الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية البركات

    البركات تقول:

    Talking رد : الموسوعة الشاملة: عن صفات الداعية الناجح وصفات الداعية الدرجة الثالثة

    إليكم البقية
    الفصل الخامس عشر
    مع إخوانه في ظلال المساجد
    عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل, وشاب نشأ في عبادة الله, ورجل قلبه معلق بالمساجد, ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسه, فقال إني اخاف الله رب العالمين, ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما انفقت يمينه, ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه".
    أولاً:الإمام العادل.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"حق عل الإمام أن يحكم بما أنزل الله, وأن يؤدي الأمانة, فإن فعل ذلك, فحق على الناس أن يسمعوا له, وأن يطيعوا, وأن يجيبوا إذا دعوا".
    فالإمام العادل الذي يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله هو الإمام الذي يوفر الحرية للناس, ويعاملهم بالمساوات بغض النظر عن أشخاصهم. والعدل هنا ببعده العقائدي والأخلاقي والسياسي يشيع الفضيلة والفلاح في الدنيا والآخرة.
    ثانياً: وشاب نشأ في عبادة الله.
    إن اعمل المسلم كله عبادة إذا ربطه بالله سبحانه وتعالى.. يأكل الطعام بنية أن يتقوى على أداء أوامر الله, فالطعام عبادة. ويميط الأذى عن طريق لمساعدة الناس والإحسان إليهم, فهو عبادة. ويتزوج النساء ليعف نفسه, فتلك عبادة. ويترك المسجد ليسعى في حاجات المسلمين, خير له أن يعتكف في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً..
    هذا إذن هو الطريق.. وهكذا يكون الشباب في عبادة الله.
    أن يفرد الله في عبودية, فلا يعبد سواه. ويؤدي له الشعائر التعبدية خالصة لوجهه. ويسعى أن يقيم شرع الله في الأرض, لوجه الحق والعدل. ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
    يغير المنكر بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه. ينكر المنكر ويدعو الآخرين لإنكاره فيتشكل تيار يتقوى يوما بعد يوم حتى يهزم الباطل ويقيم شرع الله. هذه بعض مواصفات الشاب الذي ينشأ في عبادة الله.. الذي يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
    ثالثاً: ورجل قلبه معلق بالمساجد.
    والمسجد في الإسلام هو كيان مصغر لمجتمع الإسلامي, منه يبدأ المسلمون وإليه ينتهون. ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة المنورة وأقام الدولة الإسلامية فيها أسس _ومنذ يوم الأول_ المسجد. والمسجد ليس مجرد مكان لأداء الصلاة.. فقد جعلت للمسلم الأرض مسجداً وطهوراً, فأيما رجل من المسلمين أدركته الصلاة فليصل.
    إنما للمسجد شأن آخر..
    ففي المسجد نمارس الإيمان, نمارس الخشوع في الصلاة,والتوجه إلى الله بصدق.. وفي المسجد نتعلرف مع الناس ونتفاهم ونتكافل, فإذا غاب واحد من الرواد تفقدناه, نتفقد في رحاب المسجد قلوبنا هل تنظر للمسلمين جميعاً كأخوة في الله لا فرق بينهم في لون أو جنس أو وضع اقتصادي أو اجتماعي.. أو نتأفف أن نقف إلى جانب فقير أو وضيع.
    في المسجد نقرأ القرآن.. أو ننظم إلى حلقة علم.. أو نمارس واجبنا في التكافل الاجتماعي. وفي المسجد نتعلم شورى.. وتبادل رأي.. والنصيحة.. ولا ننقض بيعة الإمام ما أقام فينا الصلاة في المسجد..
    رابعاً: ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه.
    لنستمع إلى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يصف لنا هذا الحب.. يقول عليه الصلاة والسلام: "إن من عباد الله لأناسا ما هم بأنبياء ولا شهداء, ويغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله تعالى. قالوا: يا رسول الله تخبرنا من هم؟ قال: هم قوم تحابوا بروح الله على غير أرحام بينهم, ولا اموال يتعاطونها, فوالله إن وجوههم لنور وإنهم لعلى نور, لا يخافون إذا خاف الناس, ولا يحزنون إذا حزن الناس, ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
    ويعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الطرق العملية لزرع هذا الحب في القلوب فيقول: "لن تدخلو الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا, هل أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم..".
    خامساً: ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسه, فقال إني أخاف الله رب العالمين.
    وهذا صنف آخر يظله الله في ظله.. يوم لا ظل إلا ظله.. ذلك الرجل الذي تعرض لفتنة المرأة.. وأي مرأة؟ ذات المنصب الرفيع والقوام الجميل والوجه الحسن.. دعته إلى نفسها فقد هامت به حباً.. ماذا يفعل الرجل وقد اشتعل شوقه والتهبت شهوته وتجمعت بيده أسباب الوصال والجمال..؟ وقبل أن ينغمس في الشهوة الحمراء التي لا يخرج من إثمها, تذكر ربه وقال: إني أخاف الله رب العالمين.
    إنه من أصعب الأمور التي يتعرض لها الإنسان شهوة الفرج.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من يضمن لي ما بين لحييه وفخذيه أضمن له الجنة".
    سادساً: ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه.
    المال عصب الحياة.. ولا تدور عجلة الحياة بغير مال. ولقد جعل الله في أموال الاغنياء نصيباً للفقراء, قال تعالى: {وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب..} [البقرة:177].
    والصدقة والبذل هي التي تكشف معدن الرجل.. فإذا استعصت ولم يستطع إخراجها فهو عبد للمال والدنيا, وإن انتصر على نفسه وعلى حبه للمال.. فهو رجل يؤثر ما عند الله , والصداقة برهان على ذلك كله.. قال تعالى:
    {إن تُبدوا الصَّدَقات فَنعمَّا هي وإن تُخفوها وتُؤتُوها الفقراء فَهوَ خيرٌ لَكم} [البقرة:271].
    والصدقة خير على كل الأحوال.. وإخفاؤها أخير وأنفع, ففي إخفائها مصلحتان:
    * المصلحة الأولى للمتصدق.. فقد أمن غرور والعجب والتباهي, وعلم أنه لا يفعل ذلك إلا لله.
    * والمصلحة الثانية للفقير.. فقد سترنا عليه عجزه, وحفظنا له ماء وجهه وكرامته, لا يفعل ذلك إلا لله فاستحق من الله أن يظله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
    سابعاً: ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.
    والبكاء من خشية الله دليل حضور القلب, وانفتاح البصيرة, فإذا تذكر العبد ربه, وما أسبغ عليه من نعمة ظاهرة وباطنة, وتذكر تقصيره, وأدرك أنه لن ينجو إلا بعفو مولاه, ففاضت عيناه تأثرا ورغبة ورهبة, كان من هؤلاء الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
    ولقد بشر الرسول صلى الله عليه وسلم البكائين فقال: "لا يلج النار من بكى من خشية الله, ولا يدخل الجنة مصر على معية". قال أيضاً: "عينان لا تمسهما النار, عين بكت من خشية الله, وعين باتت تحرس في سبيل الله".
    اللهم إنا نسألك إيمانا صادقا.. ودمعة خاشعة.. ورحمة واسعة.. اللهم إنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين.
    الفصل السادس عشر
    الداعية يقيم البيت المسلم
    عن أبي أمامة رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما استفاد المؤمن _بعد تقوى الله عز وجل.. خيراً له من زوجة صالحة: إن أمرها أطاعته, وإن نظر إليها سرته, وإن أقسم عليها أبرَّته, وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله".
    المقدمة:
    الزواج من سنن المرسلين, ومن حقائق الفطرة, فعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:أربع من سنن المرسلين الحناء والتعطر والسواك والنكاح".
    ومن حكمة الله عز وجل أن خلقنا من نفس واحدة, وخلق منها زوجها, وجعل الزواج الوسيلة الوحيدة لاتصال الرجل بالمرأة, بما يضبط الغزيرة, ويحفظ النوع, ويصون المرأة من الضياع, ويحمي الرجل من تبديد طاقته فيما لا طائل وراءه. قال تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً} [النساء:1].
    (ولقد عبى الإسلام_وهو يقيم هذه العلاقة_ بتصحيح النظرة إلى المرأة, وبإقامة العلاقة بين الجنسين على اساس من حقائق الفطرة, وبتوضيح هذه العلاقة في كل من فروعها النفسية والعملية, بحيث لا تضطرب ولا تتأرجح, ولا يكتنفها الغموض في زاوية من زواياها...).
    والرجل يميل بطبعه للمرأة والمرأة تميل بطبعها للرجل وحتى يصبح هذا الميل عاملا إيجابياً في بناء الحياة فقد ناشد النبي صلى الله عليه وسلم معاشر الشباب أن يتزوجوا فقال:يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".
    وإذا استجاب الشاب لهذا النداء, كان الله في عونه, فقد روى الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله, والمكاتب الذي يريد الأداء, والناكح الذي يريد العفاف".
    والنفي تميل إلى الجمال.. وتشتهي المرأة الجميلة.زحتى لا يترك الرجل لضعفه فيسقط في متاهات الجمال أو المال بين له الإسلام الطريق السليم في اختيار شريكة حياته. قالرسول الله صلى الله عليه وسلم: " من تزوج امرأة لمالها لم يزده الله إلا فقراً, ومن تزوج امرأة لحسبها لم يزده الله إلا دناءة, ومن تزوج امرأة ليغض بها بصره, ويحصن فرجه أو يصل رحمه, بارك الله فيها, وباركك لها فيه".
    فليس الزواج صفقة تجارية تراجع فيها الأرصدة..! وليس الزواج مجرد متعة حسية,تستعرض فيها المرأة فتنتها وجمالها في أسواق العرض..!
    بل الزواج توازن بين كل هذه العوامل مع تركيز شديد على جانب الأخلاق والدين, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربعة: لمالها, ولحسبها, ولجمالها, ولدينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك".
    ومع ذلك يحض الإسلام كلا من الرجل والمرأة على السواء أن يحسنا الاختيار.. وأن يدققا فيه.. فليست القضية أياما تنقضى ويعود كل فريق إلى حاله.. بل بقية العمر يقضياه معا في سعادة غامرة تملأ قلوبهم وترفرف بأجنحتها على بيتهم أو شقاء مستعر يدمر قلوبهم ويعصف بسلامهم وأمنهم. عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربع من أصابهن فقد أعطى خير الدنيا والآخرة: قلباً شاكراً, ولساناً ذاكراً, وبدناً على البلاء صابراً, وزوجة لا تبغيه حوباً في نفسعا وماله".
    ومعظم النكسات التي تصيب قلوب المتزوجين, وتنكد عليهم, وقد تعصف بهم مرحعها إلى سوء الاختيار والانهبار ببعض الجوانب على حساب الجوانب الأخرى.
    فعندما خطب المغيرة بن شعبة امرأة, وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال له: "اذهب فانظر إليها, فإنه أحرى أن يؤدم بينكما".
    ونصح رسول الله رجلا خطب امرأة من الأنصار, فقال له: "انظر إليها, فإن في أعين الأنصار شيئاً".
    شرح الحديث:
    بعد هذه المقدمة نعود إلى الحديث يخبرنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من أعظم النعم التي تصيب الإنسان بعد تقوى الله عز وجل, المرأة الصالحة. وهذا المعنى الكريم يحتاج إلى بعض الوقفات:
    1- فالرجل, والمرأة التي يختارها شركة له, يكونان الأسرة المسلمة التي هي أساس المجتمع الإسلامي, وعليها يقوم بناء العمران كما يقوم عليها بنا الأخلاق الإنسانية في مجالات واسعة متشابكة.
    2- والبيت المسلم, مجتمع مصغر يقوم على: المودة والرحمة, والسكن النفسي والحسي, والمساواة من الناحية الإنسانية, قال تعالى:{ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة} [البقرة:وهذه الدرجة مفسرة بقوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء} [النساء:34].
    وهذا هو معنى: إن أمرها أطاعته. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلت المرأة خمسها, وحفظت فرجها, وأطاعت بعلها دخلت الجنة".
    3- وإذا نظر إليها سرته: سرته بجمالها, وحسن منظرها, وتأنق ملبسها, وظيب رائحتها.
    وسرته بترتيب منزلها, وتحويل بيتها إلى سكن حقيقي يأوي إليه الرجل المكدود. فيجد فيه: الحب والحنان, والظل والأمان.
    وسرته بالعناية بأطفالها: مظهرهم ومخبرهم, بمطعمهم ومشربهم, وبكل شيء من شأنهم.
    و سرته بجمال أدبها وكريم خلقها,وحسن تبعلها وبر زوجها ورعايته في قلبه وشعوره وماله وعرضه
    وسرته بالتزاماتها بأوامر دينها, في صلاتها وصيامها, في تصدقها وإحسانها {فالصالحاتٌ قانتاتٌ حافظاتٌ للغيب بما حفظ الله} [النساء: 34].
    4- وإن أقسم عليها أبرته:
    فهو تأكيد لمعنى (إذا أمرها أطاعته).. أو هو درجة أعلى في الطاعة.. فطاعة الزوجة لزوجها مجلبة للهناء والرضا, والمخالفة تولد الشحناء والبغضاء, وتوجب النفور, ويفسد عواطف الإخاء, وتنشيء القسوة في قلوب الآباء.
    وما من امرأة نبذت طاعة زوجها إلا حل بها الشقاء ولحقها البلاء.. زكلما زادت طاعة الزوجة لزوجها ازداد الحب والولاء بينهما, وتوارثه أبناؤهما, لأن الأخلاق المألوفة إذا تمكنت صارت ملكات موروثة: يأخذها البنون عن آبائهم, والبنات عن أمهاتهن.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا تمسهم النار: المرأة المطيعة لزوجها, والولد البار بوالديه, والعبد القاضي حق الله وحق مولاه".
    وقال أيضاً: "جهاد المرأة حسن التبعل" أي إطاعة الزوج". وعندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أي النساء أفضل؟ قال عليه السلام:" التي تطيع زوجها إذا أمر, وتسره إذا نظر".
    5- وإن غاب نصحته في نفسها وماله:
    روى ابن جرير والبيهقى من حديث أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك, وإذا أمرتها أطاعتك, وإذا غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها" وقرأ قوله تعالى{فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله}.
    (فالغيب هنا ما يستحيا من اظهاره, أى: حافظات لكل ما هو خا بأمر الزوجية الخاصة بالزوجين, فلا يطلع أحد منهما على شيء مما هو خاص بالزوج).
    هذا معنى أن تنصحه في نفسها.. أما أن تنصحه بماله فمعناه أن تحفظ وتصون مال زوجها. فلا تعطى أحدا من أهلها أو من غيرهم شيئاً من مال زوجها أو متاعه, إلا إذا أذن لها.. لقوله (ص): "ولا تعطى شيئا من بيته إلا بإذنه, فإن فعلت ذلك كان له الأجر وعليها الوزر".
    الفصل السابع عشر
    يحسن التعامل مع المسلم وغير المسلم
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ظلم معاهداً, أو انتقصه حقاً, أو كلفه فوق طاقته, أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس, فأنا حجيجه يوم القيامة".
    وقال أيضاً: "من آذى ذمياً فأنا خصمه, ومن كنت خصمه خصوته يوم القيامة". وقال أيضاً: "من آذى ذمياً فقد آذاني, ومن آذاني فقد آذى الله".
    مقدمة:هذه الأحاديث تعالج قضية هامة من قضايا المجتمع الإسلامي وهي قضية غير المسلمين الذين يعيشون في هذا المجتمع وفي وقت الذي حسم الإسلام في (التعاليم والتطبيق) عبر تاريخه الممتد (من زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحتى سقوط الخلافة العثمانية الإسلامية) هذه المسألة, وأعطى فيها لأهل الذمة من الحقوق ما لا تعطيه أمة في التاريخ القديم أو الحديث للأقليات الدينية التي تعيش في كنفها ومع ذلك فأنت تسمع في كل يوم نغمة جديدة عن حقوق الأقليات غير الإسلامية يرددها أعداد الأمة أحياناً ويرددها أبناؤها أحياناً أخرى.
    قد تختلف نوايا الفريقين.. ولكنها من حيث النتيجة مردودها واحد.. وهناك فائدة كبيرة من الاستعراض التاريخي لهذه العلاقة بين المجتمع الإسلامي وهذه الأقليات, لنرى حقيقة المظالم التي يدعونها والتي يطالبون بسببها إبعاد الإسلام عن التشريعات التي تنظم المجتمع وتحكمه.. لأنهم في مثل هذه المجتمعات الإسلامية سيكونون ضحية التمييز والضطهاد.. كما يدعون.
    السياق التاريخي بين المبدأ والتطبيق:
    في العصر النبوي:
    ذكر ابن اسحق في سيرته: أن وفد نجران_وهم من نصارى_ لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة, دخلو عليه مسجده بعد العصر, فكانت صلاتهم, فقاموا يصلون في مسجده, فأراد الناس منعهم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوهم" فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم. ولقد استنتج الفقهاء المسلمون من هذه الحادثة جواز دخول أهل الكتاب مساجد المسلين وتمكينهم من الصلاة في مساجدهم إذا مان ذلك عارضاً.
    وروى أبو عبيد عن سعيد بن المسيب, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدق بصدقة على أهل بيت من اليهود, فهي تجرى عليهم.
    وروى البخاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي في نفقة عياله. ومرت عليه جنازة فقام صلى الله عليه وسلم لها واقفا, فقيل له: إنها جنازة يهودي, فقال صلى الله عليه وسلم: "أليس نفسا".
    في عصر الصحابة والتابعين:
    يأمر الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصرف معاش دائم ليهودي وعياله من بيت مال المسلمين, ثم يقول: قال الله تعالى: {إنما الصقات للفقراء والمساكين} وهذا من مساكين أهل الكتاب.
    وكان بعض أجلاء الصحابة يعطون نصيبا من صدقة الفطر لرهبان النصارى ولا يرون في ذلك حرجا.
    وروى ابن أبى شيبة عن جابر بن زيد: "إنه سئل عن الصدقة فيمن توضع؟ فقال: في أهل ملتكم من المسلمين, وأهل ذمتهم..".
    في العصر الأموي:
    يذكر لول ديورانت في كتابه "قصة الحضارة" ما يلى:
    "لقد كان أهل الذمة (المسيحيون والزرادشتيون واليهود والصابئون) يتمتعون في عهد الخلافة (الأموية) بدرجة من التسامح لا نجد لها نظيراً في البلاد المسيحية هذه الأيام, فلقد كانوا أحرارا في ممارسة شعائر دينهم, واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم, ولم يفرض عليهم أكثر من ارتداء زى ذى لون خاص واداء ضريبة عن كل شخص تختلف باختلاف دخله وتتراوح بين دينار وأربعة دنانير ولم تكن هذه الضريبة تفرض إلا على غير المسلمين القادرين على حمل السلاح, ويعفى منها الرهبان والنساء والذكور الذين هم دون البلوغ, والأرقاء والشيوخ والعجزة وأهل العمى الشديد والفقر, وكان الذميون يعفون في نظير ذلك من الخدمة العسكرية أو إن شئت فقل لا يقبلون فيها, ولا تفرض عليهم الزكاة البالغ قدرها اثنان ونصف بالمائة من الدخل السنوي, وكان لهم على الحكومة أن تحميهم, ولم تكن تقبل شهادتهم في المحاكم الإسلامية, ولكنهم كانوا يتمتعون بحكم ذاتي يخضعون فيه لزعمائهم وقضاتهم وقوانينهم".
    في العصر العباسي:
    وذكر الدكتور الخربوطلى في كتابه "الإسلام وأهل الذمة" ما يلى:
    "اشتهر بين أهل الذمة في العصر العباسي كثير من العظماء, مثل جرجيس بن بختيشوع طبيب الخليفة العباسي أبى جعفر المنصور, وقد وثق فيه الخليفة وأكرمه. ومن هئلاء جبرائيل بن بختيشوع طبيب هارون الرشيد, الذي قال الرشيد عنه: كل من كانت له حاجة الي فليخاطب بها جبرائيل".
    وأشاد ترتون بتسامح المسلمين قال: والكتاب المسلمون كريمون في تقدير فضائل هؤلاء ممن هم على غير ملتهم, حتى ليسمون حنين بن اسحق برأس أطباء عصره.
    وكان بختيشوع بن جبرائيل يضاهى الخليفة المتوكل في ملابسه وفي حسن الحال وكثرة المال وكمال المروءة ويباريه في الطيب والجواري والعبيد.. واشتهر كثير من أهل الذمة في ميدان الآداب والفنون.
    وقد بلغ ابراهيم بن هلال (وهو نصراني) أرفع مناصب في الدولة وأرقاها.
    وإذا حفظت لنا ذاكرة التاريخ بعض صور الوفاء من أهل الذمة في ديار المسلمين إلا أنها حفلت بصور المكر والخديعة والوقيعة بالمسلمسن في الحروب الصليبية وفي التآمر مع الأعداء وخاصة تجاه الدولة العثمانية التي أعطتهم امتيازات في المال والتجارة جعلت منهم دولة داخل الدولة.. وكانوا بالنتيجة عاملا رئيسا في هدم الدولة العثمانية وتفتيت وحدتها.
    والإسلام ينطلق في ذلك ليس من مبدأ رد الفعل.. إنما من مبادئه المقررة في كتاب الله وسنة رسوله. فالإسلام يكرن الإنسان لأنه إنسان بغض النظر عن لونه أو جنسه أو دينه, ويطالب المسلمين بأن يعدلوا مع جميع الناس ولو كانوا أعداءهم.

    لهم ما لنا وعليهم ما علينا
    حقوق أهل الذمة:
    القاعدة الأولى في معاملة أهل الذمة في (دار الإسلام) أن لهم الحقوق مثل ما للمسلين, إلا في أمور محددة مستثناة. كما أن عليهم ما على المسلمين من الواجبات إلا ما استثنى.
    حق الحماية:
    وتشمل حمايتهم من كل عدوان خارجي.. وقد انعقد على ذلك إجماع الأمة. ومن الموافق التنفيذية لهذا المبدأ الإسلامي موقف الامام ابن تيمية حين طالب القائد التترى (قطلوشاه) الذي تغلب على الشام بإطلاق الأسرى.. وعندما وافق على إطلاق أسرى المسلمين دون أهل الذمة رفض ابن التيمية وقال: لا نرضى إلا بافتكاك جميع الأسرى من اليهود والنصارى فهم أهل ذمتنا. كما تشمل حمايتهم من الظلم الداخلي.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من ظلم معاهدا أو انتقصه حقا أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه, فأنا حجيجه يوم القيامة".
    حماية الدماء والأبدان:
    وحق الحماية مقرر لأهل الذمة يتضمن حماية دمائهم وأنفسهم وأبدانهم. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما" ولا يجوز إلحاق الأذى بأجسامهم ولو تأخروا أوامتنعواعن أداء الواجبات المالية المقررة عليهم كالجزية والخراج.
    حماية الأموال:
    ومثل حماية الأنفس والأبدان حماية الأموال جاء فيعند النبي صلى الله عليه وسلم لأهل نجران "ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة رسوله على أموالهم وملتهم وبيعهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير".
    حماية الأعراض:
    يجب كف الأذى عن الذمى وتحرم غيبته كالمسلم. ويعلق العلامة ابن عابدين على ذلك يقول: "إنه بعقد الذمة وجب له ما لنا فإذا حرمت غيبة المسلم حمت غيبته".
    التأمين عند العجز:
    في عقد الذمة الذي كتبه خالد بن الوليد رضى الله عنه لأهل الحيرة بالعراق (كانوا من النصارى): وجعلت لهم: أيما شيخ ضعف عن العمل, أو أصابته آفة من الآفات, أو كان غنيا فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه, طرحت جزيته وعيل من بيت مال المسلمين هو وعياله". وكان ذلك في عهد أبى بكر, وبحضرة عدد كبير من الصحابة,وقد كتب خالد به إلى الخليفة ولم ينكر عليه أحد ومثل هذا يعد إجماعا.
    حرية التدين:
    ويحمى الإسلام فيما يحميه من حقوق أهل الذمة حق الحرية. كحرية الاعتقاد والتعبد, قال تعالى: {لا إكراه في الدين}. ولقد صان الإسلام لغير المسلمين معابدهم ورعى حرمة شعائرهم, قال تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لّهدّمتْ صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرنَّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}.
    قضية واحدة هي موضوع خلاف بين فقهاء المسلمين وهي: هل يجوز لأهل الذمة إنشاء معابد جديدة لهم؟ فريق من الفقهاء أجاز لأهل الذمة إنشاء الكنائس والبيع وغيرها من المعاهد في الأمصار الإسلامية وفي البلاد التي فتحها المسلمون عنوة إذا أذن لهم إمام المسلمين بذلك.
    أما في القرى والمواضع التي ليست من أمصار المسلمين فلا يمنعون من تجدتد كنائسهم وبناء ما تدعو حاجتهم إلى بنائه نظرا لتكاثر عددهم.
    يقول العلامة غوستاف لوبون: (إن مسامحة محمد لليهود والنصارى كانت عظيمة للغاية وإنه لم يقل بمثلها مؤسسو الأديان التي ظهرت من قبل كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص).
    حرية عمل وكسب التوظيف:
    لغير المسلمين حرية العمل والكسب, شأنهم في ذلك شأن المسلمين. قال آدم ميتز "ولم يكن في تشريع الإسلامي ما يغلق دون أهل الذمة أى باب من أبواب العمل, وكانت قدمهم راسخة في صنائع التي تدر الأرباح الوافرة, فكانوا صيارفة وتجارا وأصحاب ضياع وأطباء". ولأهل الذمة الحق في تولى وظائف الدولة كالمسلمين إلا ما غلبت عليه الصبغة الدينية كالإمامة ورئاسة الدولة والقيادة في الجيش والقضاء بين المسلمين من أمثال الماوردى لا يرى بأساً من تولية الذمى وزارة التنفيذ..
    واجبات أهل الذمة:
    تنحصر واجبات أهل الذمة في أمور معدودة هي:
    أولاً: الجزية والخراج:
    أداء الجزية والخراج والضريبة التجارية, وهذه هي واجباتهم المالية.
    الجزية هي ضريبة سنوية زهيدة تفرض على رجال البالغين القادرين. أما الفقراء فمعفون منها. أما الخراج فهو ضريبة مالية تفرض على رقبة الأرض إذا بقيت في أيديهم ويرجع تقديره إلى الأمام.
    وتسقط الجزية عن هؤلاء في حاتين:
    الأولى: أن يضعف المسلمون عن حماية أهل الذمة.. كما أمر أبو عبيدة بن الجراح عندما بلغه تجمع جحافل الروم في الشام. نوابه العسكريين برد الجزيةوقال:إنما رددنا عليكم أموالكم, لأنه قد بلغنا ما جمع لنا من الجموع وإنكم اشترطتم علينا أن نمنعكم, فإذا نصرنا الله عليهم, فنحن لكم على الشروط".
    الثانية: أن يشارك الذمة المسلمين في القتال والدفاع عن دار الإسلام ضد أعداء الإسلام. ولقد صالح ابو عبيدة جماعة "الجراجمة" وهم من نصارى انطاكية ان يكونوا أعوانا للمسلمين وعيونا على عدوهم وألا يؤخذوا بالجزية.
    وفي التاريخ الإسلامي القديم والحديث عشرات الأمثلة لأهل الذمة الذين ساعدوا الجيش الإسلامي أو حاربوا معه فكان ذلك بديلا للجزية.
    ثانياً: التزام أحكام القانون الإسلامي في المعاملات المدنية.
    ثالثاً: احترام شعائر المسلمين.

    يتبع
    http://www.bafree.net/forum/archive/-52366.htm
    [FRAME="1 70"]

    اللهم اغفرلناولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات الاحياء والاموات

    ونسألك موجبات رحمتك
    وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم
    والغنيمة من كل بروالفوز بالجنة
    والنجاة من النار
    ونعوذبك من جهد البلاء
    ودرك الشقاء وسوء القضاء
    وشماتة الاعداء
    كن مفتاحا للخير
    ومغلاقا للشر
    قل خيراأوأصمت


    [/FRAME]
     
  2. الصورة الرمزية البركات

    البركات تقول:

    Lightbulb رد : الموسوعة الشاملة: عن صفات الداعية الناجح وصفات الداعية الدرجة الثالثة

    الفصل الثامن عشر
    يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي بعثه الله تعالىفي أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته, ويقتدون بأمره, ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون, ويفعلون مالا يؤمرون, فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن, ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن, ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن, وليس وراء ذلك من الايمان حبة خردل".
    يتناول هذا الحديث الصحيح قضية من أهم القضايا الإسلامية التي تكثر حولها الجدل.. قضية واجب المسلم, وضرورة عمل الجماعي, وفريضة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر, والمجاهدة باليد أو اللسان, ومعنى المجاهدة بالقلب.. وكلها أمور تستحق أن نقف عندها لتوضيح ما استشكل فهمه, وتبسيط ما حاول البعض تهويله أو التهوين من شأنه.
    قضية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر:
    قال الله عز وجل: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} [آل عمران:104].
    (فالمهمة التي شاء الله عز وجل أن يلقى أعباء القيام بها على عائق الأمة المسلمة عبرت عنها الآية الكريمة بمصطلحين: أحدهما الدعوة الى الخير, والآخر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).
    أما الدعوة الى الخير:
    فقد روى أبو جعفر الباقر رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا الآية الكريمة {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير} فقال: الخير اتباع القرآن وسنتي.
    وبذلك يصبح معنى الآية: إنه لابد من وجود أمة (أى جماعة) تعمل على نشر الإسلام وتطبيقه, واتباع تعاليم القرآن الكريم وسنة الرسول الأمين فيما يخص أمور الدنيا والدين.
    أما المصطلح الآخر فهو مصطلح الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الذى هو موضوع البحث:
    فقد ذكر الإمام الغزالى في كتابه القيم (إحياء علوم الدين) وهو يتحدث عن موضوع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر, فقال:
    (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو القطب الأعظم في الدين, وهو المهمة التي ابتعث الله لها النبيين أجمعين, ولو طوى بساطه وأهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة, واضمحلت الديانة, وعمت الفترة, وفشت الضلالة, وشاعت الجهالة, واستشرى الفساد, واتسع الخرق, وخربت البلاد, وهلك العباد, ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد).
    * فالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر هو مهمة الأنبياء. قال الله تعالى يصفرسول الله صلى الله عليه وسلم {يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر} [الأعراف:157].
    * ومهمة الأمة المسلمة من بعد النبي, قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} [آل عمران: 110].
    أى أن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر عمل دعوى.. تقوم به الأمة المسلمةبين الناس وفي نفسها, فهي إذا لم تلزم نفسها بالمعروف ولم تنته هي عن المنكر فكيف يصح لها أن تأمر غيرها وتنهاه؟
    * وهو عبادة واجبة,قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام أن تعبد الله لا تشرك به شيئا, وتقيم الصلاة, وتؤتى الزكاة, وتصوم الرمضان, وتحج البيت, والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر, وتسليمك على أهلك, فمن انتقص شيئا منهن فهو سهم من الإسلام يدعه, ومن تركهن كلهن فقد ولى الإسلام ظهره".
    وعن جابر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوحى الله عز وجل إلى جبريل عليه السلام أن أقلب مدينة كذا وكذا بأهلها. فقال يارب إن فيهم عبدك فلانا لم يعصك طرفة عين. قال: اقلبها عليه وعليهم, فإن وجهه لم يتمعر في ساعة قط".
    الجانب السياسي في الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر:
    قال الله تعالى {الذين إن مَّكَّنَّاهمّ في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور} [الحج:41].
    * ومعنى ذلك أنه كما أن للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر جانبا دعويا, فكذلك له جانب سياسي. أى أن الأمة المسلمة وأولى الأمر فيها مطالبون بتطبيق شرع الله فريضة من الله. وأداء هذه الفريضة من اهم مسؤولياتها وأكبر واجباتها لا يجوز لها شيء من التهاون فيها, فضلاً عن إهمالها, ولأنها هي التي تضفى عليها الطابع الإسلامي والصبغة الإسلامية.
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من نبي بعثه الله تعالىفي أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته, ويقتدون بأمره, ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون مالا يفعلون, ويفعلون مالا يؤمرون, فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن, ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن, ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن, وليس وراء ذلك من الايمان حبة خردل". فإذا جاء هؤلاء الخلوف وانحرفوا بالمجتمع المسلم عن هدى الرحمن وسنة نبيه ولم ينفع معهم النصح والتذكير فقد وقع واجب التغيير على أبناء الأمة كل حسب قدرته.
    ولكن لماذا تتحنل الأمة هذا الواجب؟
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من قوم يعمل فيهم المعاصى, ثم يقدرون على أن يغيروا ثم لم يغيروا إلا يوشك أن يعمهم الله منه بعقاب".
    ولكن كيف تكون مقاومة المنكر؟
    1- فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن:
    وحول هذا الموضوع قال العلماء كلاما كثيرا.. منه أنه ينبغى على العصبة المؤمنة أن تجاهد المنكر وتزيله بيدها, وأن تستعمل السيف إذا لزم الأمر, وقد اشترط الفقهاء أن لا يؤدى ذلك إلى ضرر أكبر.
    2- ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن:
    والإصلاح باللسان متقدم على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالقوة. ولقد نعى الإسلام على الأمة أن تهاب الظالم وتخشاه فلا تردعه عن ظلمه, والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله".
    3- ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن:
    والمجاهدة بالقلب تعنى أن الإنسان إذا لم يستطع أن يجاهد بيده ولا بلسانه لظروف خاصة به مثل شدة بطش الحاكم أو الخوف منه.. فتكون مجاهدة بالقلب. وهي ليست مجرد الإنكار القلبي والستكانة بعد ذلك, بل تعني أن يتحول هذا الإنكار إلى فكرة يبثها المنكر بقلبه بين أقرانه يجمع عليها جميع المنكرين بقلوبهم, حتى يتكون منهم تيار غالب يقوى أفراده بعضهم بعضا, بحيث تصبح لهم قوة مادية يستطيعون بها أن ينكروا بألسنتهم أو بأيديهم.
    وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان:
    فالقوى الذي لا ينكر بيده, والعالم الذي لا ينكر بلسانه, والآخرون الذين لا ينكرون بقلوبهم.. ليس عندهم حبة خردل من إيمان..
    الفصل التاسع عشر
    يوازن بين الفردية والعمل الجماعي
    ذكرنا في بحثنا "الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر".
    1- إن الدعوة إلى الله تعالى وظيفة الرسل, قال تعالى: {ولقد بعثنا في كل أنة رسلولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الظاغوت} [النحل: 36].
    2- وإن هذه المهمة انتقلت إلى الأمة المسلمة من بعد الرسل, قال تعالى: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} [آل عمران: 110].
    3- وإن الدعوة إلى الله هي واجب كل مسلم ومسلمة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده, فإن لم يستطع فبلسانه, فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان".
    4- والمسلم القائم على أمر الدعوة الذي تمنعه ظروفه من أن يجاهد الظلم والمنكر بيده أوبلسانه.. يلجأ إلى أضعف الإيمان فليجاهد بقلبه.
    5- من هذا المنطلق قامت الحركات الإسلامية في مختلف بلدان المسلمين في قديم الزمان وحديثه. بعض هذه الحركات كان محلى النشأة والاهداف, وبعضها كان عالمى النظرة والتطلعات. فما أن تتدهور أوضاع الأمة المسلمة, فتفقد وحدتها وقوتها, وينال منها أعدائها, أو يتحكم فيها حكام يشيعون الظلموبهادنون العدو.. حتى تصدى لهذه الأوضاع رجال ربانيون يتعاهدون على إعادة الأمور إلى نصابها, وإعادة الأمة إلى دينها.. وهؤلاء هم طليعة الحركة الإسلامية في كل مكان وزمان.
    6- وفي عصرنا الحديث, وقد فقدت الأمة الإسلامية شخصيتها, وعاث فيها أعداؤها, فرقوا وحدتها, واستعمروا أوطانها, واستلبوا أرضها, واستبدلوا أحكام الشريعة فيها بقوانين مستوردة, وأقصوا الإسلام من دائرة التأثير, قامت حركات إسلامية أهمها: حركة الإخوان الممسلمين في البلاد العربية, والجماعة الإسلامية في شبه القارة الهندية, وحزب السلامة والرفاة في تركيا, وحزب ماشومي في أندونيسيا.. وأعداد كبيرة من الحركات الإسلامية الأخرى التي تمت بصلة فكرية أو تنظيمية لواحدة من هذه الحركات.
    7- ولقد واجهت هذه الحركات الإسلامية مقاومة شرسة من القوى المختلفة المتحكمة, ولم تكن في أكثر الأحيان معارك متكافئة, وكيف يقاوم شباب أعزل أوضاعا أقوى منهم بكثير تملك الجيوش والسلاح وتملك السجون والمعتقلات.. وما زالت الحرب مستمرة.. والكفة تكاد ترجح إلى جانب أنصار الحركة الإسلامية, فالظلم مهما ارتفع واشرأب, نهايته وخيمة وعاقبته انهيار..وصدق الله العظيم إذ يقول:{ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين} القصص:5].
    8- وللحركة الإسلامية جملة عناصر تتكون منها وهي:
    أولاً: القيادة والقاعدة وطبيعة العلاقات بين الفريقين.
    ثانياً: طبيعة التنظيم وأهدافه.
    ثالثاً: المنهاج التربوي الذي يعيد صياغة الفرد والمجتمع.
    ولا بأس أن نقف ولو باختصار على هذه العناصر, نحللها ونعدد اختلاف وجهات النظر حولها, فقد يكون في ذلك بعض الفائدة.
    9- معنى التنظيم:تطلق كلمة التنظيم على كل تجمع من الناس, يسعون نحو هدف محدد, يجعلون عليهم رئيسا هو القائد, ينظمون أمورهم حسب لوائح يتفقون عليها, ولا تشذ التنظيمات الإسلامية عن هذا النمط, وإن كان التنظيم الإسلامي يحاول أن يضبط وجوده, وأهدافه, وعلاقات القائد بقاعدته, حسب التعاليم الإسلامية, بل ولربما حاول التنظيم الإسلامي أن يقتفى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في مختلف أطوار دعوته, وبقدر تجهد الاجتهادات والتفسيرات لتصرفات القائد محمد صلى الله عليه وسلم فإننا نجد تعدد أشكال التنظيمات وأهذافها بالقدر نفسه.
    * فمنهم من يرى أن التنظيم ينبغي أن يضم عناصر قليلة, منتقاة, صاحبة علم وثقافة, وخلق ومركز اجتماعي, وقدرة على خدمة الدعوة والارتقاء بها, وقيادة الجماهير بعد ذلك نحو الهدف المنشود. وهو ما يشبه بالمجموعة الطليعية في زماننا هذا.
    * ومنهم من يرى أن التنظيم هو إطار شامل يضم الناس جميعا, يتلقون فيه مقدارا معينا من الإعداد والتربية, ويزداد حجم التنظيم بازدياد نشاط أعضائه في ضم المزيد من العناصر, وتصبح نظرة الرضا كاملة ينظرها العنصر إلى زميله في التنظيم.. بينما ينظر الآخرين بعين الشك وعدم الأطمئنان.


    * والتنظيمات الإسلامية تضم كلا النوعين.. ففي الوقت الذي تتشدد فيه الجماعة الإسلامية في باكستان بشروط العضوية, ولا تقبل في صفوفها إلا النخبة كأعضاء عاملين.. تتساهل حركة الإخوان المسلمين في هذه الشروط ولكلا الطريقتين مزاياهما.. وعيوبهما

    .


    10_ بين الدين والسياسة:والدعوة إلى فصل الدين عن السياسة قديمة.. غير أنها استقرت عرفا سياسيا في القرن الماضي والقرن الحالي.. والدعوة في أصلها غربية كنسية ينسبونها إلى قول السيد المسيح: دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله. وهذا النوع من الفهم لا يعرفه الإسلام ولا يقره. والإسلام دين يتناول جميع مظاهر الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما فيها الجهاد والعبادات والعقائد.. ولا يعرف مثل هذه التقسيمات.. والدول الغربية التي تآمرت على المسلمين.. وأسقطت دولة الخلافة, واحتلت بلاد المسلمين, فرضت عليهم أوضاعا ثقافية وسياسية وقانونية لا يقرها الإسلام ولا تخدم غير أغراض المستعمر.. ومنها هذه الفرية "فصل الدين عن السياسة".. وللأسف الشديد فإننا نجد بعض التنظيمات الإسلامية تسير في الاتجاه نفسه, وتزعم لنفسها مسارا بعيدا عن السياسة.. ونستطيع أن نقول: إن الغاية الرئيسية للتنظيمات الإسلامية هي إقامة الحكومة المسلمة وتطبيق الشريعة الإسلامية.. وكل ابتعاد عن هذه الهدف يعتبر انحرافا عن الإسلام. والدعوة الإسلامية الأولى لم تحاربها قريش من أجل توحيد الآلهة بإله واحد.. إنما حاربتها لأنها أرادت أن تقيم سلطان الله مكان سلطان قريش!
    11-بين السرية والعلنية: وهذه قضية أخرى خطيرة جدا, تعانى منها التنظيمات السياسية بعامة والتنظيمات الإسلامية بخاصة.. جميع الحركات الإسلامية بدأت علنية تدعو إلى الناس أن يمارسوا حقهم المشروع في عملية التغيير بالوسائل السلمية, فقد ضمنت القوانين وحقوق الإنسان حريته في القول والكتابة والتجمع. ولكن الإرهاب بكل أنواعه مورس بحق الإسلاميين جعلهم يحولون عملهم الدعوي إلى تحت الأرض.
    والأمر الطبيعي أن ينظر الإسلاميون إلى السرية على أنها طارئة. يعملون على تخطيها والعودة إلى العلنية الطبيعية.. ولكن بعض التنضيمات استمرأت الأمر, وخلطت بين الدعوة والتنظيم, وبدأت تدخل بالدعوة دهاليز السرية.. وفي الدهاليز تتم المؤامرات وتنحرف الدعوات, باسم السرية تقتل الفضيلة وتشيع الرذيلة, ويحكم على العول ويبرأ المجرمون, ويرتفع الأراذل ويذل الأفاضل.
    يكفى في أجواء السرية هذه أن تلقى الكلمة.. وتحاط بأجواء خاصة.. لتصبح حقيقة غير قابلة للنقص.. تماما مثل تعاويذ الكهان! فلا قائدها يقدم البرهان.. ولا السادة السامعون يطالبون بالدليل.. وكيف يحق لهم ذلك والأمر في غاية السرية.. باسم هذه السرية وببركاتها قامت أعمق الخلافات التي لا تحل! وأسوأ المعارك التي لا سبب لها! إن هذه السرية.. هي غير سرية الدعوة في مكة التي نظم فيها الصف الإسلامي صفوفه, وهيأ نفسه للمعركة الطويلة مع الشرك.. استوعب خلالها المسلمون معنى الإسلام ومعنى الدعوة حتى لا يقع أي تناقض في دعوتهم.. أو بين دعوتهم وسلوكهم.
    12- معنى القيادة: لابد لكل جماعة من رئيس, تلك حقيقة قررتها الشريعة وأمرت بها,ويؤيدها الواقع ويدركها العقل السليم, وفي الحديث الشريف: "لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم" ويقول الإمام ابن التيمية تعليقاعلى هذا الحديث: "فأوجب (ص) تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر, تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بالقوة والإمارة".
    وتقوم القيادة:
    * بإدارة الجماعة.
    * ووضع الخطط لها.
    * وتحديد الأهداف المرحلية والنهائية.
    * ووضع الوسائل المناسبة لهذه الأهداف.
    * وتنفيذ الخطة.
    * وتشكيل الأجهزة التي تشرف على متابعة التنفيذ.
    فإذا تصورنا أن جميع هذه المهام تقع على عاتق القيادة الحركية في التنظيمات الإسلامية.. فمعنى ذلك أن القيادة يجب أن تكون على درجة عالية من الكفاءة, ليس في الجوانب الشرعية التي يكتفى بها البعض بل وفي مختلف جوانب المعرفة.
    فعلى الإدارة مثلا أن تعرف الكثير عن علوم الإدارة:
    * كيف تختار العناصر المناسبة.
    * كيف تعدهم, وترفع باستمرار مستوى أدائهم, وتحسن توجيههم حسب قدراتهم.
    * كيف تنظمهم.
    * كيف يمكن الأستفادة منهم وتحقيق أهدافها من خلالهم.
    ومن واجبات القيادة:
    * أن تضع الرجل المناسب في مكان المناسب.
    * وأن تمنح الثقة وتعطى الصلاحيات وتحاسب على الإنتاج فالقدرات تبنى بالمسئوليات.
    * وأن تتابع العمل ولا تكتفى بالتقارير.
    * القيادة الإسلامية لابد أن تكون على درحة عالية من الكفاءة والثقافة الإسلامية والعلوم العصرية المتنوعة..
    * وعلى القائد الإسلامي أن يكون حارسا للمباديء أمينا على المفاهيم والتصورات التي يدعو بها.
    * وعلى القائد الإسلامي أن يكون قدوة صالحة, راجح العقل, شجاعا, حليما, عفوا, رفيقا, متثبتا, وفيا للعهد, صادقا, ذكيا, حاضر البديهة, سليم الصدر, لا يقبل العاية ةالنميمة.
    * وعلى القائد الإسلامي أن يتخذ البطانة الصالحة.
    * وعليه قبل كل شيء أن يتأكد من تطبيق الشورى في جميع مواقع اتخاذ القرار.
    * والقائد مسئول عن عمله, يحاسب إن قصر أو خطأ.
    13- البيعة: في حالات الكثيرة يكون الخطط بين قائد الجماعة المسلمة أيا كان اسمها.. وبين الخلافة أو قيادة الدولة الإسلامية. وإذا كان خروج المسلم على الدولة الإسلامية التي تحكم بشرع الله يعتبر كبيرة من الكبائر.. فإن الأمر في حالة الجماعة الإسلامية ليس كذلك.. ولقد بالغ بعض الكتاب الإسلاميين عندما عرفوا البيعة بأنها عهد على الطاعة, كأن يعاهد الرجل أميره على أن يسلم له النظر في نفسه وأمور المسلمين, لا ينازعه في شيء من ذلك, ويعطيه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره.
    14- أركان البيعة: وفي رسالة التعاليم ذكر الإمام حسن البنا (رحمه الله) أركان البيعة فقال إنها عشرة: الفهم, الإخلاص, العمل, الجهاد, التضحية, الطاعة, الثبات, التجرد, الأخوة, الثقة.
    وهذا يعني أن الفرد في الحركة الإسلامية يبايع القائد على هذه الأركان.


    ملاحظ: لا تجوز البيعة لغيرولي أمر المسلمين أضغط هنا:
    (صيغة البيعة وحكم البيعة للفوزان )


    15- الشورى والعدالة: والشورى هي أساس العلائق بين المسلمين. والعدل هو شرط لإقامة علاقة صحيحة بين القائد والأتباع. والشورى كما أنها اساس قانوني تقوم عليها العلاقات في كل تجمع إسلامي صغر أو كبر, كذلك فهي خلق إسلامي وصفة لازمة للمؤمنين المصدقين المستجيبين لله. قال تعالى: {والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم وممّا رزقناهم ينفقون} [الشورى: 38].
    والشورى واجب على الحاكم والمحكوم, ونتائجها تلزم القائم بالأمر, ولا شورى بدون معلومات يقدمها المسئول للآخرين, والخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. أما حجب الشورى.. فكما أنها سبب رئيس لانحدار الأمة فهي سبب كاف لعزل القائد أو الخليفة.
    أما العدل الذي ينادى به الإسلام فهو عدل مطلق يساوى بين الناس, قال تعالى: {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} [النساء:58].
    16- الطاعة: وللقائد المسلم مقابل أدائه لواجباته, وقيامه بحقوق الآخرين, السمع والطاعة بالمعروف. فمن غير المعقول أن يكون القائد قائما بما عليه لله وللأمة, ثم لايكون مسموع الكلمة ولا مطاعا, والطاعة بالمعروف قضية ضرورية في كل المجالات.
    17- التربية والتعليم: ذكرنا في بحثنا السابق "الأمر بالنعروف والنهى عن المنكر"ما يلى:
    الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يجمع _في الأصل_ بين عملين:
    * عمل الدعوة.وعمل التربية والتنظيم.
    ويتم هذان العملان بترتيب طبيعي. فيدعوا المسلم الناس أولا إلى دين الإسلام,ثم يعنى بتربية الذين يؤمنون به وتنظيمهم. وعلى هذه التربية وهذا التنظيم يتوقف نجاح الدعوة أو إخفاقها. فإذا كان التنظيم محكما موطدا, والتربية سليمة قوية, أفلحت الدعوة, وإلا كان الفشل مصيرها المحتوم. ولذلك كان بين الدعوة والإرشاد, وبين التنظيم والتربية صلة قوية وارتباط وثيق. فلا توجد التربية والتنظيم بدون الدعوة, كما أن من المستحيل بلوغ الدعوة إلى غايتها المنشودة من غير تربية وتنظيم. ومعنى ذلك أن قضية التربية والتعليم هي جزء المكمل للدعوة والإرشاد وهما قضيتان في موضوع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. والتربية والتعليم ضروريان لذلك الإنسان الذي استجاب للدعوة وشرح الله صدره للإسلام, فلا يصح أن يترك لفهمه القديم ولانحرافه السابق, فقد ثبت في السنة المطهرة, أنه عندما أسلم عمير بن وهب, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "
    فقهوا أخاكم في دينه, وأقرئوه القرآن".



    الفصل العشرون
    ينفق من ماله
    عن أبى هريرة _رضى الله عنه_ قال: قال رسول الله (ص): "ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وملكان ينزلان, فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا. ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا".
    تناول هذا الحيث الصحيح قاعدة هامة من قواعد الحياة الإسلامية والنظام الإسلامي.. فالمجتمع الإسلامي, مجتمع متماسك ومتوازن في جوانبه الروحية والمادية, وفي جوانبه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فلم يركز الإسلام على جانب دون آخر, بل عالج جميع القضايا الإنسانية التي يتعرض لها الكائن البشري معالجات تنسجم مع فطرته, يعالجها من هنا ويقومها من هنال حتى تستجيب للتوجيه الصحيح الذي فيه خير الإنسان والمجتمع.في مجتمعات أخرى غير الإسلام سابقة أو لاحقة, وجدت قيم شاذة مسخت الإنسان وقزمت فطرته.. وفي مجتمعات أخرى تتسمى بالإسلام اسما ولكنها لا تطبقه بالفعل يشقى فيها الإنسان كذلك, لأنها مثل الأولى لم تطبق على الإنسان توجهات الفطرة التي جاء بها الإسلام ووازن بها حياة الإنسان من كافة الجوانب.
    الفصل الحادي والعشرون
    إداري ناجح
    وعلى الداعية المسلم أن يكون إداريا ناجحا.. فالإدارة من العلوم الحديثة التي استفادت منها الدول الفربية (خاصة) واستطاعت بها أن ترتقى في البناء في مجالات كثيرة وأن تصون في الوقت نفسه هذا البناء. من مقتضيات الإدارة الناجحة أن تضع الرجل المناسب في المكان المناسب, وأن تمنح الثقة وتعطى الصلاحيات وتحاسب على الإنتاج.فالقدرات بالمسئوليات.. وبدون المسئولية تضعف الكفاءات وتتقزم. ومن مقتضيات الإدارة الناجحة المتابعة والاستفادة, فلا يجوز أن تبنى الأجهزة لمجرد الرغبة في وجودها, ولكن لأن الحركة تحتاجها وتنتظر قراراتها وشتان بين حركة تعمل بالأجهزة.. وبين أجهزة تشكل ولا تتابع ولا يستفاد منها.
    1- تنظيم الوقت:
    إن التزام الوقت, وتقدير قيمة الزمن من عناصر تقدم الأمم أو تخلفها, فإذا رأيت أمة كسولة يتسكع شبابها وشيوخها في الطرقات, أو في المقاهى, ليلهم كنهارهم, صبحهم كمسائهم.. لا يعرفون لهم غاية أو هدفا.. إذا رأيت مثل هذه الأمة فاعلم أنها أمة ميتة لا تعيش.
    الزمن يمضي ولا يعود.. وهو ما عبر عنه حسن البصرى_رضي الله عنه_ بقوله: "ما من يوم ينشق فجره إلا وينادى: يا ابن آدم, أنا خلق جديد, وعلى عملك شهيد, فتزود مني فإني إذا مضيت لا إعود إلى يوم القيامة". إذا كان الأمر كذلك, وللوقت كل هذه الأهمية, فعلى الداعية المسلم أن يعيد حساباته ويحدد أولوياته ويجعل تنظيم الوقت من أهم العناصر في حياته العملية.
    2- التخطيط:
    والتخطيط هو تحديد الأهداف في عمل معين, وتحديد الوسائل اللازمة لتحقيق هذه الأهداف, بأكبر كفاءة وأقل تضحية.. فالتخطيط هو الوسيلة التي تنقلك من خطوة إلى خطوة بعدها ومن مرحلة إلى مرحلة متقدمة بالأسلوب الذي يختاره المخطط الذي يتناسب مع طاقاته وقدراته.
    أخي المسلم الداعية:
    عليك ان تكون إداريا ناجحا, فخلال المائة العام الأخيرة تطورت النظرية الإدارية إلى حد كبير وذلك في إطار المناخ المحيط بها, نظرا لتطور النظم السياسية والاقتصادية, وللطفرة الهائلة التي حدثت في مجال العلم والتقدم التكنولوجي, وطرق المواصلات والاتصالات, واستخدام الحاسب الآلي في معظم مجالات العمل الإداري, وفي بداية القرن العشرين ظهرت الأفكار الإدارية التي تهدف إلى الحصول على أقصى إنتاجية ممكنة بأقل تكاليف ممكنة, وفي هذا الشأن ظهر التركيز الشديد على وظائف الإدارة المتمثلة, في التخطيط والتنظيم والتنسيق والتوجيه والقيادة والرقابة على عمليات مختلفة في مشروعات الأعمال وظهرت المدرسة الإدارية التي تعتمد على التجارب العلمية في تحقيق واجباتها المختلفة.
    أصبحت الإدارة علما لا يستغنى عنه أحد.. وصارت القرارات تستند على التجارب العلمية لا الحس أو التخمين أو الخبرات السابقة.



    وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

    **********************
    [FRAME="1 70"]

    اللهم اغفرلناولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات الاحياء والاموات

    ونسألك موجبات رحمتك
    وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم
    والغنيمة من كل بروالفوز بالجنة
    والنجاة من النار
    ونعوذبك من جهد البلاء
    ودرك الشقاء وسوء القضاء
    وشماتة الاعداء
    كن مفتاحا للخير
    ومغلاقا للشر
    قل خيراأوأصمت


    [/FRAME]
     
  3. الصورة الرمزية البركات

    البركات تقول:

    Talking رد : الموسوعة الشاملة: عن صفات الداعية الناجح وصفات الداعية الدرجة الثالثة

    كيف تكون البيعة ؟ ماصيغتها ؟ أمور مهمة عن البيعة

    * هل يجب على كل مسلم أن يبايع شخصاً بيده كما فعل الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ؟. الجواب: الحمد لله


    البيعة لا تكون إلا لولي أمر المسلمين . يبايعه أهل الحل والعقد ، وهم العلماء والفضلاء ووجوه الناس ، فإذا بايعوه ثبتت ولايته ، ولا يجب على عامة الناس أن يبايعوه بأنفسهم ، وإنما الواجب عليهم أن يلتزموا طاعته في غير معصية الله تعالى .
    قَالَ الْمَازِرِيّ : يَكْفِي فِي بَيْعَةِ الإِمَامِ أَنْ يَقَع مِنْ أَهْل الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَلا يَجِب الاسْتِيعَاب , وَلا يَلْزَم كُلّ أَحَدٍ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَهُ وَيَضَع يَدَهُ فِي يَدِهِ , بَلْ يَكْفِي اِلْتِزَامُ طَاعَتِهِ وَالانْقِيَادُ لَهُ بِأَنْ لا يُخَالِفَهُ وَلا يَشُقَّ الْعَصَا عَلَيْهِ اهـ نقلاً من فتح الباري .
    وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم :
    أَمَّا الْبَيْعَة : فَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَط لِصِحَّتِهَا مُبَايَعَة كُلّ النَّاس , وَلا كُلّ أَهْل الْحَلّ وَالْعِقْد , وَإِنَّمَا يُشْتَرَط مُبَايَعَة مَنْ تَيَسَّرَ إِجْمَاعهمْ مِنْ الْعُلَمَاء وَالرُّؤَسَاء وَوُجُوه النَّاس , . . . وَلا يَجِب عَلَى كُلّ وَاحِد أَنْ يَأْتِيَ إِلَى الأَمَام فَيَضَع يَده فِي يَده وَيُبَايِعهُ , وَإِنَّمَا يَلْزَمهُ الانْقِيَادُ لَهُ , وَأَلا يُظْهِر خِلافًا , وَلا يَشُقّ الْعَصَا اهـ
    وما ورد من الأحاديث في السنة فيه ذكر البيعة فالمراد بيعة الإمام ، كقوله صلى الله عليه وسلم : " ومن مات وليس في عنقه بيعة مات مِيتة جاهلية " رواه مسلم (1851).
    وقوله صلى الله عليه وسلم : " ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر" رواه مسلم (1844).
    وقوله صلى الله عليه وسلم :إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما رواه مسلم 1853).
    فهذا كله في بيعة الإمام ولا شك.
    قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله في جواب عن بيعة الجماعات المتعددة:( البيعة لا تكون إلا لولي أمر المسلمين وهذه البيعات المتعددة مبتدعة وهي من إفرازات الاختلافوالواجب على المسلمين الذين هم في بلد واحد وفي مملكة واحدة أن تكون بيعتهم واحدة لإمام واحد ولا يجوز المبايعات المتعددة)المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان 1/367
    وأما ما يتعلق بصفة البيعة للإمام فإنها تكون في حق الرجال بالقول وبالفعل الذي هو المصافحة .
    وتقتصر في حق النساء على القول وهذا ثابت في أحاديث مبايعة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
    ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها : " لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ، غير أنه يبايعهن بالكلام" ( رواه البخاري 5288 ومسلم 1866).
    قال النووي رحمه الله في شرحه : ( فيه أن بيعة النساء بالكلام من غير أخذ كف . وفيه أن بيعة الرجال بأخذ الكف مع الكلام ) انتهى. والله أعلم .
    الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)


    بعد انتقال الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى الرفيق الأعلى، تمت البيعة لخليفة المسلمين، وكانت على الكتاب والسنة، وعلى السمع والطاعة للخليفة أو أمير المؤمنين، والالتزام بكتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) كشريعة للجماعة يتم التصدي لمن يخرج عليها (كما في حروب الردة)،
    والبيعة عقد يترتب عليه التزامات على الطرفين (أولي الأمر والرعية) بالكتاب والسنة، فيحرم نقضها – ديانة - إلا بحقها، ولها أهمية مركزية في النظام السياسي؛ لذا جاء الحديث النبوي بأنه من مات بغيرها مات ميتة "جاهلية"، ولا يجوز إعطاؤها لأكثر من واحد، وإذا نازعه فيها أحد بعد بيعته، يجب الذود عنه، وقتال المنازع كائنا من كان؛ حفاظاً على حق الأمة التي اختارته، والنظام العام. (وقد ورد في الحديث أنه إذا بويع الخليفة فاقتلوا الآخر منهما)
    المصدر : موضوع التباسات البيعة بين السلطة والتنظيمات! .. سعيد حسن

    البيعة اصطلاحا: هي إعطاء العهد من المبايع على السمع والطاعة للإمام في غير معصية، في المنشط والمكره والعسر واليسر وعدم منازعته الأمر وتفويض الأمور إليه، وقد قال ابن خلدون في مقدمته: "اعلم أن البيعة هي العهد على الطاعة، كأن المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمور نفسه وأمور المسلمين، لا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره،وكانوا إذا بايعواالأمير وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيدا للعهد، فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري،فسمي بيعة مصدر باع،وصارت البيعة مصافحة بالأيدي هذا مدلولها في عرف اللغة ومعهود الشرع وهو المراد في الحديث في بيعة النبي -صلى الله عليه وسلم-ليلة العقبة وعند الشجرة.
    مستويات البيعة
    تنقسم إجراءات البيعة إلى مستويين متتابعين متلازمين:
    1- بيعة الانعقاد: وبموجبها ينعقد للشخص المبايع السلطان ويكون له بها الولاية الكبرى دون غيره حسما للخلاف حول من يتولى أمر المسلمين، وهذه البيعة هي التي يقوم بها أهل الحل والعقد، ودلائل هذه البيعة واضحة تماما في انعقاد البيعة للخلفاء الراشدين -رضي الله عنهم أجمعين- فقد كان أهل الاختيار يقومون باختيار الإمام ثم يبايعونه بيعة انعقاد أولية.
    2- البيعة العامة أو بيعة الطاعة: وهي بيعة شعبية عامة للكافة من الأمة، أي بيعة سائر المسلمين للخليفة، وهذا ما تم بالنسبة للخلفاء الراشدين جميعا، فأبو بكر الصديق -رضي الله عنه- بعد أن بايعه أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة، دُعِي المسلمون للبيعة العامة في المسجد، فصعد المنبر بعد أن أخبرهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- باختيارهم له، ومبايعتهم إياه، وأمرهم بمبايعته فبايعه المسلمون، وما حدث مع أبي بكر الصديق حدث مع كل الخلفاء الراشدين، وهي البيعة التي تمت تاريخيا في عاصمةالدولةومركز الحكم ثم كان يطلب من كل وال من ولاة الأمصار أخذها للخليفة.
    صور البيعة
    للمتتبع في التاريخ الإسلامي من لدن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى بداية هذا القرن الميلادي حينما ألغيت الخلافة أن يدرك أن للبيعة عدة صور منها:
    1- المصافحة والكلام: وهذه هي الصورة الغالبة في المرات التي بايع فيها الناس النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن ذلك بيعة الرضوان الشهيرة، والتي قال الله تعالى فيها: "إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ".
    2- الكلام فقط: وهذه تكون عادة في مبايعة النساء، ومن به عاهة لا تمكنه من المصافحة كالمجذوم الذي قال له الرسول صلى الله عليه وسلم:ارجع فقد بايعتك "رواه النسائي ومسلم.
    3- الكتابة: وأفضل مثال على هذه المبايعة ما كتبه النجاشي إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال: "بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من النجاشي، سلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته من الله الذي لا إله إلا هو الذي هداني للإسلام، أما بعد: فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى"إلى أن قال: "وقد بايعتك، وبايعت ابن عمك، وأصحابك، وأسلمت على يديه لله رب العالمين".


    شروط صحة البيعة
    حاول الفقهاء أن يضعوا شروطا لصحة عقد البيعة استنبطوها من الأدلة الصحيحة لديهم، وانحصر فقههم حول واقع البيعة في العصور المختلفة؛ فكانوا يقصدون بها بيعة الإمام على السمع والطاعة، وهذه الشروط هي:
    1- أن تجتمع في المأخوذ له البيعة شروط الإمامة، فلا تنعقد البيعة في حالة فقد واحد منها إلا مع الشوكة والغلبة، وهنا يكون الحديث عن بيعة المتغلب.
    2- أن يكون المتولي لعقد البيعة (بيعة الانعقاد) أهل الحل والعقد قبل البيعة العامة؛ فلا عبرة لبيعة العامة إن لم يبايع أهل الحل والعقد، ففي تقديرهم ضمان التوازنات والتحالفات داخل النخبة السياسية شرط لاستقرار الأمر وعدم نقض البيعة والتنازع بعد البيعة، أي تأسيس البيعة على "شرعية واضحة" كما يقولون، وإن افترض هذا الرأي للحق الوعي بضرورة تمثيل أهل الحل والعقد للعامة،أوأن مخالفة العامة لرأي أهل الحل والعقد يعني أن النخبة عليها آنذاك تغيير توجهاتها وليس المصادرة على تحولات واختيارات الشعب.
    3- أن يجيب المبايَع إلى البيعة، فلو امتنع لم تنعقد إمامته، ولم يجبر عليها إلا أن يكون لا يصلح أحد للإمامة إلا هو؛ فيجبر عليها بلا خلاف (حكي ذلك النووي).
    4- أن تكون البيعة على كتاب الله، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- قولا، وعملا، وعلى أن تكون الطاعة ما دامت في الله، وفي غير معصية؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
    5- ألا تعقد البيعة لأكثر من واحد؛ لأنه إذا ادعى أحد الخلافة مع وجود الخليفة وجب قتل الآخر، كما روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صحيح مسلم أنه قال: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما"؛ أي التالي المنازع لمن تمت له البيعة بالفعل؛ لأن في هذا شقًّا لصف الجماعة وإثارة للفتنة .
    6- الحرية الكاملة للمبايع في البيعة كما فعل الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- في بيعة الخلفاء الراشدين، ولأن البيعة عقد مراضاة واختيار لا سبيل فيها إلى الإجبار والإكراه.
    7- الإشهاد على المبايعة: وهذا شرط شرطه بعض العلماء لكي لا يدعي أحد أن الإمامة عقدت له سرا فيؤدي ذلك إلى الشقاق والفتنة، وهو ما يتم في العصر الحالي عبر النقل المباشر لسير العمليات الانتخابية إعلاميا، والإعلان عن سيرها بشفافية والرقابة الشعبية والقانونية التي ذكرناها آنفا، وإذا كان بعض العلماء قد قالوا: إنه لا يجب الإشهاد لأنه لا دليل على ذلك، نقول:إن هذا في ظل الواقع الحديث أصبح من الواجب لتكرار التزوير وتغيير إرادة الشعب في النظم الاستبدادية،وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب،وهناك أدلة من فعل الصحابة في الإعلان والإشهاد على البيعة إبان الخلافة الراشدة تغنينا عن التوقف في هذا الموضوع.

    وأخيرا إجابة عن سؤال: من يأخذ البيعة؟ فإن الذي يأخذ البيعة من المسلمين هو الإمام في عاصمة الخلافة الإسلامية، وفي الأمصار المختلفة؛ فقد يأخذها الإمام أو من ينيبه عنه من العمال، فقد أخذ الرسول -صلى الله عليه وسلم- البيعة لنفسه، وأناب عنه عمر بن الخطاب في بيعة النساء، وأخذ الخلفاء الراشدون لأنفسهم البيعة في المدينة، وأخذها عمالهم في الأمصار لهم .
    حكم نكث البيعة
    فرض الشرع على المسلم الوفاء بالعهد، سواء كان ذلك بين المسلمين بعضهم وبعض، أم مع غير المسلم من أهل الكتاب، بل وكذلك مع الكافر إذا استقام. فقد قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ"، وقال تعالى: "وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً"، وقال "فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَوالبيعة بما أنها عقد وعهد بين المسلمين وخليفتهم فإنها داخلة في هذه الآيات، وباختلاف أنواع البيعة يختلف أيضا حكم نكثها من جهة الطرف الذي نكث هل هو الحاكم، أم المحكوم، ومن جهة نوع البيعة التي نكثت:
    1- فحكم من نكث البيعة على الإسلام الكفر، والارتداد باتفاق العلماء، وإن اختلفوا في عقوبته بحسب حاله وحال الأمة.
    2- وحكم من نكث البيعة على النصرة أو الجهاد أو السمع والطاعة دون أن يصدر عنه ما ينافي أصل الإيمان فهو عاص مرتكب لكبيرة من الكبائر؛ لأنها نقض عهد، وقد توعد الله من نقض العهد، ولكنها تختلف حرمتها باختلاف موضوعها فأشدها حرمة نكث بيعة الإمام الشرعي على السمع والطاعة في غير معصية دون مبرر شرعي، وأما البيعة على النصرة والجهاد فهي تأتي في ظروف استثنائية؛ فلذلك نكثها أخف من نكث بيعة الإمام التي وردت فيها أحاديث كثيرة تحرم نكثها أشهرها ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من بايع إماما فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع" (رواه مسلم)، كما أن في عدم الوفاء ببيعة الجهاد خيانة للأمة سواء أكان بعدم الخروج للجهاد إذا دعا داعي الجهاد، أم كان توليا يوم الزحف.
    3- أما بيعة الهجرة فقد انقطعت بانقطاع الهجرة بعد فتح مكة الكبير، وهذا لا ينفي رأي الفقهاء بوجوب الهجرة من بلاد الكفار إلى بلاد المسلمين لكن دون بيعة، ولكن هناك جهاد ونية، وإن اختلف الحال بعد أن صار للمسلمين تواجد في الغرب وكفلت لهم حريات المواطنة وبقي عليهم السعي لأداء الواجبات وضمان الحقوق







    ملخص من موضوع.. البيعة: شرعية الشورى وتمكين الأمة لمحمد زيدان المصدر : اسلام أون لاين

    مجموع فتاوى ومقالات_الجزء الثامن لابن باز
    س8 : هل من مقتضى البيعة - حفظك الله - الدعاء لولي الأمر؟
    ج8 : من مقتضى البيعة النصح لولي الأمر ، ومن النصح : الدعاء له بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل وصلاح البطانة؛ لأن من أسباب صلاح الوالي ومن أسباب توفيق الله له أن يكون له وزير صدق يعينه على الخيرويذكره إذا نسي ويعينه إذا ذكر هذه من أسباب توفيق الله له .
    فالواجب على الرعية وعلى أعيان الرعية التعاون مع ولي الأمر في الإصلاح وإماتة الشر والقضاء عليه ، وإقامة الخير بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والتوجيهات السديدة التي يرجى من ورائها الخير دون الشر ، وكل عمل يترتب عليه شر أكثر من المصلحة لا يجوز؛ لأن المقصود من الولايات كلها : تحقيق المصالح الشرعية ، ودرء المفاسد ، فأي عمل يعمله الإنسان يريد به الخيرويترتب عليه ما هو أشر مما أراد إزالته وما هو منكر لا يجوز له . وقد أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذا المعنى إيضاحا كاملا في كتاب " الحسبة " فليراجع؛ لعظم الفائدة .
    مجموع فتاوى ومقالات_الجزء التاسع لابن باز
    بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة [ أوضح سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية حقوق ولاة الأمور ، ووجوب طاعتهم في غير معصية الله تعالى مستشهدا بما جاء في ذلك من الآيات والأحاديث النبوية وأشار سماحته إلى أصول الدعوة الإسلامية في الدولة السعودية محذرا من الدعوات الباطلة والضالة واصفا أصحابها بأنهم دعاة شر عظيم وجاء ذلك خلال ندوة عقدت بالجامع الكبير بالرياض مساء الخميس ليلة الجمعة 1 / 5 / 1417 هـ تحت عنوان : " بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة بالأدلة من الكتاب والسنة وبيان ما يترتب على الإخلال بذلك " حيث قال : ]
    الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله وخليله وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ، ومن سلك سبيله ، واهتدى بهداه إلى يوم الدين ، أما بعد : فلا ريب أن الله جل وعلا أمر بطاعة ولاة الأمر والتعاون معهم على البر والتقوى ، والتواصي بالحق والصبر عليه ، فقال جل وعلا : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا
    هذا هو الطريق ؛ طريق السعادة ، وطريق الهداية ، وهو طاعة الله ورسوله في كل شيء ، وطاعة ولاة الأمور في المعروف من طاعة الله ورسوله ، ولهذا قال جل وعلا : أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فطاعة ولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله ، فإن أولي الأمر هم الأمراء والعلماء ، والواجب طاعتهم في المعروف ، أما إذا أمروا بمعصية الله سواء كان أميرا أو ملكا أو عالما ، أو رئيس جمهورية ، أو غير ذلك ، فلا طاعة له في ذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما الطاعة في المعروف والله يقول : وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام ، ويقول الله عز وجل : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ فالله أمر بالتقوى ، والسمع ، والطاعة ، يعني : في المعروف ، لذا فإن النصوص يشرح بعضها بعضا ، ويدل بعضها على بعض فالواجب على جميع المكلفين التعاون مع ولاة الأمور في الخير ، والطاعة في المعروف ، وحفظ الألسنة عن أسباب الفساد ، والشر ، والفرقة ، والانحلال ، ولهذا يقول الله جل وعلا : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ أي : ردوا الحكم في ذلك إلى كتاب الله ، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم في اتباع الحق والتلاقي على الخير والتحذير من الشر ، هذا هو طريق أهل الهدى ، وهذا هو طريق المؤمنين .
    كلمة لسماحته ألقاها في الجامع الكبير بالرياض في 1/5/1417هـ ونشرت في جريدة المسلمون يوم الجمعة 8/5/1417هـ في عددها الصادر برقم : 607

    مجموع فتاوى ومقالات_الجزء السابع
    س 1 : ما المراد بطاعة ولاة الأمر في الآية هل هم العلماء أم الحكام ولو كانوا ظالمين لأنفسهم ولشعوبهم؟
    ج 1 : يقول الله عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا وأولو الأمر هم العلماء والأمراء أمراء المسلمين وعلماؤهم يطاعون في طاعة الله إذا أمروا بطاعة . الله وليس في معصية الله .
    فالعلماء والأمراء يطاعون في المعروف . لأن بهذا تستقيم الأحوال ويحصل الأمن وتنفذ الأوامر وينصف المظلوم ويردع الظالم . أما إذا لم يطاعوا فسدت الأمور وأكل القوي الضعيف- فالواجب أن يطاعوا في طاعة الله في المعروف سواء كانوا أمراء أو علماء- العالم يبين حكم الله والأمير ينفذ حكم الله هذا هو الصواب في أولي الأمر ، هم العلماء بالله وبشرعه وهم أمراء المسلمين عليهم أن ينفذوا أمر الله وعلى الرعية أن تسمع لعلمائها في الحق وأن تسمع لأمرائها في المعروف- أما إذا أمروا بمعصية سواء كان الآمر أميرا أو عالما فإنهم لا يطاعون في ذلك ، إذا قال لك أمير اشرب الخمر فلا تشربها أو إذا قال لك كل الربا فلا تأكله ، وهكذا مع العالم إذا أمرك بمعصية الله فلا تطعه ، والتقي لا يأمر بذلك لكن قد يأمر بذلك العالم الفاسق . والمقصود أنه إذا أمرك العالم أو الأمر بشيء من معاصي الله فلا تطعه في معاصي الله إنما الطاعة في المعروف كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق لكن لا يجوز الخروج على الأئمة وإن عصوا بل يجب السمع والطاعة في المعروف مع المناصحة ولا تنزعن يدا من طاعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : على المرء السمع والطاعة في المنشط والمكره وفيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية الله فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة ويقول عليه الصلاة والسلام : من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة فإنه من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية وقال عليه الصلاة والسلام : من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم وأن يشق عصاكم فاقتلوه كائنا من كان والمقصود أن الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور من الأمراء والعلماء- وبهذا تنتظم الأمور وتصلح الأحوال ويأمن الناس وينصف المظلوم ويردع الظالم وتأمن السبل ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا إلا إذا وجد منهم كفر بواح عند الخارجين عليه من الله برهان ويستطيعون بخروجهم أن ينفعوا المسلمين وأن يزيلوا الظلم وأن يقيموا دولة صالحة . أما إذا كانوا لا يستطيعون فليس لهم الخروج ولو رأوا كفرا بواحا . لأن خروجهم يضر الناس ويفسد الأمة ويوجب الفتنة والقتل بغير الحق- ولكن إذا كانت عندهم القدرة والقوة على أن يزيلوا هذا الوالي الكافر فليزيلوه وليضعوا مكانه واليا صالحا ينفذ أمر الله فعليهم ذلك إذا وجدوا كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان وعندهم قدرة على نصر الحق وإيجاد البديل الصالح وتنفيذ الحق .

    البيعة عقد وفاؤه عهد !!
    نبذة مفيدة عن حقوق ولاة الأمر
    صيغة البيعة وحكم البيعة للفوزان

    **********************
    أهمِّيَّة الدَّعوة وصفات الدَّاعية
    للدكتور محمد بيلو أحمد أبو بكر


    إن الدعوة إلى الله من أجل الأعمال التي يقوم بها المسلم، لخدمة الإنسانية وطاعة رب العالمين، ندرك ذلك إذا علمنا من هو الداعية الأول:
    إن أول من دعا إلى الله هو حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً} الأحزاب الآية رقم 45، 46، وقال تعالى: {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدىً مُسْتَقِيمٍ} (الحج الآية 67) وقال تعالى: {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (القصص الآية 87).
    والدعوة إلى الله تعالى وظيفة الرسل جميعا ومن أجلها بعثهم الله إلى الناس لبيان الطريق الصحيح للإيمان بالله وإفراده بالعبادة، وتوجيه الخطاب إلى سيد المرسلين لا يعني أن الدعوة مقصورة عليه صلى الله عليه وسلم وحده، فالأصل أن يشمل الخطاب الناس جميعا ما لم يكن هناك استثناء، ولم يوجد الاستثناء هنا، وبهذا يكون التشريف بالدعوة إلى الله شاملا لأمته صلى الله عليه وسلم، والدليل القاطع على ذلك هو قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ...} الآية (آل عمران 110)
    بل إن الدعوة إلى الله تعالى من صفات المؤمنين التي تميزهم من المنافقين. اقرأ قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} التوبة رقم71. وهذا على خلاف المنافقين الموصوفين بقوله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} التوبة الآية رقم67. إذن الفاصل بين الطرفين هو الدعوة إلى الله تعالى، والدعوة إلى غير الله.
    من هنا نعرف من الداعية، هو كل من اتبع طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم من مسلم ومسلمة، فالدعوة لا يختص بها العلماء أو رجل الدين كما يقولون فإن هؤلاء يمتازون بمعرفة تفاصيل الدين وأحكامه، اقرأ معي لبيان ذلك قوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} الآية رقم 108 يوسف.
    فاتباعنا له صلى الله عليه وسلم يجعلنا دعاة إلى الله جميعا. وإليك ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم:" فليبلغ العلم الشاهد الغائب". والشاهد هو من علم من أمر الإسلام شيئا.
    إذن لا تترك الشيطان يوهمك بأنك لست داعيا إلى الله؛ لأنك لست من رجال الدين أو العلماء، أو بالقول إن هذا واجب كفائي علق في رقاب العلماء. فعليك أن تدقق النظر في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ...} الآية فالآية شاملة لم تقل بعضكم يأمر بالمعروف. فالطريق واسع شامل للجميع. اقرأ قوله صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا..." الحديث. و(من) يندرج تحتها كل من يعلم أن هذا الأمر منكر، ومن ثم يلزمه تغييره بقدر طاقته وبقدر ما لديه من العلم.
    هنا يا أخي نتساءل لماذا لزمتنا الدعوة على مر الزمن؟، إن بقاء الكفر والشرك في الأرض يؤثر عاجلا أو آجلا على معاني الإسلام، وحقيقة العقيدة، لهذا يلزمنا القيام بالدعوة لحماية ديننا وعقيدتنا، ولعكس هذا يعمل عدونا بجميع السبل لمقاومة الإسلام في كثير من بقاع الأرض اليوم. والأحداث الجارية تشهد على ذلك.
    لهذا فإن كل مسلم أو مسلمة يعلم أنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن الحساب يوم القيامة حق، وأن الصلاة والصيام والحج والزكاة من فرائض الإسلام، فعليه أن يبلغ ما علمه لمن لا يعلمه، أما ما لا علم له به غير هذا فلا يكلف به.
    ولا أظن أن هناك مسلما إلا ويسعى ليمون قوله من أحسن الأقوال وأصدقها، وقد قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} الآية 33 من فصلت. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا". وفي حديث آخر: "فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم" إذن ينبغي لك يا أخي أن تفكر معي في هذا الأجر الجزيل المعد للداعية.
    لكن كيف يمكنك أن تكون داعية؟ أخي لا يمكن أن تكون داعيا حقا، إلا بعد أن تكون: مفسدا ومخربا قاطعا للصلة بينك وبين الشيطان كما يأمرنا تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً} فاطر آية6. لتكون مقتديا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أمرنا الله تعالى بالاقتداء به في قوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} سورة الأحزاب21. ولا يكون الإنسان داعية إلا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم فهو الصورة الكاملة للداعية، فكن ملتزما طريقه، فهو المثل الأعلى لما يجب أن يكون عليه الإنسان الكامل في كل موقع من مواقع الحياة. فاجعل نفسك مثالا وأنت زوج في البيت ومع الأبناء وفي ميدان العمل وبين الأهل والأصدقاء. كن صديقا وقريبا وصاحبا للناس جميعا لتملأ لهم أنفسهم ومشاعرهم بما تحمله إليهم من الخير الصادر من قلب طاهر. تعود مريضهم، وتساعد ضعيفهم، وتخفف همومهم، وتمنحهم العطف والمودة كما كان صلى الله عليه وسلم.
    عليك أن تجعلهم يرون فيك ذلك العابد الحق الملتزم بدينه من غير رياء ولا تظاهر، فأنت الصادق في قوله وفعله البعيد عن كل ما ينتقص قيمة الرجل المسلم..
    فالسلوك الشخصي أعظم شيء يدعو الناس إلى الخير، فالإنسان بطبيعته يتأثر بما يراه ويحسه أكثر من تأثره بما يدركه بسمعه.
    فعلى الداعية أن يكون دعوة حقيقية تتحرك على وجه الأرض، وتعيش بين البشر تُرى وتُلمس في شخص الداعي وتصرفاته ومشاعره وأفكاره ومبادئه ومتجهه في الحياة وصلته بالناس. فبهذا يكون قدوة لغيره فيحبه الناس، ويسعى كل واحد منهم أن يكون مثله. إذ هكذا كان صلى الله عليه وسلم دعوة وتأثيرا وتوجيها ونورا وهدى وصراطا مستقيما.
    فالدعوة إذن جهاد، ولا بد للمجاهد من أسلحة فما هي أسلحة الداعية؟
    أول أسلحة الداعية هو العلم: فلا بد من العلم بما يدعو الناس إليه، فهو مقدم على العمل، لابد أن يعرف ما يقوم به وما يدعو إليه، ونحن لا نقول بضرورة كون الداعية عالما محيطا بكل شيء، أو عالما متبحرا. وفوق كل ذي علم عليم. ولاستحالة بلوغ نهاية العلم أرشدنا الله إلى طلب المزيد منه، فقال تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} (سورة طه114).
    إذن لابد من العلم أولا لأن الله تعالى قال: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ...} (الآية 19 سورة محمد). فقدم العلم على العمل.
    وينبغي أن يكون دقيقا في معرفة الحلال والحرام حتى لا يقع في الخلط والخبط. والقول على الله ورسوله بغير علم فيكون ضرره أكثر من نفعه.
    ومنها الأخلاق الإسلامية التي بينها الله في القرآن الكريم وفصلها الرسول صلى الله عليه وسلم و انصبغ بها الصحابة رضي الله عنهم.
    وأول هذه الأخلاق: الصدق..وقد قال ابن القيم حقيقة الصدق هو حصول الشيء وتمامه وكماله وقوته واجتماع أجزائه. أي كمال العزم وقوة الإرادة على السير إلى الله
    ومن ذلك صدق القول والعمل والقصد حتى يظهر أثر صدقه في وجهه وصوته، فإن ذلك يؤثر في المخاطب ويحمله على احترام كلامه.
    ومنها الصبر قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} (الآية 45 البقرة). وذكر الصبر قد ورد وتكرر في الكتاب الكريم مما لا يحتاج إلى التنبيه عليه.
    والصبر له ثلاث شعب: صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على المصائب والبلاء... لابد للداعي أن يتحمل ما يؤلمه، ويصبر على المكروه ويبتعد عن الشكوى إلا لله. ويدخل في ذلك الصبر على عدم ظهور نتيجة دعوته، فليتذكر نبي الله نوحا عليه السلام، الذي دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما. وأن يتذكر قول الله تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ} (34 الأنعام) وأن يتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون".
    ومنها: البعد عن الكبر، لأن الكبر حماقة وجهالة، ومنازعة لرب العزة. وعليه أن يتذكر بأن الله تعالى لا يحب المتكبرين، وأن المتكبر يستعظم نفسه و يغمط الناس ويحتقرهم، فهو إذن ليس من صفات الداعية، لأن المتكبر يتبع أباطيل الشياطين وإيحاءاتهم، ومن يتبع الشيطان لا يصلح أن يكون قدوة، فمن هنا لزم الداعية أن يتصف بالتواضع، لأنه ثمرة معرفته قدر الله، ومعرفته قدر نفسه، فالذي عرف ربه وعرف قدر نفسه لا يمكن أن يكون متكبرا، وبالتالي لا يحتقر أي مسلم مهما كان ضعيفا، لأن المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. كما أن التواضع يتيح للداعية مجالسة الصالحين والفقراء والضعفاء. فالمتواضع هو الذي يتبع قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ...}الآية 28 الكهف. على الداعية أن يكون كذلك في كل مواقفه حتى في حالة انتصاره في دعوته، وليتذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة فاتحا، فقد دخل منكسا رأسه تواضعا لله تعالى شاكرا لأنعمه.
    ثم من المدعو هذا؟
    المدعو إلى الله هو (الإنسان) كائنا من كان، لأن الإسلام جاء إلى البشر جميعا قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً}، هذا العموم يشمل كل البشر من ذكر أو أنثى، وأبيض وأسود وعربي وعجمي، ورئيس ومرؤوس.
    وهنا يجدر بنا أن ننظر إلى قدر الله تعالى الذي شاء أن يكون من أوائل من دخل الإسلام، وآمن برسالة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
    1_أبو بكر الصديق العربي القرشي
    2_بلال الذي هو من بلاد الحبش داخل قارة أفريقيا التي توصف بالسوداء.
    3_صهيب الرومي من بلاد الروم ذوي البشرة البيضاء.
    4_سلمان الفارسي من البلاد التي يوصف أهلها بذوي البشرة الصفراء.
    5_ومن حيث الجنس آمن من النساء - إلى جانب الرجل- خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها.
    6_وآمن من الصبيان علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
    7_ومن حيث الغنى وكثرة المال آمن عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان ذا ثراء واسع.
    8_ومن الفقراء آمن عمار (رضي الله عنه)
    إذن الدعوة الإسلامية منذ أن قامت، وجدت شاملة عامة لا تفرق بين الناس. فالإسلام يجعل الناس سواسية كأسنان المشط لهذا يجب أن نتدبر قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} فالكل عباد لله تعالى.
    هذا ومن حق المدعو أن يتصل به الداعي في موقعه، في منصبه ومعمله ومزرعته وفي كل محفل ومجمع حتى في الأسواق، ولكن يجب أن تتم الدعوة بالطرق المناسبة الكاشفة لحقيقة الإسلام المقربة المحبة، لا المنفرة المبغضة.
    أخيرا ما هي مصادر الدعوة؟
    لا شك أن المصدر الأول في الدعوة هو كتاب الله والمصدر الثاني هو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم سيرة السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، ثم استنباطات العلماء والفقهاء التي استنبطت من الأحكام الشرعية من أدلتها الأصلية، ثم التجارب الجيدة السليمة التي مرت بالدعاة الصالحين الذين مارسوا الدعوة في حياتهم العملية، مستعملين الترغيب والترهيب والموعظة الحسنة، وتخوّل الناس بها بصورة مناسبة بعيدة عن الملل وجلب الضجر، والله أسأل أن يجعلنا دعاة صالحين صديقين عاملين لوجهه الكريم.
    من علامات سعادة العبد وفلاحه:
    أنه كلما زِيد في علمه زِيد في تواضعه ورحمته.
    وكلما زيد في عمله زيد في خوفه وحذره
    وكلما زيد في عمره نقص من تكالبه وحرصه.
    وكلما زيد في ماله زيد في سخائه وبذله.
    وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في قربه من الناس والتواضع لهم وقضاء حاجاتهم.
    من علامات شقاء العبد وتعاسته:
    أنه كلما زِيد في علمه زيد في كبره وتيهه.
    وكلما زيد في عمله زيد في فخره وحسن ظنه بنفسه.
    وكلما زيد في عمره زيد في تكالبه وحرصه.
    وكلما زيد في ماله زيد في بخله وإمساكه
    وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في بعده عن الناس والتعالي عليهم وتحقير شأنهم.
    http://www.iu.edu.sa/magazine/53/13.htm
    التعديل الأخير تم بواسطة البركات ; 28 Dec 2006 الساعة 04:33 PM سبب آخر: دمج تلقائي لمشاركة متكررة
    [FRAME="1 70"]

    اللهم اغفرلناولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات الاحياء والاموات

    ونسألك موجبات رحمتك
    وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم
    والغنيمة من كل بروالفوز بالجنة
    والنجاة من النار
    ونعوذبك من جهد البلاء
    ودرك الشقاء وسوء القضاء
    وشماتة الاعداء
    كن مفتاحا للخير
    ومغلاقا للشر
    قل خيراأوأصمت


    [/FRAME]
     
  4. الصورة الرمزية البركات

    البركات تقول:

    Unhappy رد : الموسوعة الشاملة: عن صفات الداعية الناجح وصفات الداعية الدرجة الثالثة








    دعاة من الدرجة الثالثة

    الدعاة إلى الله هم صفوة الخلق، وسادة البشر، وخيرة الناس، يرشدون وينصحون، ويصلحون ويعمرون. يبذلون الغالي والرخيص، وينفقون زهرة حياتهم خدمة لأمتهم وأوطانهم، فيكفيهم شرفاً ثناء الحق جل جلاله عليهم: ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ).
    ومع ذلك فهم بشر كغيرهم، يصيبون ويخطئون، ويقوّمون ويسددون، ويعتريهم النقص والخلل، وتمر بهم لحظات ضعف وغفلة.
    وحتى لا ترسخ هذه العبارة الجميلة "داعية" في أذهان من يتعاملون معهم فيلحظون الخلل تلو الخلل، لذا كان لزاماً على أفراد الدعوة إلى الله أن يُذَكّر بعضهم الآخر، بالأمانة والمسئولية التي على عنق كل واحد منهم، وأن يحافظوا على هذا الاسم المؤثر"داعية"، وأن يصونوا أنفسهم، ويحترموا إنسانيتهم، ويتعاملوا بالحق مع الخلق.
    وحتى لا تتكرر الوقائع، وتتفاقم المأساة عند بعض الدعاة الذين هبطوا من الدرجة الأولى إلى الدرجة الثالثة أو الرابعة في سلم القبول والتأثير والقدوة بين الناس. ولخطورة إهمال الخلل في حياة الصالحين كان جيل التربية الأول حريصاً على النصيحة والتوجيه، فعن أبي بكر بن سليمان عن أبي حثمة قال: إنّ عمر بن الخطاب فقد سليمان ابن أبي حثمة في صلاة الصبح، وإنَّ عمر غدا إلى السوق، وسكنُ سليمان بين المسجد والسوق، فمرَّ على الشفاء أم سليمان فقال لها: لم أرَ سليمان في الصبح فقالت: إنه بات يصلي فغلبته عيناه، فقال عمر: لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحبُّ إليّ من أن أقوم ليلة".
    وها نحن نذكر بهذه الصور والمشاهد التي تقلل من سمعة الداعية الشريف إلى مستوى هابط قد يشاركه فيه عوام الناس، أو أن يتدلى في بعض الأحيان قليلاً!!.



    ومن صفات الداعية الذي هو في ركب الدرجة الثالثة :-
    1- عدم الوفاء بالعهد والوعد مع أهله خاصة والناس عامة.
    2- لا يوقظه صباحاً إلا صياح الأطفال في طريقهم للمدارس، أو أصوات السيارات في زحمة الشوارع، ولذا هو في زمرة الشيطان الذين بال في آذانهم.
    3- إذا خلى بمحارم الله انتهكها. فالنظرة الأولى عنده تستمر دقيقة، ينظر للمجلة الفاتنة، والبرنامج المصور الفاسد، والمقابلة الهزيلة الرخيصة، ولربما لا يتمعر وجهه إن رأى هذا في بيته أحياناً.
    4- يثني على أعماله وهي ركيكة، ويُفّخم من قدراته وهي ضعيفة.
    5- يتلاسن مع هذا وذاك، في كل كتاب صدر، وكل برنامج ظهر، لا يذكر من الكتاب أو البرنامج إلا الشيء الأغبر!.
    6- يدعو للتعاون الدعوي وهو صاحب رأي متصلب، ويرنو إلى المودة وفي مشاعره وقود على كل من خالفه أو ناقشه!.
    7- يطالِب ولا يحب أن يُطالَب، ويَرفع صوته ولا يحب أن يُرفع عليه صوت، يقرر ولا يستشير، ويأمر ولا أمير!.
    8- موقعه في آخر صفوف الصلاة، ومورده الصحف والمجلات والفضائيات. لم يسمع عن النووي إلا من درس العصر، ولا عن الأذكار إلا حصن المسلم المركون في دولاب المكتبة العريضة!.
    9- نبرته "هناك خلل"، "هناك تغيّر"، "هناك قصور"، يكلّف الآخرين ولا يرضى بتكليفه بأي مسئولية، يقول لنفسه: "إن عليك إلا البلاغ"، ولا يقول لها: "إنما أنا بشر مثلكم".
    10- أفكاره متداخلة، وأعماله متضاربة، كل يوم هو في شأن. يوماً يمانٍ إذا لاقى ذا يمن وإن لاقى معدياً فعدناني.
    11- عمل اليوم يؤجل للغد، وعمل الغد إلى ما بعد الغد.
    12- إما أن يعمل حتى يفتر، مشغولاً بالليل والنهار، في كل عمل صالح يراه، حتى ينسى نفسه وأهله وحقوق إخوانه! وإما أن يفتر فلا تعرف له سبيلاً، ولا تجد له مدخلاً.
    13- عقليته على حسب الجو العام، وموجات المد والجزر، إن قرأ كتاباً أدبياً لمست منه الحنان والعطف ولا تلبث أن تزول، فإذا قرأ في أصول الفقة رأيت عقلية المنطق والحوار والإقناع، وإن جال في الفكر رأيت أسلوب المتحدث لكوكب المريخ تقعيداً وتأصيلاً ومناقشة!.
    14- أوراق في السيارة، وأخرى في المكتب، وثالثة في الجيب، ورابعة على الثلاجة!
    وإن أردت شيئاً منها فاتصل على الرقم ليرد عليك: لا يمكن الحصول عليه الآن، فضلاً عاود الطلب في مرة أخرى وشكراً.
    15- نقّال للفتاوى دون تمحيص، وكلما سُئل لماذا فعلت كذا أو قلت كذا، قال: سمعت، وقيل، وروي!!.
    16- تصنيف الدعاة عنده كتصنيف "الحبحب من الخربز". من الشكل والتعليق والصحبة، فيأخذ ما كدر ويترك ما صفا.
    17- يعقد الأمور السهلة، ويسهل الأمور الصعبة، ويتمنى كل شيء في لحظة.
    18- يروي لك أخباراً غريبة وعجيبة عن الدعاة كأنه حضرها لحظة بلحظة، وماله منها إلا خبر في إنترنت، أو استراق سمع في مجلس!.
    19- يعرف عن شيخ الإسلام أنه فقيه ولم يقرأ له كتاباً واحداً، ويعلم عن الشيخ فلان أنه قال مسألة أخطأ فيها ورد عليه فلان،... وهكذا. معلومات لا تنفع ولا تضر، ولا يدر أصلاً عن حقيقة المسألة أين هي؟.
    20- يُحَضّر الدرس في آخر ساعة، ويَحْضُر اللقاء في آخر القاعة.
    21- شيخ في التنظير، فقير في التطبيق.
    22- يظن أن الناس على غباء وبساطة، فيوسع لنفسه الفتاوى، ويحسب نفسه مجتهداً.
    23- فيه بساطة تصل به إلى الاستغفال والخسارة من الآخرين.
    24- طالب علم ولكنه لا يحضر الدروس، وشيخ ولكنه لا يعرف معنى "في عمدٍ مددة".
    25- داعية سهر وسمر، ورفيق مخدة قبل السحر!.
    26- يتبارى بعامي الألفاظ، وربما تسامح بشيء من رذائل العامة!.
    27- آخر كتاب قرأه قبل ستة أشهر، وآخر ختمة تلاها في رمضان، وآخر جلسة إشراق لا يذكرها تماماً.
    28- يحدثك بالأخبار كأنه محلل سياسي، وينقل لك الوقائع كأنه خبير عسكري، وهو لا يدري ما علاقة التين والزيتون بطور سينين!.
    29- يقول لك عملنا وقمنا، ودرسنا وخططنا، ووصلنا وخاطبنا، وهو لوحده الذي يعمل إن كان قد بدأ بالعمل!.
    30- تسمع زهده فكأنه كبِشر، وعن ورعه كأنه ابن حنبل.
    31- يكثر من التوريات، ويحسن سياسة اللف والدوران!.
    32- أهداف الحياة عنده مطاطة، وقراراته مضطربة، وما يعاهد به نفسه ألا يعود عن الخطأ فيه، إلا وتجده قد نكص على عقبيه.
    33- قليل الوفاء لمن رباه، شحيح الدعاء لمن كان على يديه بعد الله هداه.
    34- يذكر عيوب الآخرين، وفيه عيوب لو فضحت لما جالسه أحد.
    35- الدعوة الفردية عاطفية، والتربية الإسلامية مزاجية!.
    36- لا يكتم سراً، ولا ينفع أن تشهده على بقلة!.
    وبعد، فإني لا أبر نفسي مما قلت شيئاً، وإنما هو التذكير والتوجيه، حتى لاتزل قدم بعد ثبوتها. ويصبح الدعاة الأعزاء من أصحاب الدرجات الهابطة. وأعوذ بالله أن تكون هذه الكلمات عنهم من باب الشماتة، فوالله لَلداعيةُ أشرف من قبيلة بأكملها، ولكنها صور حقيقية، ومواقف مرئية. تعرض على النفس مباشرة لتستخلص النقي، وتترك الفاسد. والله المستعان.

    http://www.alomarey.net/omari/qesem.aspx?pk=47&type=6

    [FRAME="1 70"]

    اللهم اغفرلناولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات الاحياء والاموات

    ونسألك موجبات رحمتك
    وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم
    والغنيمة من كل بروالفوز بالجنة
    والنجاة من النار
    ونعوذبك من جهد البلاء
    ودرك الشقاء وسوء القضاء
    وشماتة الاعداء
    كن مفتاحا للخير
    ومغلاقا للشر
    قل خيراأوأصمت


    [/FRAME]
     
  5. الصورة الرمزية أم عبد البر

    أم عبد البر تقول:

    افتراضي رد : الموسوعة الشاملة: عن صفات الداعية الناجح وصفات الداعية الدرجة الثالثة

    ماشاء الله
    تبارك الله

    جزيت خيرا
    ووقيت شرا

    ورزقت نورا على نووووووور

    ماااا قصرت
    الله يجعله في ميزان حسناتكم


    آمين
    "ومالنا أن لانتوكل على الله وقد هدانا سبلنا

    ولنصبرن على ما آذيتمونا

    وعلى الله فليتوكل المتوكلون"
     
  6. الصورة الرمزية البركات

    البركات تقول:

    افتراضي رد : الموسوعة الشاملة: عن صفات الداعية الناجح وصفات الداعية الدرجة الثالثة

    ام عبدالبر
    شكر الله لكم
    [FRAME="1 70"]

    اللهم اغفرلناولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات الاحياء والاموات

    ونسألك موجبات رحمتك
    وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم
    والغنيمة من كل بروالفوز بالجنة
    والنجاة من النار
    ونعوذبك من جهد البلاء
    ودرك الشقاء وسوء القضاء
    وشماتة الاعداء
    كن مفتاحا للخير
    ومغلاقا للشر
    قل خيراأوأصمت


    [/FRAME]
     
  7. الصورة الرمزية strawberry

    strawberry تقول:

    افتراضي رد : الموسوعة الشاملة: عن صفات الداعية الناجح وصفات الداعية الدرجة الثالثة

    جزاكم الله خيرا
    ونفع بكم
    وزادكم من فضله




    جزاك الله خيرا
    حبيبتى في الله
    [rainbow]

    ورع
    [/rainbow]
    على التوقيع
    الغالى على قابى
     
  8. الصورة الرمزية البركات

    البركات تقول:

    افتراضي رد : الموسوعة الشاملة: عن صفات الداعية الناجح وصفات الداعية الدرجة الثالثة

    strawberry
    شكر الله لكم
    عالمرور
    والتعليق
    [FRAME="1 70"]

    اللهم اغفرلناولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات الاحياء والاموات

    ونسألك موجبات رحمتك
    وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم
    والغنيمة من كل بروالفوز بالجنة
    والنجاة من النار
    ونعوذبك من جهد البلاء
    ودرك الشقاء وسوء القضاء
    وشماتة الاعداء
    كن مفتاحا للخير
    ومغلاقا للشر
    قل خيراأوأصمت


    [/FRAME]
     
  9. الصورة الرمزية ام حفصه

    ام حفصه تقول:

    افتراضي Re: الموسوعة الشاملة: عن صفات الداعية الناجح وصفات الداعية الدرجة الثالثة

    ما شاء تبارك الله لا حرمت الاجر بارك الله وحفظك المولى اينما كنت اخي الفاضل






    الدمعه- طيف- رضى رزقتم الجنه بلا حساب ----والجميع----
     
  10. الصورة الرمزية رونق الامل

    رونق الامل تقول:

    افتراضي رد: الموسوعة الشاملة: عن صفات الداعية الناجح وصفات الداعية الدرجة الثالثة

    ربي آسالك ثلاثه 1 : جْنِھٌ آلفردوس 2 : ۈحُسْنَ آلخآتمِہٌ 3 : ۈرضآ آلوالدين آمَين يارب .. وإياكم