كلام أعجبني قرأته لأحد الأئمة الصالحين ( من تابعي التابعين ) رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ..
يقول عن حال المؤمن مع الدنيا وزينتها :
... والعجب من غفلتنا وهذه العظائم بين أيدينا !! وأعجب من ذلك فرحنا بأموالنا وأهلينا وبأسبابنا وذريتنا بل بأعضائنا وسمعنا وبصرنا !! مع أنا نعلم مفارقة جميع ذلك يقيناً ، ولكن أين من ينفث روح القدس في روعه فيقول ما قال لسيّد المرسلين : أحبب من أحببت فإنك مفارقه ، وعش ما شئت فإنك ميت ، واعمل ما شئت فإنك مجزيّ به . فلا جرم لما كان ذلك مكشوفاً للنبي المصطفى عليه الصلاة والسلام بعين اليقين كان في الدنيا كعابر سبيل ؛ لم يضع لبنة على لبنة ، ولا قصبة على قصبة ، ولم يخلف ديناراً ولا درهماً ، ولم يتخذ خليلاً ولا حبيباً ولقد قال صلى الله عليه وسلم : لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن صاحبكم خليل الرحمن . فبين أن خلة الرحمن تخللت باطن قلبه وأن حبّه تمكن من حبّة قلبه فلم يترك فيه متسعاً لخليل ولا حبيب وقد قال لأمته : إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يحببكم الله . فإنما أمته من اتبعه ، وما اتبعه إلا من أعرض عن الدنيا وأقبل على الآخرة ، فإنه ما دعا إلا إلى الله واليوم الآخر ، وما صرف إلا عن الدنيا والحظوظ العاجلة ؛ فبقدر ما أعرضت عن الدنيا وأقبلت على الآخرة فقد سلكت سبيله الذي سلكه ، وبقدر ما سلكت سبيله فقد اتبعته ، وبقدر ما اتبعته فقد صرت من أمته ، وبقدر ما أقبلت على الدنيا عدلت عن سبيله ، ورغبت عن متابعته والتحقت بالذين قال الله تعالى فيهم " فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى " .
ـــــــــــــ
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، واكفنا شرّ ما قضيت ، إنك تقضي ولا يُقضى عليك ، إنه لا يعزّ من عاديت ، ولا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت .
" وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين "