الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
  1. الصورة الرمزية همي الدعوه

    همي الدعوه تقول:

    افتراضي فاجعة

    فاجعة
    السبت 13, فبراير 2010
    الشيخ سليمان بن أحمد الدويش

    الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
    أما بعد :

    فلأن تسقط في أدغال أفريقيا , أو في الصحراء الكبرى , أو في مقديشو الملتهبة , أو بين جبال أفغانستان الوعرة , ثم لاتجد من يسعفك , أو يوصلك لمركز طبي متخصص , فإنك والحالة هذه لن تلوم أحداً , أما أن تسقط في طريق عامرة بالسالكين , تساوت نقاط رصد المخالفات المرورية فيها مع نقاط مراكز التزود بالوقود , طريقٍ دولي , يمكن اعتباره أحد الشرايين الرئيسية , في واحدة من أكبر الدول النفطية في العالم , ثم تموت قبل أن تجد من يسعفك , أو إن وجدت فستواجه الموت مرات قبل أن تصل إلى أقرب المراكز الصحية , وإن بقيت لك بقية حياة , فستنتهي في المقبرة الصحية , المزودة بكل شيء إلا بالأكسجين !!! .

    حتى لا أظلم قطاعنا الصحي , أو أتهمه بأن كل مافيه رديء , فإني سأجد له ما أثني عليه فيه الآن , حيث يمكن اعتبار ثلاجات الموتى في مقابرنا الصحية , من أفضل ثلاجات الموتى في العالم .
    من حقي أن أصرخ في وجه الفساد الصارخ , ولماذا ليس من حقي ذلك وأنا أرى أبناء قومي يموتون بين يديَّ , تحت مبرر سخيف " ليس لدينا إمكانية للحالات الحرجة " !! .

    آهٍ ما أصعب هذه الكلمة
    ما أقساها على النفس
    ما أشدَّ إيلامها
    إنها طعنة في القلب

    بل هي طلقة نارية حية , تستقر في وسط الدماغ

    إن كنا لانملك الإمكانيات لعلاج تلك الحالات , وسنظل نراوح مكاننا , ولن نبرح ثقافة الأدول والبندول , وشراب الكحة , وإبرة السكر , ولن نجاوزها حتى ولو لزيادة عدد أنابيب الأوكسجين , لإسعاف الطوارىء , ومرضى الربو , فلماذا نتطلع للمنافسة العالمية ؟ .

    لماذا لانعلن أننا بلد متخلف ؟ , لماذا نستحي من ذلك ؟ , وكيف

    نستحي وقد تجرأ بعض بني قومنا ونسبونا للتخلف في أغلى مانملك وهو ديننا !! .

    في يوم الخميس الفائت ,كنت في طريقي إلى أحد المراكز القريبة من الطائف , وكنت على موعد لإلقاء محاضرة هناك , وقبل بلدة الخاصرة بحوالي 2 كيلومتر , شاهدت دخانا وسط الطريق السريع , اقتربت منه , لأجد مايتقطع له القلب حسرات , عائلة متناثرة , والسيارة تحترق , والناس يصرخون , والأطفال يولولون .

    شدني ذلك الموقف جدا , فأوقفت سيارتي لأنتزع منها طفاية الحريق , لعلي أن أساهم في التخفيف , لإنقاذ من قد يكون بداخل السيارة , إلا إني رأيت الناس ابتعدوا عن السيارة وهم يتنادون : من معه سيارة فاضية , من معه سيارة فاضية ؟ .

    ألقيت كل ماكان معي من أمتعة وملابس في مؤخرة السيارة , وبادرت لعلي أن أساهم في إنقاذ حياة إنسان مسلم , وقد سبقني إلى ذلك بعض الفضلاء , ورأيتهم يسعفون بعض المصابين في أحواض الونيتات , حملت معي شاب في مقتبل عمره , وكان لايتحرك ولايئن , وكنت أدعو له , وأبكي عليه , واتجهت لمستشفى الخاصرة , بعد معاناة مع الطريق الموصلة إليه , حيث لو لم أطلب من أحد سكان البلدة السير أمامي , لما ظننت أن أهتدي إليه , وإن كان بارزا للعائد باتجاه الشرق .

    وصلت إلى مستشفى الخاصرة , وتزامن وقوفي مع وقوف سيارة وانيت , تحمل في حوضها رجلاً آخر , وجعلنا نستنجد بالعاملين , رغبة في أن نجد سريرا لنحملهما عليه , أو أحدهما , حتى طلبنا استخراج السرير أو النقالة من سيارة الإسعاف المتوقفة , لكن دون جدوى , والناس في ذهول شديد , والمناوب يدخل ويخرج , ولا أظلمه , فقد بذل كلَّ مافي وسعه , ومثل ذلك بقية العاملين , لكن الحدث أكبر من قدراتهم إمكانياتهم الهزيلة , مما دفع المناوب لفحص المصاب وهو في حوض الوانيت , وتنادى بعض الإخوة من الجالية الأفغانية أو الباكستانية , وأظنهم كانوا من المراجعين , وقاموا بحمل الشاب الذي كان في سيارتي , إلى داخل المستشفى , لنتلقى بعد ذلك الطعنة في الخاصرة , حيث " لا توجد إمكانيات " .

    ما أقسى هذه الكلمة

    حاولنا الاتصال , ومن سوء الحظ , كانت كان الإرسال وقتها منقطعاً , إلا ممن كان يعمل على شريحة زين , ولم يكن معنا إلا رجل واحد , فبادر بالاتصال على الهلال الأحمر , طمعا في قدومه لنقل من يمكن إسعافه إلى أقرب مقبرة صحية .

    خرجت من المستشفى والألم يفتُّ في كبدي , ويقطِّع أحشائي , وكنت أسأل مالذي يمكنني تقديمه لهؤلاء ؟ .

    تذكرت صاحب القلب الكبير , تذكرت سلمان بن عبدالعزيز , الذي لم أتصل عليه في يوم من الأيام , في مثل هذه الحالات إلا بادر وانتخى , ومثله ابن أخيه محمد بن نايف – حفظهما الله جميعا - , حاولت أن أتصل به لكن لم يكن هناك إرسال .

    بعد مجاوزة المنطقة بمسافة , اتصلت بقصر سمو الأمير سلمان – حفظه الله - , وردَّ عليَّ المأمور , وسألني عن حاجتي فأبلغته رغبتي أن يبادر سموه في إنقاذ حياته , وقد كان تجاوب المأمور إيجابياً , وتفاعله كبيرا , ثم عاود الاتصال بي وطلب مني أن أتصل حالاً برقم أملاه عليَّ , فاتصلت بذلك الرقم , وسألني الموظف : ما أسماء المصابين حتى يمكن نقلهم بالإخلاء الطبي ؟ , هل تعرف أحداً منهم ؟ , هل هناك أحد يمكن الاتصال به ؟ , لكنني لا أملك أيَّ معلومة , فشكرني وأخبرني أنه سيتصل بمدير المركز هناك ويُنسق معه .

    بقي ذهني مشغولاً , وبقيت أفكِّر في شأن تلك الأسرة المنكوبة , كنت أتمنى أن أقدِّم لها شيئاً , وبقيت متأثرأ حتى عدت من الغد , وكنت أنوي الذهاب لمستشفى الخاصرة لأطمئن عليهم , ولأقف على آخر ما تمَّ تجاههم , فصادفت نقطة تفتيش لأمن الطرق في الخاصرة , فسألت العسكر عن خبرهم , فأفادني أحدهم أن ثلاثة منهم توفوا , وأن البقية قد نقلوا , فأسبلت دمعة متبوعة بـ : اللهم ارحم الأموات , وأسبغ الصحة على الأحياء .
    هذه معاناة واحدة , من عشرات المرات , تتكرر كل يوم أو أسبوع أو شهر في بلادي , وهي ملء سمع الناس وبصرهم , وماذكرته جزء من بعض أحاديث الناس ومشاهداتهم , ويزيدهم أسى وحسرة , ومرارة وقهراً , مايرونه من مفاخرتنا لغيرنا بأننا من أفضل دول العالم في القطاع الصحي .

    أنا لا أطالب وزارة الصحة بأن تبني لكل مواطن عناية مركزة , وتُسيِّر معه مستشفى متنقلاً , ولا أطالبها أن تضع في المقابر الصحية ألف اسطوانة أوكسجين , بل أطالبها أن تعاملنا كآدميين , وأن تتحمل مسؤوليتها وواجبها .

    بعض المؤتمرات الاستهلاكية , التي تعقدها الوزارة , أو الاجتماعات الفارغة , التي يباع فيها الكلام , تُكلف ميزانية وزارة الصحة ما يعادل آلاف الاسطوانات , فلماذا لاتستعيض عن بيع الكلام , واجتماعات الأحلام , بالأفعال وتحقيق الآمال , وتخفيف الآلام ؟ .

    عشرات المشارفين على الموت هنا , أولى بالرعاية والاهتمام , من بولنديين سياميين , يمكن علاج حالتهما بما فَضُلَ من مال وجهد , ذلك إن كان عملنا يراد به وجه الله , أما إن كان للرياء والسمعة , وليقول الناس في الخارج إننا إنسانيون متقدمون , فقد قيل , ولكن كيف بمن تَطلَّع لثناء الناس في الدنيا , بحساب الله يوم الحساب , عن ذلك الإهمال في حق من يموتون في كل يوم مرة أو مرتين , يموتون ألماً , ويموتون قهراً , ويموتون حسرة , ويموتون وهم يحلمون بسرير شاغر !! .

    هل تعجز الوزارة أن تضع لوحات بارزة يُستدل بها على تلك المقابر الصحية ؟ , ولو على الأقل لنستفيد من خدمات ثلاجات الموتى , التي أشهد أننا متفوقون فيها .

    هل تعجز الوزارة أن تبني في كل مركز من تلك المراكز مستشفى يليق بسمعة هذه البلاد ؟ , خاصة في تلك الطرق المطروقة , التي تعتبر شرايين رئيسية في بلادنا ؟ .

    لماذا لايكون هناك مستشفيات مجهزة بكل التجهيزات اللازمة , تكون للحالات الطارئة , ويستفيد منها أهل المراكز المجاورة , حتى لايضطروا لمراجعة المدن الكبرى ؟ .

    هل تفتقد وزارة الصحة الإمكانيات المادية ؟ , إن كان الأمر كذلك فأين وفي ماذا أنفقت تلك المليارات ؟ , خاصة أن حال الناس في كل مدن المملكة مع وزارة الصحة , كحال المطلقة التي تشتكي لعانس .
    طريق المدينة السريع من القصيم إلى المدينة , يبلغ طوله حوالي 500 كيلومتر , هل يوجد فيه مركز صحي ؟ .

    وقل مثل ذلك في كثير من الطرق الأخرى .

    هل تعجز الوزارة أن تؤمن في كل مستشفى سيارة إسعاف لائقة , جاهزة مجهَّزة ؟ .

    إذا كانت الوزارة تعجز عن ذلك كله , وتشتكي قلة الميزانية , فإني أعتقد أن من بلغت شفقته على أبناء الأبعدين , لن تتعثر شفقته على أبناء بلده , فلماذا لايحمل معاناتهم إليه , من تحملوا الأمانة من البطانة ؟ .

    ثم إذا كانت الوزارة لاتملك الإمكانيات , فلماذا لاتفتح باب التبرعات , وتعلن ذلك للناس , حتى يساهم أهل الجِدة في ذلك , فإن هذا مما تُحتسب فيه الأجور , وتُوقف لفضله الأوقاف ؟ .

    لقد تسابق الناس للبذل فيما هو دون ذلك , ولن يترددوا في حال عجزت الوزارة عن أن يتسابقوا مرة ومرات , لما يعود عليهم , وعلى أمتهم بالنفع العاجل والآجل .

    لكن حين يسمع الناس أرقاماً فلكية , وميزانيات ضخمة , للقطاع الصحي , ثم هم معا وزارته كالمعلق في الهواء , أو يسمعون جعجعة ولايرون طحيناً , فهذا يعني أن المرض إداري , وأن وزارة الصحة تحتاج إلى وحدة للعناية المركزة , من قبل وحدة عناية " كائناً من كان " , وتحتاج إلى وقفة حازمة صارمة , من قبل رأس الهرم , وولي الأمر , كما كانت وقفته في نكبة جدة , وحكاية الدهاليز المظلمة فيها .

    إنه إن كانت نكبة جدة , التي راح ضحيتها من راح , ومهما بلغ عددهم , فلن تكون أسوأ من نكبتنا في قطاع الصحة , ذلك لأن نكبة جدة , كانت نتيجة تراكمات من الخديعة , اجتمعت لسنوات , فأتت القشة التي قصمت ظهر البعير , بينما نحن نسمع نفس أعداد المنكوبين في جدة , في مدة لاتتجاوز الشهر الواحد في قطاعنا الصحي .

    نحتاج لأن نرى أفعالاً جادة , ومواقف يسطرها التأريخ , وقرارات تنقلنا من واقع الاستجداء للعلاج , واستنفاد الطاقة بحثاً عن نافذ , ليشفع لنا في سرير , أو تاجر ليتكفل بمصاريف العلاج , في المصحات الأهلية الاستهلاكية , إلى مواطن يتمتع بكامل حقه في العلاج بلامنة , وأولويته بالسرير والمتابعة ممن ستنقل أخبارهم شاشات التلفزة , ممن تتبرع الدولة بعلاجهم , في وقت يتضاغى الأقربون الأدنون , أو يموتون ولمَّا ترى ملفاتهم النور , أو تقرر اللجنة الطبية إمكانية علاجهم , مع أمل أن يضاف ماكتبته هنا , مع ماكتبته من قبل , حول القطاع الصحي , خاصة مايتعلق في المناقصات وشراء المستلزمات , ومقارنة ذلك مع واقع المستشفيات الأهلية , والحر تكفيه الإشارة .

    كما أتمنى من جمعية الهلال الأحمر السعودي , أن تُعمم فكرتها الرائدة " الإسعاف الطائر " على كل مدن المملكة , وطرقها السريعة , وغير السريعة , وأن تحتسب في ذلك الأجر من الله , فإن هذا من أعظم أنواع البر والخير ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ) , وأن تُكثِّف وحداتها الإسعافية , وتعطي طواقمها دورات تدريبية مكثفة للإسعافات الأولية , خاصة في الحالات الحرجة .
    أكتفي بهذا القدر ففيَّ من الأسى مايكفي , مؤملاً أن يجد هذا الكلام مساحة للتفكير والتأمل , فإن المرارة لاتنقشع بالأماني , ولايرفعها إلا العمل الجاد .

    اللهم عليك بالفجرة المنافقين , والخونة الليبراليين,والرجسالعلمانيين .
    اللهم اهتك سترهم , وزدهم صغارا وذلا, وأرغم آنافهم , وعجل إتلافهم , واضرب بعضهم ببعض , وسلط عليهم من حيث لايحتسبون .
    اللهم اهدِ ضال المسلمين , وعافِ مبتلاهم , وفكَّ أسراهم , وارحم موتاهم , واشفِ مريضهم , وأطعم جائعهم , واحمل حافيهم , واكسُ عاريهم , وانصرمجاهدهم , وردَّ غائبهم, وحقق أمانيهم .
    اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك مؤيدا وظهيرا , ومعينا ونصيرا , اللهم سدد رميهم , واربط على قلوبهم , وثبت أقدامهم , وأمكنهم من رقاب عدوهم , وافتح لهم فتحا على فتح , واجعل عدوهم في أعينهم أحقر من الذر , وأخس من البعر , وأوثقه بحبالهم , وأرغم أنفه لهم , واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترس من السباع .
    اللهم أرنا الحق حقاوارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه , ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل .
    اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا .
    اللهم أصلح الراعي والرعية .
    اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليها دينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء .
    هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

    وكتبه
    الشيخ : سليمان بن أحمد بن عبدالعزيزالدويش
    أبومالك
    لجينيات

     
  2. الصورة الرمزية ابو ريتاج

    ابو ريتاج تقول:

    افتراضي رد: فاجعة

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ...
    لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
    أخي : تذكر دائماً أن الإستغفار يفتح الأقفال
    يقول ابن تيمية : إن المسألة لتغلق علي فأستغفر الله ألف مرة أو أكثر فيفتحها الله علي