يتــبع
أقول إن قول المؤذن :"أشهد أن محمد رسول الله "يضع المؤمن أمام تاريخ مجيد وشخصية فريدة وعبد وأي عبد , أثنى الله عليه في الملأ الأعلى بل جعله الله جل وعلا أمنة لأهل الأرض من العذاب قال الله جل وعلا عن طغاة الأرض يومئذ وهم كفار قريش قال عنهم أو قال لهم (( وما كان الله ليعذبهم و أنت فيهم ))مع أن تعذيب الأمم السابقة سنة ماضية لم تتغير إلا بعد مبعثه صلوات الله وسلامه عليه .
كما أنه عليه الصلاة والسلام عرج به ربه بواسطة جبريل إلى الملأ الأعلى والمحل الأسنى , وتجاوز مقاما يسمع فيه صرير الأقلام كل ذلك من احتفاء الله وإظهار كرامة هذا النبي عند ربه .
ولقد قال الله تعالى على لسان نبيه وخليله إبراهيم عليه السلام مثنياعلى مقامه عند ربه عندما قال لأبيه
(( قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا )) , فكيف الاحتفاء بمحمد صلى الله عليه وسلم وإن كان خليل الله إبراهيم لا يبعد كثيرا عن منزلة نبينا صلى الله عليه وسلم .وهو عند الله في المنزلة العالية والدرجة الرفيعة والمقام الجليل صلوات الله وسلامه عليه . أنزل الله عليه القرآن منجما في ثلاثة وعشرين عاما .
لم يخاطبه الله جل وعلا بالقرآن كله باسمه الصريح ، ليس في القرآن يا محمد إنما في القرآن (( يا أيها النبي ))
(( يا أيها الرسول )) كل ذلك من دلائل مقامه وجلال شرفه وعلو منزلته عند ربه تبارك وتعالى .
عرج به إلى سدرة المنتهى ثم عاد صلوات الله وسلامه عليه في نفس الليلة ثم بعد ثلاث سنين أو أكثر أو أقل هاجر إلى المدينة فمَكن الله له هناك , وأقام دولة الإسلام , مكث في المدينة عشر سنين , جاهد في الله حق جهاده , شج رأسه يوم أحد , وسال الدم على وجهه وكسرت رباعيته وهو يقول وينظر إلى قريش :" كيف يفلح قوم شجوا رأس نبيهم وهو يدعوهم إلى الله "صلوات الله وسلامه عليه .
في العام العاشر أذن في الناس أنه عليه الصلاة والسلام عازم على الحج .فقدم المدينة خلق كثير كلهم يريد أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته .
فأنزل الله عليه في يوم عرفة (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ))
فعلم أن الأجل قاربه , فأخذ يودع الناس ويقول " لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا " . ثم رجع إلى المدينة بعد أن أكمل نسكه و أتم حجه .وفي أوائل شهر ربيع الأول من ذلك العام أصيب صلى الله عليه وسلم
بصداع ودخل على عائشة رضي الله عنها وهي تقول ( ورأساه )قال " بل أنا ورأساه "ثم أخذ يشكو المرض حتى حانت ساعة الوفاة في يوم الاثنين من ذلك الشهر .
دخل عليه أسامة بن زيد رضي الله عنه يسأله أن يدعو له فرفع يديه يدعو دون أن يظهر صوتا وهو سيد الفصحاء وإمام البلغاء .ثم دخل عليه عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه في الساعات الأخيرة وفي يد عبدالرحمن سواك فأخذ صلوات الله وسلامه عليه يحدق النظر في السواك كأنه يريده ففهمت عائشة رضي الله عنها مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت السواك وقضمته وطيبته وأعطته نبي الله صلى الله عليه وسلم فإستاك في الساعات الأخيرةقبل أن تغيب روحه إلى ربه تبارك وتعالى ثم جاءه الملك يخيره فسمعته عائشة رضي الله عنها وهو يقول
(( مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا )) " بل الرفيق الأعلى قالها ثلاثا "ففاضت روحه إلى الملأ الأعلى في أعلى عليين في المحل الأسنى والملكوت الأعلى صلوات الله وسلامه عليه .
هذا على وجه الأجمال نبي الرب الكبير المتعال , نبينا صلوات الله وسلامه عليه .
::
::
همسة مغامسية
- القلوب آنية وأوعيه وأعظمها ما كان ممتلئ بحب الله وحب رسوله
صلى الله عليه وسلم .
- من أعظم القربات وأجل المنجيات محبته صلى الله عليه وسلم .