مثقفون' عرب... يحلون اللواط ويحرمون الحجاب!

نشرت إيلاف على موقعها يوم 16 مارس 2004 بياناً وقعه ثلاثمائة مثقف عربي حتى تاريخ نشر البيان

وطلب الموقعون من الآخرين الذين يؤيدون ما جاء في هذا البيان أن يوقعوا عليه ولأن هذا البيان من أغرب ما قرأت ولكونه منسوبا لمثقفين عرب فقد أحببت أن أعلق عليه خاصة أن هؤلاء المثقفين قالوا إنهم من ذوي الثقافة الإسلامية

ولست أدري عن أي إسلام يتحدثون؟هذا البيان وقعه رجال ونساء وصفوا أنفسهم في البداية بأنهم 'من ذوي الثقافة الإسلامية'

ثم قالوا بعد ذلك إن فيهم المؤمن والملحد، أما الإلحاد فهو الواضح في نظري مع أنني أعتقد أن معظم الملاحدة يخجلون من تبني الأفكار التي طالب بها هؤلاء المثقفون أما كونهم مؤمنين فهو شيء محير!!

ولعلي بعد أن أستعرض بعض القضايا التي أثاروها يتضح الموقف منهم ولعل القراء يحاولون وضعهم في الخانة التي تناسب أفكارهم...البيان ركز على محاربة الأفكار وأصحابها ممن يكرهون النساء والمثليين ويعادون السامية...

وقال البيان: إن الإسلام السياسي هو الذي يتبنى معاداة الثالوث الذي تحدثوا عنه ولهذا فهم قد تعاهدوا على مقاومة هذا النوع من الإسلام سواء في بلدانهم الأصلية أو في فرنسا وسواها... لست أدري ماذا يعني هؤلاء بالإسلام السياسي وهل يفهمون الإسلام أصلاً؟

الإسلام كما يعرفه كل المسلمين لا يفرق بين السياسة وسواها فهو يشمل كل شيء في الحياة فالرسول عليه الصلاة والسلام كان قائداً سياسياً ودينياً في الوقت نفسه وهكذا كان خلفاؤه حتى توسعت الدولة الإسلامية فأصبح الخليفة يمارس إدارة شؤون الدولة ـ أي السياسة ـ

وترك بقية أمور الدولة للآخرين. فالإسلام ـ بكل اختصار ـ يشمل الدين والدنيا معاً. هذا أولا ثم لست أدري كيف فهم هؤلاء أن الإسلام ـ وهم يعنون أصحابه ـ يكرهون النساء وليتهم ضربوا بعض الأمثلة على هذا النوع من الكراهية حتى نوافقهم أو نعترض عليهم والذي أعرفه أن الإسلام كرم المرأة وأعطاها كامل حقوقها وخصها الرسول الكريم في آخر خطبة قالها يوم عرفة

بعدد من الوصايا التي أمر الرجل بها كي يهتم بالمرأة ويعطيها كافة حقوقها.

الموقعون على هذا البيان طالبوا بالمساواة الكاملة بين الرجال والنساء في الحقوق.

وأعتقد أن الجميع لا يعارضون هذه المطالبة ما دامت في إطار الإسلام الذي يقولون إنهم ملتزمون به. الموقعون وفي إطار مطالبتهم بالمساواة بين الجنسين عارضوا الحجاب

وقالوا إن المطالبات بالحجاب لا يتعدين بضع فتيات وهذه المطالبة هدفها إقامة مجتمع سياسي إسلامي يعتمد على أيديولوجية مرفوضة من قبل هؤلاء الموقعين...

هذه المعارضة يحار منها الإنسان خاصة أنها من أناس يدّعون الثقافة فما هي العلاقة بين المساواة بين الجنسين وبين الحجاب؟ هل يقصدون أن الرجل لا يتحجب فالمرأة ينبغي ألا تتحجب أيضاً؟

هذا هو المفهوم الذي يتبادر إلى الذهن مباشرة فإذا كان هذا هو مفهومهم فليطالبوا بإن تلبس المرأة كالرجل سواءً بسواء وليطالبوا بأن يكون شكل المرأة كالرجل أيضاً وهكذا في بقية المسائل الأخرى.المغالطات في هذه المسألة كثيرة جداً فالذين اعترضوا على إلغاء الحجاب ليسوا بضع فتيات بل آلاف الفتيات في فرنسا وهذه المطالبات بإبقاء الحجاب لا علاقة لها بالإسلام السياسي بل لها علاقة بالإسلام من حيث العموم ولست أدري لماذا يقحمون ما يسمونه بالإسلام السياسي في كل شؤونهم كأنه سبة.

وما دمت أتحدث عن الحجاب الذي اعترضوا عليه أكثر من مرة فلست أدري لماذا لم يعتبروا ارتداء الحجاب نوعاً من الحرية الشخصية على أقل تقدير مثله مثل حق اللواطيين أو السحاقيات في التزاوج والاعتراف بهذا اللون من الزواج بين هؤلاء المثليين؟

لقد أكد هؤلاء المثقفون وبدون خجل أو حياء أنهم يعتبرون 'الاعتراف بوجود المثلية الجنسية وبحرية المثليين في أن يحيوا كما أرادوا مظهراً من مظاهر الرقي الفردي الذي لا جدال فيه' كما أكدوا بعد ذلك أن 'لكل خياراته الجنسية التي لا دخل لغيره فيها ولا دخل للدولة فيها'.

ويعجب المرء من مستوى تفكير هؤلاء المفكرين 'الإسلاميين' الذين يبيحون زواج المثليين ـ أي السحاق واللواط ـ ويدافعون عنه باعتباره حرية شخصية ويهاجمون الدول التي تقف وراء هذه الحرية وأشاروا إلى مصر صراحة لأنها سجنت بعض هؤلاء بعد محاكمات طويلة فإذا كان اللواط والسحاق حرية شخصية فلماذا لا يكون الحجاب حرية شخصية على أقل تقدير؟

ولماذا لم يهاجم هؤلاء المثقفون الدول التي تمنع النساء من لبس الحجاب سواء أكانت هذه الدول غربية أم عربية؟ لماذا لم يقولوا إن من أبسط حقوق الإنسان أن يلبس ما يشاء إذا كان من حقه - حسب آرائهم - أن يخلع ما يشاء وفي أي مكان يشاء؟

هل يمكن أن يصدقهم أحد وهم يتحدثون بمثل هذه الطروحات الساذجة التي تشير مباشرة إلى أنهم يقفون ضد كل ما يمت إلى الإسلام أو الأخلاق بصلة بينما يبيحون كل وأسوأ أنواع الفساد الأخلاقي الذي تحرمه كل القوانين والأديان السماوية..

هاجموا الإسلام الذي سموه 'سياسي' لأن هذا الإسلام يحرم اللواط والسحاق والذي لطفوه بقولهم 'زواج المثليين' بينما هذا اللون من الزواج تعاقب عليه معظم دول العالم ولا تعترف به لأنه ضد الفطرة البشرية ولا يقبل به إلا الشواذ أمثال أولئك المثقفين أو مثل أسقف نيوهامبشير جون روبنسون البالغ من العمر ستة وخمسين عاما الذي أعلن بكل وقاحة أنه يرغب في الزواج من صديقه مارك أندروا إذا سمح قانون ولايته بمثل هذا الزواج

لأنه لا يرغب في الانتقال إلى مكان آخر يسمح بمثل هذا اللون من الزواج.وأضاف هذا الأسقف 'وهو متدين بطبيعة الحال' أنه عاشر هذا الصديق لمدة أربعة عشر عاما. هذا الأسقف بحاجة إلى أولئك المثقفين العرب ذوي الاتجاه الإسلامي إلى الأخذ بيده والدفاع عنه كي يدخل القفص الذهبي مع من يحب فهل يفعلون ذلك إرضاء لضمائرهم التي لا تقبل أن تظلم أحداً؟ على كل حال نحن بانتظار ما سوف يقومون به.

وفي نطاق إرضاء ضمائرهم الحية أعلن هؤلاء أنهم ينددون بكل الأصوات المعادية للسامية خاصة إذا كانت باسم الإسلام... المثقفون العرب - بارك الله فيهم - لا يحبون إيذاء اليهود ويسيرون في فلكهم في ارتداء مسرح معاداة 'السامية' ولست أدري أين ذهبت ثقافات هؤلاء عندما وصفوا 'اليهود' بأنهم ساميون؟

أبسط الطلاب يدرك أن اليهود لا علاقة لهم بالسامية من الناحية التاريخية. العرب هم الساميون واليهود دخلاء على السامية لأنهم وبكل بساطة خليط من الأمم المتنوعة التي لا يربطها بالسامية أي رابط. مثقفونا العرب أكدوا أنهم يرفضون الربط بين معاداة السامية وبين احتلال فلسطين خاصة من قبل الجماعات المتطرفة.

والعجيب أنهم عرب ومثقفون ولا يدركون أهمية فلسطين لدى العرب والمسلمين في العالم كله. والعجيب أنهم لا يعرفون - أو لا يريدون أن يعرفوا - أن معاداة العرب لليهود سببها كله مسألة فلسطين ولا شيء آخر. فالمسلم لا يكره اليهودي من أجل دينه بل من أجل سوء أفعاله وتعديه على المسلمين وقتلهم واحتلال بلادهم...

لست أدري أين ذهبت الثقافة في مثل هذه المسألة؟. على أية حال هذا البيان الذي وقعه ثلاثمئة كما تقول إيلاف وينتظر المزيد من التوقيعات يدل على مستوى من يدعون الثقافة في عالمنا العربي ويكتبون باسم المثقفين العرب وعلى مستوى ولائهم لعروبتهم ودينهم. مرحى لمثل هذه الثقافة التي أرجو أن تجعل المثقفين الأصلاء يتحركون لإظهار هزالة تلك الثقافة وزيفها.