بسم الله الرحمن الرحيم
شريعة الجهاد في الإسلام لاتنسخها المواثيق الدولية
الحمد لله رب العالمين، وصلىالله وسلم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين:
أما بعد؛ فقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن عداوة الكافرين له عز وجل وللمؤمنين،وعن عداوته للكافرين، فقال سبحانه: [من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدوللكافرين] وقال سبحانه: [يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء] وقال سبحانه: [ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون] وقال تعالى: [ذلك جزاء أعداء الله النار] وقال عز وجل: [وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن].
وأصل هذه العداوة هي عداوة الشيطان للإنسان منذ استكبرعن السجود لآدم،قال تعالى: [وقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك] وقال سبحانه: [ألم أنهكما عن تلكما الشجرةوأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين]، وقال تعالى: [يا أيها الناس كلوامما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين] وقال تعالى: [ياأيها الذين آمنوا ادخلوافي السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين] وقال تعالى: [ألم أعهد إليكم يابني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين] وقال تعالى: [أفتتخذونه وذريته أولياء مندوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا] وقال تعالى: [ياأيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور. إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير].
فدلت هذه الآيات على أن كل من كفر بالله وأشرك به وكذب رسله فهو عدولله ولأنبياء الله وأولياء الله، وصاروا بذلك أولياء للشيطان، ومن حزبه؛ فهم يدعون بدعوته، ويقاتلون في سبيله، قال تعال ىفي المشركين: [أولئك يدعون إلى النار] وقال عن مؤمن آلفرعون: [ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار. تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيزالغفار] وقال تعالى: [ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء] وقال عز وجل: [ود كثير من أهل الكتاب لويردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا] وقال سبحانه: [ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكمعن دينكم إن استطاعوا] وقال تعالى: [ولن ترضىعنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم].
والواقع من سيرة الكفار مع المسلمين في الحاضر والماضي شاهدٌ لما أخبرالله به وهو أصدق القائلين، فلم يزل اليهود والنصارى والمشركون يحاربون الإسلام ويغزون المسلمين الغزو المسلح أو الغزو الفكري.
ومن ذلك في الماضي ما جرى من اليهود والمشركين مع النبيوبعده من الحروب ونقض العهود والكيد للإسلام، ثم ما جرى بعد ذلك من حرب النصارى للمسلمين، واستيلائهم على كثير من البلاد الإسلامية وهو ما يعرف بالحروب الصليبية، ثم كان للمسلمين دولة على يدصلاح الدين، فأعز الله المسلمين وأذل الكافرين.
ثم عاد النصارى لاحتلال بلاد المسلمين بما يسمونه الاستعمار، واستذلوا المسلمين، وانتهبوا ثروات بلادهم، وعملوا على إبعادهم عن دينهم، وتغريبهم في أخلاقهم، واتخذوا المرأة أهم أداة لتحقيق أهدافهم،وذلك بإخراجها عن بيتها، وتمردها على آداب دينها، مع نشر أوكار الفجور في البلادالإسلامية من دور السينما وبيوت البغا وحوانيت الخمر، إلى غير ذلك من خططهم في إفساد أخلاق المسلمين،وطمس هويتهم.
ثم رحلوا ومارحلوا، فقد خلَّفوا في أكثربلدان المسلمين من ينوب عنهم، ويدين بالولاء لهم، وينفذ خططهم، ويتخذهم قدوة في سياسة بلاده، ويخضع لمطالبهم، وتحقيق أطماعهم.
ثم في هذا العصر الحاضر اشتدالبلاء على المسلمين من أعدائهم الكفار، وعظمت مصيبة المسلمين بهم، وذلك بسبب المكيدة الكبرى التي صنعوها، وهي هيئة الأمم المتحدة، وقانونها الذي يسمونه الشرعية الدولية، ويخضعون به كل من خرج عليه، وامتنع من تنفيذ بعض مقرراته الطاغوتية، ذلك القانون الذي وضعه رؤوس الكفر، وهم المتحكمون فيه، واستذلوا كل من دخل في ربقة هذا القانون، وكان عضوا في الهيئة، ممن ليس على دينهم، ففرضوا عليهم قراراتهم ومقرراتهم، واتخذوا من ذلك ذريعة إلى التدخل في شؤون سائر الدول الضعيفة، وأنشؤوا منظمات وهيئات تتابع تطبيق تلك القرارات، ومن وقاحتهم أن خصوا حق النقض بالدول الخمس الكبرى، كما يسمونها.
ومن مكرهم الكُبَّار الدعوة إلى التعايش بين جميع الشعوب، ومنع الحروب، وهو ما يسمونه السلام العالمي، وهذا ما يطالبون به غيرهم، وهم أول من ينقضه بالحروب التي يشعلونها في البلاد الإسلامية، وغزوهم بدعوى الإصلاح ورفع الظلم، مع أن من أعظم غاياتهم في قانون السلام العالمي تركَ المسلمين لجهادهم الذي فرضه الله، وجعله ذروة سنام الإسلام، وعنوان ا لعز المسلمين.
وإمعانا في هذا المكر أقاموا جمعيات ومؤسسات ومؤتمرات للحوار والصداقة والتقريب بين الإسلام والنصرانية، بل وسائر الأديان، وانخدع بذلك كثير من المسلمين، وأوجب ذلك لهم التراجع وإعادة النظر في عقيدة البراء من المشركين.
ومما تعظم به البلوى أن بعض المنتسبين إلى العلم والدعوة إلى الله قد وقع في هذا التراجع، ودعا إلى التعايش مع الكفار، ونبذ الكراهة والعداوة لهم، وصار يثيرالشبهات في وجه من يحذر من الكافرين،ويدعو إلى البراءة منهم ومعاداتهم، ويذكر عداوتهم للمسلمين
ومن أعظم ما يفضح دول الكفر وعلى رأسها أمريكا، ويظهر كذبهم فيما يدَّعونه ويدعون المسلمين إليه من التعايش موقفهم من دولة اليهود، فهم الذين غرسوها شوكة في قلب بلاد المسلمين،وساندوها وأمدوها، وسمحوا لها بامتلاك سلاح نووي، دون دول المنطقة وغيرها من الدول الإسلامية، وهي -أي دولة اليهود- معذلك تضرب بقرارات هيئة الأمم عرض الحائط،لعلمها أنهافي مأمن، وأن تلك القرارات أشبه بذر الرماد في العيون، كما يقال، للضحك على العرب.
هذا على أن قضية فلسطين عربية عند القوميين، وهي عند المسلمين إسلامية.
ومن المخزي ومن الذلة بمكان أن القيادات الفلسطينينة وغيرهم من العرب يعترفون لأمريكا بأنها راعية القضية الفلسطينية، وهي العدو على الحقيقة، والتي لايهمها إلا دولة اليهود، لذلك لا توافق على أي قرار يدين اليهود، فإما أن تعارضه أولا تصوت له.
ومن مظاهر هذاالخزي والذلة الترددُ على أمريكا في شأن القضية، ورفع الشكاوى إلى مجلس الأمن عندما يكون من اليهود اعتداء أو توسع في الاحتلال،ومامَثَل من يشكو إلى أمريكا أو مجلس الأمن إلا كمن يشكو جنود الظالم إلى الظالم نفسه،وقُطَّاعَ الطريق إلى رئيسهم.
وأصل هذا الذلوالرضا بالتبعية هو إضاعةُ أمرالله، وتركُ تحكيم كتابه وسنة رسوله، وتحكيمُ القوانين الوضعية،وإقرارُ الشرك والبدع والمنكرات العظيمة في أكثر البلدان الإسلامية، والإقبالُ على اللهو بأنواعه، فلا طمعَ في النصر والعزة مع هذه الحال، فإن الله إنما ضمن العزةوالنصر للمؤمنين،قال تعالى: [وكان حقا علينا نصر المؤمنين]، وقال سبحانه: [ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين] وقال عز وجل: [من كان يريد العزة فإن العزة لله جميعا]،وعلى هذا فلن يخلص المسجد الأقصى من سلطان اليهود إلا قوم قادمون تتوافر فيهم مقومات النصر؛من الإيمان بالله وتحكيم شرعه وإقامة دينه، فأولئك جند الله، قال تعالى: [ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين. إنهم لهم المنصورون. وإن جندنا لهم الغالبون].
كما لم يخلصه في الماضي من أيدي النصارى إلا المسلمون بقيادةالسلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، في يوم الفتح المبين على المسلمين في سنة (583هـ) بعد اثنتين وتسعين سنة من استيلاء عباد الصليب عليه. ومنذ ذلك التاريخ وقلوب النصارىتغلي بالحقد والعداء للمسلمين فلم يزالوا يكيدون للمسلمين بأنواع الكيد الظاهروالخفي، ثم صارت لهم دولة، فعادوا لاحتلال بلاد المسلمين، وتعاونوا وتقاسموا ما وقع في أيديهم من بلدان المسلمين، وكان من أعظم مكايد الدول النصرانية إقامة دولةاليهود تنفيذا لوعد بلفور، فلم تزل هذه الدولة الملعونة موضع عنايةالدول النصرانية وحمايتها.
ومع ما يظهره العرب من الاستنكار لاحتلال اليهود فإن دول الطوق قدأُخذت عليها العهود في حمايتها لليهود.
وبعد؛ فهل بعد بيان الله لعداوة الكافرين للمؤمنين، ثم شهادة الواقع بعداوتهم وعدوانهم في الحاضر والماضي، هل مع هذا يقوم منا من يدعونا إلى التعايش معهم، ونبذ الكراهة الدينية، وعدم التصريح بإطلاق اسم الكفر عليهم،وهم الكافرون حقًّا؟! ومعلوم أن الشرع والعقل يوجبان بغضهم ومعاداتهم لكفرهم وعدوانهم.
وإنا لنبرأ من هذه الدعوة دعوة التعايش مع الكفار، التي تقوم على موالاة الكافرين، وترك بغضهم، ونقول لجميع الكافرين أسوة بإبراهيم عليه السلام: [إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده].
ومما يهدم دعوة التعايش -إضافةإلى ماسبق- التصرفاتُ العدائية المفضوحة من الكفار،ومن آخرها:
1.ما نشرته بعض الصحف الدنماركية من رسوم مشوَّهة لنبينا محمد
رسول الله إلى جميع الناس، وإقرار دولة الدنمارك لهذا التصرف، فلم تتخذ لمعاقبة هذاالمجرم الذي لم يحترم مشاعر المسلمين ما يردعه وينفي التواطؤ معه، ولوعُمِل مثل هذه الرسوم لأحد حكام الدولل ما أقر على ذلك خشية من قطع العلاقات المؤدية إلى تفويت المصالح.
2.ومما يدل على التضامن بين الكفار على العداء للإسلام والمسلمين ماقامت به المستشارة الألمانية انغيلا ميركل من تكريم الرسام الدنماركي المجرم كورتفيسترغارد، على "التزامه الراسخ بحرية الصحافة والرأي، وشجاعته في الدفاع عن القيم الديموقراطية، على رغم التهديدات بأعمال العنف والموت" كما جاء في موقع العربية الشبكي في29 رمضان 1431هـ.
3.ما دعا إليه الأسقف تيري جونز من كنيسته في فلوريدا في أمريكا من حرق المصحف على الملأ في الذكرى التاسعة للحادي عشر من سبتمبر، وإنأعلن تراجعه تحت ضغط السياسة. فالعداوة للمصحف ومن جاء به ومن يؤمنبه متحققة عندالجميع من هذه الأمم الكافرة، ولكن الاختلاف في طريقة التعبير عن هذه العداوة،والجهر بها والإخفاء. وتقدير ما يترتب على مثل هذه العداوة.