نورة قاعد السبيعي
أريد أن أكون سعيدة. أريد أن أكون سعيدة. كلمات نرددها دوما ونسمعها من المحيطين بنا، كلنا نبحث عن الأسباب والأمور التي تسعدنا كلنا، نريد أن نعيش سعداء ونخرج من الأزمات والصدمات التي نتعرض لها.
فأنا لا أنكر مدى صعوبة نسيان الشخص لأمور أحزنته، فهذا أمر فطري وطبيعي، لكن لابد للمرء أن يحاول التكيف مع وضعه الحالي، فالسعادة مطلب واضح لجميعنا، لكن الطرق المؤدية إلى هذه السعادة كثيرة، وكثير منا يفقد الطريق الصحيح ويختصره بطريق يودي به إلى سعادة مؤقتة لا تدوم.
وعندما يحقق الإنسان أهدافه التي تحقق ذاته، وكان يطمح لها، فإنه بالتأكيد يشعر بالسعادة، وأن نجاحه على الصعيد العملي هذا كفيل بأن يجعله سعيدا، فما أجمل السعادة.
فالكثير منا لو أخذ ورقة وقلما، وكتب فيها الأشياء التي تسعده، لوجدها عديدة، بل وأكثرها قريبة منه، ولن يجد مشقة كبيره في تحقيقها، لكن المشكلة تكمن في وضع هذه الأمور موضع التنفيذ.
فالسعادة ليست لغزا يحتاج إلى إعمال الفكر والخيال والتصور لمعرفة حله، ولكنها امتثال وعمل وهمه، يقول أحد السلف: إنه لتمر بالقلب ساعات يرقص فيها طربا، وإن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه من النعيم إنهم لفي عيش طيب.
ويقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة، ترى هل نتصور كم كانت قلوبهم ترقص فرحا؟ ماذا كانوا يشعرون حينها؟ كيف وصلوا إلى هذه المراتب؟ ويعلم الله أني أعرف شخصاً قال لي يوما ما بالحرف الواحد: تأتيني لحظات أشعر أني أسير مع الناس بجسدي وروحي تحلق في السماء.
ترى ماذا يقصدون؟ وعن أي شيء يتحدثون؟
هناك أسرار للسعادة، فالسر يكمن في أمور، منها: الطاعة والاستمتاع بالحياة فيما أحله الله واجتناب المعاصي والمنكرات وهجر ذلك الكسل وتطليق العجز وتوديع الفراغ فإنه من أبواب الشقاء، فتأمل اللحظات الجميلة في حياتك. تذكرها جيدا. ارجع بشريط الماضي واستحضره الآن. سترى بأن اللحظات الجميلة ما كانت كذلك إلا لأنك عشت خلالها ما تحبه فعلا، وأهم سعادة تجني ثمارها هي السعادة بالقرب من الله، فإذا نجحت في أن تكون سعادتك مع الله هي من أهم أولوياتك فسيسعدك ربك في كل خطوة فنحن لا نحتاج إلى التذكير بأن السعادة والراحة والهناء القلبي لا يمكن أن يكون في طريق المعصية والمنكر واتباع الأهواء النفسية. بل هذه الأمور تحقق غالبا متعا حسية آنية، وبقدرها يكون الألم الداخلي وبحجمها يكون شقاء النفس فينقلب المأمول وهو السعادة إلى الضد وهو الشقاء.
فهي سعادة مؤقتة بل إن السعادة في حقيقة الأمر منوطة بتحقيق الإيمان في القلب وتمثله في الحياة، مع الاستمتاع بما أباحه الله في هذه الحياة، ولا تنس نصيبك من الدنيا ولكن بحدود ما يبيحه الشرع فسعادتك هي أن تسعد أخيك وتفرحه فلا تقتصر السعادة على إسعادك لنفسك فقط ،بل اجعلها تحيط لأحبابك ومن حولك، وترى الفرح في أعينهم فما أجمل من أن تدخل الفرحة على أخيك المسلم.
منقول