عباس والسلطة الأمنية: صنوان أنَّى كان!!

24/3/1427

لعل الواجب يقتضي بأن نذكِّر (رئيس السلطة الفلسطينية) محمود عباس (أبي مازن) بغضبته الشهيرة إبان أزمته مع (رئيس السلطة الفلسطينية الراحل) ياسر عرفات، والتي أدت به في النهاية إلى الاستقالة, رافضاً سياسة أبي عماّر القاضية بعدم منحه صلاحيات أمنية, ووقوفه بكل شراسة أمام الرغبة الأمريكية والصهيونية في توحيد الأجهزة الأمينة, وضمها لصلاحيات رئيس الوزراء الذي كان يشغل هو منصبه آن ذاك.
ولعل عباس ما زال يتمتع بنفس الحرص على جعل النفوذ الأمني في قبضته أني ذهب؛ فبغض الطرف عمّا رشح من صلاحيات أمنية ذهبت إلى الوزارة الفلسطينية من خلال الإشراف على بعض الأجهزة الأمنية منذ أن كان أبو مازن يشغل منصب رئيس الحكومة الفلسطينية, إلا أنه قد أدار ظهره لما كان الإصرار عليه سبباً في تقديم استقالته لعرفات قبل عامين ونصف العام.
حينها سارت التظاهرات لبعض الفتحاويين تطالب "قرضاي فلسطين" ـ وفقاً للتسمية التي أطلقها مناوئوه عليه ساعتئذ ـ بالاستقالة بعدما أجرى عرفات بمهارة عملية "حرق سياسي" لرفيقه المشاكس, كتلك التظاهرات التي جابت بعض المدن الفلسطينية منددة بتصريحات مشعل التي وجه فيها انتقادات لاذعة لقرار الرئيس الفلسطيني إلغاء قرار وزير الداخلية الفلسطيني سعيد صيام بإنشاء جهاز خاص للأمن يخضع للداخلية, ويعزز من سلطتها الرامية إلى إنهاء حالة الفلتان الأمني في قطاع غزة على وجه الخصوص.


ورغم المفارقة؛ فإن الإجراء السلطوي المتسرع ليس مستغرباً, وهو جاء متناغماً مع طبيعة تكوين إدارة الرئيس الفلسطيني المتنفذة أمنياً, والتي ترتكن بالأساس على جهازي الأمن الوقائي والاستخبارات الفلسطينية اللذين يثار حولهما جدل كبير في الأوساط النضالية الفلسطينية.. وليس يشفع لحكومة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها لم تستأثر بتكوين الجهاز الجديد برغم أنه لو حدث لكان منطقياً بالنظر إلى انفراد الموالين لبطانة عباس بجل الأجهزة الأمنية وأعظمها تأثيراً, ولكنها مع ذلك اتخذت منحى ائتلافياً مع الفصائل الفلسطينية التي أشادت جميع أجنحتها العسكرية قبل أيام بنهج الحكومة الفلسطينية, الذي يعلي القيم النضالية ولا يسمح بالتفريط فيها أو التنازل عنها.
نود كذلك, أن نذكّر رأس السلطة الفلسطينية أن حكومة حماس قد تشكلت في ظل وضع أمني داخلي مهترئ, وفي أعقاب فضائح فساد لطخت وجه النضال الفلسطيني الناصع الذي يحاول بعض المنتسبين لجناح الرئيس استدعاءه قسراً في بانوراما فضائية لم تعد تنتج إلا أصواتاً زاعقة, مجها الشعب الفلسطيني ولأجل ذهابها وإحلال الأمن والهدوء الداخلي منح أصواته لحماس.


لقد كان حرياً برئيس قد ذاق مرارة التهميش من رأس السلطة السابق الذي أرغمه على الاستقالة تحت طائلة التخوين والضغوط المتتالية, وظل (عباس) يبدي دوماً مرونة سخية إزاء ممارسات العدو الصهيوني, ويظهر في المقابل حزماً لا يحسده المناضلون عليه إزاء عملياتهم العكسية رداً على عدوان المحتلين الذين اقترفوا جرائم حرب بشعة ضد الأطفال والمدنيين الفلسطينيين خلال الأسبوعين الماضيين, دعاه في آخر المطاف لأن يصف عملية فدائية بـ"الحقيرة", أن يستبقي قدراً مكافئاً من دبلوماسيته تلك لشركائه في الحكم, ويتمهل في قراره بإلغاء قرار وزير الداخلية الفلسطيني كي لا يريق وجه النظام الفلسطيني برمته, ولكي يتلمس في القرار الحكومي وجهاً لحل يدمج الفصائل في النظام الفلسطيني وينهي حالة الفلتان الأمني تبعاً لذلك.

بقلم: أمير سعيد/ كلمة المسلم

للمزيد

http://www.almoslim.net/word/articles_list_main.cfm?id=172