فلا تحقِرَنّ من المعروف شيئا


نعم قتل الوزغ سنة وفيه أجر؛ بل هو من إظهار الموالاة للمؤمنين، وإظهار العداوة للمشركين .. والوزغ دويبة برصاء أشبه بالسحلية تسمى في بعض البلاد بالبريعصي أو البرص ..

ويعجب من ذلك بعض أعداء الإسلام، والطاعنون فيه، ويقولون ما ذنب هذه الدويبة الصغيرة .. لتقتل على مر العصور ؟ ولا غرو فقد سمعنا منهم التساؤل قبل ذلك عن ذنب العقارب والثعابين أيضا !! وفيما تقتل !؟ وعن ذنب القتلة والمجرمين والمحاربين ولماذا ينسفون ويعدمون !!


كما تساءلوا من قبل: عن ذنب ذلك الخنزير اللطيف !! كي ينبذ، ولذلك دلّلوه وصوّروه في لعب أطفالهم ورسومهم المتحركة، وأمطروه بحقوق الحيوان بل والإنسان !! كما تساءلوا: عن ذنب المرتد كي يقتل !! وقالوا: أليس هذا منافٍ لحرية الإعتقاد؟ ولذلك حموه ونصروه وحرسوه، وتساءلوا: عن ذنب الزناة والزواني كي يرجموا أو يجلدوا ؟ ولذلك أمّنوهم ومنحوهم حق اللجوء وحرية العهر والفجور .. وهكذا يدفعون عن كل منكر وباطل وفساد بحجج جوفاء، ويذرفون على هذه الأشياء دموع التماسيح .. في الوقت الذي يسترقّون فيه الشعوب ويسفكون فيه الدماء ويستحلون فيه الأعراض والأموال ويستعبدون البلاد والعباد، ويفعلون كل ما بدا لهم من إجرام وإفساد بدعاوى نشر الديمقراطية وحفظ أمنهم ومكافحة الإرهاب وغير ذلك ..


ولذلك فأمثال هؤلاء لا يستحقون أن يلتفت إلى ترهاتهم هذه؛ لتناقضهم وتهافت مزاعمهم، بل في فساد عقائدهم وأساطير كتبهم المحرفة المقدسة ما يرد عليهم ويدحرهم، وما ينبغي لهم أن يخجلوا بسببه من أن يرفعوا أعينهم في أعين المسلمين [1].. ولذلك فهم لا يستحقون أن يطال النظر في شبهاتهم التافهة أو يرد على رسومهم وتطاولهم واستهزائهم بديننا ونبينا صلى الله عليه وسلم؛ فلا ينبغي أن يرد عليهم في هذا الباب إلا بالطريقة التي يرد فيها على الحشرات والدواب الحقيرة، تماما كما يعامل الوزغ والعقارب في ديننا ..


إن عادت العقرب عدنا لها وكانت النعل لها جاهزة


ولذلك نقول لهم بكل قوة وبصوت عال: نعم قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: أن ( من قتل وزغة في أول ضربة كتبت له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك )


ولا شك أن من علل ذلك كون الوزغ حيوان خبيث سام مؤذ يسمم الطعام ولذا تسميه العرب سامّ أبرص، وقد أجازت شريعتنا قتل كل مؤذ متعدٍّ من الدواب ..


ولكن من العلل الرئيسة أيضا والتي لا نستحيي من ذكرها كما يستحيي المنبهرون بحضارة الغرب المنكسرون أمام شبهاتهم وطعوناتهم، من تلك العلل التي نفاخر بها بل نتقرب إلى الله باستحضارها حين نقتل كافة أنواع الوزغ التي تدب في زماننا؛ ما أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من (أن الوزغ كان ينفخ النار على إبراهيم حين ألقي فيها )، هذا في الوقت الذي كانت دواب الأرض كلها تدعو وتسعى لإطفاء النار ..


فعن عائشة ام المؤمنين ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: ( إان ابراهيم حين القي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا تطفئ النار، غير الوزغ فإنه كان ينفخ على إبراهيم )، (فأمرنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقتله) أخرجه ابن أبي حاتم، وفي بعض الروايات؛ أن امراة دخلت على عائشة فوجدت عندها رمحاً فقالت: ما تصنعين بهذا الرمح ؟ فقالت: نقتل به الأوزاغ، وذكرت الحديث ..


* وبمناسبة هذه الأيام المباركة وعيد الأضحى المبارك يوم الكرامة لإمام الحنفاء وآله وذريته وأتباع ملته؛ أحببت إيراد هذا الحديث هدية لأنصار الدين ومراغمة لأعدائهم الشانئين؛ معدّدا بعض ما فيه من الفوائد:


ـ فمنها أن موالاة المؤمنين ومعاداة أعدائهم أيّا كانوا؛ حقروا أم كبروا فذلك من أوثق عرى الإيمان، ولا تندثر أو تلغى أو تميّع وتنسى بالتقادم، فلا ينبغي للموحد أن يحقر من المعروف شيئا .


ـ ومنها أن أعداء الموحدين مهما عظموا فهم أشبه الناس بدويبة الوزغ المستقذرة السامة ذات الصوت القبيح، فهم أقذار بهديهم وسلوكهم وأخلاقهم، يسممون المباديء والعقائد والأديان بإلحادهم وشبهاتهم ودعواتهم الهدامة، ويفسدون الأمم والأخلاق بدعواتهم القبيحة إلى الرذيلة .. ولذلك فينبغي أن لا يُتضرر بإلحادهم أو يُتأثر بإفسادهم؛ بل ينبغي أن يهرسوا (ويفعصوا) بالأحذية كما يهرس الوزغ الحقير؛ فهذه دعوة لجهاد ومراغمة أعداء التوحيد، وعدم الإغترار بكثرة المتساقطين والهالكين على دربهم ..


ـ ومنها أن إمام الموحدين لما صدع بالتوحيد وبريء من الشرك والتنديد عاداه كل الخبثاء والقبيحين والمفسدين في الأرض من أصحاب الألسنة المسمومة؛ كبراؤهم وحقراؤهم، ورموه بكل قبيحة ونقيصة، وكذلك هو حالهم مع كل موحد صادع بالتوحيد في كل زمان ومكان؛ أليست هذه هي كلمات ورقة بن نوفل الخالدة في فجر النبوة: ( لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي ) فهذه إذن دعوة لعدم الاستيحاش لقلة السالكين.



ـ ومنها أنه يستحب الإعداد بما يتيسر من عدّة لقتال أعداء الموحدين؛ فأم المؤمنين اتخذت رمحا لشيء من ذلك .


ـ ومنها أن الإثخان والإسراع في القتل مما يميّز خواص المجاهدين والصادقين من المؤمنين الذين يحرصون على عظيم الأجور؛ يفهم ذلك من كون الأجر يكون أعظم لمن قتل الوزغ في الضربة الأولى؛ مما يدل على صدق بغضه له ومحبة الإسراع بهلاكه، وصدق الانتصار لإمام الموحدين وسرعة الاستجابة لأمر خاتم المرسلين ومحبة دينه..


ـ ومنها أن قتال أعداء الموحدين وإن كانوا من أتفه الخلق وأسفلهم وأسقطهم ،لا يقلل من فضل المقاتل لهم ولا يضع من مكانته؛ بل ذلك مما تعظم به الأجور ..


ـ وأن الإنشغال في الرد على شبهاتهم وسمومهم في بعض الأوقات لا يقلل من هيبة المشايخ والعلماء ولا يحط من قدرهم ..


فقد ذكر ابن حجر عند كلامه في فتح الباري على حديث (يا أبا عمير ما فعل النُغير) أن بعض أهل الكلام عاب على أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة فيها، ومثّل لذلك بحديث أبي عمير في شأن طائر النُغير؛ فانبرى لهم أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري المعروف ( بابن القاص ) الفقيه الشافعي صاحب التصانيف فعدد لهم ستين فائدة استنبطها من هذا الحديث في جزء مفرد، ولقد لخصّها الحافظ ابن حجر وزاد عليها .


ـ ومنها أن أعداء الموحدين لا يألون جهدا ولا يستحقرون من الشر شيئا في حربهم للموحدين، ولو بالنفخ في النار وإثارة الفتن، فينبغي أن لا يحقر الموحد شيئا من المعروف في نصرته للمؤمنين وعداوته للمشركين ولو بهرس كافة أنواع الوزغ بالأحذية .


وغير ذلك من الفوائد العظيمة ..


وتقبل الله طاعتكم



أبو محمد المقـدسي
عيد الأضحى المبارك
تاريخ الإضافة: 2009-11-21