توافر عطاؤه وتعددت فرصه ، والمربي ، والمسكون بمشروع إصلاحي أو اجتماعي أو وطني ، ومدير الشركة ورجل الأعمال مع رواد هذه الشبكات ، وأن يسمعوا خفق قلوبهم عن قرب ، وأن ينصتوا لهم باهتمام ، وأن يبادلوهم التحية والحب ، ويناقشوهم في أرائهم ومقترحاتهم ، ويشرحوا لهم وجهات نظرهم بلغة تنم عن تقدير وثقة ..
    آن الأوان أن تجعل مواقع هذه الشبكات سبباً جديداً لتحقيق الآمال والطموحات ، وتحفيز العمل الطوعي والمدني ، وزرع هموم النهضة وتساؤلاتها ، ومناقشة قضايا الوطن والتنمية والأمة ، الحاضر والمستقبل ، بلغة صريحة مباشرة ومؤدبة في الوقت ذاته ، دون مجازفة أو تهيّب .
    وليكن هذا النطاق الحر المتمرد على الأطر الاجتماعية أداةً للتدريب على المسؤولية الفردية ، والإحساس الداخلي بالرقابة الإلهية ، وإحياء الضمير الإيماني (بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) (القيامة:15،14) .
    مرحباً بأصدقائي وأبنائي وبناتي في منزلهم الثاني ، مرحباً بعواطفهم الحيّة ، وأسئلتهم الذكية ، وهمومهم الصغيرة، وقضاياهم الكبيرة ، ونقدهم الهادف ، دلّة القهوة والبخور ينتظركم ، حيّاكم الله على " فنجال وعلوم رجال " .

    الكاتب: فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة السبت 28 ذو الحجة 1431الموافق 04 ديسمبر 2010
    [flash=http://dc10.arabsh.com/i/02482/91tb86eu3y0i.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]
     
  2. الصورة الرمزية أبولؤى

    أبولؤى تقول:

    افتراضي رد: كلمات ودروس ومحاضرات الشيخ سلمان العودة (( متجدد ))

    فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة
    بعد عشرين عاماً


    العربيّ يكره التخطيط .. هل هذا صحيح ؟
    إذاً فهذه المقالة ليست ذات علاقة بالتخطيط ، إنها لعبة فكرية جميلة لا تكلّف الكثير .
    ضع في عقلك رقم " عشرين سنة " ، وأضفه إلى أي شيء آخر في عقلك وانظر إلى النتيجة .
    كيف ستصبح أنت ؟
    كيف سيبدو أولادك ؟
    كم سيكون مالك ؟
    ما هي الأشياء التي ستبقى لك ، والأخرى التي سترحل ؟
    جربت هذه الفكرة فوجدت أثراً عجيباً ..
    - وجدت أنني مهموم حتى النخاع بقضايا تافهة وهامشيّة وصغيرة, حكمت أنه لن يبقى منها ذلك الحين حتى ولا ذكراها ولا عنوانها .
    - وجدت أن خبراً صغيراً أزعجني ، واتصالاً أثار قلقي ، ومقالاً رسم سحابة من الحزن فوق رأسي ، ورسالة ضاق بها صدري سيبدو نسياً منسياً ، وربما ستكون مصدر طرفة وضحكة مجلجلة آنذاك .
    - وجدت أن أعمالاً يومية تستغرق جلّ وقتي , وتفترش نهاري وبعض ليلي ؛ لن تكون حاضرة هناك ، لأنها قصيرة العمر ، كبعض الحشرات !
    - وجدت أن آثاراً إيجابية ستظلّ قائمة ، لأنها تراكم الزمن ، كالنشاط في الجسم الذي يتحرك ولا يرضى بالكسل والدعة .
    - ستظل آثار الأفعال الإيجابية -ولو كانت صغيرة- منعكسة على النفس .. رضاً وتفاؤلاً وأملاً وحباً للناس وإحساناً للظن بهم , وتوقعاً للخير منهم .
    - وستظل آثار الاعتياد على النسيان ، نسيان الأخطاء والأذايا والتنكر والتعويقات التي نلقاها ممن نعايشهم .. ستظل عادة جميلة راسخة بمرور الزمن .. بدلاً من أن نكبر فتضيق أخلاقنا ويتسارع غضبنا وتتنامى " شرهتنا " على من حولنا !
    - ستبقى معنا مشاريعنا المخلصة والجادة .. يمنحها الزمن وثائق النجاح مرة بعد أخرى .. ويعطيها الدرجة التي تستحق؛ فبعض أفكارنا ومشاريعنا عمره سنة ، أو عشر ، أو قل عشرين ، .. هل سيكون ثمّ مشروع أو فكرة تتجاوز العمر لتخلّد لأجيال قادمة فنذكر بها ذكراً حسناً ، كما دعا إبراهيم الخليل :
    (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (الشعراء:84) ؟ ولم لا ؟
    وسنكتشف أن الكثير مما بذلنا له وقتنا وجهدنا وسهرنا وتحمسنا له .. كان غير ذي بال .. بدا لي هذا شيئاً شبه مؤكد ، حين استدعيت جيلاً سبقنا وقرأت اهتماماتهم .. ثم قارنتها بما صارت إليه بعد عشرين سنة ، فوجدت تصوراتٍ مبالغاً فيها عن الأخطار والعواقب ، ووجدت أوهاماً ضخمة عن المشاريع التي كانوا يحملونها .. يحمل الواحد مشروعاً يظنه تغييراً لخارطة الأرض والحياة , وفتحاً مبيناً , وعشرون سنة على الأكثر كفيلة بوضعه في حجمه الصحيح بعيداً عن الخيالات والتهيؤات والمبالغات !
    كنا نظن أن فتح موقع إلكتروني يتعاطى مع الناس بسرعة وإنجاز, ويغطي الأحداث ؛ سيكون بمثابة إطلاق كوكب سيّار , ثم تبين أن المواقع تكثر وتتنافس وتنفع .. وأيضاً يعطيها الزمن حقها العادل .
    وجاء ظن آخر ؛ بأن إطلاق مجلة أو دار نشر أو منتج وسائط إلكترونية ؛ سيغير وجه الفكر ونمط السلوك ، وظهر فيما بعد أن ثمّ مزاحمات ومؤثرات اجتماعية وإعلامية تعمل في الميدان ذاته ، وأن الناس يأخذون ويدعون ، ويتولد لديهم مع الزمن اعتياد وتعايش يقلل من تحقيق الآمال التي يتحدث عنها من يصنعون التأثير .
    أما إطلاق قناة فضائية فهو حلم المستحيل ، إنه يعني السيطرة على الفضاء وألا أحد يمكنه أن يوقف مسيرتك !
    وحين تصعد إلى الفضاء ؛ ستجد أنك رقم في سلسلة طويلة ، وشريك في قائمة ممتدة من التنوع والثراء والتراوح ما بين الطيب وضده ، والجاد والهازل ، والمؤثر وضعيف التأثير .
    يكفي أنك رقم ، لست شيئاً مهملاً أو عديم التأثير .
    - الأفكار التي نحملها وندافع عنها ونؤمن بها .. ماذا سيكون مصيرها بعد عشرين عاماً ؟
    - ثمّ قضايا ومسلمات لا يزيدها الزمن إلا رسوخاً ؛ لأنها حقائق قطعية ، فالإيمان يرسخ ويزداد بمضي الأيام والليالي وتكاثر الأدلة ، وتكرر الأعمال الصالحة ، وازدياد الحجج ، وتوافر النعم ، واستشعار رحمة الله وحكمته في النفس والأهل والحياة كلها .
    وثمّ أفكار ملحّة .. ومواقف قوية .. ستكون في عداد الموتى ، حتى نحن لا نذكرها ، ولا نريد أن نذكرها ؛ لأننا بذكرها نكتشف أننا نقلناها من دائرتها الوقتية الضيقة التي كانت تستحقها إلى دائرة أوسع ، وتعاملنا معها وكأنها قضايا الأبد .. وفاصلنا عليها وظلت ذكرياتنا وعلاقاتنا مرهونة لها ردحاً من الزمن .
    - حين تضيف رقم " عشرين " إلى أي فكرة أو قضية أو موقف يقلقك ، أو مشروع ؛ لن تزهد في الأشياء الصغيرة , ولكنك لن تضخمها على حساب الزمن ومتغيراته .

    وبهذه الطريقة العفوية ؛ ستتحول إلى خبير عفوي يخطط للعقل كيف يفكر في الأشياء ، وللقلب كيف يتعاطف ، وللسان كيف يعبّر ، وللجسد كيفينشط ..
    هو ليس تخطيطاً ، بل تخطيط للتخطيط .. هندسة للفكر ، تربية للنفس ، اقتباس من التجربة ، تفاعل مع الحياة ، تجديد للرؤية ، انعتاق من سلطة الحاضر والآن ، باتجاه الانفتاح إلى زمن أوسع ، وحياة أفسح ، وكلما تفاءلنا بذلك الزمن وتوقعنا الأفضل كنا أكثر صحة نفسية ، وأدوم عطاء ، وأقرب للصواب .
    (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ * فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ) (الشرح:1-8) صدق الله العظيم .

    الكاتب: فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة السبت 07 ذو الحجة 1431الموافق 13 نوفمبر 2010

    [flash=http://dc10.arabsh.com/i/02482/91tb86eu3y0i.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]
     
  3. الصورة الرمزية أبولؤى

    أبولؤى تقول:

    افتراضي رد: كلمات ودروس ومحاضرات الشيخ سلمان العودة (( متجدد ))

    فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة
    الإغلاق


    يظن طالب العلم الذي كتب إليّ أن على الداعية أن يصل بالأمر إلى منتهاه .
    ويغيب عنه التفريق بين حال الداعية وحال المعلم , وحال القاضي والحاكم ، فهو ينظر إلى زاوية واحدة , هي أن الحق يجب أن يقال ، أمّا مَا مقدار الحق الذي يُقال ؟ ومتى يُقال ؟ وكيف يُقال ؟ ومن الذي يقوله ؟ فهذا ما لم ينتبه إليه .
    الحق كبير وكثير ، ولا يتسنى لأحد أن يقول الحق كله ، ولكن الحكمة تجعل العاقل يأتي بالجوامع من الحق التي يتآلف عليها الناس ، ولذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ممن أوتي جوامع الكلم ، وهي العبارات الموجزة التي تنتظم معاني كثيرة ، ليس هذا فحسب ، بل الجوامع هي الحِكَم والدرر ومفاصل القول التي ينتهي معها كثير من الخلاف والجدل ، وتأخذ المسائل نصابها وقدرها .
    الداعية حين يكتب أو يتحدث يراعي نفسيات المحاطين وقدراتهم واستيعابهم ويسعى لتأليف نفوسهم على الحق والخير ، والفقيه يجتهد في ضبط العبارات والأحكام والشروط والأحوال والتمييز بينها ووضع المراتب وسرد الأدلة .
    والمدرس ينحو منحى أكاديمياً لترسيخ معلومات مبدئية في نفوس الطلبة وتعويدهم على البحث والنظر والتفكير .
    والقاضي والحاكم بيده مقاليد التنفيذ والإلزام ، بعد البتّ والقطع ، فهو في نهاية المطاف يقضي ويقطع بأن الحق لهذا أو ذاك ، أو يقسمه ، وقد يقع له التردد والشك .
    ولذا فالداعية يتحرك في ميدان واسع ولا يلزمه أن (يغلق) المسائل ويوصلها إلى منتهاها ، لأن ما لا يتحقق اليوم قد يتحقق غداً ، وما لم يقل هنا يقال هناك ، وما لم يسمعه هذا سمعه ذاك .
    ومن المشكل أن ألاحق الداعية وأطالبه بأن يقول ويقول ويقول؛ بناءً على نظرتي الخاصة لما يجب أن يقال .. بينما نظرته هو مختلفة .
    في صحيح مسلم عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِىِّ قَالَ : بَيْنَا أَنَا أُصَلِّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَرَمَانِى الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَىَّ. فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِى لَكِنِّى سَكَتُّ فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَبِأَبِى هُوَ وَأُمِّى مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِى وَلاَ ضَرَبَنِى وَلاَ شَتَمَنِى قَالَ « إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَىْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ».
    فأنت تلاحظ هنا مقام الدعوة ، والرجل حديث عهد بإسلام ، حتى إنه تكلم في صلاته , وقد زجره بعض الصحابة فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي هذا درس عظيم في عدم الاستجابة لرغبات صادقة ,لم تراع الظرف والحال وشأن المدعو فرداً كان أو جماعة أو مجتمعاً .
    وحين سأل الرجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلاَمِ وَإِنَّ مِنَّا رِجَالاً يَأْتُونَ الْكُهَّانَ. قَالَ « فَلاَ تَأْتِهِمْ » رواه مسلم.
    بينما في مقام آخر قال -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً » روه مسلم,, وفي حديث آخر قال :« مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ » رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم وقال صحيح على شرطهما..
    حين تكون المسألة تحتمل حالاً من التكفير وحالاً من التحريم وحالاً من الكراهية ؛ يقدر الداعية المقام , فليس يلزمه أن يوصل الأمر إلى منتهاه ، وأن يقول هذا كفر -مثلاً- لما قد يترتب عليه من سوء الفهم أو النفور أو سوء التوظيف للعبارات وما تؤول إليه ، ولا يلزم أن ينطق بالتحريم ، فإذا حذر أو نهى وزجر وساق العواقب المترتبة على الفعل وحشد شيئاً مما حضره من النصوص ؛ فقد أدى واجب البيان بحسب الحال .
    إن استحضار الإعلان بالتكفير أو التضليل أو القطع في كثير من المسائل يحدث من النفور لدى بعض المتلقين ، ومن سوء الاستخدام لدى آخرين ما يجعل أن المقام الأليق عادة بالداعية هو الحث والتحفيز على الخير , والثناء على أهله , وسرد مثوبته والنهي والتخويف من الشر والتحذير من عواقبه ، وليس يلزم أن يلحم المسائل بالنص على كفر أو فسوق أو تحريم إذا كان المقام يقضي غير ذلك ، أو كانت المسألة غير ظاهرة الحكم وفيها اختلاف بيّن ، وما يعرضه الداعية ليس سوى اجتهاد أو رأيه .
    والأحكام لها مقامها ومناسبتها ورجالها المختصون , ولها متلقوها وطلبتها الذين يقفون المسألة عند حدها , ولا يخلطون ولا يسيئون التوظيف , وقد جعل الله لكل شيء قدراً .

    الكاتب: فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة السبت 29 ذو القعدة 1431الموافق 06 نوفمبر 2010
    [flash=http://dc10.arabsh.com/i/02482/91tb86eu3y0i.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]
     
  4. الصورة الرمزية أبولؤى

    أبولؤى تقول:

    افتراضي رد: كلمات ودروس ومحاضرات الشيخ سلمان العودة (( متجدد ))



    الإسلام اليوم/ أيمن بريك
    د. سلمان العودة: الفوضى الخلاقة فكرة خطيرة ومن الخطأ تصور فئة أنها هي الإسلام

    - إغناء الناس والحفاظ على مصالحهم جزء من الدين
    - إذا كفرنا بالتاريخ فإننا سنكفر بالحاضر والمستقبل
    - العجز عن معرفة قدر الصحابة وأمهات المؤمنين ينبئ عن عجز عن التعايش
    - مشكلتنا في أننا ننظر إلى الغرب ككتلة واحدة
    - الحركة الإسلامية هيمن عليها في فترة من الفترات اختصار الأمة في ذاتها
    - مشكلتنا منا وليست من عدونا
    - القرب من الناس ضمانة لاعتدال الفكر
    أكد فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة ـ المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم" ـ أن ما يسمى بـ "الفوضى الخلاقة" هي من أخطر الأفكار التي يتداولها بعض الشباب ، موضحا أن هناك من يرى أن الإسلام لا يمكن أن يقوم إلا في مجتمع لا يوجد فيه سلطة، ويحتجون بالمجتمع المكيّ، وأنه لو كان في المجتمع آنذاك سلطة قوية لربما صادرت دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم.
    وأوضح فضيلته أن هذه الفكرة غاية في الخطورة، فعندما بعث الله نبيه، فإن أهل مكة كان الله -سبحانه وتعالى- يمتن عليهم بالأمن، يقول تعالى: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) (قريش:4،3)، فقد كان الأمن حتى في الجاهلية.

    وأشار فضيلته إلى أنه من أعظم الخطأ أن تعتقد أي فئة أنها هي الإسلام، لافتًا إلى أن أي مجموعة أو جماعة أو مذهب أو مدرسة، حتى لو كانت على خير، فإنها لا يمكن أن تقول عن نفسها أنها تمثل الإسلام؛ لكنها تمثل مدرسة، أو اتجاهًا، أو اجتهادًا، موضحًا أن خطاب هذه المجموعات يكون فيه الخطأ والصواب.

    وقال الشيخ سلمان ـ في لقائه مع مجموعة من الصحفيين خلال زيارته للعاصمة المصرية؛ القاهرة، الأسبوع الماضي : إن العنف ليس مدرسة، ولكنه نوع من الاحتكام إلى الذات والتسلط على العباد، والعدوان، ولذلك فإنه من أخطر ما يواجه المسلمين، لافتًا إلى أن المراجعات التي قام بها بعض الجماعات الإسلامية ليست معصومة، ولكنها ربما تحتاج إلى تصحيح.

    تدمير كل ما هو قائم


    وردًّا على سؤال يقول: ما تقييم فضيلتكم للمراجعات التي قامت بها بعض الجماعات الإسلامية؟ ومدى تأثيرها إيجابًا وسلبًا على مسيرة الحركة الإسلامية؟ قال الشيخ سلمان: إننا إذا كنا نتحدث عن نماذج إسلامية للرقي والنهوض فإنني أقول بكل أمانة: إن أعمال العنف أو تبنيها هي بمثابة تدمير لكل ما هو قائم وموجود، مشيرًا إلى أن العنف بمعناه الحقيقي هو ألا يستطيع الناس الذهاب إلى مساجدهم لأداء الصلاة، أو الذهاب لوظائفهم لأداء الأعمال، أو لا يأمن الناس على أنفسهم وهم يبيعون أو يشترون في السوق.
    وأضاف فضيلته أن العنف يعني أن تتحول المجتمعات الإسلامية إلى مجتمعات بدائية، يكون الحكم فيها للقوة، وأن يكون القانون والنظام بيد الأقوى أو الذي يملك سلاحًا.


    مراجعات حقيقية

    وتساءل الشيخ سلمان: ما رأيك لو تفجّرت باكستان أو بنجلاديش أو اليمن أو مصر أو السعودية أو أي بلد؟ لافتًا إلى أن النفايات في بلد مثل القاهرة تزن مائتي مليون طن يوميًّا، مما يتطلب عملية ضخمة لمعالجة هذه النفايات، كما أنها لو أهملت تمامًا لضاع الناس، فما بالنا بمصالح الناس المختلفة.
    وتابع فضيلته: إننا من عشر سنوات بذلنا جهدًا وتابعنا عملية ما أسميته بـ"المراجعات"، والتي بدأت في مصر، لافتًا إلى أنها جهد مشكور، مشيدًا بالشجاعة التي جعلت هؤلاء الإخوة يكتبون مراجعاتهم في كتب، حيث قرأت هذه الكتب وأشدت بها في برنامج حجر الزاوية في رمضان 1430، لأنها فعلًا فيها مراجعات.
    هل أنتم الإسلام؟ !!
    وأوضح الدكتور العودة أن المراجعات ليس من شأنها أن تكون معصومة، فهي عبارة عن طرح جديد وإعلان رجوع عن مواقف سابقة، مشيرًا إلى أنها ذاتها بحاجة إلى تصحيح أيضًا، فنحن لا نقول إن ما نحن فيه الآن يعتبر عصيًّا على المراجعة، لكن يعتبر إعلانًا رسميًا بالرجوع عن استخدام العنف، وهذا بحد ذاته مبدأ عظيم، ولا يعد نقصًا، فالنقص هو الإصرار وركوب الرأس وأن يكون البعض ولاؤهم لأنفسهم وليس للإسلام.
    وذكر فضيلته: لقد سألت ذات مرة هؤلاء الشباب، وقلت لهم: هل أنتم الإسلام؟ هل لكم العصمة بحيث تقولون بأن هذا رأي قلناه ويجب أن نقف عنده؟، في حين أن الأئمة الكبار يراجعون أنفسهم، كما نجد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يتبرأ من خالد بن الوليد في عمل معين «اللَّهُمَّ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ»، وهو مرسل من عنده -صلى الله عليه وسلم- ويقود جيشًا إسلاميًا.
    مرجعيات مؤثرة
    واستطرد الشيخ سلمان: كما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لأصحابه: (وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلاَ تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِى أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لاَ)، متسائلًا: فكيف نأتي لنقول إن آراءنا واجتهاداتنا وأحكامنا على الناس وعمليات القتل والقتال وزعزعة الأمن عبارة عن قرار رباني قرآني، يقول تعالى: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42).
    وأشار فضيلته إلى أن مثل هذه الأفعال هي عبارة عن اندفاعات شباب في مرحلة من المراحل، وذلك بسبب ضعف التكوين الشرعي، أو عدم القدرة على ضبط النفس، أو بعض الاستفزازات الاجتماعية الموجودة بسبب غياب المرجعية الدينية، مؤكدًا أن العالم الإسلامي بحاجة إلى مرجعيات دينية قوية ومؤثرة ولها حضور.
    إشادة.. ونصيحة
    وأردف الدكتور العودة: إنني من هذا المنطلق أشيد بالمراجعات، وقد زرت ليبيا قبل شهور، حيث كان هناك مجموعة كبيرة من الشباب كتبوا مراجعات وطُبعت، كما زرنا البقية الباقية منهم في سجن أبي سليم، وهم حوالي أربعمائة وخمسين شخصًا، ونصحنا بإخراجهم على دفعات، حيث خرجت دفعة منهم في شهر رمضان، كما سمعنا أن هناك دفعات سوف تخرج بشكل تدريجي على شكل دفعات، كل دفعة تتكون من خمسين أو مائة شخص.
    وأكد فضيلته أنه من المهم بالنسبة لهؤلاء الشباب الذين يخرجون أن يعودوا إلى الحياة وإلى المجتمع وأن يحتفظوا بحقوقهم، وألا يعود أي منهم ليكون شخصًا عبئًا على المجتمع أو معزولًا !، ولكن يعود ليجد فرص العمل والعيش الكريم له مثلما هي لغيره على الأقل، كما أننا نصحنا هؤلاء الشباب أن يتقوا الله وأن يكونوا أوفياء للعهد والميثاق الذي قطعوه على أنفسهم، وذلك لأنه لو أن مجموعة من هؤلاء الشباب عادت ومارست بعض الأعمال تحت ظل ضغوط معينة، فإن هذا ربما يؤثر على التجربة كلها.
    يدمّر.. ولا يبني


    ونبه الشيخ سلمان إلى أن الهدف الذي نسعى إليه هو أن تكون هذه التجربة في المغرب واليمن والسعودية، وفي أكثر من مكان، مشيرًا إلى أن العنف لا يصنع شيئًا، فهو يدمّر ولا يبني، ولذلك فإنه إن طال الزمن أو قصر، فإن هذا العنف لن يصنع شيئًا يُذكر، وسوف يتوارى.
    وتابع فضيلته: إننا بدلًا من أن نخسر حمامات دماء والمزيد من الأموال وتعويق التنمية، وتشويه صورة الإسلام، وتعويق الدعوة، والانتظار لسنوات طويلة، فإننا يجب علينا أن نسعى إلى تسريع هذه العملية وتحفيز الناس على أن يكونوا شجعان في رفض العنف وإدانته.
    العودة.. وشيخ الأزهر
    وفيما يتعلق بزيارة الدكتور العودة للشيخ أحمد الطيب؛ شيخ الجامع الأزهر: قال الشيخ سلمان: لقد كانت زيارتنا لسماحة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر، زيارة رائعة بمعنى الكلمة، حيث وجدنا حفاوة كبيرة منه، مشيرًا إلى أن فضيلته كان قد دعي العام الماضي لحضور مؤتمر برعاية الأزهر الشريف، لكن المؤتمر تأجل بسبب وفاة الشيخ محمد سيد طنطاوي -رحمه الله-، ولم يستطع حضوره بعد ذلك، حيث إن موعده الجديد كان يتعارض مع موعد آخر عند فضيلته.
    وأضاف الدكتور العودة: لقد كان هناك حديث إيجابي مع شيخ الأزهر، معربًا عن ارتياحه الكبير للقاء، لافتًا إلى أن الدكتور الطيب أكد على ضرورة اجتماع علماء المسلمين وعلى وجه الخصوص علماء مصر والسعودية، وأنهم يد واحدة، ويجب أن يظلوا كذلك، خاصة في ظل التحديات الدولية والعالمية والمحلية.
    مؤتمر لعلماء المسلمين
    وأوضح الشيخ سلمان: لقد تطرق الحديث أيضًا إلى قضايا الإلحاد والانحراف والمخاطر المحدقة بالمنطقة العربية والإسلامية والتحديات الخارجية، حيث تم التأكيد على أن هذه التحديات تتطلب أن يكون العلماء يدًا واحدة، وأن يتحدثوا عن المتفق عليه، وألا يجعلوا القضايا المختلف فيها هي التي تحكم علاقة بعضهم ببعض، كما تدارسنا فكرة أن يكون هناك مؤتمر عالمي لعلماء المسلمين، وأن يتبنى الأزهر هذا المؤتمر، وأننا سنكون سندًا لهذا المؤتمر، ويدعى إليه علماء من مصر والسعودية وتركيا.
    وأردف فضيلته: يوجد في تركيا عدد كبير من العلماء، قد التقينا ببعضهم، كما أن هناك رئاسة الشؤون الدينية، والتي يتبعها أعداد غير قليلة من العلماء من كل الأصناف والأطياف، فيهم فقهاء كبار وعلماء وباحثون ومدارس ضخمة، وكذلك من جميع البلاد الإسلامية الأخرى، بحيث يكون هذا المؤتمر ليس مؤتمرًا أكاديميًا فقط، وإنما يكون مؤتمرًا لمباشرة المشكلات ومواجهتها ومعالجتها والخروج بنتائج إيجابية.
    حماس.. وإيجابية
    وتابع الدكتور العودة: لقد خرج الشيخ الطيب معنا وهو في غاية الحماس لهذا المؤتمر، معربًا عن اعتقاده بأن هذا المؤتمر لن يتأخر تنظيمه والدعوة إليه، لافتًا إلى أن شيخ الأزهر أعرب عن استعداده لاستضافة علماء الأمة لمدة أسبوع كامل في مصر، وأن يكون هذا كله مخصصًا لمعالجة هذه القضايا المشتركة، والتباحث حول نقاط الخلاف.
    واستطرد فضيلته: لقد حدثنا شيخ الأزهر أيضًا عن انفتاحه على المذاهب الإسلامية، حيث أشار إلى أن الأزهر أعاد ما كان موجودًا في السابق؛ من تدريس المذهب الشافعي، والحنبلي، والمالكي، والحنفي، موضحًا أن هذه تمثل بادرة إيجابية وطيبة.
    تركيا... وتغيير كبير
    وردًّا على سؤال يقول: كيف تقيّمون فضيلتكم التجربة التركية بعد هذه السنوات من حكم حزب العدالة والتنمية؟، قال الشيخ سلمان: لقد زرت تركيا قبل عشرين سنة، حيث كان هناك مشاكل في المياه، والمرور، والاقتصاد، والسياسة، والأخلاق، ولكن عندما زرتها هذا العام وجدت أن هناك تغيّرًا كبيرًا.
    وأضاف فضيلته أن هذا النموذج من شأنه أن يُغيّر تصورات المسلمين، وذلك لأن كثيرًا من المخلصين للإسلام يظنون أن مهمتهم هي حث الناس على عباداتهم أو تغيير الجوانب الأخلاقية السلوكية البحتة، خاصة فيما يتعلق بقضايا مثل: السفور والحجاب وغيرها.
    اسطنبول.. نموذجًا
    وأردف الدكتور العودة: لكن كثيرًا من الناس لا يشعرون أنه من الدين أن يكون هناك اهتمام بتغيير اقتصاد الناس وإغنائهم، وتحقيق الحريات، والحفاظ على مصالح الناس، وإيصال الاقتصاد لهم، وإصلاح نظام التعليم، وإصلاح نظام المدينة، لافتًا إلى أن كل ذلك جزء من مهمة الحكومة.
    وضرب فضيلته مثالًا لذلك، بمدينة إسطنبول، مشيرًا إلى أنها أصبحت نموذجًا، لافتًا إلى أنه على الرغم من أنها مدينة ضخمة ومزدحمة ويمكن أن تكون كأي مدينة عربية أو إسلامية أخرى فيها فوضى، وأكوام من النفايات، إلا أن هذه المدينة نموذج في أشياء كثيرة، موضحًا أن النظام التركي رفع عنّا حالة من الإحراج والإحباط، حيث وُجد نموذج نستطيع أن نتحدث عنه.
    تدرج.. ومرحلية


    وأوضح الشيخ سلمان أننا لن نقول إن هذا النموذج نموذج مثالي أو تاريخي، أو أنه نموذج يشتمل على العصمة، لكنه نموذج يحتذى به، حيث انتقل بالناس بشكل تدريجي ومرحلي ولم يأت بمفاجآت ولا مصادمات، كما أنه لا يتحدث عن مبالغات ولكن يتحدث عن الواقع، حيث استطاع بطريقة تدريجية أن يحدّ من سلطة الجيش، وأن يمنح الشعب التركي قدرًا من الحرية في خياراته الثقافية والأخلاقية وغيرها، وهذا هو الشيء الذي نعتقد نحن أن الإسلام يدعو إليه.
    وضرب الشيخ سلمان مثالًا لذلك، قائلًا: إن عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- عندما طلب منه ابنه أن يسارع بعملية التغيير، اعتذر منه وقال له: إن الناس قد تغيرت أحوالهم وعقدوا عقدًا ورتبوا أمورًا، وإن الناس لو فوجئوا بشيء لا يطيقونه ربما كانوا هم ضده مع خصومهم وأعدائهم أحيانًا.
    تحول.. وإصلاح
    ولفت الدكتور العودة إلى أن فضيلته يعتبر أن النموذجين التركي والماليزي يعطيان، إلى حد ما، نوعًا من الدفعة، ويبثان فينا الأمل بأننا من الممكن أن نصحو يومًا من الأيام، فنجد أن هناك مشروعًا في باكستان أو نيجيريا أو بنغلاديش أو في أي بلد عربي أو إسلامي، وأن يكون هناك بداية تحول وإصلاح وتحسن.
    نماذج متعددة
    وردًّا على سؤال، حول المعوقات التي تحول دون تطبيق النموذج التركي في البلاد العربية، قال الشيخ سلمان: إننا حينما نشيد بالنموذج التركي، فإن هذا لا يعني أن هذا النموذج هو عبارة عن "موديل" يمكن أن يُنقل إلى أي بلد، ولكنه نموذج يصلح لتركيا، والتي هي في طبيعتها وتاريخها وتشكيلتها ووضعها الاجتماعي يصلح لها هذا النموذج، في حين أن البلاد العربية والإسلامية أوضاعها مختلفة.
    وأضاف فضيلته: ولذلك على حسب رؤيتي فإنه لا يمكن استنساخ النموذج التركي ونقله بحذافيره، ولكن هو واحد من نماذج، فنحن، على سبيل المثال، نتحدث عن النموذج الياباني في التنقية والتطوير، والنموذج الصيني، والنموذج الهندي الآن، وغيره من النماذج في عدد من بلاد العالم، التي ربما حققت قدرًا من النهوض مع المحافظة على قيمها وأخلاقياتها وموروثاتها، وهذا هو المبدأ الذي ننادي به، وهو أن تشهد بلاد العالم الإسلامي حالة نهوض اقتصادي، وتقني، وتصنيعي، واجتماعي، وثقافي، وإعلامي، وحياتي.
    ذكاء.. وتدرج
    وأوضح الدكتور العودة أن النهضة ليست استنباطًا أو نقلة لتجربة معينة وفرضها على الواقع الإسلامي بدون مراعاة المتغيرات، والسلبيات الموجودة، وذلك لأننا لا نستطيع أن نلغيها، ولكن لابد أن تتعامل معها بذكاء وبتدرج، مثلما أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل حينما بعثه إلى اليمن، لأن بعض المجتمعات أحيانًا قد ترفض ما هو من مصلحتها.
    وتابع فضيلته: بل إنني أزعم أن أكثر المجتمعات العربية اليوم هي متفننة في تذويب إصلاحية أي مشاريع تستهدفها؛ سواء مشاريع قوانين، أو قرارات، فيبدأ الناس يحكّون هذه الأشياء وينتقدونها من هنا ومن هناك، ويكثرون من الضوابط عليها، حتى تتلاشى وتصبح لا شيء، ولذلك لأن الكثير من المشاريع طرحت في أكثر من بلد إسلامي ولكنها انتهت إلى لا شيء.
    إفلاس.. ووهم
    وردًّا على سؤال يقول: هناك جهود تنصيرية، حيث وقع بعض الشباب المسلم في فخ الإلحاد خاصة الشباب المبتعثين، فما تعليق فضيلتكم على ذلك؟، قال الشيخ سلمان: إن فكرة وجود انحراف فكري أو أخلاقي، هي فكرة ليست جديدة، مشيرًا إلى أن الأمر ليس بالظاهرة أو بالشيء الكبير الخطير، ولكنه عبارة عن حالات فردية، وقليلة، لافتًا إلى أنه عندما يقوم البابا بندكت الحالي بتعميد فرد واحد من جمهورية مصر العربية على الهواء، فإن هذا مؤشر على إفلاس عندهم.
    وأضاف فضيلته أن هذا الشخص ربما لم يكن على علاقة جيدة مع الإسلام ولا مع مصر، فهذه عبارة عن حالة معزولة، وهم يحاولون من خلالها أن يكسروا الحاجز أو أن يوهموا الناس بأن هناك من يستجيب لهم.
    هوية.. وانتماء
    وأردف الدكتور العودة: هكذا عمليات الإلحاد هي محدودة ، مشيرًا إلى أنه ينبغي أن يكون هناك اهتمام بالمبتعثين، وأن يكون هناك تواصل معهم، وذلك لأن عندهم مشكلات، مشيرًا إلى أن المشكلة ليست الإلحاد لأنه يخص أفرادًا قلائل، ويمكن التواصل معهم، لكن المشكلة تكمن في ضعف التأثر أو الرجوع من دون أن يكون عند الإنسان قيمة، وفقدان الهوية، وهذه مشكلة كبيرة، فالشباب اليوم يبحثون عن الهوية حتى في بلادهم، لأنه حتى الذي لم يذهب إلى بعثة قد يتعرض لمؤثرات من خلال الإنترنت أو أدواته المختلفة، وكذلك الفضائيات.
    وتابع فضيلته: لذلك فإنه من المهم الحفاظ على الهوية والانتماء الحقيقي للدين والوطن، وأن يكون عند الإنسان رؤية وأمل، حتى فيما يتعلق بالحصول على وظيفة، أو شقة، أو زواج جيد، أو عمل، لافتًا إلى أن هذا جزء ضروري لانتماء الإنسان، ومن أجل أن نصنع التزام الإنسان بوطنه يجب أن يكون هذا الوطن يحفزه ويقدم له خدمات الحياة الضرورية.
    دماء.. وتدمير


    وردًّا على سؤال يقول: هل ترون فضيلتكم أن حالة الانشقاق والتنازع التي نراها اليوم بين العاملين للإسلام معوق من معوقات نجاح المشروع الإسلامي؟، قال الشيخ سلمان: إن حالة القتال -إن صح التعبير- كما نشاهده في الصومال أو في باكستان والعراق أو غيرها، تعتبر مؤشرًا على فشل تلك المشاريع التي تتقاتل، مشيرًا إلى أنهم في الماضي كانوا يتحدثون عن أنهم ليس لهم سبيل إلى السلطة، وأنهم محرومون منها، ولكن الآن هم وصلوا إلى السلطة بطريقة أو بأخرى فماذا قدموا؟، سوى مزيد من الدماء والتهجير والتدمير.
    وضرب فضيلته مثالًا لذلك، قائلًا: إن الصومال كبلد يقال إن فيه عددًا من المعادن، منها: اليورانيوم، وهو بلد إسلامي مائة بالمائة، لافتًا إلى أن هناك من الصوماليين في هولندا وسويسرا وأوربا وغيرها أناسًا أعلنوا صراحة ردتهم عن الإسلام، وعلى الرغم من ذلك فإن الشعب الصومالي يظل شعبًا وفيًا لهذا الدين ومؤمنًا به في كل مكان، فقد رأيتهم في جنوب إفريقيا وزرت مساجدهم، حيث كان عندهم نشاط رائع، اقتصادي وثقافي، كما رأيتهم في لندن، وفي أكثر من مكان.
    عمل المفسدين؟!!
    وأوضح الدكتور العودة أن الصومال كبلد الآن مدمر ، حيث يتقاتل الناس على تراب وخرائب، مشيرًا إلى أن هذا ليس له أي تفسير سوى الفشل، مشيرًا إلى أن أعظم الفشل هو الفشل في طاعة الله ورسوله الذي يقول: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)(الأنفال: من الآية46)، موضحًا أن الفشل يتمثل في عدم القدرة على الوصول إلى حل، وفي اعتبار كل إنسان أن المشروع الذي عنده هو سر النجاح، فإما أن يطيعه الناس وإما أن يقاتلهم حتى آخر نفَس.
    وأكد فضيلته أن هذا سيفضي إلى أن ينتهي هؤلاء كلهم جميعًا، وسيعود إلى الصومال أمنه واستقراره، لكن ليس على يد هؤلاء، فالله -سبحانه وتعالى- لا يصلح عمل المفسدين.
    وعي.. ومعرفة
    وأردف الشيخ سلمان: وهكذا في أي بلد إسلامي آخر، فإن أي مشروع سيفشل إذا لم يكن عند الناس وعي ومعرفة بالمرحلة والسياق والظروف التاريخية، ومعرفة بالممكن وغير الممكن، والقدرة على قبول التنوع والتعدد في الرأي والاجتهاد، وأن الإنسان ليس رأيه معصومًا ولا قرآنًا، ولا يوجد معه ملَك يؤيده، بحيث يريد أن يفرض رأيه على الآخرين، لافتًا إلى أنه حتى الأنبياء الذين كانت الملائكة تؤيدهم لم يُفرضوا بهذه الطريقة، وإنما دعوا إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، فقد تصالح النبي -صلى الله عليه وسلم- مع اليهود وأبقى المنافقين في المدينة المنورة ولم يسمح بقتلهم وقال: «لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ».
    وتابع فضيلته: وكذلك ترك الوثنيين في المدينة من الأوس والخزرج، فلم يقتل منهم أحدًا، ولم يكن منهم أي نشاط أو حراك ؛ فمات منهم من مات، وأسلم منهم من أسلم، ونافق منهم من نافق، وبطريقة حكيمة وسياسة رحيمة انتهت هذه المشكلة دون الحاجة إلى إجراءات قانونية أو قتال ضدهم.
    سبّ الصحابة
    وردًّا على سؤال يقول: إن العالم الإسلامي شهد حالة من الغضب في الأيام الماضية بسبب سب صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبالأخص السيدة عائشة رضي الله عنها، فما رأي فضيلتكم فيما حدث؟ قال الشيخ سلمان: إن سبَّ الصحابة وسب أمهات المؤمنين جريمة، وإن كان هؤلاء الصحابة وأمهات المؤمنين بالمنزلة التي لا يضرهم فيها من نال منهم، حيث أستذكر بيتًا جميلًا للمتنبي يقول:
    مَن كانَ فَوقَ مَحَلِّ الشَمسِ مَوضِعَهُ فَلَيسَ يَرفَعُهُ شَيءٌ وَلا يَضَعُ
    بل إن سبَّ المنافقين لهم يزيدهم رفعة ومنزلة عند الله -سبحانه وتعالى-، وأبى الله إلا أن يكون أجرهم جاريًا إلى قيام الساعة.
    وأضاف فضيلته: ولكن من سنة الله تعالى أن يوجد الغلاة والمتطرفون والمجرمون، مشيرًا إلى أن الإعلام ساهم في نقل هذا الصوت النشاز إلى كل مكان والتأثير عليه، وعلى الرغم من ذلك فإنه كما قال ربنا -سبحانه وتعالى-: (لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)(النور: من الآية11)، وهكذا نجد أنه خير، ليس فقط لمن نالهم الأذى والسب، وإنما هو خير للمسلمين جميعًا.
    سب.. وكفر
    وأوضح الدكتور العودة أنه لا يوجد في الإسلام "سبّ"، لا في القرآن ولا في السنة ولا في أي مذهب من المذاهب، فمن سب إبليس لا يؤجر، ومن سب فرعون لا يؤجر، ومن سب أبا جهل لا يؤجر، ولم يكن في التاريخ الإسلامي احتفالات بسبّ الملأ من المشركين الذين آذوْا المؤمنين، بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأهل مكة: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ»، وكذلك عندما سمع من يسب أبا جهل قال -صلى الله عليه وسلم-: «لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَتُؤْذُوا الأَحْيَاء»، هذا في أناس نزل القرآن بكفرهم ولعنهم، فكيف بالنخبة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟!
    وتابع فضيلته أننا إذا كفرنا بالتاريخ، فإننا سنكفر بالحاضر والمستقبل، لأنه إذا كنا سنقول بأن الخلّص من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والمقربين منه هذه أحوالهم، فمن الذي يضمن لنا أن من بعدهم سيكون عندهم مستوى إيماني أو أخلاقي أفضل من ذلك؟ ومن الذي سوف ينجز أحسن وأفضل من إنجاز الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟!
    عجز عن التعايش
    وأكد الشيخ سلمان أن العجز عن معرفة قدر الصحابة وأمهات المؤمنين، ينبئ عن عجز عن التعايش، لأن الشيء الذي أنت تمارسه ضد التاريخ فيما يتعلق بالفصل وتقسيم الناس إلى أبرار وفجار ومؤمنين وكفرة وملائكة وشياطين حتى رجال الصدر الأول... من شأنه أن ينعكس على الحاضرين.
    وأردف فضيلته: ولذلك تجد أن هؤلاء الغلاة والمتطرفين، هناك من أبناء طائفتهم من لا يوافقهم، لذا فإنه يتم وصفه بأنه عميل أو خائن أو يمثل دور غرب أو شرق أو ما أشبه ذلك، لافتًا إلى أن هذا سوف ينعكس بشكل سلبي حتى على وحدة البلاد الإسلامية ووحدة الطوائف ذاتها، فضلًا عما سيحدثه من شر وشرخ عظيم في التحرير والتخندق داخل الطوائف الإسلامية.
    منزلة.. ومكانة


    وذكر الدكتور العودة أنه ليس كل طائفة يقولون ذلك، بل إنه من الأشياء الإيجابية أنه صدر من عدد من المراجع المعتبرة والمعتمدة بيانات واضحة وصريحة في تبرئة الصديقة -رضي الله عنها- والثناء عليها وعلى أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في الجملة، ورفض ونبذ الطعن والسب والشتم.
    ولفت فضيلته إلى أننا بالقدر الذي ينبغي أن نكون فيه فصحاء في معرفة منزلة الصحابة ومكانتهم والإشادة بهم والترضّي عنهم وترديد الدعاء الذي علمنا ربنا سبحانه: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر:10)، فإننا ينبغي ألا نعطي هؤلاء المتطرفين أكثر من حجمهم.
    استدراج.. واستفزاز
    واستطرد الشيخ سلمان: إن البعض وكأنهم يريدون أن تتوقف البرامج والمناشط والمشاريع والأعمال فقط لينصرف الناس كلهم إلى مرادّة ومقاولة، وتطورت الأمور بشكل قد يحتاج إلى ضبط، ومع وجود الإخلاص لكن يحتاج إلى نوع من الضبط، لئلا يكون -أحيانًا- هناك ما يمكن أن نسميه بـعملية استدراج، لافتًا إلى أن عملية الاستفزاز هي عملية مستمرة، فهناك أحداث الدنمرك، ثم أحداث محاولة حرق المصحف، ثم أحداث منع بناء المآذن، ثم أحداث سب عائشة الصدّيقة -رضي الله عنها وأرضاها -.
    وتابع فضيلته: وهكذا هي سلسلة يتواصى بها هؤلاء أو لا يتواصون بها، لكن سنة الله أنه كما قال الله -سبحانه وتعالى-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ)(الفرقان: من الآية31)، لذا فإنه ينبغي أن يكون لدى الناس مشاريع مستمرة في برامجهم وأعمالهم ويقومون بوضع هذه الأشياء في نصابها والرد عليها ثم يمضون في طريقهم دون أن يتوقفوا وكأن التاريخ يجب أن يتوقف؛ لأن هذا معناه أن سفيهًا سيكون قادرًا على إحباط كل مخططاتنا وتحويلنا إلى الوجهة التي يريد منا أن نكون فيها.
    الغرب.. والعالم الإسلامي
    وردًّا على سؤال يقول: كيف تفسرون الازدواجية التي قد تبدو للبعض من تصرفات الغرب، فبينما هو يدعو للحوار مع الإسلام، تصدر منه تصرفات تسيء للمسلمين، كالرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، والحرب على المآذن وغيرهما؟ قال الشيخ سلمان: إنني لا أرى في هذا تناقضًا، ولكن المشكلة تكمن في أننا حينما نتكلم عن الغرب، فإننا نطلق لفظة هي بحد ذاتها مجملة، مشيرًا إلى أن الغرب عبارة عن مؤسسات ثقافية وحكومات وشعوب وتيارات فكرية ومناخ فيه قدر من الموروث العدائي ضد الإسلام في التبشير والاستعمار والتاريخ والحروب الصليبية.
    وأضاف فضيلته: كما أنه في الوقت ذاته، فإن الغرب هو مناخ حرية، حيث يسمح لعدد من أبنائه ومؤسساته بأن يتبنى موقفًا أكثر عدالة وحيادية؛ وعلى سبيل المثال، فإن موقف الغرب من الصهيونية واضح جدًا، حيث نجد أن الحكومات منحازة، ولكن الشعوب في أمريكا وبريطانيا وخاصةً بعد أحداث غزة وُجد عندها قدر كبير من اليقظة، وتم التعامل مع عدد من الوزراء الإسرائيليين بجفاء في أكثر من دولة أوروبية، وتم رشقهم بالبيض في أكثر من مكان، ورفع الأصوات المحتجة ضدهم في الجامعات البريطانية وغيرها، بل إن بعض الحكومات الأوروبية تبنّت موقفًا أكثر عدالة من ذي قبل.
    التواصل مطلوب
    وأوضح الدكتور العودة أننا ربما نحن غائبون عن الغرب، فنحن نتعامل مع الغرب كعدو فقط، لكن واجبنا أن يكون هناك تواصل وتوظيف، وأن نستطيع إيصال الرسالة للغرب، حتى رسالة الإسلام، مشيرًا إلى أن فكرة أنهم أعداء لا تكفي، ولكن يجب أن ندرك أن ميدان الغرب فيه مجال حرية، وذلك على الرغم من أن الكثير منهم ليس محايدًا.
    وتابع فضيلته: لكن ينبغي أن نوصل الرسالة وبصبر، وسنجد أن هناك آذانًا صاغية وأناسًا يتقبلون وأناسًا يمضون معنا إلى النهاية في الدخول في الإسلام وأناسًا آخرين على الأقل يكون عندهم موقف عادل من القضايا العربية والإسلامية.
    التنوع مطلوب
    وردًّا على سؤال يقول: هناك أصوات بدأت تنادي بأن تنسحب الحركة الإسلامية من ميادين الاحتكاكات السياسية، وأن تتفرغ للدعوة وإصلاح وتهذيب المجتمعات الإسلامية، فما رأى فضيلتكم في ذلك؟، قال الشيخ سلمان: إن التنوع مطلوب، ولكن المهم دائمًا أن لا تعتقد أي مجموعة بأن ما تقوم به هو الإسلام، ولكنها تقوم بتجربة أو بمحاولة، مؤكدًا على ضرورة عزل التطرف والعنف، وبعد ذلك: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا)(البقرة: من الآية148)، وأكد فضيلته على ضرورة أن يكون هناك توجه إلى الفقراء والمساكين ومساعدتهم، وأن يكون هناك عناية بالأعمال التطوعية، بحيث يكون هناك اندماج مع المجتمع نفسه، وذلك لأن الحركة الإسلامية هيمن عليها في فترة من الفترات اختصار الأمة في ذاتها، وأصبحت ترى أن مصلحتها هي مصلحة الأمة ومصلحة الأمة هي مصلحتها؛ ولذلك تمّ غض الطرف عن المسلمين.
    المسلم العادي
    وأوضح الدكتور العودة أن المسلم العادي الذي يمشي في الشارع ويبيع الحلوى أو والفواكه أو يقود التاكسي ويصلي ويهتم بزوجته وأطفاله ربما يكون أعظم منزلة عند الله أحيانًا من إنسان قد نشير إليه بالبنان، فمقادير العباد عند الله لا يعلمها إلا هو، مشيرًا إلى أن هذه الأعداد الغفيرة من المسلمين التي لا يمكن القضاء عليها وتستعصي على الإبادة، هي التي حفظ الله بها الإسلام في كثير من الجمهوريات والدول والشرق والغرب.
    وتابع فضيلته: ربما أن هناك تجارب إسلامية فشلت، وكان من أسباب ذلك التضييق حتى على الإسلام نفسه، بينما هؤلاء الناس البسطاء يمارسون إسلامًا بشكل عفوي وتدين فطري؛ ولذلك لا أحد يفكر في مطاردتهم أو القضاء عليهم ولا على أن عندهم مقاصد أو نوايا، فهم لهم دور كبير .
    إزالة الحواجز
    وأردف الشيخ سلمان: لذلك ينبغي أن يكون هناك إزالة للفجوة أو الحواجز، وإقامة للجسور وتجسير الهوة ما بين المجموعات الإسلامية، سواء سميناها حركات إسلامية أو مدارس أو دعاة أو علماء أو فقهاء وما بين جماهير المسلمين من العاديين والعامة والبسطاء، وعلى سبيل المثال، فإننا من خلال تجربة صغيرة منذ ست سنوات قمنا بتقديم برنامج "حجر الزاوية" وبرنامج "الحياة كلمة"، على قناة إم بي سي، والغالب أن الذين يتعاملون مع هذه القناة هم المسلمون الذين هم في حالة استرخاء.
    ولفت فضيلته إلى أنه على الرغم من ذلك فقد وجدنا تجربة هائلة، وغير عادية، وأناسًا عندهم ولاء للإسلام، كما أن عندهم إيمانًا وأخطاءً في الوقت ذاته، لكن ميزتهم أنهم يتعاملون ببساطة وعفوية، وبدون تكلف ولا أدلجة، ولا أن يحسبوا أنفسهم شيئًا معينًا، مما يشعرك بأنك تتعامل مع الحياة بفطرتها التي خلقها الله -سبحانه وتعالى-، مع أناس يبحثون عن الحق والدليل، ويعترفون بالخطأ، وهذا شيء لا يستهان به لو وُفّق الناس في الوصول في كل بلد إسلامي إلى مثل هذا العدد الضخم من الناس.
    حماس للرأي
    وردًّا على سؤال يقول: هناك جدل داخل الحركة الإسلامية حول المشاركة السياسية في بعض البلدان العربية، حيث يرى البعض أن المشاركة في الانتخابات والإدلاء بالصوت ضرورية وواجبة، وأن عدم الإدلاء فيها كأنه تولٍّ يوم الزحف، فيما يرى البعض أن هذا إهدار للوقت، فما رأي فضيلتكم؟، قال الشيخ سلمان: إن القول بأن عدم المشاركة السياسية تولٍّ يوم الزحف، أو أن المشاركة هي إهدار للوقت وضياع!، هو من قبيل شدة الحماس للرأي، ولكنني لا ألوم الإنسان، بل أحيانًا يعجب الشخص بالإنسان الذي إذا كان عنده رأي أن يتحمس له دون أن يطيح بحق الآخرين في مخالفته.
    وأضاف فضيلته: إنني لا أرى أن عدم المشاركة تولٍّ يوم الزحف، وذلك لأن الكثيرين يرون أن المشاركة هي صورية وشكلية، وأن الأوضاع السياسية في العالم العربي خاصة لا تتغير بمثل هذه الطرق، ولكن في الوقت ذاته لا أقول أن هذا إضاعة وقت.
    مشاركة.. وحضور
    وأوضح الدكتور العودة: إن من رأيي أن يشاركوا، فإن المشاركة إيجابية، وفيها حضور ومحاولة وتدريب، فلو لم يأت إلا أن يتدرب الإنسان على كيفية أن ينظم حملة، وكيف يدير هذه الحملة، وكيف يتواصل مع الناس، وكيف يحاول ويفشل، وكيف ينجح، وأن يعرف حجمه في المجتمع، وكم عدد الناس الذين يتعاطفون معه أو يصوتون له، ويعرف كيف يتعامل مع الضغوط... لكان ذلك هدفًا.
    وأردف فضيلته: إنني أعتقد أن الأمر ينبغي أن يُؤخذ بعيدًا عن حساسية كون هذا إما واجب أو محرم كما يفعله البعض، بل إن البعض قد يصل إلى اعتباره كفرًا، حيث ينبغي أن نعزل هذه اللغة، ونجعل هناك مناخًا طيبًا، وأن من أحب أن يشارك فليشارك، ومن لم يرغب في المشاركة فله ذلك، مشيرًا إلى أن فضيلته يميل إلى المشاركة، حتى لو كان الإنسان لا يتوقع منها الكثير، فهي أولى من وجهة نظري.
    صورة مثالية.. ولكن
    ولفت الشيخ سلمان إلى أنه من معائب بعض الحركات الإسلامية في الماضي أنها كانت تتعامل نظريًا مع الواقع، وتعيش في أبراج عاجية، وترسم صورة مثالية لما يجب أن يكون دون أن تنزل للميدان، كما أنها أحيانًا كانت تنتقي أشخاصًا وتربيهم في جو معين، وتظن أن هذا الأسلوب هو إصلاح للأمة.
    وأضاف فضيلته: ولكنها اكتشفت أنها تصلح خمسة أو عشرة أشخاص، في حين أن الواقع يزخر بدلهم بآلاف من الناس الذين ـ لا أقول إنهم لم يندرجوا تحت حركة إسلامية، ولكن في الغالب ـ هم أناس عندهم قدر من الإيمان وقدر من المعصية، كما أن فيهم خيرًا وشرًا ونواقص، مثلهم مثل غيرهم من البشر.
    تجارب بشرية
    وأردف الدكتور العودة أن هؤلاء ربما ترمي بهم للمجتمع فيتغيرون؛ وذلك لأن المجتمع يغيّر، لافتًا إلى أن أشد الناس تمسكًا وتعصبًا لرأيه لو ألقيت به في وسط أناس يختلفون معه في الرأي وعاش بينهم شهرًا وسنة سيبدأ يعيد الحسابات، ويُغيّر آراءه، لأن هذه ليست عقائد ربانية لا تتغير، ولكنها تجارب بشرية تنمو وتتطور، مثلها مثل أي تجربة إدارية أو اجتماعية.
    وتابع فضيلته أن القرب من الناس هو -أحيانًا- ضمانة لاعتدال الفكر؛ ولذلك كان عمر بن عبد العزيز يوصي عماله في المدينة وغيرها، ويقول لهم: مروا العلماء فلينزلوا وليعلموا الناس، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًا.
    المشاركة أفضل
    واستطرد الشيخ سلمان قائلًا: إنه قد يرى إنسان أنه من الأولى ألا يدخل أو يشارك في العملية السياسية، فله ذلك، ويرى آخر أن يدخل، فله ذلك أيضًا، مشيرًا إلى أن فضيلته يرى بشكل عام أن المشاركة أفضل من الانسحاب، لأنها ربما تعود على الإنسان ببعض الفوائد، مثل أن يتعلم الإنسان كيف يتحمل الأذى وكيف يتحمل الضرب؟، مشيرًا إلى أن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة لم يكن مأذونًا لهم حتى بالدفاع عن أنفسهم من أجل أن يتربى الإنسان على تحمّل الأذى، وليس فقط أن يتحمل الأذى، لكن عنده قدر من التسامح مع الناس وحسن الظن بهم.
    وأضاف فضيلته: لقد كتبت كتاب "شكرًا أيها الأعداء" في مراحل كثيرة ، مشيرًا إلى أنه تحدث أحيانًا داخل التيارات الإسلامية نفسها، وليس فقط من خارجها، بعض الوشايات والتقارير والتشاتم وسوء الظن وتحميل الأقوال ما لا تحتمل من أناس كلهم ينتمون إلى الإسلام نفسه وإلى الدعوة -أحيانًا-، موضحًا أنه لا سبيل إلى تجاوز ذلك إلا بدعوة الناس إلى الصبر والتسامح والحلم والعفو، يقول تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (الشورى:43)، (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ )(البقرة: من الآية237).
    الصبر مطلوب
    وفيما يتعلق بأن هناك من يرى أن من يشارك في العملية السياسية قد يتعرض للإيذاء، قال الشيخ سلمان: قد تجد مثل هذه الأشياء، وقد تقرأ أحيانًا في بعض الصحف كلامًا نقيض هذا، مشيرًا إلى أن مثل هذه الأشياء ليست غريبة، ولا ينبغي أن تكون سببًا في مجافاة المجتمع، أو عدم تكرار المحاولة، بل إن الحلم والصبر يمكن أن يجعل هؤلاء الناس الذين اتخذوا موقفًا سلبيًا يومًا من الأيام على نحو ما قال ربنا سبحانه: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ)(فصلت: من الآية34).
    وأضاف فضيلته أن عمر رضي الله عنه، وهو من أكابر أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، جاء ليقتل النبي -صلى الله عليه وسلم- وما بينه وبين الدخول في الإسلام إلا ساعات قلائل حتى أصبح الفاروق -رضي الله عنه- الذي هو ثالث رجل في الإسلام بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر، لافتًا إلى أن نقص نصيب الداعية من الأخلاق هو كارثة كبيرة، بل إن ما هو مطلوب من الداعية من الأخلاق ليس مطلوبًا من آحاد المسلمين، فهو مطلوب منه بقدر المهمة التي يؤديها، وإذا كان يقول إنه داعية فينبغي أن يدعو إلى الصبر قبل أي شيء آخر، وليس بالقول فقط، ولكن بالفعل أيضًا.
    أخطار.. وتحديات
    وردًّا على سؤال يقول: إن الأمة الإسلامية الآن تواجه العديد من التحديات والأخطار التي تهدد ثوابتها والأسس التي تقوم عليها، فكيف ترتب فضيلتكم هذه التحديات من حيث الأهمية والخطورة؟، قال الشيخ سلمان: إن أهم الأخطار والتحديات هو ما يتعلق بذات الأمة، فمشكلتنا منا وليست من عدونا، مشيرًا إلى أن الفكر هو واحد من هذه الأشياء، فنحن دائمًا نفكر بأن خصومنا وأعداءنا هم الذين أوصلونا وخططوا لذلك، وعلى سبيل المثال، فإننا عندما نتحدث عن التقنية، فإننا نقول: إن الغرب حجب التقنية عنا.
    وأضاف فضيلته: بينما نجد أن اليابان خرجت من حرب مكسورة ووقّعت وثيقة استسلام ومع ذلك استطاعت أن تستعيد نشاطها وقوتها، ولو أراد المسلمون أن يحققوا نهضتهم لن يحول بإذن الله دونهم شيء، بل على العكس، فإن الأدلة العقلية والنقلية تدل على أن المسلمين قادرون على أن يحققوا في خمس سنوات ما حققه الآخرون في عشر سنوات، والله -سبحانه وتعالى- يقول: «وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا»، ولكن عدم وجود إرادة عند المسلمين هو أعظم التحديات.
    اتحاد العلماء
    وردًّا على سؤال حول المعوقات التي تواجه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قال الشيخ سلمان: إنه لا شك أن اتحاد العلماء دونه معوقات كبيرة ، بسبب اختلاف المشارب والمدارس والتربية والانشغالات، ولكن هناك محاولات من قبل سماحة الشيخ يوسف بن عبد الله القرضاوي رئيس الاتحاد، كما أني أتشرف بأنني عضو في هذا الاتحاد وفي مجلس الأمناء، حيث من المقرر أن نعقد لقاءً بعد أسبوعين في قطر لمجلس الأمناء الجديد إن شاء الله تعالى.
    وأضاف فضيلته: إننا لدينا مشاريع طموحة في تطوير هذا الاتحاد، كما أننا لدينا بعض الأفكار، مثل: إقامة مؤتمر لوحدة علماء المسلمين ينعقد في مصر، ونحاول أن نعمل شيئًا جيدًا، فنحن بحاجة إلى القدوات في كل بلد، وأن يكون هناك علماء قدوة في قدرتهم على استيعاب الآخرين وطول النفَس وحسن الظن.
    الوسائل المفيدة للحياة السعيدة
    وتعقيبًا على مداخلة تتحدث عما قام به الشيخ عبد الرحمن السعدي، من وضع مختصر لكتاب "دع القلق وابدأ الحياة" للباحث الاجتماعي المشهور وأستاذ العلاقات الإنسانية العالمي – ديل كارنيجي، قال الشيخ سلمان: لقد وضع مختصرًا تحت مسمى "الوسائل المفيدة للحياة السعيدة"، حيث اشتراه من إحدى المكتبات اللبنانية حين كان في رحلة علاج في لبنان، ووزع الكتاب على المرضى، وأتى بنسخ منها، ووضعها في مكتبة في مدينة عنيزة، وقرأ الكتاب وأُعجب به، فعمل له هذا الملخص.
    وحول مشروعية الاستفادة من الآخرين، وهل هناك دليل على ذلك، قال الدكتور العودة: إن هذا لا يحتاج إلى دليل، فالاستفادة من خبرات الآخرين شيء تمليه الفطرة السليمة، ولا أرى أنه مما يحتاج إلى أن نبحث له عن استدلال شرعي أصلًا، فهو شيء مطلوب.
    المرأة.. والعمل الإسلامي
    وتعقيبًا على مداخلة تقول: لقد كان للمرأة نصيب في كتابات فضيلتكم، ومن أبرز هذه الكتابات كتاب "بناتي"، فهل ترى أن المرأة وصلت إلى مكان لائق حاليًا في العالم الإسلامي وفي الحركة الإسلامية؟ قال الشيخ سلمان: أعتقد.. لا أبدًا، فما زال دور المرأة ثانويًا في المجتمعات الإسلامية وفي العمل الإسلامي، كما أنه لا يزال مرتبطًا بدور الرجل أكثر منه مستقلًا.
    الكاتب: الإسلام اليوم/ أيمن بريك الخميس 13 ذو القعدة 1431الموافق 21 أكتوبر 2010
    الكاتب: الإسلام اليوم/ أيمن بريك الخميس 13 ذو القعدة 1431الموافق 21 أكتوبر 2010
    [flash=http://dc10.arabsh.com/i/02482/91tb86eu3y0i.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]
     
  5. الصورة الرمزية أبولؤى

    أبولؤى تقول:

    افتراضي رد: كلمات ودروس ومحاضرات الشيخ سلمان العودة (( متجدد ))



    فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة
    كنت في المدينة !


    كنت الأسبوع الماضي في طيبة الطيّبة ، أتنسّم عبيرها ، وأترشف نميرها ، وأصافح تاريخها العريق ، وأفرح بأهلها الطيبين
    بطيبة رسم للرسول ومعهد يلوح وقد تعفو الرسوم وتهْمدُ
    مشهد طريف شدّني وأعادني إلى الماضي البعيد الذي تختزن ذرات الثرى في هذه المدينة الطيبة ذكرياته الجميلة
    كنت في دورة لتفسير (جزء الذاريات) في جامع الشيخ محمد بن يحيى الجهيمي ، وقد لحظت تعطّش الناس للدروس والدورات والمناشط العلمية ، وَتَلفَّتُ من حولي فوجدت شباباً متطلعاً للعلم والجد والأخلاق ، عازفاً عن القيل والقال وإضاعة الأعمال ، يعكفون لأكثر من ثلاث ساعات يومياً على مدارسة كتاب الله ومعرفة أسراره .
    ورأيت حضور الفتيات الطيبات لا يقل حماساً ومتابعة ، والأسئلة منهن تتصل فيضيق الوقت عن إجابتها فأجد المتابعة والمعاتبة فهي وسيلة الاتصال والاستزادة لهؤلاء المتفقهات .
    ورأيت شيوخاً وَخَطهم المشيب وحضروا بصحبة أبنائهم وأحفادهم يسمعون الذكر ويستطيبون المجلس .
    الْتَفَتُّ ذات أمسية فإذا بي أرى أمامي شيخاً على كرسيه وقوراً ، فتمعّنت فإذا به الشيخ المعمّر سليمان الجربوع عمدة أهل القصيم بالمدينة المنورة ، وهو مدرسة في الحياة ، عمره يزيد على أربع وتسعين سنة ، وهو من بقية (العقيلات) الذين ذهبوا إلى الشام للتجارة ، مثلٌ في التسامح وطيب النفس والصبر على الناس ، وإلى اللحظة فهو يداوم في عمله من التاسعة إلى الثانية عشرة يومياً ، ولا تفوته صلاة في الحرم ، فكان عجيباً أن أراه يُغيّر نظامه ويحضر هذه الدورة ، وينصت كأحد الطلاب .
    استضافني آخر يوم في منزله العامر ، ودخلت عليه ضاحكاً وأنا أقول :
    -ما أتيتك كالعادة مُسَلِّماً أو زائراً لرجل في مقام الوالد ، بل أتيت أتعاهد واحداً من (طلابي) !
    رأيت بين يديّ على مدى أسبوع عدداً من الصغار يقارب الخمسين ، ما بين سن التاسعة إلى الخامسة عشرة ، يستديرون حلقة بقربي في الدرس ، ومعهم الأوراق والأقلام فلا أقول شيئاً إلا كتبوه باهتمام ، وإذا سألت أجابوا ، وإذا توقفت أكملوا ، وإذا حانت فرصة قاموا فسلّموا .. وجرت عادتي أنني إذا صافحت مثلهم قصدت إلى كف أحدهم فلثمته بصدق وقلت :
    -كيف حالك سيدي ؟!
    فصاروا يحاكونني فيها .
    وأجدهم خارج المسجد إذا أقبلت ، وألقاهم عند باب السيارة إذا انتهيت ، وفي آخر يوم ركضوا مع السيارة عن يمينها وشمالها بحب وبراءة لا تفسير لها إلا أنني أحبهم فعلاً ، وأحب الأسر التي نمّت فيهم روح الخير والإيمان والأخلاق وحسن الظن ..
    أهديتهم كتبي ، وسجلت أسماءهم عليها ، وشعرت بسعادة تغمرني يوم عرفتهم ، فعرفت طباع أهل المدينة الطيبة ..
    المدينة التي شرفت بمقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وسعدت بالذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبل غيرهم ، ممن يحبون من هاجر إليهم أو زارهم ، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا .. مدينة الإيمان والقرآن .
    زرت مجلس أمير المدينة المنورة -الرجل الطيب المثقّف المتواضع عبد العزيز بن ماجد- العامر برجال الإدارة ورجال القضاء وأئمة المسجد الحرام ، ورجال الحسبة فرأيت التآلف والانسجام ، والحب والوئام ، والكلام المفيد .
    كنت مسروراً بصفاء النفوس ، وطلاقة الوجوه ، ونبل الأخلاق ، والذي شاهدته لدى المسؤول والرجل العادي ، وموظف الفندق ، ورأيت نماذج عديدة لفعل إيجابي لفرد أو مؤسسة ، لو ذهبت أُسجّلها لوجدتني أدوّن أسماء كل من لقيت دون استثناء ، فما لقيت إلا رجالاً يمنحون الحب والكرم والطيبة ، ويستحقون مثل ذلك وأكثر .
    إن من عادة الناس أن تتوفر طاقاتهم على نقل الخلافات ، وتتجمهر غالبيتهم حول حادث سيارة عابرٍ في الطريق ، وربما غفلوا عن حياة واسعة ، ومناشط غنية ، وجهود مثمرة ، بسبب أنها هي الأصل الراسخ ، والشيء الطبيعي ، وبذلك يجورون في حكمهم على الأشياء حين يختصرونها في الاستثناءات والجزئيات ، أو يتعاملون بلغة الإعلام الذي لم يُصنع ليتحدث عن الأوضاع العادية الطبيعية ، وإنما ليلقي الضوء على المستجدات والأحوال الطارئة والغريبة .
    فالمدينة اليوم برجالها الكبار وجامعتها العريقة التي تستقبل الآلاف من أنحاء العالم وتستحق أن تكون مشروعاً حضارياً ضخماً كما يحاول ذلك مديرها الفذ د. محمد العقلا ، وبشبابها المخلص المتفاني في العلم والعمل التطوعي والخيري ، وبناتها الصالحات المتطلعات للعمل والإنجاز .. خليقةٌ بأن تكون معلماً يبشر بمستقبل هذه البلاد المباركة .
    أتيت المسجد النبوي فتعجبت ، المكان مكتظ بالمصلين في كل وقت ، وإذا شئت فشاهد قناة السنة النبوية التي تبث من المسجد على مدار الساعة فلا تجده إلا حافلاً بزواره وعماره من كل جنس ولون وسن ..
    الهدوء يغمر المكان على كثرة الناس ، فلا صخب ولا لغط ولا ضجيج .
    والنظافة والترتيب هو سيد الموقف حتى في الساحات الهائلة المحيطة بالحرم ..
    المداخل ، المواقف ، المغاسل ، المساكن .. المنطقة حول المسجد تعدّ نموذجية ، وهذا يؤكد أن الناس قابلون للتنظيم متى ما كانت الأماكن والتجهيزات من حولهم مساعدة ، مهما كثروا وتنوعت مشاربهم ..
    صلّ اللهم وسلّم وبارك على صاحب هذا القبر الشريف ، ورضي الله عن صاحبيه وأزواجه وذريته وآل بيته ..
    ماذا لو بُعث -عليه السلام- فرأى بعينه هذه الحشود التي تعد بالملايين تقصد مسجده ، وتؤم البيت الحرام ، وتفديه بالنفس والأهل والمال ؟ وهي ليست سوى قطرة في بحر أتباعه الذي يزيدون على خُمس سكان المعمورة !
    بديع الزمان وبدر الظلام أمير الأنام وماء الغمام
    دعاء الخليل وبرء العليل وهادي السبيل لدار السلام
    أحبك ربي فصلى عليك عليك الصلاة وأزكى السلام
    نبي الهدى يا رسول السلام ويا مرسلاً رحمة للأنام
    عليك الصلاة عليك السلام وصحبك والتابعين الكرام
    ومثلك لا تلد الأمهات ولو عاش كل فتى ألف عام
    جهادك في الأرض أسمى جهاد نصرت به الحق يوم السداد
    وأعليت صرح الهدى والرشاد فأنت الأمين وأنت الإمام
    الكاتب: فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة السبت 22 ذو القعدة 1431الموافق 30 أكتوبر 2010
    [flash=http://dc10.arabsh.com/i/02482/91tb86eu3y0i.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]
     
  6. الصورة الرمزية أبولؤى

    أبولؤى تقول:

    افتراضي رد: كلمات ودروس ومحاضرات الشيخ سلمان العودة (( متجدد ))

    فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة
    هذه النافذة

    اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .
    اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته ، وعلى آل بيته الأطهار ، وأصحابه الأخيار ، وزوجاته الطيبات القانتات ، وعلى من تبعهم بإحسان . ثم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    هذه نافذة خاصة بقلم المشرف على هذا الموقع المبارك ( الإسلام اليوم ) .
    وكثير مما يحسن قوله هنا الآن ، قلته في مقدمة الموقع .
    أ- فلقد تحدثت عن حفاوة النبي صلى الله عليه وسلم بالإعلام في دعوته وتوظيفه بطريقة عجيبة ، توجب على المسلم المعاصر وهو يشهد هذا التواصل المذهل أن يسلك نفس الطريق ، وأن يتذرع لدعوته بالوسائل ذاتها .
    ب- وأن الإنترنت فضاء رحب مليء بالفرص المتعددة ، من تصفح للملايين من المواقع الغنية بأنواع المعلومات ، إلى المحادثات الحية والمباشرة عبر الصوت والصورة والكتابة ، إلى البريد الإلكتروني والمجموعات الإخبارية ، إلى البث المباشر وغير المحدود للإذاعات والقنوات الفضائية عبر الشبكة ... الخ .
    جـ - وأن كل جهد يتلافى التفريط الإعلامي المريع هو أمر بالغ الأهمية لا يحتمل التهاون ولا التأخير ولا الانتظار . وهذا الموقع ( الإسلام اليوم ) جاء لهذا المقصد ، يقدم الأصالة الإسلامية ، ويعتمد المعاصرة أسلوباً في العرض والمعالجة والتناول .
    إن هذا الأفق الجديد ( الإنترنت ) يضيق علينا دائرة التعذير للنفس والتحجج بالعجز تنطلق القدرات والإبداعات بكامل طاقاتها ، إلى أبعد مدى تصل إليه .
    د – وأن أمامنا في هذا العمل هدف محدّد واضح إلى درجة التألق ، وهو خدمة ديننا والدفاع عنه والدعوة إليه ، ودعوة المسلمين الشاردين ، ودعوة غير المسلمين .
    ولذا فلا مكان في موقعنا للنيل من هذا الشخص أو تلك الجهة أو من هيئة أو جماعة أو حزب أو مؤسسة رسمية أو غير رسمية كما أنه لا مكان فيه للدعاية لشيء من هذا .
    فلدينا من أولويات العمل وضروريا ته ، ومساحة الدين العريضة المتفق عليها ما يستفرغ كل طاقاتنا ، ويستوعب كل جهودنا .
    هـ - وأن الموقع سيجند نفسه لترسيخ قيم الاعتدال والموضوعية والتسامح ، بعيداً عن التداخلات التي تعوق مسيرة العمل والدعوة ، وتضعف من وهج الخطاب الإسلامي وانسيابيته ، وتشغله بالهموم الذاتية .
    إن الاعتدال في النظر والتقويم والمواقف والتربية منهج إسلامي أصيل ، ومن الضروري حفر مجرى واسع له ، يؤكد أن الإفراط والتفريط وجهان لعملة واحدة ، وأنهما طارئان على المنهج الشرعي .
    و- وأن الموقع سيجند نفسه أيضاً لترسيخ قيم الحوار الإسلامي الناضج ، الراقي في موضوعه ، و هدفه ، وفي لغته ، البعيد عن المهاترات والسباب والتشاتم ، فالرأي الآخر معتبر لا يصادر ولا يلغى طالما التزم الضوابط الشرعية ، واستخدم لغة الحوار العلمي الرزين .
    ز – ونوافذ الموقع متعددة ، من دعوة غير المسلمين بلغتهم ، ومن خلال مواد خاصة متميزة ، إلى عرض معاني القرآن الكريم ، إلى نافذة الأسرة ، والثقافة ، والفتوى ، ونافذتكم هذه : ( قلم المشرف ) ..
    ومن همنا العناية بالخبر الإسلامي المتفائل الذي يزرع شيئاً من الفرحة في النفوس ، ويتجاوز الصورة التقليدية القائمة على الندب واليأس والإحباط ، ففي الواقع الإسلامي العريض الكثير من البشائر والجهود الطيبة والمشاركات الحميدة التي تستحق الإشادة ، وتستأثر بالاهتمام .
    وهذه النوافذ هي ثمرة جهود مخلصة لعدد من المتعاونين الذين وجدوا في فراغهم القليل فرصة لهذه المشاركات المشكورة .
    فجزاهم الله خير الجزاء .
    ح – ونحن هنا نحاول تقديم الإسلام بنصاعته الأولى ونقائه الأصيل ، على منهاج النبوة ، والمحجة البيضاء التي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدون ، وأصحابه المهديون ، والتا بعون لهم بإحسان ، وأئمة الإسلام والأعلام من الفقهاء والأئمة والدعاة عبر العصور ، إلى يوم الناس هذا ، نقيا من شوائب البدع وضلالات الفرق محرراً من ربقة التقليد وعصبيته .
    هداه الكتاب والسنة ، عليهما الاجتماع وإليهما الرد عند الاختلاف ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر )
    ط – أما هذه النافذة الخاصة فهي مجموعة فقرات :
    أولها : فقرة المقال الأسبوعي الذي يعالج موضوعاً من الموضوعات التربوية أو الفكرية أو العلمية أو الواقعية بحسب المناسبة .
    ويثري هذا المقال تعليقات القراء وملاحظاتهم ، والتي ستكون بدورها مادة دسمة لمقالات جديدة .
    وثانيها : تعليقات علمية من القرآن والسنة ، وهي مادة تجمع بيين الفائدة والطرافة ، وتنزل مرتبة ترتيبااً تسلسلياً من أول القرآن الكريم ...
    أما السنة فقدد اعتمدت مختصر الإمام المنذري لصحيح مسلم لكتابة التعليقات والفوائد عليه .
    وثالثها : مختارات من بريدي الإإلكتروني ، تتفرع إلى رسائل توجيهية ، أو اجتماعية ، أو دعوية ، أو ردود ، أو مناقشات .
    وإلى مسائل علمية فقهية أو حديثية أو تاريخية أو غيرها .
    رابعها : عفو الخاطر ، وهو مكتوب يقرأ من عنوانه ، لفتات ونظرات ، وتجارب وخبرات ، وقصائد ومناسبات ، وكلمات عابرات ، وربما كنت أقيد بعضها على أوراق التقويم ، أو في مذكرة خاصة ، وقد يوجد في كلمة صغيرة ما يغني عن حديث طويل .
    آمل أن يجد الأحبة في هذه النافذة بعض الفائدة ، وإن لم تكن بحجم طموحهم وتطلعهم .
    ولا غنى لنا – بعد الله تعالى – عن النقد والتقويم والتصحيح والاستدراك والمشاركة .
    جزى الله كل من نصح وأعان خيراً ، وبارك الله في الجهود ، والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
    والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ،،،،


    الكاتب: فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة الاحد 27 رجب 1422الموافق 14 أكتوبر 2001


    [flash=http://dc10.arabsh.com/i/02482/91tb86eu3y0i.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]
     
  7. الصورة الرمزية أبولؤى

    أبولؤى تقول:

    افتراضي رد: كلمات ودروس ومحاضرات الشيخ سلمان العودة (( متجدد ))

    فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة
    عشرة أخطاء فقط !


    حين انْفتَل من صلاته ، وتلا التسبيحات والأذكار الواردة بعد الصلاة ، وهمّ بالنهوض ، أمسك به جاره الذي صلى إلى جانبه ، واستمهله القيام ، وسلّم عليه ، وأظهر قدراً من البشر والحفاوة اللازمة ، والتي عادة تصحب الداعية اللبِق (!) إنه يحسن الاستفتاح ، ولا يفوّت الفرصة !
    -جزاك الله خيراً ، وشكراً ، لقد سررت أني رأيتك في المسجد؛ فالمؤمن يحب لأخيه ما يحب لنفسه !
    -وأنت جزاك الله خيراً ، ولكن متى كان المسجد حكراً على أحد ، وهل كان وجودي في المسجد شيئاً مستغرباً أو طارئاً، حتى تعلن عن سرورك ؟
    -أنا هكذا بطبعي أفرح بالخير للآخرين ، ولذا أحببت أن أنبّهك على بعض الملحوظات في صلاتك ، خاصة وأنه يبدو أنك حريص على الامتثال وتطبيق السنة !
    -هات ما عندك !
    قالها صاحبنا بضجر لم يدركه الآخر ، الذي انطلق يدوّن ملحوظاته ، ويتحدث عن طريقة القيام والقعود والركوع والسجود وتفاصيل العبادة بما استكمل معه عشر ملحوظات، أخذها على جاره في الصلاة !
    ثم ختم قائلاً بابتسام :-
    تلك عشرة كاملة !
    التفت الرجل الغريب، وسأل صاحبه بحدّة :
    -وماذا عنك ؟
    -أنا بحمد الله من طبعي أتقبّل النصيحة ، وأعرف أنني بشر يخطئ ويصيب ، لست ملاكاً ، ولا حتى عالماً أو فقيهاً ، فأنا إنسان بسيط ، وأرجو ألا يمنعني من قبول الحق مانع .. وذات مرة نصحني أحد طلابي؛ فقبلت منه وشكرته !
    أحسّ محدثه بأن الرجل مليىء بالكبر المغلّف؛ فهو يتحدث بلغة (أنا) ، ويثني على نفسه بهذه اللغة المدوية ، ويؤكد بشريته ، وكأن الأمر مشكل يحتاج إلى تأكيد ، وينفي الملائكية ، وعلى سبيل التواضع ينفي العلم ، ويعبّر بالبساطة ، وحتى يحكم اللغة فهو يرجو ألا يمنعه من قبول الحق مانع .. ويتحدث عن " طلبة " إذن هو يعترف بالأستاذية والمشيخة بلا وعي حين ينفيها بلسانه !
    أيّ ثناء على النفس يقدر أن يقوله فوق هذا ، ولكنه ثناء مدهون بلغة التواضع ، ومثل هذا المدخل الشرير على النفس من أصعب الأسرار التي يعزّ على صاحبها كشفها ومعالجتها .
    إنك تحاول أن توجه نظره إلى عمق نفسي في عقله الباطن ، وتحمله على أن يراقب نفسه ، ويلحظ تغوّلها وتسلطها ، وأنها تكيل بمكيالين ، ما بين ذاتها وبين الآخرين ، أو بين من تحب وتوافق ، ومن تكره أو تخالف ، أو بين ما تألف وتعرف ؛ فيسهل عليها قبوله وتسويغه ، وما تنكر ولا تعرف ؛ فتميل إلى رده أو التردد بشأنه ، ولو كان مألوفاً مقبولاً عند آخرين ، وكيف تتعامل أحياناً حتى مع النص الشرعي بهذه الانتقائية ؛ فتحتج بنص وتكرره وتعظمه ، ويسهل عليها تأويل نص آخر، لأنها اعتادت على تأويله ولم يكن له عندها الصدارة .
    سرح الرجل الغريب في هذه المتاهة التي يقلّ سالكوها ويكثر منكروها، وردد في نفسه :
    مَرَرتُ عَلَى وَادِي السِّبَاعِ وَلاَ أَرَى كَوَادِي السِّبَاعِ حِينَ يُظلِمُ وَادِيا
    أقَلَّ به رَكْبٌ أتَوْه تَئِيَّةً وأخْوَفَ إلاَّ ما وَقَي اللهُ سارِيَا
    ثم التفت إلى صاحبه ، وقال :
    أعظم خطئك عندي أنك واقف في صلاتك بين يدي ربك ، وقلبك يسرح في وادٍ آخر ؛ لقد أخللت بروح الصلاة ، وأتيت على خشوعها ، فلا أظن قلبك حاضراً وهو يراقب جاره ، ويحسب عليه حركاته وسكناته، ويستجمع أقوال المصنفين والفقهاء في القيام والقعود والركوع والسجود ، ويستذكر راجحها ومرجوحها حسب دراسته وبحثه .. وينتظر أن تقضى الصلاة ليلتفت إلى جاره ويحاسبه على مخالفاته ...
    لم يَرُقْ هذا الحديث لمحاوره ومجاوره .. واستنتج منه أنه لم يتقبل النقد ، ولذا واجه النقد بمثله ، ثم ثنى بأن القول بوجوب الخشوع في الصلاة فيه خلاف شهير كبير بين الفقهاء ، وهو وإن قال به أبو حامد الغزالي ، ومال إليه ابن تيمية ، إلا أن أكثر الفقهاء لا يرونه...
    لم يعد همّ صاحبه أن يردّ عليه ، لقد انتقل تفكيره إلى أفضل طريقة للانصراف ، وعدم تفويت موعده الضروري دون أن يسترسل الحديث ما بين النقد ونقد النقد ، وما بين الهجوم والدفاع بواسطة هجوم مضاد .
    وكم للنفس من أحكام وسطوات ودوافع خفية ؛كما قال ابن تيمية ، هي مثل الشامة في ظهر الإنسان ، تعيش معه طيلة عمره دون أن يراها ، وطوبى لمن جعل جزءاً من رؤيته لمطالعة عيبه ، وطوبى لمن شغله عيبه عن بعض عيوب الناس !

    الكاتب: فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة الجمعة 29 شوال 1431الموافق 08 أكتوبر 2010
    [flash=http://dc10.arabsh.com/i/02482/91tb86eu3y0i.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]
     
  8. الصورة الرمزية أبولؤى

    أبولؤى تقول:

    افتراضي رد: كلمات ودروس ومحاضرات الشيخ سلمان العودة (( متجدد ))

    فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة
    ديوان البارود


    حين قرأت ديوان الشاعر عبد الرحمن بارود وجدتني أتجاوز قصائد الديوان الأولى بسرعة .. وكأنني أبحث عن شيء مفقود .. أو أريد أن أتجاوز شيئاً من الخيبة .
    عادة الشاعر في قصائده الأولى أيام الطفولة والصبا وبداية التكوين أن تكون تجاربه الشعرية ضعيفة ، وهكذا هي القصائد الأولى في الديوان يغلب عليها الإنشاء والتقرير والمباشرة ، وهي بعيدة عن الخيال الشعري ، وعن روح الرمزية والإشراق التي تميز بها الشاعر بعد ذلك .
    حتى إنني تعجبت من شاعر هذه بداياته كيف وصل إلى تلك اللغة الشعرية الفخمة والسبك المحكم ولعل هذا مصداق قولهم (من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة) أو قول بعض عامتنا (الصنعة عورة حتى تكتمل) ..
    لقد اكتملت روح الشاعر وآتت أكلها ضعفين بعد أن أصابها وابل المعرفة الغنية والتجربة الإنسانية وأعطت الزمن حقه .
    هل كان الأجدر بطابعي الديوان أن يؤخروا قصائده القديمة وألا يلتزموا بالسياق التاريخي ؟
    أم إن هذا من مقتضى التسلسل وقد أوصى به الشاعر أو أشرف عليه ؟
    وهل يمكن أن تنتخب قصائده الجميلة المعبرة والتي تحتوي -أحياناً- على روح ملحمية رائعة .. لتكون ديواناً مستقلاً ، كما كان الشاعر ينوي حين كتب بعض قصائده بخط يده الجميل ووضع حولها زخرفات ورسومات تنم عن ذوق فني رائع .
    إن مثل هذا الديوان سيضمن للشاعر انتشاراً غير عادي يفوق كثيراً السفر الضخم الذي يحوي معظم أعمال الشاعر بقديمها وحديثها وجيدها ورديئها .
    إلى جوار مجلة الشهاب كنت أقرأ بعض قصائده في مجلة المجتمع الكويتية وحفظت منها " غريب الديار " وهي في الديوان (صـ122) :
    يرحل الموت يا خدود الورود وتدب الحياة في كل عود
    ولجين الأنهار يجري مرايا وأريج التفاح ذو تغريد
    وحبيبي يطل من قمم الخلـ ـد على موكب الصباح الجديد
    .. وفي مجلة (الوعي الإسلامي) التي تصدرها وزارة الأوقاف الكويتية قرأت للشاعر قصيدة (مرارة وحرقة) وهي في الديوان (صـ92) ومطلعها :
    ادفني قتلاك وارضَيْ بالمصيبة واذهبي عاصفة الليل غريبة
    واقبعي حول الضحايا واذكري عمراً مراً وأوطاناً سليبة
    وادخلي السجن الذي شيّدْتِه وتوارَىْ في الزنازين العصيبة
    واغرقي في لجة مجنونة يا شعوباً لم تُعَلِّمْها المصيبة !
    كان -رحمه الله- في حالة ثورة عاصفة متصلة بهزيمة أو نكبة يصرخ الناس فيها ملء حلوقهم .
    ومعظم القصائد الملهمة المطبوعة في هذه الأعمال الكاملة كانت ضمن الدفتر الخاص الذي كتبته من مجلة الشهاب ومصادر أخرى ، وهي موجودة في أعداد تلك المجلة اللبنانية الغنية وبينها اختلاف مع ما هو مثبت في الديوان بحيث يمكن اعتمادها كنسخة أخرى أو تصويب الخطأ أو إكمال النقص منها ..
    مثلاً : قصيدة (الأغاريد) في الأعمال الكاملة (صـ100) استغلقت بعض كلماتها على المشرفين بسبب التصحيف واجتهدوا في التصويب وإن صح لي أن أستدرك عليهم من حفظي فالصواب هكذا ..
    بلي الحديد ومسنا القرح فمتى (تفيق) أخي متى تصحو ؟
    وا لوعتاهُ! كم انقضت حِقبٌ وامتدّ ليلٌ ما له صُبح
    وبغى وحوش ليس يردعهم خلق ولا دين ولا نصح
    ألفاظهم مطليّة عسلاً وقلوبهم (بسمومها) رشح
    والكلمة بين القوسين في الديوان مطموسة .
    والوحش وحشٌ دينه فمه (والغدر) لا يمحوه من يمحو
    والكلمة في الديوان مطموسة
    فليحصد الأحقاد زارعها (يا ويله) يا ويل ما حصدا
    وفي الديوان " يا ويلةً "
    وأضمّ قرآني إلى قلبي وأقول أنت (أخي وأنت) أبي
    وهي في الديوان مطموسة
    وطني فسيح لا (حدود) له كالشمس (تملأ هذه الدنيا)
    و(حدود) تصحفت إلى (جدود)
    أنا في ركاب محمدٍ أمضي والجاهلية (تحت نَعْليّا)
    وفي الديوان تبديل لمواضع الكلمات تحيل معه المعنى .
    (اصبر) تلح راياته ومع الصـ ـومال والسودان نيجيريا
    (اصبر) في الديوان تحرفت إلى: (أصير) .
    يا ريح يا قيثارة (الأزمان) دوما تسير تطوف بالبلدان
    وهي في الديوان مطموسة
    وآخر بيت أحفظه هكذا :
    (وتهب زنبقة) مغردة بدأت تهلّ طلائع الإيمان
    وهي في الديوان مطموسة .
    ولست أدري هل سر إعجابي بقصائده التي جاءت في وسط الديوان دون أوله وآخره راجع إلى نفسية الشاب الذي كان يتلقاها ويتحمس لها وينفعل معها ، أم إن الشاعر ذاته ضعف نفسه الشعري بعد استقراره وعمل الزمن عمله فغلب على قصائده المتأخرة شعر المناسبات أو الشعر العلمي .
    أياً ما يكن فللشاعر نفس إبداعي محلق وشكراً لجهود الإخوة الذين أصدروا الديوان بمناسبة (القدس عاصمة الثقافة العربية) ، ورحم الله الشاعر ونرجو أن نظفر بطبعة جديدة تنسينا في جمالها جمال سابقتها .

    الكاتب: فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة السبت 23 شوال 1431الموافق 02 أكتوبر 2010
    [flash=http://dc10.arabsh.com/i/02482/91tb86eu3y0i.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]
     
  9. الصورة الرمزية أبولؤى

    أبولؤى تقول:

    افتراضي رد: كلمات ودروس ومحاضرات الشيخ سلمان العودة (( متجدد ))

    فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة
    الفتوحات الإسلامية 7/7


    مصطلح الفتح الإسلامي أصبح متصلاً بمبدأ القتال والتوسع في الهيمنة المادية.
    بيد أننا لو رجعنا إلى اللفظ القرآني لوجدنا الفتح يعني نشر الدعوة والخير، والرسل كانوا يدعون ربهم (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ) [الأعراف:89]. فالفتح فتح القلوب للهداية، وفتح العقول للمعرفة، وفتح المجتمعات للوعي والحوار والتغيير الإيجابي الرشيد، وهذا يمكن أن يتم بطرائق كثيرة، فالإعلام فتح، والتعليم فتح، وزوال المؤثرات السلبية فتح، والدعوة الصادقة فتح، ولكن هذا المصطلح ظل يتقلص حتى تم قصره على بعض أفراده، وصار رديفاً للانتصار في المعركة العسكرية، واعتراه ما اعترى مفهوم الجهاد من التضييق ومفهوم الفقه ومفهوم العبادة.
    وحين وعد الله رسوله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده، كان الفتح مفهوماً واسعاً لانطلاقة الدعوة وزوال معوقاتها، وحين أخبر الله تعالى بأنه جاء نصر الله والفتح كان الفتح غير النصر، وكان من علاماته دخول الناس في دين الله أفواجاً كما في آخر سور القرآن نزولاً.
    إن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين كانت تحت مظلة شرعية واضحة، وهنا أذكر الحديث الذي في صحيح مسلم ، وهو حديث بريدة رضي الله عنه: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية أو جيشًا أوصاهم، وقال في آخر الحديث: "إِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ فَلاَ تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَلاَ ذِمَّةَ نَبِيِّهِ، وَلَكِنِ اجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ، فَإِنَّكُمْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ أَصْحَابِكُمْ أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ. وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلاَ تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ، فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِى أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لاَ".
    وفي قصة خالد بن الوليد لما تأول وقتل بعض الأسرى رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه إلى السماء وقال: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ ممَّا صنَع خَالدٌ". مرتين. أخرجه البخاري . فهنا لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد قائد الجيش ويهمس في أذنه همسًا أن ما عملته خطأٌ، لا بل أعلنها على الملأ، وتناقلها الرواة.
    لقد قاتل المسلمون قتالاً شرعياً أمماً وقبائل ودولاً ليس بينهم وبينها عقد ولا ميثاق، وكانت تتهيأ لقتالهم وإبادتهم، وكانوا مثالاً في الرحمة والصبر وحقن الدماء، حتى كان عدد الذين قُتِلوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم من الكفار لا يتجاوز بضع مئات، وقد قُتِل من المسلمين أكثر منهم، ولم يقتل النبي بيده أحداً، وترك غورث بن الحارث الذي اخترط سيفه وهمَّ بقتله، وترك ثمامة بن أثال وأطلقه وهو في حال حرب، وعفا عن أهل مكة وأطلقهم، وفك بني المصطلق، وكان مثالاً عمليًّا للرحمة والوفاء وحفظ العهود.
    أما الغزوات التي تمت بعد ذلك في عهد الدولة الأموية، ثم العباسية، والمماليك والعثمانيين فلا شك أنه جاء من ورائها خير كثير في دخول كثير من الأمم والأجناس والشعوب والأعراق في الإسلام وانتشار الحضارة الإسلامية والعدل والرحمة والحرية، ولا يمنع هذا أن يكون تخللها أخطاء وتجاوزات، وقد كتب الشيخ محمد رشيد رضا كلامًا علَّق فيه على هذا الموضوع، وغلَّب في هذا جانب التوسع الإمبراطوري في آخر الدولة الإسلامية على الفتح الإسلامي، ولذلك فأعمال المسلمين في التاريخ قابلة للنقد والمراجعة والرد.
    يقول رحمه الله في تفسير المنار - (ج 2 / ص 173)
    "كان المشركون يبدءون المسلمين بالقتال لأجل إرجاعهم عن دينهم ، ولو لم يبدءوا في كل واقعة لكان اعتداؤهم بإخراج الرسول من بلده وفتنة المؤمنين وإيذاؤهم ومنع الدعوة - كل ذلك كافيا في اعتبارهم معتدين ، فقتال النبي - صلى الله عليه وسلم - كله كان مدافعة عن الحق وأهله وحماية لدعوة الحق ; ولذلك كان تقديم الدعوة شرطا لجواز القتال ; وإنما تكون الدعوة بالحجة والبرهان لا بالسيف والسنان ، فإذا منعنا من الدعوة بالقوة بأن هدد الداعي أو قتل فعلينا أن نقاتل لحماية الدعاة ونشر الدعوة لا للإكراه على الدين ; فالله تعالى يقول : (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) , ويقول : (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) وإذا لم يوجد من يمنع الدعوة ويؤذي الدعاة أو يقتلهم أو يهدد الأمن ويعتدي على المؤمنين ، فالله تعالى لا يفرض علينا القتال ; لأجل سفك الدماء وإزهاق الأرواح ، ولا لأجل الطمع في الكسب .
    ولقد كانت حروب الصحابة في الصدر الأول لأجل حماية الدعوة ومنع المسلمين من تغلب الظالمين لا لأجل العدوان ، فالروم كانوا يعتدون على حدود البلاد العربية التي دخلت حوزة الإسلام ويؤذونهم ، وأولياؤهم من العرب المتنصرة يؤذون من يظن به من المسلمين .
    وكان الفرس أشد إيذاء للمؤمنين فقد مزقوا كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورفضوا دعوته وهددوا رسوله وكذلك كانوا يفعلون ، وما كان بعد ذلك من الفتوحات الإسلامية اقتضته طبيعة الملك ولم يكن كله موافقا لأحكام الدين ، فإن من طبيعة الكون أن يبسط القوي يده على جاره الضعيف ، ولم تعرف أمة قوية أرحم في فتوحاتها بالضعفاء من الأمة العربية ، شهد لها علماء الإفرنج بذلك .
    وجملة القول في القتال أنه شرع للدفاع عن الحق وأهله وحماية الدعوة ونشرها ، فعلى من يدعي من الملوك والأمراء أنه يحارب للدين أن يحيي الدعوة الإسلامية ، ويعد لها عدتها من العلم والحجة بحسب حال العصر وعلومه ، ويقرن ذلك بالاستعداد التام لحمايتها من العدوان ، ومن عرف حال الدعاة إلى الدين عند الأمم الحية وطرق الاستعداد لحمايتهم يعرف ما يجب في ذلك وما ينبغي له في هذا العصر ."اه

    الكاتب: فضيلة الشيخ/ سلمان بن فهد العودة السبت 25 رمضان 1431الموافق 04 سبتمبر 2010
    [flash=http://dc10.arabsh.com/i/02482/91tb86eu3y0i.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]
     
  10. الصورة الرمزية أبولؤى

    أبولؤى تقول:

    افتراضي رد: كلمات ودروس ومحاضرات الشيخ سلمان العودة (( متجدد ))

    خبر

    د. العودة يدعو للاستفادة إسلاميًا وعربيًا من استضافة قطر لكأس العالم 2022
    السبت 28 ذو الحجة 1431 الموافق 04 ديسمبر 2010

    الإسلام اليوم/ الرياض

    دعا الشيخ سلمان بن فهد العودة (المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم") إلى الاستفادة من الأحداث الكبيرة والهامة التي تحدث في بلداننا العربية والإسلامية بإيجابية، مثل استضافة قطر لكاس العالم 2022، سواء اقتصاديًا أو ثقافيًا أو اجتماعيًا، ونجعل مثل هذا الحدث فرصة للتواصل مع العالم .
    وقال الشيخ العودة- ردًّا على مداخلة في برنامج "الحياة كلمة" الذي يبثّ على قناة الـ"ام بي سي"- عن فوز قطر بتنظيم كأس العالم 2022: "وصلتني رسائل عديدة أمس، وقد قرأت من خلالها اختلاف الأذواق، أحدهم يُخبر عن الحدث بشكل عادي، وآخر أرسل لي يربط الحدث بأنه فرصة أن نتواصل مع العالم، وأن نُقدّم لهم شيئاً جميلاً، وأن نستثمرها في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وتقديم ثقافتنا وديننا للآخرين" .
    وأضاف فضيلته: "وجدت ثالثًا يربطها ببعض المشاعر السلبية، أرسل لي رسالة تقول: "الكويت أمس، والإمارات اليوم، وقطر غدًا، ونحن في السعودية لنا الدار الآخرة". وأخرى تتساءل: ما حاجتنا إلى مثل هذه المسابقات وشغلنا بها؟!".
    وأوضح الشيخ سلمان أنّ مثل هذه الرسائل منها ما يكون على سبيل الدعابة، فالآخرة للذين يتقون منّا ومن غيرنا، والمنافسة في أمر الدنيا أيضًا هي للجميع .
    وأكّد فضيلته أنّ هذا الحدث يمكن توظيفه بأشياء كثيرة نافعة، والتعامل معه بالنظرة الإيجابية، وأنّ التفكير الإيجابي بأن هذا أمر ستنظمه في بلدك وبينك وبينه عشر سنوات تقريبًا، ينبغي أن تفكر جيدًا كيف تتعامل معه بصورة أكثر إيجابية". مشيرًا إلى أنّ "مثل هذه الأمور يمكن الاستفادة منها سواء على الصعيد الثقافي والاقتصادي وحتّى الاجتماعي، وليس من شك أن فيه فرصًا ضخمة لمن أراد أن يستفيد".
    وعلّق مُقدم البرنامج الأستاذ فهد السعوي بقوله: كلنا بالأمس كنا قطريين، ونفرح لنجاح هذا الملف لأنّنا بالفعل نشعر أنّ ثمّة فألاً إيجابيًا لمثل هذا الحدث، وإنْ اعتراه ما اعتراه فهذا طبيعي لأي حدث .
    وأثار الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) مفاجأة مع إعلانه أمس الخميس استضافة قطر لمباريات كأس العالم في كرة القدم 2022، لتكون بذلك أول دولة عربية وشرق أوسطية تحظى بهذا الحق.
    [flash=http://dc10.arabsh.com/i/02482/91tb86eu3y0i.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]