[frame="9 70"][glint]المنهج الأخلاقي في الإسلام[/glint]
منقوووول
الحمد لله ألّف بين قلوب أوليائه فأصبحوا بنعمته إخوانا ، ونزع الغلّ من صدورهم فظلوا في الدنيا أصدقاء وأخوانا ، وفي الآخرة رفقاء وخِلانا ، وصلى الله وسلم وبارك على محمد بعثه ربه متممّا لمكارم الأخلاق إلى كافة الخلق إنسا وجانا ، فهدى به رحمة وإحسانا ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين فازوا بقربه شرفا ورضوانا ، أما بعد ..
لقد قامت رسالةُ المعصوم صلى الله عليه وسلم في الأرض بأصولُها التشريعية والتهذيبية على الأساسِ الأخلاقي ، رسالةٌ من أهمّ أهدافِها الكبرى ومقاصدها العظمى : الأمرُ بمصالحِ الأخلاق وكريم الطباع قولا وفعلا وسلوكا ، رسالة حثت وأمرت المسلم إتيان الأرفقَ والأحمدَ من الأقوال والأفعال وسلوكِ كريمِ الخصال ونبيلِ الطباع وحميدِ السجايا ، رسالة من أصولها الجامعةِ في بيانِ محاسن الأخلاق بذلُ المعروف وكفّ الأذى قولاً كان أو فعلاً ، رسالة قاعدتُها العامةُ في الإسلام : التخلُّقُ بأخلاق الشريعةِ والتأدُّبُ بآداب الله التي أدّب بها عباده ، وإليك أخي المستمع الكريم وأختي المستمعة العفيفة بعضا من مظاهر تلك الأصولِ العامةِ وفروعِها الجزئيةِ من عبق السنة ورياحينِ السيرة المحمدية ، مظاهر وتوجيهاتٌ ساميةٌ وإرشاداتٌ ولمحات عاليةٌ مبثوثة في ثنايا السيرة وكُتُبِ الحديث ، قِيمٌ عُلْيا وأخلاقٌ نُبلى وفضائلٌ لا تُحصى تعالوا لنعيش جميعا لحظاتٍ ماتعة نتحدث فيها ٍعن المنهج الأخلاقي في الإسلام ، لندرك جميعا صغارا وكبارا متعلمين ومثقفين ما يشنّه علينا أعداء الإسلام من تشويه الإسلام وقلب مفاهيمه السامية ، وإفساد تصوراتِه الصادقة ، وتغيير حقائقه الثابتة ، إنما هو من قبيل الحسد والحقد " حسدا من عند أنفسهم " فلتفخرَ الأمة بدينها ، وتعتزَّ بشريعتها ، وتبذلْ قصارى جهدها في الدعوة إلي هذا الدين والدفاع عنه بشتى الوسائل وحتى لا أطيل إليكم هذه الإرشادات واللمحات الجميلة من عبق السنة المطهرة حول منهجنا نحن المسلمين تجاه الأخلاق .. روى الإمام مسلم في صحيحه عن أنه قال " إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد ، ولا يبغي أحد على أحد " وقال عليه الصلاة والسلام " ألا أخبركم بمن يحرمُ على النار أو بمن تحرمُ عليه النار؟! تحرم على كلّ قريبٍ هيّن سهل " [ رواه الترمذي ] ويقول " لا تحقرنّ من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق "ويثني على الصحابي الجليل أشجِ عبدِ القيس قائلا " إن فيك خَصَلتين يحبهما الله ورسوله : الحلم والأناة " وبين عليه الصلاة والسلام أن محاسن الأخلاق هي أساس كمال الإيمان ، ومن مظاهر عظمة الإسلام فيقول " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً " ] وسئل مرة عن أكثرِ ما يُدخلُ الناسَ الجنةَ فقال " تقوى اللهِ وحسنُ الخلق " [ صححه ابن حبان ] وقال " إن المؤمن ليُدركُ بحسن خلقه درجةَ الصائمِ القائم " وكان صلى الله عليه وآله وسلم يدعوا ويتضرع إلى ربه أن يعينه على تهذيب نفسه والتحلي بأحسن الأخلاق فيقول " اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت " وكان يقول " اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء " كما أوضح أن الالتزام بمحاسنِ الأخلاقِ سبيلٌ لنيل الصلاحِ والسلامة وطريقٌ للفوزِ والنجاة إذ يقول " ما من شيء أثقلُ في ميزانِ المؤمن يوم القيامة من خلقٍ حسن ، وإن الله ليبغض الفاحشَ البذي " [ رواه الترمذي وسنده حسن ] كما أن الاتصاف بمحاسنِ الأخلاق والتمثّلَ في الحياة بكريم السجايا وصالحِ الصفات ، سببٌ عظيم لمرافقة النبي في الجنة ، وكلنا ذاك الرجل الذي يتمنى أن لو اكتحلت عينه برؤية الحبيب كلنا ذاك الرجل الذي يتمنى الفوز بتلك النظرة ويحوز على تلك الجلسة الهنية الندية بجوار الكريم " إن من أحبِّكم إليَّ وأقربِكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنَكم أخلاقا " فاالله الله في الأخلاق .. الله الله في الأخلاق فهي الطريق الواضح والمعلم البيِّن لمجاورة الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وليس ثمة والله مجال للتحلي بالأخلاق الحسنة والآداب الفاضلة إلا بالترويض على نبيل الصفات وكريم العوائد والتهذيب والاقتداء ، ولهذا فإن الخلق الحسن معيار للإيمان وعلامة له ، نعم .. تذكر أخي الكريم أن الخلق الحسن معيار للإيمان وعلامة له ، فإذا وُجد حُسْنُ الخلق وجد الإيمان وإذا فقد حسن الخلق فقد كمال الإيمان ، وهما في قرن واحد إذا نزع أحدهما تبعه الآخر ، وإلى أن ألتقي بكم في حلقة قادمة وموعدٍ قريب ولقاء ماتع ، استودع الله دينكم وأمانتَكم وخواتيم أعمالِكم وسلام الله تعالى ورحمته وبركاته عليكم . [/frame]