السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

الرد على الشبهة:

يزعم غير المنصفين أن بين السنة والقرآن تعارضا فى الكثير ،‏ كما يزعمون أن السنة تتعارض فيما بينها ويرتبون على ذلك النتيجة التى قدموا لها بأنه لا داعى للأخذ بالسنة أى بالأحاديث النبوية .‏
ولأن الإنصاف يوجب التزام الحيدة والموضوعية فى مناقشة الخلاف أقول لهؤلاء :‏ إن علماء السلف من هذه الأمة وقفوا أمام شبهة التعارض المزعومة هذه ،‏ سواء كانت تعارضا مزعوما بين القرآن والحديث أو بين الأحاديث بعضها مع بعض .‏ ومن الأول أى التعارض بين القرآن والسنة أن يأمر القرآن بقراءة ما تيسر من القرآن فى الصلاة فى قوله ( فاقرأوا ما تيسر من القرآن )‏ ثم يقول الحديث النبوى : "‏ لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب "‏ .‏ فهذا ليس تعارضا لكنه تخصيص للعام فأمر القرآن عام خصصته السنة فلا تعارض .‏

ومثله قول القرآن (‏ وأحل الله البيع وحرم الربا )‏ فهو عام فى كل أنواع البيع لكن يجئ الحديث النبوى ليخصص أنواعا بعينها بطريقة بعينها فى البيع فيقول :‏ "‏ الذهب بالذهب مثلا بمثل ويدا بيد والفضل ربا إلخ "‏ ولا تعارض لأن السنة وهى البيان التفصيلى لما يجمل فى القرآن كما تصرح الآية (‏ وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )‏ .‏

ومن النوع الثانى -‏ أى تعارض حديث مع حديث - ما روى عن استحباب الوضوء بعد الأكل من طعام مسته النار مثل :‏ من أكل لحم جزور فليتوضأ ،‏ وتوضأوا فيما مست النار ،‏ ثم جاء الحديث الآخر ،‏ كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ترك الوضوء مما مست النار ،‏ فلا تعارض هنا ،‏ ولكن الحديث الأخير غير الحكم فى الحديث الذى سبقه فهو ما يسميه علماء الحديث النسخ أى تغيير المتأخر للحكم المتقدم ولا تعارض فيه .‏

ومسائل كثيرة قد تحدث شبهة كاستثناء الخاص من العام كقوله تعالى (‏ ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )‏ ثم يأتى الحديث ليقيد حج النساء باشتراط أن يكون مع المرأة محرم "‏ لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها "‏ فهذا استثناء للخاص من العام وأيضا لا تعارض فيه .‏
فهذه المسائل وغيرها قد عنى بدراستها وتوضيح ما يصنع الشبهة فيها عنى بها علماء السنة وأفردوا لها التصانيف المختلفة التى حولتها من مواطن اشتباه أو مآخذ كما يتلمس الكارهون إلى حيث أصبحت جميعها مصدر سعة وثراء ورفع للحرج عن الإنسان فى التشريع الإسلامى يحسب له ولا يعاب عليه .‏ قاتل الله الجهل بالشىء فالناس أعداء ما جهلوا ،‏ وقاتل الله الهوى فإنه يعمى ويصم

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته