الدول المستبدة في القرآن
(الدولة الفرعونية أنموذجًا)عبدالرحيم الجمعان
بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم
من سمات الدول الاستبدادية والأنظمة الجائرة أن الذي يتولى السلطة فيها عصابة مجرمة، وأن الذي يدير الحكم فيها ثلة فاسدة، وأن زمام الأمر فيها بيد شرذمة باغية، فالطغاة لا يجدون لهم معينًا على طغيانهم إلا من هم على شاكلتهم، فهذا فرعون لا يكاد يُذكر في القرآن وحده بل تُذكر معه تلك الطغمة الفاسدة، قال تعالى عنهم: {وإذن نجيناكم من آل فرعون}، وتأمل إلى روعة تعبير القرآن فقد عبر عنهم بالآل لأن الظلم صار رحمًا بينهم، وقال تعالى: {وقال الملأ من قوم فرعون}، وقال تعالى: {قال لمن حوله} ومن حوله إلا تلك الفئة المستبدة الظالمة ولا عجب فالطيور على أشكالها تقع .
ومن سمات تلك الأنظمة المستبدة أنها أنظمة متعالية، وحكومات متكبرة، ودول متغطرسة، فالتباهي بالعتو والطغيان؛ والزهو بالسطوة والعدوان؛ فالنظرة الاستعلائية للناس والشعور بالفوقية من أبرز خصائصها، قال تعالى : {إن فرعون علا في الأرض}، وقال : {ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين * من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين}، وقال :{ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين * إلى فرعون وملائه فاستكبروا وكانوا قوماً عالين}، وقال تعالى:{وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا}،وقال تعالى لموسى عليه السلام : {اذهب إلى فرعون إنه طغى}، وقال على لسان فرعون : {سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون} ، وقال لهم موسى عليه السلام محذرًا :{وأن لا تعلوا على الله} .
ومن سمات تلك الأنظمة الديكتاتورية : الفساد ، والظلم ، والفسق ، والإجرام :
- أما الفساد فقد قال تعالى عن فرعون وقومه :{ إنه كان من المفسدين}، وقال عنه لما آمن عند معاينة الموت ولم ينفعه ذلك :{آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين}، وقال عنه وعن قومه :{وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين}،وقال: { ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين} .