هذا الموضوع منقول بارك الله فيكم
http://www.dr-alhashemi.net/magic2.htm
السحر .. هو كل أمر يخفى سببه ويتخيل على غير حقيقته ويجرى مجرى الخداع . وتاريخ السحر قديم قدم الإنسان على الأرض، ولقد عرفت الأمم السابقة السحر، وكل الأمم السابقة عندما أرسل إليها الرسل أتهم الرسول بالسحر والجنون ، تصديقاً لقوله تعالى: ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون) فدل ذلك على أن السحر قديم .
وأصل السحر : صرف الشيء عن اصله أو حقيقته إلى غيره، فكأن الساحر لما قدم الباطل في صورة الحق وخيل الشيء على غير حقيقته قد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه . (لسان العرب 348) .
وهو شرعاً : عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب، ولا بد أن تمرض وتقتل وتفرق بين المرء وزوجه قال تعالى : ( فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ) البقرة .
وقد أمرنا الله عز وجل بالتعوذ من السحر وأهله فقال سبحانه : (ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد ) وقد وصف الله سبحانه وتعالى السحر بالعظيم عندما قال ( وجاءوا بسحر عظيم) الأعراف 116 .
أنواع السحر
ينقسم السحر إلى ثلاثة أنواع :
الأول : سحر التخيل
وهذا النوع من السحر يستعمل فيه الساحر عنصرين مؤثرين في الخيال، فيستطيع الساحر أن يتصرف في خيال المسحور كيفما يشاء فيريه ما يريد . وهذا العنصران هما :
1- سحر العيون وذلك مثل ما حدث لقوم موسى حيث أنهم رأوا الحبال والعصي وهى تمشى وهى في الحقيقة ثابتة لا تتحرك ولكن سحرت أعينهم فصاروا يرونها تتحرك وتسعى ، قال تعالى { فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم } .
وقال تعالى :{ يخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى} وهذا يعنى أن الذي حدث لهم تم عن طريق السحر .
الثاني : السحر المؤثر
وهو عبارة عن عزائم ورقى وعقد وطلاسم شيطانية، من خلال اتفاق بين الشيطان من الإنس والشيطان من الجن .
وهذا النوع من السحر هو أخطر أنواع السحر، حيث يؤثر في الأبدان والقلوب فيؤدي إلى المرض والقتل والإيذاء ويفرق بين المرء وزوجه، ويؤدي إلى إيقاع العداوة والكراهية بين الناس، ولذلك أمرنا الله سبحانه وتعالى بالاستعاذة منه في قوله تعالى ( ومن شر النفاثات في العقد) ، وإذا لم يكن السحر حقيقة لما أمرنا الله بالاستعاذة منه .
والسحرة إذا أرادوا أن يصنعوا السحر فإنهم يحضرون الخيوط ويعقدون العقد وينفثون على تلك العقد حتى يتم لهم ما يريدون، وللشيطان دور كبير في هذا الأمر، حيث أنه يعاونهم ويقدم لهم المساعدة في هذا العمل السييء قال تعالى : (وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ) ومعنى النفث هو النفخ مع رزاز خفيف دون التفل ، والنفث يكون بفعل الساحر حيث تختلط روحه الخبيثة المليئة بالشرور كل العقد، ويعاونه إبليس اللعين فيجتمع الخبث على هذه العقد فتؤثر في الشخص المراد ولكن كل ذلك بعلم الله وإذنه قال تعالى : ( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) .
ومعنى ذلك، أن السحر إن كان حقيقة ومهما عظم شأنه، فإن كل شيء يحدث منه فهو بإذن الله وعلمه، فهو يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور جل جلاله وعظم سلطانه .
كيف ومتى يصاب الإنسان بالسحر ومس الجان :
في البداية يأتي الناس إلى الساحر وهم يعتقدون أن بيده القدرة على عمل ما لا يستطيع غيره أن يفعله ، ويعتقدون أنه يعالج الأمراض ويستخدم القرآن، ولكن السحرة يدنسون القرآن الكريم ويكتبون آيات القرآن بطريقة عكسية (بالقلوب) وعندما يرى الناس الآيات القرآنية المكتوبة على الأحجبة والتمائم فإن قلوبهم تطمئن، وهم لا يعلمون أنهم واقعون بين أيدي سحرة، ويحدث هذا لمعظم الناس الذين يجهلون العلم الشرعي بأمور دينهم حتى وإن علا تعليمهم الدنيوي ووصلوا إلى أعلى المناصب العلمية .
فضعف الإيمان لديهم بالقضاء والقدر جعلهم يعتقدون أن هؤلاء السحرة يستطيعون أن يغيروا قضاء الله وقدره ، لذا يجب على المؤمن أن يكون قريباً من الله مطيعاً له عز وجل، ولذلك نجد أن الساحر كلما بعد عن الله اقترب من الشيطان حتى يسخر له الشيطان بعض المردة ليكونوا في خدمته من أجل إيذاء الناس
ويتم السحر عندما تقوم الأرواح الشريرة من الشياطين المردة بربط السحر في جسد المسحور، وهذه الأرواح الشريرة تكون في خدمة وحراسة هذا السحر، فيتابعون المراد سحره حتى يجدوا الفرصة المناسبة فيدخلون إلى جسده المراد سحره .
وبعد ذلك يقومون بالتنكيل بهذا المريض المسحور، وينفذون أوامر الساحر في إيذائه ، ولا ينفك عن المسحور هذا الإيذاء إلا إذا بطل السحر، ويتم فك هذه العقد بإذن الله عز وجل ، وفي الغالب يستخدم الساحر بعض المواد الخبيثة فيتم دفنها في الأرض ، أو توضع في أماكن خفية أو تلقى في البحر حتى لا يعرف مكانها فتبطل .
أما إذا كان السحر من الذي يوضع في الطعام أو الشراب فإن الساحر بعد أن يتم عمل السحر ، يقرأ عليه بعض الطلاسم السحرية ، وتوضع للشخص المراد سحره في طعامه أو شرابه ، لتستقر في بطنه فتقوم بجذب الروح الخبيثة في ذلك الجسد ، لأداء المهمة التي من أجلها تم السحر .
فإذا كان للتفريق بين المرء وزوجته، فيقوم الساحر بعمل أشياء تؤدي إلى نفور الرجل من زوجته و لا يطيق أن يراها أو العكس ، أو تكون العصبية والنفور هي السمة الغالبة على العلاقة بينهما .
وقد يكون السحر من أجل المرض فيسبب للمسحور آلاماً شديدة في جسمه وأحياناً تؤدى إلى الشلل التام .
النوع الثالث : السحر المجازي
وهذا النوع من السحر يقوم على خفة اليد والتمويه والخداع والكذب على ضعاف النفوس والإيمان، وهو المعروف في هذه الأيام بالدجل والشعوذة .
علاقة الساحر بالشيطان
عندما نتكلم عن العلاقة بين الساحر والشيطان ، نجد أنهما قرينان التقيا على معصية الله والخروج على طاعته ، وإيذاء عباده وإشاعة العداوة والحقد والفرقة بين الناس .
ولذلك إذا تعرفت على الساحر عن قرب تجد أن حياته الشخصية كلها شقاء وتتسم بعدم الاستقرار داخل بيته أو مع نفسه ومن الصعب عليه أن ينام هاديء البال ، بل أن نومه كله قلق وتوتر ، وأحياناً لا تتركه الشياطين في حاله بل تؤذي أولاده وزوجته ، وتكون حياته متوترة و غير مستقرة . تصديقاً لقوله تعالى : ( ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى) طه 24 .
والشيطان لا يقدم المساعدة للساحر، بل يقوم الساحر بتنفيذ ما يأمر به الشيطان ، من أمور فيها عصيان لله عز وجل ، وكلما عصى الساحر ربه كلما كان الشيطان أكثر طاعة ومساعدة له، وإذا قصر الساحر في تنفيذ أوامر الشيطان امتنع عن خدمته .
-: ومن أعمال السحر التي فيها خروج على طاعة الله
1- كتابة آيات القرآن بالقذارة .
2- كتابة آيات القرآن الكريم بدم الحيض .
3- الصلاة بدون وضوء.
4- الذبح بدون ذكر اسم الله ورمي الذبيحة في مكان يحدده الشيطان .
5- مخاطبة الكواكب والسجود لها من دون الله .
6- كتابة آيات القرآن الكريم أسفل قدميه .
موقفنا من السحر والسحرة
من خلال ما رأيته بنفسي من المعاناة التي يعانيها المسحور، ومن خلال الحالات التي تم شفاؤها بإذن الله على يدي، فإني أؤكد أن السحر له من الخطورة والضرر، وإيذاء ما لا يستطيع أن يتحمله بشر، ولك أن تتخيل حجم العذاب والقهر الذي يلازم المسحور، وبسبب السحر خربت بيوت، وتقطعت الأرحام وتفرق الأزواج وتشرد الأبناء، ووقعت العداوة والكراهية بين الأهل والأصدقاء، وعم الحزن واختفت الفرحة من القلوب.
ولذلك يجب علينا وعلى إخواننا من أهل العلم الشرعي أن نتصدى لهؤلاء السحرة والمشعوذين ونقف لهم بالمرصاد ونبطل ادعاؤهم ونواجههم بالحقيقة وكشف زيفهم أمام الناس، ومن ناحية أخرى أدعو كل عليل أصابه المرض أو أصابته مصيبة بعدم الذهاب إلى السحرة والكهنة ، الذين يدعون معرفة الغيب وشفاء المريض ، لأن هؤلاء السحرة يدعون علم الغيب ويستحضرون الجن ليستعينوا به على إيذاء الناس وعذابهم والتفريق بينهم، فهؤلاء حكمهم الكفر والضلال لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) صلى الله عليه وسلم " رواه أبو داود .
وروى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" من أتى عرافاً فسأله شيئاً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً" . والنبي صلى الله عليه وسلم جعل السحر من الموبقات السبع ، لخطره الشديد على الإنسان ، والذين يتعلمون السحر إنما يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم، وليس لهم عند الله إلا الخسارة في الدنيا والآخرة ، لأنهم باعوا أنفسهم للشيطان بأبخس الأثمان، وقد ذمهم الله سبحانه وتعالى بقوله : ( ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ) وهذا الثمن البخس الذي يحصلون عليه لا يساوي ساعة من عذاب الآخرة . وبناء على ذلك فإنني أتوجه إلى كل أخ أو أخت أصابه أو أصابها مكروه عدم التوجه إلى هؤلاء السحرة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الذهاب إليهم ، كما أن الله سبحانه وتعالى هو الذي أنزل الداء وأنزل معه الدواء، والذي يفكر قليلاً يجد الدواء قريباً منه جداً في كتاب الله عز وجل القائل في آياته : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) الإسراء 82 .
-: علاج السحر فى القرأن
قوله تعالى : ( فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين * ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون) يونس 82،81 .
وقوله تعالى :" وجاء السحرة فرعون قالوا إن لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين * قال نعم وإنكم لمن المقربين * قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين * قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم * وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون . فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون * فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين وألقي السحرة ساجدين) . الأعراف 112-120.
قال تعالى : ( قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى * فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعداً لا نخلفه نحن ولا أنت مكاناً سوى ) طه 58،57 .
قال تعالى : ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن استراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون) البقرة 102 .
قال تعالى : ( قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين . يأتوك بكل سحار عليم * فجمع السحرة لميقات يوم معلوم ) الشعراء 38،37،36،34 .
تفسير الآيات 65-70 من سورة طه – من تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى ، يقول الله تعالى مخبراً عن السحرة حين اتفقوا مع موسى ميعاداً للتحدي، فقالوا لموسى عليه السلام إما أن تلقي أولاً وإما أن نكون أول من ألقى فقال لهم موسى عليه السلام القوا أنتم أولاً لنرى ماذا تصنعون من السحر وليظهر للناس حقيقة أمرهم فإذا حبالهم وعصيهم تسعى، هكذا خيل للناس وذلك لأنهم دهنوها بمادة من الزئبق ما جعلها تتحرك وتضطرب بحيث يخيل للناظر أنها تسعى وهى في الحقيقة لا تتحرك ، وكان السحرة كثيرين وأعدادهم كبيرة حتى صار الوادي كله حيات يركب بعضها فوق بعض، فهنا خاف موسى على الناس أن يصدقوهم ويفتنوا بسحرهم قبل أن يلقي ما في يمينه ، فأوحى الله عز وجل إلى موسى عليه السلام أن ألقى ما في يمينك وهى عصاك فإذا بهذه العصي حية كبيرة لها عنق كبير ورأس رهيب وأضراس وابتلعت كل الحبال والعصي التي ألقاها السحرة، والناس والسحرة ينظرون في دهشة إلى هذا المنظر العجيب في وضح النهار، فقامت المعجزة وظهر الحق وبطل السحر ، وآمن السحرة برب موسى وهارون ، قال تعالى في سورة الأعراف آية 116 : ( قال ألقوا فلما القوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم ) .
عندما ألقى السحرة حبالهم وعصيهم سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم ، فالقرآن يقول أنه سحر عظيم، فإذا قال القرآن ذلك كان تأثيره كبيراً وإلا ما وصفه القرآن الكريم بقوله عظيم ، والدليل أن سحرهم أثار الرهبة والخوف في قلوب الناس ومعهم موسى عليه السلام .
ولكن المفاجأة الكبرى التي أذهلت الجميع عصا موسى التي تلقف كل ما على الأرض، حيث جاء الحق الواضح الهادي الواثق من نفسه، ليقضى على الباطل ويدحضه، حتى إن السحرة سجدوا لله رب العالمين وآمنوا برب موسى وهارون .