بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله
والصلاة على محمد الأمين وعلى آله الميامين والتسليم لله رب العالمين
الدعاء يقين بالتدخل الإلهي

وكما أن الدعاء يستند الى شرط أساسي وهو إعلان الإفتقار من قبل العبد الى كرم خالقه سبحانه ، فهو في المقابل يستند الى شرط آخر وأساسي أيضاً وهو اليقين بكرم الله وبتدخل الله سبحانه ، هكذا نعلم أنه كلما إزداد اليقين بتدخل الله سبحانه في الواقع إزداد القبول للدعاء وصار الدعاء سلاحاً حقيقياً في التغيير والإصلاح وفي الثورة سواء في الثورة على الذنوب أو في الثورة على الباطل وأهله .. وهكذا في المقابل نعلم أنه كلما ضعف يقين المجتمع بالتدخل الإلهي كلما فقد هذا المجتمع سلاحه الحقيقي وهو الدعاء ..
الآن علينا أن نعلم متى يضعف يقين المجتمع بالتدخل الإلهي ؟ عندما تتصاعد قيمة الأسباب المادية وعندما يضعف اليقين بقوة الله سبحانه وعندما تسيطر العقلية المادية أو العلمانية وعندما يؤسس المجتمع على علاقة ضعيفة بالخالق سبحانه طبعاً وبالتأكيد يضعف اليقين بالتدخل الإلهي وبالتالي يضعف اليقين بالإجابة ، وبالتالي يعزف المجتمع عن الدعاء ويهمله أو يؤديه شكلياً كما تفعل كل المجتمعات الدينية ، فهي تدعو لكنها لا تيقن بتدخل الله سبحانه .. لذلك قال رسول الله (ص) أدعو وأنت ميقن بالإجابة ، وهذا يعني أن الدعاء لا يصلح بدون اليقين بقوة الله وبقدرة الله وبكرم الله وبحضور الله في الواقع ، وهذا معنى أن تيقن بالإجابة ، وبدون هذا اليقين فإنك تتوجه بالسؤال الى جهة تشك بقدرتها ، وهذا يصلح مع كل الجهات في الأرض لكنه لا يصلح مع الله سبحانه لأنه يمثل خلل كبير في العبودية .. والناس عموماً لا تدعو وهي ميقنة بالإجابة ، بل تدعو وهي مجربة لخالقها سبحانه ، والفرق كبير ، فالذي يملك اليقين بالله سبحانه يملك اليقين بالإجابة دون أن يحدد لها طريقها أو وقتها أو شكلها ، أما الذي يدعو مجرباً ربه فهو سيفقد ثقته بالله عندما لا تأتي الإجابة بالطريق الذي إفترضه هو أو بالشكل الذي إفترضه هو أو بالوقت الذي إفترضه هو ..
ونحن هنا لا نقول أن الله سبحانه لا يعطي إلا لصاحب اليقين ، لا بل هو سبحانه بكرمه يعطي حتى لمن يريد أن يجربه ، وهو سبحانه يعطي لكل من يطرق بابه مهما كان حاله ، لكن بالتأكيد فإن نصره وتوفيقه وهديه يعطيه لأهل اليقين بتدخله ، وأما العطاءات الأخرى فيشترك بها أهل اليقين والتجربة لأن الله سبحانه واسع الرحمة ويريد للناس الهدى فيعطيهم عسى أن ينتقلوا من التجربة الى اليقين بخالقهم سبحانه ..
إذاً فكي نحصل على الإجابة الإلهية في ديننا ، فعلينا أن نملك اليقين بالتدخل الإلهي ، وأن نثق بأن الله يغير قضاءه سبحانه من أجلنا ، وأنه سبحانه يدفع البلاء ، وأنه سبحانه ينصر من يشاء ، وأنه سبحانه قادر على أن يفعل ما يريد في أي لحظة وفي أي مكان .. وكلما إزداد يقيننا بقدرة ربنا وبكرم ربنا وبأنه سميع لدعاءنا عليم بحالنا وإفتقارنا فإن الإجابة ستكون أكبر وأعظم وأن العطاء سيكون أكبر وأعظم وأن البركات ستكون بالمستوى الذي ينقذ إيماننا وديننا ويرشدنا الى الصراط المستقيم .. فلنعمل إذاً على زيادة اليقين بالتدخل الإلهي فهذا هو الطريق الحقيقي للإيمان الذي يجلب الإجابة من الخالق سبحانه ، وفي هذا فوزين الفوز الأول هو فوز اليقين بنفسه فاليقين بالخالق هو مكسب عظيم وهو من شرف العبودية ، والفوز الثاني هو بالإجابة للدعاء ما دام اليقين موجود وهذا فوز مبين .

والحمد لله رب العالمين